صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خنيشة شاي

اذهب الى الأسفل

خنيشة شاي Empty خنيشة شاي

مُساهمة من طرف izarine الأربعاء 12 سبتمبر 2012 - 21:52

ترجمة: حمزة محفوظ / الروائية الإيرانية نحال تجدود


استيقظت
إيليز على صوت وصول رسالة هاتفية، كان ذلك بالضبط عند الساعة السادسة
صباحا. بقيت تبحلق في زوجها المستلقي أرضا، كانت مواضع سنيه المنزوعتين
مميزة في وجهه، كانت ترى منه خده الأيسر، وكان ثقبا أسنانه يذكرها أنهما
يفتقدان للإصلاح: «لكننا نتفادى الاقتراض من عند الأقارب، فعبارة سأعيد لك
مالك في أقرب وقت، أصبحت بدون معنى.»
نهضت من سريرها باتجاه مطبخها المفتوح، يسمونه أيضا المطبخ الأمريكي، أشعلت
سخانة الماء، بينما عقلها يفكر بدون توقف، كانت نظراتها تجاه القمم
المكسوة بالجليد، بينما يداها تفتحان علبة الشاي الحديدية، تلك العلبة التي
كان مرسوما على غطائها امرأة، بشعر أسود  تمشي وسط حقل شاي. بقيت في
العلبة ثلاث خنيشات فقط، وضعت واحدة بجوارها، وبدأ مسخن الماء في التصفير،
طار غراب أسود، فأحدث جلبة انضافت إلى الصفير، أخذت وحدة شاي أخرى: «لم
يتبق إلا خنيشة واحدة، أين وضعت الأخرى؟»، نسيت أنها كانت قد وضعتها قرب
النافذة. غطستها في الفنجان، الذي حملته باتجاه المرآة. كان شعرها قصيرا،
حاجباها رقيقان وبشفتين وكأنهما مطرزتان، متقدمتين فوق فك قوي. فرشت
أسنانها وعدلت الحاجبين ووضعت أحمر شفاه، وتذكرت، لقد كانت قد قرأت في موضع
ما أن بلدها هو أكبر زبون للماكياج في العالم: «أخيرا بلدي أول في شيء
ما».
 تعود إلى المطبخ، ترشف فنجان شايها وتأكل قليلا من الحلوى، تلبس جينز
وقميصها البسيط، بعد أن تُخرجهما من شنطتها؛ هي في الواقع لا تضع ملابسها
في الدولاب، ببساطة لأنها تعرف بعدم استقرارهما في البيت، إذ هما مطالبان
بدين الكراء، الذي أصبح مضاعفا ثلاث مرات، وهي تعرف أن لا قِبل لهما به..
تضع حذاءها الشتوي، وقفازيها ومعطفها المتناسق، وخرجت وهي توظب إيشاربها
الصوفي، أوقفت طاكسيا من النوع الكبير، هي تفضل مقاعد الخلف، خاصة مقعدي
الطرفين، هي لا تطيق أن تجلس محاصرة بين مجهولين في الصباحات، ولما تجلس في
الطرف، تحس أن ذلك مؤشر على أن يومها سيكون جميلا، عقلها هذه المرة لم
يتوقف عن التفكير في خنيشة الشاي. نصف ساعة من الطاكسي، يكون فيها النقاش
الدائم والمواضيع الدائمة، مشكلة التضخم والبطالة، وعدم اقتدار المسؤولين،
والقمع.. تؤدي للسائق وتهبط في المحطة المسماة على أحد الشهداء. ثم تقضي
ساعة في المترو قبل أن تصل للجامعة، تقرأ رسائلها: المستملحات والدعوات
وغير قليل من الإشهار.. في كل يوم تنتظر الرسالة الموبخة لمالك المنزل،
التي وحدها لها قدرة توقيف قدرتها على التنفس، فعليا.
تلج قاعة الدرس، إذ تعد لبحث الدراسات المعمقة في التنشيط، باللغة
الإنجليزية، يتشكل القسم من ثلاثين طالبا منهم 27 أنثى، يصل الأستاذ، يبدأ
بجملة «من أجل رسم ذوات أرجل..»، ليقلب الحديث فجأة، فينطلق في الحديث عن
ريان لاركين ورسمه المشهور لرجل يُنظر له من أعلى، «لقد كان عبقريا، أخذه
منا السرطان، بعد أن أدمن المخدرات، وصار متسولا في آخر حياته، هو الذي كان
في كندا، صار شريدا متسولا عاجزا عن العيش، تخيلوا ماذا يمكن أن يحدث
لرسام في بلدنا؟ جيد الرسم؟» .
 تسجل ملاحظاتها في المفكرة، ثم تخرج، طاكسي آخر يأخذها إلى بيت أبويها،
الذي تسميه «بيت ماما»، ساعة تدخل تجد والدها يمارس الرياضة على دراجته
الثابتة، وأمها تشاهد مسلسلا كولومبيا عبر الأقمار الصناعية، هي تهيء
الطاولة، وتجلس للأكل رفقتهم، هم كذلك يدخلون في نفس المحاورة كل يوم،
وبنفس مواضيع الطاكسي، فقط بإضافة أن طفل الجيران اختفى، وأبوه يقطع يومه
بين السجن وثلاجة الموتى والمقبرة من غير جدوى، تغفو قليلا، ثم تشرب شايها،
ثم تُفكر أين يمكن أن أكون قد وضعتُ الخنيشة؟، تضع إيشاربها على رأسها
وتخرج.
في الطاكسي الثالث من يومها، تقضي ساعة في الزحام والانزلاقات، إذ غالبا
لا تقوم شاحنة كسح الثلج، إلا بتفريغ بعض الجنبات وتدع السيارات
للانزلاقات، تصل بعد الساعة إلى مدرسة ابتدائية، هي هناك تدرس الرسم
للطفلات اللواتي يضعن الإيشارب هن كذلك: «اليوم سندرس الرسم على طريقة
الفنان الفرنسي براك»، الصغيرات اخترن الأزرق والأصفر لرسومهن، ليُنتجن
مئات الطيور الطائرة.. تركت الطيور في فراغاتها، وانطلقت باتجاه بيت العجوز
التي تدرسها المعلوميات، «كل ما أريد أن أتعلمه، هو أن أستطيع إرسال رسائل
لأحفادي في أستراليا، على أية حال ذلك ما أحتاجه». تعيد الاطمئنان على
علبة رسائلها، تجد رسالة من زوجها يخبرها، أنه ذهب إلى السفارة، لعل أحدا
يريد اشتراء لوحة من لوحاته، تفعل ذلك في نفس اللحظة التي تستمر في تشجيع
الجدة: «ولكنك تستطيعين !».. لم تجد رسالة المالك الدائمة التهديد.
في التاسعة ليلا، تقضي المسار مقلوبا، الميترو ثم الطاكسي، تقتني حاجياتها
من البقال: علبة بيض، قطع لحم مدخن، مئة غرام من المخللات.. وتنظر بلهفة
باتجاه قنينة مايونيز، تنظر اتجاه الثمن، ثم تعيدها لمكانها..جهزت سندويتشا
صغيرا لنفسها، أكلته وقوفا، وغيرت ملابسها، ثم خربشت على إحدى لوحات
زوجها.
إنها في الثلاثين، لقد أتت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا تؤدي
صلواتها، لم يسبق لها أن وضعت أي قنبلة، كما أنها لا تتمنى اختفاء اسرائيل.
لكن هي التي تتحمل ....، الأثمنة التي تتضاعف، أبواب البلدان الأجنبية
التي تغلق تباعا، والانتقال الدائم، التضخم الذي وصل إلى 25 بالمائة،
والمالك أيضا له مبررات الصراخ، والأجرتان لا تكفيان لغير التغذية، (ليس
حتى لشراء قنينة مايونيز)، ولوحات زوجها التي تباع تباعا، لا تكفي لتغطية
بدل الكراء.
هما  يبتعدان عن العاصمة كل سنة، ليس لهما أطفال، ولا تنوي انجابهم. اذ على
الرغم من أنالاحصائيات الرسمية تظهر أن أمثالها يفترض أن يكون لهم 1,2
طفل. ولما يصل الفرد لطفلين، يُنظر له على أساس أنه تجاوز المعدل بطفل،
والمحافظون الأمريكيون يصنفونه في محور الشر. غدا لربما تكون هدفا لمجنون
انفجاري.
في منتصف الليل، يدخل زوجها ، يغلق النافذة، ينتبه إلى خنيشة الشاي، ويضعها في العلبة الحديدية.

العمود هو الأول، ضمن سلسلة من الأعمدة، عبارة عن شهادات الواقع المعيش،
لكاتبات من العالم الإسلامي، تكتبها روائيات من إيران وتركيا وباكستان
ولبنان والمغرب.
عن ليبراسيون الفرنسية ضمن سلسلة «الادباء والاسلام ».



- الاتحاد الاشتراكي

12/9/2012

izarine
izarine

ذكر عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى