صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأصولية و الحداث

اذهب الى الأسفل

الأصولية و الحداث Empty الأصولية و الحداث

مُساهمة من طرف said السبت 14 يونيو 2008 - 20:19


من أسئلة راهننا الفكري والثقافي..

الأصولية و الحداثة
عبد الجليل بادو (*)

حين توجه أسئلة التحديث في اتجاه استيعاب قيم الحداثة، تطرح الأصولية
الدينية مسألة مرجعية الحداثة و كيف ينبغي التمييز بين المرجعية الإيمانية
و المرجعية اللائكية ، و هنا تأخذ أسئلة التحديث مسارا آخر يريد بديلا
للحداثة يتميز في قيمه و مبادئه، بل و يطرح من جديد مسألة الموقف من
الحداثة، و هكذا تتوزع المواقف بين رافض لها أو متحفظ في شأنها. علما أن
الحداثة مسار متناسق لا ينفصل فيه التحديث الثقافي ( الديني ) عن التحديث
الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي . فلماذا تتكرر إذن مسألة الموقف من
الحداثة ؟ و هل يمكن للأصولية قراءة الدين بشكل لا يتنافى معها ؟ و إلى أي
حد يمكن ربط رؤية أصولية للعالم برؤية حداثية ؟.
1- بين النسبي و المطلق :
كثيرة
هي المحاولات التي تراهن على كسب المصداقية لموقفها من خلال عملية التوفيق
بين قيم الدين و قيم الحداثة؛ و لإبراز مدى التصالح بين الطرفين يعتمد على
أسلوب الانتقاء كمنهج مناسب لهذا الغرض ، حيث يتم الوقوف عند معطى ديني أو
واقعة تاريخية دينية قصد استخلاص مبدإ أو قيمة تنسجم مع مبادئ و قيم
الحداثة. و توظف في هذا الشأن اصطلاحات من قبيل الاعتدال و المرونة و
الوسطية، لتجاوز اصطلاحات أخرى مثل التطرف و التشدد و التصلب.
إذا كانت
محاولات التوفيق بين الدين و الحداثة تحضر بقوة اليوم في الثقافة العربية
الإسلامية ، فإن جذورها التاريخية يمكن العودة بها إلى تلك المحاولات التي
قام فلاسفة الإسلام
للتوفيق بين العقل و النقل أو الفلسفة و الدين. و
الغرض كان و لازال دائما هو تذويب ما يمكن أن يظهر من اختلاف بين بنيتين
فكريتين و بالتالي رؤيتين للعالم يختلفان في الثوابت قبل أن يختلفا في
المقاصد.
آلية التوفيق تعترضها صعوبات كبيرة لأنها تسعى إلى الجمع بين
عناصر متباينة و ثوابت متعارضة من أجل الحفاظ على الرؤيتين معا و ضمان
استمرارهما بإيجاد "حلول" لأشكال التمايز بينهما. هذا ما جعل محاولات
التوفيق في سعي دائم للربط بين ثنائيات من قبل : العقل و النقل، الفلسفة ،
و الدين ، الأصالة و المعاصرة ، ثم الحداثة و التراث.
ما هو مؤكد الآن
هو أن محاولات التوفيق لم تتمكن من تحقيق مشروعها الأمر الذي اقتضى إعادة
النظر في طبيعة العلاقة بين الحداثة و التراث بشكل يتيح فهم مجالات كل
منهما والتمييز بين عالم الطبيعة و عالم ما بعد الطبيعة و الفصل بين العقل
و النقل كما ذهب إلى ذلك ابن رشد.
ليس الغرض هنا هو طرح الدين كموضوع
للسؤال الفلسفي و لا طرح الحداثة لنفس السؤال و إنما الغرض معرفة لماذا
يستمر حضور النزعة الأصولية في النظرة للحداثة.
بقدر ما توجد اليوم
قراءات دينية للحداثة ، توجد كذلك قراءات حداثية للدين ، و إذا كانت
الأولى تتمسك بمرجعيتها فتعتبر الحداثة دخيلا يمس بالهوية الدينية في
الجوهر ، الأمر الذي يفرض اتخاذ موقف منها ، فإن الثانية تسعى لاعتبار
"الحقيقة مبطنة في الطبيعة و أنها لم تعد تأملية و لا متعالية كما كانت في
العصور السابقة" كما يقول فرانسوا بوريلا François Borella. صحيح أن
الأصولية لا تنكر العلم ، إلا أنها لا تستطيع تعميم هذا التصور على
الإنسان باعتباره كائنا طبيعيا ، فهي تحتفظ بالمطلقات فلا تنظر للطبيعة
الإنسانية في جوهرها المادي و الروحي كظاهرة قابلة للدراسة التاريخية و
الاجتماعية و الأنترولوجية.
إن ما يميز النزعات الوثوقية (dogmatismes)
عامة هو انسياقها مع إطلاقية المعرفة لا مع نسبيتها ، و النتيجة الطبيعية
لذلك هي رفض الاختلاف بل و التطلع لإلغاء التنوع ليس ثقافيا فحسب ، و لكن
كذلك اجتماعيا و حتى سياسيا.
يصعب إذن ربط نسبة المعرفة بإطلاقيتها و
قراءة الحداثة بالعقيدة مهما كانت محاولات التوفيق أو التأويل في هذا
الشأن، علما أن الأصولية تنطلق من احتكارها لتأويل المقدس و لذلك لا ترى
مانعا في ربط الدين بالهوية و اعتبار الحداثة تهديدا لها بل تهديد للتوازن
الشخصي الدنيوي و الأخروي. فهل الهوية هي أساسا هوية دينية ؟ و هل يمكن
فصلها عن التراكمات المتعاقبة عبر التاريخ؟.
ما يميز فلاسفة عصر
التنوير هو جرأتهم على نقد الوثوقيات الراسخة ، لقد كان ڤولتير وديدرو
وغيرهما يحاربون التعصب الأصولي و الإكراه في الدين الذي كانت تمثله
الكنيسة الكاثوليكية في شخص رجال الدين الذين أتقنوا طرق نشر الوثوقيات و
أفكار التعصب واللامعقول، و كان مشروع فلسفة الأنوار هو فصل الديني عن
السياسي للدخول إلى مرحلة التحضير للعقلانية و التقدم، ولا أحد ينكر اليوم
أهمية هذه الخطوة الجبارة و ما لاقته من صعاب قبل تحقيقها.

2- تدبير الحداثة :
إذا
كانت الحداثة ( حسب هيغل ) قد أضفت طابعا زمنيا على المسيحية، فهي بصدد
إضفاء نفس الطابع على غيرها من العقائد ، إذ لا يمكن نفي فعل التاريخ ،
رغم أن الوتيرة لا تأخذ إيقاعا واحدا. في هذا الإطار تطرح الأصولية مسألة
الموقف من الحداثة باستحضار مسألة الهوية و ضرورة الحرص عليها و كيف أن
الحداثة تهديد لها أو قضاء عليها ، و هنا تطرح إشكالية أهم تتعلق بعلاقة
الهوية بالمعتقد الديني و مدى تأسيس الدين لها ، إضافة إلى مسألة الثبات و
التطور فيما يعد هوية و يراد الحفاظ عليه.
انطلاقا من مبدأ الثبات
تعتبر الأصولية أن الدين هو ما كان قائما و ليس ما هو قائم فعلا من تجليات
عقائدية و ممارسات تعبدية و اعتبارات روحية أو صوفية دائمة التجدد ، علما
أن لا أحد يستطيع نفي التاريخ ، و ما هو قائم فعلا لا ينفصل عن تاريخه، و
تاريخ الأديان و السوسيولوجيا و الأنترولوجيا مناهج تساعد جدا على فهم
أنماط التفكير و اختلافها و تطورها ، إضافة إلى مدى اقترابها أو ابتعادها
عن بعضها البعض.
لقد أوضح "دوركايم" في كتاب "الأشكال الأولية للحياة
الدينية" كيف تتبلور في الدين مفاهيم خاصة به ، ترتبط في ثنائية مع بعضها
مثل مفهوم المقدس ? المدنس ، كما أوضح كيف تظهر الممارسات و الطقوس
الدينية و كيف يدخلها التطور و التغير ، تماما كما يحصل في جميع الظواهر
الاجتماعية التي منها ظاهرة الدين ، كما أبرز أهمية القيم الدينية حين
تصبح قيما اجتماعية تفرض نفسها في السلوك الفردي و الجماعي. و إذا كانت
هذه القيم تحدد فعلا الهوية فإن المقاربة العلمية لها تؤكد أنها - في
تطورها مع المجتمع الحديث ? تصبح قيما علمانية أوسع من أن تقف عند حدود
الانتماء الديني.
الحداثة أتت بقيم جديدة ترتبت عنها رؤية جديدة كذلك
للعالم و للعلاقات بين الدول والثقافات و حتى الأشخاص. و هي تدعو إلى قيم
الحرية و الديمقراطية و الحق في الاختلاف و تقبل التمييز بين العمل الديني
و العمل السياسي باعتبار أن الدين مجال للعبادات يختلف عن السياسة مجال
تدبير العلاقات بين الناس و المجتمع و العالم و الطبيعة. و مع هذه القيم
تعتبر الحداثة انتصارا للعقل ضد اللاعقل و هذا ما يتجلى في المنجزات
العلمية و العقلية و الحضارية الهائلة التي تميز الحياة الإنسانية اليوم و
التي تفرض نفسها كأمر واقع . لكن الملاحظة التي ينبغي إبرازها هنا هي أن
اللاعقل لم يستسلم لمنجزات الحداثة بل و يعمل من أجل فرض نفسه كأمر واقع
كذلك، لكن ليس من خلال منجزات أو انجازات و إنما من خلال ردود أفعال تعرقل
مسار التحديث و الحداثة و تؤثر فيهما.
صحيح أن هناك اليوم من يتحدث عن
نقد الحداثة "آلان تورين Alain Touraine" إلا أن النقد مهما حاول أن يبلغ
من حدة و من إبراز لبعض التناقضات ، فإنه لا يقوى على رفض قيم الحداثة ،
العقلانية و الحرية و الديمقراطية كمستندات أساسية لها ، و بذلك تبقى
الحداثة حسب تعبير «هابرماس» (Habermas) ، «مشروع لم يكتمل بعد»، إذ لم
يتم بعد الوصول إلى تطبيق المنهج العقلاني التواصلي في كافة المجالات و لم
تسد بعد قيم المساواة بين الأفراد و لا القيم الإنسانية و الأخلاقية
المختلفة.
كيف يمكن إذن تجاوز الوثوقيات اللاتاريخية بكل أشكالها ؟ إن
فلسفة الأنوار قدمت خدمات هائلة في هذا الشأن و اليوم تتحدث العقلانية
التنويرية التواصلية عن تنظيم علاقة الفرد بالدولة و المجتمع في إطار
المؤسسة القانونية التي يتحول فيها الإنسان العادي إلى مواطن لا يخضع فقط
للسلطة ، و إنما يشارك في إنجازها و يقرر من خلال ذلك في شأن الحياة
الاجتماعية. إنه عمل سياسي بل يعيد للسياسة دور الصدارة ما دام الأمر
يتعلق بتدبير الممكنات المقبولة و المتفق عليها بكيفية عقلانية.
مع
العقلانية و الحرية و الديمقراطية يتم قبول الاختلاف و تجاوز الوثوقات ، و
حين يتكرر مع ذلك طرح مسألة الموقف من الحداثة ، يمكن التساؤل لماذا يتوقف
استمرار البناء في اتجاه الحداثة ؟ لماذا تحدث تراجعات ؟ هل هناك عوائق
ذاتية ؟ هل هناك عوائق موضوعية ؟ لابد من طرح السؤال.


(*) أستاذ الفلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة . تطوان
.

2008/6/13
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى