صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

في الذكرى المئوية لميلاده: جان جينيه، الجندي العاشق - د. عائشة البصري

اذهب الى الأسفل

في الذكرى المئوية لميلاده: جان جينيه، الجندي العاشق  - د. عائشة البصري Empty في الذكرى المئوية لميلاده: جان جينيه، الجندي العاشق - د. عائشة البصري

مُساهمة من طرف منصور السبت 1 يناير 2011 - 9:14

مضت مائة عام على ميلاد الأديب الفرنسي جان جينيه في باريس ومضى زهاء ربع
قرن على مقامه بيننا في مقبرة متواضعة تطل على زرقة المحيط الأطلسي وصخبه
من أعلى ربوة هادئة بمدينة العرائش المغربية. للتمعن في سر العشق الذي دفع
بالكاتب إلى هاته الهجرة العكسية التي أقصى من خلالها ذاته من الغرب
والشمال ليهبها إلى الشرق والجنوب معا ، لا بد من الوقوف على ماضي جينيه
الجندي الذي جعله يتعرف على العرب لأول مرة ليحبهم ثم يتمادى في غضبه
ونقمته على الغرب.
ولد جينيه في التاسع عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر
سنة 1910 من أب مجهول وأم تخلت عنه بعد مضي بضعة أشهر على ولادته ليصبح
تحت وصاية المؤسسة العامة لرعاية اللقطاء التي عهدت به بدورها الى أسرة في
إحدى قرى منطقة المورفان الفرنسية ليتربى في ظلها حتى يبلغ الثالثة عشرة
من عمره. وما أن أُجبر على ترك هذه الأسرة التي أحبته وأحسنت إليه إلا أن
تحول الفتى جينيه الى متمرد وثائر وغاضب على جميع أعراف وأخلاقيات المجتمع
ومؤسساته الحكومية التي لاحقته وحاكمته باستمرار. هكذا دخل جينيه حلقة
التشرد والتوقيفات والإحتجازات التي انتهت به في مؤسسات العقاب بما فيها
سجن القاصرين الذي كان يعرف بالإصلاحية الزراعية والذي سيقبع فيه الشاب
منذ الخامسة عشرة من عمره الى أن يبلغ التاسعة عشرة حين التحق بالجيش
الفرنسي.

جينيه جندي في أرض العرب

من أجل الخروج من سجن
القاصرين قبل سن الحادية والعشرين، إرتأى جينيه أن يستبق استدعاءه للخدمة
العسكرية في آذار/ مارس 1929. إذ تطوع في الجيش لمدة سنتين في صفوف الفيلق
الأجنبي الذي كان يتكون من فرنسيين وأجانب في خدمة حملات فرنسا
الإستعمارية. لم يكن دافع جينيه نزعته الوطنية بقدر ما دفع به اليأس
والعوز للإرتماء في حضن جيش ووطن سيمقتهما لاحقا.
حط الجندي جينيه
الرحال بدمشق في كانون الثاني/ يناير 1930 إبان الاستعمار الفرنسي لسورية
وسرعان ما اختلط عليه حقده على فرنسا بميوله نحو ضحاياها. في حديث له مع
الصحافي الفرنسي بيرتران بوارو ديلبش في كانون الثاني/ يناير 1982 وصف
جينيه الشعور المُربك الذي انتابه حينذاك ودفع به لخيانة فرنسا من أجل كسب
حب العرب قائلا: 'لقد كان شباب دمشق يستمتعون كثيرا بإطلاعي على الدمار
الذي ألحقته بالمدينة مدافع الجنرال غورو. إذ صارت لدي رؤية مزدوجة للبطل
والشخص الحقير والمقيت في نفس الوقت الذي كان يمثله غورو. هكذا سرعان ما
أحسست بوقوفي الطبيعي إلى جانب السوريين. ربما كان هذا الإحساس في البداية
يتسم بشيء من المَكر لكوني كنت أرغب أن ينظروا إلي نظرة حسنة، وأن يحبوني
وأن يسمحوا لي بأن أشاركهم لعبة الورق'.
تجددت تجربة حبه للرجل العربي
الممزوج بالمَكر والشعور بالذنب بتجديد الجندي جينيه لتطوعه في صفوف الجيش
الفرنسي. ففي حزيران/ يونيو 1931 عاد جينيه ليتطوع من جديد في صفوف فوج
المشاة المغاربة وهي وحدة من جيش فرنسا كان مقرها في مكناس. هكذا كان أول
لقاء لجينيه مع المغرب والمغاربة كجندي محب مذنب خجول قضى تسعة شهور ما
بين مدينتي ميدلت ومكناس قبل أن يتطوع مجددا في صفوف فرقة مشاة جزائرية
مقرها بمدينة تول الفرنسية، ثم فرقة جند المشاة الكولونيالية بإيكس سان
بروفانس. لكن يبدو أن تطوعه لخدمة فرنسا بعيدا عن مستعمراتها لم يرق
لجينيه الذي قرر أن يهرب من الجندية في حزيران/ يونيو 1936 ليسدل الستار
على مرحلة العسكرية التي دامت زهاء ست سنوات. فضل جنية إلتزام الصمت عن
ماضي الجندية بل إنه اختزله في 'بضعة شهور' في كتابه 'مذكرات لص' الذي
يروي فيه ابن فرنسا الشقي سيرته الذاتية كما تـُروى أساطير الإلياذه
والأوديسة. يقول:
'إن الشعور بالكرامة الذي يمنحه الزي العسكري للفرد،
والعزلة عن العالم التي يفرضهاهذا الزي بالإضافة الى مهنة الجندي نفسها،
وهبتني قسطا من الراحة والثقة بالنفس حتى ولو أن الجيش يوجد على هامش
المجتمع-. مما خفف من وضعي كطفل تم إذلاله بشكل طبيعي. هكذا استمتعت برفق
استضافة الرجال لي'.
لا شك أن جينيه يقلل هنا من شأن ماضي الجندية الذي
يتناقض مبدئيا مع صورة الكاتب الهامشي التي رسمها لنفسه، ليفسح مجالا أكبر
لكل ما يغذي ويخدم أسطورة اللقيط، اللص، السجين، المِثلي، المناهض
للإستعمار والمناصر للمستضعفين. ربما حاول جينيه أن يتحاشى أن يذكره البعض
بأنه قبل أن يثور على فرنسية فرنسا فإنه كان جزءا من آلتها الإستعمارية
وإن كان ذلك على مضض وأن يذكره آخرون بأنه ربما كان قد خان العرب قبل أن
يصاحبهم. لكن مثل هذه الإتهامات قد تبطلها فلسفة الأديب نفسها التي تمجد
الخيانة كفضيلة مقدسة بل تحتفي بازدواجية الخيانة التي طبعت علاقته بالعرب
والغرب في آن واحد. فإن كان الكاتب قد خان العرب بخدمته لفرنسا
الإستعمارية فانه قد خان هاته الأخيرة أيضا بمناصرته لشعوب مستعمراتها
وبحبه للرجل العربي على وجه الخصوص.
فعلى كل من يعشق جان جينيه أن يدرك
بأنه ليس للوفاء والإخلاص وغيرهما من القيم المعتادة مكانة في كتاباته
التي تنبذ القيم التي يصفها جينيه بالبورجوازية ليستبدلها بالخيانة
والسرقة والحب المثلي في العالم الهامشي الشهواني المنشق الذي نصبه
لقرائه؛ عالم يصعب فيه فصل مساندة جينيه للقضية الفلسطينية والمقاومة
الجزائرية وحقوق المهاجرين المغاربيين عن نظرته العاشقة والمِثلية للعالم.
ففي مقابلة له مع هوبرت فيشت في العام 1976 أفصح جينيه عن مدى تداخل
مواقفه السياسية وميوله الجنسية: 'كنت ربما سأقف معهم (الجزائريين) في
كافة الأحوال غير أنه ربما مِثليتي هي التي جعلتني أرى أن الجزائريين
ليسوا مختلفين عن باقي الرجال'.
لقد كان للإيروسية (الشهوانية) العربية
التي ألهمت أندريه جيد وغيره من الأدباء الغربيين وقع خاص على جينيه لدرجة
جعلت الحب والأدب والسياسة تمتزج عنده امتزاج العاطفة والجسد بالفكر. فليس
من الغريب في شيء أن تكون علاقته بعبد الله بن تاكا الشاب الألماني من أصل
جزائري الراقص على الحبال قد ألهمته كتاب 'الراقص على الحبال' الذي يعد من
أعمق ما كتب عن جمالية الرقص، فكان لانتحار عبد الله في ربيع 1964 أثر
بليغ على الكاتب الذي أحرق مخطوطاته قبل أن يحاول الإنتحار بدوره.

مع الفدائيين الفلسطينيين

فقد
جينيه رغبته وقدرته على الكتابة إثر هذا الحادث المأساوي ولم يعرف للكتابة
والحياة معا طعما إلا بعد لقائه بالفلسطينيين في أوائل السبعينات وزيارته
للفدائيين والعيش في مخيماتهم ومعاينة مجزرة صبرا وشاتيلا التي دونها
بطريقته في 'أربع ساعات في شاتيلا' ، كما روى عشقه للفلسطينيين من خلال
'الأسير العاشق' آخر كتاب له يتداخل فيه التاريخ والشعر والسياسة.
لا
شك أن مناصرة جينيه للقضية الفلسطينية تدخل في اطار رفض الهامش للمركزية
الغربية التي عاقبته بينما تدعي الحرية وآلة الحرب العالمية التي تساند
العدوان بينما تدعي السلام. لكن هذه الإعتبارات لا تنفي الجانب الإيروسي
الذي جعله يقدم حبه للفلسطينيين على شرعية القضية بعينها :'الحق كل الحق
مع الفلسطينيين لأني أحبهم' يقول جينيه. كما يضيف قائلا في أربع ساعات في
صبرا وشاتيلا :'إن الوضوح البديهي العجيب لما حدث، وقوة تلك السعادة
المرافقة لوجودهم (الفلسطينيين)، يسميان أيضاً: الجمال'. وعن جمال
الفلسطينيين و'شهوانية' الثورة الفلسطينية تحدث جينيه بإسهاب بشكل أدهش بل
أحرج أكثر من قارئ:
'إن التأكيد على وجود جمالٍ خاص بالثوريين يطرح
صعوبات كثيرة. من المعلوم ـ بل من المفترض ـ ان الأولاد الصغار، أو
المراهقين، يعيشون في أوساط عتيقة قاسية، ولهم جمال في الوجه والجسد
والحركة والنظرات، يقرب كثيراً من جمال الفدائيين (...) كانت قد ترسبت كل
الحساسية الشهوانية التي حررتها الثورة والبنادق. علينا ألا ننسى البنادق.
فقد كانت كافية، وكل واحد كان مفعما بالرغبات. (ترجمة من كتاب 'أربع ساعات
في صبرا وشاتيلا' نُشرت في مجلة 'الكرمل'، العدد السابع، 1983)
الحقيقة
أنه حين يتعلق الأمر بجان جينيه يستحيل اختزال علاقته بالفلسطينيين في
القضية نفسها ـ بغض النظر عن إيمانه بصوابها ـ بل يجب الأخذ بعين الإعتبار
بقيمه الأخرى مثل الجمال والموت والعنف والعزلة: 'هل كنت لأحب الفلسطينيين
لو لم يجعل منهم الظلم شعبا مشردا؟' يتساءل جينيه الذي طالما ردد ' أنا مع
كل انسان وحيد'، 'أحب من أحب وهم دائما أشخاص جميلون وأحيانا مضطهدون
لكنهم صامدون في ثأرهم'. حسب منطق جينيه، يحق لنا أن نتساءل بدورنا: هل
كان لجينيه أن يحب المغرب الى اللحد لولا تعلقه بتشرد وفقر محمد القطراني
ذلك الشاب العرائشي الذي ُيحكى أن الكاتب كان قد عثر عليه مستلقيا على
الأرض نائما في أحد أزقة المدينة القديمة في طنجة؟ ألم يجد الكاتب نفسه
منجذبا إلى هذا الشاب الفقير الذي فر من الجندية لأنه ربما ذكره بجينيه
الجندي الهارب اللص الشريد؟
'لم يكن محمد القطراني مثليا جنسيا، غير أن
جينيه أفهمني مرارا وتكرارا بأنه لم يكن يمارس الجنس مع هذا الشاب. أقدم
على تزويجه من امرأة كانت جارة لأسرته وأنجب منها طفلا سارع جينيه إلى
تسميته بعز الدين وهو الإسم الشخصي لممثل منظمة التحرير الفلسطينية في
باريس 'عز الدين القلق' الذي اغتالته المخابرات العراقية عام 1978'. يقول
الطاهر بن جلون في أحد مقالاته موضحا، بل معقدا علاقة جينيه بالعرب التي
قد يرى فيها البعض شيئا من الإحراج بيد أن كاتب 'يوميات لص' لا يرى فيها
إلا مزيدا من الحرية: 'كلما كبر ذنبي في عيونكم، أفترض أن تكون حريتي
أكبر' يقول جينيه الذي يحبه كل من يضع الحرية فوق كل اعتبار.

كاتبة مغربية


القدس العربي
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى