صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي

اذهب الى الأسفل

الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي Empty الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي

مُساهمة من طرف abdelhamid الإثنين 15 يونيو 2009 - 7:20

الحرب العالمية الثانية خلقت خمسين مليون قتيل

كانت الساعة قد شارفت الرابعة صباحاً من اليوم التاسع والعشرين من أبريل
من عام 1945م عندما انتهى هتلر من إملاء وصيته: «وعلى الرغم من أنني طيلة
سنين كفاحي كنت أعتقد بعجزي عن تحمل مسؤولية الزواج، فإنني الآن وقبل
إنهاء حياتي، قررت أن أبني بالمرأة التي جاءت بعد سنوات طويلة من الصداقة
الحقة، طائعة مختارة، إلى هذه المدينة بعد أن تم تطويقها لتشاطرني قضائي
وقدري، وستمضي معي إلى العالم الثاني كزوجتي بمحض اختيارها، ويعوض علينا
هذا المصير ما خسرناه معاً في سنوات عملي الطويلة في خدمة شعبي... أما
الرسوم الموجود التي ابتعتها طيلة السنوات الماضية فلم يكن هدفي منها
خاصاً بي، بل كنت راغباً في ضمها إلى متحف للصور أقيمه في المدينة التي
شهدت مولدي، وهي لنيز الواقعة على الدانوب... وقد آثرت أن أموت مع زوجتي
لنخلص من عار الانقلاب أو الاستسلام، وأن ما نريده هو أن تحرق جثتانا
فوراً في نفس المكان الذي أديت فيه القسم الأكبر من أعمالي اليومية طيلة
اثني عشر عاماً من الخدمة لشعبي».

وفي اليوم التالي، الاثنين، الثلاثين من أبريل، وعند الساعة الثالثة
ظهرا،ً أخذ هتلر بيد زوجته إيفا براون إلى جناحهما الخاص حيث قدم إليها
حبة السم والمسدس في نفس الوقت كي تتم عملية الانتحار مزدوجة. أما هتلر
فابتلع كبسولة سم السيانيد التي تزهق روح الإنسان في أقل من دقيقة، ثم
أطلق العيار الناري داخل فهمه فهشم جمجمته، أما إيفا براون فكانت ميتتها
بدون دماء، حيث تجرعت كبسولة السم الزعاف. تم لف الجثتين بعدها بالبطانيات
ووضعتا في حديقة المستشارية حيث كان يختفي هتلر تحتها في ملجأ محض للغاية
ومزود بكل شيء، ثم دلقت على الجثتين الباردتين مائة وثمانون لترا من
البنزين وتم إحراقهما بكل عناية وفق الوصية. أما وزير الدعاية النازي
غوبلز، فقد عمد مع زوجته أولاً إلى تسميم أولادهما الستة، ثم صعدا إلى
الحديقة حيث أمر أحد الجنود بإطلاق الرصاص عليهما في مؤخر الجمجمة، وتم
حرق الجثتين بشكل غير كامل، مما مكن فيما بعد من تبين هويتي صاحبي
الجثتين. أما جثة هتلر فلم يعثر لها على أثر إلى درجة أن البعض توهم أنه
اختفى وسوف ينظم المقاومة من مكان آخر، بل زعم البعض أنه هرب إلى أمريكا
الجنوبية وأنه يعيش فيها في مكان سري؟!

الشيء الأكيد ليس اختفاء هتلر أو موته من عدمه، بل هو نهاية الحرب
العالمية الثانية في أوربا واستسلام ألمانيا بعد أسبوع واحد للحلفاء بدون
قيد أو شرط في سابع مايو من عام 1945م بعد أن تحولت مدن أوربا إلى أنقاض.

«وتوقفت المدافع عن الهدير في أوربا، كما توقفت الطائرات عن إلقاء
قنابلها عند منتصف ليلة الثامن-التاسع من مايو من عام 1945 وسيطر صمت
غريب، وإن كان من النوع المرغوب فيه، على القارة الأوربية لأول مرة من
اليوم الأول من شهر سبتمبر من عام 1939. وفي هذه الفترة التي انقضت والتي
امتدت خمس سنوات وثمانية أشهر وسبعة أيام، قتلت الملايين من الرجال
والنساء في أكثر من مائة ميدان وفي أكثر من ألف مدينة تعرضت للقصف الجوي،
بالإضافة إلى ملايين أخرى قتلها الألمان في غرف الغاز أو عند خنادق العمل
الجماعي، وغدا القسم الأكبر من مدن أوربا العريقة حطاماً، ومع مجيء الطقس
الدافئ انبعثت الروائح الكريهة من الجثث التي لم تجد من يدفنها والتي لا
عد لها ولا حساب».

هذه الحرب المروعة يجب ألا تنسى ويجب أن تدرس لأبنائنا وأحفادنا، لأن
البشر الذين قتلوا في ساحاتها كانوا مثلنا، ولكن حظهم السيىء كان في
ولادتهم بين هذه الأعوام 1915-1945 وفي الساحة الأوربية على وجه الخصوص،
وهناك ما يبرر للأوربيين أن يحتفلوا دوما بانتهاء هذه الحرب التي مثلت
ذروة العنف الإنساني في كل تاريخه المكتوب والمعروف، ففي مدة ست سنوات
كانت الحصيلة ما يزيد على خمسين مليون قتيل من البشر، وأكثر من ثمانين
مليون جريح ومعاق ومفقود، خسر فيها الروس لوحدهم أكثر من عشرين مليون
إنسان، وخسر الألمان ما يزيد على ستة ملايين من البشر، وأصبح أكثر من
مليون طفل ألماني يتامى، وهاجر وهجّر ما يزيد على عشرة ملايين من الألمان
من مناطق خارج ألمانيا والتي كانوا يشكلون فيها غالبية سكانية، مثل
السوديت في تشيكوسلافاكيا وبروسيا في بولندا، فمات منهم في الطريق ما لا
يعلمه إلا الله، ودفع العالم 1384000 مليون دولار ثمناً لنفقات الحرب،
ناهيك عن مبلغ 260000 مليون دولار قيمة ما دمرته هذه الحرب التي امتدت
آثارها إلى 59 دولة طرفاً فيها، وأظلمت مدن أوربا على مدار السنوات الست
فلم تعرف سراجاً أو مصباحاً كهربائياً في الليل، وتحولت مصانع أوربا إلى
مصانع لإنتاج السلاح وحشر الملايين في معسكرات السخرة، وماتت مئات الألوف
في ساحات القتال، وانتزعت أرواح عشرت الآلاف في معسكرات الاعتقال بالموت
البطيء وفي ظروف في غاية المهانة. ويبقى القتال الضاري في البرد وعواصف
الثلج فصلاً مأساوياً قائماً بذاته «الرياح الثلجية الآتية من الشرق كانت
تصفع الوجوه التي أكلتها والتهمتها اللحى الطويلة وآلاف من البلّورات
الصغيرة كانت تمزق هذه الوجوه وكأنها شفرات موسى، الوجوه التي لم يكن قد
بقي منها غير الجلد والعظم. وبقدرما كان الإنهاك مستولياً على الرجال فقد
كان الجوع مستولياً عليهم بالقدر نفسه. هذه الرياح الثلجية كانت تدبغ جلود
الرجال وتنتزع دموعاً من عيونهم الغارقة وهي أشبه ما تكون بالكهوف، كما
كانت هذه الرياح تخترق ثياب الجنود المهلهلة حتى تبلغ العظم. وعندما يفقد
واحد من هؤلاء الرجال كل قدرة له على الحركة بل عندما يفقد الخوف من الموت
كل معنى له في نفسه، لا يلبث جسده الخاوي أن يتساقط ويتجمد تجمداً تاماً،
تماماً كالآلة التي تتوقف بعد أن تستهلك آخر قطرة من وقودها، ويمتد كفن من
الثلج ليغطي هذا الشيء المتجمد باستثناء طرف الحذاء أو ذراع تجمدت وهي
مرتفعة قليلاً، وكأن هذا المشهد شاهد على أن في هذا المكان رجلاً متمدداً
جثة هامدة».

وهذا التصوير البليغ لمعارك الجبهة الروسية بلغ ذروته في معركة
ستالينغراد التي استغرقت قرابة الألف يوم ومات فيها ما يزيد على المليون
من البشر، وعندما حوصرت مجموعات الجيش السادس الألماني بقيادة (فون
باولوس) ومعها فرقتان رومانيتان، مع الهجوم الروسي المعاكس الذي شنه مليون
ونصف المليون من الجنود، وقعت في الكماشة -في جيب لا يزيد على 40 كلم بعرض
20 كلم- عشرون فرقة ألمانية من خيرة فرق الجيش الألماني، ولم يبق في
النهاية من أصل 360 ألف جندي ألماني سوى تسعين ألفاً يجرون أقدامهم
المتجمدة في الثلوج إلى الأسر، لتأكلهم البراغيث اللعينة بأمراض التيفوس
في مستنقعات سيبريا، ولا يعود في النهاية من بقيتهم الباقية سوى خمسة آلاف
جندي تكتحل عيونهم بمرأى الوطن الأم مرة أخرى بعد أن شاخوا قبل المشيخ
يتجرعون غصص الذكريات المرة...
المساء

abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 66
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي Empty رد: الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي

مُساهمة من طرف زائر الإثنين 15 يونيو 2009 - 18:45

قرأته في جريدة المساء، مقال رائع، شكرا لك.
Anonymous
زائر
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحــــرب التي لا تـــــنسى :خالص جلبي Empty الحــــرب التي لا تـــــنسى/خالص جلبي

مُساهمة من طرف abdelhamid السبت 20 يونيو 2009 - 6:41

عندما سقطت ألمانيا انطلق الأمريكان يبحثون عن الأدمغة الإنسانية

لعل العظة الكبرى والمأساة في نفس الوقت من قصة الحرب العالمية الثانية هي
في علاقة العالم بالسياسي، فالسياسيون الذين كانوا يخططون لمصير الشعوب
الأوربية في ذلك الوقت اقترفوا من الأخطاء ما فجر حربين كونيتين في مدى
ثلاثين عاماً، وكانت أدمغة العلماء، في قسم من نشاطها، تخدم وبواسطة
التكنولوجيا رغبات السياسين وكانت ذروة هذه العملية التي ختمت الحرب
العالمية الثانية هي التوصل إلى السلاح النووي. ولعل هذا التناقض بين
العالم والسياسي لم يحل تماماً حتى الآن، فالسياسيون في أوربا احتفلوا في
الوقت الذي اشتعلت فيه حرب البوسنة، وكذلك أقيمت الاحتفالات في موسكو في
ظل حرب الشيشان في القوقاز، فهل استفاد الجنس البشري حقاً من عظة
التاريخ؟!

لعل في قصة العالم الفيزيائي «فيرنر هايزنبرغ» عندما تجمعت سحب الحرب
في سماء ألمانيا النازية عشية الحرب مغزى كبير لرؤية التاريخ والأحداث عند
العلماء، فهو يروي لنا في كتابه «الجزء والكل – محاورات في مضمار الفيزياء
الذرية» عن رؤيته لحتمية الحرب القادمة «إذا كان لا بد لسفينة من السفن من
الوقوع في مواجهة إعصار مدمر فإنه يتحتم غلق فتحات السفينة وشد حبالها
وتثبيت الأجزاء المتحركة فيها، وذلك لمواجهة هذا الدمار بأكبر درجة من
الأمن يمكن الوصول إليها. انطلاقا من هذه الفلسفة، قمت بالبحث في ربيع عام
1939 عن بيت ريفي لأسرتي في المرتفعات الجبلية، بحيث يمكن أن تلجأ إليه
زوجتي وأولادي عندما تنهدم المدن»؟! ثم يكشف لنا اللثام عن محاورة عجيبة
جرت بينه وبين العالم الإيطالي (إنريكو فرمي) الذي دشن اختراع أول مفاعل
نووي عام 1942 فيما بعد. وكان العالم الإيطالي فيرمي قد فر من إيطاليا من
الاضطهاد الفاشي. وكانت المقابلة والمحاورة بين الرجلين في صيف عام 1939،
أي قبل وقوع الحرب بشهر أو أقل. ومن الملفت للنظر أن العالم الألماني
(فيرنر هايزنبرغ)، الذي كان يعلم بالقدوم الوشيك لعاصفة الحرب من خلال
تحليل عقلي علمي بارد، كان يصر بنفس القوة على العودة إلى ألمانيا لبنائها
في مرحلة ما بعد الحرب، حيث كان هايزنبرغ في زيارة لأمريكا في ذلك الوقت
عشية الحرب كي يزور أصدقاءه العلماء قبل ألا يتمكن من ذلك. وبعد أن سأله
فيرمي قائلا: «ماذا ترغب بعد في ألمانيا؟ إنك لن تستطيع إيقاف الحرب،...
أما هنا فإنك تستطيع أن تبدأ من جديد، إن كل البلاد قد بنيت من الأوربيين
الهاربين من أوطانهم لأنهم لم يتحملوا ضيق العلاقات هناك، لم يتحملوا
الخلافات والصراعات بين الأمم الصغيرة والقهر والتحرير والثورة وكل البؤس
الملازم لهذه الظروف، لأنهم يريدون الحياة هنا في بلد آخر واسع متحرر بدون
عبء تاريخ الماضي كله... لماذا تريد التغاضي عن هذا الحظ السعيد؟!»؛ قال
هايزنبرغ مجيبا: «إن ما تقوله أحس به جيداً وقد قلته لنفسي أكثر من ألف
مرة، كما أن احتمال مجيئي من أوربا الخانقة إلى السعة هنا ظل يراودني
باستمرار منذ زيارتي الأولى قبل عشر سنوات. ربما كان من الواجب علي أن
أهاجر في ذلك الحين، ولكنني قررت تكوين دائرة حولي من الشباب الذين يرغبون
في المشاركة في الجديد من العلم والذي سيعنون بعد الحرب مع آخرين بوجود
علم حسن في ألمانيا. إنني سوف أشعر بالخيانة إذا تخليت عن هؤلاء الشباب
الآن».

وعندما وجه إليه فيرمي السؤال: «ألا تعتبر أنه من المحتمل أن يكسب
هتلر الحرب؟ كان جواب هايزنبرغ: «لا إن الحروب الحديثة تقاد بالتكنولوجيا،
ولأن سياسة هتلر قد عزلت ألمانيا عن كل الدول العظمى الأخرى، فإن الجهد
التكنولوجي على الجانب الألماني أقل بكثير منه على جانب الأعداء
المحتملين. إن هذا الموقف واضح إلى درجة أنني أحياناً أميل إلى الأمل أن
هتلر-خلال معرفته للحقيقة- سوف يمتنع عن المخاطرة بدخول الحرب، ولكن ذلك
كله الآن يعتبر حلماً محضاً، وذلك لأن رد فعل هتلر ليس عقلياً ولعله سوف
لا يريد ببساطة رؤية الواقع». وتبلغ دهشة (فيرمي) أقصاها في هذه المحاورة
عند إصرار (هايزنبرغ) على العودة إلى ألمانيا مع قناعته بوقوع الحرب
الوشيك وأن هتلر سوف يخوض الحرب باللاعقلانية، فمتى كانت الحرب عقلانية؟

يقول فيرمي سائلاً :«وبالرغم من هذا فإنك ترغب في العودة إلى
ألمانيا؟» ويجيب هايزنبرغ :«لقد ولد كل منا في بيئة محددة وله حيز لغوي
وفكري محدد. وإذا لم يحل نفسه مبكراً من هذه البيئة فسوف يترعرع كأحسن ما
يكون في هذا الحيز وسيمكنه التأثير فيه كأحسن ما يكون. إنه لمن المعروف من
تجارب التاريخ أن كل بلد سوف تجتاحها مبكراً أو مؤخراً الثورة والحرب،
وبالطبع فإنه ليس من النصيحة المتريثة الهجرة، في كل مرة قبل وقوع أي
منهما، ذلك أن الجميع لا يستطيعون بالقطع الهجرة؛ وعلى الناس، إذن، أن
يتعلموا منع وقوع الكارثة بقدر الإمكان وليس الهرب منها ببساطة، ربما يكون
المطلوب بالعكس هو أن يتحمل كل إنسان عبء الكوارث في بلده، لأن ذلك يعتبر
حثاً له على اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل ذلك لمنع وقوع الكارثة»...

عندما سقطت ألمانيا، انطلق الأمريكان كالمحمومين يبحثون عن غنائم
الحرب ليس من السبائك الذهبية بل من المادة الرمادية، كناية عن الأدمغة
الإنسانية. وتقدم الكولونيل باش يبحث عن فريسته المتمثلة في الفيزيائي
النووي فيرنر هايزنبرغ. كان الأمريكيون يريدون معرفة أمرين على وجه الدقة:
الأول، إلى أين وصل الألمان في أبحاثهم بصدد القنبلة الذرية؟ والثاني،
تقنية الصواريخ التي استعملها الألمان في نهاية الحرب العالمية الثانية
ممثلة في صواريخ ف1 وف2 (v1,v2) لأنه بامتلاك الرأس النووي المحمول على
صاروخ موجه يمكن لمالكه أن يتحول إلى قوة عظمى، فالقوة لم تعد مرتبطة
بالمساحة وعدد السكان. قال هايزنبرغ عندما تقدم إليه الكولونيل باش ليلقي
عليه القبض كان شعوره «كسباح استمر في العوم حتى الموت ثم رأى للمرة
الأولى أثراً للأرض اليابسة»، وتوجه بالسؤال إلى أحد الحراس الأمريكيين
مستفهما عما إذا كانت «بحريتنا القابعة بين الجبال» تعجبه، فكانت إجابته:
«إن هذه تعتبر أجمل بقاع الأرض التي عرفتها حتى الآن».

كانت الورطة التي وقع فيها السياسيون بعد انتهاء الحرب العالمية
الثانية أشد من قصة القرد والنجار الذي انحبس ذنبه في الشق. جاء في كتاب
«كليلة ودمنة» أن قرداً أبصر بالنجار وهو ينشر لوح الخشب ويضع إسفيناً في
الشق، فلما انصرف النجار لبعض حاجته قام القرد ليقلده وهو لا يعلم أسرار
المهنة، فانزلق ذيله في الشق، فلما رفع الوتد انحبس ذيله في الشق، فكاد
يغمى عليه من شدة الألم، فأدركه النجار وهو يصرخ، وبدأ بضربه، فكان ما
ناله من النجار أشد من انحباس ذنبه في الشق.

لقد رأى السياسيون العلماء وهم يبنون السلاح النووي فأرادوا المزيد،
ولكنهم انحشروا في النهاية في ورطة مرعبة: كيف يتخلصون منها؟ ولم يروا
جدوى ألا أن يسحبوا ذيلهم من هذا الشق العلمي، وهكذا أصبحوا تلاميذ نجيبين
للعلماء فبدؤوا في دخول مدرسة العلم والأخلاق والقيم يتعلمون منها اللغة
الجديدة.

أما عندنا فما زالت المسرحيات والمسلسلات تمطرنا بثقافة الفتوحات
وضرب السيف وقرع التروس وهمهمة الخيل، فنحن غائبون عن روح العصر وأين وصلت
طلائعه.

abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 66
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى