المغرب وأعداءه

كلما أراد أحد أن يتحدث عن المملكة المغربية لن يستطيع تكملة ما يخالجه ولو طال عمره ..لأن ما عاشه المغاربة منذ آلاف السنين لا يقاس ولا يوصف ببحور من المداد ..فالأرواح التي استشهدت على الأراضي المغربية من طنجة إلى لكويرة ..كانت في سبيل الحق والحرية والنخوة والكرامة ..أرواح طاهرة حمت البلاد من الشر والأشرار ..أرواح مجد تحمي الأجيال بعد الأجيال من أعداء المملكة ..لن تجد أرضا في ربوع المغرب لم تسق وتعطر بدماء الشهداء رجال مقاومة وبطولات وشجاعة لفض الظلم والباطل عن الأهداف النبيلة ..

حارب المغرب منذ أن خلق أهله وإلى الآن ..الرومان والفينيقيين والوندال والأسبان والفرنسيين والبرتغاليين وغيرهم ممن ذكرهم التاريخ ..حروب شريفة لم يؤسسها المغرب للاعتداء أو الهيمنة أو سلب حقوق الناس ..لذلك وهبوا أرواحهم عن طواعية وحب للوطن ..وورثت المملكة خصال الآباء والأجداد وساروا على درب الإخلاص والعدل ..فرفضوا كل أجنبي يتطاول على البلد الأمين أو السيطرة على خيراته ورجاله ..لذلك كافحت المملكة وذادت عن حدودها بالغالي والنفيس ضد فرنسا وإسبانيا معارضة ونضالا وسياسة ..فالمغرب مسالم طوال وجوده لا يتدخل في شؤون الآخرين ولا يرسل مرتزقة ولا يؤيد ثورات داخل الدول الأخرى سواء كانت صديقة أو عدوة ومرارا ما سارت المملكة على نهج القوانين الدولية ..كسب المغرب بطريقته السلمية والمحايدة أصدقاءه المخلصين , لكن الجزائر خلقت موجة من الدول لتعادي حقا ساميا من حقوق المغرب ..تعاون الأعداء ولم يشعروا بأن للمغرب أرواحا زكية حية أو ميتة في الجهاد تحميه وتصد عنه هجمات الغدر والحيل السياسية ..تكالب الأعداء بالمفهوم الثوري الاشتراكي الجمهوري على ملكية المملكة في الجنوب المغربي ..واستعملوا الارتزاق والمال والرشاوى لإضعاف المملكة المصونة بأرواح المغاربة وإسقاطه في تنازلات تحط من قيمته التاريخية ..

صمدت المملكة في وجوه الأعداء بعد أن لملمت جروحها الداخلية من بقايا الاستعمارين وتصدت لكل من يعرقل حقوقها السياسية ..فكانت البداية من عسكر مصر حين دعم جمال حكام الجزائر وأرسل مبارك ليساندهم كطيار , ألقي عليه القبض وهو الآن في سجن طرة وتلتها يوغوسلافيا التي تشتتت وانقسمت إلى دويلات لتتنحى عن روسيا ..ثم أعانت الجزائر ألمانيا الشرقية التي ذاقت الويل من السياسة الروسية فانضمت لألمانيا الأصل ..وساندتهم الهند وفي عقر دارها كشمير ..وكانت معهم كوبا التي صافح زعيمها أوباما رئيس الشيطان الأكبر ..والأنشط في تحريك خصوم المملكة بالعتاد والمال القدافي ..المقتول في مجرى المياه ..ورحل تشافيز وتبعه مانديلا دون أن يريا حلمهما في تقسيم المغرب بانفصاله عن جنوبه المتين ولن ننسى هنا الأسد الذي كان يرسل جنوده لتدريب أعداء المغرب ويعلم الثورة البعثية العبثية لطلبتنا على أرضه ناسيا الأرواح التي قدمتها المملكة على أرض القنيطرة ..استمر المغرب في الاستقامة السياسية لأنه شارك في حرب معقولة ضد النازية وأخرى ضد إسرائيل وساعد العرب والأفارقة حسب قدراته المتواضعة بالأخلاق السياسية وحتى إيران التي تسوس في الظل تخضع الآن للغرب لأنها نزعت السترة الإسلامية ولبست الفارسية باللون الشيعي..

والآن بعد أن ذهب الله بنور أعداء الأمة المغربية وتمت تصفيتهم بيد الرب أصبحت المملكة في وضعية مهمة جدا فهو عضو في منظومة الخليج ومحبوب لدى الدول الديمقراطية لأنه يتعامل ببطء لحل المشاكل العالقة بسبب تراكمات الاستعمار ..ويسير مع الربيع العربي بثورة جديدة لا يملكها المضلعون في الاشتراكية ولقد شاهد قراء صدى الزواقين تحطيم تمثال لينين على أرض أوكرانيا رافضا شعبها الحر السياسة الروسية ..