صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.. وأبي كانَ يُرسي الحكايا على راحةٍ مِنْ يدي

اذهب الى الأسفل

.. وأبي كانَ يُرسي الحكايا على راحةٍ مِنْ يدي Empty .. وأبي كانَ يُرسي الحكايا على راحةٍ مِنْ يدي

مُساهمة من طرف عبدالله الإثنين 10 أكتوبر 2016 - 23:31

أتذكر:
.. وأبي كانَ يُرسي الحكايا على راحةٍ مِنْ يدي. يقطفُ الفجرَ مِنْ شهرزادَ ليحكيَ لي كيفَ يَبتردُ الليلُ في مُقلةِ الشَّذراتِ وكيفَ يُناوله قمرٌ ناظرٌ مِنْ أشعَّتِه ما يفيضُ جناحين للذاتِ نورا على الخطراتِ، وكيفَ يُبادلني النَّصُّ ما قدْ أقولُ إلى النَّصِّ مِنْ ضلةٍ للبلاغةِ بينَ العباراتِ. أعرفُ أنَّ البلاغةَ نافرةٌ، كالغزال على وثباتِ الأقاصي، وسافرةٌ بالحجابِ كما جذبات الصَّياصي، وأنَّ النّواصي مُسافرةٌ في البلاغةِ بيني وبين النَّواصي. يُطلُّ كما شرفةٌ تمنحُ الخدَّ للطلِّ. ولادةٌ تحتمي برسالتِها منْ رسالتِها. خطوُها النَّصُّ يخطرُ أندلسا، وابنُ زيدونَ ينظرُ. يا خطوَها كنْ سؤالا إلى قمرٍ يحتمي بأشعَّتِه مِنْ أشعَّتِه كلما احتدمَ النَّصُّ شعرًا وقالَ لكلِّ البلاغةِ يا هيتَ لكْ. ليتَ حرفيَ قبلني حينما قبلكْ. ليتَ لي لغةً أنا واحدةَ الآي كيْ تعدلكْ. يا البلاغة كوني لمفتتح النِّصِّ مسكا وكوني لمختتم قبسا. يا البلاغة.. قالَ ابنُ زيدونَ حتى أقولَ أنا لسلا حكايتَها وأبي، عندَ نافذةِ البحر، دسَّ رسالتَه غلسا
هلْ قرأتُ الرِّسالةَ. نافذةُ البحر نائمةٌ لم تُفقْ بعدُ منَ السَّير ليلا على الماءِ. قالوا: فذاكَ السُّرى. قلتُ: للبحر كلُّ اللغاتِ وما كانَ بحرٌ سَرى حيثُ كانَ سَرى. مُعجميُّونَ حوليَ. لغوٌ غويٌّ عنِ الفرق بينَ السُّرى والسُّرى. وعن الماء يمشي على الماء نافذةً قد تطلُّ على البحر ليلا وقد لا تطلُّ عليَّ. أنا ما قرأتُ الرِّسالةَ بعدُ، ونافذةُ البحر نائمةٌ في يديَّ كأنِّي أنا لا أنا. عمَّتي وهِمتْ .. فأنا لا أنا .. رُبما ضَمَّتِ الآخرَ المُختفي في رُؤايَ يكادُ يَرى، مِنْ وقوفي بنافذةِ البحر ما لا يُرى. ربما شردتْ، لحظةً، فانبرى ما انبرى منْ كلام أخيرٍ عنِ الفرق بيني وبيني. يَمُرُّ المُعزُّونَ. ظلي يَمُرُّ إلى لغةٍ لي تُشيِّعُ منِّي الكلامَ الأخيرَ، وظليَ يأتي على وجع ويُرجّعُه. يا بلاغتيَ المُتدانية/المُتنائية السِّتر. أودعُكِ الليلَ سِرًّا وأودعُه الليلَ سِفرا. يَمُرُّ المُعزُّون. كيفَ أمرُّ بهمْ وأنا لا أنا ؟ تلكَ صورتُه والإطارُ .. فأينَ الجدارُ ؟ قرأتُ على البحر توشيةَ الموج بين الأسَى والأسَى. قالَ: تلكَ الصَّواري تُذكِّرُ أندلسا.
قلتُ:مِنْ أينَ تتخذُ الجهةُ المُستَبدَّةُ مُقتبسًا لالتفاتي إلى جهةِ الحُلم. شِمْتُ صباحي حيالَ الوسادةِ مُختلسًا للأويقاتِ قربَ أبي. أتلمَّسُ شمسَ يديه على نمنماتِ الحواشي تلفُّ الليالي وتكنسُها حيثُما الجهةُ الأبويةُ مُلتمسا. خفقة مِنْ يديه ترشُّ الوسادةَ بالفجر. تُخفي الوسادةُ لمْحًا إلى مُقلتيها صباحًا جرى وانبرى سُوَرًا. يختفي السُّورُ في الجَرةِ الخزفيةِ شبهَ بقايا. أسوِّفُني زورةً لامتداد الكوى ثغرةً في مُطوَّقةِ السُّور. مَنْ أقفلَ البابَ عصرًا ؟ أبي لمْ يعدْ بعدُ مِنْ حكمةِ البحر. ها البحرُ يلقفُ ما اهتاجَ إلا مراكبَ مُهتاجةً بالنِّداءِ النَّديِّ. فهلْ قلتُ: هذي عصاةٌ أهُشُّ بها كلَّما موجةٌ طرأتْ فتهشُّ عليَّ الثغورُ من السُّور نافذةً، وسلا أخرجتْ يدها فإذا هيَ بيضاءُ للناظرين ؟ أقالَ ابنُ عاشرها للخيول: قفي فتدلَّى إليه مدىً، ليسَ مثلَ المدى، وصفةً لفوارسِها السَّائرين ؟ أقلتُ له أنا، والعمرُ ما بيننا حالَ، ما لمْ أقلْ لأبي ؟ تلك صورتُه أيُّهذا الجدارُ مَراكبُ تَرسمُ للبحر بحرًا.. فمَنْ أقفلَ البابَ عصرًا ؟
ومَنْ واقفٌ ؟ بابُ دارتنا مُقفلٌ. الزُّقاقُ يَضيقُ عن الخطو. جارٌ يُحاذي وقوفيَ, يُلقي التحيةَ. كنتُ أهشُّ برأسي كأنِّي أهشُّ على شبح لا يَرانيَ. سوفَ أكرِّرُ ما قلتُ قبلُ إذا ما أهشُّ على موجةٍ أوْ أرشُّ على لوثةِ البابِ ماءَ الحنين أو الجارُ ألقى التَّحيَّةَ مُختصِرًا حكمةَ البحر في كِلمةٍ هيَ واحدةٌ والزُّقاقُ يَضيقُ / يُفيقُ على السَّهو أوْ أنني لمْ أفقْ بعدُ منْ خوفيَ الواحدِ المُتعدِّدِ قربَ الضَّريح. أكررُ ما قلتُه. حَسنًا. إنما لستُ أعرفُ مَنْ غلَّقَ البابَ فجرًا ؟ زمانان أم زمنٌ ذو زمنين يَقدَّان عمْريَ ما بين فجر وعصرٍ، وما بينَ سبتٍ وموتٍ ؟ زمانان أمْ جهتان ولا جهةٌ لي لأعرفَ فيمَ رحيلُ الزُّقاقِ عن الوقتِ ؟ نافذةُ البحر نائمةٌ، مثل طفلٍ يظنُّ أباه أعاد إليه الغطاءَ ودثَّرَه قبلَ أنْ يتنفَّسَ صُبحٌ وأنْ يتلمَّسَ لوحٌ يديه لعلَّ يديه تنامان، شبهَ حَمام، على صدر قافيةٍ تتوسَّدُ صدركَ، أنتَ كنافذةِ البحر نافذةً حيثما أنتَ، غافيةً كيْ تردَّ التَّحيَّةَ. لا أحدٌ في الزُّقاقِ.. فمنْ أقفلَ البابَ عُمْرًا ؟
ومَنْ هاتفٌ بي، وقدْ غلَّقتْ بابَ دارتِنا غِيَرٌ، ليقولَ معي أنا: لا أحدٌ في الزُّقاق ولا أحدٌ في الطريق إلى القلبِ. سَبتٌ هُنا ليدمدمَ سبتا إذا اسْودَّ لا أحدٌ في الطريق؟ ومنْ قاذفٌ جمرةَ العتباتِ إلى الجذباتِ تُحاصرُ هذا الزمانَ بالذكرياتِ وتخفرُه بالشتاتِ المُوزَّع بيني وبيني، ولا أحدٌ في الطريق إليَّ هُنا. لا أرى أحدًا خارجا من دمي / داخلا في دمي. لا أرى أحدًا. الزُّقاقُ على كتفيَّ امتدادُ العُيون. يَمُرُّ المُعزُّونَ. ينتَشرونَ بأرضِكَ. لا أرضَ لي. كتفايَ إلى صخرةٍ تتدحْرجُ بي منْ أنايَ إلى لا أناي. تذكَّرتُ سيزيفَ. قلتُ: أوظِّفُ أسطورتَه ليقولَ ليَ النقدُ إنَّ الحداثةَ وسمُ هذي الجداريةِ المُستسرَّةِ معنايَ عندَ غِوايةِ معنايَ. عدتُ أقولُ: وما الفرقُ بينَ رئيٍّ قصيدتُه الرَّمزُ أدركتُ سيَّابَه في الخليج غريبا وبينَ جداريةٍ قالَ " محمود درويش " لفحتَها في الطريق إلى القلبِ ؟ ما الفرقُ بين جدار تكوَّمَ، عند الصَّدى وجدار إذا انزاحَ عنْ صورةٍ لأبي وأراحَ على كتفيَّ سؤالا لمَنْ أوصدَ البابَ جمرا ..
ولي كلُّ أسئلةِ الأمس حينَ رأيتُ أبي، في الهزيع الأخير منَ الليل يأتي، على حذر، ويُطلُّ عليَّ ويَبسمُ ثمَّ يُواربُ بابًا لحُجرتيَ الفوضويَّةِ حتَّى أنامَ، كما الليلُ يَحرسُه قمرٌ شاعرٌ مِنْ نُجومٍ تقودُ القوافي إليه، وحتَّى أراودَ حُلمَ التَّفاعيل عنْ نفسِه، وأردَّ على البحر أسئلةَ الأمس حينَ أفيقُ على حذرٍ؛ ويدِقُّ الصَّباحُ بكلِّ الفراشاتِ، منذورةً للبَهاء، إذا ما تُرقرقُ سيدةٌ للبهاءِ وشاحَ القصيدةِ منْ وجعي يا وشاحَ جداريةٍ أسكنُ, الآنَ، جمرتَها في الطريق إلى القلبِ .. قلبي الذي كانَ قلبي، وفوضايَ تنسجُ شالَ القصيدِ لمعنايَ .. يا وجعَ الأغنياتِ التي رسمتْها الفراشاتُ، مبهورةً بالوشاح، على شفةِ النهر. رقراقُ يا وجعَ الماء أذكرُ أنَّا التقينا، كما نحنُ، في الزُّرقةِ الشَّاعريةِ. كنتَ توكأتَ، سرًّا، على الماءِ حتى انكسرتَ، وكنتُ توكأتُ، شعرًا، عليكَ إذا ما انكسرتُ. فمَنْ جابرٌ كسرَنا الشذريَّ ؟ ومنْ كاسرٌ قامةَ الماء يا صاحبي ؟ أملكُ، الآنَ، خيلا على الماء تَلهثُ: مَنْ أرصدَ البابَ كسرا ؟
ولي أنْ أعودَ إلى الرِّيح تَعبثُ بالموج. هذي المراكبُ بالأطلسيِّ تُحيط. أحيط بمنسأةِ الرِّيح تقفو إلى الخيل جاريةً وتُقفِّي عليها بعاريةٍ لي. أعرتُ المراكبَ بعضَ انتباهي إلى الماء. قالتْ ليَ الرِّيحُ: كيفَ سلا لا يجيشُ بها خاطرٌ. قلتُ للبحر: ما كانَ قولُكَ ؟ قالَ: على برزخ منْ جُمان تَمدَّدَ سِفرٌ من الأرجُوان فكيفَ سلا ليسَ تُجهشُ بالبحر يا صدرَها الشَّاعريَّ ويا سِفرَها قبلما المدُّ والجزرُ أوْ قبلَما وثبَ الحبرُ يا صاحبي ؟ أملكُ، الآنَ، لونَ الكلام. أذاك سوادٌ على طرةٍ خارجَ النصِّ أمْ أنَّ منها خروما تُكسِّرُ منها الدلالةَ ؟ شيءٌ، ولستُ مُحدِّدَه، يَتحَركُ ضِدَّ السِّياقِ. يَشكُّ. يَفكُّ عَناوينَ لي. ثَمَّ شيءٌ، ولستُ مُعدِّدَه، يَتشابكُ، عَمْدًا، ومَعنايَ. يا أنتَ حكِّكْ غمامَكَ حتَّى تَردَّ الدلالةَ عَنْ غيِّها ثُمَّ أدركْ كلامَكَ مِنْ خارج النَّصِّ واشبكْ بعُروتِه جُملةَ البحر في كتبِ النَّحوِ واسلكْ تآويلَ ذاتِكَ كيْ تَرتديكَ البلاغةُ ثوبا إذا اتَّسعتْ رؤيةٌ اختفتِ اللغةُ/الجسرُ حتَّى تَخافَ. فَفيمَ اختفى البابُ جِسرا ؟
وإنْ لمْ تسعكَ العبارةُ ماذا تقولُ لكهفكِ يَمشي بقربِكَ ؟ هلْ كانتِ الشَّمسُ تَزَّاورُ الآنَ عنْ بابِ حتفِكِ أمْ أنَّ نافذةَ البحر تلغو بطرفِكَ حتى ترى الجسرَ يرسو على ماءِ خوفِك ؟ ماءٌ كما الماءُ. ساقان تَستبقان الكلامَ إلى لثغة الوقتِ. ماءٌ بكلِّ الحكايةِ يقتادُ طيفَكَ مِنْ يدِ طيفِكَ. ماذا وراءَ السِّتارةِ ؟ عينٌ كتاريخِ قربِكَ يمشي بقربِكَ، فاخلدْ إليكَ لتقرأ ما النفريُّ أتى موقفا ومخاطبةً. المراكبُ تغرقُ. أوقفَني. ليسَ يَسلمُ منْ ركبَ البحرَ. أوقفَني. غرقتْ ذاتُ ذاتِكَ حينَ ركبتَ فلا تلقِ نفسكَ فيه خوفَ حجابٍ. إذا ما أقلَّكَ بحرٌ فظاهرُه الضَّوءُ إنْ ظلمةٌ قعرُه ثُمَّ بينَهما الحوتُ، جمعا، فأنَّاكَ مُستأمنٌ أنتَ حيتانه؟ المراكبُ تغرقُ. أوقفَني. لستَ تركبُ إلا هلكتَ، فهلْ تَستدلُّ إذا الموجُ ساح على السَّاحل ؟ هلْ مُخاطرةٌ في إهابِ النَّجاةِ إلى نازل ؟ سوفَ أخلدُ مثلي إليَّ لأقرأ ما النِّفريُّ أتى ولأدرأ عنِّي العبارةَ لا تركبُ البحرَ لكنها تسحبُ الكهفَ منْ يدِه. كانَ نعشٌ بقربي فهلْ كانَ نعشيَ والبابُ ينهارُ قبرا ؟
وما وسعتني العِبارةُ. مَرَّ المُعزُّون. بحرٌ ولا بحرَ أركبُه أنا. وحدي أرى المراكبَ عندَ الخِضمِّ المُحيطِ تُحدِّقُ في الأفق. وحدي أنا. تتدانى المراكبُ أو تتنادى. وللانهائيِّ مِنْ زُرقةِ الخيطِ ما يصلُ الخيلَ بالخيل، والليلَ بالليلِ. كيفَ النَّهارُ إلى العتباتِ، ولا بابَ لي ؟ الزُّقاقُ الذي كانَ يُسلمُني لغةَ الخرقِ أسلمَني، كالهَباءِ، إلى وقفةٍ للعَراءِ. تلفَّتَ جارٌ إليَّ ليسألني عَنْ حُدودِ الجِدار، وعنْ جذوةٍ للسَّرابِ بأخيلَتي وبنافذَتي، وعنِ الظلِّ يأخُذني أنا، مِنْ صورةٍ لي، إلى وثباتِ المَسافةِ ظلا وعَنِّي. أحدِّقُ فيه مليا، وَأوشِكُ أنْ أوسِعَ القولَ حتَّى أحَدِّثَه عَنْ عُيونِ منَ الشَّوقِ تأرقُ، ثمَّ عنِ الأفقِ بينَ المَراكبِ يغرقُ. أوشكتُ قولا وما قلتُ. هلْ ضحكَ الموتُ؟ أحنو على خطوتي في الطريق إلى القلبِ. مَوتٌ يُوَثِّقُ خارطةَ الخطو. يَفْتِقُها ثُمَّ يَرتِقُها .. يَتحَقَّقُ في غَفوةِ المَوج عَنْ سفَر البَحر في البَحرِ. مَوتٌ، وهَذا الزُّقاقُ يَضُمُّ الجَناحين، محوًا، على موتِه الحَجريِّ. أقولُ .. وما وسعتني العِبارةُ بابا تَأوَّلَ أمرا ..
لماذا تقولُ لكهفكَ يا صاحبي. أمسِ. هلْ نِمتَ أمس؟ هلْ فرَّ منكَ الزُّقاقُ إذا أنتَ تخطو إلى الحُلم ؟ هلْ كنتَ تسطو على الوهم حينَ اقتربتَ مِنَ الليل ؟ خطوكَ في الليل قرطٌ تدلى، وللنجم جيدٌ، وما أنتَ تعرفُ كمْ نجمة تترقى إلى قرطِها في الأفق الرّخو. ما أنتَ تذرفُ دمعتكَ الهُدهُدِيَّةَ. ما أنتَ تعرفُ كم دمعة في الطريق إليكَ ؟ طريقٌ على كتفيه استقامَ بعِثيَره الخطُّ وما احْدودبَ المتنُ منه. قناةُ النهائيِّ في اللانهائيِّ تشحذُ شفرتَها. غنمٌ في الطريق فهاتِ العَصاة لتلقفَ مؤتفكا ولتندفَ مُشتبكا في الطريق إليكَ. طريقٌ على كتفيكَ يُوقِّعُ نبضَ الغبار لينفَضَّ مجلسُه الدَّمويُّ. أكنتَ وقعتَ بمُنتصفِ الحُبِّ بينَ السُّؤالِ عن البابِ أم بينَ بابِ السُّؤال عن الحُبِّ عند الطريق إليَّ أنا ؟ كتفاكَ إلى كتفيه وأسطورةٌ للتَّماهي حيال المتاهةِ أمْ كتفاه إلى كتفيكَ ؟ وما الفرقُ ؟ ماذا تقولُ إذا كتفايَ على الأفق الرخو تَختصران الطريقَ إليكَ وحرفُكَ كهفُكَ ؟ هذا الزَّقاقُ وحيدٌ ويُشبهُني واقفا يَطرقُ البابَ ذِكرا ..
سأخرجُ مِنْ خَوفيَ الملكيِّ قليلا لأسألَ جارًا عنِ الوقتِ عندَ الزُّقاق وأسألَه عنْ تَحيَّتِه ولماذا تَشرَّبَها الحُزنُ حُزنا جميلا لعلِّي سأسألُ عنْ شذرةٍ للطفولةِ كانتْ هنا، ولعلِّي سأسألُه عنْ فراشاتيَ اللغويةِ تكتبُ شعرًا على ما تبقَّى منَ الليل في ردهةِ العُمر هلْ كانَ آنسَها تختفي خلفَ بابيَ تمكرُ بي وأنا لستُ أعرفُ فيمَ تَحيةُ جاري تُحدِّقُ فِيَّ طويلا. سأمزجُ حُلما بحُلمٍ. سأخرجُ منِّي قليلا لأحْدقَ بي ضِلَّةً ودليلا. نظرتُ إلى ورقٍ في يد الجار. قلتُ: لعلَّ به ضحكةً وعويلا. وقلتُ: لمَ الوَرقُ المُتكوِّمُ في يدٍ جاري تَكوَّمَ بينَ يديَّ، وحينَ أرحتُ يديَّ على صدريَ المُتلفِّعِ بالجَمراتِ استحالَ حَماما وألقى تحيَّتَه سجعة وهديلا ؟ لمَ الوُرْقُ تهدلُ قربَ دمي وتطيرُ إلى جبهةِ الدَّار تنقرُ قرميدَها الأخضرَ المُشرئِبَّ إليَّ وقدْ أطرقتْ نظرةُ منه، لا الدارُ دارٌ، ولا ثَمَّ نافذةٌ لي ودرجٌ سأصعدُه لأراني، ولا ساحةٌ لتراني وأمِّي بخُطوتِها تصعدُ العُمرَ فجرًا جليلا. سأعرجُ كيْ أسألَ الجارَ كيفَ تحيَّتُه أنشبتْ فِيَّ ظفرا ..
ولا أتذكرُ أنِّيَ قلتُ له ما زعمتُ. ملامحُ غائمةٌ تَترصَّدُني كلما أتذكرُ أنِّي عزمتُ أردُّ التَّحيةَ. لا أذكرُ النَّصَّ إلا ملامحَ قائمةً في الممرِّ إلى عتباتِ الضَّريح، وما أنا أذكرُ بحرًا ترنَّحَ منْ موجه المُتوجِّع إلا عبرتُ أناي إلى عتباتِ ضَريح على قدميه أماط الحجابَ سفيرٌ منَ البحر كيْ يستقرَّ حجابا أمامَ الرَّدى. هزَّني الشَّيخُ. أوقفني ورمى بالنِّصال لتكسرَ ما بانَ حرفا وقد بانَ طيفا وأوقفني المُتنبِّي على الميم تبكي وقالَ: تَخيَّرْ رَويَّكَ ميما مِنَ الأمِّ ثمَّ انتشرْ في القصيدةِ ما شئتَ يا صاحبي، واختصركَ حُروفا إلى الميم تُنمى كما كانَ حُزني على الميم سهما. رمى بالنصال، وأوقفني في المتاهةِ قوسا وغُنما، وولَّى، على قدر، حيثما البحرُ يُلقي التحيَّةَ، والموجُ للموج ينظرُ. لا أحدٌ في الطريق إلى القلب. لا أحدٌ، واحتمى زبدٌ بغرابته وانتشى بغوايته زبدٌ. كيفَ تنظرُ ما ليسَ يخطرُ يا البحرُ ؟ قلتُ. رمى الشيخُ مِنسأةً، بيديه، وهمَّ بما التقفتْ قبلَ أن يستوي واقفا: للحجابِ مآربُ. هاتِ إلى البابِ بحرا ..
وهاتِ كتابكَ. دونكَ بيدٌ ومِنْ دونِها البيدُ. هاتِ كتابًا لنقرأ ما تركَ البحرُ للسَّائرين مِنَ الضَّوء كيْ يخدشوا ذلكَ الرملَ بالموج. هاتكَ. أيُّهُمَا البيدُ ؟ بحرٌ وحبرٌ أم الرملُ والخيلُ ؟ أيُّهُمَا ورقٌ للوجود، وللنقطةِ الأوليَّةِ، واللقطةِ الشاعريَّةِ منذُ وقوفكَ بابا على أول السَّطر طيَّ الكتابِ ؟ وأيُّهُمَا حائرٌ كيفَ ينسجُ نافذةً لمحارٍ على ساحل البحر يرهجُ ؟ أوقفني، فأتى الموجُ يقفو خطايَ إلى عتباتِ الضَّريح كما أقتفي ظليَ المُتمدَّدَ بيني وبيني بنافذةٍ مِنْ رؤايَ ومنْ دمعةٍ ترتدي مُبتدايَ إلى مُنتهايَ وبشاحذةٍ مُديةَ الوقتِ تُفرزُها لأسايَ أنا ثمَّ تغرزُها في سَمايَ بخاصرتي. أنا لا صدرَ لي. مُلتقايَ التطامُ الهواجس. أمِّي إلى سَفر، وأبي كانَ دومًا على سفرٍ. أفكنتُ مَهبًّا لريح تُزمْجرُ بي، منذُ نِمتُ وما نمتُ حينَ أبي كانَ دثَّرني في الهزيع الأخير من الليل، واختصرَ العُمْرَ أمْ أنني، الآنَ، كنتُ مُكبًّا على عمَّتي وهْيَ تَحضنُ منِّي رِدايَ / رَدايَ وتَحْضُنُ خشعَتها لتُكفكفَ دمعتَها ؟ هاتِ بابيَ صبرا ..
يَمرُّ المُعزُّونَ: صبرٌا. أغَمغِمُ. لا لغةٌ لي. أشدُّ على هذه اليدِ تَمتدُّ، ثُمَّ على تلكَ تَشتدُّ تضغطُ: صبرًا. أحَملقُ في لغةٍ لا تقولُ كأنِّي أقولُ لقلبيَ: صبرًا. يَموتُ الكلامُ على شفتيكَ أيا السّبتُ. صَوتٌ وفوتٌ، ولا لغةٌ لي. كأنِّي يَمُرُّ الحَمامُ بنافذةٍ، كنتُ أوقفتُها قربَ قلبي، يُشيِّعُ منها النوارسَ تهجعُ للبحر في رحلةٍ للنهائيِّ في اللانهائيِّ. قالَ ليَ النقدُ: أنتَ تُكرِّرُ ما جاءَ في خببٍ كانَ منكَ إليكَ، فُويقَ، بمعنى ومبنى وفي ذاكَ مَفسدةٌ للرُّواء منَ الشِّعر، يا الشَّاعرُ العَمُوديُّ بينَ قصائدِه، أيّ مَفسدةٍ. قلتُ: لكنها لمْ تكنْ غيرَ نافذةٍ ليَ واحدةٍ أكتفي بالوقوفِ إليها أطلُّ عليَّ، ففيمَ العراءُ عراءٌ بكلِّ الجهاتِ ؟ وفيمَ النِّداءُ عَصيٌّ بكلِّ اللغاتِ، ولا لغةٌ لي ؟ وفيمَ النَّوارسُ تَستبقُ البحرَ كيْ لا تموت ؟ وفيمَ مُراوحةُ الشَّمس، واجفةً، بين أفق وأفق، وما بينَ بَرق وبَرق. هيَ الشَّمسُ سَوداءُ. قالَ لي المُتنبِّي. سألتكَ عفوًا. أكرِّرُ ما قلتُ؟ لكنه المُتنبِّئُ يا صاحبي. يَمرُّ المُعزُّونَ: صبرًا. تَلفَّتُ أبحثُ ثَمَّةَ عنِّيَ صدرا ..
تلفّتُ أبحثُ عنْ يدِ أمِّي تَردُّ عليَّ الليالي ولُبسًا أتى المُتنبيِّ فقالَ: هيَ الشَّمسُ سوداءُ. لكنني لستُ أبغي الإمارةَ تسعى وتُجرِّرُ أذيالَها. لا قصيدةَ لي في أبي المسكِ تنثرُ أحوالها. لا أريدُ أنا أيَّ شيءٍ مِنَ المُتنبيِّ سوى كبرياءِ القصيدةِ تَعبُرُ أوصالَها، فكأنِّي أضُمُّ إليَّ، على البُعدِ، أطلالَها. أتلفَّتُ أبحثُ عنْ يَدِ أمِّي تُهدهدُ منِّي الصَّباحَ إذا ما أفقتُ، ولمَّا أجدْ قربَ شَمسِ الصَّباح أبي، ثمَّ تُلقي على كلِّ أسْئلتي شالَها. لا أريدُ أنا أيَّ شيءٍ منَ الشِّعر إلا وشاحًا منَ الحُبِّ. هذا الزُّقاقُ يُسافرُ في الجَدبِ. سُقيا لقلبي. أقولُ لقلبي، ولا يدَ للماء تنسابُ فوقَ يدي لتُروِّي منازلَها. تتقافزُ كلَّ الأيادي لتوخزَ قلبيَ، واللانهائيُّ وسمُ النهائيِّ في جرَّةٍ تتأملُ مَعنايَ كيْ تتمثَّلَ مَعنايَ. لا يدَ لي كيْ أقفِّي على الحُبِّ طيَّ وشاحٍ منَ الشِّعر. لا فقدَ إلا حمامٌ يطيرُ إليَّ بقافيتي ويحطُّ على شفتي ليُلملمَ تَسآلها. يقفُ الليلُ فوقَ جبيني، فأنىَّ شخصتُ بعينيَّ ما نكصتْ وقفاتٌ، وأنَّى نكصتُ إليَّ سرى الليلُ كالليل قفرًا ..


مصطفى الشليح
عبدالله
عبدالله

ذكر عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى