صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مَقامة الاغتباط بِذكر ما جَرى بينَ سَلا والرِّباط / مصطفى الشليح

اذهب الى الأسفل

مَقامة الاغتباط بِذكر ما جَرى بينَ سَلا والرِّباط / مصطفى الشليح Empty مَقامة الاغتباط بِذكر ما جَرى بينَ سَلا والرِّباط / مصطفى الشليح

مُساهمة من طرف عبدالله السبت 1 يوليو 2017 - 12:54

حدثنا ساكنُ الأحداق عنْ شاعر الرقراق. قالَ :
كنتُ في مجلس شعر وبيان، وقدْ جرى على اللسان ذكرُ القصائدِ الحسان وكماتِها الفرسان بين سراة الناس الغطارفةِ الأكياس الجامعين جلال العبّاس وذكاء إياس، بُستانهم زواهرُ إبداع، وإيوانهمْ بواهرُ إقناع، وديوانهمْ نواظرُ إمتاع وإشباع. هم في التاريخ زهرٌ شماريخ وفي روض الفصاحه زهَرٌ غازلَ صباحه. راية الإجادةِ بهمْ تنعقد، وغاية المجد إليهمْ تحْبو وتنفرد؛ والصدْرُ منهمْ، وأنعمْ بهمْ صدرًا وفخرًا، بسّامُ إشارةٍ وغمامُ عبارةٍ تسامى نبلا وجلالا وساماه البدرُ اكتمالا.
وكنتُ قدْ خرجتُ لتوّي منْ وهْدةٍ لا ألوي، بخطو تلـوَ خطو عنْ سـلا المحروسة بعد زورةٍ منكوسة، والدمع ينهـلّ لا يرقأ، والروع عن الصّدر لا يدرأ، وبعدَ أنْ رأيتُ ما رأيتُ، ودريتُ ما دريتُ منْ كون سلا أضحتْ جارية، ومن الآثـار عارية، وأنَّ انحناءَ المنازل منْ غير زلازل أمرٌ لا يحيِّرُ إذا انتفى التدبّر، واصطفَّ التعثرُ في عيون التسيير وارعفَّ التنكرُ في أنوف التبذير. وقدْ قلتُ : اشتدي أزمة تنفرجي قدْ آذن ليلك بالفرج مُتذكرًا ابن ميمون وقدْ كنتُ أنسيته منْ هول الشجون.
اتخذتُ متكأ وكأس ُالشاي ينقع ظمأ، والحديثُ منطلقٌ بالشعرمندلقٌ، مؤتـزرٌ بالسحر مُختمرٌ، والعميد يُحليه أناقـة ويُجليه ذلاقـة، والشعراءُ قوافلُ أو قبائلُ تمرُّ اطرادًا، جموعا وأفرادًا حتىّ أناخَ بموكبه مقالٌ وانبرى منْ قوْسه سؤالٌ : وما شِعْـرُ سـلا ؟ وما شعراؤها؟ وكيفَ فضاؤها؟ وأينَ شموعها وآلاؤها؟
انتهى إليَّ السؤالُ هسيسًا، ومارأيتُ سوايَ جليسًا ينمى إليه الكلام، وعنده البدءُ والختام. ورأيتني، وقدْ دارتْ عيونٌ وسارتْ شؤونٌ، حوقلتُ وبسملتُ تـمَّ اعتدلتُ، وعن الردِّ ما عدلتُ، واستهللتُ :
الشعرُ في سلا، يا سيدي ويا سندي، لا يدركه البلى. هوَ جرح فاغـرٌ ومولاه شاعرٌ. انكتابُ النجمةِ في عيون الغيمة إشراقة وتر وإطراقة عبَر. هوَ العنبرُ السرمديُّ مهادًا والمرمرُ العسجديُّ امتدادًا. هوَ ما ينـد طلابًا وما يدنو اختلابًا، مواكبُ منْ ذهبٍ لا يصْدأ، وصواحبُ منْ رغـدٍ لا يهدأ. إذا سألتَ تاريخه أهداكَ باذخه، وإنْ سبرتَ ديوانه، وأكرمَنْ بكَ سابرًا خابرًا، أهداكَ إنسانه، وسلسلَ لجينا وعقيانـًا ثـمَّ أرسلَ لؤلؤا ومرجانا؛ منْ قصائدَ ضافياتٍ شموسُها وقلائدَ غافياتٍ شَموسُها كأنها قطرٌ أحالَ الجدبَ عهادًا، أوْ فجرٌ جالَ بالضياء ومادَ، أوْ كأنه نبضٌ وقـلوبُ العذارى معناه، منْ مادحةٍ بالمعلـواتِ صادحةٍ، ومولديةٍ بنور الهدى عَسْجديةٍ، ومنْ واصفةٍ على ذاتها عاطفةٍ، وشائقةٍ بأسرار البهاء ناطقةٍ، ومنْ مُتهللةٍ بالأذكار مُهللةٍ، ومُعربةٍ عنْ شواردِ المعنى مُغربةٍ. وإذ أنا على القول مُكبٌّ يحوطني منه مُتلئبٌّ وقعَ إليَّ اعتراضٌ ناقضٌ، وانتفاضٌ رائضٌ دربَ مساجلةٍ، وانـقباضٌ نافضٌ لهبَ مفاضلةٍ: " وما القولُ في أديبِ العُدوتيْن وأريبِ العذبتيْن أبي جندار الذي فاق اللدات والأغيار؟ "
تململتُ في موضعي لأرقبَ منْ نقرَ مسمَعي بكلام قدْ يبدو وجيهـًا، وكليم ما كان إلا نبيهـًا، فإذا هو صاحبي أبو الحمد وقدْ شخصً إليَّ بنظر أحدّ، ورماني بابتسام ألـدّ، فإذا بي في الجلسة أسْتوي، وإذا بالمسامع تنسابُ نحْوي، وإذا بالنبض السلويّ يجتابُ كلَّ عليّ وينجابُ عنْ جليّ : " أما أبوجندار فشأوه سامق المقدار، وشأنه خافقٌ معطار، شاعرٌ دونَ مدافع وناثرٌ منْ غير مقارع، ولكنْ أنىّ له إمارة العُدوتيْن وأمارة الجذوتين نثارًا ونظامًا، بداءة واختتامًا ؟ وكيفَ تمنح له الزعامة وفي سلا تصدح أكثر منْ علامة ؟ حسبكَ، يا صاح، بماء قراح من الطيـبيْن الأطيبيْن الأوحديْـن المفرديْـن عواد وابن خضراء وهما في السموق سواء، ومنْ أندلسيّ دانياتِ القطوفِ أبي بكر الشنتـوفي ومنْ ذي الشفوف المؤرج أبي زيدٍ حجي، ومنْ سلسلهمْ العارفُ المُجلي أبوالفضل الوارف ابن عليّ في أرجوزةٍ غير مهْموزةٍ ولا مغمُوزةٍ. حسبُ صاحبكَ اغتباطـًا أنه للرباط أديبٌ، فدامتْ له رباطـًا "
ولمْ أدْر والحديث مراجـلُ في الصدر، وزواجـلُ على بنان الثغر، إلا والقافياتُ تشد هوادجَها وتمذُ معارجَها وتجد مدارجَها إلى حيث تدقُّ المباني وترقُّ المعاني، فقلتُ لخالص من الشعراء مُفلق وغائص في جوهَـر مُشرق :
إني سألتُ القوافي وهْـي حائـرة = بيني وبينكَ عمّا كـان مـن أمـر
عنْ ربة الشعْر والأنسـامُ مائسـة = بما لديها مـن الأنغـام والسحـر
أعندَ صدْركَ تغفو وهْـيَ طارحـة = عنها مجاسدَ صوتٍ أمْ على صدري
فجاوبتْ .. والنميـرُ الحـرُّ مُبتـدرٌ = أنا عيون المها .. منْ دونمـا جسـر
العدوتـان .. خبـاءٌ لـي .. يُـطـرزه = فتيـانُ قافيـةٍ .. بالأنجـم الـغُـرّ
لكنني قدْ أمـد الظـلَّ مـنْ ولـهٍ = على سلا حيثُ يرسو مركبُ الفخر
قدْ صرتُ منها جمالا عـزَّ مُطلبًـا = وليسَ يُدركه، مِنْ عـزِّه، غيـري
وصارَ مني الذي ما قـالَ قافيـةً = حسناءَ إلا وهامَ السِّحرُ بالسِّحـر
مُوشحًـا .. ومـن التاريـخ غرتُـه = وما سلا غيرُ تاريخ مـن الشعـر
يارائقَ الشعر عندي اليوم مسألـة = قدْ جئتُ أعرضها منْ دونما ستـر
ما القولٌ إما عيون القافيـاتِ رأتْ = بأنها لرباط الفتـح .. لـنْ تسـري ؟
فاهتزتْ أركان المجلس بينَ مُحبذٍ ومنكس، وعلتْ همهمات تلتها دمدمات، وتراءى الرد كأنه الرعد، وترامى الجوابُ شهابا يسوقه شهابٌ، فقلتُ في خاطري، وأنا بين تحيّر وتدبّر: " لعلي غلوتُ إذ علوتُ، وما ذاكَ مهْيعي ولا إليه مطمَعي." فأردفتُ مُذيِّلا نثرًا ما توالى شعرًا : " لكنَّ نفائسَ الزمان يا فوارسَ البيان صارتْ دوارسَ للعيان،أيامُه دالتْ وأنغامُه مالتْ وأسقامُه طالتْ، وإني لمنعمُ النظر في الحالي، وإني لملـفيه مُقصرًا عن الخالي. وكمْ أمعنتُ التقصّي عنْ أرومـة النصِّ فما رابني غيرُ وقص، وما نابني غيرُ تـنام في نقص. وكمْ نكصتُ وفي يدي منْ حنين خفان أوْ شيءٌ له أذنان، وكأنما جفتِ القرائح واصطفتْ حواليها النوائح، إلاما يكون منْ وميض قدْ يصيرُ إلى قريض" فاطمأنَّ الجمع، واستكانَ الروع، واستراحَ النقع؛ تبسمَ العميد ضاحكا وقالَ مُباركا: " نعمَ التخلصُ وإنْ كانَ شائكا."
وحينها، ومنْ وحْي التدفق، تداركتُ القومَ قبلَ التفرق، وقلتُ : " ليكنْ ختمَ اللقاء ما تمَّ بين الأشقاء حينَ أزمعوا إحكامَ الرباط بين سلا والرباط: " زعموا أنَّ جمعيْن من الرباط وسلا ارتأيا بغية نسخ البلا تقسيمَ الرقراق درءًا للشقاق، فشدَّا حبلا بعقدتيْن فاصلا بيْنَ العدوتيْن. فلما أجنَ الليلُ ومـدَّ بردتيْن أتى كلُّ فريق من الضفتـيْن حاملا دلوا أوْ دلويْن، وطفقَ منْ ضفة الآخر يغترفُ، وإلى صبِّ الماء في الأخرى ينصرفُ. فلما طلعَ النهار وحارا في تماوج المقدار عطفا على قسمةِ الإنصافِ، وصرفا لكلِّ عدوةٍ راءً بقافٍ، وما تبقى من الرقراق ارتقى جسرَ أشواق بين الأحبةِ والرفاق .. "
_______
* سلا والرباط مدينتان مغربيتان عُدوتان وأولاهما مسقط رأس الكاتب.
عبدالله
عبدالله

ذكر عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى