صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من نجيب محفوظ إلى أحمد فؤاد نجم - الحارة المصرية وأهلها الطيبون

اذهب الى الأسفل

من نجيب محفوظ إلى أحمد فؤاد نجم  - الحارة المصرية وأهلها الطيبون Empty من نجيب محفوظ إلى أحمد فؤاد نجم - الحارة المصرية وأهلها الطيبون

مُساهمة من طرف منصور السبت 2 أبريل 2011 - 22:06

إن كان صحيحا أن الإبداع الأدبي يدور حول قصة واحدة للكاتب وكل ما بعدها
تنويعات عليها، فإن كل النتاج الغزير للروائي المصري نجيب محفوظ، منذ
ثلاثينات القرن الماضي وحتى العام 2004، يدور حول قصة واحدة: «الحارة
المصرية». وهذه الحارة تحكمها ثلاثية: «السيد المسيطر» و«الأهالي المغلوب
على أمرهم» وأخيرا «الفتوات» أداة السيطرة بيد سيد الحارة.
الأسياد
والممسكون بالسلطة في حارات محفوظ على الدوام، هم أولئك المتحدرون من
عائلات «نبيلة» أو تدعي النبل، تهيمن على غالبية من الشعب الذي يبلغ به
البؤس والتواضع حدا يتحول معه إلى مقابل مزرٍ في الغالب لكل ما تعيشه طبقة
أسياده المسيطرين.

أكان هؤلاء الحكام، أسياد حارة، أم شيوخ طريق
(حكاية بلا بداية ولا نهاية) أو ممسكين بالأوقاف (أولاد حارتنا)، أو مجرد
فتوات في روايات لا تحصى، فإن أفرادها يعيشون في قصور، حياتهم منعمة،
ممسكون بثروات مغتصبة وغالبا غارقون في الملذات. وثمة غطاء يعمل مثل مبرر
لشرعية هؤلاء الأسياد رغم كل البؤس الذي يحياه رعاياهم من أهل الحارة، أو
من مريدي الطريقة أو صغار الموظفين (في عهد الجمهورية). إنه: المنبت
الطبقي، أو المكانة الاجتماعية أو محض التسلط بالقوة.
اللجوء للـ
«الفتوات» في إخضاع أهل الحارة، مؤشر بليغ على المشكلة الأصلية أو محور
الصراع في الحارة: «شرعية هؤلاء الأسياد وهيمنتهم». فأسياد حارات محفوظ، لم
يرتق أحد منهم إلى سدة السلطة بشكل شرعي، بل بطريقة مشكوك فيها على الدوام
أو تحت وطأة ظرف قاهر. وعلى الدوام هناك شرفاء محيدون (ضمير أخرس)، غائبون
في أشكال من المنافي، الاختيارية أو القسرية جراء إهانة من فتوة أهدرت
الكرامة إلى حد العجز.
محور الصراع لا يتغير كثيرا: ثروة مغتصبة بيد
قلة، كرامة مهدورة بجبروت الفتوات، الذي يصيغ الحياة اليومية للناس في شكل
مظالم يومية لا تتوقف تمس كل فرد في الحارة.
الحياة في حارات نجيب
محفوظ محفوفة بالخطر على الدوام ويبقى الأمان (حتى النسبي منه) معلقا دوما
بمهادنة سيد الحارة وفتواتها، لكن دون ضمان أكيد، فأسياد الحارة وفتواتها
ليسوا بشرا أسوياء، بل هم مقابل للسوية المنحرفة والدوافع الإجرامية التي
تبدو فطرية أحيانا.
إعادة للمشهد
أما المخدرات و «الغرز»، فإنها خيط
متصل لردة فعل المغلوب على أمرهم حيال البؤس الذي يحيونه، وتبدو رمزيتها
عابرة للأزمان في تواصل مدهش حتى أيامنا هذه. اللافت إلى حد المأساة، سيبقى
هو ذلك القانون غير المكتوب الذي صاغه محفوظ لحاراته. فهو قانون متجدد في
كل العهود، وصولا إلى حضور شديد الكثافة في المشهد المصري الراهن.. في ذروة
الانتفاضة المصرية في 2011، يطل الفتوات والبلطجية من جديد ليصبحوا أحد
ادوات المقاومة لنظام وطبقة سياسية مهيمنة موشكة على الانهيار.
يطل
فتوات وبلطجية الألفية الثالثة للميلاد تماما في اللحظات نفسها التي يطلون
فيها في الحارة المصرية لدى محفوظ: بأوامر من السيد. وهم في النسخة الحديثة
أطلوا: بإمرة أجهزة أمنية والحزب الحاكم، المقابل المكثف لتلك الطبقة من
الأسياد التي قال عنها محفوظ في رواياته بانها «منعمة، مترفة، تدعي النبل،
تخفي تواضع منابتها الطبقية وراء مظاهر الثراء الفاحش المتأتي من الفساد
وكل ما هو غير شرعي...».
رسالة الخوف
وبتطابق مدهش في تفاصيله، يقابل
الاحتجاج والتمرد في الحالتين، برد فعل مبالغ في قسوته من قبل فتوات
السيد، تماما مثلما اعتادت أجهزة أمن النظام السابق إطلاق «البلطجية» على
تظاهرات المعارضة وتجمعاتها، في الانتخابات أو التظاهرات ضد التعذيب أو
غيرها من مظاهر الانحراف والفساد. تنكيل الفتوات بأهل الحارة ممن يبدون
بادرة احتجاج- قولا أو فعلا- تحولت إلى فعل تعذيب منهجي يستدعي إلى الذهن
تلك الصورة المتكررة لإرهاب الفتوات في روايات محفوظ: تنكيل بأفراد لترهيب
باقي الأهالي. وكلما تصاعدت نبرة الاحتجاج (في نسخه المعاصرة) وجرأته،
يتصاعد التنكيل إلى مدى بالغ القسوة والفظاظة بالمحتجين دون تفرقة وبجرعات
عالية من الوقاحة. فالمشاهد كانت تتم أمام شاشات التلفزة، تماما مثلما كان
تنكيل الفتوات يتم علنا في أزقة الحارة، وكان الرجال في المقاهي والنساء من
وراء الشبابيك يرون ما يجري.. وتصل رسالة الخوف.
شد الحزام
إنه
قانون غير مكتوب اكتوى به المصريون عهودا طويلة. وانتفاضات أهل الحارة ضد
الفتوات وأسيادهم، هي نفسها التي تطل اليوم بمشهد أكثر شمولا رغم فوارق
الزمن والمقارنات. هكذا، تتجدد المفردات من عصر الفتوات إلى الألفية
الثالثة للميلاد، لكن القانون غير المكتوب هو نفسه الذي يحكم سلوك الأسياد
والأهالي والبلطجية.
ورغم فرادة مشهد الثورة المصرية، فإن محفوظ كان
حاضرا بقوة فيها لأنه أكثر من فهم الروح المصرية الصميمة في كل تمثلاتها،
من طابع الشظف والنفسية المقهورة والصبر إلى سلاح المصريين السري في كل
العصور: وهو السخرية.
المشهد المتمم لهذه الروح وقوانينها غير المكتوبة،
يأتي من شعر ذلك المصري الآخر، الممثل النموذجي لخاصية التمرد النبيل في
الروح المصرية: أحمد فؤاد نجم. جل أغانيه تتجدد الآن في خضم ثورة الجيل
الجديد من المصريين، بل إن التأمل سيقودنا حتى إلى مصري ملهم آخر هو سيد
درويش. فمن سخريته اللاذعة في عشرينات القرن الماضي، تتداعى أغنيته الشهيرة
«شد الحزام على وسطك وغيره ما يفيدك». يسخر شطرٌ من الأغنية من قطع
التليفونات والتليغرافات، بما يكفي لتذكيرنا بقطع خدمة الانترنت والهواتف
النقالة في الثورة المصرية في 2011. ردة فعل لا تتغير لطبقات حاكمة تتعاقب،
وهي تتمثل هذا القانون غير المكتوب بكل حذافيره.
ردة فعل ستقودنا حتما
إلى تلك الخاصية التي يتميز بها المصريون: محافظون ولا يميلون للتغيير.
لهذا يوصف المصريون دوما بأنهم شعب صبور وثوراته قليلة، لكن غضبه مزلزل.

محمد فاضل
كاتب بحريني

من نجيب محفوظ إلى أحمد فؤاد نجم  - الحارة المصرية وأهلها الطيبون 703109Pictures20110403fcd6751b11694ea480b00928e43ced40

غلاف {أولاد حارتنا}
منصور
منصور
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى