الكأس / محمد علي الرباوي
صفحة 1 من اصل 1
الكأس / محمد علي الرباوي
الـــــــكـــــــــــــأاس
=================================
يَا هَذَا الْجَسَدُ الْمَرْشُوقُ بِعَاصِفَةِ الْحُزْنِ الْقارِسِ مَا فَعَلَتْ بِشَوَارِعِكَ الأَيّامُ
...
أَتُرَى مَا زَالَ هَجِيرُ الصَّحْراءِ يَهُزُّ بِحَارَكَ هَزّا تَسَّاقَطُ أَنْتَ عَلَى كَتِفَيْكَ رَصَاصاً يُشْعِلُ فِي
رِئَتَيْكَ الرُّعْبَ فَيَسْقُطُ مِنْ عَيْنَيْكَ حَمَامٌ وَيَطِيـرُ حَمَامُ.
أَتُرَى مَا زِلْتَ وَراءَك كَالْمَخْمورِ وَفِي الرَّمْلِ الْغَضْبانِ تَسُوخُ حَوَافِرُكَ الظَّمْأى فَإِذا أَشْجَارُ
الْمِلْحِ الْهَائِجِ تُورِقُ فِي عَيْنَيْكَ فَلا جُرْحٌ يُحْيِيكَ وَلاَ يُحْييكَ غَمَامُ
يَا جَسَدي أَنْجَدَ شَوْقِي الفوَّاحُ وَأَتْهَمَ حُزْنِي ضِدَّانِ بِذَاتِي لَنْ يَجْتَمِعا وَشَتَاتِي لَيْسَ لَهُ الدَّهْرَ نِظَامُ
جَسَدِي مَا زَالً بِقَلْبِي يَتَسَكَّعُ هَذَا الصَّدَأُ الفَتّانُ فَكَيْفَ تُطَهِّرُ سَاحَةَ هَذَا الْقَلْبِ الأَحْزانُ وَأنَّى لِي أَنْ
أَحْتَمِيَ الآنَ بِسِتْرِ جَناحَيْ مَلِكِي وَحَبِيبِي وَأَنا مَا زِلْتُ عَلَى كَتِفِي أَحْمِلُ أَحْجَارَكَ هَا ظَهْرِي يَتَقوَّسُ
كَالنَّخْلَةِ إِذْ تَسْجُدُ يَوْماً لِعَزِيفِ الرِّيحِ وَهَا بَيْنَ ضُلُوعِي يَقْصِفُ رَعْدٌ وَتَهُبُّ رِيَاحٌ لَكِنَّ النَّهْرَ الصّافِي
لَمْ يَحْمِلْ هَذِي الذّاتَ بَعِيداً يَا جَسَدي أَنَا مَا زِلْتُ عَلَى كَتِفِي أَحْمِلُ أَحْجَاراً عِنْدَ طُلُوعِ الْغَضَبِ
الْجَبّارِ عَلَى بَلَدي الْمَسْرُوقِ جِهَاراً. بَلَدِي أَعْشَبَ وَادِيهِ وَنَمَّ بِهِ الزَّهْرُ الْفاتِنُ لَكِنْ أَسْأَلُهُ خُبْزاً
يُعطِينِي حَجَراً. بَلَدِي هَذَا الْمَسْرُوقُ وإِنْ جَارَ عَلَيَّ عَزِيزٌ وَالأَهْلُ وَإِنْ قَطَعُوا حَبْلَ الْوَصْلِِِِ عَلَيَّ
كِرامُ
جَسَدي مَنْ يَرْمِيكَ بَعِيداً عَنّي مَنْ يَرْمِيكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِيكَ. هِيَ الآبارُ تَمُرُّ بِها خَيْلِي عِنْدَ اللَّيْلِ
فَلا بِئْرٌ تَأوِيكَ وَلَكِنْ أُسْقَطُ يَبْقَى حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ يَرْبِطُنَا. تَبْقَى أَنْتَ عَلَى الشَّطِّ تُصَافِحُكَ الأَنْسامُ وَلاَ
تُذْكِي فِيكَ لَهِيبَ الثَّوْرَةِ هَذِي الأَنْسَامُ.
مَنْ يَرْمِينِي عَنْكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِينِي ثُمَّ يُدَثِّرُنِي بِسَواقِي الْمَاءِ البَارِدِ مَنْ يَغْسِلُنِي بِشآبِيبِ الْكَأْسِ
عَسَى تُحْرَقُ ذَاتِي عِنْدَ قَرارَتِها الْبَيْضَاءِ فَأَرْتاحَ قَليلاً مِنْ أَدْغالِكَ إِذْ تَمْنَحُ هَذِي الْكَأْسُ الوَهّاجَةُ تَاجَ
الْمُلْكِِ وَأَسْرارَ الْمَلَكوتِ فَمَنْ يَرْمِينِي عَنْكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِينِي حَتّى أَخْرُجَ مِنّي. هَا إِنِّي أَنْتَفِضُ الآنَ
وأُفْشِي السِّرَّ لأُقْتَلَ بَيْنَ مُرُوجِ خَلِيصَ وَعُسْفانَ هَلِ الْقَتْلُ حَبِيبِي بِيَدَيْكَ حَرَامُ
آهِ خَلِيلِي نَاوِلْنِي الْكَأْسَ فَإِنَّ عِظَامِي تَشْكُو ظَمَأً قَتّالاً. نَاوِلْنِي الْكَأْسَ عَسَاهَا تَمْخُرُ أَدْغالَ رَمَادِي.
نَاوِلْنِيها قَدْ يَنْفَدُ مَا بِقَرارَتِها وَتَظَلُّ ضُلُوعِي تَبْحَثُ عَنْ كَأْسٍ أُخْرَى تُطْفِئُ مَا بِخَمَائِلِها مِنْ لَهَبٍ
ثَجّاجٍ. نَاوِلْنِي الْكَأْسَ وَلاَ تَسْقِ فَيَافِي ذَاتِي سِرًّا إِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَسْقِيَهَا بِالْجَهْرِ فَلَيْسَ عَلَى الْمَجْنُونِ مَلاَمُ
ناوِلْنِي اْلَكْأسَ وَلاَ تَسْأَلْ ما فَعَلَتْ بِشَوارِعِيَ الأَيّامُ.
وجدة: 15/11/1988.
=================================
يَا هَذَا الْجَسَدُ الْمَرْشُوقُ بِعَاصِفَةِ الْحُزْنِ الْقارِسِ مَا فَعَلَتْ بِشَوَارِعِكَ الأَيّامُ
...
أَتُرَى مَا زَالَ هَجِيرُ الصَّحْراءِ يَهُزُّ بِحَارَكَ هَزّا تَسَّاقَطُ أَنْتَ عَلَى كَتِفَيْكَ رَصَاصاً يُشْعِلُ فِي
رِئَتَيْكَ الرُّعْبَ فَيَسْقُطُ مِنْ عَيْنَيْكَ حَمَامٌ وَيَطِيـرُ حَمَامُ.
أَتُرَى مَا زِلْتَ وَراءَك كَالْمَخْمورِ وَفِي الرَّمْلِ الْغَضْبانِ تَسُوخُ حَوَافِرُكَ الظَّمْأى فَإِذا أَشْجَارُ
الْمِلْحِ الْهَائِجِ تُورِقُ فِي عَيْنَيْكَ فَلا جُرْحٌ يُحْيِيكَ وَلاَ يُحْييكَ غَمَامُ
يَا جَسَدي أَنْجَدَ شَوْقِي الفوَّاحُ وَأَتْهَمَ حُزْنِي ضِدَّانِ بِذَاتِي لَنْ يَجْتَمِعا وَشَتَاتِي لَيْسَ لَهُ الدَّهْرَ نِظَامُ
جَسَدِي مَا زَالً بِقَلْبِي يَتَسَكَّعُ هَذَا الصَّدَأُ الفَتّانُ فَكَيْفَ تُطَهِّرُ سَاحَةَ هَذَا الْقَلْبِ الأَحْزانُ وَأنَّى لِي أَنْ
أَحْتَمِيَ الآنَ بِسِتْرِ جَناحَيْ مَلِكِي وَحَبِيبِي وَأَنا مَا زِلْتُ عَلَى كَتِفِي أَحْمِلُ أَحْجَارَكَ هَا ظَهْرِي يَتَقوَّسُ
كَالنَّخْلَةِ إِذْ تَسْجُدُ يَوْماً لِعَزِيفِ الرِّيحِ وَهَا بَيْنَ ضُلُوعِي يَقْصِفُ رَعْدٌ وَتَهُبُّ رِيَاحٌ لَكِنَّ النَّهْرَ الصّافِي
لَمْ يَحْمِلْ هَذِي الذّاتَ بَعِيداً يَا جَسَدي أَنَا مَا زِلْتُ عَلَى كَتِفِي أَحْمِلُ أَحْجَاراً عِنْدَ طُلُوعِ الْغَضَبِ
الْجَبّارِ عَلَى بَلَدي الْمَسْرُوقِ جِهَاراً. بَلَدِي أَعْشَبَ وَادِيهِ وَنَمَّ بِهِ الزَّهْرُ الْفاتِنُ لَكِنْ أَسْأَلُهُ خُبْزاً
يُعطِينِي حَجَراً. بَلَدِي هَذَا الْمَسْرُوقُ وإِنْ جَارَ عَلَيَّ عَزِيزٌ وَالأَهْلُ وَإِنْ قَطَعُوا حَبْلَ الْوَصْلِِِِ عَلَيَّ
كِرامُ
جَسَدي مَنْ يَرْمِيكَ بَعِيداً عَنّي مَنْ يَرْمِيكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِيكَ. هِيَ الآبارُ تَمُرُّ بِها خَيْلِي عِنْدَ اللَّيْلِ
فَلا بِئْرٌ تَأوِيكَ وَلَكِنْ أُسْقَطُ يَبْقَى حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ يَرْبِطُنَا. تَبْقَى أَنْتَ عَلَى الشَّطِّ تُصَافِحُكَ الأَنْسامُ وَلاَ
تُذْكِي فِيكَ لَهِيبَ الثَّوْرَةِ هَذِي الأَنْسَامُ.
مَنْ يَرْمِينِي عَنْكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِينِي ثُمَّ يُدَثِّرُنِي بِسَواقِي الْمَاءِ البَارِدِ مَنْ يَغْسِلُنِي بِشآبِيبِ الْكَأْسِ
عَسَى تُحْرَقُ ذَاتِي عِنْدَ قَرارَتِها الْبَيْضَاءِ فَأَرْتاحَ قَليلاً مِنْ أَدْغالِكَ إِذْ تَمْنَحُ هَذِي الْكَأْسُ الوَهّاجَةُ تَاجَ
الْمُلْكِِ وَأَسْرارَ الْمَلَكوتِ فَمَنْ يَرْمِينِي عَنْكَ بَعِيداً. مَنْ يَرْمِينِي حَتّى أَخْرُجَ مِنّي. هَا إِنِّي أَنْتَفِضُ الآنَ
وأُفْشِي السِّرَّ لأُقْتَلَ بَيْنَ مُرُوجِ خَلِيصَ وَعُسْفانَ هَلِ الْقَتْلُ حَبِيبِي بِيَدَيْكَ حَرَامُ
آهِ خَلِيلِي نَاوِلْنِي الْكَأْسَ فَإِنَّ عِظَامِي تَشْكُو ظَمَأً قَتّالاً. نَاوِلْنِي الْكَأْسَ عَسَاهَا تَمْخُرُ أَدْغالَ رَمَادِي.
نَاوِلْنِيها قَدْ يَنْفَدُ مَا بِقَرارَتِها وَتَظَلُّ ضُلُوعِي تَبْحَثُ عَنْ كَأْسٍ أُخْرَى تُطْفِئُ مَا بِخَمَائِلِها مِنْ لَهَبٍ
ثَجّاجٍ. نَاوِلْنِي الْكَأْسَ وَلاَ تَسْقِ فَيَافِي ذَاتِي سِرًّا إِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَسْقِيَهَا بِالْجَهْرِ فَلَيْسَ عَلَى الْمَجْنُونِ مَلاَمُ
ناوِلْنِي اْلَكْأسَ وَلاَ تَسْأَلْ ما فَعَلَتْ بِشَوارِعِيَ الأَيّامُ.
وجدة: 15/11/1988.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» الرؤوس / محمد علي الرباوي / محمد علي الرباوي
» الْبُسْتَــــــــــــــــــان / محمد علي الرباوي
» الـــــغــــيـــــــــــــــم / محمد علي الرباوي
» الــــغــــــرْبـــــــة / محمد علي الرباوي
» المُــتــمَــــرِّد / محمد علي الرباوي
» الْبُسْتَــــــــــــــــــان / محمد علي الرباوي
» الـــــغــــيـــــــــــــــم / محمد علي الرباوي
» الــــغــــــرْبـــــــة / محمد علي الرباوي
» المُــتــمَــــرِّد / محمد علي الرباوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى