صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبدالله راجع

اذهب الى الأسفل

عبدالله راجع Empty عبدالله راجع

مُساهمة من طرف said السبت 24 مايو 2008 - 16:37


عبد الله راجع
منذ متى كنت التائه وحده؟...
ميلودي بلمير
كانت
الحقبة غارقة في بديهيات المعارك المستعرة بين عقيدتين: عقيدة ساخطة،
ثائرة تنشد الخلاص من زفرة الأحزان المنبعثة من وطن جريح، و عقيدة ما برحت
تحرس إرث الماضي و لا تسمح بالتعاقدات و لا تساوم فيما تراه عادلا و منقذا
من مخالب اليسارية الحالمة. في مخاوض هذا المخاض انبرى صوت شعري، متفرد
الملامح، جاء ليزف لنا ولادة شعرية ملتزمة و مقاومة في روحها و نصها.
تستنبط بواعثها من تربة الوطن و من مسرح الحياة. إنه الشاعر عبد الله
راجع، هذا الشاعر الفذ و المتميز الذي ابتدع لنا شعرا طليعيا خارجا عن
حدود الشعر المألوف. الذي حمل في كيانه أبعادا إنسانية بإحساس عميق و سمو
متفرد و روح صافية. فكان هذا الشعر بحق صراع في ملحمة، يكشف عن آلام هذا
الشاعر الذي وضع تجربته الشعرية في خدمة الإنسان المقهور و شاركه الشعور
القاصم بالهزيمة و سار معه في مواجهة المجهول و ركوب المغامرات لإثبات
الوجود و إقرار الحقوق الإنسانية و في طليعتها الحق في الحياة، و الحق في
الحرية.
كان راجع أسطورة للألم الذاتي و الألم الإنساني، عاش مواجع
زمانه و ناضل من أجل القضايا الكبرى، و منها قضية المبدأ، فاختار بإرادته
الحرة السير إلى الأمام بدل الوقوف عند الديار، يغوص بشعره في أعماق
الفواجع، يناضل في سبيل قيم جديدة، يشارك في تنظيم المجتمع، ويعبر عن
مواقفه بجرأة لا نظير لها، كان شعره إنساني النزعة، و مساحة لصراع داخلي و
ساحة مقاومة لما هو سائد و بارقة أمل في النفق المظلم، هذا الأمل الذي كان
يراه قريبا بحدسه الثاقب. لقد استطاع راجع أن يسبر أغوار النفس الإنسانية
و أن يكشف بؤر اليأس فيها، كان رائدا للقصيدة الملتزمة، يمتاز بإحساس رهيف
و ذوق نقدي. لديه القدرة الفائقة على تحويل هذا الإحساس إلى مادة تعبيرية
تهز المشاعر حيث يتراءى طالع الأمل من خلف أكوام الانكسارات التي تمثل
مخاض الإنسانية. هكذا يتلاقى في شعره الحلم بالحقيقة ويصير الإنسان فيه
بطلا لا ييأس من معاركه لتوكيد وجوده و تحرير كيانه و ابتداع وطن حر لا
اغتراب فيه و لا استغلال.
و اليوم، ماذا يعني لنا عبد الله راجع؟ هل هو
ذلك الشاعر الطليعي الذي أضاف للشعر المغربي الملتزم قيمة و عمقا و جمالا
و تأثيرا بنقذيته الجريئة؟ أم هم هو ذلك الشاعر المناضل و السياسي الذي
خبر حياة النضال و عبر عن مشاعره الثورية؟ لا ريب، أن راجع جمع بين
الاثنين، فهو شاعر ومناضل أدرك الحياة بحسه و عمله، فبحسه و عمله انفتح
على المشهد الإنساني و السياسي و جاب رحابه الفسيحة و في كنف رماديته نقب
عن الومضة التي تحمل خلاصا لهذه التراجيدية الإغريقية التي عمرت زمنا و
تألقت في هذا الفضاء البارد فبددت كل لمعة نازفة، فتحت أحلاما و متنفسا من
تحت الحطام الجاثم. إن شعر راجع نابع من هذا الحدس الشعري و العقل
السياسي، بفضلهما استوعب مواجع الواقع و سياقه التاريخي. لقد وظف راجع
الفكرة السياسية في شعره متقدما على هذا النحو على الكثير من معاصريه
الشعراء لأنه لم يكن أسير نفسية مكتئبة و حزينة و لم ينفصل عن مجريات
الحياة التي عاشها بقوة و حيوية و إنسانية مثالية و إيمان راسخ و سعي إلى
حيز غير محدود، إلى طريق الحرية.
إن الفكرة السياسية عند راجع أضاءت له
المساق لرؤية محيطه الذي ترعرع فيه و بذرت في أعماقه بذرة الجرأة و التمرد
و تبني القضايا العادلة، كان بحق شاعرا متمردا يرقب و يرصد تفاصيل الأسئلة
و يقدم أمثلة تطبيقية و ذلك بتسخير شعره لوطنه، فأصبح هذا الوطن عقدة في
قصائده باعتباره مقياسا للنضال و عنوانا للحب و تمثيلا للحقيقة السامية.
كان على راجع كرائد للالتزام أن ينزل بشعره إلى رقعة المعركة ليجهر
بعباراته و ليحشد العزائم بشعور من الثقة حتى لا تتمادى هذه العزائم في
عبثيتها الزاخرة بالجدالات العقيمة و الخطابات الرنانة و هي جميعها مثالب
تجرد الإنسان من رسالته الإنسانية و تحجب عن عينيه مسار الرؤية و تعسر
حاسة الكشف عنده و تحد من مساءلته للواقع. و كأن في اعتقاده أن إخفاء
الرؤوس في الرمال مأساة كبيرة و صدمة موجعة لا ينبغي أن يسقط فيها المناضل
و المثقف الذي يكابد و يبدع و لا يلاحقه التذمر و الإحباط. إن العجز في
مواجهة الحقائق تدفع إلى التقنيع و التسويغ و إنكار مجحف للتقاليد
النضالية الموروثة.
لم يكن الزمن زمن للتسويات و كانت حركة الفكر
الطليعي متجذرة في الضمير الحي و كان الماضي المنقضي لا يلمس بالبداهة
حقيقة الحاضر و ينكر دعواه إلى مقارعة الجوامد و إدراك هموم البشر، في هذه
المرحلة لم يتضعضع إيمان راجع في تجريب كل الخيارات و الإصغاء بعمق إلى
دواخل النفوس المتلظية و المتطلعة إلى وميض يخرجها من هذا النفق الكالح و
باختياره الشعر كطريق للخلاص، أشاد راجع بقصائده الملتهبة الحارقة صروح
التعبير الملتزم الذي يرى في الحياة تمردا و ليس لحظة عابرة تستحق منا
الخضوع لنواميسها القاسية، كان راجع بحدسه يرى أن الجسر الموصل إلى
السعادة منطلقه الألم و طريقه الألم و بالألم و العراك المفجع نصل إلى
المنتهى و هكذا يكون قد ساوى بين الشعر و بين الالتزام و جعل الالتزام
موردا من الموارد الشعرية و علامة و تمثيلا للمثقف الملتزم تجاه ما يعج به
واقعه من انتكاسات. فالمثقف الملتزم عنده هو ذلك الكائن الإنساني الذي لا
يتقهقر و لا ينكسر حيال التحديات و لا يهمل رسالته التاريخية. كان راجع
يصبو لإيقاظ الوعي لا من وراء التمجيد بل عن طريق التحسيس بجسامة
المسؤولية التاريخية المنوطة بهذا المثقف تجاه الحاضر المتخاذل و تجاه
الصراع الفكري و الطبقي. فالتخاذل و الإخفاق، في رؤيته، هما آفتا بعض
المثقفين البارعين في إجادة فن الكلام عوض الغوص في واقع الأحداث و تعقب
مجريات العصر كشاهد عليه.
أحدث شعر راجع صراعا فكريا في جيله، فلا جدال
في أنه صاحب ثورة شعرية، فإنتاجه الشعري بمجمله ينبع من أعماق الألم
الإنساني و أسهم في تحويل وجهة التاريخ الشعري، و من قرأ "الهجرة إلى
المدن السفلى" و "طوق الحمامة" و "سلاما وليشربوا البحر"... سيلمس أنها
صورة خالصة لهذا الشاعر الذي لم يعتنق نزعة الاستسلام في مواجهة المساومات
و الإغراءات، كان في شعره يحمل لنا نبوءة الخلاص، أن نكون أو لا نكون، أن
نختار طريق الحرية أو ننتهي إلى الأبد. فالحرية تقتضي وجود الألم و الألم
وسيلة لبناء النفس و المشيئة ومن يرى عكس ذلك، فهو لا يعبر عن مشاعر
الكادحين و المهمشين و إنما يعبر عن أنانيته الخاصة، فالشعر عليه أن يسخر
للقضايا النبيلة و أن ينبثق من صميم مشاغل الناس و أن يقود روح التحدي و
أن يحارب بؤر اليأس الكامن في النفوس الميتة، إن طابع التمرد عند راجع هو
الطابع التمردي الذي لمسناه في أعماله الشعرية و هو يخضع لنفسية الشاعر
التي لا تتغير بتغير الظروف و ملابسات الحال وبقي يحمل سمات الشاعر و
ملامح عصره و هي ملامح لم تكن كثيرة الشيوع في الوسط الشعري آنذاك و لم
يأخذ منها إلا القلة من شعراء ذلك الوقت مثل الشاعر أحمد المجاطي.
إن
من يعود أيضا لأعماله الشعرية، سيتبين له إلى أية درجة من الغزارة و العمق
وصل إليها إبداعه الشعري، و كأن في هذه الأعمال يريد أن يبوح لنا بأنه
مدين لهذا الوطن الذي أمده بسمو العبارة و فتح له باب التواصل مع أبناء
شعبه و مكنه من سماع أنينهم و تلمس همومهم و يسر له تحويل جراحهم و مآسيهم
إلى لغة شعرية صارخة فاعلة، عنيدة، تتحدى و تعارض و لا تساوم و لا
تستسلم.، لأنها بخلاصة انعكاس لحركة الواقع و حركة الفكر. كان راجع ملما
بحدود المساحة التعبيرية و مع ذلك لا تقف هذه الحدود حائلا بينه و بين
الطريق الذي اختاره و أصر على ركوبه. هكذا هو شعر راجع، عالم يسمو على كل
عالم شعري لا يمضي إلى مقاصد الرؤيا الحقيقية. إنه شعر مساجلة يشترط من
قارئه التنقيب و الاطلاع و اكتشاف روحه وفلسفته، على هذا القارئ أيضا أن
ألا يتحاشى الدنو من مغازيه و إنما عليه أن يتحمل اجتياز مسالكه إذا ما
أراد تلمس مضمونه في ينبوعه الشعري.
إن راجع بغير شك كان شعره فذ في
تركيبته، شعره هو ضرب من التراجيدية التي تقوم على إظهار الكائن الشعري
المأزوم، وهكذا يبدو هذا الكائن في صورة إنسان تائه، طريد إرادة الشر،
لكنه يتمسك بحقه في الوجود في صمت تارة و في تمرد تارة أخرى. هذا الكائن
الشعري يظل يعترض، يرفض و لا يستسلم و ببساطة هو في الأصل ليس كائن عنيف،
كما يفهم، فهو يحب الحياة، يفكر فيها و يناضل من أجلها. و من هنا يكون
راجع قد أحسن ابتكار هذا الكائن الشعري الملحمي بأمانة و بمضمون عالج فيه
مأساته على مختلف الصعد التي تتناول الأبعاد الملحمية في شقيها الإنساني و
الإيديولوجي بقالب درامي نابع من تجارب الحياة الجياشة. كما يكون قد تمكن
من استخدام الشعر للتعبير عن المرامي السياسية و من الدعوة للحياة
الإنسانية التي كان يراها قيمة مقدسة لا تضاهيها قيمة أخرى. إن راجع في
طائقة من أشعاره لا يفتأ يردد على لسان كائنه الشعري الإلحاح على حياة
الحرية التي أضحت مقتضى من مقتضيات شعره لأنه كان يؤمن بقدرة الإنسان في
النهاية على فك أغلال القهر بالولاء إلى المثل العليا.
و إذا كان راجع
رائدا في تأسيس الشعر السياسي و ليس شعر الإثارة أو شعر تهييج، فإنه بهذا
كان يبدع شعرا من طراز بمقدوره أن ينقلنا إلى نمط شعري فريد في شكله و
مضمونه بدأ في البروز، شعر يحدث الأمل، نابع من عملية النقد و من عملية
التغيير التي تحول الإنسان من يائس إلى إنسان حي، يحب الحياة، يحب الحرية
و يسعى إلى عصر جديد يتلاشى فيه القديم، تختفي فيه التعمية و الجهل و
هيمنة النزاعات الغيبية، في خضم هذه المعارك، كان راجع ناجحا في خلق تيار
شعري يستمد عناصره من قراءة و تفسير الواقع من منطلق قوانينه الطبيعية و
الاجتماعية، و هذا هو جوهر الشعر الطليعي و يمثل روح عصر جديد إنه شعر جاد
عميق يتنافى مع الإسفاف و الابتذال و السطحية، إنه شعر تأسس على أهداف
مرسومة تجلت في ضرورة ملائمة الشعر مع طبيعته و إطار المرحلة التي نعيشها
أو ينبغي أن نعيشها، في ضرورة ملائمة الشعر مع مساق التقدم في جدليته:
التطور و التغيير، وأخيرا في ضرورة ملائمة الشعر مع حال الإنسان في صراعه
الشاق و المتواصل من أجل اكتساب الاستطاعة في سبيل امتلاك الحاضر و
المستقبل.
إنه عبد الله راجع، واحد من الجيل العظيم الذي شارك بعمله
الإبداعي و بفكره الخلاق في تأسيس الشعر الطليعي، و كان أكثر الشعراء
أهمية في صنع ثقافة شعرية مميزة. إنه راجع الذي استطاع أن يتجاوز الحدود و
يتبنى رؤية مكنته من صياغة منهج شعري مستمد من حياة الإنسان المقهور الذي
أخفق في الوصول إلى وميض النفق. إنه راجع ، إنه شعره الذي كشف لنا من خلف
الأبراج العالية. إنه شعر المعذبين اليائسين و ليس شعر أولئك الأنانيين
الذين يرقبون المآسي بعيون باردة. إنه شعر نلتمس فيه رغبة متعالية في
الترشيد إلى طريق البحث عن الحقيقة، طريق المصير، إنه شعر ليس لأولئك
الذين يريدون أن يجعلوا من الشعر وسيلة للمتعة السطحية و للغرض الذاتي، و
أداة للنسيان و الهروب من حقائق الواقع، إذا جاز لنا أن نحكم على شعر راجع
اعتمادا على مستواه و منزلته الشعرية لأمكن القول بإيجاز شديد بأن الأجيال
الحالية و المقبلة ستكتشف مدى أهمية هذا الشعر و مدى رؤية هذا الشاعر و
مدى نظرته الجدلية لحركة التاريخ، كما ستكتشف مدى إدراك هذا الشاعر
لتناقضات مجتمعه التي يصعب النفاذ إليها، و ببساطة فراجع كان تعبيرا بالغ
السمو عن المعنى الحقيقي للالتزام الحر و الخيار الحر، و كان له لو قدر له
أن يختار من جديد، لاختار الدرب نفسه، أي درب الحرية الملتزمة. لقد مات
راجع، لكن لم يمت شعره و لم تمت روحه القائلة: " يا وطنا يرسمه القهر على
جدران القلب... ها أنذا أترك ظل حبيبي و عيون حبيبي... كي أتبع ظلك... ها
أنذا أتحول فيك حقيبة عشق يا وطني أرسم لك... خارطة فوق الجدران... و أكتب
في منطقة فيها... باللون الأحمر: هذا بيت حبيبي... و حبيبي يجهل عنواني...
يجهل حتى تاريخ العودة... منذ متى كنت التائه وحده؟".

2008/5/23








الإتحاد الإشتراكي
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى