صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أوليات في المعرفة العالمة والمدرسية: نموذج التاريخ

اذهب الى الأسفل

أوليات في المعرفة العالمة والمدرسية: نموذج التاريخ Empty أوليات في المعرفة العالمة والمدرسية: نموذج التاريخ

مُساهمة من طرف abdelhamid الثلاثاء 9 فبراير 2016 - 12:52

لا شك أن المشتغلين بالتدريس عادة ما ترتسم أمامهم أثناء تأدية مهامهم في الأقسام وبمعية المتعلمين جملة من المصاعب لعل من أهمها مسألة التوفيق بين المعرفة العالمة والمدرسية، وخاصة بالنسبة للباحثين الذين ولجوا عالم التدريس، وأخص هنا بالتحديد المشتغلين منهم في حقل التاريخ. ولتقديم هذه الأمور أضع أمام أعضاء صفحة التاريخ والجغرافيا أوليات في هذا الباب.

وتدخل الصعوبات التي تطرح على هذا المستوى في التمثلات التي يحملها المدرس حول مختلف المواد المعرفية التي يتعامل معها في إطار الوضعية التربوية، حيث يعتقد البعض بأن المعرفة يتوجب أن تقدم للمتعلمين في طابعها العلمي النسبي والموضوعي دون أن تتعرض لأي توليف أو اختزال قد يعرضها للمسخ والتحريف.

وفي هذا المضمار تقوم بين المعرفة العالمة والمدرسية عدة تمايزات بحكم الاشتراطات التي يقتضيها كل مجال على حدة، فالمعرفة العالمة هي المعرفة المتداولة من طرف العلماء المختصين ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمرر للمتعلمين على حالتها تلك. فمن البديهي أن التلاميذ لا يمكنهم التعامل مع هذه المعرفة لأنها مبنية على مفاهيم مجردة ومعقدة من الصعوبة بمكان تمثلها، زيادة على كون مصدر هذه المعرفة غير ثابت تبعا للوضعية الدينامية للمعرفة العلمية. هذا فضلا عن تضارب واختلاف النظريات والأطاريح والآراء وتلاطم بحر الأسانيد التي ترتكز عليها ما يمثل عقبة كأداء للمشتغلين بالمعرفة العالمة فبالأحرى للمتعلمين، وخاصة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية.

أما المعرفة المدرسية، فيطبعها ظاهريا الاختزال والاقتضاب والاختزال التقريري العام بفعل الاشتراطات التي تؤطرها، ونقصد بذلك المنهاج العام للمنظومة التعليمية ككل والمنهاج الخاص بالمواد المدرسة. ففي العالية نجد تلك المعرفة محكومة باختيارات وتوجهات تربوية يمكن إجمالها في الآتي:

-العمل بمقتضى مدخل الكفايات وما تترتب عنه من كفايات المستعرضة(الثقافية والتواصلية والتكنولوجية و المنهجية والاستراتيجية).

-مضامين معرفية تتجاوز التراكم الكمي إلى التركيز على الجانب المنهجي وروح النقد.

-تنظيم الدراسة وفق إيقاعات متفاوتة والعمل بالأسدسين والمجزوءات وما تتفرع عنها من وحدات دراسية.

-إدماج القيم عند بناء المعرفة مثل قيم الهوية والمواطنة وحقوق الإنسان والكونية.

-يضع المنهاج مواصفات للمتعلمين في كل سلك دراسي على حدة لعل من أهمها القدرة على التفاعل مع المحيط وممارسة الديموقراطية والمواطنة وإعمال العقل والتفكير النقدي.

كما أن المدرس ملزم أيضا وهو بصدد إشكالية العلاقة بين المعرفة العالمة والمدرسية أن يستحضر المرجعيات البيداغوجية التي يقوم عليها المنهاج العام للمنظومة والخاص بالمادة المدرسة، ومن أهم المقتضيات البيداغوجية أشير إلى الآتي:

-تنمية وإكساب وترسيخ كفايات تتعلق بالمادة المدرسة، أي كفايات تتفرع عنها قدرات وأهداف تعلمية.

-استحضار البيداغوجيات المصاحبة لمدخل الكفايات مثل بيداغوجيا الخطأ وحل المشكلات والمشروع والفارقية.

-العمل بمبادئ البنائية والأشكلة والوضعيات، أي عدم بناء المعرفة مع ابلمتعلمين وعدم تقديمها وفق طرح إشكالي وفي إطار وضعيات مشكلات.

-العمل بطرائق تعلم نشيطة تقوم على التعلم الذاتي وتتسم بالتدرج والملائمة والوظيفية.

-استحضار مميزات وخصائص الفئة العمرية المستهدفة من النواحي كافة.

وبالنظر لما سبق ذكره، يتضح أن المعرفة العالمة لا بد أن يتم تطويعها لكي تخدم أغراض المنهاج العام المسطرة في مختلف الوثائق الرسمية والإصلاحات التربوية. وفي هذا الباب يمكن الحديث عن مرتبة وسطى بين ما هو عالم وما هو مدرسي، ويتعلق الأمر بالنقل الديداكتيكي، فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي بوسع الأستاذ الباحث أن يعتمدها لتجاوز الإلتباس الحاصل بين مداركه الأكاديمية واشتراطات المنهاج. إن اكتساب تقنيات النقل الديداكتيكي من شأنه أن يبدد ذلك التناقض القائم بين هذين النوعين من المعرفة.

ومن هنا على المدرس أن يستوعب ما يلي:

-إنه لا يجب إهمال المعرفة العلمية، فهي يجب أن تبقى المصدر الذي يستقي منه المدرس المعرفة المدرسية.

– إن دراسة تاريخ المعرفة العلمية من شأنه أن ينير سبيل المدرس في خصوص العراقيل الإبيستيمولوجية التي واجهتها الإنسانية في اكتشاف المفاهيم العلمية، و هي عراقيل غالبا ما يواجهها التلاميذ خلال عمليات التملك الإصطناعي للمفاهيم العلمية.

-أن المعرفة التي يتعامل معها التلميذ في إطار الوضعية التعليمية تختلف عن المعرفة العلمية التي يتعاطاها العلماء المختصون.

لهذا يتوجب أن تخضع تلك المعرفة للنقل الديداكتيكي الذي هو مجموعة التحولات التي تطرا على معرفة معينة في مجالها الصرف من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية قابلة للتدريس.

وبالرجوع إلى موضوعنا الذي هو المعرفة التاريخية العالمة والمدرسية، لا شك أن المدرس-الباحث يصطدم عند مطالعة محتويات الكتب المدرسية ومناهج مادة الاجتماعيات بعدة تناقضات، حيث يتم الحسم في قضايا تاريخية يقوم حولها اختلاف كبير، ويتم الحسم بشكل تقريري في الكثير من القضايا مثل التحقيبات وسنوات وقوع الكثير من الأحداث التاريخية.

إلا أنه عند استحضار منهاج مادة الإجتماعيات ومادة التاريخ بالخصوص ومقتضيات النقل الديداكتيكي يبدو الأمر عاديا، ذلك أن تدريس التاريخ بشكله العالم من شأنه أن ينهض كمعرقل للعملية التعليمية التعلمية، فيضيع المتعلم في بحر التناقضات والاختلافات وحتى الخلفيات التي تحرك الكتابات التاريخية والتي تميز التاريخ العالم، فلا يلوي المتعلم على شيء في نهاية المطاف، وتصبح العملية برمتها غير ذات نفع، لأن الهدف المسطر ليس تكوين مؤرخ.

وبالرجوع إلى منهاج مادة الاجتماعيات، وتحديدا مادة التاريخ سنجد أن تدريس المادة تحكمه مقتضيات إبستملوجية وديداكتيكية هامة تحدد الغرض من تدريس التاريخ في التكوين الفكري للناشئة وتنمية الذكاء الاجتماعي والروح النقدية ومعرفة الماضي والتفاعل مع الحاضر والتطلع نحو المستقبل بما يمكن المتعلم في نهاية المطاف من اكتساب مهارات تساعده على حل مشكلات حياتية.

كما أن مختلف التوجيهات المرتبطة بتدريس المادة تحث على ضرورة استحضار أمرين هامين:

أولا: السياق الاجتماعي للمادة، فالتاريخ المدرسي له وظيفة اجتماعية بالأساس تتمثل في تكوين إنسان قادر على فهم مجتمعه والتوضع في الزمن والمشاركة الإيجابية والتفاعل الإيجابي مع المحيط المحلي والإقليمي والدولي.

ثانيا: الوظيفة التربوية للمادة، وتتمثل في تنمية وإكساب وترسيخ الكفايات العرضانية التي سبقت الإشارة إليها، فضلا عن الكفايات النوعية الخاصة بمكون التاريخ وما يستتبعها من تأثير على المتعلم في مجالات القيم والتكوين الشخصي والروح النقدية واكتسابا المهارات والمناهج والقدرة على التفاعل مع المحيط والمشاركة…

ثالثا: يقدم التاريخ المدرسي وفق مقومات محددة سلفا، ويتوجب أن يكون المدرس واعيا بها، ومنها مجالات التاريخ، ومفاهيمه، ونهجه، وإنتاجاته، وكذلك أشكال التعبير في التاريخ.

والواضح أن هذه التوجيهات أنها تحاول أن تنسج خيطا رفيعا بين المعرفة التاريخية العالمة النظرية والمعرفة التاريخية الوظيفية بما يجعل مادة التاريخ ليس مجرد كم من المعارف تلقن لمتعلم يتولى حفظها واستظهارها، وإنما معرفة لها وظيفة في حياة المتعلم.

إن استحضار كفايات مادة التاريخ كما هي مبينة في منهاج المادة يبين بالملموس إلى أي حد تمت قولبة المعرفة التاريخية العالمة لتكون في خدمة التاريخ المدرسي وفق أحكام النقل الديداكتيكي، وهذا ما يعني أن المتعلم في هذه المرحلة التعليمية، أقصد السلك الثانوي على سبيل المثال، ليس محتاجا للمعرفة العالمة ولا يتوفر على الرصيد الذي يؤهله للإبحار في سفينتها. ففي نهاية المطاف ترتسم عملية التحويل بين المعرفة العالمة والمدرسية لتكشف عن الحاجيات الأساسية للمتعلم في مجال التاريخ، وهي كما يلي:

-معارف ومفاهيم تاريخية يمكن توظيفها في وضعيات.

-التوضع في الزمان عبر فهم التحقيبات الأساسية، وبالتالي ترتيب الأحداث زمنيا وتوطينها مجاليا.

-اكتساب مهارات منهجية مثل إعمال نهج المادة، وقراءة الوثائق، وانتقاء وتنظيم المعلومات التاريخية، وإنجاز الرسومات البيانية.

-القدرة على التواصل بأنواعه الكتابية والشفهية.

-القدرة على إبداء مواقف واتجاهات ترتبط بقضايا تاريخية معينة.

على سبيل الختم:

على ضوء ما سبق، يمكن أن نستنتج ما يلي:

-تقوم فوارق وتمايزات بين المعرفة التاريخية العالم والمدرسية لابد من الإقرار بها والتكيف معها، واعتبارها أمرا عاديا في مسار تكوين متعلم سيكون قادرا على البحث والتحري في مراحل أخرى من مساره الدراسي.

-العمل بالنقل الديداكتيكي من شأنه تبديد الالتباس الذي قد يحصل بين واقع الأبحاث التاريخية ومحتويات برامج مادة التاريخ في مختلف الأسلاك.

-لا يمكن الاستغناء عن المعرفة العالمة لأنها تبقى المعين الذي تمتح منه المعرفة المدرسية، مثلما أن الإصرار على إقحام المعرفة على صورتها العالمة يمكن أن يقوم ككابح وكمعرقل لعملية بناء المعرفة التاريخية المدرسية.

عبد اللطيف الركيك
* كاتب وأستاذ باحث

abdellatif.ereguigue@gmail.com



المصدر: http://afa9press.com/8710-2/#ixzz3zftZfPqO
abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 66
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى