صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رويشة أو عاصفة الحب في زمن الرصاص (1)

اذهب الى الأسفل

رويشة أو عاصفة الحب في زمن الرصاص (1) Empty رويشة أو عاصفة الحب في زمن الرصاص (1)

مُساهمة من طرف iswal الجمعة 19 سبتمبر 2008 - 12:30

إنه زمن هيمن فيه الصمت حتى انكسر الصوت واضمحل الكلام خوفا من العقاب الجاهز للانقضاض.
أن
ترتعش من خوفك قد يقودك نحو خانة المساءلة عن فعلك اللاإرادي هذا. أن
تتحدث عن حزنك مع الناس هو من قبيل المغامرات التي قد يلتقطها
إحدى«الشكاما» لكي يعجل ببيعك لنخاسي زنازن الاستنطاق واستطبلات الإهانة
لتي يختمها المصير المجهول .
إنه زمن شكل تاريخا وجدانيا لمنطقة خنيفرة
التي كان عليها أن تداري إحباطات أهلها وانكسارات أبطالها وتبتسم وفي
حنجرتها شوكة الأسى وهي الثكلى والأم المكلومة من فقدان أبطالها وكثرة
أيتامها وانحسار أراملها وثيبها بين جدارات القنوط والأفق البعيد .
لقد
كانت سبعينات القرن الماضي في بلدة خنيفرة عبارة عن سنوات عجاف هجرتها
طبيعتها التي أبت إلا أن تختفي لتترك للجفاف السياسي فرصة الاستراحة فوق
ترابها وعلى أغصان أرزها المغتصب . يوميات هذا العقد قصمت ظهر جيل خبر
فيها القسوة المفرطة والحراسة اللصيقة بدمه وعروقه، وسافر في رعبها الليلي
الطويل كشتاء الأطلس الجميل، كما اكتوى ببرودة قلوب السلطة التي لم تكن
تشبه برودة قمم الجبال التي تحرس منذ الأزل الماء والربيع وحرية التنقل
بين الآفاق والأحلام .
الغرباء يطوقون مجالس الأنس بين الأصدقاء التي
تلتئم حول طاولات مقاهي البلدة التي كانت قبلة للجدل والتنكيت وإعادة
اكتشاف روايات «بالزاك» و«غوركي» و«وتولستوي» والاستعداد لموسم سينمائي
نضالي يبني صروحه أساتذة وتلاميذ يحبون النور وركوب المغامرات الفكرية رغم
وجودهم على هوامش العواصم العلمية والمدن المغرية ونصارى جاؤوا من عاصمة
الأنوار ليعلموننا الرياضيات والمسرح وشعر«لامارتين» .
كانت آذان
الرقباء تحاول سرقة السمع بجسارة مكشوفة والرفاق منهمكون في اكتشاف قارات
الشعر السريالي وعبثية «بيكيت» وسخط «سارتر» على الآخرين . كان«فرويد»
صديق المتمردين على الطابوهات من أبناء جيلنا ورمز التحرر من ربقة
التقاليد الجاثمة على مدارس لا تعرف كيف تفصل بين الموت والحياة في
برامجها. لكن ماركس كان يحظى بمكانة محترمة في تكوين هؤلاء الرقباء الذين
حفظوا اسمه حتى صار جزء من سجل الحالة المدنية لكل هذا الشباب الذي أبلى
في استنشاق روح الحداثة الأولى القادمة من الغرب مباشرة إلى جبال الأطلس
بدون أن تمر من بوابات المؤسسسات أو من خطب الأئمة أو رجالات العهد القديم
.
حار الرقيب وهو يتابع جرافات الثورة التي ما أن تصمت في الجبال حتى
يشعلها الطلاب في المقاهي والحدائق العمومية التي وضع عشبها الأول رجل من
السلطة لكنه من طينة مغايرة مر من هنا وصنع الجنان على أرصفة خنيفرة وترك
النخيل على طرقها وأشجار الكاليبتوس على غبارها الصيفي ورحل بعدما انطلق
البارود في منطقة نفوذه وقيل له إنك متهم ومتورط في ترك هؤلاء القوم
يلعبون بالبنادق حتى تجرؤا على تسديد فوهاتها إلى صدر السلطة التي كنت أنت
حاميها وأصبحت الآن حراميها، فهجروه واعتقلوه ونبذوه، لكن البلدة تحتفظ في
قلبها بحب خاص لهذا الرجل الذي كان يلبس زي الميدان ليس من أجل أن يكسر
عظام زيان بل لكي يحميهم ويعلمهم كيف يحولوا مجرى نهر أم الربيع لتفادي
شروره وكثرة فيضاناته وليفتح لأبنائهم أوراش التعاون الوطني في عز الصيف
حتى يجنبهم البقاء على الأرصفة أو التحول نحو بيع نخوتهم على قارعة الطريق
.
تبيت مدينة خنيفرة في العراء الاستخباراتي وتفيق على أصدائه في نهار
منكسر الجناح لتحصي معتقليها بل مختطفيها الذين سرقت حريتهم في عز الليل
وهم خالدون في دفئ أبنائهم على عادة نومنا في أطلس الحميمية والتواضع
والنوم على الحصائر والتلحف بالجلابيب قرب المدافئ في انتظار فرج الطبيعة
ولقاء فجر يوم سعيد .
كلما تورم جسد القوة القاهرة لأنفة بسطاء مدينة
الرعود والبرق الأزرق الذي يعمي عيون المتلصصين على وصلات الحب لدى عاشقي
الربيع والماء والأقحوان كلما انكمشت أسوار خنيفرة وجدرانها ذات الشيب
الأحمر الذي يسلب الزرازير قبل أن يمنحها لون الأمن والانتماء لكي تخفي
وجدانها الهش في قلب حوانيت الصناع التقليديين والتجار الصغار والأزقة
المغلقة على الأطفال خوفا عليهم من السواد الذي عم الأرض والسماء .
يبتسم
الكبار في محيا الصغار الذين يصرون على حمل محافظهم وعبور الحواجز العينية
والرمزية ببراءة الفراشات وخفة الهواء. تواصل الصمود يحل بين أصابع الجدات
المطرزة بالوشم الجريء وهن ينتفضن من غبن القهر والإهانة لكي يعزفن نشيد
الأجداد في محراب الزرابي ونسج الجلابيب لحماية الأبناء من زحف زمن الجمر
البارد الذي لا يميز بين الجلد والحديد .
نحن الآن صغار في بداية الرشد
الذي ستحتجزه سلطة المنع حتى يتقوس ويكاد يشيخ قبل الآوان ، نمشي خلف
الصمت وهو يقود عربة الثورة المسجاة في علم أبيض لنضع الرحال بدون أن نشعر
على أرصفة ثانوية أبي القاسم الزياني وقلوبنا تتجمد في عز العمر المعطاء .
نخترق الأزقة التي كنسها الخوف ولم يفلح في محو وقار رجالها الذين نستمد
من جباههم وعيونهم مغزى البقاء في الظل والتمرس على احتضان الإهانة
بابتسامات الأبطال وهم على مشارف الموت.
إن أرباب الأزقة القديمة في
كل المدن العتيقة يفقهون بالتجربة الطويلة كيف يدجنون الغزاة ويعودونهم
على حب الفسيفساء وقفاطين النساء واكتشاف أسرار بلاغة الغناء كبلسم لروحهم
الشقية التي تهوى القتل لأنها لم تألف كيف تعشق الحياة في وجه حسناء تتأبط
جرة في طريقها نحو البحث عن الحياة .
لم يكن مهما السقوط في مكر الفخاخ
التي تتفنن سياسة الهدم في إبداع حروفها وتعويد المتعففين على تهجي
أبجديتها لكي ينجحوا في امتحان المسخ الذي سيجعلهم يتابعون الأرجل العابرة
لسر الليل والتجسس على تملي الظلال بصورة القمر وهو يتوج كحاكم لكل السماء
.

عبد الإله حبيبي
الاتحادالاشتراكي
18/9/2008

2008/9/18






iswal
iswal
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 1023
Localisation : CASA
Emploi : j'ai 1 travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى