صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مقتطفات من رواية"الركض خلف السراب"

اذهب الى الأسفل

04012008

مُساهمة 

مقتطفات من رواية"الركض خلف السراب" Empty مقتطفات من رواية"الركض خلف السراب"




...آسا تظهر الان فجاة كوعاء تشكل حافته الجبال الدائرية التي بلا قمم. ثم تبدا على شكل سهم يبتدئ غربا ويتسع عند الوسط و يضيق كل ما اتجهت شرقا اتجاه شارع "الزاك" يعبرها شارع متاكل الجوانب يقسمها الى شطرين. تتوزع على جنباته متاجر وتتفرع عنه طرقات غير مرصفة تنتهي الى الاحياءالتي تشكل أسا . لكن اسا الحقيقية تقبع هناك في الواجهة الاخرى ما بعد الواحة. في القصر. لكن القصر او اسا القديمة صارت خاصة الان بالسكان السود البؤساء. و الواحة الممتدة في الاسفل ما عادت مجرد فاصل جغرافي، بل صارت فاصلا في التايخ و المكاسب ايضا.
هكذا ترقد اسا على قصص ثلاث مائة وستين وليا صالحا، وبقايا اثار اقدام النبي على احدى الصخور في الضواحي. اما كيف وصل النبي الى هناك، فذلك ما لا تجيب عنه الحكاية.
غادرت السيارة وانت تنظر الى ما ينتصب امامك كمثل من اقتيد معصب العين من مكان بعيد، وحين فتح عينيه وجد مكانا لا يعرف عنه اي شئ. كل الانظار اتجهت اليك، والبعض كان يضحك منك، في حين كانت نظرات اخرى فيها الكثير من الاشفاق. تذكرت "امسترونج" وهو يخطو خطواته الاولى على سطح القمر. وجدت نفسك تشبهه مع فارق ان الاول كان في فضاء منعدم الجاذبية، لذلك بدا وكانه يسبح. في حين كنت انت مشلول القدرة و العزيمة، و لذلك بدوت و كأنك تغرق.
اثارك وجه اوحى لك بشئ ما. اتجهت صوبه. انه البشير. نادل بمقهى. ابيض البشرة، اشقر الشعر. انسدت في وجهه ابواب الرزق فتاه على وجه البسيطة.
وقف للقائك مادا يده قائلا : اكيد انت من الشمال.
ذبتما في عناق حار طويل. شد على يديك وهو يقول: انا من الناظور.
كنت انت المتحدث. لأنك كنت في حاجة الى من يسمعك بعد تلك الايام الصامتة الطويلة. تحدثت عن كل شئ وهو مصغ بامعان وبعدها قال: ان كان من شئ ندمت عليه فهو بلا شك اني غادرت المدرسة باكرا. ومن هذه الوجهة فانت افضل مني تعلما، لكن فيما يخص شؤون الحياة فقد عشت كل شئ. وجربت وذقت ما لم يذقه انسان، لحد استنتجت معه ان ابشع صور التخلف هي حين تتحول لقمة العيش الى جبهة يحاصرك الاخر عبرها. وانطلاقا مما قلته هل تستمح لي بأن اقدم لك اول نصيحة ؟
تغيرت نظرتك للرجل. سألت نفسك باستنكار: اي عالم احمق هذا الذي اتيت اليه و الذي يصير فيه من هو مثل البشير واعظا يرتئي للناس ما يجب فعله؟
قلت بتهكم رافضا وصية البشير بشكل ضمني: وما في وسع نصيحتك ان تفيدني اذا كان الاسوء قد حدث ؟
ابتسم البشير وقال: هذا بالضبط ما اردت ان انبهك اليه.
تغيرت نظرتك للرجل. احسست بأن شيئا ما غير محمود العواقب يحوم حولك. وتحول البشير الى ما يشبه منقذ. فقلت وكأنك تستغيث به: هيا ، افصح. ما هذا الذي تريد ان تنبهني اليه ؟
أجاب البشير بهدوء : لا ترهن عمرك بفعل ناتج عن ظرف عابر في حياتك.
تنفست الصعداء بعدما بدا ان ما انتابك قبل حين لم يكن مصدره سوى هواجس البشير. اجبت وكأنك كنت تريد استصغار شأن خصم كان يحاول ان يلغيك: أهذه نصيحتك ؟
رد البشير بشكل واثق بدا من خلاله مصرا على حشرك في ظل اجواء ضاغطة: بل هو جزء منها.
صمت لحظة وقد عاودك الاحساس الذي انتابك قبل حين، او كأنك كنت تحاول ممنع حبال من الالتفاف حول رقبتكوقلت: قبل هذا اخبرني ايها البشير. ماذا في وسع نصيحتك ان تفيدني ؟
رد البشير وكأنه يتلو مقاطع من حوار مكتوب: ستمكنك من تتلمس طريق العودة سالما او بأقل الخسائر.
نقلت بصرك الى الطريق التي افضت بك الى حيث انت. هالك الزمن الذي ستدفنه هناك. ومن جديد احسست ان الاغلال قد اطبقت على يديك ورجليك. نظرت فجأة الى البشير وسألته، أقلت العودة ..؟ عودة من اين و الى اين ؟ ..واقساط عمري التي سأدفنها هنا، وشرائط عمري التي سأقتطعها والقي بها ، هل يمكنني ان استعيدها يوم سأرحل من هنا ؟ .. واذا كان ذلك مستحيلا، فماذا سأعتبرها؟ ثمنا لتذكر العودة؟ و الشرخ الذي سيظل ماثلا داخل يجزئ عمري، بأي شئ سأرأب صدعه ؟
سادت لحظة صمت طويلة كان البشير فيها ينفش شاربه و ينظر الى البعيد. لم تعرف فيما كان يفكر فيه. لكنه كان يبدو انه اكبر من تلك البساطة التي يبدو عليها. كما خيل اليك ان عينيه الصغيرتين تستطيع ان تستعيد لحظة نشأة الكون حين ينظر الى الخلف . وانه يرى اشياء لا تراها العيون الاخرى حين يرفع رأسه للأعالي. استدار جهتك اخيرا و قال كمن يصدر امرا: يجب ان تنسى كل ادوات الاستفهام التي حفظتها في المدرسة. لماذا وكيف ومتى و أين هي عدو مثل احساسك اتجاه الزمنو المكان. واعلم ان المنطق و التعقل هنا هو اقصر طريق يفضي الى الجنون. هنا يجب ان تلغي كل شئ. سر حيث يسيرون، وافعل ما يفعلون .
الاصابة كانت قوية بحجم زلزال. لم يتصاعد منك اي اعتراض. ربما صدق الرجل وطريقته في الحديث كان اكثر تأثيرا مما قاله. تعمق احساسك بالضياع و الخوف من المستقبل. بل ماذا صار المستقبل تلك اللحظة ؟ .. فخاخ وكمائن. طريق يفضي الى عالم مهجور نبذته الحياة. مستودع او مختبر لزرع الا عطاب و العاهات الداخلية. انتابتك رغبة في ان تنتفض. أن تتمرد. لكنك لم تعرف ضد من يجب ان توجه ثورتك او تمردك. احسست برغبة في ان ترسم مسارا اخر ومن ثم قلت للبشير: أتعرف لماذا انا هنا ؟ .... انا لست سائحا أو زاهدا او معتوها كره الحياة وجاء للانزواء في هذا الركن الضائع من العالم ليمضي ايامه كما اتفق. أنا هنا لأساهم في بناء اجيال. تصور ان هذا البناء حضر فيه كل شئ وغاب عنه المنطق ؟ ... سيدي ان عملت بنصيحتك فسأكون قد اجرمت.
هممت بالانصراف فجاء صوت البشير حادا صاعقا قائلا: انتظر ... فهمت الان لماذا بعثوا بك الى هنا. عنيد انت اذن. كلمة اخيرة . احذر الشرارة التي تحملها داخلك، فان انت لم تحسن الاستضاءة بها، فستتحول الى لهيب حارق ستكون انت اول ضحاياه .
يتبع

arkslateblue]][/size]
عبدالله البقالي
عبدالله البقالي
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 188
العمر : 67
تاريخ التسجيل : 01/08/2007

http://bakali.maktoobblog.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit
- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى