أنا الشاعرُ الحداثيّ

" وددتُ، منذ سنوات، ممارسة شغب فنشرتُ النصَّ التالي في موقع ما باسم مستعار ":

قال لي الشعر: كن شاعرا
قلتُ: كيفَ
فإني قضيتُ جميع المنى ناثرا

قال: كن شاعرا
بعثر المفردات هنا وهناك
توهمْ بأنك خيط
وإبرتك اللغة الغاضبه

كسر الوزنَ
واعبث بكل بحور القصيد
وقل للخليل
وكلّ الذين أتوكَ بقال وقيل
من المتنبي
إلى ابن العميد :
دعوا طللا
يسرد الدمع مثل شريد

وكن باحثا
عن غرابة حرفك
معجمكَ الغامض القصد
خذ من كلام تطاوس حتى اغتربْ

لا تكن للتراث نديما
يحاذي الفصاحة عند لسان العربْ

واعتمد
ما الرطانة تملي تكنْ
شاعرا من عجبْ

يكتب النقد عنك
ويبحث فيك عن الثورة السافيه
كلما جئت أعزل
ما لك بعض عروض
ولا قافيه

وإذا النقد يكتب عنك
تمهل ولا تنتبذ ركنك الآفلا
فلعلّ قناديله
بسواد التآويل ساقية
غصنك الذابلا

لا تقل أبدا
لدعيّ أتى ناقدا
ما تقول لغيرك محتدما حاقدا
فله سوطه
يتمدد محتقنا جالدا
فإذا أنتَ في لحظة لم تعد شاعرا
لا تقل أبدا

قلتُ: آن لي القصيد
أنا شاعرُه
والحداثة مهري إلى حدث
جلل سافرُه
سوف أغرب حتى انبهامي
وسوف يعبّ الصدى
عابرُه

قلتُ للشعر: إني لك الشعرُ
إني الحداثيّ
قال: فكن شاعرا بالذي أنت منه
فإني لك الدهرُ
في حدثان منازله

..

لنْ تكون إلى أبدٍ
شاعرا.

أ. د. مصطفى الشليح