صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المدرسة العاهرة :الحسن اللحية

اذهب الى الأسفل

المدرسة العاهرة :الحسن اللحية Empty المدرسة العاهرة :الحسن اللحية

مُساهمة من طرف sabil السبت 14 مارس 2015 - 22:11

المدرسة العاهرة :الحسن اللحية 710789hassanlahyae1426287573880590x443
المدرسة العاهرة
الحسن اللحية أستاذ علوم التربية بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط
يعتبرالباحث البلجيكي نيكو هيرت من أبر مناهضي الإصلاحات الجارية في التعليم، أو بمعنى أدق من أبرز مناهضي تسويق المدرسة وتبضيع التعليم عالميا وأوربيا؛ إذ لم يكتف بالتأليف والمقالة، وإنما بادر على تأسيس جمعية أطلق عليها “نداء من أجل
مدرسة ديمقراطية”. وما سنعمل عليه هنا هو إبراز أهم القضايا التي يناقشهانيكو هرت في مؤلفاته الثلاث المعروفة بين القراء.
أولا: كتاب اللائحة السوداء
صدركتاب اللائحة السوداء سنة 1998. ينطلق الكتاب من تحذير للقارئ مفاده أن البحاثين نيكو هيرت وجرار دو سليس سيستعملان لغة أو معجم الأغنياء (الباترونا أو الملاك أو المصنعين أو الأقوياء أو المقررين لأن الباترونا هم في النهاية ملاك لمقاولات متعددة الجنسيات ويريدون أن يظلوا أغنياء)، ويضرب الباحثان مثلا بصاحب مكروسفت الذي تتجاوز ثروته العائد العام لستين مليون إفريقي. لذلك فإن الغني هو الغني.
إن مسألة إصلاح التعليم تتعلق بالتكنولوجيات الجديدة وليس الأمر هو الوقوف ضد استعمالها فيه إن كانت ستساهم في تحسينه ودمقرطة المدرسة، لكن المؤلفين ضد الاستراتيجية المتبعة في هذا المجال التي تستهدف وضع التعليم تحت متطلبات الباترونا وخوصصته. تلك هي أطروحة الكتاب أو بالأحرى قضيته: كيف سيجعل الإصلاح الحالي التعليم في خدمة الأغنياء، وبالتالي سيفضي إلى خوصصته؟ وكيف حصل وسيحصل ذلك؟.
ينطلق الكاتبان من رصد حالة مفترضة لأسرة يعمل الأب مترجما عن بعد وهو مجبر على إرسال ما قام به قبل منتصف الليل عبر الانترنت لأن الباترون لا يقبل التأخير.ثم إنه يقبل على التكوين الذاتي بعد ما كانت المقاولة تعمل على تكوينه في مقر عمله. والابن في غرفة يتقاسمها مع أخته، وهو لا يذهب إلى المدرسة إلا صباحا بينما يقضي فترة ما بعد الزوال أمام الحاسوب لتعلم اللغات والرياضيات إلخ… وقد عمل أبواه على تسجيله للاستفادة من عدة دروس عن بعد رغم تكاليفها الباهظة لتفادي البطالة. وبينما يراجع الطفل دروس اللغات أعلن المذياع زوالا في النشرة الإخبارية أن ثلث الشباب وربع البالغين لم يجدوا عملا.
لم يتلق الطفل نتائجه المدرسية مما يعني أنه لن يحوز على الدبلوم. في حين أضاف الممول نقطا في “بطاقة كفاياته” لتقدمه في التعلم عن بعد لأنه في الوقت الذي سيبحث فيه عن شغل سيكتفي بإدخال بطاقة الكفايات في حاسوبه بحثا عن شغل فإذا ما كانت كفاياته متناسبة والمطلوب من الممكن أن يحصل على شغل.
وأما الأم ليس لها عقد عمل لذلك فهي تقبل بكل شئ حتى ولوكانت مدة عملها تتجاوز العشر ساعات يوميا بما فيها نهاية الأسبوع لانمطالب الحياة كثيرة كالتجهيز والتدفئة والكهرباء والاتصالات والانترنت…
لقد أصبحت العائلة برمتها تخصص ربع ميزانيتها لشراء التجهيزات والاتصالات والانترنت وأداء الدروس عن بعد.ولهذا السبب لم يعد للأم زميلات ولا تجد الفرصة للاجتماع بالأصدقاء منذ زمن بعيد لسبب واحد هوكونها أصبحت مشغولة. والأب من جانبه ابتعد عن أنشطته النقابية، بينما الابن له صديقة لم يرها قط لأنه يتبادل معها أطراف الحديث على الانترنت عبر علبة الرسائل القصيرة المباشرة.
هل هذا هو المصير الممكن الذي ينتظره الجميع أو أغلبية الناس؟ هل هذا هو المصير الذي يتنظره كل تلميذ؟ لماذا حصل ما حصل؟ لماذا أصبحت الدروس الموازية (الدروس عن بعد) أو تربية الظل أكثر مردودية من المدرسة؟.
يفسر الكاتبان هذا التحول الذي أصاب المدرسة بالحروب الاقتصادية؛ إذ منذ 1972 والعالم الغربي يعرف أزمات اقتصادية لم يعرفها من ذي قبل تتمثل في ارتفاع نسبة البطالة وإفلاس المقاولات واختفائها. ففي أوقات الأزمات تجد المقاولات صعوبات في تسويق المنتجات مما يجعلها تدخل في منافسات حادة، وذلك ما يتطلب السيولة النقدية و إبرام تحالفات جديدة والبحث عن مصادر جديدة وأسواق جديدة .
منذ بداية الثمانينيات عملت الباترونا وخبراء OCDE وFMI والبنك الدولي واللجنة الأوربية على اكتشاف مجالات مالية جديدة منها الموارد المالية للدول والخدمات العامة.إنها مستعمرات جديدة لا ينبغي غزوها والسلاح في اليد لأنها ليست خارج البحار، سيتم ذلك بوضع استراتيجيات جديدة وكثير من اللغط كالدعوى القائلة بالمحافظة على السلم العالمي ومراقبة الاقتصاد العالمي حتى لا تحدث نكسات اجتماعية. فبدأت الاجتماعات السرية والتحالفات الجديدة مثل اجتماعات العصبة الأوربية للتعاون والاقتصاد LECE والطاولة المستديرة للمصنعين الأوربيين ERT المؤسسة سنة1983 ، ونفس الشئ عرفته الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وبنفس الهدف .
إن الحجج التي ساقها هؤلاء الكبار تأخذا طابعا كرونولوجيا يبدأ منذ سنة 1989، وهي نصوص تفصح عن الطريقة التي فكر فيها الأغنياء لإنجاز مشروعهم الخوصصي للتعليم بخاصة والقطاعات الاجتماعية بعامة، نصوص أنجزت من طرف الخبراء على شكل تقارير مقدمة لأصدقائهم السياسيين، وهم ينتظرون من الأصدقاء تطبيقها من حيث أنها تعليمات وجب تطبيقها حرفيا، لكن عن طريق “ديمقراطيين” حتى تبدو أنها إصلاحات قام بإنجازها رجال أو حكومات ديمقراطية أمام الناخبين. وقد يعمد هؤلاء الكبار والخبراء إلى تنظيم ندوات وأوراش ليفسروا للسياسيين ما يجب أن يقوموا به ولإقناع الرأي العام عبر وسائل الإعلام لخلق حوار ماكر بين الناس.
إن النصوص التي اعتمدها المؤلفان نصوص خبراء مليئة بتعابيرهم وصيغهم ومعجمهم، وهي تعتمد التكرار المقصود لتركيز ما يرغبون فيه.
ففي سنة 1989 نشرت الطاولة المستديرة للمصنعين الأوربيين ERT تقريرا تحت عنوان”التربية والكفاية في أوربا”، مؤكدة” أن التطور التكنولوجي والصناعي للمقاولات الأوربية يتطلب بوضوح تام إعادة تجديد متسارع لأنظمة التعليم وللبرامج التعليمية”واعتبرت ” التربية والتكوين استثمارات استراتيجية حيوية لنجاح مقاولة المستقبل”، علما أن “الصناعة ليس لها سوى التأثير الضعيف على البرامج التعليمية”، و”المدرسون لهم معرفة غير كافية بالمحيط الاقتصادي (…)، بل إنهم لا يفهمون في الحاجات الصناعية” .
كما طالبت إرتي في نفس التقرير بأن يحصل تعاون بين”الصناعة والمؤسسات التعليمية للعمل معا من أجل تنمية برامج تعليمية مخصوصة لأجل الكبار الذين يمكنهم متابعة دراستهم من دون مغادرة عملهم”. ومن تم كانت فكرة”التعليم عن
بعد” أو “التعلم عن بعد”مما يعني تطوير البرانم التربوية .
لقد كان التعليم عن بعد موضوع وثيقة صدرت عن اللجنة الأوربية في 7مارس 1990 تحت عنوان” التربية والتكوين عن بعد” لا يختلف عما اقترحته إرتي. ومما جاء فيه:” إن التعليم عن بعد (…) ضروري للغاية (…) لبلوغ تعليم وتكوين ذو مردودية(..)..تعليم ذو مستوى عال يمكن إنتاجه مركزيا وبعد ذلك العمل على نشره على المستوى المحلي (.)” .
إن التعليم في نظر اللجنة الأوربية ينبغي أن يواكب الثورة الإعلامية وأن يتجدد بتجددها لأن المعارف الضرورية لا يتعدى عمرها العشر سنوات .ثم إن التعليم عن بعد يسمح للمقاولات بالاستثمار في تطوير رأسمالها البشري بالتحكم في التكاليف ( والمقصود هنا العامل الذي يتكون عن بعد في منزله أو في نهاية الأسبوع).ففكرة التعليم عن بعد أوحت للجنة الأوربية بخلق جامعة مفتوحة على شكل مقاولة للصناعية والتعليم والتعليم العالي عن بعد.وستعمل هذه المقاولة على بيع منتجاتها على مستوى سوق التعليم المستمر الخاضع لقانون العرض والطلب .
يستخلص الباحثان، بعد استعراض محطات عديدة، أن التعليم صار صناعة ستعمل على بيع منتجاتها (الدروس) وفق قانون العرض والطلب ومن لايستطيع أداء تكاليف هذه الدروس سيحكم عليه بالطرد.فالطلبة هم الزبناء، هم المستهلكون لا المواطنون والمنتجات هي الدروس .
كما ربطت اللجنة الأوربية بين التعليم عن بعد والمنافسة. جاء في أحد تقاريرها:” يتطلب تحقيق هذه الأهداف بنيات تربوية ينبغي تصور اشتغالها انطلاقا من حاجات الزبائن. يمثل التعليم عن بعد إغراء خاصا لأنه يمكنه أن يتكيف مع متطلبات العمل”. ثم إن” التعلم المفتوح والتعليم عن بعد لا يعود إلى الحدود الوطنية، وذلك ما سيساهم في توسيع امكانات السوق”.
يتمثل المسعى الذي تتوخاه طاولة المصنعين الأوربيين واللجنة الأوربية حسب الباحثين في تخريب التعليم العمومي، التعليم المجاني عن طريق خلق شبكات للمعلومات كأداة لتعليم وتكوين جميع الشباب لإعطاء بعد دولي للتعليم.إنه بالكاد، حسب الباحثين، البعد الدولي التجاري، وذلك ما يتضح من خلال برنامج ليوناردو الموجه للتعلم طيلة الحياة وتطوير أشكال جديدة للتعلم والتصديق على الشواهد والتحكم في التكنولوجيات الجديدة.ومن المفروض أن تعتبر التربية، كما جاء في تقرير مجموعة السبع G7 ، خدمة كباقي خدمات العالم الاقتصادي، ذلك هو مضمون التعلم من المهد إلى اللحد.
يرى الباحثان أن المدرسة ستكون تحت الرقابة والسلطة المباشرة للمقاولات حينما تدعو لتشجيع التعلم الذاتي في المنزل لا في مقر العمل وان كل تلميذ ينبغي أن يتوفر على حاسوبه الخاص كعلامة على نهاية المجانية.
يأخذ تعلم التعلم والتعلم مدى الحياة أو التعلم من المهد إلى اللحد معنى خاصا في تقرير طاولة المصنعين الأوربيين الصادر في سنة 1995؛ إذ الضرورة تستوجب تعدد وجوه التكوين وصولا إلى التصديق على الكفايات فرديا بعيد عن الدبلوم والمدرسة، وذلك بالتوفر على بطاقة شخصية للكفايات .وهذا ما يفسر تشجيع اللجنة الأوربية للبرانم التربوية المتعددة الوسائط وخلق وكالة خارجية للتقويم غير حكومية لدعم الشفافية وتنظيم السوق بين المتنافسين.
لا تخرج مقررات OCDE عن هذا المنحى لما ترى أن التعلم مدى الحياة لا يتوقف على الحضور الدائم للأستاذ. فالتعلم مدى الحياة ستضطلع به المقاولات التربوية.وعلى مستوى التعليم العام ترى أنه على الطلبة المساهمة في تمويل جزء كبير من تكاليف تربيتهم . وفي المقابل دعت اللجنة الأوربية المقاولات لوضع بطاقة الكفايات سنة 1996 لتأمين الاعتراف بكفايات كل فرد وفق نظام مرن ودائم يعتمد الوحدات والتقويم المعلوماتي وفق برنم تفاعلي مرتبط بشبكة الانترنت يسجل حصيلة الكفايات على البطاقة التي ستصبح بدورها جواز المرور نحو الشغل.لذلك كانت دعوة وزراء التربية الأوربيين إلى تشجيع الشراكة الدائمة بين المؤسسات التربوية (المدارس) ومزودي البرانم والبحث التربوي.
إذا أصبح التعليم بضاعة وسوقا للتنافس بين المقاولات ماذا يعني وجود المدرسة والقسم الدراسي والحجرة الدراسية في عهد التعليم المفتوح والتعلم عن بعد؟ لا بد من الوقوف عند وظائف المدرسة التي حصرها الباحثان في أربع وظائف هي:
أولا:تمنح المدرسة حظوظا في تكافؤ الفرص لجميع الشباب لأنها تصحح اللاتكافؤ الاجتماعي الذي يعود للصدف والثقافة منذ الولادة، فبفضل المدرسة يمكن للطفل والطفلة الفقيرين أن يتكونا ويصبحا متساويين مع أبناء الأغنياء.
ثانيا: يسمح التعليم لكل فرد بتنمية إمكانياته والمدرسة تفتح أفق هذه الامكانات الإبداعية والفكرية والأدبية إلخ..
ثالثا:تعمل المدرسة على تهييئ الجميع لمنصب شغل دون ملاءمة ضرورية بين المدرسة والمقاولات.
رابعا: يعمل التعليم على خلق مواطنين أحرارا ومسؤولين يحترمون المؤسسات الديمقراطية والقيم التي تنبني عليها الدولة.
وما يتضح، في واقع الحال، أن المدرسة لا تعمل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لأنها تقوم على التقسيم والتوزيع حسب الأصل الاجتماعي لأنه لا وجود لمدرسة موحدة بالنسبة للجميع.ولماذا القول بأن المدرسة تمنح حظوظا متكافئة للجميع؟ لأنه بالتحديد الخطاب الذي يريدنا أن نعتقد بأن النجاح في الحياة مسألة استحقاق شخصي وفردي، وأن كل عاطل وكل كادح عليه أن يقتنع بأن المدرسة منحته الفرصة إلا أنه لم يجد استغلالها وعليه أن يلوم نفسه لأنه هو المسؤول عن فشله.
ثم إن هذا الخطاب يرى أن مسألة الذكاء مسألة فطرية وطبيعية مثل وجود الطويل القامة وقصيرها؛ هناك العباقرة وهناك الأغبياء، هناك المهرة وهناك العمال، هناك القادة وهناك الأتباع، هناك السادة وهناك العبيد، هناك المدبر وهناك المنفذ… لا وجود للامكانات والقدرات الموحدة؛ إذا كل فرد هو انعكاس للوسط أو ما صنعت منه الظروف، ومع ذلك ينبغي ملاءمة المدرسة مع المحيط الاقتصادي وتجديد أنظمتها القديمة بزيادة مصاريف إضافية حتى يصبح الطلبة أكثر إنتاجية.
ومن الجانب الدمقرطة تقدم المدرسة افتراءات وتزييفا واضحا للدمقرطة لأن المجتمع الديمقراطي هو الذي يكون فيه المواطنون لهم نفس السلطة.ولهذا فلا وجود لمدرسة واحدة؛ إذ هناك مدرستان واحدة للأغنياء وأخرى للشعب.وما يجمع بينهما أنهما تعملان لصالح الأغنياء.ولكن كيف يمكن للتعليم أن يضمن المستقبل للشباب كما يقال عادة؟ففي مجتمع تتزايد فيه البطالة لا تعمل فيه المدرسة إلا على تحويل الشباب إلى يد عاملة منتجة توالسياسي.الأغنياء هاهنا تكمن الديمقراطية التي تقوم عليها المدرسة وليس تغيير الظلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.لا يفكر الأغنياء في الأطفال إلا بتعابير السوق. ففيما يخصهم هناك أطفال قادرين على أداء تكاليف التعليم الخاص وغيرهم غير قادرين على ذلك، وهم في نظرهم أطفال الشوارع، علما أن للشارع دلالات الرفض والمعارضة.وما ينبغي التفكير فيه هو مستقبل الشارع حينما يكون في يد أطفال الشوارع.
ثانيا:أسياد المدرسة الجدد
يرى الباحث نيكو هرت أن الإصلاحات الجارية في التعليم منذ عشر سنوات تدخل في إطار مرحلة تاريخية جديدة مطبوعة بانزلاق المدرسة نحو الاقتصاد؛ إذ الثمانينيات في من القرن العشرين عرفت المدرسة موجة من النقد والإصلاحات تعبيرا عن ملاءمتها مع المتطلبات الاقتصادية الجديدة. وقد ترجمت هذه الثورة على مستوى المحتويات بانزلاق المعارف نحو الكفايات. إن ما يحدث بتعبير أدق، حسب المؤلف، هو تسويق فعلي وحقيقي للمدرسة يشمل الملاءمة الواسعة للمحتويات والبنيات والمناهج والطرق التعليمية مع منتظرات المشغلين، وقد تم استعمال الأنظمة التربوية لتحفيز بعض الأسواق. وأخيرا تحويل التعليم والمعارف إلى سوق كبرى. فكيف حصل ماحصل؟ وكيف حصل أن تحولت المدرسة إلى سوق والمعارف إلى كفايات؟
للإجابة على سؤالنا يعود كاتبنا إلى فترة السبعينيات من القرن العشرين لتفسير الأسباب التي أدت إلى إعادة رسم السياسات التعليمية.وقد حصرها الباحث في مايلي:
1- التكنولوجيات الجديدة وما يرتبط بها من تراكم المعارف والتحولات التكنولوجية. ثم بروز المنافسة واللجوء للتكنولوجيات الجديدة لغزو أسواق جديدة في تزامن مع العولمة.
2- تطور سوق الشغل وتحوله نحو البطالة المقنعة والتركيز على وظائف جديد في اقتصاد جديد كالإعلاميات والهندسات الإعلامية والتخصصات والصناعات المرتبطة بها.
3- تخلي الدول عن التزاماتها القديمة لصالح القطاع الخاص.
بالإضافة إلى هذه العوامل الثلاثة عرفت فترة 80-90 انعدام استقرار النمو الاقتصادي وكان التأهيل والأزمات المالية من الأسباب التي أدت إلى التفكير في إصلاح التعليم.كما لم يغب التفكير في التعليم عن الأوساط الاقتصادية منذ ثلاثين سنة خلت.إذن، أين تتمثل هذه القوة الأساسية التي أدت إلى تجديد الأنظمة التعليمية؟ يرى نكو هرت أن إعادة التجديد تعود إلى التحولات التكنولوجية والانقلابات ، حيث المدرسة لا تعمل إلا على التكيف مع التحولات في واقع العمل .
يتخذ تجديد الأنظمة التربوية استعارة مليئة بالغموض لما يفهم كتقدم أو كحرحة مضادة للجمود؛ ستتجدد الأنظمة التربوية لتتحول من القسم والمدرسة إلى شبكة الانترنت، وسيعوض الحاسوب الأستاذ، وستصبح البرانم التربوية حلا لمشاكل الوقت وسجون المدرسة وإيقاعات التعلم.إننا أمام مدرسة جديدة على الساتل. فالمدرسة القديمة لم تكن قادرة على تتبع واستيعاب التطور التكنولوجي ولا تقدم ما هو مطلوب من تكوين مطلوب من طرف المقاولة ولا تتمتع بالمرونة الكافية ولا الاستقلالية بالنظر إلى التطورات المتسارعة على مستوى السوق.
إذن، على المدرسة الجديدة أن تودع الأهداف المعرفية لصالح الكفايات المرتبطة بالتشغيلية حتى تتلاءم والمقاولة، والسوق، عبر مسالك مهنية وتمهينية واضحة. ولا شك أن التكنولوجيات الجديدة قادرة على حل المشاكل في لحظة قصيرة بسحرها البيداغوجي للقضاء على الفشل الدراسي وانعدام التحفيز وغياب التأطير
إن الهدف الأساسي، حسب الباحث نكو هرت، من التجديد متعدد الوجوه؛ فهو من جهة أولى مراقبة للمعارف والكفايات والسلوكات التي سيكون عليها عمال ومستهلكي المستقبل، ومن جهة ثانية تتمثل المهمة الأساسية للمدرسة في دعم المقاولة.
فما ينتظره المشغل من المدرسة هو أن تكون الناشئة على الحرف المطلوبة كثيرا على مستوى السوق وعلى الكفايات العرضانية والرفع من مستوى الفهم التكنولوجي والتعدد الثقافي لأن مجالات العمل أصبحت مجالات عالمية ودولية.
ستكون المعرفة المدرسية، وفق هذا المنظور، كالأكلات الجاهزة؛ معارف سريعة وسطحية تتجدد كل يوم وبشكل دائم لتساير إيقاع التحول وانعدام استقرار الشغل: سيمر الشغيل في المستقبل من شغل إلى آخر بشكل لا ينتهي والنتيجة الحتمية عليه أن يجدد معارفة –كفاياته- باستمرار وذلك هو مضمون التعلم مدى الحياة.
يعزى اختفاء الشغل مدى الحياة لصالح العمل الظرفي والمدد المحدودة الإنتاج حسب الطلب والعمل الليلي والعمل في نهاية الأسبوع إلخ…، حسب الكثيرين، وإلى تسارع التحولات التكنولوجية ومطلب المرونة المرافق للأزمة الاقتصادية والمنافسة.
يمكننا تخيل ما قد تقوم به التكنولوجيات الجديدة وهي تعوض ما كان يقوم به الإنسان – العامل ليتفرغ للشأن العام و العمل الاجتماعي والثقافي أو ليستكمل التكوين ويواكب التطورات المعرفية فيحافظ بذلك على منصب عمله.لكن منطق الاقتصاد يختلف عن منطق التأمل والافتراض، وخاصة إذا ما كان هذا المنطق يشتغل في أزمات وظروف غير مستقرة تدفع للإنتاج بأقل عدد ممكن من العمال وبأقل التكاليف. وذلك ما يفسر بالليونة في العمل كحل للازمات غير المتوقعة، ويفسر المنطق القائل بأن التقدم التقني يتطلب الليونة والتكيفية، بل يفسر كذلك لماذا يحب أن يتكيف التعليم بشكل واسع مع”الحاجيات” الاقتصادية؛ وبمعنى أكثر يجب على المتعلمين أن يكتسبوا مع نهاية تمدرسهم الكفايات والمعارف والسلوكات التي تجعلهم عمالا منتجين وقابلين للتشغيللأن ما يميز الأنظمة التربوية، حسب تقرير الطاولة المستديرة، هو اللاتلاؤم بين التعليم والمحيط الاقتصادي وتقادم الأنظمة التربوية والتكوينية.
ماهي مطالب المرونة في العمل المفروضة على محتوى المعارف المدرسة في المدرسة؟ وما هي المعارف والمهارات وحسن التواجدات التي يطالب بها المشغلون؟ إن اليد العاملة المرنة هي يد عاملة متعددة الاستعمالات، يد متحركة وقابلة لاستكمال التكوين لأن سرعة التحولات التكنولوجية وإيقاعات إعادة هيكلة الصناعات ومطالب التنافسية جعلت العمال يغيرون عملهم باستمرار أو محيط العمل باستمرار.لذلك تطالب المقاولة بأنظمة تربوية تنمي الكفايات، وبخاصة الأنظمة التربوية التي تنمي الكفايات التي تسمح بالليونة، أي قدرة العامل على التكيف.ثم إن المعارف المدرسية صارت ظرفية ولحظية لا تستجيب للسياقات المهنية، وأهم ما ينبغي أن تنقله المدرسة هوأن تجعل الفرد قادرا على تحصيل المعارف وفق الحاجات لأنه لا وجود لتكوين عام يؤهل الفرد للحصول على كفاية مهنية. والنتيجة الحتمية لهذا التوجه تتجلى في تراجع الأهداف المعرفية لصالح الكفايات التي تطالب بها التجارة والخدمات مثل قدرة العامل على الاستئناس بالمحيط الذي فرضته التكنولوجيات الجديدة وتكيفه وقدرته على الاستجابة السريعة للأوامر واتخاذ القرار والتكوين الذاتي.
تقتضي المرونة المهنية وجود عمال أكثر تكيفا لهم القدرة على ممارسة مختلف المهام الموكولة إليهم. كما جاء في تقرير للجنة
الأوربية بأنه لا يكفي أن يكون العامل عارفا بالقراءة والحساب ؛ إذ ينبغي أن يكون قادرا على التحكم في أشكال التواصل وبلوغ المعلومة والتحكم في لغات متعددة. وبما أن المدرسة متخلفة عن الإيقاع الذي تتطور به المعارف العملية والمعنية فمطلوب منها أن تزود التلاميذ بأسس تسمح لهم بأن ينموا بأنفسهم معارفهم في المجالات التي تهمهم .هكذا ينزلق التكوين
المدرسي نحو التكوين المهني وتنزلق المعارف نحو الكفايات.
لا تتمثل التشغيلية التي تعني التكيف الممكن لعمال المستقبل مع متطلبات المشغلين في التأهيل أو في المعارف النظرية، بل في اكتساب كفايات تتماشى وتطور الشغل والمقاولة وذلك بتشجيع التعلم مدى الحياة والإبداعية والمرونة والتكيفية والقدرة على تعلم التعلم وحل المشاكل.
إذن، ماذا ينبغي أن ندرس؟ تميز اللجنة الأوربية بين نوعين من الكفايات للاستجابة لحاجات السياق الاقتصادي الجديد؛ منها الحاجة إلى تكوين أساسي متين، ثم الحاجة إلى كفايات تسمح بالتجديد. يشمل التكوين الأساسي القراءة والحساب. في حين تتمثل كفايات التجديد في استعدادات تكنولوجية واجتماعية وتنظيمية تسمح للعامل بالتكيف السريع مع تحولات المحيط وتنظيم الشغل.كما أقرت OCDE هذا التوجه منذ سنة1998 حينما دعت إلى استهداف أهداف ذات خصائص عامة عوض تعليم مواد بدقة لأن عالم الشغل يتطلب جودة علائقية واستعدادا لغويا وإبداعية والقدرة على العمل في فريق وحل المشاكل ومعرفة جيدة بالتكنولوجيات الجديدة، وهي كلها كفايات لا محيد عنها اليوم للحصول على شغل والتكيف السريع مع التطورات ومتطلبات الحياة المهنية.
وخلاصة القول في هذا الباب أن اللجنة الأوربية وغيرها من المنظمات ذات التأثير في السياسات التربوية أعرضت عن التخصصات والمحتويات المعرفية لصالح الكفايات العامة والعرضانية، وعن تخصصية هيئات التدريس لصالح مدرسين غير مدرسي المواد، والإعراض عن المواد لصالح الأنشطة والمجزرءات.
إن المبتغى هو أن يصبح عامل المستقبل قادرا على الاندماج وتقبل الاكراهات المفروضة عليه عن طريق تنمية كفايات اجتماعية، أي سلوكات واستعدادات ومواقف، وذلك ما يشير إليه المجلس الأوربي لما أعلن في أحد تقاريره بأن ما سيحصل من تغيرات وتحولات تكنولوجية في مجتمع الإعلام والمعرفة سيجعل الحدود بين التربية والتكوين تكاد تكون منعدمة ومن ثمة وجب التركيز ليس على المهارة وحدها وإنما على حسن التواجد كذلك.
يفسر هذا الموقف الأوربي بالدعوى القائلة بأن التكنولوجيات الجديدة ستؤثر تأثيرا كبيرا إن لم نقل ستغير مرتكزات مستقبل التعليم ووظيفة المدرسة. فما هي هذه الوظيفة الجديدة للمدرسة في مجتمع الإعلام والمعرفة والتكنولوجيات الجديدة؟
الظاهر أن المدرسة لم تعد مونوبولا لنقل المعرفة لأنها حسب وزيرة التعليم النمساوية ستتمثل وظيفتها في نقل معارف مهنية جيدة واكتساب كفايات منهجية واجتماعية وكفايات الاستقلالية والعمل في فريق والحوار وتدبير الخلاف والتواصل والمرونة والفكر الابداعي والمعنى الاجتماعي وقابلية التكوين المستمر والتحفيز بغاية التعلم .ونفس الشئ دافعت عنه في ألمانيا عن طريق حزب هلموت كول لما رأى بأنه من الأهداف الأساسية للحزب في مجال التربية تكييف التربية والتعليم مع عالم الشغل المستقبلي، وحيث أوجز مضمون هذا التكيف في الاستقلالية والمبادرة والابتكارية والثقة في النفس والقدرة على الحكم على الأشياء والتركيب.
إذن ستلقن مدرسة المستقبل كفايات اجتماعية أشير إليها ككفايات عرضانية، وهو ما تراه OCDE يختلف عن المقررات المدرسية.
رأينا أن المواقف الداعية إلى إصلاح التعليم ترد أسباب استعجالية الإصلاح، وبالتالي تغيير وظيفة المدرسة إلى تطور التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال (NTIC)، حيث فسر الباحث نكو هرت هذه الدعوات المتكررة بالاستئناس الذي ينشأ فيه الشباب، أي أن إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى المدرسة مبكرا يستهدف تنشئة جديدة لعمال المستقبل في محيط معلوماتي،
ولكن كذلك هو تحضير لمستهلكي الغد في محيط تكنولوجي.ومن أجل ذلك عقدت لقاءات كثيرة مثل لقاء أوتاوا في سنة 1998 تحت شعار عالم بلا حدود، و لقاءات تحت إشراف OCDE، تبين كلها أهمية التجارة الالكترونية في التربية والتكوين، حيث ستتحول مؤسسات التربية والتكوين إلى مؤسسات تساعد الشباب على إيجاد مكان لهم في مجتمع الإعلام والمعرفة.
لا يختلف هذا التصور عن موقف وزير التربية الألماني يورغن روترغس لما رأى بأن مجتمع المعرفة سيصير مجتمعا مكونا من طبقتين؛ الأولى طبقة عليا مسيرة للشبكات، وأخرى طبقة دنيا تجهل الإعلاميات. فالتخوف الذي أبداه الوزير ألماني لم يكن في السابق وكأن المجتمع لم تكن فيه طبقات. إن الهم الأساس أو الخلفية التي يصدر عنها الوزير الألماني هي تجنب اللامساواة وانعدام تكافؤ الفرص ليصير الجميع مهندسا إعلاميا أو يجب أن يغير الجميع وظائفهم ليصبحوا مهندسي إعلاميات.
لم تخف طاولة المصنعين الأوربيين رغبتها في إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى المدرسة كتخصص أساسي في التعليم والتكوين لتخويل المتعلمين ثقافة إعلامية كونية في مجتمع الإعلام والمعرفة ولظهور مصممين ومزودين ومنفذين ومستعملين أكفاء في هذا المجال لهم ثقافة إعلامية كونية يتوجهون للعالم أجمع كمستهلك .وهو ما حصل لما قرر الاتحاد الأوربي تجهيز جميع المدارس ما بين 2002و2005 بالتجهيزات الإعلامية وربطها بشبكة الانترنت.
البيداغوجيا
أغري كثير من المدرسين والبيداغوجيين بالخطاب الباترونالي حينما أضحى يردد القولة الشهيرة الداعية إلى التقليل من المعرفة والإكثار من الكفايات؛ أي التأكيد على التكوين بدل ملء الرؤوس، وتعلم التفكير بدل الحفظ.أليست هذه التصورات هي معركة البيداغوجيا التقدمية تقليديا؟.
لقد كانت المعارف المدرسية متهمة دائما من قبل الجميع مثل الرافضين لحفظ التواريخ وتقدس الماضي لأنه ماض وتدريس سير الأسلاف لأنهم أسلاف وغير هؤلاء، إلا أن الإصلاحات التي تدعو إليها الأوساط الاقتصادية اليوم لها طبيعة خاصة؛ فهي لا تستهدف ربط التنظير بالممارسة حتى يتمثل التلاميذ المعارف المدرسية، وإن ما يحصل هو تبديل اكتساب المعارف بالكفايات المرتبطة بإنتاجية العامل واختزالها في المهارات والنفعية التي لم تعد المدرسة وحدها القادرة على تعليمها للمتعلمين، لذلك ستختزل مهمة المدرسة في الكفايات العرضانية، وبالتالي تحول البرنامج الدراسي إلى قواعد للكفايات.
إن انزلاق المعارف نحو الكفايات هو انعكاس لتطور مواز على مستوى سوق الشغل يتجلى في التخلي عن فكرة التأهيل لصالح التشغيلية.
كان التلاؤم بين المدرسة والشغل المبني على التأهيل أو إرادة التخطيط لتكوين يد عاملة بعد الحرب العالمية الثانية يحدث في محيط مستقر، حيث يتمتع كل فرد بمنصب قار ومحدد يتناسب ودبلوم معين، والإنتاجية قارة أو قابلة للتنبؤ، إلا أنه في الوقت الراهن لا نجد غير التحولات السريعة، حيث يعمد العمال إلى تغيير مناصب شغلهم باستمرار وربما شغلهم كذلك، بل صار من المستحيل التخطيط للإنتاج وبالتالي الحاجات لليد العاملة مما جعل نظام التأهيل يبدو كعقبة أو عائق أمام التطور .وقد جاء ذلك في أزمنة تعرف تزايد العاطلين بالشواهد والدبلومات العليا عن العمل، وتراجع الضمانات المؤسساتية فيما يخص الشغل.
والحاصل أن التأهيل فقد كل معنى لتحل التشغيلية كمفهوم أكثر غموضا. لقد كان التأهيل مبيانا واضحا للقدرات الفكرية والتقنية ولمنصب الشغل والحقوق والواجبات وأما التشغيلية، فهي على العكس من ذلك، هي تراكم كفايات عامة وعائمة لاحتلال منصب افتراضا غير محدد، ولا تعترف بقدرات معينة ولا بحقوق معينة لأن الكفايات المطلوبة دوما في عالم يتحول باستمرار هي الكفايات القابلة للتحويل والنقل. وإن ما سيعطي للفرد قيمة في السوق، سوق الشغل، ويجعله يحصل على منصب شغل هو ما يسمح له بالمرور المرن من تخصص إلى آخر.لذلك فإن المعارف العملية تتطور هناك خارج المدرسة.
لتحول التأهيل إلى التشغيلية نتائج واضحة للعيان. فقد كان العمال فيما مضى يتفاوضون مع المشغلين جماعة ، لكن التفاوض اليوم صار فرديا يخضع لمتطلبات المشغل. إنه منطق الكفايات التفريدي الذي يحتم على كل عامل تكوين رأسماله الكفاياتي الأصلي المرن. وذلك ما يفسر لماذا فقدت البرامج المدرسية والدبلومات والشواهد نفعيتها.لكن بماذا ستعوض؟ يجيب الكتاب الأبيض الذي أصدرته اللجنة الأوربية بأن الدبلوم سيعوض بالكفايات الجزئية الدورية، أي بالتصديق المجزوءاتي الذي لا يعني التأهيل بشكل عام.
La charte des programmes-la charte un lycée pourXXIsiecle- le décret sur les missions de l’enseignement obligatoire). وإنما التأهيل بواسطة بطائق الكفايات skill’s card وبرامج التعلم مدى الحياة.
الخوصصة
دخل التعليم الآن مرحلة أريد له فيها أن يتكيف مع تحولات ومجتمع السوق بما فيها الليونة والسرعة في الاستجابة للتكوين وتشجيع أنماط التكوين غير المؤسساتية، وذلك ما تشجع عليه منظمة OCDE حينما تدعو إلى تعدد سياقات التكوين المهيكل وغير المهيكل لقتل المدرسة التقليدية وإحلال المدرسة الخاصة مكانها. ويتجلى ذلك من خلال ثلاثة وجوه هي:
أولا: استقلالية المؤسسات المدرسية؛ بمعنى دخول المؤسسات عهد اللامركزية لتفادي البيروقراطية، وبالموازاة مع ذلك ظهور علاقة تفريدية بين المؤسسة والتلميذ؛ إذ أصبح ينظر للآباء والتلاميذ كزبناء يبحثون عن تطوير وتنمية رأسمالهم البشري.
ثانيا:هناك اتجاه كبير نحو تبضيع التعليم، بحيث أصبح الهم السائد هو تحويل المعارف وتحصيل الكفايات رهان الصراعات التنافسية، أي تحول المعارف إلى خدمات مؤدى عنها مما يجعل المؤسسات التعليمية عبارة عن مقاولات تجارية. ثم إن نقل المعارف عن طريق التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال جعل المعارف تنفلت من المدرسة التقليدية بما فيها وظيفة النقل تحت اسم التجديد.
ثالثا:خضوع المدرسة للباترونا مما يجعل التعليم عامة خاضعا لمنتظرات الباترونا.
وفي تحليله للوجوه الثلاثة التي ذكرناها، تلك التي يتخذها تحرير التعليم، تساءل الباحث نكوهيرت قائلا لماذا اللامركزية؟ ولماذا الآن؟ فيجيب بأن سن مثل هذه السياسات كان بغايات وأهداف متنوعة منها:
1- التحكم في ميزانية التعليم.
2- تكسير المقاومات المناهضة للتغيير.
3- العمل بتنمية متنوعة.
4- العمل على التكيف السريع مع منتظرات المقاولات.
5- تكسير وحدة الشريحة التعليمية.
تدعو مجموعة طاولة المصنعين الأوربيين إلى أن يكون التعليم مستعدا لإعادة تحديد المهن باستمرار وتعزيز التكيف وتوسيع أنواع الكفايات؛ وذلك ما عملت به اللجنة الأوربية لما جاءت في الكتاب الأبيض الدعوة إلى تعليم أكثر مرونة وانفتاحا حتى يستطيع الأفراد تغيير عملهم أربع أو خمس مرات في حياتهم. ولن يتأتى ذلك إلا بمنح الاستقلالية للمؤسسات التعليمية ودفعها لركوب التجديد وتغيير المقررات والمناهج استجابة لمنتظرات الزبناء حسب ما تتوقعه المقاولات. ومن هنا كانت ملاحظة اللجنة الأوربية التي رأت بان المؤسسات غير الممركزة هي الأكثر مرونة والمتكيفة بسرعة كبيرة والمنمية للشراكات الجديدة.
وأما المنظمة العالمية للشغل oit فترى بأن روح المقاولة تتمثل في اكتساب الكفايات العرضانية المرنة والسهلة الاستغلال. فأي تعليم يمكنه أن يكسبها للتلاميذ؟ وأي مادة قادرة على ذلك؟ هل التاريخ أم الجغرافيا أم العلوم الطبيعية أم التربية الفنية إلخ…؟. يتعلق الأمر في نظرها باستجابة الأنظمة التعليمية للطلبات الواقعية والمباشرة للمقاولات، وهو أمر سيجعل القطاع العام مكرها على الدخول في منافسة للحصول على عقود التكوين، وبالتالي سيتمكن التلاميذ والآباء من الاختيار بكل حرية لأنهم ليسوا أمام نظام تعليمي موحد ومهيكل بصرامة. ومن جهة المؤسسات التعليمية فإنها ستفقد مع مرور الوقت، شيئا فشيئا، خصائص
المؤسسة العمومية لتقدم نفسها في النهاية للطلبة والآباء كممول تجاري في مجال التعليم والطالب سيصير زبونا له مطالب تكوينية معينة. ولن يحصل ذلك، حسب OCDE، إلا إذا كانت المؤسسات تعرف انفتاحا كبيرا مقدمة خدمات متنوعة لزبناء متنوعينلأن التعليم والتكوين ينبغي النظر إليهما من زاوية الطلب.
سيكون الشباب أمام وضعية تنافسية يحركهم التكيف مع السوق لإيجاد فرصة شغل. سيكون الشاب وحيدا وهو يفاوض المدرسة عن التكوين المرغوب فيه ؛ تكوين تحت الطلب، وسيكون وحيدا وهو يفاوض رب العمل لأن العلاقة بين المشغل والشغيل ستتحدد في السوق الحرة. فالكفايات تجعل المتعلم مسؤولا عن نفسه وإذا ماكان في القديم الأستاذ هو المركز فإنه في التعليم بالكفايات سيكون المتعلم هو المركز، لذلك كانت الدعوة إلى أن يتحمل التلميذ مسؤولية تعلمه طيلة حياته؛ إنه الزبون- الملك الفاقد للحقوق
ومن غير ضمانات يعيش في فردنة مطلقة وظلم كبير.
إن أحد وجوه التفريد المتزايد نجده في نظام العمل ببطاقة الكفايات personal skill-card أو البطاقة الشخصية
للكفايات. بماذا يتعلق الأمر إذن؟
وردت فكرة البطاقة الشخصية في الكتاب الأبيض الذي أصدرته اللجنة الأوربية و مما ورد فيه مايلي:” أنها وثيقة ستسمح لكل فرد بالاعتراف بمعارفه ومهاراته بالموازاة مع تحصيلها”. ستنضاف هذه البطاقة للبطائق التي يتوفر عليها الأفراد كالبطائق الالكترونية البنكية الالكترونية والشخصية وغيرها من البطائق الأخرى.
ممولو المدرسة الجدد
بدا التعليم كأكبر سوق ينبغي غزوه من قبل الخواص، وخاصة وان المؤسسات المستقلة، غير الممركزة تبحث عن التمويلات في ظرف أصبح فيه التعليم قضية تجارية لما ظهرت شركات متخصصة في الدروس المسائية وشاشات التعليم والمعينات الوسائطية والبرانم التربوية إلخ… ستعمل الشركات الخاصة على تمويل المعينات التربوية والأنشطة المدرسية الموازية إذا ما سمح لها بالإشهار داخل المؤسسات المدرسية أو تم عقد اتفاقيات مع المدارس مثل شركة نستلي التي تقدم في المدارس الابتدائية ورياض الأطفال نصائح حول وجبة الفطور الصحي حينما تقدم منتوج Nesquik “الصحي” والحلويات رأس السنة. وأما النصائح حول أمراض الأسنان فإن شركة معجون الأسنان كولكات Colgate لا تخلف الموعد في غزوها للمدارس….
وأما في التعليم الثانوي فالشركات متنوعة وكثيرة حتى ولو كانت بعيدة كل البعد عن المجال التربوي والبيداغوجي كشركة كوكاكولا التي وجدت صعوبة كبيرة في اختراق المؤسسات المدرسية فبادرت إلى صنع قرص مدمج حول وظائف المقاولة واقترحت نموذج لملء القنينات .
وبما أن الفضاء المدرسي أصبح مفتوحا أمام الشركات فإن إدخال الحاسوب إلى الأقسام والارتباط بشبكة الانترنت واستعمال البرانم تقدم للتلاميذ كوسائل لتحسين البيداغوجيا وتفادي الفشل الدراسي مما يخفى ملايين الدولارات التي تنفق في سبيل تلك التجهيزات، وخلق سوق داخل المدرسة بغض النظر عن مطالب المقاولات التي تنادي بتكييف المدرسة مع السوق. من جهة الشركات المتخصصة في التكنولوجيات الجديدة فإنها تعمل على تحطيم الحدود بين المدرسة وتلك الشركات، وشيئا فشيئا يموت الأستاذ، فبدأ التعليم ينفلت من السلطات العمومية لصالح الشركات والتسويق وذلك بتحفيز التلاميذ ومن خلال التلاميذ تحفيز الآباء على استهلاك التكنولوجيات الجديدة.
إن الخوصصة وأداتية التعليم تفضي إلى جعل المدرسة تحت المراقبة الخارجية للشركات والخواص مادامت أنماط أخرى من التعليم الخاص تعمل بذلك حتى تستجيب المدرسة للطلب الاقتصادي.
ثالثا:كتاب المدرسة العاهرة
اعتبر هذا المؤلف من بين المؤلفات التي أثارت جدلا كبيرا وترجم إلى عدة لغات في وقت وجيز. وربما يعود ذلك إلى عنوانه الماكر المليئ بالدلالات والإيحاءات والاستعارات. وهو على كل حال تتويج للمؤلفات السابقة للباحث نكو هرت.
يناقش مؤلف الكتاب كيف أصبحت المدرسة مستباحة بدعوى التجديد الذي يستهدف في واقع الحال تكييف المدرسة مع حاجات السوق والاقتصاد.وكعادة الباحث يستحضر البعد التاريخي في تحليله لقضية تسويق المدرسة، وهو التصور الثابت في طريقة كتابته.
الأستاذو الانترنت
أصبح اليوم الحاسوب والانترنت من صميم المشهد المدرسي والجامعي؛ إذ أن كثيرا من التلاميذ والطلبة يحاولون الاستئناس بذلك في تعلمهم، وهم يرغبون تعويض الكتب الثقيلة بنقرة لولوج الانترنت أو تعويض الأستاذ ومتابعة التكوين الذاتي.
هناك مواقع ثقافية كثيرة على الانترنت مثل الموسوعات و les labos vertuels والبرانم الديداكتيكية التي تقترحها التكنولوجيات الجديدة ، علما أن الشباب اعتاد على الألعاب الالكترونية والإبحار الالكتروني والمراسلات والحوار المباشر على الانترنت إلخ…وربما في غياب الأستاذ المؤطر سيضيع الشاب كثيرا من الوقت أمام الحاسوب.هل بعد المذياع والعاكس والتلفاز ومختبر اللغات والفيديو ستكون الانترنت الحل المعجز للمشاكل البيداغوجية والتأطير الفعال أم هي موضة عابرة في الوسط المدرسي؟ لا تفسر الموضة كل شئ لأنه لا يمكن المقارنة بين الاستثمارات في المعينات الديداكتيكية بالأمس ونظيراتها الكثيرة اليوم في تكنولوجيا الإعلاميات وتعدد الوسائط، بل لا ينبغي تجاهل التشجيع من اجل ذلك، وهو تشجيع لم يأت من فراغ؛ إذ يتبع أهدافا، لكن ماهي؟
إن أول عنصر في الإجابة على ذلك، في نظر نكو هرت، يأتي من خلال حدث لم يسترع انتباه المجموعة التربوية. إنه لقاء لشبونة في مارس سنة 2000.لقد أقر اللقاء برنامج e-learning الالكتروني رسميا، وهو التطبيق الرسمي النوعي للمشروع الأوربي e-Europeللتعليم في سياق العولمة.
يقوم مخطط e-Europe على الاعتقاد باللحاق بالولايات المتحدة الأمريكية في مجال” الثقافة الالكترونية” والاقتصاد الالكتروني والإعلاميات وتعددية الوسائط. ومن أجل ذلك دعت القمة إلى إدخال أوربا إلى الثقافة الرقمية و إدخال جميع المواطنين والأسر والمدارس والإدارات في العصر الرقمي.
إن الاقتصاد الرقمي هو المستقبل في نظر مسؤولي أوربا، غير أن المواطنين لا يتبعون ذلك. ومن أجل استدراك التأخر ترى اللجنة الأوربية أنه على المواطنين اكتساب الكفايات التي تمكنهم من تحصيل المعلومات على الانترنت، ولكن أيضا شراء بضاعة على الانترنت، وتعلم كيف تحصل على غرفة في فندق على الانترنت، و ثمن هاتف نقال، وكيف تحصل عليه وأنت في منزلك إلخ… .
ففي عالم يشجع على الاستهلاك على الويب والاستهلاك بالشفرة لم تبق للمدرسة سوى مسايرة الركب للدخول في معارك اقتصادية عالمية عوض الوطنية التي كانت أساس التنشئة المدرسية. فالاقتصاد الرقمي يجد نجاحه لما تكون المدرسة الفضاء الأمثل لتلقينه للشباب منمية ما أطلق عليه بالتعلم مدى الحياة.
الأستاذ والباترون
لم يظهر مفهوم التشغيلية فجأة إنه يتزامن والأزمة الاقتصادية على المستوى العالمي، يتزامن واقتصاد في تحول دائم، وهو لا يتأسس على المعارف المشهود بها والدبلومات والشواهد المعترف بها، وعلى الضمانات والحقوق الاجتماعية، وإنما على معارف سريعة متكيفة مع التنافسية. لايهم إن كان الشاب مطلعا على تاريخ الفلسفة فالمطلوب هو القدرة على استعمال برنامج أو ملء شبكة معينة. ذلك ما تؤكده OCDE حينما تدعو إلى استهداف ماهو عام في التكوين، استهداف كفايات نفعية في سياق مهني .
ستكون الكفايات المكتسبة باسم التشغيلية ومن بين تلك الكفايات نجد كفاية المرونة كالقدرة على تجديد المعارف: التعلم مدى الحياة، بغاية التكيف مع المتطلبات التكنولوجية والاجتماعية والصناعية ليظل الفرد منتجا ومتنافسا .
ليس التعلم مدى الحياة هو ما توحي به العبارة منذ الوهلة الأولى، إنه تعلم مراقب ومقولب ومهيكل يتماشى والمتطلبات الاقتصادية لأنه يقوم على أساس اقتصادي، أساس تجاري واضح. فمنظمة OCDE ترى أن الأنشطة التكوينية ينبغي أن تكون دينامية ليصبح الفرد متحكما في تكوينه الخاص، مستعملا الحاسوب وشبكة الانترنت. والغاية ليست هي تكوين الشباب لممارسة مهنة محددة، ولكن ليصبح الشاب والشابة مؤهلين لممارسة مهام متنوعة والتهيؤ للتكيف مع التحولات الاقتصادية وتحولات سوق الشغل كأحد الأهداف ذات الأولوية في التكوين.لهذا كان الإلحاح على المرونة الشاملة في إيقاعات العمل والإنتاج والغلاف الزمني الذي أضحى يستدمج عطلة نهاية الأسبوع والعمل عن بعد، والمرونة في التكوين واستكمال التكوين وفي التعاقدات بين المقاولات والأجراء….، بل أصبح الإلحاح يتزايد على إكساب الطلاب والتلاميذ ثقافة المقاولة بسن طرق جديدة في التكوين كالتناوب وعقد الشراكات وانفتاح المدرسة على المقاولات.
إن التربية الجديدة، حسب OCDE، ينبغي أن تستثير ذهنية المقاولة لدى التلاميذ، وهي نفس الرؤية التي تدافع عنها طاولة المصنعين الأوربيين التي ترى بدورها وجوب إكساب المتعلم المرونة والليونة الممكنة والتمرن سنة على الأقل بإحدى المقاولات لاكتساب، كما ترى المجموعة الفرنسية، الاستعداد للعمل في جماعة والقدرة على التكيف مع التحول والتغيير واكتساب حس المسؤوليات وروح المبادرة وتذوق طعم المجهود .
إذن لكي يستجيب التعليم لهذه المطالب وجبت إعادة هيكلته على مستوى الأسلاك والمسالك المهنية لإضفاء نزعة تمهينية عليه، والعمل بالتناوب بين الفصل الدراسي والتدريب في المقاولات، وخلق شبكات مستقلة للتكوين تتنافس فينا بينها.
sabil
sabil

ذكر عدد الرسائل : 584
العمر : 46
Localisation : Errachidiya
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى