صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الوسوسة

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الوسوسة Empty الوسوسة

مُساهمة من طرف abdelhamid السبت 28 يونيو 2008 - 11:17



بقلم: وليد متولي


البداية كانت ملاحظة يشوبها التعجب. ثم بعد التأمل والدراسة استقرت خاطرة مثمرة.


كانت الملاحظة في سورتي الفلق والناس. ففي سورة الفلق أتت الاستعاذة
بصفة واحدة من صفات الله عز وجل من أربعة أشياء. أما في سورة الناس فقد
أتت الاستعاذة بثلاث صفات لله عز وجل من شئ واحد. مما يشعرنا بشدة خطر
المستعاذ منه في سورة الناس. كانت الصفة المستعاذ بها في سورة الفلق هي
الربوبية. والأشياء المستعاذ منها هي: شر الخلق. وشرغاسق إذا وقب "ظلمة
الليل وما يحدث فيها" وشر النفاثات في العقد وهي الساحرات والسحرة
وأعمالهم. وشر حاسد إذا حسد. أما الصفات الثلاث في سورة الناس فهي
الربوبية. والملكية. والألوهية. والشئ المستعاذ منه هو: الوسواس.

فكيف فاق شر الوسواس كل هذه الشرور؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور القادمة بمشيئة الله تبارك وتعالي


بداية يخبرنا لسان العرب أن الوسواس هو الصوت الخفي من ريح أو صوت
الحلي وهو صوت مختلط ناتج عن حركة الحلي ككل لاهتزازها بالهواء أو بالحركة
ولايمكن تميز إحداها عن الأخري والوسواس بالفتح الاسم مثل الزلزال.
والوسواس بالكسر المصدر. والوسوسة: الكلام الخفي في اختلاط. "لسان العرب
دار المعارف 4831 مادة "وسوس" ويقول الفخر الرازي: "وسوس إذا تكلم كلاما
خفيا يكرره. وبه سمي صوت الحلي وسواسا. وهو فعل غيرمتعد. كقولنا: ولولوت
المرأة.. ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال موسوس بالفتح ولكن موسوس له
وموسوس إليه. وهو الذي يلقي إليه الوسوسة.

ومعني وسوس له. فعل الوسوسة لأجله. ووسوس إليه ألقاها إليه "التفسير الكبير الاعراف ص45".


"وإذا نظرنا إلي الدلالة الصوتية للوسوسة وجدناها مركبة من هذين
الحرفين الدقيقين "الواو والسين" فتنظر إلي ما في الواو من خفاء ورقة ولين
مع قرب مخرجه لكونه شفويا. فننتظر إلي مناسبة لينه ورقته وخفائه لمعني
الوسوسة من الموسوس له وكذلك السين. وما فيها من همس. وهو جري النفس في
الحرف بلا انحباس فسيخرج الحرف سهلا لاجهر فيه يناسب الوسوسة الخفية
والمتجددة وكذلك قرب المخرج فهو يلي الواو مما بين الثنايا وطرف اللسان
مما يشير إلي التتابع في الوسوسة واظهار شئ وإخفاء آخر. وإذا انتقلنا إلي
السمة الصرفية للوسوسة وجدنا مجئ الفعل علي صيغة المضاعف الرباعي المكون
من مضاعفة المقطع "وس" وللمعني المناسب بينه وبين عملية الوسوسة وطبيعتها
القائمة علي التكرار والإلحاح وهذا مفاد الدلالة الصرفية "الخصائص يتحقق
درعيه الحميد هنداوي... بتصرف".

ويوجد نوعان من الوسوسة: وسوسة خاصة بالنفس ووسوسة خاصة بالشيطان أو
الجن. فوسوسة النفس تكون في ميلها لشئ محدد تهواه أو يثير فضولها معرفته.
والخوض فيه. وان كان هذا مخالفا للشرع أو للثوابت الإيمانية. أو للعرف
المتعارف عليه. ويكون ذلك عن نقص علم بما عليه هذا الشئ حقيقة. أو ماسيئول
اليه. فهي تريد حدوث هذا الأمر وتحرص عليه. وتلح في طلبه ظنا منها أن ذلك
الشئ دون غيره يدخل عليها اللذه والإشباع الذي تأمله وذلك في أمور مختلفة
باختلاف الأ نفس.

ومثال علي ذلك ما حدث من امرأة العزيز في سورة يوسف عليه السلام من
إلحاحها وتكرار ذلك والحرص عليه في مراودة سيدنا يوسف عليه السلام عن نفسه
رغم الثوابت والمحاذير التي تشمل هذا الموقف وتحيط به. ولذلك ذكرت النفس ب
"إن النفس لأمارة بالسوء" 53/12 ونلحظ مجئ لفظ فعل الأمر في صيغة مبالغة
"فعالة" لكثرة الفعل أو تكراره فهو عليه السلام ربيبها أي ربي في بيتها
منذ كان صغيرا ولا يحل لها. وهو تقي صالح. فكل ذلك لم يقف حائلا بين النفس
ورغبتها فدفعتها إلي الحط من قدرها بهذا الفعل من وسوسة النفس والنوع
الآخر من الوسوسة هو: وسوسة الشيطان أو الإنسان للإنسان ويعظم خطر وسواس
الجن عن الإنس لأن وسواس الإنس قد يتبادر لذهن الموسوس إليه أوله الشك فيه
الموسوس وفي غرضه من الكلام والنصيحة وهذا احتمال وارد ويزداد كلما زاد
إيمان وفطنة الموسوس له. أما في حالة وسواس الجن فالأمر خفي قد يجعل المرء
يظن أن هذه الوساوس الخواطر إنما هي نابعة من فكره ونفسه. ومعبرة عن رأيه.
وهنا يكمن الخطر ولكي نلمس عظم هذا الخطر اكثر نأخذ مثالا واقعيا ولكننا
سنذهب إليه عبر القرون الماضية علي نور القرآن الكريم المتمثل في موقف
أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام مع عدو الله.

يبدأ هذا الموقف بعد تكريم الله تعالي لأبينا آدم عليه السلام ورد
فعل الشيطان قبل هذا فكانت الوسوسة التي كان دافعها الحقد والغيرة التي
غايتها الحط من قدر هذا الإنسان الذي كرمه الله تعالي. والمدعمة بالقسم
الذي يذهب ما بقي من تردد في نفسيهما من مخالفة الأمر. رغم أن الأمر
الصادر إليهما كان من الله تعالي مباشرة الذي تم خداعهما من خلال القسم
بالله من قبل الشيطان وتحكي هذا آيات سورة الأعراف من الآيات "11/23"
ونختص من ذلك الآيات الآتية "ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث
شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "11" فوسوس لهما الشيطان
ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة
إلاأن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "20" وقاسمهما إني لكما لمن
الناصحين"21" فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا
يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة
وأقل لكما إن الشيطن لكما عدو مبين"22" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم
تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخسرين"23". فمن خلال هذه الآيات يتضح لنا
اقرارهما بظلم نفسيمها بمخالفة أمر الله لهما ونسيان التحذير بأن الشيطان
عدو لهما بمساعدة الوسوسة وميل وطبع يمثله الفضول لما هو ممنوع والذي قد
يعبر عنه في هذه الآيات كلمة "ذاقا" في "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما
سوءاتهما" ويشير ذلك إلي أن الأمر قد يكون جال في نفسيهما عن لماذا هذه
الشجرة بالذات. وماذا تفرق عن غيرها في الطعم أو سواه. فكان الحرص علي
معرفة ذلك ومن هنا قد يكون ذكر لفظ "ذاقا" في الأعراف ولفظ "أكلا" في طه.
لإظهار ما جال في النفس من تحريم هذه الشجرة. وإلا لما تجرأ علي الأكل من
الشجرة بعد سابق التنبيه إلي عدم القرب منها حتي لا يكونا عرضة للوقوع
فيما هو محذور مهما كانت الاغراءات ولا يكون ذلك إلا لفضول قد ألم بالنفس
والله أعلي وأعلم.

فمن خلال مفهومنا لما سبق نجد أن البداية كانت أمرا ونهيا. أمر
بالسكن في الجنة بما يحتويه هذا المعني من التعبير والسعة. ونهيا عن شئ
واحد هو الاقتراب من الشجرة فالأكل منها. لأنهما بذلك يكونان قد ظلما
نفسيهما بهذه المعصية والتقصير في طاعة ربهما. وهنا جاءت الوسوسة لتقريب
البعيد وإبعاد القريب. ولتطميعهما فيما يميل إليه الطبع البشري ولكن عن
طريق نسيانهما بكثرة التكرار والإلحاح عليهما وهما من صفات الوسوسة.

وكانت العاقبة أنهما ظلما نفسيهما بمخالفة ربهما. ثم عدم الحصول علي
أي فائدة مما أغريا به. وانكشاف سوءاتهما. والإخراج مما كانا فيه من
النعيم والاستقرار.. وهكذا يتضح لنا الأثر الخطير للوسوسة وما ينجم عنها
وما يترتب عليها من الزحزحة عن الصواب والغفلة عن حقيقة النفع. ويقول
مولانا تبارك وتعالي منبها وواعظا لنا: "يبني آدم لا يفتننكم الشيطن كما
أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما" "27" الأعراف.

وتأخذ الوسوسة أبعادا خطيرة في حياة الإنسان ممتدة من العقيدة إلي
المعاملات بأنواعها المختلفة والقرآن والسنة يشهدان علي ذلك. فمن الأمثلة
في العقيدة قوله تعالي: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل
شيطان مريد"3" كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلي عذاب السعير"4"
"سورة الحج".

وقوله تعالي: "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين"16" سورة الحشر.


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا. من خلق كذا. حتي يقول: من خلق
ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري ومسلم في كتاب
الإيمان.

وعلي مستوي العلاقات كأخوة الدم والدين: يقول تعالي: "وقد أحسن بي إذ
أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي
إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم".. سورة يوسف.

وقوله تعالي: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا" "53" الاسراء.


أما عن الصلاة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلي
الله عليه وسلم "إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتي لا يدري
كم صلي. فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم"
البخاري ومسلم: باب السهو في الصلاة والأمثلة كثيرة ومتنوعة وتظهر لنا عظم
هذا الخطر الذي يهدد حياة الإنسان السوية وسعادته في الدارين. يقول الله
تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات
الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكي
منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله واسع عليم" "21" النور.
اللهم ارحمنا واحفظنا من وسوسته ونفخه وكفره.


"ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن
خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا"119"
يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"120" سورة النساء.

ولا يكون هذا إلا من خلال الوسوسة أعاذنا الله منها ومن شرها.


"وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم
وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولومواْ
أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن
الظالمين لهم عذاب أليم" "22" سورة إبراهيم.

ويجب علينا ألا ننسي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. والبسملة في
كل عمل ذي بال لينجينا الله جل قدرته من الوسواس ويمدنا ببركات منه.



abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 66
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الوسوسة Empty رد: الوسوسة

مُساهمة من طرف binoo السبت 28 يونيو 2008 - 15:56

الوسوسة 2794
binoo
binoo

ذكر عدد الرسائل : 581
العمر : 33
Localisation : تائه في ضجيج الصمت
Emploi : تلميد استفاد من المغادر الطوعية
تاريخ التسجيل : 06/03/2008

http://www.stars3.forum.st

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الوسوسة Empty رد: الوسوسة

مُساهمة من طرف abdelhamid الثلاثاء 1 يوليو 2008 - 21:44

بقلم: وليد متولي

تحدثنا سابقاً عن الوسوسة وما لها من أثر ضار علي الإنسان سواء علي مستوي العبادات أو المعاملات وقد وضحنا جوانب ذلك من خلال التدقيق في تعريف الوسوسة من عدة دلالات متنوعة متكاملة كالدلالة المعجمية والنحوية والصوتية والصرفية وقد تبين لنا من خلال ذلك أن اللغة أداة بحث وذلك ما سنراه من خلال التعريفات الطبية للظاهرة.
متمثلة في حالتها السعادية والمرضية. وهذه الحالة المرضية إن شعر بها الإنسان ولم يواجهها بالوسائل المناسبة الإيمانية والطبية. التهمت معظم طاقته العصبية والفكرية. وبلغت به إلي تدمير مستقبله العملي وحياته السوية بين الناس. وتسمي هذه الحالة المرضية بالوسواس القهري. وسنبدأ بالتعريف بهذا الأمر قائلين:
الذي يكون في بدايته خوفا طبيعيا كالخوف من الوقوع في الخطأ أو الفشل أو ظلم الآخرين أو توقع ضرر ما من فعل ما وهكذا.. ولكن مع التكرار وتزايد القلق وعدم مواجهة هذه المخاوف وأسبابها ودوافعها علي المستوي المنطقي والإيماني يتفاقم الأمر ويتحول إلي الصورة المرضية الخوف أمر فطري وضعه الخالق لحكمة فيجب أن يكون هذا الخوف منبها علي عدم الوقوع في الأضرار وأن يكون الخوف الذي يزيد الطاعة والرقي في العبادة والعمل. وعدم الاضرار بالآخرين.
إن كلامنا تساوره الشكوك أحياناً وتغلب عليه الظنون أحياناً أخري. وهذه الظنون والشكوك لازمة حتي يتأكد الإنسان من أفعاله وتصرفاته. وحتي تأتي هذه الأفعال علي درجة عالية من الدقة والإتقان. ولكن بشرط أن تكون هذه الشكوك والظنون في الحدود المعقولة. وألا تتخطي هذه الحدود. وألا يصاحبها قلق شديد يضطر الواحد منا إلي معاودة التأكد مرات.. ومرات.
ومع أن تسلط الأفكار والأفعال يعاني منه الناس جميعاً سواء السوي والمريض. لكنه يصبح غير عادي إذا صاحبه هذا القلق والتكرار بدرجة تؤثر في كفاءة أداء الوظائف العقلية للفرد لفترة طويلة.. وهذا التسلط علي بعض الأفراد من الوساوس والأفعال يثبت في اذهانهم. فلا يستطيعون التخلص منه بأية عملية شعورية أفكار وأفعال هي من وجهة نظر العقل الشعوري لا دخل للمنطق أو التعقل فيها. ومن حيث الحياة العملية فمن الواضح أنها غير مطلوبة أو مرغوب فيها.. وهذه الوساوس المرضية تتحكم تماماً في الوظائف الشعورية وتراود المريض بصفة مستمرة مجبرة إياه علي الاعتقاد أو السلوك بطريقة معينة كيما تخف وطأتها أو إلحاحها علي ذهنه.
وقد قام العالم الألماني "فلهام اشتيكل" في كتابه عن "التسلط والشك" بتقسيم هذه الظواهر التسلطية إلي تسلط أفكار "وساوس". وتسلط أفعال "قهر". وتسلط أفكار وأفعال معاً.
فالنوع الأول عبارة عن أفكار وصور واستثارات تدخل عقل الشخص بطريقة مكررة مرات ومرات وتلح عليه فتأخذ به. ولا يستطيع منها فكاكاً وتصبح متعبة له. فهو يحاول أن يقاومها ولكن هيهات له ذلك. وكلما قاوم هذه الأفكار فإنه يشعر بالقلق يتزايد من حدوث مكروه إن لم يستجب لهذه الوساوس. وبالرغم من علمه بأنها أفكار سخيفة فهو مضطر للتفكير فيها بطريقة لا إرادية ومستمرة وذلك يستهلك منه الوقت والجهد ولهذا يصاحبه الشعور بالاكتئاب لتبينه أن عمله ومستقبله سوف يتأثر تأثيراً سيئاً نتيجة ذلك. وخاصة أن هذه الأفكار قد تتعلق ببدائل الأشياء المتاح فيها الاختيار مما يجعله يتردد فيها ولا يمكن ذلك من اتخاذ القرارات التي لابد منها كي تسير الحياة. "كالتفاؤل أو التشاؤم بأعداد معينة في الأمور الحياتية".
والنوع الثاني هو هذه الأفعال التي تفرض نفسها علي المريض كتصرفات يقوم بها باستسلام لا قبل له بمقاومته. وقد يعتبر المريض هذه الأفعال غير منطقية أو لا معني لها. ولكن لا يجد مناصاً من الخضوع لسلطانها بسبب خوفه أن تقع كارثة محققة إذا امتنع عن إتيانها كالسير في طريق بعينه خشية أن يحدث مكروه في حالة تغيره.
وثالثها التركيب المعقد من الوسوسة والقهر معاً. وذلك لأن الأفعال المتسلطة في العادة نتيجة لأفكار معينة.
إن عصاب الوسواس والأفعال القهرية هو مريض نفسي وأسبابه نفسية ويؤكد هذا ما يصاحبه من القلق والاكتئاب. ولأن السبب نفسي فهو الذي يستثير العمليات العصبية ويحدث غالباً عندما تكون هناك ضغوط نفسية واجتماعية يمر بها الشخص غالباً في فترة المراهقة وهذا الضغط النفسي يحدث خللاً في الموصلات العصبية مؤدياً إلي نقص مادة السيروتونين مما يؤدي إلي عدم قدرة الشخص علي التحكم في أفكاره وأفعاله. فتجتاحه الوسوسة وتغلب عليه الأفعال القهرية.. ويكرر أفعاله وأفكاره مراراً وتكراراً ويضيع عليه وقته وجهده.. فإذا ما قلت هذه الضغوط تتحسن الحالة بدون علاج خصوصاً إذا كانت الحالة خفيفة. أما في الحالات المرهقة الشديدة فالإسراع إلي الطبيب المختص يساعد كثيراً علي الشفاء أو علي تحسين الحالة. ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن حوالي 2% من الناس يعانون عصاب الوسواس والأفعال القهرية. وأن الذين يصابون بهذا العصاب هم من الأشخاص زائدي الحساسية.
وتتركز الأعراض الأساسية لهذا المرض في:
* الاغتسال. وبالذات غسل اليدين مرات عديدة. وبالطبع يسبقها أفكار ملحة عن النظافة.. والتلوث.. وأحياناً يكون الشخص مولعاً بالترتيب والتنظيم في هذا الفعل "حوالي 80% من أعراض التسلط".
* المراجعة والتأكيد: ويسبقها أفكار ملحة عن احتمال وقوع كارثة كالحريق نتيجة الإهمال ولعدم تأمين الأخطار كالتأكد مرات ومرات من غلق باب المنزل من عدمه مثلا "15% من الأعراض"
* الولع بالأرقام وخصوصا رقم 3 . 7 علي سبيل الحظ ورقم 13 علي سبيل التشاؤم بهذا العدد من المرات ومضاعفات هذه الارقام. بل ولمس الأشياء وفعلها تفاؤلا أو دفعا للتشاؤم "حوالي 5% من الأعراض".
* الأفكار وخصوصا غير المقبولة والممنوعة والتي تدور حول العدوان والجنس والأفعال المخجلة.
ولكي نتجنب السقوط في هذه الحلقة المفرغة من المعاناة والانشغال بالمقاومة التي تزيد القلق يجب الرجوع إلي الثوابت الإيمانية التي تمنح النفس السكينة وتكسبها الاتزان والتي منها حسن الايمان بالله لأنه هو العفو الرؤوف الرحيم بيده مقاليد الأمور وإليه يرجع الأمر كله وهو الذي يحاسب عباده ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر وأنه الخبير بالأنفس وضعفها ولذلك فهو الملجأ والملاذ لها من أي عسر أو تعب فالدعاء والاستعادة به كما في سورتي الناس والفلق وتفويض الأمر إليه طمعا في عفوه ورحمته هو ما يزيل هذه الاثقال من الهموم والخوف المرضي ولا ننسي ان كل ابن آدم خطاء فلا خوف مرضي من الوقوع في الخطأ والتقصير لأن الكمال لله وحده. وأن الإسلام لا طيرة فيه تشاؤم فالأمر كله بيد الله أرحم الراحمين. وأن الله لا يحب لعباده التردد في الأمور لقوله "فإذا عزمت فتوكل علي الله". ويجب الترويح عن النفس بالطرق المشروعة للتخلص من التوتر. كما يجب إخراج الانفعالات والمشاكل وعدم كبتها لأن الكبت يسبب تراكمها مما يؤدي إلي الانفجار. فالتحدث عن المشاكل ومناقشتها هو خير وسيلة للتخلص منها بدءاً من الدعاء كما في قوله تعالي "إنما أشكو بثي وحزني إلي الله" وقوله صلي الله عليه وسلم "من نفث عن مسلم كربة من كرب الدنيا. نفث الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".
فالجميع يعانون واحسن وسيلة للتخفيف عن المعاناة عن الجميع هي المشاركة والوجدانية والتعاون في حل المشاكل "وتعاونوا علي البر والتقوي".
إن مجرد أن يجد المريض أن هناك عشرات غيره. بل ربما مئات أو آلاف يعانون نفس أعراضه. فإن ذلك يشعره بالاطمئنان ويعطيه ثقة أكثر في نفسه. كما أن إحساسه بأن هناك من يدعمه ويتفهمه.. ويحاول أن يساعده سوف يكون له أثر طيب جدا علي قوته النفسية مما يعطيه قوة إضافية لمقاومة أعراض مرضه وربما التخلص منه نهائيا.
abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 66
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى