صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الْهُدْهُدُ وَابْنُ عَسَاكِر الدِّمَشْقي / محمد علي الرباوي

اذهب الى الأسفل

الْهُدْهُدُ وَابْنُ عَسَاكِر الدِّمَشْقي / محمد علي الرباوي Empty الْهُدْهُدُ وَابْنُ عَسَاكِر الدِّمَشْقي / محمد علي الرباوي

مُساهمة من طرف عبدالله السبت 23 يناير 2016 - 20:36

الْهُدْهُدُ وَابْنُ عَسَاكِر الدِّمَشْقي

( 1 )
رَجُلٌ فِي طُولِ الْحُلْمِ وَفِي عَرْضِ الضَّوْءِ يُحَدِّقُ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ بِسَاحَةِ سَيِّدِنَا عَبْدِ الْوَهَّابِ يُرَتِّلُ مَا يَتَيَسَّرُ مِنْ أَهْوَالٍ تَلْتَهِمُ الشَّجَرَ الْبَشَرَ الْحَجَرَ الطَّيْرَ أَمَامَ الْأَطْفَالِ الْمُنْتَشِرِينَ بِصَدْرِي الشَّاسِعِ.. كَانَ الدَّمْعُ الْقَارِسُ يَمْلَأُ عَيْنَيْهِ الصَّاحِيَتَيْنِ وَمِنْ ضِلْعَيْهِ ابْنُ عَسَاكِرَ يَخْرُجُ.. يُصْغِي.. يَبْكِي.. أَأَنَا مَنْ دَوَّنَ هَذَا الْهَوْلَ بِهَذَا السِّفْرِ الطَّالِعِ مِنْ غَابَاتِ دِمَشْقْ؟

( 2)
صَعِدَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْبَرَ هَذَا الْمَسْجِدِ. كَانَتْ خُطْبَتُهُ تَتَسَلَّلُ كَالضَّوْءِ إِلَى الْقَلْبِ الْيَابِسِ. كَانَتْ أَنْهَارُ الْكَلِمَاتِ تُبَلِّلُ أُذْنِي.. مَا عُدْتُ عَصِيَّ الدَّمْعِ. بَكَيْتُ. بَكَى مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ. صَلَّى بِالنَّاسِ ارْتَعَشَتْ أَفْئِدَةُ النَّاسِ ارْتَعَشَتْ أَعْمِدَةُ الْمَسْجِدِ صَارَتْ بِالْقَلْبِ دِمَشْقُ وَصَارَ بِهِ الْحُزْنُ زُهُوراً يَانِعَةً تَمْلَأُ كُلَّ شَوَارِعِ وَجْدَةَ.. هَذَا الْحَافِظُ فِي مَقْصُورَتِهِ حَيَّا مَوْلَاهُ وَسَلَّمَ. سَلَّمْنَا. انْفَتَحَتْ كُلُّ الْأَبْوَابِ. خَرَجْنَا. كَانَ الشَّامِيُّ أَمَامَ الْبَابِ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى الْأَشْجَارِ يُحَرِّكُ أَضْلُعَهَا بِمَوَاوِيلَ عَلَى الرَّسْتِ صَبَايَا الشَّامِ حَوَالَيْهِ بِأَطْمَارٍ تَكْشِفُ جُوعاً مَسْطُوراً بَيْنَ خُدُودٍ قَاحِلَةٍ. فِي الطِّينِ يَطَأْنَ. الْأَقْدَامُ الْعَطْشَى حَافِيَةٌ وَكَأَنَّ الْقَدَمَ الْهَشَّةَ مَا وَطِئَتْ مِسْكاً أَوْ كَافُورَا.

( 3 )
اَلْأَشْجَارُ بِهَذِي الْغَابَةِ كُلَّ صَبَاحٍ تَفْتَحُ نَاِفذَتِي لِتُطِلَّ عَلَى خَبَبٍ يَسْكُنُ أَرْجَاءَ الْقَلْبِ تُبَلِّلُهُ بِعَصَافِيرَ تُخَبِّئُ فِي الْأَغْصَانِ تَسَابِيحَ عَلَى النَّهَوَنْدِ السَّارِحِ فِي أَعْمَاقِي. تَأْخُذُنِي الْأَشْجَارُ إِلَى الْغَابَةِ. أَلْقَانِي مَلِكاً قَطَعَ الْبَحْرَ وَأَحْرَقَ هَذَا الْجَسَدَ الْمُرَّ لِيَدْخُلَ فِي سِرْبِ الطَّيْرِ يَقُودُ الْهُدْهُدُ هَذَا السِّرْبَ يَشُقُّ بِهِ الْغَيْمَ الْغَيْمُ يَشُقُّ بِكَفَّيْهِ الصَّاحِيَتَيْنِ الْمُمْطِرَتَيْنِ ضُلُوعِي يُخْرِجُ مِنْهَا بُرْكَاناً أَسْوَدَ يَدْفِنُهُ فِي أَرْضٍ قَاحِلَةٍ. هَذَا الْهُدْهُدُ يَعْلُو.. وَأَنَا أَعْلُو خَلْفَ الْهُدْهُدِ.. أَعْلُو.. فَإِذَا أَلْقَيْتُ بِعَيْنَيَّ إِلَى الْأَرْضِ ابْتَلَّتْ أَجْنِحَتِي الْبَيْضَاءُ بِزَخَّاتٍ مِنْ دَمٍّ نَثَرَتْهُ دَاحِسُ وَالْغَبْرَاءُ أَمَامِي الطَّيْرُ الْأَسْوَدُ يَحْفِرُ فِي الْبَيْدَاءِ الْقَبْرَ رَأَيْتُ الْأَخَوَيْنِ يَنُوحَانِ وَفِي الْأَرْضِ الثَّكْلَى يَصْرُخُ قَبْلَ الْفَجْرِ دَمُ الْأَخَوَيْنِ الْمَقَتُولَيْنِ.. رَأَيْتُ. تَحَجَّرَتِ الْعَيْنَانِ. فَيَا هَذَا الْهُدْهُدُ خُذْ جَسَدِي الْهَشَّ وَرُدَّ غَلَائِلَهُ الْبَيْضَاءَ إِلَيَّ وَحُطَّ حَوَافِرِيَ الظَّمْأَى بَيْنَ شَوَارِعِ وَجْدَةَ كَيْ أَغْرَقَ فِي قَطْرَةِ دَمْعٍ نَثَرَتْهَا عَيْنُ الطِّفْلِ عَلَى الشَّامِ الْمَحْرُوقِ أُحَوِّلُ هَذِي الْأَقْمَارَ إِلَى أَشْجَارٍ يَانِعَةٍ تُعْطِي الْأَرْضَ الْغَطْشَى زُرْقَتَهَا تَأْخُذُ زِينَتَهَا جِلَّقُ يَأْتِي نَهْرُ الْفِرْدَوْسِ إِلَيْهَا مِنْ قَلْبِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَهْوَ يُخَبِّىءُ فِي أَحْجَارِ الْأَطْلَسِ آهَاتِ الزَّبَدَانِي. يَا هَذَا الْهُدْهُدُ أَجِّلْ سَفَرِي الْممُتْدَّ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى الْبَحْرِ السَّاكِنِ فِي أَعْمَاقِكَ. أَجِّلْهُ حَتَّى مَطْلَعِ حُلْمٍ آخَرَ. إِنِّي فِي الْغُوطَةِ أَنْشُرُ أَشْعَارِي لِأَكُونَ بِهَذِي الْأَشْعَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ شَهِيدَا.

( 4 )
بَصَرِي أَدْخَلَنِي فِي جَوْفِ الدَّجْنِ الْغَامِقِ مُذْ دَمَّرَنِي هَذَا الْهَوْلُ الْمُتَأَجِّجُ بَيْنَ ضُلُوعِ عَوَاصِمِنَا الْمُنْهَارَةِ. أَدْخَلَنِي بَصَرِي فِي لَهَبٍ أَسْوَدَ مُذْ غَرَّقَنِي دَمْعَةُ طِفْلٍ فَقَدَتْهُ أَمَامِي الشَّامُ فَيَا هَذَا الْهُدْهُدُ هَا قَدْ رَكِبَ الْبَحْرُ إِلَى الْبَحْرِ إِلَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ فَدَثِّرْنِي بِجَنَاحَيْكَ الْمَرْشُوشَيْنِ بِأَنْدَاءِ الْحُلْمِ وَأَلْقِ عَلَى النَّاسِ هُنَاكَ قَمِيصَ الْفَجْرِ لِأَرْتَدَّ بَصِيرَا.

افران/ وجدة: 28/09/2015

----------------------------------

هوامش:
- ابن عسكر (499هـ/571هـ)، هو الإمام والعلامة والحافظ ومحدث أهل الشام. له تاريخ دمشق، وهو موسوعة ضخمة
- سِيدِي عبد الوهاب: شريف إدريسي، دفين مدينة وجدة. لعله توفي في القرن السابع الهجري. وساحة سِيدي عبد الوهاب فضاء ثقافي يحتضن التراث الشفوي الشعبي بكل أشكاله مثل الحَلْقة
يقول المعتمد بن عباد:
(...)
تَرَى بَنَاتِكَ فِي الأطْمَارِ جَائِعَةً فِي لُبْسِهِنَّ رَأَيْتَ الْفَقْرَ مَسْطُورَا
(...)
يَطَأْنَ فِي الطِّينِ والأَقْدَامُ حَافِيَةٌ تَشْكُو فِرَاقَ حِذَاءٍ كَانَ مَوْفوراَ
قَدْ لُوِّثَتْ بِيَدِ الأَقْذَاءِ وَاتَّسَــــــخَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَطَأْ مِسْكاً وَكَافـــوراَ

------------
عبدالله
عبدالله

ذكر عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى