لكم جبرانكم.. ولي جبراني!
صفحة 1 من اصل 1
لكم جبرانكم.. ولي جبراني!
خمسون نصا للشاعر الذي مازال يشغل اللبنانيين
جبران خليل جبران
إذا كان جبران خليل جبران أهم او أشهر اديب لبناني في القرن العشرين، فإن
هذا الأديب مازال يحيط بسيرته غموض والتباس حتى الآن. فالباحثون في سيرته
يضطربون او يتناقضون أحيانا، وكأن هناك اكثر من جبران واحد يجري تناوله
وابحث في أمره، والى مثل ذلك يشير الباحث جان داية في كتابه الجديد «لكم
جبرانكم ولي جبراني»، في محاولة منه لتبديد الكثير من المعلومات الخاطئة
المتداولة في شأنه، ولإرساء سيرة جبرانية جديدة مختلفة، او لنقل مسيرة
جبرانية تؤيدها الوثائق والمستندات. يعود جان داية الىالوثائق المخطوطة في
الإدارة والاكاديميات الأميركية عن جبران، وكذلك الى الدوريات العربية
التي كانت تصدر في المهجر الشمالي الاميركي زمن جبران، والتي كان يكتب
فيها او في اكثرها جبران، ليكتشف من يصحح صورة «جبران الآخرين»، وما يساهم
في ارساء هذه الصورة على صراط علمي لا على اشاعات او رغبات. فالمعروف ان
جبران خضع على أيدي الكثير من اللبنانيين الى عمليات «جراحية» أفقدته
احيانا ملامح أساسية فيه. ولم تكن هذه العمليات بعيدة في اكثر الاحيان عن
السياسة او الايديولوجيا، كما لم تكن بعيدة عن التعسف. وقد اساءت هذه
العمليات في الواقع الى جبران ولم تحسن اليه. وكيف تحسن اليه وقد شوهت
ملامحه وجعلته ينطق بما لم ينطق به، وينحاز الى ما لم ينحز إليه؟
يتناول
كتاب جان داية جوانب مختلفة في مسيرة جبران. من كتابات كثيرة لجبران،
بعضها منشور وبعضها الآخر مجهول، يستنتج الباحث ان جبران لم يكن حزينا
مقطب الوجه، متطرفا في الرصانة، لا يعرف الضحك، بل كان فكها وساخرا في
كتاباته، ويتناول الخمر في ساعات صفائه.
كما كان خطيبا يكاد يحترف
الخطابة في المنابر، على عكس الشائع عنه. لقد اشترك في معظم الحفلات
الخطابية السياسية والاجتماعية التي كانت تقيمها الجالية
السورية-اللبنانية في بوسطن ونيويورك. وكان في معظم الاحيان يرتجل خطبه.
ويكتشف الباحث ان كاملة اسطفان عبدالقادر رحمة، والدة جبران، تزوجت مرتين
قبل زواجها من خليل جبران، والد جبران.
وانها هي الميسورة في لبنان (او
من الطبقة الوسطى) عملت خادمة في المنازل في بوسطن لاعالة عائلتها المكونة
من جبران وشقيقه وشقيقتيه. ومما يكتشفه الباحث ان جبران كان صحفيا متفرغا
للصحافة في «المهاجر»، وشبه متفرغ في «الفنون» و«السائح» و«مرآة الغرب»،
وهي صحف عربية كانت تصدر من اميركا، وان مضمون معظم كتب جبران العربية من
«دمعة وابتسامة» و«الارواح المتمردة» و«الاجنحة المتكسرة»، الى «العواصف»،
و«البدائع والطرائف»، قد نشر في الدوريات قبل ان يعاد نشره في الكتب،
ناهيك عن ان «الفنون» والاعداد السنوية الممتازة لجريدة «السائح» وبعض
اعداد «المهاجر»، واحد اعداد «الهلال»، استفادت من موهبة جبران الفنية،
وبخاصة في الرسوم المصاحبة لمقالاته، او المنشورة على الاغلفة. ويقول
الباحث: «يقتصر جبرانكم في كتبكم على الفصول الدراسية من دون الوثائق
الجبرانية المجهولة او المنشورة للمرة الاولى. واذا نشرتم بعض الكتابات
الجبرانية في كتبكم، فليس قبل ان تقيدوا صياغة بعض العبارات او تحذفوا
البعض الآخر، اضافة الى اجراء تغيير، او بالاحرى تزوير في المصطلحات
المتداولة في قاموس السياسة وعلم الاجتماع. اما جبراني في هذا الكتاب، فهو
شريك في تأليفه بمعنى وجود خمسين نصا مجهولا له كاملة، ومذيلة باسم المصدر
المنقولة عنه، مع ذكر تاريخ العدد اذا كان جريدة او مجلة. على ان من اهم
كشوف الكتاب، ان الرابطة التعليمية التي ذاع صيتها وشاع، والتي كانت تضم
نخبة الادباء والشعراء السوريين واللبنايين في الولايات المتحدة قد تألفت
لاول مرة عام 1916، وليس عام 1930، كما يقول ميخائيل نعيمة في كتابه
«سبعون»، نعيمة لا يأتي بالمرة على ذكر رابطة قلمية اولى تأسست عام 1912،
وكان جبران والريحاني عضوين فيها ويوقعان مقالاتهما في الصحف المهجرية
باسم كل منهما، وتحته عبارة عضو في الرابطة القلمية. ولكن عبدالمسيح حداد
صاحب «السائح»، وهو ركن من اركانها، وجريدته كانت احد منبري «الرابطة»
الرسمي، يذكر انها ولدت في الحرب، ولم تستمر بسبب نجيب دياب صاحب «مرآة
الغرب» الذي لا يتفق معهم في الفكر والشعور، كما ذكر. كلام حداد يؤكد ان
الرابطة الثانية هي نفسها الرابطة الاولى. ولكن نعيمة في «سبعون» تجاهل
الاولى واعتبر الثانية لغرض في نفسه، هي الرابطة القلمية الاولى
والاخيرة.. نعيمة، كما هو
معروف كان السكرتير العام للرابطة عام 1920، وهو الذي وضع لها بيانها، في حين كان جبران هو عميدها.
الجدير
بالذكر، ان «منظّر» الرابطة القلمية الأولى كان أمين مشرق في حين كان
نعيمة «منظر» الرابطة القلمية الأولى. ولكن التنظير عند الاثنين كان واحدا
تقريبا، هو الثورة على اللغة البائدة المنحطة والأدب القديم والدعوة الى
لغة عربية متجددة والى أدب حديث.
يقول أمين مشرق: «ليست اللغة العربية
إلها ولا شيطانا ولا جنّا، هي لغة كباقي اللغات، تنحط الى أدنى الدركات،
وتسمو الى أعلى الدرجات، وتموت بموت شعبها، وتحيا بحياة المتكلمين بها».
ويضيف: «ان اعضاء الرابطة شرعوا بتهيئة اللغة العربية لطورها الجديد
الآتي»، وفي الشعر والأدب قال مشرق: «ان غاية الرابطة هي المحافظة على
الجرثومة الباقية من آداب اللغة وتغذيتها بالجديد المفيد، وتنقيتها من
العقيم البليد.
نعيمة في البيان الذي وضعه لـ «الرابطة» التي أسست عام
1920 قال ان الرابطة عامدة الى احياء الأدب واللغة معا. لماذا؟ «لأن ليس
كل من حرر مقالا أو نظم قصيدة موزونة بالأديب». وفي الوقت الذي أكد ان
الروح التي تحاول بكل قواها حصر الآداب واللغة العربية ضمن دائرة تقليد
القدماء في المعنى والمبني هي في عرفنا سوس ينخر جسم آدابنا فلا نقصد بذلك
قطع كل علاقة مع الاقدمين. فبينهم من فطاحل الشعراء والمفكرين من ستبقى
اشعارهم وأفكارهم مصدر الهام الكثيرين غدا وبعد غد.
اما لماذا أسست
الرابطة القلمية عام 1916 وتوقفت بعد اشهر، فالباحث جان داية يعزو السبب
الى انشغال اعضائها «بلجنة تحرير سوريا وجبل لبنان» السياسية، وكان في
طليعة مؤسسيها جبران وأمين الريحاني وأمين مشرق الذي كتب بيانها الأول.
نعيمة لم ينتسب الى الرابطة عند تأسيسها عام 1916، ولكنه انتسب اليها عند
استئناف نشاطها عام 1920 وكتب بيانها الثاني. اما الريحاني الذي كان عضوا
في الأولى فقد غاب عنها بسبب انشغاله في مشاريع كتابيه باللغة الانكليزية
واعداده العدة لمغادرة نيويورك والعودة الى الوطن، وسياحاته في الجزيرة
العربية.
هذا الى جانب الكثير من المعلومات والتصويبات التي يتضمنها الكتاب.
جهاد فاضل
جبران خليل جبران
إذا كان جبران خليل جبران أهم او أشهر اديب لبناني في القرن العشرين، فإن
هذا الأديب مازال يحيط بسيرته غموض والتباس حتى الآن. فالباحثون في سيرته
يضطربون او يتناقضون أحيانا، وكأن هناك اكثر من جبران واحد يجري تناوله
وابحث في أمره، والى مثل ذلك يشير الباحث جان داية في كتابه الجديد «لكم
جبرانكم ولي جبراني»، في محاولة منه لتبديد الكثير من المعلومات الخاطئة
المتداولة في شأنه، ولإرساء سيرة جبرانية جديدة مختلفة، او لنقل مسيرة
جبرانية تؤيدها الوثائق والمستندات. يعود جان داية الىالوثائق المخطوطة في
الإدارة والاكاديميات الأميركية عن جبران، وكذلك الى الدوريات العربية
التي كانت تصدر في المهجر الشمالي الاميركي زمن جبران، والتي كان يكتب
فيها او في اكثرها جبران، ليكتشف من يصحح صورة «جبران الآخرين»، وما يساهم
في ارساء هذه الصورة على صراط علمي لا على اشاعات او رغبات. فالمعروف ان
جبران خضع على أيدي الكثير من اللبنانيين الى عمليات «جراحية» أفقدته
احيانا ملامح أساسية فيه. ولم تكن هذه العمليات بعيدة في اكثر الاحيان عن
السياسة او الايديولوجيا، كما لم تكن بعيدة عن التعسف. وقد اساءت هذه
العمليات في الواقع الى جبران ولم تحسن اليه. وكيف تحسن اليه وقد شوهت
ملامحه وجعلته ينطق بما لم ينطق به، وينحاز الى ما لم ينحز إليه؟
يتناول
كتاب جان داية جوانب مختلفة في مسيرة جبران. من كتابات كثيرة لجبران،
بعضها منشور وبعضها الآخر مجهول، يستنتج الباحث ان جبران لم يكن حزينا
مقطب الوجه، متطرفا في الرصانة، لا يعرف الضحك، بل كان فكها وساخرا في
كتاباته، ويتناول الخمر في ساعات صفائه.
كما كان خطيبا يكاد يحترف
الخطابة في المنابر، على عكس الشائع عنه. لقد اشترك في معظم الحفلات
الخطابية السياسية والاجتماعية التي كانت تقيمها الجالية
السورية-اللبنانية في بوسطن ونيويورك. وكان في معظم الاحيان يرتجل خطبه.
ويكتشف الباحث ان كاملة اسطفان عبدالقادر رحمة، والدة جبران، تزوجت مرتين
قبل زواجها من خليل جبران، والد جبران.
وانها هي الميسورة في لبنان (او
من الطبقة الوسطى) عملت خادمة في المنازل في بوسطن لاعالة عائلتها المكونة
من جبران وشقيقه وشقيقتيه. ومما يكتشفه الباحث ان جبران كان صحفيا متفرغا
للصحافة في «المهاجر»، وشبه متفرغ في «الفنون» و«السائح» و«مرآة الغرب»،
وهي صحف عربية كانت تصدر من اميركا، وان مضمون معظم كتب جبران العربية من
«دمعة وابتسامة» و«الارواح المتمردة» و«الاجنحة المتكسرة»، الى «العواصف»،
و«البدائع والطرائف»، قد نشر في الدوريات قبل ان يعاد نشره في الكتب،
ناهيك عن ان «الفنون» والاعداد السنوية الممتازة لجريدة «السائح» وبعض
اعداد «المهاجر»، واحد اعداد «الهلال»، استفادت من موهبة جبران الفنية،
وبخاصة في الرسوم المصاحبة لمقالاته، او المنشورة على الاغلفة. ويقول
الباحث: «يقتصر جبرانكم في كتبكم على الفصول الدراسية من دون الوثائق
الجبرانية المجهولة او المنشورة للمرة الاولى. واذا نشرتم بعض الكتابات
الجبرانية في كتبكم، فليس قبل ان تقيدوا صياغة بعض العبارات او تحذفوا
البعض الآخر، اضافة الى اجراء تغيير، او بالاحرى تزوير في المصطلحات
المتداولة في قاموس السياسة وعلم الاجتماع. اما جبراني في هذا الكتاب، فهو
شريك في تأليفه بمعنى وجود خمسين نصا مجهولا له كاملة، ومذيلة باسم المصدر
المنقولة عنه، مع ذكر تاريخ العدد اذا كان جريدة او مجلة. على ان من اهم
كشوف الكتاب، ان الرابطة التعليمية التي ذاع صيتها وشاع، والتي كانت تضم
نخبة الادباء والشعراء السوريين واللبنايين في الولايات المتحدة قد تألفت
لاول مرة عام 1916، وليس عام 1930، كما يقول ميخائيل نعيمة في كتابه
«سبعون»، نعيمة لا يأتي بالمرة على ذكر رابطة قلمية اولى تأسست عام 1912،
وكان جبران والريحاني عضوين فيها ويوقعان مقالاتهما في الصحف المهجرية
باسم كل منهما، وتحته عبارة عضو في الرابطة القلمية. ولكن عبدالمسيح حداد
صاحب «السائح»، وهو ركن من اركانها، وجريدته كانت احد منبري «الرابطة»
الرسمي، يذكر انها ولدت في الحرب، ولم تستمر بسبب نجيب دياب صاحب «مرآة
الغرب» الذي لا يتفق معهم في الفكر والشعور، كما ذكر. كلام حداد يؤكد ان
الرابطة الثانية هي نفسها الرابطة الاولى. ولكن نعيمة في «سبعون» تجاهل
الاولى واعتبر الثانية لغرض في نفسه، هي الرابطة القلمية الاولى
والاخيرة.. نعيمة، كما هو
معروف كان السكرتير العام للرابطة عام 1920، وهو الذي وضع لها بيانها، في حين كان جبران هو عميدها.
الجدير
بالذكر، ان «منظّر» الرابطة القلمية الأولى كان أمين مشرق في حين كان
نعيمة «منظر» الرابطة القلمية الأولى. ولكن التنظير عند الاثنين كان واحدا
تقريبا، هو الثورة على اللغة البائدة المنحطة والأدب القديم والدعوة الى
لغة عربية متجددة والى أدب حديث.
يقول أمين مشرق: «ليست اللغة العربية
إلها ولا شيطانا ولا جنّا، هي لغة كباقي اللغات، تنحط الى أدنى الدركات،
وتسمو الى أعلى الدرجات، وتموت بموت شعبها، وتحيا بحياة المتكلمين بها».
ويضيف: «ان اعضاء الرابطة شرعوا بتهيئة اللغة العربية لطورها الجديد
الآتي»، وفي الشعر والأدب قال مشرق: «ان غاية الرابطة هي المحافظة على
الجرثومة الباقية من آداب اللغة وتغذيتها بالجديد المفيد، وتنقيتها من
العقيم البليد.
نعيمة في البيان الذي وضعه لـ «الرابطة» التي أسست عام
1920 قال ان الرابطة عامدة الى احياء الأدب واللغة معا. لماذا؟ «لأن ليس
كل من حرر مقالا أو نظم قصيدة موزونة بالأديب». وفي الوقت الذي أكد ان
الروح التي تحاول بكل قواها حصر الآداب واللغة العربية ضمن دائرة تقليد
القدماء في المعنى والمبني هي في عرفنا سوس ينخر جسم آدابنا فلا نقصد بذلك
قطع كل علاقة مع الاقدمين. فبينهم من فطاحل الشعراء والمفكرين من ستبقى
اشعارهم وأفكارهم مصدر الهام الكثيرين غدا وبعد غد.
اما لماذا أسست
الرابطة القلمية عام 1916 وتوقفت بعد اشهر، فالباحث جان داية يعزو السبب
الى انشغال اعضائها «بلجنة تحرير سوريا وجبل لبنان» السياسية، وكان في
طليعة مؤسسيها جبران وأمين الريحاني وأمين مشرق الذي كتب بيانها الأول.
نعيمة لم ينتسب الى الرابطة عند تأسيسها عام 1916، ولكنه انتسب اليها عند
استئناف نشاطها عام 1920 وكتب بيانها الثاني. اما الريحاني الذي كان عضوا
في الأولى فقد غاب عنها بسبب انشغاله في مشاريع كتابيه باللغة الانكليزية
واعداده العدة لمغادرة نيويورك والعودة الى الوطن، وسياحاته في الجزيرة
العربية.
هذا الى جانب الكثير من المعلومات والتصويبات التي يتضمنها الكتاب.
جهاد فاضل
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى