صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافةِ مَسؤوليةُ وزارةِ الثَّقافةِ في الحَجْبِ الشِّعريِّ

اذهب الى الأسفل

رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافةِ مَسؤوليةُ وزارةِ الثَّقافةِ في الحَجْبِ الشِّعريِّ Empty رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافةِ مَسؤوليةُ وزارةِ الثَّقافةِ في الحَجْبِ الشِّعريِّ

مُساهمة من طرف عبدالله الجمعة 20 فبراير 2015 - 21:05

السيد الوزير،
تحية طيبة، وبعد.
لعلَّه كان حريًّا ألا يُؤبَه بما انتهتْ إليه مداولاتُ جائزة المغرب 2015، بحكم أنَّ المشهدَ الثقافيَّ المغربيَّ ذو انتكاساتٍ، ومنْ حيثُ إنه لا تُعدمُ التباساتٌ في ما له صلة بالمؤسسة الوصية، لاعتباراتٍ غير ثقافية، ولاختياراتٍ لها آلياتُها وغاياتُها، بما لا يستدعي تفصيلَ قول في أشياءَ لمْ تعدْ استثناءً غيرَ مكرَّس بشكل تام.
كانَ حريًّا الإلمامُ بما حدثَ، والإحجامُ عنْ إيلائه حجما أكبرَ منه، والإنعامُ في تلافيه التفاتا إلى ما يهمُّ المرءَ في مسعاه الثقافي، وفي الإنصاتِ إلى ما دأبَ عليه منْ اكتفاءٍ بتأمل معرفيٍّ ونقديٍّ وإبداعيٍّ، نافضا يدا منْ زبدٍ لا يمكثُ في الأرض إذا لا يلبثُ إلا طرفة عين.
كانَ حريًّا الاقتصارُ على ذلكَ، والانتصارُ لدَعة البال وهدأة الجنان، فللمشهدِ الثقافيِّ المغربيِّ، منذ أكثرَ منْ ثلاثة عقودٍ، خصوصياتٌ وجغرافية تحولاتٍ في القواعد والمقاصد، ثمَّ له مدونة تدبيرية عفَّتْ على ما تقدَّمها، وآلتْ إلى أبجديَّةٍ تصريفيةٍ للفعل الثقافيِّ ما عهدها قبلُ، حيثُ ممارستُه ارتأتْ أنْ تنسخ المعهود بالمشدود إلى القيم الاستهلاكيةِ المتداولة.
لكنْ لا بدَّ ممَّا ليس منه بدٌّ.
أنْ تحجبَ جائزةٌ ما، إذا كان القانونُ يرخِّصُ بذلك، فلا تفسيرَ لها إلا أنَّ المقدَّم من أعمال لمْ يرقَ إلى ما يستدعي إحرازَها، وليس يحدثُ قولٌ بـ " عدم الترقِّي " إلا بناءً على مقاييسَ وضعتْ لتيسير وتسيير أشغال اللجنة المنوط بها الفحصُ والتداولُ والتَّحكيمُ، وإلا بإعداد تقاريرَ مفصلةٍ عن كلِّ عمل مرشح لبيان عدم استجابته لمعايير اللجنة، وبالتالي عدم أهليةٍ للصعود إلى الجائزة، وإلا بقراءةٍ من لدن أكثرَ منْ عضو، وإلا باقتياد القول ملموما بسند حجة وبرهان.
إنَّ القولَ النقديَّ علميٌّ، خَبرا وخُبْرا، إذ البناءُ على الصناعة صناعةٌ، ولا أحدَ، إنْ قديما وإنْ حديثا، لا يسألكَ آلياتِ اشتغالكَ بما يمكنُ تسميتُه عمقا معرفيا / منهجيا؛ إذ لا شيءَ يخضع للمصادفة ما دامت الكتابة بناءً، وما دام الوقوفُ عليها، نقدا، لا يتأتَّى إلا بناءً، ولا شيءَ غير قابل للتَّعدد رؤيةً وتباينَ تأويل. ومن هنا أحدِثتِ اللجان، وحُدِّدَ لها أعضاء، ووضعَ، على رأسها، منسقون يضبطون التداول، ومقررون يُحررون محاضره، حتى إذا اختلفوا انصرفوا إلى ما خطَّتْ يمينُهم منْ صحائفَ لعلَّهم بها يتذكرون، ولعلَّها سبيلُ توافق في ضوء مقارعة برهان ببرهان، ومحاججة بيان ببيان.
السيد الوزير،
أنْ تُحجبَ جائزةٌ فرفضٌ لبقٌ للأعمال المرشَّحةِ. هذا الرفضُ الحاجبُ يولِّدُ استدراكا ذا طابعين أولهُما قانونيٌّ: هل يتضمَّنُ مرسومُ تنظيم الجائزة قولا صريحا بإمكانية " الحجب " ؟ وثانيهما أدبيٌّ إجرائيٌّ: هلْ نهضت اللجنة بالأعباء الموكولة لها قبل الانتهاء إلى قرار بـ " الحجب " أو بغيره ؟
تحدِّدُ المادة 6 من المرسوم، مستوياتِ اشتغال اللجان كالتالي: ( .. ويُعهدُ إلى اللجان بالقراءة والمداولة والتَّحكيم وتحديد المصنفات الفائزة .. )؛ وهيَ مستوياتٌ متدرجة، باعتمادٍ منطقيٍّ كما في المنهج العلمي، من الملاحظة فالوصف فالتصنيف فالتقنين، من القراءة إلى التحديد.
هلْ تُقرأ الأعمال كما يتعيَّنُ أن يكون عليه الأمر، بتقدير للمسؤولية أولا وباحترام للمقدَّم من المصنفات من موقع تكافؤ الفرص ثانيا ؟ وكيف تقرأ ؟ ومنْ يقرأ ؟
لا نودُّ إزجاءَ درس في كيفية الانتقاء، ولكن المشتركَ المتداولَ بين الهيآتِ العلميَّةِ، ونحنُ منها، والثَّقافيَّةِ، ونحنُ مشاركون فيها داخل وخارج المغرب، والإبداعيَّةِ، ونحنُ منخرطون فيها منذ عقودٍ، أنَّ القاعدة الأولى في الانتقاء تتمثلُ في الاختصاص، وفي الاقتدار العلميِّ على الفحص، وفي الأهليةِ النقدية للتَّمييز والتَّصنيف، وفي القدرة التَّركيبيَّةِ على استيعاب خصوصياتِ أجزاءَ، هيَ المصنفاتُ المرشَّحة، للتَّمكُّن منْ بلورة الإطار العام للكلِّ المقترح لأية غاية أكانتْ جائزةً أم غيرها. هذا عنصرٌ أوليٌّ في كيفية الانتقاء.
يشتركُ، معه في التَّصدُّر القاعديِّ، عنصرٌ لا يقلُّ عنه أولويةً، وقد يزلُّ ذلك الاقتدارُ الثقافيُّ بدونه، ويتعيَّنُ أنْ يكون المنتقى مُحلَّى بنزاهة فكرية، ومُجلَّى بأريحيةٍ خلقية، ومُعلَّى بقيم إحقاق الحق، ومشمولا بصرامة الباحث المحكَّم الذي لا يخضع لمؤثرات خارجية، ومحمولا إلى عدم إذاعة ما تكون عليه أعمالُ اللجان في الذي يدعى بـ " التَّسريبات "، إنْ إبَّان المداولات أو ما بعدها، فإنَّ المحاضرَ، إذا نشرتْ، كفيلة بالإنباء، وإنها تختزلُ ما انتهى عليه الأعضاءُ بالتوافق الكليِّ أو بالتَّصويت الأغلبيِّ.
السيد الوزير،
هلْ عملتِ اللجانُ في ضوء ما تقدَّمَ ؟ لا أحدَ يعرفُ إلا أعضاؤها، ولكنْ يمكنُ أن نقرأ العملية كلَّها، باستحضار المصنفات المشاركةِ، والتي تنفتحُ مروحتها منْ 14 إلى 67 عملا، ويمكنُ أنْ نستقرئ ما كان بلجنة الشِّعر من خلال الهُويَّاتِ العلميَّةِ لأعضائها.
لا أحدَ عاقلا يُجيزُ إمكانية حدوثِ قراءةٍ، وإن استئناسيةً في غضون شهر واحد، مهما كانت القدراتُ الاستيعابيَّة والإدراكية لأيِّ عضو. أما إذا القراءة نقديةٌ، وهكذا هيَ في أية لجنةٍ، فلا يُسعفُ مَسحٌ قرائيٌّ أوليٌّ، إذ لا يعدو مدخلا تعرُّفيا إلى المقروء، وكلَّما تعدَّدتِ المداخلُ اتَّسعتِ الرؤية واستبانتِ العبارة، وكان الرأيُ إلى السَّواء، وإذا لم يكنْ صائبا فهو أقربُ إلى الصَّواب.
أمَّا إذا أضيفَ، إلى ما سبق، كمٌّ تبلغ ذروتَه 67 روايةً يتجاوزُ جلُّها 100 صفحة، بل إن اثنتين تأخذان حجما هاما يصلُ إلى 340، فـ 285 صفحة، ودواوينَ شعر أشرفتْ ثلاثة منها على 710، فـ 327، فـ 253 من الصفحات، ودراساتٍ أدبيةً ولغويةً وفنيةً أدركتْ 694، فـ 608، فـ 451 من الصفحات، دون أنْ نستمرَّ في المتبقِّي من الأصناف، فيكبرُ السؤالُ: أهناكَ مَنْ ألهمَه الله القدرة على قراءة هذا الكمِّ في جلابيب شهر واحد أمْ أننا، بعدما نيفنا على تُخمةِ القراءة، لا نعرفُ كيف نقرأ ؟
أمَّا إذا سُئلتِ القراءة بأيِّ وجهٍ حُملتْ، فلا بدعَ أنْ يرتسمَ الدَّهَشُ إذا نُميَ إلينا أنَّ توزيعَ تلكَ المصنفاتِ يكونُ على أعضاء اللجنة الخمسة. دَهَشٌ لأنَّ المترشح يودعُ 8 نسخ، بما يُعربُ، مبدئيا، أنَّ كلَّ عضو متحصِّلٌ على نسخةٍ من المصنف. دهشٌ لأنَّه، وإنْ في هذه الحالة، يكونُ الحِملُ غيرَ هيِّن. لنضربْ مثلا: يتعيَّنُ في لجنة " المَحكيات والسَّرديات " أنْ يستلمَ كلُّ عضو بين 13 و14 عملا، وأن يُمكَّنَ عضوُ لجنة " الشعر " من 7 إلى 8 من الدَّواوين، وأن يتكفلَ كلُّ عضو في لجنة " الدِّراسات الأدبية واللغوية والفنية " بما بين 8 و9 من المؤلفات؛ فمَن مُقتدرٌ على فحص قرائيٍّ ونقديٍّ لما تقدَّمَ في حدود شهر، وإن اعتزلَ الناسَ أجمعين.
ثمَّ هوَ دَهَشٌ لأنَّ القانونَ يقولُ بالمداولة، وهيَ لا تنبني على الرأي الوحيد، مهما كان صاحبُه مبرزا، ومهما قويتْ شوكته التَّقديرية لما بين يديه؛ فالمداولة إجالة الرأي في قضيةٍ ما قبلَ نطق بالحكم، وهي، هنا، ممارسة رقابية على الاشتغال القرائيِّ، وإنتاجُ فضاءٍ تكافؤيِّ بين الأعمال المرشحة، ولعلَّها، هنا أيضا، تجلية لأصيل القراءة منْ دخيلها بفعل خارجياتٍ تشوشُ على الحكامة الجيِّدة، وعلى السَّواءِ المنهجيِّ في الانتهاء إلى تحديدٍ فائز دون غمطِ آخرَ حقا كان له حقيقا.
وقد يستمرُّ دَهَشا إذا افترضنا ميَلانَ الشرطين الأولين القرائيِّ والتَّداوليِّ، إذ ما القولُ في ما لا بدَّ أن يترتَّبَ عنه من تحكيم وتحديدٍ للمصنف الفائز ؟ وما مبلغ الصِّدقية والشفافية في المقترح لإحراز جائزة المغرب في كل الأصناف ؟
منْ هنا، لا أحدَ يفهمُ كلامَ السيد رئيس الجائزة عن عدم الكفاية الزمنيَّةِ، لأنه إقرارٌ أنَّ خللا تدبيريا شملَ مراحلَ فحص المصنفات المرشحة، وأنها وُسمتْ بتعذُّر قرائيٍّ، وأنَّها لمْ تلتزمْ بما أوجبه المرسومُ المنظِّمُ منْ قراءةٍ ومداولةٍ وتحكيم وتحديدٍ للمصنفات الفائزة، وبذلكَ لا شيءَ يبعثُ على الاطمئنان إلى ما انتهتْ إليه.
لا أحدَ يفهمُ: مَنْ ألزمَ اللجانَ بالعمل والغلافُ الزَّمنيُّ قاصرٌ ؟
لا أحدَ يفهمُ قولا بإحداث لجنة فرز تنظرُ في المصنفات المودعةِ وتتخيَّرُ منها ما يعرضُ " وفقَ معاييرَ محدَّدةٍ ومضبوطةٍ .. على أعضاء لجان الجائزة الست" خارج المرسوم المنظم للجائزة، وكأنَّ المسكوتَ عنه أنَّ عملَ اللجان لمْ يكنْ مؤسسا على " معاييرَ مُحدَّدةٍ ومضبوطةٍ."
لا أحدَ يفهمُ تخريجا بكون " مصداقيةِ الجائزة مِنْ مصداقية اللجنة ". هذا أمرٌ غيرُ قائم بفعل صدقية الجائزة متأتية من مرسوم تنظيمها، لأنها جائزة مغربية ويُصرفُ عليها من المال العام، ولأنَّ " مصداقية الجائزة " منْ صدقية الأعمال المقدَّمة إليها، ومن التزام لجان القراءة والمداولة والتحكيم وتصنيف المؤلفات بالقانون، وبما يٌبعدُ أعضائها عن الشُّبهة؛ وكيف تكونُ " مصداقية الجائزة من مصداقية اللجنة "، وقد قيلَ إنَّ " لجنة الشعر " عرفتْ " تسريباتٍ " و" ضغوطاتٍ خارجيةً "؛ وهما أمران لا يمكن، موضوعيا، أن يكونا و" اللجنة ذاتُ مصداقيةٍ "، إذ "التَّسريباتُ " واجهةُ ضعفٍ أخلاقيٍّ، وتحلل ثقافيٍّ، وسوءِ تقدير للمسؤولية.
ومنْ باب الاستطراد الجاحظيِّ: أما كانَ ممكنا للمسؤولين في وزارة الثقافة الذين تكفلوا بتعيين أعضاء لجنة شهدتْ " تسريباتٍ" أن يَحلُّوها، وأن يُحدثوا لجنة ثانية بأعضاءَ آخرين، فما القانونُ بحاجِبهمْ عنْ ذلكَ ؟ وأما كان عقلانيا أن يُرجأ الإعلانُ عن الجائزة، في ضوء ما حدث، وجعلُها، استثناءً، منفصلة عن المعرض الدولي للكتاب، كما يُرخِّصُ بذلكَ المرسومُ المنظمُ للجائزة ؟
السيد الوزير،
لا أحدٌ فهمَ تبريرَ حجبِ " جائزة الشعر " بما يلي: " وسحبُ الشاعر المغربيِّ محمد بنطلحة وناشره لترشيحه لهذه الجائزة بديوانه " أخسر السماء وأربح الأرض"، الصادر عن مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب." إذ لا قرابة بين الحجب والسحب إلا في كونِهما سجعًا.
ومعَ محبتنا لصديقنا الشاعر محمد بنطلحة، مبدعا مبرِّزا نقولُ: هلْ من حقِّ مترشح للجائزة أن يسحبَ عمله وقد أودعَه مرفوقا بطلبٍ خطيٍّ موقع من المؤلف، سواء تقدَّمَ " بترشيحه شخصيا أو تم ترشيح مصنفه من طرف جهة أخرى " كما في المادة 6 " ب " من المادة الأولى بالمرسوم ؟
منْ يتحمَّلُ مسؤولية التَّرخيص بالسَّحب غير القانونيِّ ؟ وهلْ مِنْ منطق الأشياء، ثانيةً، أن يؤثر سحبُ عمل على أشغال اللجنة وأن يُربكَها، وأن يحفزَها على اعتماد " حجب " للجائزة أم أنَّ في الأمر تأطيرا مسبقا للجائزة تلوينا وتمكينا ؟
ولا أحدَ فَهِمَ كيفَ أنَّ لجنةً تملَّكَها " عُسرٌ قرائيٌّ "، كباقي اللِّجان مثلما أتى فويقه، أن تقولَ بالحجب، وهيَ لجنة مركبة منْ خمسة أعضاءَ، ويشهدُ الله أننا نُكِنُّ احتراما لهم بأجمَعِهم، ليسوا ذوي أكبريَّةٍ في نقد الشعر، بما يتطلبُ منْ معرفةٍ عميقةٍ ببلاغته، وسبل تصريفها، ومُعجمِه وطرائق اشتغاله، وتركيبِه وكيفياتِ بنائه، وإيقاعِه وأشكال تحصيله، وتخييله وآلياتِ قيامه، وبما يستلزم منْ تبيُّن الشعر في جغرافياتِه المتعددة، وفي مسافاتِه غير المؤطَّرة باختيار مُعيَّن، إذ لو تشابهتِ الكتابة الشعرية لندُرَ ماؤها، ولذبلَ عودُها، ولاندثرَ خبرُها مِنْ قِدم.
هذه أولياتٌ أساسية لتدبُّر أمر الشعر، ولهذا يُؤثِرُ غيرُ قليل من المشتغلين بالنَّقد حيادا عنه إلى أفضيةٍ سرديةٍ لا تشترط إلماما قويا بأسرار الصناعة، وإنْ كان نقدُ السرد لا يقلُّ جَساوة، ولكنَّ هذه الأمة تختصرُ الثقافة في مطوياتٍ تستثمرُها في هوامشَ إحاليةٍ لا تنبئ عن قراءةٍ واعيةٍ.
هيَ لجنة تنتظمُ عضوين بعيدين عنْ شعر بلغةٍ عربيةٍ، وهما الأستاذان أحمد عصيد وإدريس بلمين، وهما موجودان بقوة القانون في المادة 1 من المرسوم المنظم، وتنتظمُ اللجنة أستاذين لهما كتابة شعرية، وهما الإعلاميُّ ياسين عدنان وأستاذ الفلسفة مبارك وساط. بقيَ الأستاذ حسن مخافي أستاذا جامعيا ذا اهتماماتٍ نقديةٍ.
وما دمنا نتحفَّظُ في قدرة الشاعر أنْ يكونَ ناقدا فما بالكَ به مُحَكَّما؛ إذ يرى الشعرَ الحقَّ في الذي يكتبُ، وما عداه قدْ يكونُ وقدْ لا يكونُ، وما دام الشاعران، عضوا اللجنة، غيرَ مشاركين في المشهد النقديِّ للشِّعر، فبأيِّما مرجعيةٍ سوفَ تكون قراءتهما للمصنفات المقدَّمة، وكيف يتيسَّرُ النأيُ عن الذائقة إلى ما يشكلُ علما بالشعر. نقول هذا مجدِّدين تقديرَنا لهما معا.
إذنْ، عضوان في اللجنة بقوة القانون، وعضوان شاعران، وعضوٌ واحد يشتغلُ بالنقد، سواء كنا متفقين معه أو مختلفين، في تركيبة تفضي إلى السؤال الآتي:
هلْ تكونُ لجنة ما، في الجوهر، مكونة منْ عضو واحدٍ ؟ وهلْ تقبلُ، منه، قراءة ومداولة وتحكيم وتحديد المصنفات ؟ وهل هذه اللجنة ذات أهليةٍ للبتِّ في جائزة المغرب للكتاب، صنف الشعر ؟ وهلْ مخوَّلٌ لها القولُ بـ " الحجب " ؟
الحَجبُ، لغةً، المنعُ والستُر، وفي الشرع هوَ الحجبُ في الميراث، وجائزة المغرب إرثُ كلِّ المغاربة؛ ثمَّ إنَّ الحجبَ منعٌ من الدخول؛ وطبعا العاصبُ حاجبٌ، والعاصبون هنا هم الشعراءُ، والشعراءُ ليسوا داخلين فقط بلْ واصلون. ومنْ المستطرف أنَّ منْ أقسام الحجب: الحجبَ بالشَّخص: وهو أن يكونَ مستحقُّ الإرث محجوبا بشخص آخر. لكنَّه الشِّعرُ وليس الشَّرعَ، وإنْ بينهما جناسٌ يعرفُه أهلُ البديع بـ " تجنيس القلب ".
هوَ الشِّعرُ يصعبُ فيه التفضيلُ، غيرَ أنَّه يخضعُ لتفاوتٍ في الجودة يعرفها الخُبراءُ البُصراءُ بمضائق ودقائق ورقائق الشعر، ولا يصعدُ إليها مَنْ يتلمسُ، برفق، الطريقَ إلى الشِّعر، وبه وجلُ الغرزمَة.
بهذا يتعيَّنُ أن يكونَ الحجبُ مستندا إلى ما هو نقدي مفرغ من الدَّواوين المقروءة، ومُدمغ بتأصيل الرؤية وفق تقاريرَ تشملُ كلَّ ديوان على حدةٍ، وبناءً على مداولةٍ؛ وهما أمران كانا بعيدين ﴿ كسرابٍ بقيعةٍ يحسَبه الظَّمآنُ ماءً حتى إذا جاءه لمْ يجده شيئا ووجدَ اللهَ عنده فوفَّاه حسابَه واللهُ سريعُ الحساب ﴾ سورة النور 39.
السيد الوزير،
هلْ يوفرُ المرسومُ المنظمُ للجنة وللوزارة حقَّ " الحجب " ؟ وهل " التَّحكيمُ " يتضمَّنُ قولا بالحجب ؟ طبعا هذا الأمر مستبعدٌ، وطبعا إنَّ القولَ بكون المادة 1 التي تقول: ( تحدث جائزة تحت اسم " جائزة المغرب للكتاب " وتمنح سنويا لمؤلف أو عدَّة مؤلفات في الإنتاج الأدبي والدراسات والترجمة الصادرة باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية أو بالتعبير الحساني أو بإحدى اللغات الأجنبية ) يُجيز هذا الإمكانَ بالحجب قولٌ لعلَّ به من التمحل والتعمل التأويليين ما لا توصيفَ له؛ بلْ وإنْ سلَّمنا به فلا قولَ به إلا بعد استيفاءٍ حقيقيٍّ لـ" القراءة والمداولة والتحكيم وتحديد المصنفات الفائزة ". ولعلَّ حدوث " الحجب " أو " الاحتفاظ " سابقا، وحدوثَه، الآن، قد يكونان واردين تحت بند " الشطط في استعمال السلطة ".
السيد الوزير،
مسؤولية وزارة الثقافة قائمةٌ بكلِّ القوة الممكنة، فالقيِّمون عليها همْ منْ عيَّنوا أعضاءَ اللجان وفقَ مقاييسَ لا يعلمُها أحدٌ، ومنها لجنة الشعر، وفيها منْ يُعوزُه الاقتدارُ المعرفيُّ والنَّقديُّ لتدبُّر الكتابة الشِّعرية، والقيِّمون عليها همْ الذين لمْ يحتكموا إلى القانون في أمر " التَّسريبات " بحلِّ اللجنة وعقدِ ثانيةٍ، وفي سحب مترشح مصنفَه بعد إيداعِه موثقا بطلبٍ خطِّيٍّ منه، والقيِّمون عليها هم الذين لمْ يُحسنوا تدبيرَ النازلة بتمكين اللجنة من مُتيسَّر زمنيٍّ، غيرَ مُفعِّلين ما ورد في المرسوم المنظم في المادة 8 من المادة الأولى: ( ويمكن أن تسلم الجائزة استثناءً في حفل رسمي خارج موعد المعرض الدولي للكتاب وبشكل منفصل عنه )، والقيِّمون عليها هم الذين أجازوا حَجبا مشكوكا في قانونيته، والقيِّمون عليها هم المسؤولون عن هذا الشَّوبِ الذي يلحق بجائزة وطنية ليستْ ملكا لأحد، لأنها جائزة المغرب للكتاب.
السيد الوزير،
لا مطالبة إلا:
1. بالكشف عن المسكوت عنه جهارا نهارا.
2. بمحاسبة مُحدثي هذه الالتباسات الأدبية والقانونية.
3. بتحديد مقاييسَ أخلاقيةٍ وعلميةٍ في تخيُّر أعضاء اللجان.
4. بالإعلان عن التقرير العام الذي يبرر منحَ الجائزة..
5. بتوقير هذا البلد ذي التاريخ الثقافيِّ الباذخ تراثا وتحديثا.
6. باحترام عقولنا إذ إننا خبراءُ بالشأن الثقافيِّ والإبداعيِّ.
هيَ مطالبة متأتِّية من استهلال تقديمِكم، السيد الوزير، لـ " دليل جائزة المغرب للكتاب برسم سنة 2015 " إذ قلتمْ: " تستمر جائزة المغرب للكتاب محطة ثقافية سنوية للاحتفاء بالإنتاج المغربي شعرا وسردا ونقدا، وترجمة وبحثا في مختلف الإسهامات اللسانية والأصناف المعرفية. ومنذ إحداثها سنة 1968، استحقت هذه المكافأة الوطنية مكانتها كتقليد رمزي يستقطب اهتمام عدد كبير من المبدعين والمفكرين والنقاد والباحثين، فضلا عن المعنيين بقطاع النشر وتداول الكتاب المغربي ".
وهي مطالبة من موقع رفض حجبٍ مورس على الشعر دون وجهٍ حق.
وتكرموا بقبول احترامي وتقديري.

العلم الثقافي. الخميس 19 فبراير 2015. ص: 12

مصطفى الشليح
رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الثقافةِ مَسؤوليةُ وزارةِ الثَّقافةِ في الحَجْبِ الشِّعريِّ 259075109967806204726747490092940912119527843105n
عبدالله
عبدالله

ذكر عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى