أتباع الملة الحنيفية (1)
صفحة 1 من اصل 1
أتباع الملة الحنيفية (1)
أتباع الملة الحنيفية (1) يقول الله تعالى في محكم تنزيله : (حنفاء لله غير مشركين ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي بع الريح في مكان سحيق ) الحج (31) يقول الإمام الطبري في تفسيره : اجتنبوا أيها الناس عبادة الأوثان، وقول الشرك؛ مستقيمين لله على إخلاص التوحيد له، وإفراد الطاعة والعبادة له خالصاً دون الأوثان والأصنام، غير مشركين به شيئاً من دونه، فإنه من يُشرك بالله شيئاً من دونه، فمثله في بعده من الهدى وإصابة الحقّ وهلاكه وذهابه عن ربه، مَثل من خرّ من السماء فتخطفه الطير فهلك، أو هوت به الريح في مكان سحيق0 ويقول الإمام البغوي في تفسيره :{ حُنَفَاءَ لِلَّهِ } مخلصين له، { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } قال قتادة: كانوا في الشرك يحجون، ويحرمون البنات والأمهات والأخوات، وكانوا يسمون حنفاء، فنزلت الآية الكريمة : "حنفاء لله غير مشركين به" أي: حجاجاً لله مسلمين موحدين، يعني: من أشرك لا يكون حنيفاً. وقتادة (61ـ 117) هجرية هو: التابعي الجليل أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن عزيز بن زيد بن ربيعة بن عمرو بن كرب بن عمرو بن الحارث بن سدوس ؛كان عالماً بالتفسير ، وراسخاً في الحديث كما كان عالماً بأيام العرب وأنسابها 0 { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ } أي: سقط، { مِنَ السَّمَاءِ } إلى الأرض، { فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ } أي: تستلبه الطير وتذهب به، والخطف والاختطاف: تناول الشيء بسرعة { أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ } أي: تميل وتذهب به، { فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }أي: بعيد، معناه: بعد من أشرك من الحق كبعد من سقط من السماء فذهبت به الطير، أو هوت به الريح، فلا يصل إليه بحال. وقيل: شبّه حال المشرك بحال الهاوي من السماء في أنه لا يملك لنفسه حيلة حتى يقع بحيث تسقطه الريح، فهو هالك لا محالة إما باستلاب الطير لحمه وإما بسقوطه إلى المكان السحيق0 ويقول الإمام الألوسي (1217ـ 1270) هجرية في تفسيره: { حنفاء لله } مائلين عن كل دين زائع إلى الدين الحق مخلصين له تعالى { غير مشركين به } أي : شيئاً من الأشياء0 { وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السماء } وهي جملة مبتدأة مؤكدة لما قبلها من الاجتناب من الإشراك ، وإظهار الاسم الجليل لإظهار كمال قبح الإشراك ، وقد شبه الإيمان بالسماء لعلوه والإشراك بالسقوط منها ؛ فالمشرك ساقط من أوج الإيمان إلى حضيض الكفر 0 ويقول جل شأنه : ) وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ) البقرة (135) يقول الإمام ابن الجوزي في زاد المسير : معناه : قالت اليهود : كونوا هوداً ، وقالت النصارى : كونوا نصارى ، تهتدوا . { بل ملة إِبراهيم حنيفاً } المعنى : بل نتبع ملة إبراهيم في حال حنيفيته وفي الحنيف قولان . أحدهما : أنه المائل إلى العبادة ؛ قال الإمام الزجاج : الحنيف في اللغة : المائل إلى الشيء 0 والثاني : أنه المستقيم ، ومنه قيل للأعرج : حنيف ، نظراً له إلى السلامة ، هذا قول الإمام ابن قتيبة ، و الإمام ابن قتيبة (213ـ 276) هجرية هو اللغوي والأديب والمؤرخ أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري ؛ كان والده فارسياً ؛ له مصنفات عديدة من أشهرها عيون الأخبار0 وقد وصف المفسرون الحنيف بأوصاف ، فقال الإمام التابعي عطاء بن أبي رباح (27ـ 117)هجرية: هو المخلص ، وقال الإمام ابن السائب (توفي سنة 204) هجرية وهو هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمر الكلبي المؤرخ, وعالم أنساب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها.: هو الذي يحج . وقيل :الحنيف هو الذي يوحّد ويحج ، ويضحي ويختتن ، ويستقبل الكعبة0 ويقول الإمام فخر الدين الرازي (544ـ 606) هجرية في تفسيره : اعلم أنه تعالى لما بين الدلائل التي تقدمت صحة دين الإسلام حكى بعدها أنواعاً من شبه المخالفين الطاعنين في الإسلام . الشبهة الأولى : حكى عنهم أنهم قالوا : { كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ } ولم يذكروا في تقرير ذلك شبهة ، بل أصروا على التقليد ، فأجابهم الله تعالى عن هذه الشبهة من وجوه . الأول : ذكر جواباً إلزامياً وهو قوله : { قُلْ بَلْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا } وتقرير هذا الجواب أنه إن كان طريق الدين التقليد فالأولى في ذلك اتباع ملة إبراهيم عليه السلام ، لأن هؤلاء المختلفين قد اتفقوا على صحة دين إبراهيم عليه السلام والأخذ بالمتفق أولى من الأخذ بالمختلف إن كان المعول في الدين على التقليد ، فكأنه سبحانه قال : إن كان المعول في الدين على الاستدلال والنظر ، فقد قدمنا الدلائل ، وإن كان المعول على التقليد فالرجوع إلى دين إبراهيم عليه السلام وترك اليهودية والنصرانية أولى 0 فإن قيل : أليس أن كل واحد من اليهود والنصارى يدعي أنه على دين إبراهيم عليه السلام ؟ قلنا : لما ثبت أن إبراهيم عليه السلام كان قائلاً بالتوحيد ، وثبت أن اليهود والنصارى لم يقولوا به ؛ وذلك يؤكد أنهم ليسوا على دين إبراهيم عليه السلام ، وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم لما دعا إلى التوحيد كان على دين إبراهيم عليه السلام0 أما قوله تعالى : { وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى } فلا يجوز أن يكون المراد به التخيير ، إذ المعلوم من حال اليهود أنهم لا يرتضون اختيار النصرانية على اليهودية ، بل يزعمون أنها كفر . والمعلوم من حال النصارى أيضاً ذلك؛ فالحق سبحانه يقول على لسان كل منهما وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء)000البقرة: ١١٣ بل المراد أن اليهود يدعون إلى اليهودية ؛ والنصارى إلى النصرانية ، فكل فريق يدعو إلى دينه ، ويزعم أنه (طريق الهدى) فهذا معنى قوله : { تَهْتَدُواْ } أي أنكم إذا فعلتم ذلك اهتديتم وصرتم على سنن الاستقامة ؛ ولكن خاب ظنهم و خسر مسعاهم ؛ فالدين الحق هو دين الإسلام0 بقلم فؤاد الدقس الكاتب السوري
أبو الحزم- عدد الرسائل : 22
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 12/02/2010
مواضيع مماثلة
» أتباع الملة الحنيفية(2)
» أحمد الريسوني: يجب التحاور مع من يخالفنا في المذهب أو الملة وليس اعتقاله ومحاكمته
» أحمد الريسوني: يجب التحاور مع من يخالفنا في المذهب أو الملة وليس اعتقاله ومحاكمته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى