صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة السبت 29 أغسطس 2009 - 6:08

مدن
مغربية كثيرا ما نصادفها في كتب التاريخ، وفي الحكايات، والمرويات الشفوية
المحلية. مدن لا تحمل أسماءها الخرائط الحديثة، ولا يوجد لها مكان بين
المدن المعاصرة. مدن لعبت أدوارا مهمة في تاريخ المغرب... عاشت فيها
أجيال، وتعاقبت عليها أحداث، وتعددت في مساراتها الزمنية حقب وعصور توقفت
عندها المصادر التاريخية كثيرا، وتردد ذكرها عند أكثر من مؤرخ مخلد بذلك
ذكرها وما شكله وجودها من أهمية على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو
التجاري أو غير ذلك. هناك التي اندثرت وبقيت أسماؤها، وهناك التي انتقلت
بأسمائها إلى مواقع أخرى، أو التي نبتت من جديد فوق المطمور القديم
بمسميات مختلفة. فإذا كان المغرب غني بتاريخه وتراثه ومآثره وبرصيده
الحضاري الشاهدة عليه مواقع كثيرة ومتعددة ومتنوعة، فهناك جزء كبير من هذا
الرصيد لازال مجهولا، وما تزال شواهده مطمورة في العديد من المواقع التي
تصدح كتب التاريخ بذكرها وباستعراض الأحداث المهمة التي مرت بها.
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة السبت 29 أغسطس 2009 - 6:09

الحلقة الأولى
تقديم عام: لماذا الكتابة عن مدن مغربية مندثرة
لماذا
الكتابة عن مدن مغربية انقرضت واندثرت معالمها وشواهدها التاريخية، بل
وطمست في الكثير من المواقع أدنى الإشارات المكانية إليها؟. بداية
وللتذكير فقط، فالذي لم يندثر خبره لم ينته أمره، ولن يزول أبدا مادامت
هناك أسطر وكلمات تخلده في كتب التاريخ، ولا مناص من تذكره واستحضاره،
خاصة إن كانت طيات الخبر فيه تحتفظ بما يساعد على فهم الحاضر. من جهة أخرى
فالقيمة الأثرية والحضارية والثقافية لهذه المدن بالنسبة للعموم وبدرجة
أكبر بالنسبة للباحثين والأثريين والمهتمين بتاريخ المغرب وبالبنايات
الأثرية، تفرض الاقتراب منها وإثارة الانتباه إليها. على مستوى آخر، هناك
سبب ظهر حين كان العمل على جمع المادة الأولية لهذه السلسلة، والمتجلي في
أن هذه المدن المندثرة تختزن في تاريخها الكثير من الأحداث المليئة
بالحركية والعبر والبطولات والمسارات التي يمكنها تشكيل مصادر إلهام
للأعمال الإبداعية بمختلف الأجناس التعبيرية الأدبية والفنية، بل إن فيها
للسينما الوطنية خزانا هائلا من المواضيع التاريخية التي تصلح مادة خاما
لسيناريوهات الأفلام التاريخية التي تعاني خزانتنا السينمائية من فراغ
مهول فيها. ولعله من بين ابرز الأسباب كذلك، إثارة الانتباه إلى مواقع هذه
المدن التي ما يزال الكثير منها مطمورا تحت التراب، والبعض القليل منها
معروف كأسماء راقدة في المصادر التاريخية، أو متواترة الذكر بين الحكايات
الشعبية كحكي أسطوري أو خرافي، في حين أن الكثير من الإشارات ـ على ندرتها
ـ تؤكد وجودها التاريخي. من ناحية أخرى نجد النزر القليل، والقليل جدا
منها متداولة أسماؤه بين المغاربة، والتي اشتهرت بفضل الأبحاث
الأركيولوجية التي تمت خلال فترة الحماية، وهمت كلا من ليكسوس وشالة
ووليلي ولوكوس، في حين أن مدنا مندثرة كثيرة غيرها، وتنتمي إلى عصور ما
بعد المرحلة الفينيقية والرومانية، كمدن العصر الوسيط المصنفة مدنا بربرية
أو إسلامية أو عربية، والتي تصدح بالإشارة إلى أسمائها العديد من المصادر
التاريخية، ما تزال مطمورة مندثرة مجهولة الموقع معدومة الملامح.
طبعا،
فالباحثون والمهتمون بتاريخ المدينة في المغرب يعرفون جيدا الهوة الكبيرة
التي تنخر جسم الكتابة التاريخية عندنا حول هذا الموضوع. فأول ما يصطدم به
الباحث والدارس في موضوع المدن المغربية، هو قلة المصادر التاريخية، والشح
الكبير في المعلومات، وفي المادة المرجعية التي تسمح بالتعرف أولا على
مكونات وعناصر ومقومات المدينة المغربية عبر مختلف مراحل تشكلها وتطورها
وتفاعلها مع الأحداث التي مرت بها. هذه الأحداث التي عادة ما نجد إسهابا
كبيرا في التركيز على الشخوص الفاعلة فيها، دونما حديث عن مواقع حدوثها
ومسارحها الميدانية، وأمكنة حدوثها. في الغالب ما يكون الخبر عنها عرضيا،
أو من باب الإشارة فقط. إضافة إلى ذلك، فالكتابات التاريخية عند معظم
مؤرخينا تكاد تكون متفرغة بشكل شبه كلي "للأفراد صانعي التاريخ... لذلك
كانت كتاباتهم سجلا منقبيا يخلد أعمالهم(....) إضافة إلى ضياع معظم
المصنفات المونوغرافية الخاصة بتاريخ المدن المغربية لاستثناء مؤلفات تعد
على رؤوس الأصابع" كما يقول بذلك الأستاذ إبراهيم القادري بودشيسش في
مداخلة له بندوة المدينة في تاريخ المغرب العربي. إن الكم الهائل من المدن
المغربية المندثرة، يفرض علينا طرح تساؤلات جوهرية و أساسية حول ذلك
المصير الذي انتهت إليه، وحول زوال الحياة الحضرية، وتلاشي التمدن من
مواقع هي اليوم إما بقايا خرب فوق سطح الأرض، أو مطمورة تحت التراب. الأمر
هنا غير مرتبط بحقبه زمنية دون غيرها، فهناك المدن التي خربت واندثرت قبل
دخول الإسلام، وهناك التي عرفت نفس المصير إبان مرحلة كل دولة من الدول
المتعاقبة على حكم المغرب. فإذا كان للحروب و الصراعات السياسية والقبلية
دورها في خراب واندثار بعض المدن، فهي ليست وحدها السبب في ذلك بالنسبة
للكثير من المدن المنقرضة. هناك أسباب أخرى على رأسها العوامل الاقتصادية
المرتبطة أساسا بالأبعاد الأمنية في كل منطقة، بحيث أن سيادة اللاأمن تعيق
التجارة التي تعتبر المرتكز الرئيسي لكل تمدن. والصراعات الداخلية، أو
المناوشات الأجنبية، وأزمات الحكم، تضاعف من التهديدات المباشرة، وغير
المباشرة المفضية إلى انقراض حياة التمدن بموقع معين، والمؤدية بالساكنة
إما إلى الهجرة والنزوح إلى حواضر أخرى، أو إلى الرجوع إلى حياة البداوة،
بحيث تؤدي الأزمات الخطيرة إلى انكماش اقتصادي يترجم إلى انبعاث أشكال
بدائية وبسيطة في الحياة. ويحق لنا قبل بداية هذه السلسلة حول المدن
المغربية المندثرة، أن نتساءل عن المعنى والمفهوم التاريخيين للمدينة
المغربية. فحسب الإشارات والمعلومات التي تضمنتها المصادر التي أشارت ولو
باقتضاب شديد إلى المدن التاريخية المغربية، فيمكن استخلاص تعريف تاريخي
لها، يمكن النظر من خلاله إليها على أنها مكان لتجمع سكاني، يتواجد به
مسجد وسوق تجاري وحمامات، ويحيط به في الكثير من الحالات سور. وعادة ما
تكون للمدينة وظائف متعددة، إذ هي مركز ديني وتجاري وإداري وسياسي، كما
تتوفر على صروح ومنشآت جماعية. وحسب إشارات الكثير من المصادر التاريخية،
فالتواجد السكاني بالمدن المغربية، لم يكن مشروطا بكثافة معينة. بحيث نجد
مثلا أن كبريات هذه المدن كسجلماسة وفاس تستطيع احتواء عشرات الآلاف من
السكان، في حين تقتصر المدن الصغرى أحيانا على بضع مئات.

بيان اليوم
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة السبت 29 أغسطس 2009 - 6:10

الحلقة الثانية
مدينة تكوليت حاضرة رباط أكوز
كثيرة
هي المدن المندثرة التي تشير إليها كتب التاريخ، وتذكر أسماءها تقاييد
الرحالة و الجغرافيين القدامى في المنطقة الساحلية، الممتدة من الجديدة
إلى ما بعد أسفي، وتحديدا عند منطقة الصويرة القديمة، المعروفة بالصويرية.
منها المدن المطمورة تحت التراب، و منها المغمورة بمياه المحيط، أو التي
ما تزال بعض بقياها متلبسة بأبنية مستحدثة. هناك تيط، تيغالين، أيير، قنط،
أكوز، تدنست، مرامر، أديكيس، سرنو، المدينة الغربية وتاكوليت. هذه الأخيرة
التي يجهل الآن موقعها الحقيقي، إلا أن جل المصادر التي ذكرتها، تربطها
بمنطقة الصويرية أو بالقرب منها. وقد سجل الدكتوران محمد حجي و محمد
الأخضر مترجما ومحققا كتاب وصف إفريقيا للحسن بن الوزان في الهامش المتعلق
بهذه المدينة، أن موقع تاكوليت يبقى مجهولا و أن أكوز هي الصويرة القديمة
على الضفة الغربية لوادي تانسيفت غير بعيد عن المصب. بداية نستحضر ما ورد
عند الحسن بن الوزان عن هذه المدينة في كتابه وصف إفريقيا العائد إلى
بديات القرن السادس عشر حيث يسجل أن مدينة تكوليت: "تقع على منحدر جبل، و
فيها نحو ألف كانون. وهي على بعد 18 ميلا من تدنست إلى جهة الغرب. يجري
بالقرب منها نهر صغير تقوم على ضفتيه بساتين وحدائق عامرة بالفواكه.
وللمدينة عدة آبار ماؤها صاف زلال، وجامع في غاية الحسن، وأربعة ملاجئ
للفقراء، وزاوية للأتقياء. وسكان هذه المدينة أغنى من سكان تدنست، لأن
مدينتهم مجاورة لمرسى على البحر المحيط يسمى كوز. وتباع بتكوليت كمية
كبيرة من الحبوب، لوقوعها بجوار سهل فسيح، كما فيها كثير من الشمع للتجار
البرتغاليين. لذلك يرتدي الناس في هذه المدينة أجمل الملابس و يمتطون
الخيول المسرجة بأحسن السروج. وفي الوقت الذي ذهبت فيه إلى هذه البلاد كان
بتكوليت أحد الأعيان كرئيس لمجلسها، يتولى تدبير جميع شؤونها من توزيع
الضرائب التي تؤدى للأعراب، وعقد معاهدات السلم والوفاء بالعقود المبرمة
بينهم وبين أهل المدينة. وكان يملك ثروة طائلة ينفقها لاكتساب رضا الجميع
ومحبتهم، يتصدق كثيرا ويعين الشعب بهباته فيما يحتاج إليه، بحيث أنه لم
يكن هناك أحد إلا وهو يحبه كأبيه. ووجدت عنده كتبا تاريخية عديدة وحوليات
تتعلق بإفريقيا فقرأتها. وقتل المسكين أخيرا في الحرب ضد البرتغاليين عام
923 من تاريخنا (الهجري) الموافق للسنة المسيحية 1514 ـ لعل الصواب عام
920 إذ هي الموافقة لعام 1514م سيما وقد كان المؤلف عام 923هـ/1517/ في
مصر ـ في حين أسرت طائفة من السكان، وفرت طائفة، وقتلت طائفة أخرى....".
عن نفس المدينة وخلال نفس الفترة الزمنية وبزيادة في المعلومات سجل مارمول
كاربخال في كتابه "إفريقيا": أسس هذه المدينة رجال من مصمودة، وهي تضم
أكثر من ألف وخمسمائة ساكن. وتقع على منحدر جبل، لها ميناء صغير قريب جدا،
وقصر عتيق يسمى أكوز حيث يوجد مصب الديور ـ ويقصد به نهر تانسيفت ـ الذي
يجعله بطليموس على سبع درجات وعشرين دقيقة طولا، وإحدى وثلاثين درجة
وأربعين دقيقة عرضا. ليست المدينة محصنة، والأسوار إنما هي من تراب وقد
أحدث فيها الزمان ثلمات عديدة. والدور مبنية بنفس الكيفية ودون أي تنسيق.
وهناك بعض المباني القديمة المشيدة بالحجر والجير، ومسجد كبير في غاية
الجمال من الخارج ومن الداخل، يجتمع فيه معظم الشعب. خرب هذه المدينة عبد
المومن الموحدي وبقيت زمنا طويلا خالية. وفي عام ألف وخمسمائة وأربعة عشر،
نهبها نونيو فيرنانديس مع يحيى بن تعفوفت، وأرسل إلى البرتغال عددا كبيرا
من الرقيق ذكورا وإناثا. ثم عمرها الشرفاء من جديد بعد ذلك، وردوا إليها
السكان الذين كانوا هربوا إلى الجبال، وقوما آخرين من شتى الأماكن، ويمر
قربها نهر يحمل نفس الاسم، و يصب في البحر قرب قصر أكوز وضفتاه مكسوتان
بالبساتين والحدائق حيث تكثر أشجار الجوز، والتين و الخوخ، والكروم ذات
العنب الغليظ الذي قشره في غاية الدقة وطعمه بالغ الجودة. وتوجد في
المدينة آبار ماؤها معين بارد ممتاز جدا لدرجة أنهم يفضلونه على ماء
النهر. يعامل السكان الغرباء معاملة جد حسنة، وهم أغنى من سكان تدنست، لآن
البلاد أفضل، وفيها سهول خصبة جدا أسفل المدينة. ويوجد عدد كثير من خلايا
النجل على طول منحدر الجبل، يستخرجون منها كمية وافرة من الشمع يبيعونه
للتجار أوربا. وفي أحد جوانب المدينة بيعة لليهود يحيط بها أزيد من مائتي
دار للتجار والصناع. وهم أغنى من يهود تدنست ويعاملون أحسن منهم. وقلعة
المدينة عبارة عن برج عتيق ملتصق بالسور في المكان العلى حيث يشرف على
المدينة كلها"• ويسجل الفقيه الكانوني في كتابه أسفي وما إليه عن الصويرية
التي يسميها الصويرة التي على وادي تانسيفت أن: "موقعها جنوب أسفي على مصب
وادي تانسيفت من العدوة الشمالية تبعد عن أسفي ب 38 كيلومتر وهي إحدى
المراكز البرتغالية وسورها لا يزال محفوظا خاليا من السكان وكان مرساها
يعرف قديما بأكوز قال أبو عبيد البكري في المسالك: رباط فوز على البحر
المحيط وفيه تنزل السفن من جميع البلاد ولا تخرج إلا في زمان الأمطار
وتكدر الهواء واغبرار الجو فحينئذ تصدف لهم الرياح البرية فإن تمادى ذلك
سلموا وإن أضحى الجو وصفا الهواء هبت عليهم الرياح من الغرب فيهيج عليهم
البحر ويقذفهم في البراري فقل ما يسلمون...".
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الإثنين 31 أغسطس 2009 - 14:50

الحلقة الثالثة
مدينة تيط مسقط رأس سيدي عبد الرحمان المجذوب 1/2

اندثرت
هذه المدينة منذ قرون، إلا أن ذكرها ظل يتردد في العديد من المصادر
التاريخية، وفي كتب المناقب والتراجم، كتردد اسم احد أبنائها على ألسن
المغاربة، من خلال أمثاله وحكمه الشعبية الشائعة، وهو الشيخ سيدي عبد
الرحمان المجذوب، الذي يسجل حول وفاته الناصري في الجزء الخامس من
الاستقصا: "في سنة ست وسبعين وتسعمائة ليلة عيد الأضحى، توفي الشيخ أبو
زيد عبد الرحمان بن عياد الصنهاجي ثم الفرجي الدكالي المعروف بالمجذوب
دفين مكناسة الزيتون، كان مأوى سلفه بمدينة تيط قرب آزمور ثم رحل هو
ووالده إلى مكناسة فمات بها"• كما ارتبط تاريخ هذه المدينة بأسرة الأولياء
المغاريين الذين يعتبرون المؤسسين الفعليين للرباط الديني تيط، والذي تحول
إلى مدينة لم يعد متبق منها سوى بعض منابت حيطان، وما يحيط بضريح الولي
أبو عبد الله أمغار، ورقعة أرضية واسعة يستوعب فراغها مرة كل سنة فضاءات
الفروسية، وصفوف خيم الزوار إبان الموسم الذي يحمل اسم هذا الولي. تقع تيط
على الساحل الأطلسي بمنطقة دكالة بعيدا عن مدينة الجديدة بحوالي أحد عشر
كلم على الطريق الساحلية المؤدية إلى آسفي. تدل الآثار المكتشفة على أن
هذه المدينة عمرت في عهود مبكرة، حيث أن الأبحاث المستندة إلى علم
الطوبونيميا، تشير إلى أن الميناء المسمى في الأدبيات القديمة باسم
رتوبيس، كان يوجد على الأرجح في المكان الذي شغلته تيط. كما لاحظ شارل
تيسو أن الساحل المتقابل مع تيط صالح لرسو السفن، وفيه مياه عذبة، واعتبر
وجود حفر منحوتة في الصخر بضواحيها علامة على وجود مقبرة تعود إلى الفترة
البونية كان يستعملها سكان رتوبيس. كما أن هناك من يعتقد بأن المتعاقبين
على السكن بالمنطقة ربما بنوا على أنقاضها مدينة تيط المختصرة لاسم
تيطنفطر. واسم تيط يحتفظ بالبعد التاريخي و الدلالي الأمازيغي للمنطقة حيث
تختلف التفسيرات، حوله فمن قائل بأنه نسبة إلى العين الموجودة به والمسماة
بعين الفطر، في حين تقول بعض الروايات الشفوية، أن هذه التسمية جاءت بناء
على كون سكان المنطقة كانوا يكسرون صيامهم و يفطرون بماء هذه العين. وقد
حاول الدكتور أحمد التوفيق من خلال تحقيقه لكتاب التشوف إلى رجال التصوف
لابن الزيات تتبع أصول هذه التسمية التي ركز على رسمها في تيطن فطر، مذكرا
باقتصار المؤرخين عند ذكرها على تيط، التي معناها العين مشيرا إلى أن:
"المقصود هنا منبع الماء، فيكون رسمها كما ورد في طبعة فور وفي عدد من
النسخ التي راجعناها مركبا من تيط أي عين و نون للإضافة وفطر. وقد قرأها
الكثيرون و منهم صاحب بهجة الناظرين: الفطر" ويقصد به محمد بن عبد العظيم
الأزموري صاحب كتاب بهجة الناظرين الذي سجل فيه حول الولي أبي عبد الله
أمغار دفين تيط: "قبره المسمى بعين فطره التي كان يفطر عندها من طعام
الكون بوسط البحر في الجزيرة المعلومة". في الأخير يصل أحمد التوفيق إلى
أن:"أقرب تأويل يقبله هذا الاسم هو تيطنفطر أي عين أنفطر. ومعنى أنفطر
إناء معروف من قديم يشبه المد الذي به تحسب زكاة الفطر، ويعمل فيه ثقب في
أسفله و يوضع في منبع العين ليحسب به توزيع الماء للسقي بين المستفيدين
بوحدات قدر كل منها قدر ما يستغرقه امتلاء الإناء من ثقب الأسفل"•
ويرجح
كل من هنري باصي H. Bassi وهنري طيراس H. terrasse أن يكون رباط تيط قد
انتقل إلى مستوى المدينة خلال ستينيات القرن السادس الهجري الموافق للقرن
الثاني عشر الميلادي، هذا الافتراض الذي يدعمانه بكون الرحالة المغربي
الشريف الإدريسي المتوفى مابين عامي 558 و560 هجرية لم يشر إليها في وصفه
للمدن والمراسي الواقعة على الساحل الممتد بين الجديدة/مزاكان وأسفي.
ويسجل الباحث لحسن بولقطيب من خلال قراءته لمخطوط عبد العظيم الأزموري
"بهجة الناظرين وأنس العارفين" أن "رباط تيط شرع في النمو والتطور بدء من
عهد أبي عبد الله أمغار، فبعدما كان يضم في عهد والده بيتا ومسجدا وبئرا،
أقدم أبو عبد الله على بناء بئر ثانية، وهذا ما يوحي بارتفاع عدد سكانه،
ويشير الأزموري بصريح العبارة إلى أن الرباط شهد نموا عمرانيا بارزا رفعه
إلى مستوى المدينة خلال عصر الموحدين، فهو ينقل عن صاحب "تنقيح الأخبار"
قوله: "إن رباط عين الفطر ازداد وازدادت عمارته"•
وبسبب هذا النمو،
فإن أحد شيوخ صنهاجة طلب من الخليفة الموحدي ـ الذي لم يحدد المؤلف اسمه ـ
الزيادة في قيمة المغارم المفروضة على سكانه، غير أن الخليفة المعني رفض
هذا الاقتراح لكون المدينة تعتبر "موقع الشرفاء الصالحين قديما وحديثا"•
في
دراسة تحت عنوان "رباط تيط من التأسيس إلى ظهور الحركة الجزولية" منشورة
في كتاب الرباطات والزوايا بالمغرب ـ منشورات كلية الآداب بجامعة محمد
الخامس ـ يسجل الأستاذ محمد المازومي أنه: "في غياب معلومات مقنعة عن
تاريخ تيط في الـتآليف المغربية، تقدم المراسلات البرتغالية بعض الإشارات
المهمة، وإن كانت تهم مرحلته الأخيرة، فمن خلال عشر مراسلات برتغالية بين
سنتي 1513م و1515م تبين بوضوح الدواعي الحقيقية لاهتمام البرتغال بتيط، و
بصرحها العمراني المتميز. فقد كانت البواعث الاقتصادية هي الدافع الأساسي
للتعرف على تيط وإمكانياتها، لكونها كانت من أهم المراكز المجاورة لأزمور
المحتلة، ومادامت تيط لم تخضع بعد للتاج البرتغالي فقد زاد الاهتمام بها و
زادت مراقبتها والتضييق بسكانها، الذين أجبروا في النهاية على طلب الحماية
البرتغالية... من بين أهم هذه المراسلات، رسالة حاكم أزمور Estavas
Rodrigues إلى ملك البرتغال عمانويل الأول، تبين الأهمية الإستراتيجية
لمركز تيط وما يوفره ميناؤها الصغير من إمكانيات لوسق الحبوب (التي كانت
تجمع بفحص تيط) وغنى مجالها الغابوي ووفرة الأحجار الجيرية بمحيطها"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الإثنين 31 أغسطس 2009 - 14:51

الحلقة الرابعة
مدينة تيط مسقط رأس سيدي عبد الرحمان المجذوب 2/2

من
النصوص التاريخية العائدة إلى بدايات القرن السادس عشر التي اهتمت بتدوين
الخبر عن مدينة تيط هناك ما دونه كل من الحسن ابن الوزان ومارمول كربخال
حيث نجد عند الأول في كتابه وصف إفريقيا: "تيط مدينة قديمة تبعد عن أزمور
بنحو أربعة وعشرين ميلا بناها الأفارقة على شاطئ المحيط، تحيط بها بادية
واسعة حيث ينبت الزرع الجيد بكثرة كاثرة، ويسكنها قوم ذوو ذكاء محدود لا
يعرفون إنشاء حديقة ولا أي شيء آخر يلفت النظر. وفي الحقيقة يلبسون لباسا
لائقا بسبب تجارتهم وعلاقاتهم مع البرتغاليين.. ولما احتل البرتغاليون
أزمور خضعت تيط إلى ملك البرتغال باتفاق مع قائده وأدت له بعض الأتاوات.
وفي عهد شبابي جاء ملك فاس بنفسه إلى تيط لينجد سكان دكالة. ولما لم يتمكن
من الحصول على أية نتيجة، أمر بشنق نصراني كان أمين خزانة المال ويهودي
كان وسيطا، ونقل سكان تيط إلى فاس وعين لإقامتهم قرية صغيرة مهجورة منذ
مدة، تبعد عن فاس باثني عشر ميلا"• عن نفس المدينة وخلال نفس الفترة
الزمنية سجل أما مرمول كربخال في كتابه إفريقيا: "مدينة قديمة، تلوح الآن
أنقاضها على شاطئ البحر على بعد أربعة فراسخ من مازغان (البريجة) في اتجاه
الغرب. ويرجع تأسيسها ـ على ما يقال ـ إلى سكان إفريقيا الأولين. وكانت
آهلة بالسكان في القديم، لأن الضواحي المجاورة لها خصبة جدا. وعندما
استولى البرتغاليون على مدينة آزمور استسلمت عن طريق التفاوض، وأصبحت
خاضعة لملك البرتغال مدة من الزمن، لكن مولاي الناصر، أخا محمد الوطاسي
ملك فاس، لما ذهب إلى هذا الإقليم لتحرير المسلمين من نير المسيحيين، ولم
يتمكن إلا من شنق أمين بيت مال ملك البرتغال، مع يهودي كان يساعده على
تحصيل الأتاوات، أخذ جميع سكانها، ونقلوا إلى قرية صغيرة كانت خالية على
بعد ثلاثه فراسخ من فاس، ولم تعمر هذه المدينة بعد ذلك إطلاقا، وما زالت
ديار المدينة وأبراجها قائمة، لكن الأعراب يحرثون الأرض مع اعتراضات كثيرة
من حرس مازغان. كانت هذه الدينة تدعى طوط في القديم.... باسم طوط حفيد
نوح، الذي ساق الطوطيين إلى موريطانيا الطنجية. وتقع حسب بطليموس في
الدرجة السابعة وثلاثين دقيقة طولا والدرجة الثلاثين وثلاثين دقيقة عرضا،
وتعد من بين المدن الليبية ـ الفينيقية"•
وأورد أحمد بن خالد الناصري
أن ازمور كان يصلها نصيب من عناصر جيش البخاري عند قيان السلطان محمد بن
عبد الله بتفريقهم على مجموعة من المدن المغربية من بينها المرة التي
ذكرها في الجزء الثامن من كتابه الاستقصا، حيث سجل: "فبعث عبيد السوس إلى
تارودانت وعبيد حاجة والشبانات إلى الصويرة وعبيد السراغنة وتادلا إلى تيط
الفطر وعبيد دكالة إ لى آزمور وعبيد الشاوية إلى آنفي ...."ثم يشير في
الصفحة 61 من نفس الجزء حول جيوش الثغور في عهد السلطان محمد بن عبد الله
أنه كان بتيط نفس عدد ماكان من جيش العبيد بآزمور أي خمسمائة جندي...كما
ذكر في ص 69 أن محمد بن عبد الله "بنى مسجد مدينة تيط"• من النصوص التي
استجمعت الخبر عن مدينة تيط من مصادر تاريخية مختلفة ما سجله أحد الفقهاء
المؤرخين لمنطقة عبدة و دكالة والشياظمة الفقيه الكانوني من خلال مؤلفه
آسفي وما إليه: "مدينة تيطنفطر (تيط).... موقعها بجنوب ثغر الجديدة على
مقربة منها وهي إحدى المراسي العتيقة قال الحسن بن الوزان : بناها
الأفارقة الأقدمون، وقال أبو القاسم الزياني أسسها أمراء صنهاجة لما استقر
البربر بالمغرب اه. نزلها شرفاء بني أمغار من الدارسة وبهم اشتهرت وقصدت
من الآفاق وكثر عمرانها و صارت معقل العلم والدين وسراج الهدى للمهتدين
وظلت موردا معينا لأهل العلم والدين طيلة أربعة قرون فأزيد ."وبعد استعراض
الكانوني لما سجله الحسن بن الوزان حول تيط يضيف: "ونقل صاحب زهر البستان
عن رحلة الشهاب أحمد الحجري المعروف بأفوغاي أنه مر بها ليلا آخر القرن
العاشر أو فاتح الحادي عشر فرأى صومعتها وهي خالية من أهلها اه. وذكر أبو
عبد الله محمد بن عبد الكريم العبدوني في كتاب العقود الوسطى أنه مر بها
سنة 1165هـ فما وجد بها حسيسا إلا من يرد عليها من الزوار وبها آثار بناء
قديم ومساجد وصوامع و عمارات عه... نعم قد انتعشت عمارتها صدر القرن
الثالث عشر الهجري لما استوطنها القائد محمد بن العروصي الدكالي الهلالي
فاستبد بمرساها وسرح منها الوسق فكانت تردها البواخر التجارية كما استبد
أخوه القائد الحاج الهاشمي بمرسى الجديدة وكانت إمارة دكالة منقسمة بينهما
قسمين وربما استبد بها أحدهما دون الآخر وكانت وفاتهما سنة 1214هـ ومن
حينئذ أسرع إليها الخراب وأجفاها السكان و تمادى بها الحال حتى لم يبق بها
الآن إلا صومعتها البارزة والبرج المشيد في واجهة البحر مع القبب المشيدة
على عظماء هذا البيت كالشيخ أبي الفداء إسماعيل والشيخ أبي عبد الله أمغار
والشيخ ابي يوسف يعقوب بن أبي عبد الله أمغار وغيرهم... ولشاعر الملحون
أبي عسرية البوفي الغربي الدكالي رثاء في هذه المدينة واهلها تقصى فيها
ذكر المساجد والصوامع والمدارس والأسواق وما كان بها من وفور العمارة
وآثار الحضارة والعلوم والصنائع وغير ذلك."
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الأربعاء 2 سبتمبر 2009 - 7:13

الحلقة الخامسة
مدينة نول لمطة 1/2

كم
تعج ضواحي كلميم ببقايا التاريخ المطمورة، و كم هي متعددة مكامن شواهد
ماض، دفنت معالمها تحت تراب ورمال المساحات المحيطة بالمدينة الموصوفة
بوابة الصحراء، سليلة مدن قديمة كانت قبل اندثارها من أهم وأبرز ملتقيات
طرق القوافل التجارية العابرة من المغرب إلى العمق الإفريقي تومبوكتو وما
كان يسمى سالفا ببلاد السودان. من كلميم المدينة الحالية تنطلق المسارات
الطرقية نحو مدن قديمة كانت يوما هناك، وأصبحت اليوم مواقع لتاريخ طمرت
شواهده، وغرقت بقاياه بين الكثبان و التلال، وتحت دواوير وأبنية متفرقة،
لم تتبق منها سوى نتف ذكر بين ثنايا أسطر التقاييد والكنانيش التاريخية...
نول لمطة، تكاوست، الكست، تفاتن، جلماوة، وأمكنة بنت أزمنة أخرى، لازال
فيها ـ حسب الكثير من المصادر ـ ما ينتظر النبش لإخراجها من غياهب الصمت
نحو دوائر ضوء المعرفة و نور التذكر. من بين هذه المواقع مدينة كان لها
شأن كبير، ودور مهم، كما كانت محورا رئيسيا في مسارات التبادل التجاري،
سواء محليا كما هو الشأن بالنسبة لأسواقها، أو خارجيا على اعتبارها كانت
تشكل عاصمة للذهب، ولمجموع قبائل وادي نون. إنها نول لمطة التي تبعد عن
مدينة كلميم بكلمترات في اتجاه قرية أسرير، وهي من المدن السبعة الكبرى في
مغرب القرنين السابع والثامن. حيث كان دورها التجاري يماثل دور مدن شهيرة
في تاريخ المبادلات التجارية الإفريقية، من مثل أوداغوست aoudagost
العائدة إلى القرن الثاني الميلادي و المنشأة على مقربة من منجمي الذهب
بكل من كالام galame وبامبوك bambouk شرق السينغال. و قد لعب موقع نول
لمطة الجغرافي دورا مهما في ازدهارها، إذ يسر قربها من المحيط الأطلسي
وصول بضائع إليها من السفن التي ترتاد ميناء مصب وادي أساكا، الذي أسس به
الرحالة الفينيقي حانون وكالة تجارية في غضون حملته الشهيرة سنة 410 قبل
الميلاد على رأس ستين سفينة. ويشير جاك مونيي Meunie Jacques إلى أن آثار
وبقايا نول لمطة ما تزال قائمة قرب قصر أسرير أزوافيظ. مضيفا في موضع آخر
أن المرابطين بنوا موقعا هاما قرب تغجيجت، والذي حمل بدوره بعد نول لمطة
تسمية مدينة نول. كما ورد ذكرها عند ابن خلدون في الفصل الثاني من الكتاب
الثالث عند قوله: "وعليه أيضا مسجد ماسة وبلدتا كاوصت نول من بلاد السوس و
هي كلها من مساكن البربر وحواضرهم وتنتهي المراكب إلى وراء ساحل نول ولا
تتجاوزه إلا على خطر"• وقد سجل حولها الشريف الإدريسي في كتابه "نزهة
المشتاق في اختراق الآفاق حيث" ما يلي: "فأما مدينة نول فمنها إلى البحر
ثلاثة أيام ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة ومدينة نول مدينة كبيرة
عامرة على نهر يأتي إليها من جهة المشرق وعليه قبائل لمتونة ولمطة وبهذه
المدينة تصنع الدرق اللمطية التي لا شيء أبدع منها ولا أصلب منها ظهراً
ولا أحسن منها صنعاً وبها يقاتل أهل المغرب لحصانتها وخفة محملها وبهذه
المدينة قوم يصنعون السروج واللجم والأقتاب المعدة لخدمة الإبل وتباع بها
الأكسية المسماة بالسفسارية والبرانس التي يساوي الزوج منها خمسين دينارا
وأقل وأكثر وعند أهلها البقر والغنم كثير جدا والألبان والسمن عندهم موجود
وإلى هذه المدينة يلجأ أهل تلك الجهات فيما يعن لهم من مهم حوائجهم وفنون
مطالبهم." ومن خلال ذكره لها يسجل أبو عبيد البكري في كتابه "المسالك
والممالك" أنه: "من وادي السوس إلى مدينة نول ثلاث مراحل في عمارة جزولة
ولمطة ومدينة نول آخر مدن الإسلام و هي في أول الصحراء ونهرها يصب في
البحر المحيط ومن مدينة نول إلى وادي درعة ثلاث مراحل..." إذا كان كثيرون
يعتبرون أن قرية أسرير بنيت على أنقاض مدينة نول لمطة منذ حوالي ستة قرون
فهناك آخرون يرون أن جزء مهما من بقايا مدينة نول لمطة هو في التلة
المواجهة لقرية أسرير على الجانب الغربي للطريق القادمة من كلميم في اتجاه
تيغمرت. وقد سجل الباحث مصطفى ناعمي في كتابه من خلال بلاد تكنة أنه:" في
وسط وادي نون اكتمل منذ ستة قرون بناء قرية أسرير الكبرى على ضفاف نهر
واركنون. وقد تم البناء على بقايا مقبرة قديمة لا تزال معروفة عند
المتعلمين تحت اسم مدينة لمطة ، غير أن هؤلاء لا يعرفون عنها إلا أخبارا
متوارثة تنقرض بانقراضهم. وعلى إحدى الهضبتين المحيطتين بمدخل أسرير تجثم
آثار تحصين قديم نعتقد أنه من مخلفات نول لمطة، على أن وجود بقايا بناء
أسفل الهضبة يرجح الاعتقاد بأن جزء من المدينة كان يتجاوز الهضبة ليشكل
أسفلها. وبقايا الشكل الهندسي تنم عن تجمع سكني بحجم مهم، فالسور العريض
وإمكانية مراقبة المناطق النائية من على الحصن تزيد من القيمة العسكرية
للموقع. على أن حدودا طبيعية تجزيء المنطقة غلى مساحات محدودة تجعلنا
نعتقد أن الحصن كان مهيأ للدفاع السريع. كما انه ليس من المستبعد أن يكون
الحصن جزء من المدينة التي ربما شمل معظمها أسفل الهضبة شأنها في ذلك شأن
معظم مدن ضفتي الصحراء. لا شك أن دور المدينة كمركز حضاري للتنقل السريع
وطابعها شبه الصحراوي ساعدا على اكتظاظها بالسكان، وهذا ما يبرز من خلال
حجم المقبرة الهام. و لعل مخططيها لم يأخذوا بعين الاعتبار إلا مراعي
إبلهم... إذ تميزت سذاجة هندستها في عدم استعمال الحجارة في البناء ـ أحد
مميزات الهندسة بالشمال الإفريقي ـ مما يدل على أن المدينة لم تكن فخمة
ولم يغلب عليها طابع الترف حيث كانت مهددة دوما بالانقراض السريع"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الخميس 3 سبتمبر 2009 - 6:49

الحلقة السادسة
مدينة نول لمطة2/2

إضافة
إلى النصوص التاريخية التي تحدث كتابها عن نول لمطة مثل الإدريسي والبكري
وابن خلدون نضيف في هذا الجزء الثاني ما سجله محمد بن عبد المنعم الحميري
في كتابه "الروض المعطار في خبر الأمصار" عن نفس المدينة بأنها: "من بلاد
السوس الأقصى بالمغرب، بينها وبين وادي السوس الأقصى ثلاث مراحل، ومنها
إلى البحر ثلاثة أيام، وبينها وبين سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة وفيها جزولة
ولمطة. ومدينة نول إحدى مدن الإسلام، وهي مدينة كبيرة في أول الصحراء على
نهر كبير يصب في البحر المحيط، وعليه قبائل لمطة ولمتونة، ومن مدينة نول
إلى وادي درعة نحو ثلاث مراحل، وإنما سميت نول لمطة لأن قبيل لمطة
يسكنونها، وماؤها جار، وهي آخر بلاد السوس.... وببلادهم يكون اللمط الذي
تعمل من جلوده الدرق فلا شيء أبدع منها ولا أصلب ظهراً، وبها يقاتل أهل
المغرب لحصانتها وخفة محملها.... وببلادهم أيضاً الفنك كثير، ومن عندهم
تحمل جلودها إلى جميع البلاد، وعندهم الكباش الدمانية، وهي على خلقة الضأن
إلا أنها أعظم وشعرها كشعر المعز لا صوف عليها، وهي من أحسن الغنم خلقاً
وألواناً. والريحان في بلاد الصحراء وفي بلاد السوس عزيز لأن بلادهم لا
تنبته، وهو عندهم من أطيب الطيب." بالنسبة للأدوار التاريخية التي لعبتها
هذه المدينة يسجل الباحث مصطفى ناعمي في دراسته الصحراء من خلال بلاد تكنة
أن: "نول لمطة كانت تتمتع بشهرة واسعة جعلت منها إحدى العواصم الإفريقية
التاريخية بعد مدينة سجلماسة ذات الشهرة العالمية. على أن المدينة عرفت
بوصول يحيى بن عمر إليها رخاء وسعة لم تعرفهما من قبل(.....) بمجرد وصول
الأمير أبو بكر بن عمر إلى مدينة نول عين عليها عثمان بن مندى كخليفة له،
ولم يلبث هذا الأخير أن أنشأ معملا لسك العملة الذهبية المرابطية ـ يعتقد
مونتاي Monteil بأن المعمل كان بتيغمرت في حين يشير لاشابيل Chappelle إلى
أن متحف الجزائر كان يحتوي سنة 1930 على وحدة نقدية تحمل ميزة نول لمطة،
ويضيف فيلار Villar بان الدينار المرابطي استعمل كعملة حسابية قشتالية.
للإشارة فمدينة نول لمطة ارتبطت تاريخيا بانقراض مدينة آسا العصمة القديمة
للجنوب الغربي المغربي وكانت لآسا علاقات تجارية وطيدة مع الفنيقيين على
أنه يجهل دائما تدرج اضمحلال هذه العاصمة وظهور نول لمطة بعدها.. خلال عهد
دولة الأدارسة ارتبطت مدينة نول لمطة بواليها عبد الله بن إدريس المعين من
طرف شقيقه محمد بن إدريس تبعا للنهج الذي أشارت به كنزة زوجة إدريس الأول
على حفيدها السلطان بتقسيم بلاد المغرب بين إخوته. وإذا كانت أغلب المصادر
التاريخية إن لم نقل بكليتها تتفق على ما نقتصر في الاستدلال عليه بما
سجله أحمد بن خالد الناصري في الجزء الثاني من الاستقصا: "لما توفي إدريس
بن إدريس قام بالأمر بعده ابنه محمد بعهده منه إليه. ولما ولى قسم المغرب
بين إخوته وذلك بإشارة جدته أم إدريس، فاختص القاسم منها بطنجة وسبتة وقصر
مصمودة وقلعة حجر النسر وتطوان... واختص عمر منها بتكساس وترغة... واختص
داود ببلاد هوارة وتسول وتازة... واختص يحيى بأصيلا والعرائش والبصرة
وبلاد ورغة... واختص عيسى بسلا وشالة وآزمور وتامسنا... واختص حمزة بمدينة
وليلي وأعمالها... واختص أحمد بمدينة مكناس ومدينة تادلا... واختص عبد
الله بأغمات وبلد نفيس وجبال المصامدة و بلاد لمطة والسوس الأقصى. وفي
العصر المرابطي دخلها الأمير أبو بكر بن عمر وعين عليها خليفته عثمان بن
مندى ـ أو بن مندا ـ الذي قام بإنشاء دار لسك النقود الذهبية بها. هذه
الدار التي يشير مونطاي monteil في notes sur les teknas إلى وجودها بقرية
تيغمرت المجاورة لأسرير. وفي بداية العهد الموحدي أبدت لمطة مقاومة كبيرة
وتصدت لهجمات الموحدين كما كثرت ثورات سكانها عليهم إلى أن أعلنت قبائل
"لمطة" استقلالها تحت سلطة حاكمها "اهوكار" حوالي سنة 1154م بوادي نون
ونواحيه كما يقول بذلك مونيي D.J.Meunie في le maroc saharien• وقد ورد في
أخبار المهدي بن تومرت رسالة إلى القبائل الأمازيغية الصحراوية المتمردة
يهددهم قائلا: "...ويل لأهل سوس وجيرانهم جزولة الكست ولمطة وأهل القبلة"•
وبعد صراع مرير تمكن "عبدالمؤمن بن علي الكومي" من القضاء على هذا التمرد.
حيث أنه وبعد سحقه لثورة لمطة سينتقم من أهلها الذين شردهم واستولى على
ممتلكاتهم ونسائهم اللواتي بعن عند ابواب مدينة مراكش كما هو وارد عند
لاشابيل F la chappelle في Takna• بعد هذه الهزيمة وهذا التنكيل الذي
عاشته المدينة سينتقل الجزء الأكبر من ساكنتها إلى مكان يبعد عنها بحوالي
العشرين كلمترا.في مكان ستؤسس به مدينة أخرى ستعد امتدادا لها والتي إن
عرف اسمها تكاوست فموقعها بعد اندثارها هي الأخرى يظل غير محدد موزع على
أمكنة أو في ما بينها وهي واعرون ولقصابي وجردة أم غانيم. يسجل الباحث
مصطفى ناعيمي في دراسة منشورة في العدد38 من مجلة البحث العلمي التي
تصدرها جامعة محمد الخامس تحت عنوان أهمية علاقات الرحل والمستقرين في
التطور التاريخي لمجوع اتحادية تكنة والتي اعتمد من خلالها على وثائق غير
منشورة وجدت بتاغجيجت بوادي نون يعرف في الهامش أن للملازم دولاروييل في
كناش تحت عنوان دراسة عن آيت إبراهيم أنه استنادا إلى هذا المرجع يكون
أبناء قبيلة تكنة أو المستقرون منهم قد احيوا العاصمة تاكاوست ـ القصابي
حاليا ـ بعد هجرتهم من نول لمطة....
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الثلاثاء 8 سبتمبر 2009 - 16:04

الحلقة السابعة
مدينة تكاوست عاصمة وادي نون 1/2

على
بعد حوالي عشرة كلمترات عن مدينة كلميم، توجد قرية القصابي وجارتها
واعرون، اللتان يعتبرهما بعض المهتمين بتاريخ المنطقة امتدادا للمدينة
التاريخية الشهيرة تاكاوست. هذه المدينة المندثرة التي لعبت أدوارا
تاريخية وتجارية مهمة في المنطقة المنتشرة على ضفاف وادي نون، كما أنها
أصبحت عاصمة هذه المنطقة إخلاء مدينة نول لمطة وانقراضها، وكذا بعد انصرام
دور تيغمرت التي كانت عاصمة لمملكة بوطاطا. الأهمية الاستراتيجة والتجارية
التي ستنتقل إلى تكاوست بعد تدمير نول لمطة من طرف عبد المومن بن علي
الكومي، ستجعل منها إحدى أهم حواضر الجنوب المغربي بالسوس الأقصى -كما
يسميه أغلب كتاب تاريخ المغرب-. وذلك بعد نكبة سكان نول لمطة عقابا لهم
على وفائهم وبقائهم على عهد المرابطين الذين كانت علاقتهم باللمطيين
وثيقة، خاصة حين نعلم مكانة وكاك بن زلو اللمطي ومرجعيته الأساسية في
تأسيس الدولة المرابطية بصفته أستاذ لعبد الله بن ياسين ومرشحه لمصاحبة
عمر اللمتوني، وكذا مكانة عامل المرابطين على نول لمطة عثمان بن مندى الذي
يعتبر جدا لقبيلة أيت إبراهيم والجد الأسمى للف حمل اسمه -لف أيت عثمان -
الذي يضم تجزئة أيت النص التي يشكل أبت إبراهيم عمودها الفقري وتجزئتي أيت
الخمس وأيت بلا. ومن المعلوم تاريخيا أن هذا اللف ينضاف إلى لف أيت الجمل
ليشكلا معا اتحادية -ثكنة- بمنطقة واد نون وباني الغربية. ولعل في كل ذلك
ما يفسر ثورة اللمطيين على الموحدين ثم إنزال هؤلاء عليهم اشد العقاب
وتدمير مدينة نول لمطة التي هجرها من تبقى من سكانها إلى المكان الذي
ستتأسس به مدينة تكاوست التي ستصبح عاصمة جديدة للمنطقة وتلعب نفس أدوار
سابقتها مدينة نول كما هو وارد عند عبد الواحد المراكشي في تاريخ
الموحدين. حين أصبحت مدينة تكاوست عاصمة جديدة لمنطقة وادي نون ستعرف
ازدهارا كبيرا ورواجا تجاريا مهما، وقد ساعدها على ذلك كونها إحدى المرافئ
التجارية المهمة بالمنطقة والتي لا تبعد عن الشاطئ الأطلسي إلا بحوالي
مائة كلمتر. وقد زارها الحسن ابن الوزان سنة 1513م ومكث بها ثلاثة عشر
يوما ليسجل حولها في كتابه وصف إفريقيا أنها: "مدينة كبيرة، وهي أهم مدن
سوس على الإطلاق. بها ثمانية آلاف كانون ـ ويعني بذلك ثمانية آلاف بيت ـ
وسورها من التراب المدكوك. تبعد عن المحيط بنحو بستين ميلا، وعن الأطلس
بنحو خمسين ميلا إلى جهة الجنوب. وهي من بناء الأفارقة، يجري نهر سوس على
بعد عشرة أميال منها. وفي وسط المدينة دكاكين كثيرة للتجار والصناع،
وسكانها منقسمون إلى ثلاث فرق يكاد القتال لا ينقطع بينهم، ويستعين كل
فريق على الآخر بالأعراب الذين يناصرون هؤلاء تارة، وأولائك أخرى، بحسب ما
يتلقون منهم من أموال. الأراضي الزراعية بهذه المنطقة كثيرة الإنتاج
والمواشي وافرة الأعداد، يباع الصوف فيها بأحسن الأثمان ويصنع منه الكثير
من قطع الثياب الصغيرة التي يحملها تجار المدينة مرة في السنة إلى تنبكتو
وولاته من بلاد السودان. ويقام السوق مرتين في الأسبوع. يتأنق سكان
تكاووست في لباسهم، ونساؤهم جميلات لطيفات. وهناك عدد كثير من الرجال سمر
الألوان، لأنهم متحدرون من بيض وسود. وليس لهم تم حكومة معينة، وإنما
الحكم للأقوى.. أقمت بهذه المدينة ثلاثة عشر يوما مع نائب الشريف لشراء
إماء سود يقمن بخدمة هذا الأمير، وذلك عام 919". انطلاقا من الأوصاف
الواردة في هذا النص حول موقع مدينة تكاوست أثار الدكتوران محمد حجي ومحمد
الأخضر مترجما ومحققا كتاب وصف إفريقيا من خلال تعليق ضمن هوامش الصفحة 95
مفاده كون البعض يظن أن قرية القصابي بضواحي كلميم قائمة مكان تكاوست
المندثرة، غير أنها لا تنطبق عليها الحدود والمسافات المبينة في نص الحسن
الوزان فهي بعيدة عن المحيط بثلاثين كيلمترا وعن نهر سوس بأكثر من 175
كلمترا. إلا أن هناك الكثير من الكتابات التي تقول بعكس ذلك خاصة إذا ما
استحضرنا الفرق بين الميل والكلمتر وقياس المسافات خلال القرن السادس عشر
إضافة إلى ملحوظة أوردها المحققان حول ذكر الوزان لمجرى نهر سوس بالقرب من
قرية تيدسي حيث سجلا أن نهر سوس يبعد عن هذه القرية بعشرين كلمترا لكنهما
ذهبا إلى انه من المحتمل أن يكون هناك جدول من هذا النهر يمر بالقرب من
الذي ذكره الوزان في ذلك العصر واندثر، نفس الاحتمال تبعا لذلك يبقى واردا
في ما يخص تكاوست نفسها.

الحلقة الثامنة
مدينة تكاوست عاصمة وادي نون2/2

في
الحلقة السالفة من موضوع مدينة تكاوست، تم الاستشهاد على مرحلة القرن
السادس عشر من وجود هذه المدينة بنص تاريخي للحسن بن الوزان الملقب بليون
الإفريقي، الذي تحدث عن زيارته لها، و مكوثه بها مدة أسبوعين سنة 1513م•
وقد كتب عن نفس المدينة وخلال نفس الفترة الزمنية الرحالة البرتغالي
مارمول كربخال في الجزء الثاني من كتابه إفريقيا، نصا يصفها من خلاله
بأنها: "أعظم مدينة بإقليم سوس، ويقال إن السوسيين هم الذين أسسوها. تحيط
بها أسوار قديمة مبنية بالجير والطوب، وتقع في سهل على بعد عشرين فرسخ من
جبل الأطلس إلى الجنوب. وفيها أكثر من ثمانية آلاف منزل. منها ما يزيد على
ثلاثمائة لليهود والصناع والتجار، الذين يعيشون في حي منعزل. يمر نهر سوس
على بعد ثلاثة فراسخ من المدينة والبلاد كلها غنية بالقمح والماشية. كان
لها نفس المزية التي لسابقتها، ونفس الطريقة في حكم نفسها عندما كانت حرة،
لكن سكانها كانوا متعجرفين إلى حد أنهم لم يخلدوا قط إلى الراحة، وكانوا
يتحاربون دائما منقسمين إلى ثلاث فرق تستنجد كل واحدة منها بالأعراب، بحيث
أنهم كانوا مضطرين إلى أن يبقوا دائما عل أهبة القتال، إلى أن استولى
الشرفاء على المدينة.... يقام سوقان بالمدينة كل أسبوع يقصدهما أعراب
المنطقة وبربرها، كما هم الشأن بتيدسي، ويأتي إليها التجار من بلاد الزنوج
ليشتروا ثيابا غليظة من صنع أهل البلاد، وهي ضيقة جدا. السكان سمر إلى
سواد، لأنهم غالبا ما يمتزجون بالزنوج لمجاورتهم لهم، يتعاملون فيما بينهم
مثلما يتعامل سكان ترودانت. النساء بها لطيفات جدا، وإن كن نساء سمراوات
لكن بكيفية تشتهيها الأنفس و تلذ لها الأعين....".
إذا كانت الأهمية
التجارية لمدينة تكاوست عرفت تصاعدا مهما مرتبطا بالحركة التجارية العامة
التي عرفتها المنطقة خلال القرن السابع عشر وما تلاه، فالمصادر التاريخية
تجمع على كون السفن التجارية الأوروبية كانت قد اعتادت الإرساء بمجموعة
كبيرة من النقط البحرية على شواطئ سوس الأقصى والصحراء، وقد ذكرت الباحثة
J.D.MEUNHE أنه قد تم بمدينة تكاوست توقيع معاهدة بين ممثل التاج الاسباني
بجزر كناريا. كما أن تجار مختلف فصائل تكنة كانوا قد انتشروا في كافة
الصحراء و موريطانيا والسنغال والكوت ديفوار حيث كان لهم عدد من الوكالات
منها ما توسط مدينة تمبكتو على حد ما ذهب إليه الأستاذ مصطفى ناعيمي.
وخلال حكم الدولة السعدية وبالضبط عند قمة مجدها مع السلطان أحمد المنصور
السعدي ستكتسب مدينة تكاوست أهمية إستراتيجية كبيرة إذ يسجل الأستاذ مصطفى
ناعيمي في أحد هوامش دراسته المنشورة بالعدد 38 من مجلة البحث العلمي أن
"أحمد المنصور الذهبي استعمل مدينة تكاوست كقاعدة لانطلاق جيوشه نحو
الصحراء لغزو السودان فيما بعد. على أن بناءه لمسجدها و تشييده لحصون
المراقبة تبرز مدى ما كان يحيط به المنصور هذه المدينة منذ وصوله إليها
كسلطان مدة طويلة قبل غزو السودان ."كما تحدثت عدة مصادر تاريخية عن
الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها سكان تكاوست المنصور الذهبي"•
بعد كل
الازدهار الذي عاشته مدينة تكاوست و كل النشاط و الرواج التجاريين الذين
عرفتهما سيحل بها مصير سابقتها نول لمطة ويأفل نجمها و ينطفئ بريقها. لكن
هذه المرة ليس بحد السيف والتدمير المباشر، بل بالتضييق الاقتصادي الذي
خلفه بناء مرسى الصويرة وبناء مدينة كلميم الذين تحولت غليهما كل النشطة
التجارية ممتصين الأنشطة التي كانت القلب النابض لتكاوست. بالنسبة لمرسى
الصويرة فقد كان الدافع إلى بنائه ضمن استراتيجية السلطان محمد بن عبد
الله في مواحهة قبائل سوس المستحوذة على ميناء أكادير. ويذكر الناصري في
الاستقصا: "أن الباعث للسلطان المذكور ـ يعني به محمد بن عبد الله ـ في
بناء الصويرة هو أن حصن أكادير كانت تتداوله الثوار من اهل السوس مثل
الطالب صالح وغيره، ويسرحون وسق السلع منه افتياتا ويستبدون بأرباحها،
فراى أن حسم تلك المادة لا يتاتى إلا بإحداث مرسى آخر اقرب إلى تلك
الناحية وأدخل في وسط المملكة من أكادير حتى تعطل أولئك الثوار ....فلما
تم أمرها جلب إليها تجار النصارى بقصد التجارة وأسقط عنهم وظيف الأعشار
ترغيبا لهم فيها فأهرعوا إليها منكل أوب، و انحدروا إلى مرساها من كل صوب،
فعمرت في الحين...". أما مدينة كلميم فكانت هي الضربة القاضية والخيرة
بنالسبة لتكاوست حيث ان تاسيسها امتص ما تبقى من أهميتها التجارية و كانت
رصاصة الرحمة في جسد تكاوست قد أطلقت عليها حين جلب دحمان بن بيروك ولد
عبيد الله أوسالم شيخ قبيلة ايت موسى أو علي السوق السبوعية إلى كلميم
وساعد اليهود الذين كانوا مستقرين تكاوست على بناء ملاح تحميه قصبته التي
يقال أنها شكلت منطلق مدينة كلميم ونواتها بعدما كانت قرية صغيرة تعبرها
القوافل التجارية... ومن يزور المنطقة قد لا يجد لهذه المدينة أثرا غير
بقايا ربما تحضنها في تمويه غير مقصود أبنية متفرقة بين قرى القصابي
وواعرون وغيرهما، وربما مازالت غالبية بقايا مدينة تكاوست مطمورة تحت تراب
المنطقة.
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الثلاثاء 8 سبتمبر 2009 - 16:05

الحلقة التاسعة
مدينة بادس... التاريخ لا يندثر••• 1/2
لا
يختلف اثنان حول الأدوار التاريخية التي لعبتها سواحل البحر الأبيض
المتوسط بكل ضفافه،خاصة عند بوابته الرابطة بين أوروبا وإفريقيا، كما لا
يحصل خلاف حول الحضارات التي تعاقبت على هذه الضفاف، والتي يفسرها الكم
الهائل من المدن القديمة، ومآثر التمدن والتحضر التي تزخر بها أراضيها،
موزعة على المواقع الظاهرة بقاياها أو المدفونة تحت الأرض. والمغرب شأنه
شأن باقي دول الحوض المتوسطي في هذا الشأن، حيث يحتفظ التاريخ لسواحله
بالعديد من أسماء المدن التي اختفت واندثرت بعدما كان لها شان كبير منذ
قرون خلت، بينها المزمة ونكور وغساسة وبادس ..هذه الأخيرة التي لم يبق
منها اليوم إلا اسم المكان المقابل للجزيرة المسماة باسمها؛ وهي صخرة
بادس. مدينة بادس التي شكل موقعها الاستراتيجي الفائق الأهمية منطلق عبور
نحو الأندلس وللضفة الأيبيرية بصفة عامة، ومحط نزول لكل قادم منها. أهمية
هذا الموقع الذي كان له شأن كبير في المنطقة الشمالية للمغرب خلال العصر
الوسيط،، خاصة مرفؤه الذي كانت أنشطته التجارية والجهادية من أبز أسباب
الغارات التي تعرضت لها المدينة مرارا ومحاولات احتلالها، والاستحواذ
عليها من طرف الدول المجاورة. كما أن بادس كانت مركز استقرار للأدباء
ورجال الفقه ومختلف حقول المعرفة البشرية المتداولة في ذلك الزمان. كما
كان جامعها الأعظم ملتقى للعلماء الوافدين من الأندلس وفاس وسبتة، إضافة
إلى دورها الأنيقة ومساجدها، وقلاعها ورباطات المجاهدين بها. وقد لعبت هذه
المدينة أدوارا تاريخية منذ القديم بصفتها مركزا حضاريا وتجاريا ومعقلا
للجهاد، بحيث كانت ميناء طبيعيا وبوابة تجارية نحو أوربا، ورباطا دائما
للمجاهدين القادمين من القبائل المجاورة، كما كانت هناك علاقات تجارية
جيدة سائدة بين مرسى بادس ومرسى المزمة والبندقية وجينوة الإيطاليتين،
وكذا منطقة الأندلس لاسيما مالقة وميورقة. من النصوص التاريخية التي اهتمت
ببادس، وسجلت حولها معلومات جد مهمة، ما دونه الحسن بن الوزان خلال بدايات
القرن السادس عشر في كتابه وصف إفرقيا: "بادس مدينة على ساحل البحر
المتوسط يسميها الإسبانيون "فيليس دو لاكوميرا"، وتضم زهاء ستمائة كانون،
يقول بعض مؤرخينا أن الأفارقة هم مؤسسوها، ويقول آخرون أن القوط هم
بناتها. ومهما يكن من أمر فإنها واقعة بين جبلين شاهقين. قرب واد سحيق
يتكون فيه نهرعندما ينزل المطر. وفي داخل المدينة سوق يضم العديد من
الدكاكين وجامع متوسط الكبر، لكن لا وجود للماء الصالح للشرب. وفي خارج
المدينة بئر قريب من ضريح أحد الأولياء ـ هو أبو يعقوب البادسي المغاولي
المتوفى عام 734هـ / 1333م ـ إلا أن شرب مائه ليلا خطير لكثرة العلق به.
ينقسم السكان إلى قسمين، صيادون وقراصنة يذهبون في زوارقهم لنهب السواحل
النصرانية. والجبال حول بادس شاهقة وعرة، فيها خشب جيد صالح لبناء الزوارق
والسفن الشراعية الحربية. لا يعيش الجبليون إلا من هذا الخشب يحملونه إلى
مختلف الجهات، ولا ينبت في بلادهم سوى القليل من القمح، ولذلك يأكلون خبز
الشعير في هذه المدينة، ويقتاتون على الخصوص بالسردين وغيره من السمك، لأن
الصيادين يصطادون منه كميات وافرة، بحيث يحتاجون دائما إلى بعض الناس
يساعدونهم على جر شباكهم. ولذلك تعود بعض الفقراء أن يذهبوا تقريبا كل
صباح إلى ساحل البحر لمساعدة الصيادين الذين يكافئونهم بإعطائهم كمية مهمة
من السمك الذي يصطادونه، ويعطون منه لجميع الحاضرين هناك. أما السردين
فإنهم يملحونه ويرسلونه إلى الجبال. ومازال بالمدينة زقاق طويل يسكنه
اليهود وتباع فيه الخمر التي يعدها جميع السكان شرابا رائعا جدا. ويذهب
هؤلاء الناس تقريبا كل مساء يكون الجو صحوا في زوارق صغيرة للتنزه على عرض
البحر والتسلي بالشراب والغناء. ولبادس قصبة جميلة، لكنها ليست متينة جدا،
يسكنها الأمير الذي يملك أيضا خارج القصبة قصرا وحديقة بديعة. وفي خارج
القصبة أيضا، بجوار البحر، دار صغيرة تصنع فيها الزوارق والسفن الشراعية
وبعض المراكب. وقد اعتاد الأمير والمدنيون أن يسلحوا زوارق ويرسلوها إلى
بلاد النصارى فيلقوا بها الكثير من الأضرار. ولذلك قام الدون فرناندو ملك
إسبانيا بإرسال أسطول بقيادة بدرو نافارو، فاحتل جزيرة قبالة بادس على بعد
ميل من المدينة، وبنى فيها قلعة على صخرة (حجرة بادس) شحنها جنودا ومؤنا
ومدفعية قوية، حتى كان رمي الإسبانيين يقتل الناس في أزقة المدينة وفي
الجامع. فاستغاث أمير بادس بملك فاس الذي أرسل عددا من الجنود المشاة
لمهاجمة الجزيرة، لكنهم أرهقوا كثيرا، فهلك بعضهم، وسقط آخرون في الأسر،
ورجع البعض إلى فاس مصابين بجراح، وقد احتفظ النصارى بالجزيرة، إلى أن
أرسل ملك فاس من جديد جيشا بعد مرور احد عشر عاما، فسقطت الجزيرة في أيدي
المسلمين بسبب خيانة جندي إسباني قتل القائد الذي زنى بزوجته، وقتلوا جميع
من وجدوا فيها من النصارى ما عدا الجندي الخائن وزوجته، فأكرمهما أمير
بادس وملك فاس وكافآهما. وكان ذلك عام 1520 للميلاد. وقد سمعت هذه القصة
في نابولي من أناس حضروا احتلال الجزيرة، لكنني كنت بفاس عندما استولى
عليها المسيحيون، ويحرس اليوم أمير بادس هذه الجزيرة بكل عناية، يساعده في
ذلك ملك فاس، إذ يقع هناك اقرب ميناء على البحر المتوسط إلى فاس، بالرغم
من مسافة نحو مائة وعشرين ميلا الفاصلة بين بادس وفاس. ومن عادة سفن
البندقية أن تأتي إلى بادس مرة أو مرتين في السنة حاملة بضائعها، فتتجر
فيها بالمبادلة والبيع نقدا، بالإضافة إلى أنها تنقل البضائع وحتى الركاب
المسلمين أنفسهم من هذا الميناء إلى تونس، وأحيانا إلى البندقية أو حتى
الإسكندرية وبيروت."

الحلقة العاشرة
مدينة بادس... التاريخ لا يندثر••• 2/2

إذا
كان التاريخ في الكثير من مصادره قد ربط بين صناعة السفن في مدينة بادس
وبين قراصنة المنطقة، فهذا الربط يبقى مليئا بالحيف، إن لم يقرن تلك
الصناعة بخصوصيات الظرف التاريخي ومفهوم الحركات الجهادية إذاك، و كذا
بحملات المغاربة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية لنصرة إخوتهم بالأندلس، حيث
شكلت هذه الصناعة في فترات معينة مساهمة من بادس في الجوازات الكبرى نحو
الأندلس، من بينها على سبيل المثال الخدمات التي قدمتها للدولة المغربية
إبان حكم عبد المومن بن علي الموحدي، حيث كلف هذا الأخير صناعها بإعداد
سفن لجيشه من أجل العبور نحو اروبا، وقد أورد الناصري في الجزء الثاني من
كتابه الاستقصا أنه: "لما تمهد لعبد المومن ملك المغربين وإفريقية
والأندلس...فعزم على غزو بلاد الفرنج برا وبحرا فأمر في هذه السنة التي هي
سنة سبع وخمسين وخمسمائة بإنشاء الأساطيل في جميع سواحل ممالكه، فأنشئ له
منها أربعمائة قطعة، فمنها بحلق المعمورة وهي التي تسمى اليوم المهدية
مائة وعشرون قطعة، ومنها بطنجة وسبتة وبادس ومراسي الريف مائة قطعة....".
ويسجل في الجزء الثالث من نفس الكتاب أن السلطان المريني يعقوب المنصور بن
عبد الحق عند عودته من الأندلس سنة 674ه نزل ببادس: "وأمر ببناء السور على
بادس مرفأ السفن ومحل العبور من بلاد غمارة"، هذا السور الذي سبق بناؤه
كما يقول بذلك الناصري: "وفي سنة عشرة وستمائة بنى عامل الريف من قبل
الناصرـ واسمه يعيش ـ سور بادس ...حيطة وتحصينا من فجأة العدو"• من جهة
أخرى فإذا كان الحسن بن الوزان قد ذكر مدينة بادس في كتابه وصف إفريقيا
وخصها بالنص التاريخي الذي أوردناه في الحلقة السالفة، فنفس الشيء قام به
مارمول كربخال عن نفس الفترة من خلال كتابه "إفريقيا"، إلا أن هذا الأخير
تناول الخبر عن المدينة بتفصيل أكثر، وبسرد تاريخي مشوق، تناول من خلاله
حدثا بارزا يتعلق بتحرير ساكنة بادس للصخرة المواجهة لمدينتهم بطريقة ذكية
تستحق تسليط الضوء عليها، واستفرادها بحلقة مستقلة وخاصة بها. كما تستحق
من السينمائيين المغاربة التفاتة قد تلهم بعض الطاقات الإبداعية لتحويلها
إلى شريط سينمائي أو تلفزيوني، يخلد ذكرها ويعرف المغاربة ببطولات وذكاء
أجدادهم. قبل ذلك، لابد من التعريج على ما دونه مارمول كربخال عن مدينة
بادس وعن ظروف وكيفية احتلال الإسبان لصخرة بادس في كتابه إفريقيا حيث
سجل: "مدينة تضم سبعمائة كانون، على شاطئ البحر المتوسط، في مستوى مالقة،
التي تبعد عنها بأربعين فرسخا، ينسب بعضهم تأسيسها إلى القوط، وآخرون
ينسبون ذلك إلى أهل البلاد. تقع بين جبلين شاهقين قرب شعب كبير، يخترقه
جدول يفيض بماء المطر فيحسبه الرائي نهرا. ولا توجد إطلاقا مياه أخرى في
تلك النواحي، باستثناء بئر خارج المدينة بالقرب من ضريح ولي يزار كثيرا،
لكن شرب هذا الماء ليلا خطير، لأنه مليء بالعلق. وتوجد في بادس ساحة تحتوي
على عدة دكاكين، ومسجد كبير محاط بجدران قديمة، مع قصبة هي جميلة أكثر
منها حصينة. فيها قصر العامل، ولو أن هناك قصرا آخر في الخارج تكتنفه
بساتين جميلة. كان السكان يستغنون من شيئين طوال أيام ازدهارهم، بعضهم من
السردين الذي كانوا يبيعونه إلى البربر الآتين من جميع الجبال المجاورة،
لكثرة السمك في هذا الشاطئ، والآخرون بواسطة الميناء الذي يسع ثلاثين
مركبا صغيرا، إذ كانوا يجهزون فيه أنواعا من السفن الحربية يغزون بها
شواطئ المسيحية، فيجتاحونها ويلحقون بها أضرارا كثيرة. وكانت الجبال
المحيطة ببادس مساعدة على ذلك، لكثرة ما فيها من أشجار البلوط والفلين
والأرز. بحيث إنها تحمل إلى أقاليم أخرى...... وبادس أقرب ميناء في البحر
المتوسط إلى فاس، فلما وصل إليهم ـ سنة 1508 ـ بيدري دي نافار أمير البحر
للمك الكاثوليكي، وهو يغزو شواطئ بلاد البربر ليضع حدا لغارات القراصنة،
عزم على أن يحرمهم من هذا المأوى وذلك بتشييد قلعة ـ بينيون دي بادس ـ على
صخرة مقابلة لبادس، على بعد مسافة ستمائة قدم، يحيط بها البحر من جميع
الجوانب على شكل جزيرة، ذلك أنها وعرة من كل جهة، فضلا عن ارتفاعها، ولا
يمكن الصعود إليها إلا من ممر ضيق، لا يكاد يستطيع أن يتسلقه إلا رجل
واحد، والميناء في أسفلها، لكن الصخرة محاطة من كل جهة بالمياه العميقة،
حتى إنه ليمكن أن يقال ما هو إلا ميناء لمثل هذه المراكب، فبنى فوق قمة
الصخرة، بإذن من الملك، شبه برج بالجير والرمل، وبعد أن حصنه، ركز فوقه
خمسة مدافع ضخمة، كما كانت تقام آنذاك، وجعل فيها ثلاثين جنديا تحت قيادة
فيلالوبوس، مزودين بالمؤن والذخيرة الحربية الضرورية. وأمر فورا بحفر خزان
في منتصف المنحدر لجمع مياه المطر. ولما تحصن ما أمكنه التحصن أخذ يطلق
النار على المنازل وأزقة المدينة، إن لم يرسلوا إليه طلبه. وعندما التمس
أمير بادس ـ مولاي المنصور ـ الإغاثة من ملك فاس ليخلصه من هذا الضيق،
أرسل إليه ألفين من رماة البنادق المختلفة، حاصر بهم الصخرة، وأخذ يقصفها
من جبلين مجاورين ـ القنديل وبابا ـ بقطع من المدفعية. لكن المحاصرين
قاوموا جيدا فقتلوا أو جرحوا عددا كبيرا من المغاربة بطلقات المدافع
والبنادق، حتى أرغموهم على رفع الحصار. وهكذا بقيت قلعة بادس لملك قشتالة
طوال أربع عشرة سنة، بقيادة نفس الرئيس، لكن عندما مات قائد بادس، جعل ملك
فاس مكانه ابن عمه مولاي محمد، الذي استولى على هذه القلعة خدعة"...
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الثلاثاء 8 سبتمبر 2009 - 16:07

الحلقة الحادي عشر
لحظة مع الذكاء المغربي عند تحرير صخرة بادس

سبق
و تعرفنا على الأسباب التي تذرع بها الإسبان عند احتلالهم لصخرة بادس.
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة للعثمانيين من أجل انتزاعها في عدة
مرات، فالطريقة التي سيقدم بها سكان بادس على تحريرها سنة 1522م تبقى جد
متميزة، وعلامة تاريخية بارزة تستحق وقفة خاصة، كما تنتظر أحداثها من ينقض
غبار الصمت عنها ويقدمها للمغاربة في حلة سينمائية او تلفزيونية. فإذا كان
احتلال صخرة بادس قد تم سنة 1508 كما يشير إلى ذلك التاصري في الحزء
الرابع من الاستقصا: "في سنة أربع عشرة وتسعمائة بنى النصارى حجر بادس"•
فهذا الاحتلال وحسب العديد من المصادر كان في تلك الفترة يشكل رغبة مشتركة
بين السلطان السعدي الغالب بالله والدولة الإسبانية، حيث كان الغالب بالله
يخشى أن تتحول جزيرة بادس ـ التي سبق لأبي حسون آخر ملوك الوطاسيين أن
تنازل عنها للعثمانيين ـ إلى قاعدة عسكرية عثمانية تتوجه منها الحملات صوب
شمال المغرب. الطرف الإسباني هو الآخر كان يتوق إلى ضمها لكي يتخلص من
قراصنة بادس الأشداء الذين كانوا يعترضون السفن الأيبيرية وينهبون السواحل
الجنوبية لإسبانيا، ثم لاتخاذها قاعدة بحرية تسند بها حامية مستعمرتها
مليلية، ولدعم مشروعها الاستعماري المتطلع إلى المزيد من الشواطئ
المغربية. وقد سجل الناصري في الجزء الخامس من الاستقصا: "ذكر بعضهم أن
السلطان الغالب بالله لما رأى عمارة ترك الجزائر وأساطيلهم لا ينقطع
ترددها عن حجر بادس ومرسى طنجة، يعني البوغاز، وتخوف منهم اتفق مع الطاغية
أن يعطيه حجر بادس، ويخليها لهم من المسلمين، فتنقطع بذلك مادة الترك عن
المغرب، ولا يجدوا سبيلا إليه، فنزل النصارى على حجر بادس وأخرجوا
المسلمين منها، ونبشوا قبور الأموات وحرقوها، وأهانوا المسلمين كل
الإهانة، ولما بلغ خبر نزولهم عليها لولده محمد، وكان خليفته على فاس، خرج
بجيوشه لإغاثة المسلمين، فلما كان بوادي اللبن بلغه استيلاؤهم عليها فرجع
و تركها لهم." وعن الطريقة التي حرر لها المغاربة صخرة بادس يذكر مرمول
كربخال في الجزء الثاني من كتابه إفريقيا:" يروي شيوخ فاس وبادس أن
الإسبانيين الذين في القلعة كانوا يسيطرون على المدينة سيطرة مطلقة،
ويحدثون ضجة مروعة بقصف الدور والأزقة والمساجد بالمدافع إن لم يحمل إليهم
على الفور ما كانوا يطلبون. فلم يكن السكان يفكرون إلا في وسائل التخلص من
هذا الضيق، حتى يستطيعوا تجهيز السفن الحربية، وسحب سفن القراصنة الذين
كانوا يشنون الغارات من جميع الجهات. لكن أمير بادس لجأ إلى الخدعة علما
منه بأنه يستحيل أخذ القلعة عنوة: ولما كان قد أخبر بأن حاكم القلعة يحب
المال حبا جما، فإنه أرسل إليه كيماويين اقترحا عليه أن يصنعا له نقودا
مزيفة تروج في المنطقة، شريطة أن ينصرف عنهما، فوافق على ذلك، بعد أن عاين
التجربة، وجعلهما في مسكنه، في أخفى مكان بالبرج، حيث قضيا زمنا طويلا
وهما يشتغلان، إلا أنهما كانا يترددان على بادس بدعوى ترويج نقودهما
المزورة، فينقلان أخبار كل ما يجري فيها. وفي هذه الأثناء، اطلعا على غيرة
أحد الجنود الذي كان يعلم أو يشك في علاقة فيلالوبوس بزوجته، فتقربا إليه
بالمودة، وتآمروا جميعا على قتله، وأسروا بذلك إلى أمير بادس، لينجدهم في
الوقت المناسب. وبينما كان فيلالوبوليس ـ يوم 10 دجنبر 1522 ـ منحنيا في
إحدى شرفات البرج، عانقه أحد هذين المغربيين من الخلف وطعنه الآخر بخنجر،
بينما كان الجندي يفتك بآخرين في الأسفل بباب الحجرة. ثم نزل المغربيان
وأخرجا الباقين، وبعد أن أغلقا البات استحوذا على البرج، وجميع المدفعية
والذخيرة الحربية التي كانت فيه، ثم أعطيا الإشارة إلى سكان بادس الذين
أتوا مسرعين واستولوا على المكان، دون أن يستطيع المسيحيون منعهم من ذلك،
لأن البرج، الذي هو القلعة الرئيسية، كان محتلا من طرفهم، وقتل الإسبانيون
عن آخرهم، ولم ينج منهم احد. وعندما رأى أمير بادس أنه أصبح سيد القلعة،
أقام فيها على الفور قائدا وجنودا، وشيد بعد ذلك برجا ثانيا في مكان منخفض
قليلا عن الآخر، وحصن الباب بخندق كبير منحوت في الصخرة غير تارك سوى سبيل
ضيق لمرور رجل واحد، وأقام عليه حراسة دقيقة خوفا من أن يقوم المسيحيون
بمحاولات ضده." بعد ذلك يروي مرمول عن تأثر الإسبانيين لفقدانهم هذه
القلعة. ثم لجوئهم إلى الإتصال بمدفعي إسباني كان أسيرا عند مغاربة بادس
بواسطة تاجر كان يتردد عليها. هذا الأسير الذي سيمرر إلى مركيز دي مندخار
ـ حاكم غرناطة ـ إمكانية الاستيلاء عل الصخرة عن طريق الهجوم ليلا، واعدا
بأن طلقات المدافع ستصوب إلى أعلى حتى لا تصيب المهاجمين، بحيث يمكن
الاستيلاء على القلعة تسلقا قبل أن تتلقى المدد من بادس. وبعد إبلاغه شارل
الخامس و أمه الملكة التي كانت تحكم إسبانيا، تلقى المركيز الأمر بإنجاز
العملية. إلا أنه أمام فطنة المغاربة وشجاعتهم سيمنى بفشل ذريع، وهزيمة
مدوية من جراء حجم الخسائر التي تكبدها المغيرون سواء من حيث القتلى أو
الأسرى من القواد والنبلاء المعروفين الذين ذكر مرمول أسماء كثيرين بينهم.
مختتما إحدى فقرات حكيه ب: "فإن يوحنا هورتا دو دو دي مندوسة، وغرسية دي
كوسمان، وكونزالي دي ميدران، وعددا من النبلاء الآخرين من ذوي الحيثيات
لقوا حتفهم، كما اسر فرانسيسكو فيرودوكو، وسانشو دي بيادمة الذي كان يقود
جنود موتويل، ودم جيرونيمودي لاكويفا ابن امير أدرادي، مع آخرين كثيرين
أدوا فدية ضخمة..... وبذلك بقيت القلعة بأيدي المغاربة إلى أن استولى
عليها الأتراك، وذلك عندما احتل صالح رايس عامل الجزائر فاس، وسلمها إلى
مولاي أبي حسون أمير بادس...". وبعد عدة محاولات سيتمكن الإسبانيون من
احتلال صخرة بادس بعد الهجوم عليها بواسطة جيش كبير على متن حوالي تسعين
سفينة حربية. وقد روى مرمول تفاصيل هذا الهجوم مختتما ذلك بعبارة: "وبقيت
هذه القلعة منذ ذلك العهد لملك إسبانيا يقيم فيها حامية قوية مع كمية من
المدفعية والذخيرة الحربية"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الأربعاء 9 سبتمبر 2009 - 22:55

الحلقة الثانية عشرة
مدينة البصرة... بصرة الكتان... "بصرة الذبان"••• 1/2

من
المدن المغربية التي كانت واندثرت... مدينة البصرة... مدينة كان لها شأن
كبير منذ القرن التاسع الميلادي.. فإذا كان جزء كبير منها ما يزال مطمورا
تحت تراب الموقع المتواجد على طريق سوق أربعاء الغرب في اتجاه وزان، على
بعد 20 كلم جنوب مدينة القصر الكبير وعلى مسافة حوالي 40 كلم من ساحل
المحيط الأطلسي، فهناك بقايا منها تم الكشف عنها بفضل الحفريات الأثرية
التي انطلقت منذ سنة 1980، ومكنت من التعرف على أجزاء من المدينة، وكذلك
اكتشاف مصنع خاص بالمعادن، وأدوات حجرية تبين الأهمية الأثرية لهذه
المدينة. وقد أثبتت هذه الحفريات ما أوردته العديد من النصوص التاريخية عن
أهمية هذه المدينة، وكبرها قياسا على مدن القرن التاسع الميلادي، بحيث
تبدى من خلال أسس السور المحيط بها، أن مساحتها داخله تجاوزت الثلاثين
هكتارا، وأن هذا السور كان يتوفر على عشرة أبواب، كما تبين أنه كان بطول
كيلومترين ونصف، وكان سمكه أزيد من مترين، مزود بأبراج شبه دائرية. وقد
سجل المؤرخ الجغرافي أبو القاسم بن حوقل في كتابه صورة الأرض حولها خلال
القرن التاسع الميلادي أنها: "مدينة مقتصدة، عليها سور ليس بالمنيع، ولها
مياه عن خارجها من عيون عليها بساتين يسيرة من شرقيها، ولها غلات كثيرة من
القطن المحمول إلى إفريقية وغيرها، ومن غلاتهم القمح والشعير والقطاني
وسهمهم من ذلك وافر. وهي خصبة كثيرة الخير حسنة الأسواق والعمارة طيبة
الهواء صحيحة التربة، وفيها قوم لهم خطر وميل إلى السلامة والعلم، و لهم
محاسن في خلقهم قد عمت نساءهم ورجالهم. والغالب عليهم حسن القدود والشطاط
واعتدال الخلق وجمال الأطراف، ويشملهم الستر والسلامة والمعروف"• وكتب
عنها أبو عبيد البكري المتوفى سنة 487 هجرية في كتابه المسالك والممالك:
"مدينة البصرة مدينة كبيرة واسعة وهي أوسع تلك النواحي مرعا وأكثرها ضرعا،
ولكثرة ألبانها تعرف ببصرة الذبان، وتعرف أيضا ببصرة الكتان لأن أهلها
كانوا يتبايعون في بدء أمرها في جميع تجاراتهم بالكتان، وتعرف أيضا
بالحمراء، لأنها حمراء التربة، وسورها مبنى بالحجارة والطوب، وهي بين
شرفين، ولها عشرة أبواب، وبجامعها سبع بلاطات، وبها حمامان، و مقبرتها
الكبرى في شرقيها في جبل، ومقبرتها الغربية تعرف بمقبرة قضاعة، وماء
المدينة زعاق، وشرب أهلها من بير عذبة على باب المدينة تعرف ببير ابن
ذلفاء، وخارجها في جنانها عيون كثيرة، وآبار عذبة، ونساء البصرة مخصوصة
بالجمال الفايق والحسن الرايق، ليس بأرض المغرب أجمل منهن... ومدينة
البصرة محدثة أيضا، أسست في الوقت الذي أسست فيه أصيلة أو قريبا منه"• أما
ابن عذارى فيسجل حول تأسيسها وحول من تعاقب على حكمها في كتابه البيان
المغرب في أخبار الأندلس والمغرب: "أسست البصرة في الوقت الذي أسست فيه
أصيلا. وعلى ثمانية أميال منها جبل يقال له صرصر كثير المياه والثمار،
يسكنه مصمودة. وأول من ملكها إبراهيم بن القاسم بن إدريس نحو أربعين سنة،
ثم وليها ابنه عيسى ابن إبراهيم، ثم أخوه أحمد بن إبراهيم، ثم برهون بن
عيسى بن إبراهيم، ثم أحمد بن القاسم بن إدريس، ثم برهون بن عيسى ثانية، ثم
سعيد غلام المظفر من قبل مصالة بن حبوس، ثم حسن بن محمد بن الحجام، ثم
محمد بن يحيى بن القاسم ولد الجوطي، ثم عيسى بن أحمد المعروف بأبي العيش،
ثم أحمد بن قاسم ثانية، ثم وال من قبل ابن أبي العافية، ثم أبي العيش بن
أحمد ثالثة، ثم أحمد بن أبي العيش إلى سنة 347 ...ولما خرب أبو الفتح يوسف
بن زيري الصنهاجي أمير إفريقية مدينة البصرة، رحل بعساكره إلى بلد
برغواطة"• تجمع كل المصادر التاريخية على أن مدينة البصرة كانت في عهد
الدولة الإدريسية، من نصيب الأمير يحيى بن إدريس الثاني، وذلك بناء على
إشارة كنزة زوجة إدريس الأول إلى حفيدها محمد بن إدريس الثاني بتقسيم
الدولة على إخوته على النحو الذي أورده الناصري في الجزء الأول من كتاب
الاستقصا حيث سجل: "لما توفي إدريس بن إدريس قام بالأمر بعده ابنه محمد
بعهد منه إليه. ولما ولى قسم المغرب بين إخوته وذلك بإشارة جدته أم إدريس،
فاختص القاسم منها بطنجة وسبتة وقصر مصمودة وقلعة حجر النسر وتطوان...
واختص عمر منها بتكساس وترغة... واختص داود ببلاد هوارة وتسول وتازة...
واختص يحيى بأصيلا والعرائش والبصرة وبلاد ورغة... واختص عيسى بسلا وشالة
وآزمور وتامسنا... واختص حمزة بمدينة وليلي وأعمالها... واختص أحمد بمدينة
مكناس ومدينة تادلا... واختص عبد الله بأغمات وبلد نفيس وجبال المصامدة و
بلاد لمطة والسوس الأقصى"• ونقرأ على الهامش تعليقا لمحققي الكتاب حول
مدينة البصرة التي سجلا حولها أنها: "كانت مدينة كبيرة بالمغرب، تأسست مع
أصيلا أوائل القرن الثالث الهجري، وعمرت، وكان لها شأن، ثم خربت قبل أواخر
القرن الرابع. وموقعها بقبيلة الغرب بنواحي حد كورت في حدود ـ ما كان يسمى
ـ بالمنطقة الإسبانية، ولم يبق لها اثر اليوم. وحد كورت كانت أيضا مدينة
عظيمة في ذلك التاريخ، ثم خربت واندثرت. وذكر هذه المدن كلها ياقوت في
معجمه، والبكري في مسالكه، وابن حوقل وابن عذارى وغيرهم."
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف ع أ ع الأربعاء 9 سبتمبر 2009 - 23:18

فعلا اختي فمدينة البصرة المغربية المدفون أعضمها لازالت تنطق بمعالمها
الأثرية إلى يومنا هدا وتشهد التاريخ على ماضيها المشرق ...............تحياتي
ع أ ع
ع أ ع
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 2164
العمر : 60
تاريخ التسجيل : 10/08/2006

https://www.facebook.com/iklisse

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف elfechtali الخميس 10 سبتمبر 2009 - 2:08

مدينة البصرة ما زالت آثارها بادية للعيان بالقرب
من قرية سيدي عمر الحاضي او اتنين السرافح
ويرى الاستاذ المرحوم محمد الفاسي ان خرابها
كان على ايدي الاعراب من بني هلال الذين
جاء بهم يعقوب المنصور الموحدي من تونس
و أسكنهم في تلك المنطقة.وغير خاف ان هؤلاء
الاعراب عاثوا في المغرب فسادا.
elfechtali
elfechtali

ذكر عدد الرسائل : 149
العمر : 73
تاريخ التسجيل : 08/04/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف ع أ ع الخميس 10 سبتمبر 2009 - 16:43

اكتشاف أثري تحت الأرض بين مدينتي فاس وتازة المغربيتين

اكتشف عمال تابعون لشركة الطرق السيارة بالمغرب، حينما كانوا يقومون بأشغال تهيئة الطريق الرابط بين مدينتي فاس وتازة المغربيتين، آثار مدينة تحت الأنقاض بالمنطقة الجنوبية لمدينة فاس والمسماة مولاي إدريس، ومن أجل التأكد من هذا، توجه فريق في علم الآثار إلى عين المكان وأجروا تنقيباتهم الأولية فأكدوا أن الموقع هو فعلا لمدينة يرجع تاريخها إلى عهد الموحدين الذين حكموا المغرب ما بين القرنين12و 13، ولا يزال التنقيب جاريا لاكتشاف حفريات أخرى، واكتشفت من الحفريات الأولى أن هناك آثارا تحت التمحيص، مما يؤكد أن الدمنة المكتشفة ربما كانت تضم أحياء سكنية أخرى. كما تم اكتشاف أوان من الفخار، وعملات مختلفة من القرون 12، 13، و14، أما فيما يخص مادة البناء فهي عبارة عن وحدات من الآجور "الطاجز" في النار، وسوف توضح نتائج الحفريات مستقبلا كل ما يتعلق بهذا الاكتشاف الأثُري المهم
ع أ ع
ع أ ع
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 2164
العمر : 60
تاريخ التسجيل : 10/08/2006

https://www.facebook.com/iklisse

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الخميس 10 سبتمبر 2009 - 22:05


الحلقة الثالثة عشرة
مدينة البصرة... بصرة الكتان... "بصرة الذبان"•• 2/2

كما سبقت الإشارة، فتاريخ تأسيس مدينة البصرة يعود إلى بداية القرن التاسع الميلادي، وهناك مصادر تاريخية تحيل وترجح ذلك في ما بين 180هـ / 796م و197هـ / 803م إبان حكم الدولة الإدريسية. هذه المدينة التي ستنتقل من مدينة صغيرة، لتصبح خلال القرن العاشر الميلادي إحدى كبريات المدن في المغرب، بالمواصفات والمكونات المعروفة عن ذلك الإبان، إذ كانت مساحتها تتجاوز الثلاثين هكتارا، وطول السور المحيط بها يتجاوز الألفين وخمسمائة متر، ولها عشرة أبواب، كما كانت تتوفر على مقبرتين و حمامين كبيرين، مع وجود صهريج مبني من الحجر مغطى بسقف مدعم بأقواس وعرضه 4,25 مترا و طوله 6م، ثم الأسواق والأزقة والدور السكنية وغير ذلك من المواصفات التي يثبت وجودها بشكل مهم تحولها سنة 958م إلى عاصمة لدويلة إدريسية صغيرة تمتد من الريف إلى منطقة غمارة تابعة لحكم الفاطميين. وهذا ما يضيف إليها دورا سياسيا إضافة إلى الدور التجاري الذي كانت تضطلع به كنقطة عبور على الطريق التجاري المعروف تاريخيا فاس ـ سبتة. وقد شهدت سقوط دولة الأدارسة سنة 375هـ على أيدي العامريين القرطبيين، حيث كانت عاصمة للأدارسة في عهدهم الثاني بعد خروجهم من فاس ومطاردة موسى بن أبي العافية لفلولهم، وقد سجل الشريف الإدريسي عنها في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: "والبصرة كانت مدينة مقتصدة، عليها سور ليس بالحصين، ولها قرى وعمارات وغلات، وأكثر غلاتها القطن والقمح، وسائر الحبوب بها كثيرة، وهي عامرة الجهات، وهواؤها معتدل، وأهلها أعفاء ولهم جمال وحسن أدب.". كما دون ابن عذارى في موقع آخر من كتابه السالف الذكر: "وكان سورها مبنيا بالحجارة والطوب. ولها عشرة أبواب. ولجامعها سبع بلاطات. وبها حمامان كبيران، ومقبرتها الكبرى في شرقيها، والأخرى في غربيها، وهي التي تعرف بمقبرة قضاعة. وماؤها زعاق وشربهم من ماء عذب كبير على باب المدينة، يعرف ببئر أبي ذلفاء. ونساء البصرة مخصوصات بالجمال الفائق والحسن الرائق، ليس بأرض المغرب أجمل منهن، وفيهن يقول أحمد بن فتح التيهرتي في قصيدة مدح فيها أبا العيش الحسني:
ما حاز كل الحسن إلا قينة
بصرية في حمرة وبياض
الخمر في لحظاتها والورد في
وجناتها هي هيفاء غير مفاض
وأسست البصرة في الوقت الذي أسست فيه أصيلة أو قريبا منه. ومنها إلى قصر كتامة وهو قصر عبد الكريم، مرحلة ومنها إلى مدينة جنيارة مرحلة، وقيل إنها كانت قرية على وادي سبو بينها وبين فاس مرحلة ومن مدينة البصرة طريق أخر إلى فاس، فمنها إلى ورغة مرحلة، ثم إلى وادي ماسنة مرحلة ." وخلال بدايات القرن السادس عشر كتب عنها الحسن بن الوزان الشهير باسم ليون الإفريقي في كتابه وصف إفريقيا: "البصرة مدينة تمتد على رقعة صغيرة وتحتوي على نحو ألفي كانون، أسسها محمد بن إدريس باني فاس في سهل بين نجدين على مسافة نحو ثمانين ميلا من فاس وعشرين ميلا جنوبي القصر. وسميت بالبصرة تذكيرا ببصرة بلاد العرب التي قتل فيها علي رابع الخلفاء (الراشدين) وجد إدريس الأعلى -يسجل مترجما ومحققا الكتاب في الهامش أن هناك بعض الخلط، إذ البصرة في العراق ولم يقتل فيها علي، بل قتل في الكوفة المجاورة لها-. كان لهذه المدينة أسوار جميلة عالية، وكانت متحضرة جدا طوال فترة حكم الأدارسة، فكانوا يتخذونها مقاما لهم في الصيف لشدة جمال ضواحيها. وكان بها قديما حدائق كثيرة وحقول ممتازة لزراعة القمح قريبة من المدينة، ويخترق نهر اللكوس هذه السهول. كانت البصرة كثيرة السكان والمساجد، وأهلها كرماء مشهورون. لكن عندما زال حكم الأدارسة نهب أعداؤهم المدينة وخربوها، فلم يبق منها قائما غير الأسوار. وكذلك بعض الحدائق التي أمست أشجارها برية لا تثمر بسبب إهمال الأرض"• وعن نفس الفترة التاريخية كتب الرحالة البرتغالي مارمول كربخال في كتابه إفريقيا عن مدينة البصرة: "على بعد سبعة فراسخ من القصر الكبير شيدت هذه المدينة على نهر اللكوس في سهل واقع بين جبلين، من قبل ابن مؤسس فاس بعيدة عنها بأربعة وعشرين فرسخا. وسماها البصرة، تذكيرا بمدينة أخرى تحمل نفس الاسم وتوجد في الجزيرة العربية -يصحح مترجمو ومحققو الكتاب على الهامش أن البصرة معروفة في العراق شمالي الجزيرة العربية-، حيث يتمتع علي أحد أسلافه بتقدير كبير، وحيث مات حسب قول بعضهم. في البصرة ما يزيد عن ألفي دار، وكان سكانها في غاية الغنى قمحا وماشية، والبلاد صالحة جدا لذلك. ومن عادة ملوك فاس أن يذهبوا إليها لقضاء الصيف، بسبب برودة المياه والغابات، ولأنها من أحسن أماكن الصيد. لكن دمرها الخليفة المذكور هي وسائر مدن الإقليم -ويعني به القائم الشيعي-، ولم يقبل الأعراب أن تعمر من جديد منذ ذلك العهد، ليتمتعوا بالمنطقة في أمان. وما زالت تشاهد الأسوار مثلومة في بعض الجهات وخرائب القصور والمساجد، وتحولت البساتين المحيطة بها إلى غاية لتعطل الفلاحة.". عن نهاية مدينة البصرة يسجل ابن عذارى: "في سنة 368 دخل أبو الفتوح صاحب إفريقية من قبل عبد العزيز بالله بلاد الغرب، واستولى عليها، وهدم مدينة البصرة، ومحا رسمها بعد طول مدتها وكثرة عمارتها."
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الإثنين 14 سبتمبر 2009 - 5:49


الحلقة الرابعة عشرة
مدينة غساسة
مدينة
غساسة التي كانت، ثم اندثرت في ظروف شبه غامضة، لم تنل من الكتابات
التاريخية نصيبا يزيح اللثام عن ماضيها، وعن أدوارها في تاريخ المنطقة
المحيطة بمدينة الناضور، خاصة إذا علمنا أنها في فترة معينة من أزمنة
بلادنا كانت موازية لمليلية وتازة والمزمة، وذلك من حيث حجم الضرائب التي
كانت تؤديها والمتمثلة في ما أفاد به العمري في كتابه المسالك ثلاثين ألف
دينار، وهو نفس القدر الذي كانت تؤديه المدن الثلاث المذكورة آنفا. وفي
ذلك طبعا تقدير لمكانتها الاقتصادية إبان تلك الفترة. كما فيه ما يفسر
الأطماع الاستعمارية التي ظلت مسلطة عليها، إلى أن تمكن الإسبان من
احتلالها سنة 1506، هذا الاحتلال الذي سينتهي بفضل مقاومة المنطقة
المتمركزة بتازوضا سنة 1533• وتازوضا هاته قلعة بقمة جبل كوروكو في إقليم
الناظور في الريف على ارتفاع 600م، ومن المحتمل كما يورد الحسن بن الوزان
أن يكون بنو مرين هم من بناها، علما أنها دمرت من بعد وخربت. كما يضيف أنه
تم إعادة بنائها من طرف قائد غرناطي من مملكة فاس، عندما احتل الأسبان
مليلية. ويعتقد حسن الفيكيكي أن المرينيين وجدوا قلعة تازوضا على رسمها
وحالتها القديمة، وكان عليهم فقط أن يبادروا إلى تجديد المباني البارزة في
الداخل وتشييد الأسوار الخارجية. ويحيل الكثير ممن اهتموا بتاريخ مدينة
غساسة السبب في خرابها إلى التهديد المسيحي الإسباني الذي كان مسلطا
عليها. على بعد حوالي 20 كم شمال غرب مدينة الناظور تقع البقايا المكتشفة
من مدينة غساسة، هذه البقايا المتمثلة في جزء من أحد أسوارها مبني
بالطابية يبلغ طوله حوالي 200 متر وعرضه يتراوح بين 60م و140م، وعلى الرغم
من الأبحاث الأركيولوجية التي أنجزها مؤرخ مليلية فرنانديث دي كاسترو خلال
أربعينيات القرن الماضي فمعالمها العامة ماتزال مطموسة مطمورة، وحسب
الشريف الإدريسي فهي تبعد عن "مليلية باثني عشر ميلا، وعن مدينة المزمة
الأثرية بعشرين ميلا" وسجل البكري أن "غساسة أهل جبل هرك"، وقد نزل بميناء
غساسة آخر ملوك بني نصر، بعد مغادرته غرناطة إثر سقوطها سنة 1492. عن
مدينة غساسة يسجل الحسن بن الوزان في وصف إفريقيا: "تبعد هذه المدينة عن
السابقة ـ ويعني بها مدينة مليلية ـ بنحو عشرين ميلا، وقد كانت محصنة جدا
و محاطة بأسوار متينة، لها ميناء حسن. كان من عادة سفن البندقية أن تقصده
قديما وتبرم صفقات تجارية هامة مع أهل فاس تدر عليهم أرباحا وافرة. لكن
سوء الطالع أراد أن يكون لملك فاس في بداية حكمه مشاكل خطيرة مع احد أبناء
عمه، فاضطر إلى أن يمكث في مواجهته مع جميع جنده. وابتكر فرناندو ملك
إسبانيا مخططا لاحتلال غساسة فأخذها بدون عناء. لأن ملك فاس لم يتمكن من
إنجاد المدينة، وفر أهلها عنها قبل سقوطها." أما مارمول كربخال فهو كعادته
يفصل أكثر من ابن الوزان في الحديث حين يتعلق الأمر بمدينة مغربية كان لها
مع الاحتلال الإيبيري أمر وشأن يمرر من خلاله بعضا من نظرته الاستعمارية
ونبراته التي جانبت في الكثيرمن مواقع كتابه إفريقيا الموضوعية المطلوبة
والمنتظرة من كل مدون للتاريخ. عن مدينة غساسة سجل مرمول: "تقع هذه
المدينة عل بعد سبعة فراسخ من المدينة السابقة ـ مليلية ـ بحرا، وعلى بعد
فرسخين فقط برا. أسسها أهل البلاد غلى رأس يحمل اسمها، ويجعلها بطليموس في
الدرجة الثالثة عشرة والدقيقة الثلاثين طولا، وفي الدرجة الرابعة
والثلاثين والدقيقة السادسة والخمسين عرضا، وتسمى ميتا كونيت. تقع مدينة
غساسة بعيدة عن البحر بأقل من فرسخ قليلا، وعلى رمية حجر من نهر ملكان
الذي يسميه بطليموس ملكات، كانت سفن البندقية تأتي إلى هذا الميناء، وهو
مناسب إلى حد ما، وينشط فيه التجار كثيرا، بحيث إن ملك فاس كان يستفيد
كثيرا من دخل الجمرك، وحيث إن هذا الملك كان منهمكا في حرب ضد أحد أقاربه،
فإن الملكين الكاثوليكيين أرسلا إلى غساسة دوق المدينة، فتمكن منها بعد أن
احتل مليلية، لأن السكان حين يئسوا من النجدة لم يجرؤوا على انتظار مجيئه،
فالتجؤوا إلى فاس أو غيرها من الأماكن. وحصن الدوق القصر وترك فيه حامية،
وبقي في كفالته إلى سنة ألف وخمسمائة وأربع وثلاثين، حيث إن الحاكم الذي
عين هناك ـ وهو لويس دي تشايس ـ مع أربعين جنديا قد أساء إلى ثلاثة
مسيحيين، فتفاوضوا مع عامل تزوطة، وبعد أن اغتالوا الحاكم في سريره ليلا،
سلموا القلعة إلى المغاربة، دون أن يطلع الجنود الآخرون على شيء من ذلك.
فقتلوا كلهم أو أسروا، باستثناء واحد منهم ارتمى إلى أسفل السور وذهب
ليخبر أصحاب مليلية عوما في البحر. بادر حاكم مليلية لإرسال سفينة شراعية
إليها و أخريين من نوع الكرافيل بعد أن شحنها كلها بالجنود. وعندما شاهدهم
المغاربة قادمين اخذوا ملابس وأسلحة الذين قتلوا، وجاؤوا إليهم والبنادق
القاذفة على أكتافهم، فظنوا أنهم من جنودنا وأن المدينة لم تؤخذ، فنزلوا
إلى الأرض وقتلوا أو أسروا عن آخرهم.... خربت الآن هذه المدينة ودمرت ولم
يبق إلا القصر، وهو حصين مشيد على صخرة يمكن نسفها باللغم، وعندما يأتي
مغاربة المنطقة ليحرثوا الأراضي المجاورة، يجعلون فيها حرسا، ليكتشفوا إن
كان لا يوجد هناك كمين نصبه المسيحيون، لأنهم غالبا ما يأتون من مليلية
وشاطئ إسبانيا ليأخذوا هناك بعض الأسرى. ولما سألت لماذا لم يعد ملوك فاس
بناء هذه المدينة، قيل لي بأن السكان لن يكونوا في أمان بسبب جوار مليلية،
وإنهم إذا أقاموا بها حامية فإن المصاريف تكون أكثر من المداخيل"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الثلاثاء 15 سبتمبر 2009 - 6:35

الحلقة الخامسة عشرة
مدينة تمدولت... ومرويات خرابها
على
بعد حوالي 13 كلمتر من مدينة أقا، يقع موقع المدينة التاريخية المندثرة
تمدولت. هذه المدينة التي عرفت ازدهارا على مدى حكم أربع من الدول
المتعاقبة على حكم المغرب ـ الأدارسة ـ المرابطون ـ الموحدون ـ المرينيون.
مدينة تعاملت معها المصادر والكتابات التاريخية بشح كبير لا يتلاءم مع
أهميتها و مكانتها في تاريخ المنطقة. فإضافة إلى كونها كانت مركز مراقبة
استراتيجي للطرق المؤدية من وإلى جنوب شرق المغرب. كانت كذلك محطة للربط
التجاري بين المغرب وإفريقيا، ونقطة عبور شديدة الأهمية في محور طرق
القوافل المتوجهة أو الآتية من السودان. إضافة إلى الدور الكبير الذي
لعبته في تصنيع المواد المعدنية المستخرجة من المناجم المحيطة بها.. وقد
سجل عنها أبو عبيد البكري في كتابه المسالك والممالك:" تامدلت أسسها عبد
الله بن إدريس بن إدريس، وهي سهلية عليها سور من طوب وحجر، وبها حمامان
وسوق عامرة، ولها أربعة أبواب، وهي على نهر عنصره من جبل على عشرة أميال
منها وما بينهما بساتين، وعلى هذا النهر أرحاء كثيرة، وأرضها أكرم أرض
وأكثرها ريعا تعطي الحبة مائة، وبها معدن فضة غزير كثير المادة. وبشرق
تامدلت مدينة درعة بينهما مسيرة ستة أيام، وتسير من تامدلت إلى وادي درعة
ثلاث مراحل، ومنها إلى أجروا ست مراحل كلها مياه، ومنها إلى مرغاد مرحلة،
ومنها إلى سجلماسة ستة أميال." حول أسباب تأسيس مدينة تمدولت تكاد
الكتابات والمرويات تتفق في مجملها على أن الدوافع الإستراتيجية للموقع
الذي تم اختياره كانت على رأس هذه الأسباب، خاصة إذا ما علمنا أنه بعد
وفاة إدريس الثاني، قام أكبر أبنائه وخليفته محمد بن إدريس بتقسيم المملكة
على سبعة من إخوته، وكان نصيب أخيه عبد الله بن إدريس السوس الأقصى. وقد
وجد عبد الله نفسه في وضعية إستراتيجية صعبة بسبب عدم قدرته على التحكم في
مسالك التجارة الصحراوية من جراء استقلالية وعدم خضوع لمطة أسياد الطريق
الغربية الكبرى. لذلك عمد عبد الله إلى اختيار موقع عند أسفل قدم جبل باني
أسس به مركز تمدولت خلال النصف الأول من القرن التاسع الميلادي.
من
خلال مقتطف من كتاب الدكتور جاك مونيي المغرب الصحراوي من الجذور إلى
القرن السادس عشر تحت عنوان تمدولت المدينة المنجمية الغنية نجد: "إلى
جانب العواصم الرئيسية بالمغرب الصحراوي: سجلماسة ـ درعة ـ وادي نون، نعلم
بوجود تمدولت، وبمنجم الفضة بها، وبباديتها الخصبة... كانت مدينة كبيرة،
محاطة بسور من الحجر والطوب، تخترقه أربعة أبواب، وبها حمامان وسوق...
تستمد تمدولت أهميتها من منجم الفضة الذي يغنيها بالمعادن....". إلا أن
هذه المدينة ستندثر بعدما عمها خراب خلال النصف الأول من القرن الرابع عشر
الميلادي. إذا كانت المرويات حول خراب تمدولت تتداخل فيها الأسطورة
بالواقع، وتختلط الخرافة بالحقيقة، فالتمييز بينها يبقى مرهونا بما يرشح
حول ما مر بها من أحداث مسنودا بالوثائق أو اللقى أو الشهادات التاريخية
المعثور على نتف منها أو المبحوث عنها. وقد سبق للكولونيل جوستينار أن سجل
إحدى هذه المرويات، كما أورد الملازم لومال أخرى استقاها من إدا وكنسوس.
وبالنظر إلى تطابق السياق العام للمرويتين، مع إسقاط بعض الاختلافات
الطفيفة، قام جاك مونيي بإعداد نص تركيبي يجمع في حكيه بينهما كالتالي:
"كانت تمدولت مدينة كبيرة منتصبة في جنوب بلاد أقا على مقربة من تزوين.
وقد كانت مأهولة بالسكان، يتوافد عليها العديد من الزوار الذين من كثرة
ولوجهم لأبوابها، كان من اللازم إصلاح وترميم عتباتها سبع مرات في
اليوم... وكان سكانها يعيشون على الغناء والرقص من طلوع الشمس إلى غروبها.
بين سكانها كان هناك رجل صاحب أملاك وثروة يدعى عبد الواحد بن علي بن
عيسى، يقضي جل أيامه في بستان له مليء بأشجار الرمان والنخيل. إلا أنه كان
يشعر دائما بضيم ونقص من كون ذريته كلها بنات، كان له منهن سبع، ولم يرزق
بولد ذكر. وقد كان من جراء ذلك مثار استصغار ومضايقات من طرف سكان
المدينة. إلى درجة أن بعضا منهم اعترضوا سبيل إحدى بناته لسبعة أيام على
التوالي وهي متوجهة بالطعام إليه في بستانه. ولكي تتمكن من الإفلات منهم،
عمدت في اليوم الثامن على إخفاء الطعام في قفة نخالة. وحين أوصلت الطعام
إليه بتلك الطريقة، أحس عبد الواحد بالمهانة وصاح في وجه ابنته التي كان
اسمها مريم: هل أنا كلب حتى يصلني طعامي بهذه الطريقة؟. فردت عليه مريم
قائلة: يا أبي، الكلب ابن الكلب من لا إخوة له... بعد تفكير في واقعه
واستفزازات الآخرين له، التفت إلى ابنته وردد: أقسم أن أجلب الدمار إلى
تمدولت وأهلها.. ومن اليوم لن يمر طعام عبر حلقي حتى أرفع الحيف والظلم عن
بناتي.... بعد ذلك قرر عبد الواحد الاستنجاد بالشيخ محمد أوعلي أمنصاك
الإفراني قائد إفران من قبيلة مجاط بتيزلمي. ولكي يثير اهتمامه وضع لحوافر
فرسه صفائح من فضة مثبتة بمسامير من الذهب. وبعد أيام من السفر وصل عبد
الواحد عند الشيخ أمنصاك الذي دعاه إلى مأدبة عشاء فاعتذر عنها قائلا: لقد
أقسمت على ألا يمر شيء عبر حلقي قبل أن أرد الاعتبار لي ولبناتي... ثم حكى
للشيخ أمنصاك ما وقع له وطلب دعمه ومؤازرته بعدما أغراه بحجم المكاسب
والغنائم التي سيحصل عليها من هجومه على تمدولت ...بعد مدة سيصل أمنصاك
ورجاله إلى مشارف مدينة تمدولت التي كان سكانها منهمكين في الرقص والغناء،
فرابط منتظرا إشارة متفقا عليها مع عبد الواحد. وعند اللحظة المناسبة
تسللت بنات هذا الأخير إلى بعض الشرفات حيث أشعلن نيرانا إيذانا للمغيرين
بالوقت المناسب للهجوم. بسرعة كبيرة واستغلالا لعامل المفاجأة سيجتاح رجال
أمنصاك المدينة، ويبيدون كل سكانها، ولن يغادروها مع طلائع الفجر إلا وهي
حطام وخراب. إذا كان حكي المرويات المتداولة بين ساكنة المنطقة حول خراب
تمدولت، يحمل في مجمله بعضا مما يمكن اعتباره شيئا من الحقيقة، أو ما يوحي
بذلك، ولو بكثير من الغموض، فذلك لا يسمح بالجزم في كل ما تتضمنه من
معلومات تبقى بدون سند ودليل. إلا أن هناك موازاة مع ذلك مرويا ت تحيل
السبب في خراب هذه المدينة إلى وصول عرب بني معقل إلى المنطقة مع بداية
القرن الثالث عشر، والذين تسببوا في إذكاء صراعات داخلية أفضت إلى تدهور
التجارة التي كانت مصدر ثراء تمدولت، وبالقضاء على التجارة بها، كان
القضاء على تمدولت وخرابها. ويعتقد جاك مونيي بإمكانية حدوث ذلك عند نهاية
حكم الدولة الموحدية، أو مع بداية العهد المريني. كما يرجح وقوعه خلال
النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي، مستدلا على ذلك بعثور بعض
الرعاة على قطع نقدية ذهبية عائدة إلى العصر الموحدي، كما إن كتابات ابن
خلدون خلال القرن الرابع عشر لم يرد فيها ذكر لتمدولت.
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الأربعاء 16 سبتمبر 2009 - 13:44


الحلقة السادسة عشرة
مدينة المزمة، المشهورة تاريخا، المنسية واقعا

هي مدينة مشهورة في كتب التاريخ، يرد اسمها في الكثير من المصادر من مثل كتابات البكري والإدريسي وابن عذاري وابن خلدون والحسن الوزان ومارمول كاربخال وغيرهم، لكن بدون تفصيل ولو بشكل عام و لا إسهاب في الخبر والذكر بالقدر الذي يسمح بتوفير المعلومات الضرورية وحتى الأولية التي يتعرف من خلالها المهتم بتاريخها على الأحداث التي مرت بها، و الوقائع التي عاشتها، ويستطيع تجميع عناصر بناء نص تاريخي مركب يحيط بأهم مكونات وتطورات هذه المدينة. فحين تحدث عنها الشريف الإدريسي مثلا اكتفى بالقول: "ومن بوذكور ـ يعني بها نكور ـ إلى المزمة عشرون ميلاً وكانت به قرية عامرة ومرسى توسق المراكب فيه: من المزمة إلى واد بقربها ومنه إلى طرف ثغلال اثنا عشر ميلاً"• واقتصر البكري عند وقوفه على ذكرها بقوله: "...والمراسي المنسوبة إلى نكور مرسى ملوية وهرك وكرط ومرسى الدار وأوقتيس من مراسي تمسمان... والمزمة بينه وبين نكور خمسة أميال والمدينة في القبلة من المرسى" وفي موقع آخر يسجل: "...ورجع بنو جرثم إلى بلد نكور وهي مدينة المزمة"• كما أن شهرتها تبقى حبيسة الأسطر والصفحات، بحيث ما أن تترك المنطقة التي يتواجد بها موقعها الأثري، حتى يصادفك جهل مطبق بوجودها. بقايا حيطانها التي مايزال بعض منها منتصبا كشواهد تنطق بالكثير وتنتظر من ينفض عنها غبار الزمن والنسيان وجحود الأحفاد لما تركه الأجداد. إنها مدينة المزمة التي تعتبر من أهم المدن التاريخية/الأثرية بالشمال المغربي خلال القرن الثاني عشر الميلادي. في بداية أمرها، وحسب العديد من الإشارات التاريخية، كانت المزمة عبارة عن ميناء تابع لمدينة نكور ـ بل هناك من أورد الخبر عنه كميناء لها - يستعمل في المبادلات التجارية بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعض السلع من مثل: الملح - الشموع - الحبوب - الصوف - الذهب، كما كانت تصله السلع القادمة من فاس وغيرها من مدن المغرب، إضافة إلى القوافل الآتية من جنوب الصحراء. أهمية هذا الميناء ستصبح مصدر إغراء لهجرة سكان المناطق المجاورة نحوها، بحيث وتوازيا مع رواجه التجاري ستتوسع البلدة لتصبح مدينة تتوفر على كل شروط ومواصفات المدينة في بدايات العشرية الأولى للتاريخ الميلادي - الأسوار والأبواب والأبراج والمساجد والحمامات ومراكز السلطة و الأسواق والمقبرة وأحياء السكن ودور التجارة. ستزداد أهميتها، ويتضاعف ازدهارها مع المصير المحزن الذي ستعيشه مدينة نكور بعد تدميرها والخراب الذي نزل بها عند نهاية القرن الثاني عشر الميلادي. عن مدينة المزمة يسجل الحسن بن الوزان في كتابه وصف إفريقيا: "كانت المزمة مدينة كبيرة واقعة فوق جبل صغير على ساحل البحر المتوسط بالقرب من حدود إقليم كرط. يقع في أسفل جبلها سهل كبير عرضه نحو عشرة أميال، وطوله ثمانية وعشرون ميلا من الشمال إلى الجنوب، ويمر نهر نكور في وسطه، فاصلا بين الريف وكرط. يسكن هذا السهل أعراب يحرثون أرضه، ويحصدون منه كميات من القمح، يبلغ نصيب أمير بادس منها زهاء خمسة آلاف مكيال. وكانت هذه المدينة في غاية الحضارة وكثيرة السكان، ودار مقام لأمير هذا الإقليم، لكنها دمرت ثلاث مرات. خربها أول مرة خليفة القيروان الذي غضب على أمير المزمة حين امتنع من أداء الخراج المعتاد، فسقطت المدينة في يده و نهبها و أحرقها، و قطع رأس أميرها، وأرسله إلى القيروان على رأس رمح عام 318 للهجرة. وظلت المدينة مهجورة خمسة عشر عاما، قبل أن يقوم بعض الأمراء بإعادة تعميرها تحت رعاية خليفة القيروان، لكن ملك قرطبة حسده على ذلك، لأن المدينة لم تكن تبعد بأكثر من ثمانين ميلا عن حدوده البحرية، وهي مسافة عرض البحر الفاصل بين مالقة الواقعة في مملكة الأندلس، وهذه المدينة الواقعة بموريطانيا . بدأ ملك الأندلس يحاول أخذ الخراج فقوبل بالرفض، وأرسل أسطولا احتل المدينة في فترة وجيزة، لأنه لم يكن هناك أي مدد ينتظر من الخليفة بسبب بعد القيروان عن المزمة بألفين وثلاثمائة ميل، حتى أنه قبل أن يصل طلب المدد إلى القيروان، كانت المدينة قد سقطت ودمرت وحمل أميرها أسيرا إلى قرطبة، حيث بقي هناك إلى أن مات، والمزمة الآن خربة، لكن أسوارها قائمة سالمة. ويرجع تاريخ تدميرها الأخير إلى عام 872 للهجرة." أما مارمول كربخال فقد دون في كتابه إفريقيا عن المزمة: "مدينة قديمة أسسها الأفارقة على جبل شاهق يطل على الساحل، ويفصل بين إقليم الريف وإقليم كرت. تدل آثار المزمة على أنها كانت في القديم قوية وآهلة بالسكان، ويقول المؤرخون إنها كانت حاضرة أمراء البلاد، إلى أن خربها خليفة القيروان الشيعي ـ (وقد سجل محققو الكتاب على الهامش: يقصد ولا شك عبد الله المهدي الفاطمي (297 ـ 322 ـ الموافق ل 909 ـ 934 الذي قوي تدخله في المغرب الأقصى وصارع عليه طويلا كلا من الأدارسة وأمويي الأندلس) ـ لامتناع حاكمها من الاعتراف به، فحز رأسه بعد احتلالها، وأرسله إلى القيروان على رأس رمح -سنة 922 -• وبقيت هكذا مدة خمس عشرة سنة، إلى أن رضي أن يعمرها من جديد بعض رعاياه، لكن ذلك لم يدم طويلا، لأن عبد الرحمان ثالث ملوك قرطبة، أرسل إلى حاكم المزمة بعد انصراف الخليفة منها يرغمه على الاعتراف به، إذ كان من الأهمية بمكان بالنسبة إليه اتخاذ هذا الميناء لعبور المحاربين إلى إسبانيا، نظرا لشجاعة هؤلاء القوم. وقد وعده أن يبقى من أجل ذلك سيدا على الإقليم كله، لكن الحاكم شكره على ما أراد أن يمنحه مما ليس له، وأجابه بأنه سيد المدينة، لأن الخليفة قد منحه إياها. فأرسل إليه عبد الرحمان الذي كان آنذاك في غاية القوة سواء في إفريقيا أو في إسبانيا من أخذها منه عنوة، وحمل الحاكم إلى قرطبة حيث مات سجينا. ولم يعد تعميرها منذ ذلك العهد، لأن الأعراب لم يريدوا ذلك، حتى يتمتعوا في سلام بسهل جميل ممتد في أسفلها، طوله عشرة فراسخ وعرضه أربعة، حيث يجري نهر نكور الذي يحد هذا الإقليم، هؤلاء الأعراب تابعون لأمير بادس، تسربت بعض الفرق إلى هذا السهل لاختطاف بعض القطعان، فحمل عليهم المغاربة وقتلوا اثني عشر ومائة جندي.. يجعل بطليموس هذه المدينة في الدرجة التاسعة طولا، والدرجة الرابعة والثلاثين والدقيقة السادسة والخمسين عرضا، تحت اسم أكراط."
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الأربعاء 16 سبتمبر 2009 - 22:09

الحلقة السابعة عشرة
مدينة نكور
إذا كانت هذه المدينة مطمورة ملغية من الخرائط ولوائح المدن المعاصرة، فهي
في المصادرة التاريخية وفي كتب الجغرافيين القدامى ومدوني الرحلات، أكثر
من معروفة، وأهم من أن يتغافل عنها الخبر المتواتر والمتوارث عبر أجيال و
أجيال، إنها مدينة نكور عاصمة إمارة تحمل نفس الاسم، إضافة إلى اسم
مؤسسيها "إمارة بني صالح"• وقد عرفت هذه المدينة أوج ازدهارها مابين القرن
الثاني و الثالث الهجريين، مع ما عرفته من نكبات جراء الأطماع الخارجية في
خيراتها وفي موقعها الاستراتيجي الهام، أو من جراء الصراعات بين أمرائها
أو مع القبائل المجاورة حين أصبحت مسألة توسعها ضرورة أو على إثر الصراعات
المذهبية السنية الشيعية. تاريخ ملتهب بالأحداث ظلت خلاله صامدة إلى أن
سيقدم يوسف بن تاشفين على تخريبها ومحوها من خريطة المدن المغربية. ويسجل
الناصري عن ذلك في الجزء الثاني من الاستقصا: "وفي سنة ثلاثة وسبعين
وأربعمائة... فتح يوسف بن تاشفين مدينة نكور وخربها فلم تعمر بعد"• وهناك
من يقول بغيره. كثيرون يعتبرونها من أولى مدن الغرب الإسلامي، وتجمع
المصادر التاريخية أنها عاشت بين 710 و1015 ميلادية (91 - 406 هجرية)،
وتحيل بعض الدراسات تأسيسها إلى إحدى الأسر اليمنية، في حين تقول أخرى
بأسرة أمازيغية، إلا أن كثيرين يقولون بالرأي الأول استنادا على اعتبارات
من بينها استراتيجية الدولة الأموية المبنية على محاولة الاندماج مع
السكان المحليين لترسيخ الديانة الإسلامية. وقد كتب ابن خلدون عن مؤسسي
هذه المدينة:" الخبر عن بني صالح بن منصور ملوك نكور ودولتهم في تصاريف
أحوالهم، استولى المسلمون أيام الفتح على بلاد المغرب وعمالاته واقتسموه
وأمدهم الخلفاء بالبعوث إلى جهاد البربر، وكان فيهم من كل القبائل من
العرب. وكان صالح بن منصور الحميري من عرب اليمن في البعث الأول. وكان
يعرف بالعبد الصالح فاستخلص نكور لنفسه، وأقطعه إياها الوليد بن عبد الملك
في أعوام إحدى وتسعين للهجرة، قاله صاحب المقياس: حد بلد نكور ينتهي من
المشرق إلى زواغة وجرواة بن أبي العيص مسافة خمسة أيام وتجاوره من هنالك
مطماطة، وأهل كبدانة ومرنيسة وغساسة أهل جبل هرك وقلوع جارة التي لبني
ورتندي، وينتهي من الغرب إلى بني مروان من غمارة وبني حميد وإلى مسطاسة
وصنهاجة، ومن ورائهم أوربة حزب فرحون وبني وليد وزناتة وبني يرنيان وبني
واسن حزب قاسم صاحب صا والبحر جوفي نكور على خمسة أميال، فأقام صالح هنالك
لما اقتطع أرضها وكثر نسله واجتمع قبائل غمارة وصنهاجة مفتاح، وأسلموا على
يده، وقاموا بأمره وملك تمسامان، وانتشر الإسلام، فيهم ثم ثقلت عليهم
الشرائع والتكاليف، وارتدوا وأخرجوا صالحاً، وولوا عليهم رجلاً من نفزة
يعرف بالرندي. ثم تابوا وراجعوا الإسلام ورجعوا صالحاً، فأقام فيهم إلى أن
هلك بتمسامان سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وولي أمرهم من بعده ابنه المعتصم
بن صالح، وكان شهماً شريف النفس كثير العبادة. وكان يلي الصلاة والخطبة
لهم بنفسه. ثم هلك لأيام يسيرة، وولي من بعده أخوه إدريس، فاختط مدينة
نكور في عدوة الوادي ولم يكملها. وهلك سنة ثلاث وأربعين وولي من بعده ابنه
سعيد واستفحل أمره. وكان ينزل مدينة تمسامان. ثم اختط مدينة نكور لأول
ولايته ونزلها إذا كان الشريف الإدريسي تحدث عن نكور في كتابه نزهة
المشتاق في اختراق الآفاق باقتضاب شديد، حيث سجل: "ومن مدينة بادس إلى
مرسى بوذكور عشرون ميلاً، وكانت مدينة فيما، سلف لكنها خربت ولم يبق لها
رسم وتسمى في كتب التواريخ نكور"• فأبو عبيد البكري خصص لها نصا عرف بها
وصفا وذكرا حيث دون عنها في كتابه المسالك والممالك: "ومدينة مكور ـ هكذا
يسميها ـ بين رواب منها جبل يقابل المدينة يعرف بالمصلى وبها جامع على
أعمدة من خشب العرعر وهو والأرز أكثر خشبها، ولها أربعة أبواب في القبلة
باب سليمان وبين القبلة و الجنوب باب بني ورياغل وفي الغرب باب المصلى وفي
الجنوب باب اليهود وسورها من اللبن وبها حمامات كثيرة واسواق عامرة مفيدة
وهي بين نهرين أحدهما نكور ومخرجه من بلاد كزناية من جبل بني كوين والثاني
نهر غيس منبعثه من بلد بني ورياغل ومسافة مجرى كل نهر منها إلى مصبه في
البحر مسيرة يوم.... وكيل نكور يسمونه الصحفة وهي خمسة وعشرون مدا بمد
النبي صلى الله عليه وسلم ويسمون نصف الصحفة السدس، والرطل عندهم في جميع
الأشياء اثنتان وعشرون أوقية، وقنطارهم مائة رطل، ودراهمهم عدد بلا وزن.
والذي أسسها وبناها سعيد بن إدريس بن صالح بن منصور الحميري، وصالح هو
المعروف بالعبد الصالح، وهو الذي افتتحها زمن الوليد بن عبد الملك، ودخل
المغرب في الافتتاح الأول، فنزل مرسى تمسامان على البحر بموضع يقال له
بدكون بوادي البقر وبين مرسى تمسامان، ومدينة نكور عشرون ميلا، وهو مرسى
طبيعي.... وقد كان صالح بن منصور أنزل نفرا من البربر موضعا يحادي مدينة
نكور في الضفة الثانية من النهر، وكانوا يقيمون هناك سوقا فنقلهم سعيد إلى
المدينة التي أسس وغزى المجوس لعنهم الله مدينة نكور سنة أربع وأربعين
ومائتين فتغلبوا عليها وانتهبوها وسبوا من فيها إلا من خلصه الفرار....
وأقامت المجوس بمدينة نكور ثمانية أيام وقامت البرانس على على سعيد بن
إدريس وقدموا على أنفسهم رجلا يسمى سكن وتالبوا عليه من كل جهة وغزوه في
عقر داره فأظهره الله"• والمجوس الذين تحدث عنهم البكري هم سكان أوربا
الشمالية الإسكندنافية، أي الفيكينغ الذين دفعتهم ظروفهم الطبيعية القاسية
إلى الخروج نحو العالم بحثا عن الموارد الاقتصادي وكان غزوهم لمدينة نكور
سنة عام 144 هجرية ولم يمكثوا بها سوى لمدة ثمانية.
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الخميس 17 سبتمبر 2009 - 17:15


الحلقة الثامنة عشرة
مدينة نكور

بعد نصف قرن على تأسيسها ـ في حدود سنة 715 ميلادية الموافقة لسنة 91 هجرية ـ ستعيش مدينة نكور على إيقاع نكبات متتالية واعتداءات متعددة حيث تكالبت عليها الأطماع من أطراف مختلفة. فموقعها الاستراتيجي ومكانتها كعاصمة لإمارة نكور جعلاها محل جذب وإغراء أطماع الذين غزوها وحاولوا احتلالها إلى أن دمرت بصفة نهائية خلال بداية القرن الخامس الهجري/الربع الأول من القرن الحادي عشر الميلادي. إذ سيغزوها الفيكينغ الأسكندنافيون ويحتلونها سنة 144هجرية، بعد ذلك ستصبح ضحية للصراعات المذهبية السنية الشيعية بين الأمويين والفاطميين، إضافة إلى الصراعات الدامية الداخلية بين أمرائها كما سنتتبع من خلال كتابات كل من ابن عذارى وابن خلدون. بداية فابن عذارى بعد تعريفه بمدينة نكور وبمؤسسها، من خلال الجزء المعنون ب: تلخيص أخبار أمراء مدينة نكور من كتابه البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ينتقل مباشرة إلى الحديث عن ما حل بها من حروب ونكبات حيث يورد: "وذلك أن صالح بن منصور المعروف بالعبد الصالح، كان دخل أرض المغرب في الافتتاح الأول زمن الوليد بن عبد الملك، فنزل في بني تمسمان وعلى يديه أسلم بربرها، وهم صنهاجة وغمارة... فبقي ذلك إلى أن مات، وكان له من الولد ثلاثة، المعتصم وإدريس: أمه صنهاجية وعبد الصمد، فولوا المعتصم، ومكث فيهم يسيرا، ومات. فولوا على أنفسهم إدريس. ثم مات. وولى سعيد بن إدريس، وهو الذي بنى مدينة نكور... وكان لها أربعة أبواب: منها أبواب سليمان، وباب بني ورياغل، وباب المصلى، وباب اليهود. وبها جامع كبير. وأكثر خشبهم الأرز. وبها حمامات كثيرة، وأسواق عامرة ممتدة. وهي بين نهرين، أحدهما اسمه نكور، وبه سميت المدينة. ودخلها المجوس سنة 144، وتغلبوا عليها، وانتهبوا من كان فيها إلا من خلصه الله بالفرار، وأقام بها المجوس ثمانية أيام، وخرجوا منها. وبينها وبين البحر خمسة أميال. وقامت البرانس على سعيد بن إدريس، فأظفره الله عليهم وهزمهم وقتل رئيسهم. ثم رجع من بقي منهمك إلى الطاعة. ومات سعيد بن إدريس بعد أن ملكهم سبعا وثلاثين سنة.". بعده يذكر ابن عذارى الأحداث التي عاشتها نكور مع المتعاقبين بعده على حكمها من عدد من أبنائه وأحفاده، إلى أن يتوقف عند النكبة التي أصابتها على يد أتباع عبيد الله الشيعي الذي: "كتب إلى مصالة قائده على تبهرت، يأمره بالنهوض إلى مدينة النكور ويأمره بمحاربة سعيد بن صالح...". ثم يسجل في موقع أخر: "في سنة 304 خرج مصالة بن حبوس من تبهرت لمحاربة سعيد بن صالح بن سعيد بن إدريس صاحب نكور، فدارت بينهم حروب كثيرة. وفي سنة 305 افتتح مصالة بن حبوس، قائد عبيد الله الشيعي مدينة نكور، وقتل بها سعيد بن صالح رئيسها، وذلك يوم الخميس لثلاث من محرم. وانتهب مصالح مدينة نكور وسبا النساء والذرية، ثم انصرف إلى تبهرت، وكتب بالفتح إلى عبيد الله وبعث إليه سعيد بن صالح ورؤوس أصحابه، فطوفت بالقيروان، ثم أن بني صالح خرجوا فارين بأنفسهم إلى الأندلس معتصمين بما تناهى إليهم من فضل أمير المؤمنين الناصر وحن مذهبه في كل نازع إليه ومعتصم به، فنزلوا مرسى مالقة.... وكان امصالة قد استخلف رجلا يقال له ذلول، وانصرف إلى تبهرت، فافترق عن ذلول من كان معه وبقي في فل من المشارفة. فقصده صالح بن سعيد بن صالح من مرسى مالقة، فقتله، وقتل أصحابه ولزم نكور"...." في سنة 308 سيغير مصالة من جديد على نكور ويخرج منها صالح بن سعيد الذي سيتحصن بجبل أبي الحسين. ودخل مصالة المدينة وضبطها"• وبسجل ابن خلدون: "وغزا المجوس نكور هذه في أساطيلهم سنة أربع وأربعين، فتغلبوا عليها واستباحوها ثمانياً. ثم اجتمع إلى سعيد البرانس وأخرجوهم عنها وانتقضت غمارة بعدها على سعيد، فخلعوه وولوا عليهم رجلاً منهم اسمه سكن. وتزاحفوا فأظهره الله عليهم، وفرق جماعتهم، وقتل مقدمهم، واستوسق أمره، إلى أن هلك سنة ثمان وثمانين لسبع وثلاثين من ملكه. وقام بأمره ابنه صالح بن سعيد... إلى أن هلك سنة خمسين ومايتين لاثنين وستين سنة ... وقام من بعده ابنه سعيد بن صالح وكان أصغر ولده، فخرج عليه أخوه عبيد الله وعمه الرضي وظفر بهما بعد حروب كثيرة"... يستمر ابن خلدون في حكي مشابه لما ورد عند ابن عذارى إلى أن يصل مرحلة حكم عبد البديع بن صالح الذي: "زحف إليه موسى بن أبي العافية القائم بدعوة العبيديين بالمغرب، فحاصره وتغلب عليه فقتله واستباح المدينة وخرب بها سنة سبع عشرة. ثم تراجع إليها فلهم وقام بأمرهم أبو أيوب إسماعيل بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن سعيد بن إدريس بن صالح بن منصور، وأعاد المدينة التي بناها صالح بن منصور وعمرها وسكنها ثلاثاً. ثم أغزاه ميسور مولى أبي القاسم بن عبيد الله صندلاً... فحاصر جراوة، ثم عطف على نكور وتحصن منه إسماعيل بن عبد الملك بقلعة أكدى.... ثم ظفر به فقتله واستباح القلعة وسباها، واستخلف عليها من كتامة رجلاً اسمه مرمازوا، ورحل صندل إلى فاس، فتراجع أهل نكور وبايعوا لموسى بن المعتصم بن محمد بن قرة بن المعتصم بن صالح بن منصور،،، فأخذ مرمازوا ومن معه وضرب أعناقهم وبعث برؤوسهم إلى الناصر. ثم ثار عليه من أعياص بيته عبد السميع بن جرثم بن إدريس بن صالح بن منصور، فخلعه وأخرجه عن نكور سنة تسع وعشرين ولحق موسى بالأندلس ومعه أهله.... ثم انتقض أهل نكور على عبد السميع وقتلوه. واستدعوا من مالقة جرثم بن أحمد بن زيادة الله بن سعيد بن إدريس بن صالح بن منصور، فبادر إليهم، وبايعوه سنة ست وثلاثين، فاستقامت له الأمور، وكان على مذهب سلفه في الاقتداء والعمل بمذهب مالك، إلى أن مات آخر سنة ستين لخمس وعشرين سنة من ملكه. واتصلت الولاية في بيته إلى أن غلب عليهم أزداجة المتغلبون على وهران، وزحف أميرهم يعلى بن فتوح الأزداجي سنة ست وأربعمائة وقيل سنة عشر، فغلبهم على نكور وخربها وانقرض ملكهم بعد ثلاثمائة سنة وأربع عشرة سنة من لدن ولاية صالحن وبقيت في بني يعلى بن فتوح وأزداجة إلى أعوام ستين وأربعمائة".

بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة السبت 19 سبتمبر 2009 - 11:27

الحلقة التاسعة عشر
مدينة سجلماسة 1/2
مدينة يتردد اسمها كثيرا في المصادر التاريخية، وهي من أكثر المدن
المغربية المندثرة شهرة على الرغم من انقراض الكثير ـ إن لم نقل ـ أغلب
معالمها و شواهدها التاريخية التي لم يعد طافيا منها غير بعض البقايا
القليلة جدا. سجلماسة المدفونة تحت تراب المواقع الأثرية المجاورة لمدينة
الريصاني، يحكي التاريخ الكثير عنها، وعن الأحداث التي مرت بها، وعن
المكانة الهامة التي كانت تحتلها حين كانت ثاني مدينة إسلامية تشيد
بالمغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان، وعاصمة أول إمارة مستقلة عن الخلافة
بالمشرق في المغرب العربي وهي إمارة بني مدرار. تذهب بعض المصادر
التاريخية إلى أن سجلماسة بنيت سنة 140هـ/757م في قلب واحة خصبة كانت
عبارة عن مراعي يؤمها عدد من الرحل لتبادل منتوجاتهم في إطار موسم تجاري
سنوي، وهو موقع استراتيجي بالنسبة لمختلف مناطق شمال أفريقيا وبلاد
السودان الغربي من جهة، والمشرق الإسلامي من جهة ثانية. عن الأهمية
الاقتصادية التاريخية لهذه المدينة يسجل الباحث مصطفى ناعمي في دراسته من
خلال بلاد تكنة: "كانت ثروات تجار سجلماسة تقدر بمائة ألف دينار (أي ما
بين 275 و450 كلغ من الذهب الخالص)، وكانت السلفات تبلغ إلى 40 ألف دينار
(أي ما بين 150 و180 كلغ ذهبا)، وتعتبر هذه المبادلات من المؤشرات
الممتازة لمعرفة طبيعة وكثافة العلاقات الاقتصادية بين المناطق الجغرافية
البعيدة والمجاورة. فقد استمرت في تطورها، حتى بلغت قيمة ضرائب المرور
بمدينة سجلماسة وحدها في منتصف القرن الخامس عشر معدلا سنويا يقرب 400 ألف
دينار..." يضيف ناعمي "...تعتبر أهم مرحلة اقتصادية عرفتها مدينة سجلماسة
هي فترة ارتباطها بمدينة أوداغست، و قد تميزت هذه المرحلة بازدهار كبير.
فقد حصلت الدولة الفاطمية على 400 ألف دينار من مدخول ضرائب المدينة سنة
951هـ. وهو مبلغ يعادل نصف مجموع ضرائب الدولة. غير أن انحطاط أوداغست
بسبب سقوطها في أيدي المرابطين، سبب صدمة اقتصادية في تاريخ سجلماسة، إلا
أنها ظلت عاصمة الضفة الشمالية حتى القرن الخامس عشر. هذا وقد كتب
المسعودي في القرن العاشر أن قطع أهم شارع بالمدينة يقتضي مشي نصف نهار.
في حين لاحظ ابن بطوطة أن كل سكن كان يتألف من حديقة وحقل يتوسطهما بيت
الإقامة، كما هو الحال في الصين"• من بين الكتابات التاريخية عن مدينة
سجلماسة ما دونه أبو عبيد البكري في مؤلفه الممالك والمسالك والذي إضافة
إلى وصفه للمدينة إبان عمارتها، ذكر من خلاله ظروف تأسيسها وبنائها:
"ومدينة سجلماسة بنيت سنة أربعين ومائة، وبعمارتها خلت مدينة ترغة،
وبينهما يومان، وبعمارتها خلت زيز أيضا، ومدينة سجلماسة مدينة سهلية،
أرضها سبخة حولها أرباض كثيرة، وفيها دور رفيعة ومبان سرية، ولها بساتين
كثيرة، وسورها أسفله مبني بالحجارة وأعلاه بالطوب، بناه اليسع أبو منصور
بن ابي القاسم من ماله لم يشركه في الإنفاق عليه أحد، أنفق فيه ألف مدى
طعام، وله اثني عشر بابا، الثمانية منها حديد، وكان بنا اليسع له سنة تسع
وتسعين ومائة، وارتحل إليها سنة مائتين، وقسمها على القبائل على ما هي
عليه اليوم، وهم يلتزمون النقاب، فإذا حسر أحدهم عن وجهه، لم يميزه أحد من
أهله. وهي على نهرين، عنصرهما من موضع يقال له اجلب، تنده عيون كثيرة،
فإذا قرب من سجلماسة تشعب نهرين، يسلك شرقيها وغربيها، وجامعها متقن
البناء، بناه اليسع، فأجاد، وحماماتها ردية البناء، غير محكمة العمل،
وماؤها زعاق، وكذلك جميع ما ينبط من الماء بسجلماسة، وشرب زروعهم من النهر
في حياض كحياض البساتين، وهي كثيرة النخل والأعناب وجميع الفواكه، وزبيب
عنبها النعرض الذي لا الشمس، لا يزبب إلا في الظل، ويعرفونه بالظلى، وما
أصابته الشمس منه زبب في الشمس. ومدينة سجلماسة في أول الصحراء، لا يعرف
في غربيها ولا قبليها عمران، وليس بسجلماسة ذباب ولا يتجذم من أهلها أحد،
وإذا دخلها مجذم توقفت عنه علته... كما يصنع أهل سجلماسة نفصة وقسطيلية
ويأكلون الزرع إذا أخرج شطاه، وهو عندهم مستطرف، والمجذمون عندهم هم
الكنافون والبناون. عندهم يهود لا يتجاورهم هذه الصناعة. ومن مدينة
سجلماسة تدخل إلى بلاد السودان إلى غانة، وبينها وبين مدينة غانة مسيرة
شهرين في صحراء غير عامرة... وبين سجلماسة ووادي درعة مسيرة خمسة أيام.
وملك بنو مدرار سجلماسة مائة وستين سنة، وكان فيه أبو القاسم سمجو بن
واسول المكناسي أب اليسع المذكور... وكان صاحب ماشية، وكثيرا ما ينتجع
سجلماسة، فاجتمع إليه قوم من الصفرية، فلما بلغوا أربعين رجلا، قدموا على
أنفسهم عيسى بن يزيد الأسود، وولوه أمرهم، فشرعوا في بنيان سجلماسة، وذلك
سنة أربع ومائة وذكر آخرون أن مدرارا كان حدادا من ربضيه الأندلس، يخرج
عند وقفة الربض، فنزل منزلا بقرب سجلماسة، وموضع سجلماسة إذاك مراح، يجتمع
فيه البربر وقتا من السنة يتسوقون، فكان مدرار يحضر سوقهم بما يعده من
آلات الحديد، ثم ابتنى بها خيمة وسكنها، وسكن البربر حوله، فكان ذلك اصل
عمارتها، ثم تمدنت.... ويزرع بأرض سجلماسة عاما، ويحصد من تلك الزريعة
ثلاثة أعوام، لأنه بلد مفرط الحر، شديد القيظ، فإذا يبس زرعهم، تناثر عند
الحصاد، وأرضهم متشققة، فيرتفع ما تناثر منه في تلك الشقوق، فإذا كان في
العام الثاني، حرث بلا بذر، وكذلك في الثالث، وقمحهم رقيق صيني يسع مد
النبي صلى الله عليه وسلم خمسة وسبعين الف حبة، ومديهم إثنا عشر قنقلا،
والقنقل ثماني زلافات، والزلافة ثمانية أمداد بمد النبي. ومن الطرائف
عندهم، أن الذهب جزاف عدد بلا وزن والكراث يتبايعونه وزنا لا عددا"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الثلاثاء 22 سبتمبر 2009 - 13:32

الحلقة العشرون
مدينة سجلماسة 2/2
كما سبق وتمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة السالفة، فالأهمية الاقتصادية
لمدينة سجلماسة، جعلت منها وعلى مر عدة قرون، إحدى أغنى مدن الشمال
الإفريقي، حيث كانت ثروات تجار سجلماسة تقدر بمائة ألف دينار (أي ما بين
275 و450 كلغ من الذهب الخالص)، كما حصلت الدولة الفاطمية على 400 ألف
دينار من مدخول ضرائب سجلماسة سنة 951ه. و هو مبلغ يعادل نصف مجموع ضرائب
الدولة. هذا إلى جانب أهميتها الاستراتيجية كمعبر رئيسي للقوافل التجارية
نحو أوداغوست والعمق الإفريقي. الشيء الذي جعل منها مدينة واسعة مترامية
الأطراف، إلى درجة أن الكتابات التاريخية العائدة إلى القرن العاشر تتحدث
طول شوارعها بكون: "قطع أهم شارع بمدينة سجلماسة يقتضي مشي نصف نهار"•
ويسجل عنها محمد بن الحسن الوزان الفاسي، المعروف بليون الإفريقي في كتابه
وصف إفريقيا: "كانت سجلماسة مدينة متحضرة جدا، دورها جميلة، وسكانها
أثرياء بسبب تجارتهم مع بلاد السودان، وكان فيها مساجد جميلة، ومدارس ذات
سقايات عديدة، يجلب ماؤها من النهر"• وفي ما يتعلق بالجانب الزراعي بمدينة
سجلماسة، يسجل الشريف الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق:
"وأما مدينة سجلماسة، فمدينة كبيرة، كثيرة العامر، وهي مقصد للوارد
والصادر، كثيرة الخضر والجنات، رائقة البقاع والجهات، ولا حصن عليها،
وإنما هي قصور وديار وعمارات متصلة على نهر لها كثير الماء يأتي إليها من
جهة المشرق من الصحراء، يزيد في الصيف كزيادة النيل سواء ويزرع بمائه
حسبما يزرع فلاحو مصر، ولزراعته إصابة كثيرة معلومة، وفي أكثر الأعوام
الكثيرة المياه المتواترة عن خروج هذا النهر ينبت لهم ما حصدوه في العام
السابق من غير بذر، وفي الأكثر من السنين، إذا فاض النهر عندهم ثم رجع
بذروا على تلك الأرض زرعهم، ثم حصدوه عند تناهيه، وتركوا جذوره إلى العام
القادم، فينبت ذلك من غير حاجة إلى بذر زراعة. وحكى الحوقلي أن البذر بها
يكون عاما، والحصاد فيه في كل سنة، إلى تمام سبع سنين، لكن تلك الحنطة
التي تنبت من غير بذر، تتغير عن حالها، حتى تكون بين الحنطة والشعير،
وتسمى هذه الحنطة يردن تيزواو. وبها نخل كثير، وأنواع من التمر لا يشبه
بعضها بعضا، وفيها الرطب المسمى بالبرني، وهي خضراء جداً وحلاوتها تفوق كل
حلاوة، ونواها صغار في غاية الصغر. ولأهل هذه المدينة غلات القطن، وغلات
الكمون، والكروياء، والحناء، ويتجهز منها إلى سائر بلاد المغرب وغيرها.
وبناءاتها حسنة، غير أن المخالفين في زماننا هذا أتوا على أكثرها هدما
وحرقا"• ويتحدث ابن حوقل عن سجلماسة في كتابه صورة الأرض فيسجل: "وسجلماسة
مدينة حسنة الموضع، جليلة الأهل، فاخرة العمل، على نهر يزيد في الصيف
كزيادة النيل في وقت كون الشمس في الجوزاء والسرطان والأسد، فيزرع بمائة
حسب زروع مصر في الفلاحة، وربما زرعوا سنة عن بدر، وحصدوا ما راع من ورعه،
وتواترت السنون بالمياه، فكلما أغدقت تلك الأرض سنة في عقب أخرى حصدوه إلى
سبع سنين، بسنبل لا يشبه سنبل سنبل النطة ولا الشعير بحب صلب المكسر، لذيذ
المطعم، و خلقه بين القمح والشعير، لها نخيل وبساتين حسنة، وأجنة، ولهم
رطب أخضر من السلق، في غاية الحلاوة، و أهلها قوم سراة مياسير، يباينون
أهل المغرب في المنظر والمخبر، مع علم وستر وصيانة و جمال، واستعمال
للمروءة وسماحة ورجاحة. وأبنيتها كأبنية الكوفة إلى أبواب رفيعة على
قصورها مشيدة عالية"• من بين الرسائل الجامعية التي أنجزت حول سجلماسة،
أطروحة نالت عنها الباحثة إيمان فؤاد أحمد الجويلي من مصر درجة الدكتوراه
في التاريخ الإسلامي. وقد تمحورت حول الدور السياسي والحضاري الذي لعبته
سجلماسة قبل أفولها و اندثارها. وبالنظر إلى أهمية هذا البحث نقتطف خلاصات
تقديمية له فقرات تتعلق بجوانب الصناعة و التجارة و المال بهذه المدينة.
من بين ذلك: "واشتهرت سجلماسة بالعديد من الصناعات، من أهمها صناعة
المنسوجات، والتي قامت النساء فيها بدور كبير، وصناعة الفخار والذي لم
تذكره المصادر القديمة، إذ عثرت عليه البعثات الأثرية في سجلماسة، والتي
أظهرت مدى أهميته واعتماد التجارة على تلك الصناعة، وكانت مصانع الفخار
خارج المدينة، وذلك للمحافظة على البيئة الطبيعية للمكان، وصناعة الحلي
التي أتقنها اليهود.... أما التجارة والتي تعد أساساً لنشأة سجلماسة، فقد
تم تقسيمها في البحث إلى تجارة داخلية، حيث حركة الأسواق في الداخل، وكيف
أن التجارة الخارجية تؤثر على حركة الأسواق، وعملية البيع والشراء وبناء
الخانات والوكالات لخدمة التجارة الخارجية، كما تمت ملاحظة أن السوق في
سجلماسة، يشبه الأسواق الأخرى في الدولة الإسلامية، وكان من أشهرها سوق
ابن عقلة. وقد كان لدورها التجاري الهام، وتحكمها في طريق ذهب السودان،
العامل الأول في طمع الدول المختلفة في السيطرة عليها، حتى تتمكن من
التحكم في تلك البوابة، كما أدت التجارة الخارجية إلى ربط سجلماسة بالعديد
من الدول الإسلامية آنذاك، فهي محطة عبور لها، وامتدت منتجات سجلماسة
لكثير من البقاع، ومن أهم السلع التي اشتهرت بها سجلماسة في تجارتها
الخارجية، كان الذهب، والملح والرقيق ثم الفخار والذي كما سبق القول عثرت
عليه البعثات الأثرية في السودان، وأرجعت صناعته لسجلماسة، فكانت تجارة
رابحة لها... من حيث وسائل المعاملات المالية، فقد كانت أهم العملات بها
تلك المصنوعة من أجود أنواع الذهب... أما عن الحياة الاجتماعية والعمرانية
فقد كانت سجلماسة خليطاً من السكان، وأهمهم البربر، ثم العرب، وأهل الذمة،
وأهمهم اليهود.... كما كثرت بها الأجناس المختلفة، ليعيشوا معاً في وحدة
سياسية واحدة، من أجل كسب الرزق وأهم وسائله التجارة.... ومن حيث طبقات
المجتمع السجلماسي، وتدرجها....يأتي الحكام على رأس الهرم السكاني... ومن
الملاحظ في المجتمع السجلماسي صعود التجار الأثرياء ليكونوا بذلك ضمن
الطبقة الأولى نظراً لثرائهم الكبير... كان لوجود سجلماسة بالقرب من منابع
الذهب، دوراً أساسياً وأولياً في نشأتها، وتعاقب وطمع الدول فيها، دول أو
ولايات تلو الأخرى للاستحواذ على تلك الثروات والخيرات.... ورغم هذا ظلت
قائمة الذات عدة سنوات حتى انهيارها واندثارها تماماً في القرن الثامن
الهجري/ الخامس عشر الميلادي"•
بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي Empty رد: مدن مغربية تحت التراب / محمد جنبوبي

مُساهمة من طرف بنت جبالة الخميس 24 سبتمبر 2009 - 19:28

الحلقة الواحد والعشرون

مدينة قنط... كاب كانتان
هي
مدينة قديمة مندثرة توجد على ساحل المحيط الأطلسي على الطريق الرابطة بين
الوليدية وآسفي، حيث تبعد عن هذا الأخير بحوالي ثلاثين كلمترا، اسمها
"قنط" تم تحريفه إلى إلى "كونتي" كونطي ثم "كانـتان/كاب كانتان"، ويختصر
سكان آسفي والمناطق المجاورة الإسم حاليا في الكاب. يصفها كل من الدكتورين
محمد حجي و محمد الأخضر عند ترجمتهما لكتاب ليون الإفريقي وصف إفريقيا
"بالمدينة المعروفة المندثرة"• وإذا كانت معروفة، فالكتابة التاريخية عنها
جد قليلة. حولها كتب مؤرخ أسفي الفقيه الكانوني العبدي (1893ـ 1938) في
كتابه أسفي وما إليه: "مدينة قنط (كنتان) موقعها شمال أسفي على بعد نحو 34
كلمتر بشاطئ البحر..... قال الحسن هي مدينة فلاحية ذات خصب و أهلها أهل
ديانة واستقامة وشجاعة لكثرة محاربتهم البرتغال...وهي الآن لا أثر لها وفي
موقعها الآن المنارة الشهيرة المعروفة (كاب كنتان) أسست في الدولة
اليوسفية وهي من أهم منائر المغرب"• كما سجل الحسن الوزان حولها في كتابه
وصف افريقيا: "قنط مدينة صغيرة على بعد حوالي عشرين ميلا من أسفي، بناها
القوط في العهد الذي كانوا يسيطرون فيه على هذا الساحل، وهي الآن خراب
تخضع أراضيها لبعض أعراب دكالة"• على الهامش يسجل مترجما الكتاب الدكتوران
محمد حجي ومحمد الأخضر أن اسم هذه المدينة حرف في الأصل المنقول عنه فكتب
"كونتي" وهذه مدينة معروفة مندثرة يحمل إسمها اليوم رأس قنط (كتب كانتان)
الذي كانت تقع بجواره"• وفي الفصل الرابع و الخمسون من كتابه إفريقيا سجل
مارمول كربخال عن مدينة قنط: "أسس هذه المدينة ـ حسب قول المؤرخين ـ القوط
عندما كانوا مسيطرين على موريطانيا الطنجية. تقع على شاطئ البحر، بعيدة عن
أسفي بسبعة فراسخ في اتجاه الشرق، وكانت في القديم آهلة بالسكان لأنها
كانت مركزا تجاريا عظيما. لكن العرب خربوها أيام حكم طارق الذي عبر
البوغاز لغزو إسبانيا، وأتم البرتغاليون تخريبها بعد ذلك العهد. مازالت
تشاهد بعض أنقاض الأسوار العتيقة، ويملك أعراب الغربية، الذين يجوبون
إقليم دكالة، هذه المنطقة. وتكون الأرض قريبا من هنالك رأسا يسميه بطليموس
وأس كونطي ويجعله في ست درجات طولا، وخمس وثلاثين درجة وست وخمسين دقيقة
عرضا. ويجعل بعضهم هذه المدينة من بين المدن التي أسسها حانون بأمر من
مجلس شيوخ قرطاجنة"• العمق التاريخي الذي ذهب إليه مارمول حاولت عدد من
الأبحاث الأركيولوجية إيجاد إثباتات له تستند على لقى وشواهد مكانية تعود
إلى عهود ما قبل الفتح الإسلامي للمغرب، كالبحوث الميدانية لكل من شارل
تيسو وأرمان لوكي ودونيس وسانتاس وغيرهم. وقد تضمنت الدراسة التي نشرها
الباحث محمد مجدوب تحت عنوان حصيلة التحريات الأثرية في منطقة عبدة الكبرى
ضمن العدد الأول من منشورات دفاتر دكالة عبدة، إشارات وإحالات في الاتجاه
المذكور. تبعا لذلك نجده يسجل: "...اهتم تيسو براس كنتان فطابقه مع رأس
صوليس، مؤكدا أنه عثر في أعلى هذا الرأس على آثار مدفن قديم يحيط به جدار
دائري من الحجارة. وقال إن المكان يعرف في وقته بحوش مجمع الصالحين." كما
تعرض مجدوب لما أفضت إليه أبحاث بيير سنتاس المنشورة ضمن كتيب حول
التحريات التي قام بها في سواحل المحيط، قصد إبراز آثار الوجود القرطاجي
في هذا النطاق :" و في رأس كنتان تحدت ـ سنتاس ـ عن غرفة محفورة في الصخر
قرب ضريح محمد شراحل، وهو مكان يأوي إليه السكان، مما جعل سواد الدخان
يغطي جدران هذه الغرفة، ثم ذكر غرفة أخرى مماثلة بالقرب من الأولى. وقال
إن ضريح سيدي محمد شراحل الموجود في قمة صخرة، شبيه في موقعه بمعابد
البحارة القدماء. كما تساءل عن أحواض محفورة في الصخر في الهضبة التي يوجد
بها ضريح لالة تاساوت، مؤكدا أنه لا يعرف لها نظيرا في أي مكان أخر. ومع
ذلك رجح أن الأمر يتعلق بطريقة الدفن المعروفة في مناطق نفوذ القرطاجيين.
ثم تحدث عن ضريح بوني في أعلى أجراف رأس كنتان، وهو على شكل بئر محفور في
الصخر، ويؤدي إلى غرفة في باطن الأرض. قال موضحا: "يعود الفضل في اكتشافي
لهذا الضريح إلى أرمان لوكي، الذي لاحظ أنه يشبه الغرف المحفورة في باطن
الأرض بالرأس الطيب (تونس)... إن الأمر يتعلق بضريح بوني محفور في الصخر،
يضم بئرا وغرفة"• ثم أفاد أن هذا الضريح يشبه المدافن القرطاجية التي تعود
للقرن الخامس قبل الميلاد، و أشار إلى أن هذا الضريح يشبه القبور التي تم
اكتشافها في فينيقية وقبرص"• بعد ذلك يتوقف المجدوب عند الأبحاث التي قام
بها الباحث أرمان لوكي مضيفا:" ثم تحدث ـ لوكي ـ عن راس كنتان حيث توجد
أحواض منحوثة في الصخر. واشار إلى أن التحريات تمت في هذا المكان عن أي
أثر. ورجح أن اختفاء هذه الآثار يرجع إلى كون الساحل في هذا المكان تعرض
لتعرية شديدة. ثم تحدث عن غرفة جنائزية بونية في أعلى الجرف، وهي تشبه
المدافن التي تم العثور عليها في فينيقية، مؤكدا أن السكان والسلطات
الفرنسية هم جميعا على علم بهذه الغرف التي يدعونها الحفيرة. ثم أشار إلى
التعرية الشديدة التي أصابت الأجراف الساحلية في هذه المنطقة، والتي أدت
إلى تحطم عدة مدافن محفورة في الصخر، بقيت منها بعض الأجزاء، كما أشار إلى
أن بجانب الطريق يوجد بئر من الماء، حيث تم العثور على قطعة من عمود مصنوع
من الصخر، يختلف عن أنواع الحجر الموجود في المنطقة"• لينتقل إلى أبحاث
دونيس A. Denis مسجلا: "ولقد أثار دونيس مسألة صناعة الأرجوان في سواحل
المحيط الأطلسي بناحية رأس كنتان، حيث يوجد أكثر من أربعين حوضا محفورة في
أجراف متصلة بالبحر. وتتوفر هذه الأحواض على سواق للإفراغ والتطهير.
وبعدما أشار الباحث إلى اعتراف سنتاس بأنه لا يعرف نظيرا لها، رجح أن هذه
الأحواض أعدت لمعالجة الرخويات المستعملة في صناعة الصباغة"•


بنت جبالة
بنت جبالة
مشرف (ة)
مشرف (ة)

انثى عدد الرسائل : 1428
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/07/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى