منْ أحاديثِ أمِّي:مصطفى الشليح
صفحة 1 من اصل 1
منْ أحاديثِ أمِّي:مصطفى الشليح
على مِشبكٍ خاشع الطرفِ دامعِه
كانَ جلبابُها يَتحرَّى المَمرَّ إليه
ويسألُ خطوتَها،في الممرِّ إليه عنِ الوقتِ
ما بينَ الزوايا وجامعِه،
وعن البابِ يَهتزُّ، زهوًا، بدافعِه،
ثمَّ ينقلُ نظرتَه بينَ ذاكَ الممرِّ الطويل
وبيني يُحللُ مثليَ بيتا أنا قلتُه منذ عقدين،
قبلَ سفاركِ، أميِّ، إلى الحجِّ.
هلْ تذكرين
فتىً أسمرَ الخطواتِ
وجلبابَه يترقَّى إليكَ ليلقي قصيدةَ شعر
تُقبِّلُ منكِ يديكِ ؟
لعلَّ الفتى، يقفُ الآنَ. مَرَّ المُعزُّون.
لمْ يقفوا في الممرِّ الأخير إلى شهقةِ القلبِ.
مَنْ يَخفقُ الآنَ ؟
قلبي على وتر..
كلَّما وترٌ شدَّ قلبي. أمرَّ المُعزَّون ؟
مرُّوا ولمْ أنتبهْ. هيَ مرثيةُ الموج للبحر فجرًا.
تقولينَ: هاتِ كتابَكَ ..
قلتُ: أمنْ صرخةٍ تتملَّى جداري
إلى صرخةٍ لا تراكَ.
جدارٌ يسيرُ إلى صورةٍ لأبي.
أنتحي جهةً لا أقولُ،
وأمِّي بجلبابِها دمعةٌ هيَ كلُّ الدُّموع.
وأمِّي تحدِّثني عنْ أبي.
أنا لستُ أذكرُ نافذةً
غيرَ تلكَ التي كانَ طفلٌ بها
يتأملُ كلَّ المُعزِّين.
قالَ: أبي.
لا أرى مجلسا لأبي ثَمَّ.
أينَ أبي ؟
تلكَ صورته
والإطارُ فأنَّى تأتَّى سِفارُكَ ؟
قالوا لسِتٍّ منَ السَّنواتِ الصَّغيرةِ: سافَرَ.
قالتْ بكلِّ طفولتِها: أينَ سافرَ ؟
أطرقتِ النَّظراتُ تباعًا لتجذبني عَمَّتي،
وهْيَ تنشُجُ، لكنْ ..
لماذا أرى عمَّتي هكذا ؟
سَنواتي الصَّغيرةُ تُرهِجُ بي:
فيمَ سافرَ دوني،
وإنِّي رأيتُ مُحيَّاه، أمس،
يُدثِّرُني ويَردُّ إليَّ المنامَ
عندَ الهزيع الأخير مِنَ الليل ؟
لا. لمْ يُسافرْ أبي.
إنَّه في الطَّريق إليَّ بأشيائِيَ العبثيِّةِ.
حلوى وما لستُ أذكرُ. ما الأمرُ ؟
مَنْ قائلٌ: ظُنَّ خيرًا
ولا تسألنَّ عن الخبر ؟
ها أظنُّ منَ الخير أجملَه.
أترقَّبُ ما أترقَّبُ. لنْ أسألنَّ عنْ السَّفر.
إنما هلْ أتى مِنْ هُناكَ أبي ؟
البياضُ ظلُّ الذُّهول،
وماءُ الدُّخولِ إلى الموتِ.
لستُ أحبُّ البياضَ البليدَ
يَجُرُّ المكانَ إلى ظلمةِ البحر.
أوقفني النِّفَّريُّ
على موجةٍ تَتكوَّمُ كالدَّهر،
ثمَّ انثنى شارحًا.
قالَ لي: فاحذر اللَّونَ أجمعَه.
التَّفاصيلُ سرُّ المظنَّةِِ
أو هيَ سيرُ المضلَّةِ في الظلِّ.
لا تقْفُ ظلَّكَ حتىَّ تراكَ وظلَّكَ
مُختلجين بما لستَ تَحدسُ.
للشَّمس فاكهةٌ
وحديقتُها الوقتُ.
كيفَ رأى الموتُ
أنكَ وحدَكَ لم تغفُ إلا على حذر ٍ؟
التَّفاصيلُ شاردةٌ
ومُشرَّدةٌ في الحكايةِ.
قِفْ. هاتِ قولا وإلا هلكتَ.
وقفتُ بنافذتي.
قلتُ أنتَ أبي
وامتلكتُ الزَّمانَ بكلِّ طفولتِه.
قفْ فأنتَ الذي ما امتلكتَ
سوى الفقدِ حينَ امتلكتَ.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
رد: منْ أحاديثِ أمِّي:مصطفى الشليح
منْ أحاديثِ أمِّي:
وأوقفني المُتنبِّي على الميم تبكي
وقالَ: تَخيَّرْ رَويَّكَ ميما مِنَ الأمِّ ثمَّ انتشرْ
في القصيدةِ ما شئتَ يا صاحبي،
واختصركَ حُروفا إلى الميم
تنمَى كما كانَ حُزني على الميم سهما.
رمى بالنصال،
وأوقفني في المتاهةِ قوسا وغُنما،
وولَّى، على قدر، حيثُما البحرُ يُلقي التحيَّةَ،
والموجُ للموج ينظرُ.
لا أحدٌ في الطَّريق إلى القلب.
لا أحدٌ .. واحتمى زبدٌ بغرابته
وانتشى بغَوايته زبدٌ.
كيفَ تنظرُ ما ليسَ يخطرُ يا البحرُ ؟
وأوقفني المُتنبِّي على الميم تبكي
وقالَ: تَخيَّرْ رَويَّكَ ميما مِنَ الأمِّ ثمَّ انتشرْ
في القصيدةِ ما شئتَ يا صاحبي،
واختصركَ حُروفا إلى الميم
تنمَى كما كانَ حُزني على الميم سهما.
رمى بالنصال،
وأوقفني في المتاهةِ قوسا وغُنما،
وولَّى، على قدر، حيثُما البحرُ يُلقي التحيَّةَ،
والموجُ للموج ينظرُ.
لا أحدٌ في الطَّريق إلى القلب.
لا أحدٌ .. واحتمى زبدٌ بغرابته
وانتشى بغَوايته زبدٌ.
كيفَ تنظرُ ما ليسَ يخطرُ يا البحرُ ؟
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
رد: منْ أحاديثِ أمِّي:مصطفى الشليح
منْ أحاديث أمِّي:
تتبسَّمُ أمِّي،
وتُلقي على كلِّ أسئلتي شالَها.
في يدي شالُها
أتنسَّمُ منه صباحًا أخيرًا مِنَ المسكِ، أبيضَ.
لستُ أقولُ.
أنا أتأمَّلُ أمِّي.
أهذا الجَبينُ اللُّجينُ أقبلُه ؟
شبمٌ يحتوي شفتيَّ. ولستُ أقولُ.
يَموتُ على شفتي كلمٌ
وأموتُ أنا.
أنْحني لأقبلَ أمِّي،
وهذا الصَّباحُ يَحُثُّ خُطاه إلى اللانِهائيِّ
مِنْ وقفتي.
لا أحِبُّ البياضَ،
ولستُ أحبُّ اشتعالَ الغَضى في القصيدةِ.
كمْ أختفي صرخةً،
في السُّكون المَهيبِ، لكيْ تنزوي صرختي.
أنزوي، شاخِصًا،
قُربَ أمِّي، إلى نقطةٍ في الفَراغ المُمِضِّ،
وأطوي مَدايَ إلى لا مَدايَ.
سأكتمُ ما بي.
سأسجمُ وحْدي.
ووحْدي سأرسمُ أمِّي
على جبهةِ الفجر معنى،
وسيقدُمُ، في لغتي، البحرُ، منذُ عقودٍ خلونَ.
سأنظمُ ما يتأبَّى على الشِّعرِ
مِنْ قوافٍ/ سوافٍ/ مَنافٍ. يقولُ ليَ النقدُ:
ما وسعَتْ حُرقةٌ خِرقةً.
كيفَ تذروكَ قافيةٌ وتُلملمُ منها صباحَكَ مِنْ حيثُ ما أنتَ تعلمُ ؟
قلتُ: سأتْهِمُ حتَّى التَّلاشي الأخير.
سأبْهمُ قولي بما ليسَ يُفهمُ.
ما هَمَّ أنْ يَترقَّى التَّلقِّي إلى حَيثُ أزعُمُ.
ما همَّ أنْ يَتدلَّى مِنَ الغافياتِ
على الرِّيح ما لا يلوحُ ؟
أنا طللٌ للجراح فأنَّى أبوحُ ؟
أنا الجُرحُ.
وحْدي أنا جُرحُه:
تتبسَّمُ أمِّي،
وتُلقي على كلِّ أسئلتي شالَها.
في يدي شالُها
أتنسَّمُ منه صباحًا أخيرًا مِنَ المسكِ، أبيضَ.
لستُ أقولُ.
أنا أتأمَّلُ أمِّي.
أهذا الجَبينُ اللُّجينُ أقبلُه ؟
شبمٌ يحتوي شفتيَّ. ولستُ أقولُ.
يَموتُ على شفتي كلمٌ
وأموتُ أنا.
أنْحني لأقبلَ أمِّي،
وهذا الصَّباحُ يَحُثُّ خُطاه إلى اللانِهائيِّ
مِنْ وقفتي.
لا أحِبُّ البياضَ،
ولستُ أحبُّ اشتعالَ الغَضى في القصيدةِ.
كمْ أختفي صرخةً،
في السُّكون المَهيبِ، لكيْ تنزوي صرختي.
أنزوي، شاخِصًا،
قُربَ أمِّي، إلى نقطةٍ في الفَراغ المُمِضِّ،
وأطوي مَدايَ إلى لا مَدايَ.
سأكتمُ ما بي.
سأسجمُ وحْدي.
ووحْدي سأرسمُ أمِّي
على جبهةِ الفجر معنى،
وسيقدُمُ، في لغتي، البحرُ، منذُ عقودٍ خلونَ.
سأنظمُ ما يتأبَّى على الشِّعرِ
مِنْ قوافٍ/ سوافٍ/ مَنافٍ. يقولُ ليَ النقدُ:
ما وسعَتْ حُرقةٌ خِرقةً.
كيفَ تذروكَ قافيةٌ وتُلملمُ منها صباحَكَ مِنْ حيثُ ما أنتَ تعلمُ ؟
قلتُ: سأتْهِمُ حتَّى التَّلاشي الأخير.
سأبْهمُ قولي بما ليسَ يُفهمُ.
ما هَمَّ أنْ يَترقَّى التَّلقِّي إلى حَيثُ أزعُمُ.
ما همَّ أنْ يَتدلَّى مِنَ الغافياتِ
على الرِّيح ما لا يلوحُ ؟
أنا طللٌ للجراح فأنَّى أبوحُ ؟
أنا الجُرحُ.
وحْدي أنا جُرحُه:
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى