التاريخ وصوّره النهائيّة
صفحة 1 من اصل 1
التاريخ وصوّره النهائيّة
التاريخ وصوّره النهائيّة....
لا يتكوّن التاريخ إلّا من حياة البشر فبمجرد ظهور الأرواح ...بدأ الزّمن فتجمّعت الأرواح واختلفت الآراء وتناحرت الاختيارات ..ليسجّل التاريخ ما أراده من المجتمعين أو المتفرّقين , لا تهمّه الطّوائف والسيّاسات والأديان فهو يحتكر التصرّفات الخيّرة والشرّيرة لصالحه , يبنى هرمه بالأجيال عبر القرون والحقب التي تؤلّفها الشمس من شروقها إلى غروبها ..وهنا يعمل الإنسان ويبتكر الوسائل ليقوم بدوره في أرض أسّست من أجله ...يدير أعماله حسب النّهج التاريخي الذى لا يغيّره البشر ولكنّه يغيّرهم بين سطوره المكتوبة بالعرق والدم وينهي بهم نقطته الأخيرة التي تعود إلى سطر جديد لوجوه تبني حقبته المواليّة ، وتبعا للأسطورة التاريخية يمشى الإنسان على خطاها فلا يزيغ إلّا إن أدنت له وتخندق في المسؤولية المرجوّة مشاركا في سلسلتها....لذلك أصبح كلّ واحد ينتظر صورته النهائية التي وضع التاريخ أكليشيهات في ذاكرته , إذ يصبح الإنسان رهن أدائها وتحقيقها ..فنهاية الإنسان الحتميّة لا يراها أحد ولكن من أجلها يقوم بأعمال مفروضة من التاريخ ليصل إليها... قد يظن صاحب الصورة النهائية أنّه يضحّى ويبذل الطّاقات ويسخّر من حوله لحمايته ، يشترى الخدّام والزّمن بالمال ويغري أنصاره بالدّين والسّيّاسة ليحيط قوّته بسيّاج الأمان والأمن الصّلب ، لكنه في الحقيقة يمارس ما يمليه التاريخ وما يفرضه عليه ليحقّق تلك الصورة التي لا مفرّ منها...صورته النّهاية التي لا تخطر على باله ، وكمثال لا الحصر : اجتهد الطّغاة لحماية حكمهم والدّفاع عن أتباعهم معتقدون أنهم يصمدون ضدّ التيّار التاريخيّ ويصدّون هجمات التحوّل والعداوة ، لم ينجحوا وفشلوا... لأنّ التاريخ حقّق هدفه الذى أحالهم إلى نهاية غريبة لا تصدّق ولا ـرحم... خاطبوا الشعب بالشكر ورموا على أسماعه تضحياتهم ووعودهم بالإصلاح ، فكان كلامهم احتيّال ليذودوا عن نفسهم وأتباعهم وحكمهم... الحقيقة كانوا يؤخّرون أجلهم المحتوم إلى يبلور التاريخ صوّرهم النهائيّة ليقفوا أمام عدسة التاريخ ويلتقط نهايتهم على حمّالة إسعاف أو وراء قضبان السجن أو إعدام شنقا وبالرّصاص أوقطع الرّؤوس أوالحرق أوالغرق أو بالاغتيال أو بالسمّ أو بالخسف أو بما ينهي جبروتهم ... فالصّورة هنا مجسّدة ومجسّمة بالّلحم والدّم وليست مطبوعة على ورق السليسيوم اختارها التاريخ كنهاية حتميّة ...وما يجيزه التاريخ على الحكّام والمسؤولين يجوز على العامّة ..
نحن نعيش تجسيدا فرضه التاريخ ندافع ونحمي أجسامنا وأنفسنا لنتّقي الموت والقتل بكلّ أنواعهما والمرض العادي أو الذى لا يرجى برؤه نصرف الأموال لحماية أرواحنا لنعيش في خانة واحدة أوجدها التاريخ التاريخ الذي يجرّ النّاس حسب مواهبهم في الوقاية نحو صوّرتهم النّهائيّة التي تحدّ من استمرار زمنهم ..هناك من ينجو من مصيبة فيزداد طمعه في الحياة ..وهناك من يفلت من كمّاشة الويلات والفوضى ، وهناك من يتقوقع خوفا ليسلم من ما حوله ، لكنّهم فقط يربحون الأوقات المهداة من تاريخ يمهلهم ليضبطوا هيأتهم أمام عدسة الصّورة النهائيّة ، صورة يتحكّم فيها ملك الموت لينجزها ثمّ يدفنها حفّار القبور الذي تعلّم الدّفن من غراب أسود ....
خلاصة القول أن الآدميّ يعمل ويكافح لأجله أو لأجل الغير ليحقّق آخر فلاش في يد كاميرا التّاريخ .....
أوباها حسين- عدد الرسائل : 286
العمر : 81
تاريخ التسجيل : 11/10/2011
مواضيع مماثلة
» التاريخ يؤرخنا ؟؟
» التاريخ والشرعية..
» التاريخ القديم
» ما قبل التاريخ la préhistoire
» ماقبل التاريخ..
» التاريخ والشرعية..
» التاريخ القديم
» ما قبل التاريخ la préhistoire
» ماقبل التاريخ..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى