صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتابة السيَر والتراجم عند المؤرخين العرب ... بحثاً عن الحقيقة

اذهب الى الأسفل

كتابة السيَر والتراجم عند المؤرخين العرب ... بحثاً عن الحقيقة Empty كتابة السيَر والتراجم عند المؤرخين العرب ... بحثاً عن الحقيقة

مُساهمة من طرف said الأحد 30 نوفمبر 2008 - 17:39

شكلت كتابة السير والتراجم عند المؤرخين العرب أهمية كبرى باعتبارها
المدخل الذي أتاح لهم معرفة سير الأعلام وترجمة حياتهم. ولا شك في ان
تأثير المؤرخين العرب كان فعالاً في كتابة السير والتراجم، فلقد كانت
كتابة السيرة النبوية أول عمل من أعمال التدوين التاريخي يقوم به المؤرخون
العرب حين دعت الحاجة إلى معرفة سيرة الرسول العربي (صلى الله عليه وسلم)
وحياته وأحاديثه، فعمدوا إلى جمع أخبارها وتدوينها، وكان ذلك بداية انشغال
العرب في الإسلام بالتاريخ، ويرجح باحثون ما ناله تأريخ العهد الأخير من
العصور الوسطى إلى تأثير الحضارة العربية، فقد تماست النصرانية والإسلام
في ارض فلسطين وما يجاورها وفي الأندلس وصقلية وجنوب ايطاليا عموماً، ولم
يكن هذا التماس عدائياً لا في جملته ولا في الأساس نفسه الذي قام عليه،
فقد خرج الصليبيون من ديارهم، لقتال العرب المسلمين فإذا بهم يجدون أنفسهم
مضطرين لأخذ العلم والمعرفة عنهم. ففي مجال التاريخ الذي نحن بصدده، نجد
المسعودي العربي يعرض في كتابه «مروج الذهب» عرض خبير ماهر تاريخ
واتنوغرافية غرب آسيا وشمال إفريقيا وشرق أوروبا. ونجد ابن خلكان الدمشقي
(1211-1282م) يصنف معجماً في التراجم التاريخية جديراً بأن يقرن بتراجم
فلوطرخ. ثم نجد شيخ مؤرخي العرب عبد الرحمن بن خلدون التونسي يكتب مقدمة
لتاريخ عام بلغت من سعة الإحاطة ودقة النظر وعمق الفلسفة ما جعلها مصداقاً
لما قاله المستشرق فلنت عن هذا العالم التونسي بأنه «واضع علم التاريخ».
يقول
هيرنشو، «ان اثر هذه الثقافة العربية انتقل إلى أوروبا النصرانية من طريق
مدارس الأندلس وجنوب إيطاليا فكانت من العوامل القوية في إنهاء العصور
الوسطى وانبثاق فجر العصور الحديثة». والواقع ان فضل العرب على علم
التاريخ يفوق ما لهم من فضل على العلوم الأخرى التي أضاءت مشعل الحضارة
الأوروبية الحديثة، فقد أكمل العرب ما بدأه الإغريق والرومان في بناء
الفكر التاريخي، ومارسوا شتى فنون التاريخ، فأرخوا للأمم والشعوب والفتوح
والمغازي والسير والتراجم والأقاليم والبلدان، وكانوا الأوائل في كتابة
التاريخ إذ وضحت في أذهانهم فكرة الزمان والمكان ، فصنفوا العصور وعنوا
بتوقيت الواقعة التاريخية بالأيام والشهور والسنين، الأمر الذي لم يعرفه
مؤرخو اليونان والرومان، وأخذوا في الرواية التاريخية بالإسناد وهي سنة
محمودة جروا عليها في رواية الحديث للحفاظ على النص وتحري الحقيقة.
وجاء
ابن خلدون فربط بين الفرد والمجتمع والواقعة والبيئة، كما وضع أساس النقد
التاريخي وفلسفة التاريخ. وبلغت كتابة السير والتراجم على يد العرب ما لم
تبلغه على يد الإغريق والرومان، فأرخوا للأعلام، ومن قبيل ذلك كتاب «ولاة
مصر وقضاتها» للكندي المتوفى عام 350هـ، وتاريخ دمشق وأعلامها لأبي
العساكر، من مؤرخي القرن السادس الهجري, و»معجم الأدباء الياقوت» لياقوت
الحموي، و»وفيات الأعيان» لابن خلكان، من مؤرخي القرن السابع الهجري و
«الدرر الكافية» لشهاب الدين بن حجر العسقلاني، ويؤرخ لأعلام القرن الثامن
الهجري، وهي سنة جرى عليها مؤرخو العرب بعد ابن خلكان في الترجمة لأعلام
كل عصر على حدة ، وتتصل تراجم أعلام العصور قرناً فقرناً بعد ذلك. فنرى
«الضوء اللامع « للسخاوي مترجماً لأعلام القرن التاسع الهجري, و»الكواكب
السائرة» للغزي، في تراجم رجال القرن العاشر الهجري، و»خلاصة الأثر»
للمحبي في تراجم القرن الحادي عشر و «سلك الدرر» للمرادي في تراجم رجال
القرن الثاني عشر وتراجم أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر لأحمد
تيمور.
وتختلف كتابة السير عند العرب عنها عند اليونان، فعند العرب لم
تحفل كتابة السير بنظرية الرجل العظيم كما حفل بها مؤرخو اليونان
والرومان، ذلك ان البطل في التاريخ العربي الإسلامي لم يكن غير ظاهرة
اجتماعية لروح القصيدة الدينية التي سادت المجتمع العربي والإسلامي، يستمد
كل فضائله من تعاليم الشريعة، وقد سوت الشريعة الإسلامية بين الناس إلا في
طاعة الله « ان أكرمكم عند الله اتقاكم» و «لا فضل لعربي على أعجمي الا
بالتقوى».
ثم ان الخوارق والمنجزات والعبقريات الفذة بقيت تسيطر على
مشاعر مؤرخي الإغريق والرومان من تأثير الأساطير القديمة فحملتهم على
تمجيد البطولة والدور الذي يقوم به الرجل العظيم، ولم يكن لهذا التأثير
نظيره في الفكر الإسلامي. اما السير في كتابة التاريخ الحديث فما زالت
تحتل مكاناً مرموقاً، وعلى رغم ان البطل في السير لم يعد في نظر مؤرخي
العصر الحديث غير ظاهرة اجتماعية ما يخلع عنه ثوب البطولة الذاتية، الا
انه منذ كتابة السير تطور بما يعوض مظاهر البطولة القديمة، من طريق عرض
صورة الفرد في حياة البطل وتأثير الظواهر الاجتماعية في حياته واثر تكوينه
الجسماني في سلوكه وأعماله. والسيرة قصة تاريخية لا تشذ أبداً عما يفيد
التاريخ من حقائق تعتمد الوثائق والمدونات والأسانيد القاطعة، إلا أنها
قصة تتعلق بحياة إنسان فرد ترك من الأثر في الحياة ما جذب إليه التاريخ
وأوقفه على بابه، وكما يرى هيرنشو «فالتاريخ هو مدونة العصور الخوالي
وكتابها الحافظ لأخبارها أو هو التدوين القصصي لمجرى الأحداث العالمية
كلها أو بعضها»، ومن قبله عرَّف ابن خلدون التاريخ بأنه «فن يوقفنا على
أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم والأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم
وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرونه في أحوال الدين
والدنيا».
فالتاريخ هو إجماع أحوال البشر، ما يقع منهم وما يقع عليهم،
لذلك احتلت كتابة السير والتراجم أهمية كبرى عند المؤرخين العرب لأنه إذا
كان التاريخ هو البحث وراء الحقيقة وتمحيصها وجلاء غموضها في أي جانب من
جوانب الحياة الإنسانية، فإن السيرة هي البحث عن الحقيقة في حياة إنسان فذ
وقد تطغى السيرة على التاريخ وتحتل الجانب الأكبر من مدونته، فمن فلاسفة
التاريخ من يرى ان التاريخ ليس إلا سيرة عظماء الرجال وهي نظرة بنيت في
بوتقة التفكير العلمي الصحيح ، بل هناك من يراها إحدى سمات التفكير
التاريخي البدائي وإن سادت حقبة من الزمن حين أورثها الفكر اليوناني عصر
النهضة، الا ان السيرة لا تحتل مكانها الحقيقي في مدونة التاريخ ما لم تكن
هي نفسها تعبيراً عن الحقيقة التاريخية ، ولكل سيرة امتدادها الزمني وفي
هذا الإطار تتحرك الوقائع التاريخية للبطل ، فالامتداد التاريخي لسيرة
الرسول العربي محمد (صلى الله عليه وسلم) باق ما بقي الإسلام، وعيسى بن
مريم عليه السلام باق ما بقيت المسيحية، ولكل سيرة مكانها الذي تتحدد فيه
حوافز صاحبها وتتجلى مواهبه ولكن هناك من العظماء من تتعدى أهميته حدود
الزمان والمكان، كالأنبياء والرسل وأصحاب الرسالات الإنسانية، وهذا ما
أدركه المؤرخون العرب مصداقاً حياً لطبيعة المهمات التي قاموا بها فكتابة
السير والتراجم عندهم تمثل مواقف تاريخية لها حوافزها ومراميها وتكمن
وراءها عبقرية تضفي على الحدث التاريخي العلم والموضوعية.


أنيس الأبيض الحياة - 29/11/08//
said
said
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى