أتباع الملة الحنيفية(2)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أتباع الملة الحنيفية(2)
حكم تنزيله: "بل ملة إبراهيم حنيفا" البقرة"135"
يقول الإمام الفخري الرازي في تفسير الآية الكريمة مسألتين:
المسألة الأولي: لأهل اللغة في الحنيف قولان. الأول: أن الحنيف هو المستقيم. ومنه قيل للأعرج: أحنف. تفاؤلاً بالسلامة. كما قالوا للديغ: سليم. والمهلكة: مفازة. قال محمد بن كعب القرظي: كل من أسلم لله ولم ينحرف عنه في شئ فهو حنيف.
ومحمد بن كعب القرظي " 40 120" هجرية إمام علامة صادق محدث ومفسر متقن» وذكر الحافظ الذهبي في تاريخة سير أعلام النبلاء أنه توفي سنة "108" وعن سبب موته يقول الحافظ الذهبي: كان لمحمد بن القرظي جلساء من أعظم الناس علماء بالتفسير كانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابتهم زلزلة فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعاً تحته.
وقال ابن الأثير في تاريخة "أسد الغابة" إن كعب بن سليم القرظي ثم الأوسي وبنو قريظة حلفاء الأوس» كان كعب من سبي قريظة الذين استحيوا لأن حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه في حلفائه من بني قريظة: أن يقتل الرجال وتسبي النساء والذراري ولا تعرف له رواية وهو والد محمد بن كعب القرظي» كان ضمن السبي لأنه كان من الأطفال فلم يقتل» ولما كبر أسلم وحسن إسلامه.
الثاني: أن الحنيف المائل. وتحنف إذا مال. فالمعني أن إبراهيم عليه السلام حنف إلي دين الله. أي مال إليه.
ويقول الإمام القفال: إن الحنيف هو: لقب لمن دان بالإسلام كسائر ألقاب الديانات. وأصله من إبراهيم عليه السلام.
والإمام القفال "291 365" هجرية هو الإمام المفسر والمحدث الفقيه والأصولي اللغوي: أبوبكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي نسبة إلي مدينة الشاش وهي طشقند حالياً عاصمة جمهورية أوزبكستان المعروف بالقفال الكبير. تمييزا له عن القفال الصغير "توفي 417" هجرية وهو الإمام أبوبكر عبدالله بن أحمد المروزي» من مدينة مرو العريقة الواقعة في تركمنستان حالياً.
وقال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري "398 468" هجرية في تفسيره: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: " وقالوا كونوا هوداً أو نصاري" نزلت في يهود المدينة ونصاري نجران. قال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا علي ديننا فلا دين إلا ذلك. فقال الله تعالي: "قل بل ملة إبراهيم حنيفا" يعني بل فتبع ملة إبراهيم طئفاً مائلاً عن الا ويان كلا إلي دين الاسلام ثم أمر المؤمنين أن يقولوا "آمنا بالله وما أنزل إلينا يعني: القرآن "وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط" وهم أولاد يعقوب عليه السلام. وكان فيهم أنبياء لذلك قال: وما أنزل إليهم. وقوله تعالي: "لا نفرق بين أحد منهم " أي: لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض. كما فعلت اليهود والنصاري.
وقال العلامة محمد علي الصابوني في كتابه: صفوة التفاسير: أي قل لهم يا محمد بل نتبع ملة الحنيفية السمحة وهي ملة إبراهيم عليه السلام حال كونه مائلاً عن الأديان كلها إلي الدين القيم» وما كان إبراهيم من المشركين بل كان مؤمناً موحداً لله تعالي» وفي الآية تعريض بأهل الكتاب وإيذان بأن ماهم عليه إنما هو شرك وضلال.
وقال العلامة ابن منظور في معجمه "لسان العرب" السبط والسبطان والأسباط خاصة الأولاد والمصاص منهم وقيل السبط واحد الأسباط وهو ولد الولد» ويطلق السبط علي ولد الابن والابنة وفي الحديث الحسن والحسين سبطا رسول الله صلي الله عليه وسلم ورضي عنهما ومعناه أي طائفتين وقطعتين منه قيل الأسباط خاصة الأولاد وقيل أولاد الأولاد وقيل أولاد البنات وفي الحديث أيضا الحسن سبط من الأسباط أي أمة من الأمم في الخير فهو واقع علي الأمة» والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب وهم الذين يرجعون إلي أب واحد سمي سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق وجمعه أسباط وقوله عز وجل "وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً" أمما ليس أسباطا بتمييز لأن المميز إنما يكون واحدا لكنه بدل من قوله اثنتي عشرة كأنه قال جعلناهم أسباطا والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب
وقال الزجاج: المعني والله أعلم وقطعناهم أثنتي عشرة فرقة أسباطاً فأسباطاً من نعت فرقة كأنه قال وجعلناهم أسباطاً فيكون أسباطاً بدلا من اثنتي عشرة» وقال الجوهري في معجمه الصحاح: ليس أسباطاً بتفسير ولكنه بدل من اثنتي عشرة لأن التفسير لا يكون إلا واحداً منكورا كقولك اثني عشر درهما ولا يجوز دراهم وقوله أمما من نعت أسباط» قالوا والصحيح أن الأسباط في ولد إسحاق بن إبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليهم السلام فولد كل ولد من ولد إسماعيل عليه السلام قبيلة» وولد كل ولد من ولد إسحاق عليه السلام سبط» وإنما سمي هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحق عليهما السلام» يقال لكل جماعة من أب واحد قبيلة» وأما الأسباط فمشتق من السبط والسبط ضرب من الشجر ترعاه الإبل ويقال الشجرة لها قبائل فكذلك الأسباط من السبط كأنه جعل إسحاق عليه السلام بمنزلة شجرة وجعل اسماعيل عليه السلام بمنزلة شجرة أخري وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة والأولاد بمنزلة اغصانها فتقول طوبي لفرع فلان وفلان من شجر مباركة فهذا والله أعلم معني الأسباط والسبط.
وأخرج الإمام ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأسباط بنو يعقوب عليه السلام. كانوا اثني عشر رجلاً. كل واحد منهم ولد سبطاً أي: أمة من الناس.
فؤاد الدقس- كاتب سوري
يقول الإمام الفخري الرازي في تفسير الآية الكريمة مسألتين:
المسألة الأولي: لأهل اللغة في الحنيف قولان. الأول: أن الحنيف هو المستقيم. ومنه قيل للأعرج: أحنف. تفاؤلاً بالسلامة. كما قالوا للديغ: سليم. والمهلكة: مفازة. قال محمد بن كعب القرظي: كل من أسلم لله ولم ينحرف عنه في شئ فهو حنيف.
ومحمد بن كعب القرظي " 40 120" هجرية إمام علامة صادق محدث ومفسر متقن» وذكر الحافظ الذهبي في تاريخة سير أعلام النبلاء أنه توفي سنة "108" وعن سبب موته يقول الحافظ الذهبي: كان لمحمد بن القرظي جلساء من أعظم الناس علماء بالتفسير كانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابتهم زلزلة فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعاً تحته.
وقال ابن الأثير في تاريخة "أسد الغابة" إن كعب بن سليم القرظي ثم الأوسي وبنو قريظة حلفاء الأوس» كان كعب من سبي قريظة الذين استحيوا لأن حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه في حلفائه من بني قريظة: أن يقتل الرجال وتسبي النساء والذراري ولا تعرف له رواية وهو والد محمد بن كعب القرظي» كان ضمن السبي لأنه كان من الأطفال فلم يقتل» ولما كبر أسلم وحسن إسلامه.
الثاني: أن الحنيف المائل. وتحنف إذا مال. فالمعني أن إبراهيم عليه السلام حنف إلي دين الله. أي مال إليه.
ويقول الإمام القفال: إن الحنيف هو: لقب لمن دان بالإسلام كسائر ألقاب الديانات. وأصله من إبراهيم عليه السلام.
والإمام القفال "291 365" هجرية هو الإمام المفسر والمحدث الفقيه والأصولي اللغوي: أبوبكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي نسبة إلي مدينة الشاش وهي طشقند حالياً عاصمة جمهورية أوزبكستان المعروف بالقفال الكبير. تمييزا له عن القفال الصغير "توفي 417" هجرية وهو الإمام أبوبكر عبدالله بن أحمد المروزي» من مدينة مرو العريقة الواقعة في تركمنستان حالياً.
وقال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري "398 468" هجرية في تفسيره: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: " وقالوا كونوا هوداً أو نصاري" نزلت في يهود المدينة ونصاري نجران. قال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا علي ديننا فلا دين إلا ذلك. فقال الله تعالي: "قل بل ملة إبراهيم حنيفا" يعني بل فتبع ملة إبراهيم طئفاً مائلاً عن الا ويان كلا إلي دين الاسلام ثم أمر المؤمنين أن يقولوا "آمنا بالله وما أنزل إلينا يعني: القرآن "وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط" وهم أولاد يعقوب عليه السلام. وكان فيهم أنبياء لذلك قال: وما أنزل إليهم. وقوله تعالي: "لا نفرق بين أحد منهم " أي: لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض. كما فعلت اليهود والنصاري.
وقال العلامة محمد علي الصابوني في كتابه: صفوة التفاسير: أي قل لهم يا محمد بل نتبع ملة الحنيفية السمحة وهي ملة إبراهيم عليه السلام حال كونه مائلاً عن الأديان كلها إلي الدين القيم» وما كان إبراهيم من المشركين بل كان مؤمناً موحداً لله تعالي» وفي الآية تعريض بأهل الكتاب وإيذان بأن ماهم عليه إنما هو شرك وضلال.
وقال العلامة ابن منظور في معجمه "لسان العرب" السبط والسبطان والأسباط خاصة الأولاد والمصاص منهم وقيل السبط واحد الأسباط وهو ولد الولد» ويطلق السبط علي ولد الابن والابنة وفي الحديث الحسن والحسين سبطا رسول الله صلي الله عليه وسلم ورضي عنهما ومعناه أي طائفتين وقطعتين منه قيل الأسباط خاصة الأولاد وقيل أولاد الأولاد وقيل أولاد البنات وفي الحديث أيضا الحسن سبط من الأسباط أي أمة من الأمم في الخير فهو واقع علي الأمة» والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب وهم الذين يرجعون إلي أب واحد سمي سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق وجمعه أسباط وقوله عز وجل "وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً" أمما ليس أسباطا بتمييز لأن المميز إنما يكون واحدا لكنه بدل من قوله اثنتي عشرة كأنه قال جعلناهم أسباطا والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب
وقال الزجاج: المعني والله أعلم وقطعناهم أثنتي عشرة فرقة أسباطاً فأسباطاً من نعت فرقة كأنه قال وجعلناهم أسباطاً فيكون أسباطاً بدلا من اثنتي عشرة» وقال الجوهري في معجمه الصحاح: ليس أسباطاً بتفسير ولكنه بدل من اثنتي عشرة لأن التفسير لا يكون إلا واحداً منكورا كقولك اثني عشر درهما ولا يجوز دراهم وقوله أمما من نعت أسباط» قالوا والصحيح أن الأسباط في ولد إسحاق بن إبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليهم السلام فولد كل ولد من ولد إسماعيل عليه السلام قبيلة» وولد كل ولد من ولد إسحاق عليه السلام سبط» وإنما سمي هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحق عليهما السلام» يقال لكل جماعة من أب واحد قبيلة» وأما الأسباط فمشتق من السبط والسبط ضرب من الشجر ترعاه الإبل ويقال الشجرة لها قبائل فكذلك الأسباط من السبط كأنه جعل إسحاق عليه السلام بمنزلة شجرة وجعل اسماعيل عليه السلام بمنزلة شجرة أخري وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة والأولاد بمنزلة اغصانها فتقول طوبي لفرع فلان وفلان من شجر مباركة فهذا والله أعلم معني الأسباط والسبط.
وأخرج الإمام ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأسباط بنو يعقوب عليه السلام. كانوا اثني عشر رجلاً. كل واحد منهم ولد سبطاً أي: أمة من الناس.
فؤاد الدقس- كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
أتباع الملة الحنيفية "3"
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها000"30" الروم
يقول المفسرون: أخلص دينك لله مائلاً عن كل دين باطل إلي الدين الحقوهو الإسلام. ومعني: فطرة الله: أي هذا الدين الحق هو خلقة الله تعاليالتي خلق الناس عليها وهو فطرة التوحيد. وفطرة التوحيد هي التي كان عليهاآباء النبي صلي الله عليه وسلم وأجداده يقول الباحث الإسلامي عبدالقادرالشيخ إبراهيم السرمدي نسبة إلي مدينة سرمدا المتاخمة لباب الهوي عليالحدود السورية التركية. والتي لا يفصلها عن بلدة التوامة الا عشرة كيلومترات لا غير في كتابه "سيد الرسل": أول الحنفاء في جزيرة العرب الجدالسابع للنبي صلي الله عليه وسلم. وهو كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالكبن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معبد بنعدنان.
وذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن بين وفاة كعب بن لؤيوبعثة رسول الله صلي الله عليه وسلم خمسمائة وستين عاماً وقد كان كعب يجمعالعرب في يوم العروبة وكانت قريش تسمي يوم الجمعة يوم العروبة ويخطب بهم:
يقول عالم المدينة أبوسلمة وهو ابن الصحابي الجليل عبدالرحمن ابن عوفرضي الله عنه احد المبشرين بالجنة: إن كعباً كان يقول في خطبته بقومه:
أما بعد. فاسمعوا وعوا. وافهموا وتعلموا. ليل ساج. ونهار ضاح. والأرضمهاد. والسماء بناء. والجبال أوتاد. والنجوم أعلام. لم تخلق عبثا فتضربواعنا صحفا. الأخر ونكالاً ولين. والذكر كالأنثي والزوج والفرد إلي يلي.
صلوا أرحامكم وأوفوا بعهودكم. واحفظوا أصهاركم. وثمروا أموالكم. فإنها قوام مروءتكم فهل رأيتهم من هالك رجع. أو ميت نشر؟
الدار أمامكم واليقين غير ما تظنون حرمكم زينوه وعظموه. وتمسكوا به. فسيأتي له نبأ عظيم. وسيخرج منه نبي كريم. بذلك جاء موسي وعيسي.
لقد ارخت العرب بموت كعب بن لؤي لعظمته.
قال البلاذري ثم أرخوا بعام الفيل ثم بموت عبدالمطلب.
وأم كعب بن لؤي هي: ماوية بنت كعب بن القين بن جسر وقد أنجب كعب بن لؤي ثلاثة من الذكور: مرة وعدي وهصيص وبه يكني.
قال البلاذري: أولاد كعب بن لؤي: مرة بن كعب وهصيص بن كعب وامهماوحشية بنت شبيان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وقيل اسمها:مخشية. بينما أخوهما عدي بن كعب فإن امه هي رقاش بنت ركبة بن نائلة بن كعببن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان.
والبلاذري: هو أحمد بن يحيي بن جابر بن داود البلاذري البغداديالكاتب. ترجمه ياقوت الحموي في معجم الأدباء فقال: "... حافظ اخباريعلامة" وترجمة ابن عساكر في تاريح دمشق فقال: "وكان عالماً فاضلاً نسابةمتقناً.." وله تراجمه في لسان الميران لابن حجر. وفوات الوفيات لابن شاكر.وبغية الطلب لابن النديم وغيرها. توفي "279" هجرية.
وفي الاكتفاء للكلاعي: أن ثلاثتهم أشقاء: وهم هصيص ومرة وعدي.
وصاحب الاكتفاء هو ابوالربيع سليمان بن موسي الكلاعي الاندلسي عاش بين عامي "565 634" هجرية.
ونحن نؤكد أن جميع اجداد النبي صلي الله عليه وسلم وآباءه من الحنفاءفلا يمكن أن يكون فيهم من سجد لوثن أو ركع لصنم ورسول الله صلي الله عليهوسلم في أصلابهم.
يقول الإمام عبدالرازق: أخبرنا ابن عيينة. عن جعفر بن محمد. عن أبيهأبي جعفر الباقر في قوله تعالي: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم" أواخر سورةالتوبة.
قال: لم يصبه شئ من ولادة الجاهلية.
قال: وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح". وهذا مرسل جيد.
وهكذا رواه الإمام البيهقي. عن أبي عبدالله الحاكم في مستدركه عنالأصم. عن محمد بن اسحاق الصنعاني. عن يحيي بن أبي بكير. عن عبدالغفار بنالقاسم. عن جعفر بن محمد. عن أبيه قال: قال رسول الله: إن الله أخرجني منالنكاح ولم يخرجني من السفاح.
وقد رواه ابن عدي موصلاً فقال: حدثنا أحمد بن حفص. حدثنا محمد بن أبيعمرو العدني المكي. حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين قال:أشهد علي أبي. حدثني عن أبيه عن جده. عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنالنبي صلي الله عليه وسلم قال: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح. من لدن آدمإلي أن ولدني أبي وأمي. ولم يصبني من سفاح الجاهلية شئ.
ومازال رسول الله صلي الله عليه وسلم يتنقل من الأصلاب الطاهرة إليالأرحام المطهرة لا يشوب آباءه أو أمهاته شائبة نقص من كفر أو فسق أوانحراف أو فجور.
وكل جد من أجداده صلي الله عليه وسلم كان علماً بارزاً بين أقرانه.وسيداً من سادات قومه. كيف لا وقد حرم الله تعالي علي النار أن تحرق خليلهابراهيم عليه السلام لأن في صلبه خير الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صليالله عليه وسلم. وكذلك حرم جل شأنه علي السكين أن تذبح اسماعيل عليهالسلام لأن الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم كان في صلب اسماعيل عليهالسلام وكذلك فدي الله تبارك وتعالي عبدالله والد النبي صلي الله عليهوسلم بمائة من الإبل حينما عزم عبدالمطلب علي ذبحه ليبر بقسمه ليري العالمأجمع ومن قبلهم أهل مكة بركة هذا المولود الكريم الذي مازال في صلبعبدالله فكيف يذبح؟؟؟
فهؤلاء الأجداد الأطهار والآباء الأكارم كلهم حرم علي نفسه عبادةالأوثان وكلهم حرم علي نفسه شرب الخمر. فكانوا سادة عقلاء يقتدي بهم فيأقوالهم وتصرفاتهم. وهذه أهم سمات الحنيفية أن لا تشرك بالله شيئا وتتحليبمكارم الأخلاق وتحيا علي الفطرة.
وأورد الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: مامن مولود يولد إلا علي الفطرة. فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
والاسلام كله يكون بهذا دين الفطرة وتعاليمه كلها هي سنن الفطرة.
وهذا عبدالمطلب بن هاشم جد رسول الله صلي الله عليه وسلم. اسمه شيبةالحمد ولد بيثرب عام "497* وتوفي عام "578" ميلادية فقد ولد وعاش عندأخواله من بني النجار حتي استعاده عمه عبدالمطلب بن عبدمناف وحمله معه إليمكة وأردفه علي بعيره فلما دخل به إلي مكه قالت قريش: عبدالمطلب؟! فقال:لا إنما هو ابن أخي شيبة.
وأمة هي: سلمي بنت عمرو النجارية الخزرجية.
نشأ عبدالمطلب في بيئة سيادة وشرف. وهو الذي حفر بئر زمزم بعد القصة الشهيرة. وعظم أمر عبدالمطلب بعد حادثة الفيل في أعين قريش.
يقول اليعقوبي: كان عبدالمطلب يوحد الله عز وجل وقد رفض عبادةالأصنام. ومما كان يسير عليه عبدالمطلب: الوفاء بالنذر. ومائة من الإبل فيالدية. وأن لا تنكح ذات المحرم. ولا تؤتي البيوت من ظهورها. وكان ينهي عنوأد البنات. كما كان يحرم الخمر علي نفسه وكان يقول: كيف أكون سيداً فيالنهار ثم أغدو سفيهاً بالليل.
والقرعة. وإكرام الضيف. وأن لا ينفقوا إذا حجوا إلا من طيب أموالهم.وتعظيم الأشهر الحرم. ونفي ذوات الرايات وذوات الرايات هي البغايا.
حتي كانت قريش تقول: عبدالمطلب هو ابراهيم الثاني.
لقد كان عبدالمطلب سيداً مهابا بين العرب أجله حتي ألد أعداء العرب أبرهة الأشرم الذي رأي في وجهه نوراً عظيماً.
لقد كان عبدالمطلب من الحنفاء الذين أخلصوا وجههم لله تعالي وكذلك كان أجداد رسول الله صلي الله عليه وسلم جميعهم.
وكلهم من أهل الفترة. لأن رسالة موسي وعيسي عليهما السلام كانت خاصة ببني إسرائيل ولم تكن عامة كالرسالة المحمدية.
وقد اختلف العلماء في أهل الفترة وهم من عاش في زمن لم يأتهم فيه رسول. أو كانوا في مكان لم تصلهم فيه الدعوة ومن في حكمهم.
قوله تعالي: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم علي فترة من الرسل" "المائدة: 19"
يقول المفسرون: الفترة هي الانقطاع. وعلي فترة من الرسل أي: عليانقطاع من الرسل. والخطاب لأهل الكتاب. وأهل الكتاب ليسوا أهل فترة. لأنهمأصحاب كتب سماوية. وهذا يدل علي أن قريشاً كانوا أهل فترة.
وقوله تعالي: "وما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً" الإسراء "15".
يقول صاحب صفوة التفاسير: أي: وما كنا معذبين احداً من الخلق حتي نبعثلهم الرسل مذكرين ومنذرين فتقوم عليهم الحجة إلا أربعة يوم القيامة لهمشأن آخر غير سائر البشر: رجل أصم لا يسمع شيئاً. ورجل أحمق. ورجل هرم.ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً.
وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعرمخلفات الإبل وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً.
وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني منك رسول. فيأخذمواثيقهم ليطيعنه. فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال: فوالذي نفس محمد بيدهلو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاما فمن دخلها إطاعة لله كانت عليه برداًوسلاماً. ومن لم يدخلها تكبراً وتجبراً يسحب إليها.
وقال بعض العلماء: يرسل الله تعالي إليهم رسولاً فمن آمن دخل الجنةومن كفر دخل النار. وقيل الرسول هو الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم.والله أعلم
فؤاد الدقس- كاتب سوري
يقول المفسرون: أخلص دينك لله مائلاً عن كل دين باطل إلي الدين الحقوهو الإسلام. ومعني: فطرة الله: أي هذا الدين الحق هو خلقة الله تعاليالتي خلق الناس عليها وهو فطرة التوحيد. وفطرة التوحيد هي التي كان عليهاآباء النبي صلي الله عليه وسلم وأجداده يقول الباحث الإسلامي عبدالقادرالشيخ إبراهيم السرمدي نسبة إلي مدينة سرمدا المتاخمة لباب الهوي عليالحدود السورية التركية. والتي لا يفصلها عن بلدة التوامة الا عشرة كيلومترات لا غير في كتابه "سيد الرسل": أول الحنفاء في جزيرة العرب الجدالسابع للنبي صلي الله عليه وسلم. وهو كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالكبن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معبد بنعدنان.
وذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن بين وفاة كعب بن لؤيوبعثة رسول الله صلي الله عليه وسلم خمسمائة وستين عاماً وقد كان كعب يجمعالعرب في يوم العروبة وكانت قريش تسمي يوم الجمعة يوم العروبة ويخطب بهم:
يقول عالم المدينة أبوسلمة وهو ابن الصحابي الجليل عبدالرحمن ابن عوفرضي الله عنه احد المبشرين بالجنة: إن كعباً كان يقول في خطبته بقومه:
أما بعد. فاسمعوا وعوا. وافهموا وتعلموا. ليل ساج. ونهار ضاح. والأرضمهاد. والسماء بناء. والجبال أوتاد. والنجوم أعلام. لم تخلق عبثا فتضربواعنا صحفا. الأخر ونكالاً ولين. والذكر كالأنثي والزوج والفرد إلي يلي.
صلوا أرحامكم وأوفوا بعهودكم. واحفظوا أصهاركم. وثمروا أموالكم. فإنها قوام مروءتكم فهل رأيتهم من هالك رجع. أو ميت نشر؟
الدار أمامكم واليقين غير ما تظنون حرمكم زينوه وعظموه. وتمسكوا به. فسيأتي له نبأ عظيم. وسيخرج منه نبي كريم. بذلك جاء موسي وعيسي.
لقد ارخت العرب بموت كعب بن لؤي لعظمته.
قال البلاذري ثم أرخوا بعام الفيل ثم بموت عبدالمطلب.
وأم كعب بن لؤي هي: ماوية بنت كعب بن القين بن جسر وقد أنجب كعب بن لؤي ثلاثة من الذكور: مرة وعدي وهصيص وبه يكني.
قال البلاذري: أولاد كعب بن لؤي: مرة بن كعب وهصيص بن كعب وامهماوحشية بنت شبيان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وقيل اسمها:مخشية. بينما أخوهما عدي بن كعب فإن امه هي رقاش بنت ركبة بن نائلة بن كعببن حرب بن تيم بن سعد بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان.
والبلاذري: هو أحمد بن يحيي بن جابر بن داود البلاذري البغداديالكاتب. ترجمه ياقوت الحموي في معجم الأدباء فقال: "... حافظ اخباريعلامة" وترجمة ابن عساكر في تاريح دمشق فقال: "وكان عالماً فاضلاً نسابةمتقناً.." وله تراجمه في لسان الميران لابن حجر. وفوات الوفيات لابن شاكر.وبغية الطلب لابن النديم وغيرها. توفي "279" هجرية.
وفي الاكتفاء للكلاعي: أن ثلاثتهم أشقاء: وهم هصيص ومرة وعدي.
وصاحب الاكتفاء هو ابوالربيع سليمان بن موسي الكلاعي الاندلسي عاش بين عامي "565 634" هجرية.
ونحن نؤكد أن جميع اجداد النبي صلي الله عليه وسلم وآباءه من الحنفاءفلا يمكن أن يكون فيهم من سجد لوثن أو ركع لصنم ورسول الله صلي الله عليهوسلم في أصلابهم.
يقول الإمام عبدالرازق: أخبرنا ابن عيينة. عن جعفر بن محمد. عن أبيهأبي جعفر الباقر في قوله تعالي: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم" أواخر سورةالتوبة.
قال: لم يصبه شئ من ولادة الجاهلية.
قال: وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح". وهذا مرسل جيد.
وهكذا رواه الإمام البيهقي. عن أبي عبدالله الحاكم في مستدركه عنالأصم. عن محمد بن اسحاق الصنعاني. عن يحيي بن أبي بكير. عن عبدالغفار بنالقاسم. عن جعفر بن محمد. عن أبيه قال: قال رسول الله: إن الله أخرجني منالنكاح ولم يخرجني من السفاح.
وقد رواه ابن عدي موصلاً فقال: حدثنا أحمد بن حفص. حدثنا محمد بن أبيعمرو العدني المكي. حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين قال:أشهد علي أبي. حدثني عن أبيه عن جده. عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنالنبي صلي الله عليه وسلم قال: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح. من لدن آدمإلي أن ولدني أبي وأمي. ولم يصبني من سفاح الجاهلية شئ.
ومازال رسول الله صلي الله عليه وسلم يتنقل من الأصلاب الطاهرة إليالأرحام المطهرة لا يشوب آباءه أو أمهاته شائبة نقص من كفر أو فسق أوانحراف أو فجور.
وكل جد من أجداده صلي الله عليه وسلم كان علماً بارزاً بين أقرانه.وسيداً من سادات قومه. كيف لا وقد حرم الله تعالي علي النار أن تحرق خليلهابراهيم عليه السلام لأن في صلبه خير الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صليالله عليه وسلم. وكذلك حرم جل شأنه علي السكين أن تذبح اسماعيل عليهالسلام لأن الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم كان في صلب اسماعيل عليهالسلام وكذلك فدي الله تبارك وتعالي عبدالله والد النبي صلي الله عليهوسلم بمائة من الإبل حينما عزم عبدالمطلب علي ذبحه ليبر بقسمه ليري العالمأجمع ومن قبلهم أهل مكة بركة هذا المولود الكريم الذي مازال في صلبعبدالله فكيف يذبح؟؟؟
فهؤلاء الأجداد الأطهار والآباء الأكارم كلهم حرم علي نفسه عبادةالأوثان وكلهم حرم علي نفسه شرب الخمر. فكانوا سادة عقلاء يقتدي بهم فيأقوالهم وتصرفاتهم. وهذه أهم سمات الحنيفية أن لا تشرك بالله شيئا وتتحليبمكارم الأخلاق وتحيا علي الفطرة.
وأورد الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: مامن مولود يولد إلا علي الفطرة. فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
والاسلام كله يكون بهذا دين الفطرة وتعاليمه كلها هي سنن الفطرة.
وهذا عبدالمطلب بن هاشم جد رسول الله صلي الله عليه وسلم. اسمه شيبةالحمد ولد بيثرب عام "497* وتوفي عام "578" ميلادية فقد ولد وعاش عندأخواله من بني النجار حتي استعاده عمه عبدالمطلب بن عبدمناف وحمله معه إليمكة وأردفه علي بعيره فلما دخل به إلي مكه قالت قريش: عبدالمطلب؟! فقال:لا إنما هو ابن أخي شيبة.
وأمة هي: سلمي بنت عمرو النجارية الخزرجية.
نشأ عبدالمطلب في بيئة سيادة وشرف. وهو الذي حفر بئر زمزم بعد القصة الشهيرة. وعظم أمر عبدالمطلب بعد حادثة الفيل في أعين قريش.
يقول اليعقوبي: كان عبدالمطلب يوحد الله عز وجل وقد رفض عبادةالأصنام. ومما كان يسير عليه عبدالمطلب: الوفاء بالنذر. ومائة من الإبل فيالدية. وأن لا تنكح ذات المحرم. ولا تؤتي البيوت من ظهورها. وكان ينهي عنوأد البنات. كما كان يحرم الخمر علي نفسه وكان يقول: كيف أكون سيداً فيالنهار ثم أغدو سفيهاً بالليل.
والقرعة. وإكرام الضيف. وأن لا ينفقوا إذا حجوا إلا من طيب أموالهم.وتعظيم الأشهر الحرم. ونفي ذوات الرايات وذوات الرايات هي البغايا.
حتي كانت قريش تقول: عبدالمطلب هو ابراهيم الثاني.
لقد كان عبدالمطلب سيداً مهابا بين العرب أجله حتي ألد أعداء العرب أبرهة الأشرم الذي رأي في وجهه نوراً عظيماً.
لقد كان عبدالمطلب من الحنفاء الذين أخلصوا وجههم لله تعالي وكذلك كان أجداد رسول الله صلي الله عليه وسلم جميعهم.
وكلهم من أهل الفترة. لأن رسالة موسي وعيسي عليهما السلام كانت خاصة ببني إسرائيل ولم تكن عامة كالرسالة المحمدية.
وقد اختلف العلماء في أهل الفترة وهم من عاش في زمن لم يأتهم فيه رسول. أو كانوا في مكان لم تصلهم فيه الدعوة ومن في حكمهم.
قوله تعالي: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم علي فترة من الرسل" "المائدة: 19"
يقول المفسرون: الفترة هي الانقطاع. وعلي فترة من الرسل أي: عليانقطاع من الرسل. والخطاب لأهل الكتاب. وأهل الكتاب ليسوا أهل فترة. لأنهمأصحاب كتب سماوية. وهذا يدل علي أن قريشاً كانوا أهل فترة.
وقوله تعالي: "وما كنا معذبين حتي نبعث رسولاً" الإسراء "15".
يقول صاحب صفوة التفاسير: أي: وما كنا معذبين احداً من الخلق حتي نبعثلهم الرسل مذكرين ومنذرين فتقوم عليهم الحجة إلا أربعة يوم القيامة لهمشأن آخر غير سائر البشر: رجل أصم لا يسمع شيئاً. ورجل أحمق. ورجل هرم.ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً.
وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعرمخلفات الإبل وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً.
وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني منك رسول. فيأخذمواثيقهم ليطيعنه. فيرسل إليهم أن ادخلوا النار قال: فوالذي نفس محمد بيدهلو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاما فمن دخلها إطاعة لله كانت عليه برداًوسلاماً. ومن لم يدخلها تكبراً وتجبراً يسحب إليها.
وقال بعض العلماء: يرسل الله تعالي إليهم رسولاً فمن آمن دخل الجنةومن كفر دخل النار. وقيل الرسول هو الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم.والله أعلم
فؤاد الدقس- كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: أتباع الملة الحنيفية(2)
الاخ الكريم عبدالحميد بارك الله فيك
أبو الحزم- عدد الرسائل : 22
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 12/02/2010
أتباع الملة الحنيفية "4"
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً" "95 آل عمران".
يقول المفسرون: حنيفاً أي: مائلاً عن الأديان الزائفة كلها: وملةإبراهيم عليه السلام هي ملة الإسلام» حيث الإذعان والتسليم لله تعالي.
وقد ذكرنا من أتباع الملة الحنيفية القس ورقة بن نوفل الأسدي ومنالحنفاء الذين عرفوا في مكة عثمان بن الحويرث وعبيد الله ابن جحش وزيد بنعمرو بن نفيل القرشي.
يقول محمد بن اسحاق صاحب السيرة: كان نفر من قريش زيد ابن عمرو بننفيل وورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزي وعثمان بن الحويرث بن أسد بنعبدالعزي وعبيدالله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن برة بن كبير بن غنمبن دودان بن أسعد بن أسد بن خزيمة حضروا قريشاً عند وثن لهم كانوا يذبحونعنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلي بعض وقالوا:تصادقوا وليكتم بعضكم علي بعض. فقال قائلهم: تعلمن والله ما قومكم عليشيء. لقد أخطأوا دين إبراهيم وخالفوه. وما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع.فابتغوا لأنفسكم فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب مناليهود والنصاري.
فبينما يزعمون أن ورقة بن نوفل استحكم في النصرانية وجدنا أنه كانعلي الحنيفية السمحة. وذكر محمد بن حبيب البغدادي المتوفي سنة "245" هجريةفي كتابه المنمق في أخبار قريش: لقد كان من شأن عثمان بن الحويرث بن أسدبن عبدالعزي انه انطلق حتي قدم علي ابن جفنة ملك الشام فقال له: هل لك أنتدين لك قريش قال: نعم قال: فاكتب لي ملكني عليهم قال: علي أن تدين لك قالفي موضع آخر من حديثه في كتاب أبي عمرو الشيباني أيضا: اكتب لي كتاباًوملكني عليهم فكتب له وملكه وجعل له خرجاً علي كل قبيلة فأقبل بكتاب ابنجفنة حتي قدم مكة فلما قدم علي قريش أنكرت ذلك فركب منهم بعض وجوه القومإلي ابن جفنة فلما قدموا عليه كلموه وقالوا: إن عثمان بن الحويرث امرؤسفيه وليس مثلك يصنع بنا هذا الذي صنعت ونحن عارفون بحقك ونحن أهل حق ونحنأهل البيت العتيق.
فعمد ابن جفنة فأخرج عثمان وطرده من مجلسه.
فانطلق عثمان حتي قدم علي قيصر الروم فأراد كلامه فبلغ ذلك ابن جفنةفبعث إلي البواب والترجمان أن لا يدخلاه ولا يخبرا قيصر بأمره: وأمرهما أنيخالفا بكلامه حتي لا يرفع به رأساً فخرج قيصر ذات يوم راكباً فاعترض لهعثمان فصاح إليه وصرخ وكلمه فقال قيصر: ما يقول؟ قال الترجمان: هذا إنسانمجنون يقول: إن في أرضي ما لاً علي رأس جبل وإن اعطيتني مالاً ضربت ذلكالجبل لك حتي يخرج المال منه.
وكذب الترجمان عليه لكتاب ابن جفنه.
فانطلق قيصر وتركه هائما بأرض الروم فلما رأي عثمان الذي صنع به لميدر كيف يصنع فبينما هو قاعد عند معلم يعلم ناساً من الروم الكتاب فلماقعد عثمان معه واستمكن من حديثه تمثل المعلم بيتاً من شعر.
فأخذ عثمان بثوبه وعرف أنه عربي فقال له: والله لا أتركك حتي تخبرنيمن أنت! وإنك لعربي وأني لرجل من قومك فلما رأي ذلك المعلم قال: ويلك لاتكلمني فان ابن جفنة قد كتب فيك إلي كل بواب وترجمان فليس ههنا أحد يغنيعنك شيئاً: ولكنك له إن اعطيتني موثقاً دللتك علي ما ينفعك فأعطاه فقالله: إذا مر عليك الملك فقل له كذا وكذا كلمة علمه إياها من دينهم فإذادعاك الترجمان فالزمه وقم بشق ثوبك وقل: هذا الذي أهلكني فادع لي ترجمانآخر غيره فلما مر به الملك فعل الذي أمره به فدعا الملك ترجماناً غيره حينفعل الأول ما فعل فقال له عثمان: إني من أهل الكعبة ومن أهل بيت اللهالحرام الذي تجج إليه العرب وإني كلمت ابن جفنة أن يجعل لي علي قوميسلطانا فاقتسرهم علي دينك فبغي علي رجال من قومي فرشوه فأخرجني وأني جئتإليك فكتب إلي الترجمان أن يبغيني شراً لأن لا ترفع بي رأساً هذا من شأنيفان كتبت لي كتاباً وجعلت لي عليهم سلطاناً قسرت لك العرب حتي يكونوا عليدينك فكتب له قيصر عند ذلك وكساه وحمله علي بغلة مسرجة بسرج من ذهب وقالله: لا سلطان لابن جفنة عليك ودفع إليه كتاباً مختوماً.
فأقبل عثمان بالكتاب حتي قدم علي ابن جفنة فدفعه إليه فقال ابن جفنةعلي الرحب والسعة وعلي الجانب الآخر كان يخطط لأمر جلل: وما هي إلا أيامقليلة حتي مات عثمان بن الحويرث من قبل ان يخرج من عند ان جفنة فقال كثيرمن الناس سقاه سماً وحسده وظن انه غالبه علي ملكه.
واسم الملك الجفني عمرو بن أبي شمر أخو الحارث بن أبي شمر وذكرالزبير "173 ــ 256" هجرية ان قيصراً كان قد توج عثمان وولاه أمر مكة.فلما جاءهم بذلك أنفوا من أن يدينوا لملك وصاح الأسود بن أسد بن عبدالعزي:ألا إن مكة حي لقاح لا تدين لملك فلم يتم له مراده قال وكان يقال لهالبطريق ولا عقب له وقيل مات بالشام مسموماً قبل أن يصل إلي مكة. سمهالملك الغساني عمرو بن جفنة لأنه حظي عند القيصر بمكانة.
والزبير هو ابن بكار بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بنالزبير بن العوام كان ثقة ثبتاً عالماً بالنسب عارفاً بأخبار المتقدمينوسائر الماضيين.
أما ما كان من أمر عبيد الله بن جحش فإنه ظل في حيرة من أمره حتي جاءالإسلام فكان من السابقين ومعه امرأته رملة بنت أبي سفيان. وهاجرا معاًإلي الحبشة. ولكن الإيمان لم يتغلغل في أعماق قلبه فانحرف عن الدين مرتداًإلي النصرانية وحاول أن يغوي امرأته التي صدته وبقيت مؤمنة راسخة كالجبلالأشم» فكافأها رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث أرسل يخطبها من النجاشيالذي زوجها لرسول الله صلي الله عليه وسلم فحظيت بشرف عظيم حيث أصبحت أمالمؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها.
ورابع الثلاثة هو الحنيفي الصادق زيد بن عمرو بن نفيل العدوي.
والد الصحابي الجليل سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة الذي توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
ولم يكن غريباً أن يكون سعيد بن زيد من السابقين إلي الإسلام منذالبداية» فقد نشأ في حجر أبيه زيد بن عمرو بن نفيل وكان زيد من الذيننفروا من عبادة الأصنام والأوثان واتصل بأحبار اليهود وقساوسة النصاريبحثاً عن الدين الحق.
واستقر علي دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام من قبل أن يبعث النبي صلي الله عليه وسلم.
وقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن اسماء بنت أبي بكر الصديق ــ رضي اللهعنهما ــ قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل يقول وهو مسند ظهره إلي الكعبة:يا معشر قريش ما منكم اليوم أحد علي دين إبراهيم غيري.
وكان زيد بن عمرو ينتظر ظهور النبي صلي الله عليه وسلم فعن عامر بنربيعة قال: لقيت زيد بن عمرو وهو خارج من مكة يريد حراء فقال: يا عامر إنيفارقت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد إسماعيل من بعده وأنا انتظرنبياً من ولد إسماعيل ثم من ولد عبدالمطلب» وما أراني أدركه وأنا أؤمن بهوأصدقه وأشهد أنه نبي» فإن طالت بك مدة فأقرته مني السلام.
ولما أسلمت أقرأت النبي صلي الله عليه وسلم منه السلام فرد عليه وترحم عليه وقال: رأيته في الجنة يسحب ذيولاً.
ومن ثم فقد كان الصحابة يترحمون عليه عندما يرد ذكره» ولقد سأل سعيدبن زيد وعمر بن الخطاب ــ رضي الله عنهما ــ رسول الله صلي الله عليه وسلمعن زيد بن عمرو فقال صلي الله عليه وسلم: غفر الله لزيد بن عمرو ورحمهفإنه مات علي دين إبراهيم وفي رواية أخري إنه يبعث أمة واحدة.
فؤاد الدقس - كاتب سوري
يقول المفسرون: حنيفاً أي: مائلاً عن الأديان الزائفة كلها: وملةإبراهيم عليه السلام هي ملة الإسلام» حيث الإذعان والتسليم لله تعالي.
وقد ذكرنا من أتباع الملة الحنيفية القس ورقة بن نوفل الأسدي ومنالحنفاء الذين عرفوا في مكة عثمان بن الحويرث وعبيد الله ابن جحش وزيد بنعمرو بن نفيل القرشي.
يقول محمد بن اسحاق صاحب السيرة: كان نفر من قريش زيد ابن عمرو بننفيل وورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزي وعثمان بن الحويرث بن أسد بنعبدالعزي وعبيدالله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن برة بن كبير بن غنمبن دودان بن أسعد بن أسد بن خزيمة حضروا قريشاً عند وثن لهم كانوا يذبحونعنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلي بعض وقالوا:تصادقوا وليكتم بعضكم علي بعض. فقال قائلهم: تعلمن والله ما قومكم عليشيء. لقد أخطأوا دين إبراهيم وخالفوه. وما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع.فابتغوا لأنفسكم فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب مناليهود والنصاري.
فبينما يزعمون أن ورقة بن نوفل استحكم في النصرانية وجدنا أنه كانعلي الحنيفية السمحة. وذكر محمد بن حبيب البغدادي المتوفي سنة "245" هجريةفي كتابه المنمق في أخبار قريش: لقد كان من شأن عثمان بن الحويرث بن أسدبن عبدالعزي انه انطلق حتي قدم علي ابن جفنة ملك الشام فقال له: هل لك أنتدين لك قريش قال: نعم قال: فاكتب لي ملكني عليهم قال: علي أن تدين لك قالفي موضع آخر من حديثه في كتاب أبي عمرو الشيباني أيضا: اكتب لي كتاباًوملكني عليهم فكتب له وملكه وجعل له خرجاً علي كل قبيلة فأقبل بكتاب ابنجفنة حتي قدم مكة فلما قدم علي قريش أنكرت ذلك فركب منهم بعض وجوه القومإلي ابن جفنة فلما قدموا عليه كلموه وقالوا: إن عثمان بن الحويرث امرؤسفيه وليس مثلك يصنع بنا هذا الذي صنعت ونحن عارفون بحقك ونحن أهل حق ونحنأهل البيت العتيق.
فعمد ابن جفنة فأخرج عثمان وطرده من مجلسه.
فانطلق عثمان حتي قدم علي قيصر الروم فأراد كلامه فبلغ ذلك ابن جفنةفبعث إلي البواب والترجمان أن لا يدخلاه ولا يخبرا قيصر بأمره: وأمرهما أنيخالفا بكلامه حتي لا يرفع به رأساً فخرج قيصر ذات يوم راكباً فاعترض لهعثمان فصاح إليه وصرخ وكلمه فقال قيصر: ما يقول؟ قال الترجمان: هذا إنسانمجنون يقول: إن في أرضي ما لاً علي رأس جبل وإن اعطيتني مالاً ضربت ذلكالجبل لك حتي يخرج المال منه.
وكذب الترجمان عليه لكتاب ابن جفنه.
فانطلق قيصر وتركه هائما بأرض الروم فلما رأي عثمان الذي صنع به لميدر كيف يصنع فبينما هو قاعد عند معلم يعلم ناساً من الروم الكتاب فلماقعد عثمان معه واستمكن من حديثه تمثل المعلم بيتاً من شعر.
فأخذ عثمان بثوبه وعرف أنه عربي فقال له: والله لا أتركك حتي تخبرنيمن أنت! وإنك لعربي وأني لرجل من قومك فلما رأي ذلك المعلم قال: ويلك لاتكلمني فان ابن جفنة قد كتب فيك إلي كل بواب وترجمان فليس ههنا أحد يغنيعنك شيئاً: ولكنك له إن اعطيتني موثقاً دللتك علي ما ينفعك فأعطاه فقالله: إذا مر عليك الملك فقل له كذا وكذا كلمة علمه إياها من دينهم فإذادعاك الترجمان فالزمه وقم بشق ثوبك وقل: هذا الذي أهلكني فادع لي ترجمانآخر غيره فلما مر به الملك فعل الذي أمره به فدعا الملك ترجماناً غيره حينفعل الأول ما فعل فقال له عثمان: إني من أهل الكعبة ومن أهل بيت اللهالحرام الذي تجج إليه العرب وإني كلمت ابن جفنة أن يجعل لي علي قوميسلطانا فاقتسرهم علي دينك فبغي علي رجال من قومي فرشوه فأخرجني وأني جئتإليك فكتب إلي الترجمان أن يبغيني شراً لأن لا ترفع بي رأساً هذا من شأنيفان كتبت لي كتاباً وجعلت لي عليهم سلطاناً قسرت لك العرب حتي يكونوا عليدينك فكتب له قيصر عند ذلك وكساه وحمله علي بغلة مسرجة بسرج من ذهب وقالله: لا سلطان لابن جفنة عليك ودفع إليه كتاباً مختوماً.
فأقبل عثمان بالكتاب حتي قدم علي ابن جفنة فدفعه إليه فقال ابن جفنةعلي الرحب والسعة وعلي الجانب الآخر كان يخطط لأمر جلل: وما هي إلا أيامقليلة حتي مات عثمان بن الحويرث من قبل ان يخرج من عند ان جفنة فقال كثيرمن الناس سقاه سماً وحسده وظن انه غالبه علي ملكه.
واسم الملك الجفني عمرو بن أبي شمر أخو الحارث بن أبي شمر وذكرالزبير "173 ــ 256" هجرية ان قيصراً كان قد توج عثمان وولاه أمر مكة.فلما جاءهم بذلك أنفوا من أن يدينوا لملك وصاح الأسود بن أسد بن عبدالعزي:ألا إن مكة حي لقاح لا تدين لملك فلم يتم له مراده قال وكان يقال لهالبطريق ولا عقب له وقيل مات بالشام مسموماً قبل أن يصل إلي مكة. سمهالملك الغساني عمرو بن جفنة لأنه حظي عند القيصر بمكانة.
والزبير هو ابن بكار بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بنالزبير بن العوام كان ثقة ثبتاً عالماً بالنسب عارفاً بأخبار المتقدمينوسائر الماضيين.
أما ما كان من أمر عبيد الله بن جحش فإنه ظل في حيرة من أمره حتي جاءالإسلام فكان من السابقين ومعه امرأته رملة بنت أبي سفيان. وهاجرا معاًإلي الحبشة. ولكن الإيمان لم يتغلغل في أعماق قلبه فانحرف عن الدين مرتداًإلي النصرانية وحاول أن يغوي امرأته التي صدته وبقيت مؤمنة راسخة كالجبلالأشم» فكافأها رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث أرسل يخطبها من النجاشيالذي زوجها لرسول الله صلي الله عليه وسلم فحظيت بشرف عظيم حيث أصبحت أمالمؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها.
ورابع الثلاثة هو الحنيفي الصادق زيد بن عمرو بن نفيل العدوي.
والد الصحابي الجليل سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة الذي توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
ولم يكن غريباً أن يكون سعيد بن زيد من السابقين إلي الإسلام منذالبداية» فقد نشأ في حجر أبيه زيد بن عمرو بن نفيل وكان زيد من الذيننفروا من عبادة الأصنام والأوثان واتصل بأحبار اليهود وقساوسة النصاريبحثاً عن الدين الحق.
واستقر علي دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام من قبل أن يبعث النبي صلي الله عليه وسلم.
وقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن اسماء بنت أبي بكر الصديق ــ رضي اللهعنهما ــ قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل يقول وهو مسند ظهره إلي الكعبة:يا معشر قريش ما منكم اليوم أحد علي دين إبراهيم غيري.
وكان زيد بن عمرو ينتظر ظهور النبي صلي الله عليه وسلم فعن عامر بنربيعة قال: لقيت زيد بن عمرو وهو خارج من مكة يريد حراء فقال: يا عامر إنيفارقت قومي واتبعت ملة إبراهيم وما كان يعبد إسماعيل من بعده وأنا انتظرنبياً من ولد إسماعيل ثم من ولد عبدالمطلب» وما أراني أدركه وأنا أؤمن بهوأصدقه وأشهد أنه نبي» فإن طالت بك مدة فأقرته مني السلام.
ولما أسلمت أقرأت النبي صلي الله عليه وسلم منه السلام فرد عليه وترحم عليه وقال: رأيته في الجنة يسحب ذيولاً.
ومن ثم فقد كان الصحابة يترحمون عليه عندما يرد ذكره» ولقد سأل سعيدبن زيد وعمر بن الخطاب ــ رضي الله عنهما ــ رسول الله صلي الله عليه وسلمعن زيد بن عمرو فقال صلي الله عليه وسلم: غفر الله لزيد بن عمرو ورحمهفإنه مات علي دين إبراهيم وفي رواية أخري إنه يبعث أمة واحدة.
فؤاد الدقس - كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
أتباع الملة الحنيفية "5"
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من المشركين" النحل .120
يقول القاضي أبوبكر ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن: ان الإماممالك بن أنس قال: بلغني ان عبدالله بن مسعود قال: يرحم الله معاذ بن جبل.كان أمة قانتا لله. فقيل: يا أبا عبدالرحمن: إنما ذكر الله بهذا إبراهيم.فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ان الأمة الذي يعلم الناس الخير. وإن القانتهو المطيع وكذلك كان معاذ بن جبل يعلم الناس الخير. وكان مطيعا للهولرسوله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والقاضي أبوبكر ابن العربي "468543" هجرية هو: الإمام العلامة الحافظ القاضي أبوبكر محمد بن عبدالله بنمحمد بن عبدالله بن أحمد ابن العربي المعافري الإشبيلي الأندلسي له مؤلفاتكثيرة من أشهرها أحكام القرآن وعارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي. العواصممن القواصم.
مازلنا نتحدث عن الحنفاء في جزيرة العرب قبل البعثة النبوية أولئكالذين أنار الله بصيرتهم وأزال الغشاوة عن أعينهم فسلكوا مسلك أبيهمإبراهيم عليه السلام حين نبذ عبادة الأصنام وازدري شرك قومه وكفرهم وراحيبحث عن خالق الكون ليعبده حتي هداه الله تعالي إلي الحقيقة وهي دينالتوحيد والاستسلام والتسليم لله عز وجل. ونبذ الشرك والكفر وكل ما يعبدمن دون الله. وهذا هو دين الأنبياء جميعهم. واعتقاد الرسل كلهم لم يختلفوافيما بينهم إلا في الشرائع والأحكام. أما الاعتقاد والإيمان بالله. فقدكانوا كلهم علي التوحيد.
ومن الحنفاء قس بن ساعدة بن حذافة بن زهير بن إياد بن نزار الإياديفقد أورد الإمام الطبراني في كتابه "المعجم الكبير": عن ابن عباس رضي اللهعنهما قال: قدم وفد عبد القيس علي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أيكميعرف قس بن ساعدة الإيادي؟
قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله
قال: فما فعل؟
قالوا: هلك.
قال فقال رسول الله: "مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ. واقفا علي جملأحمر يخطب الناس: اجتمعوا فاسمعوا. وإذا سمعتم فعوا. وإذا وعيتم فانتفعواوقولوا. وإذا قلتم فاصدقوا. من عاش مات. ومن مات فات. وكل ما هو آت آت.مطر ونبات. وأخياء وأموات. ليل داج. وسماء ذات أبراج. ونجوم تزهر. وبحارتزخر. وضوء وظلام. وليل وأيام. وبر وآثام. إن في السماء خبرا. وإن فيالأرض عبرا يحار فيهن البصرا. مهاد موضوع. وسقف مرفوع. ونجوم تغور. وبحارلا تفور. ومنايا دوان ودهر خوان ودوان: جمع دانية كحد النسطاس أورد الإماممجد الدين أبو السعادات بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير "الكبير" "544606" هجرية في كتابه النهاية في غريب الأثر: كحذو النسطاس قيل إنه ريشالسهم ولا تعرف حقيقته وفي رواية كحد النسطاس: سير مضفور يجعل زماماًللبعير وغيره ووزن القسطاس.
أقسم قس قسما لا كاذبا فيه ولا آثما. لئن كان في هذا الأمر رضيليكونن سخط. ثم قال: أيها الناس إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم هذاالذي أنتم عليه. وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أري الناس يذهبون فلايرجعون. أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟".
والتفت رسول الله إلي بعض أصحابه فقال: أيكم يروي شعره لنا؟
فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: فداك أبي وأمي. أنا شاهد له في ذلك اليوم وراح يروي شعره بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم.
قال: فقال رسول الله: "رحم الله قساً أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة".
وفي رواية أخري: لقد آمن قس بالبعث.
ونحن نقول: لو لم يكن لقس بن ساعدة من المفاخر إلا أن النبي صلي اللهعليه وسلم حفظ كلامه وردده علي مسامع أصحابه لكفاه فخرا وشرفا وتميزا.
ومن الحنفاء والحكماء أيضاً أكثم بن صيفي وهو: ابن رياح بن الحارث بنمخاشن بن معاوية بن شريف بن جروه بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي المضري.من قبيلة بني تميم من مضر.
يروي ان ملك الحيرة النعمان بن المنذر قصد إلي بلاط كسري فوجد عندهوفودا من الروم والهند والصين. وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته. ولما افتخرالنعمان بمفاخر العرب أنكر كسري علي العرب أن يكون لهم مجد. ووصفهم بأنهموحوش تقيم في القفر. فالنظرة الدونية إلي العرب ليست وليدة العصر الحديث.بل تمتد إلي فترة ما قبل الإسلام. فمتي تعود للعرب مكانتهم التي يستحقونهافي سيادة العالم والتربع علي عرشه وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعيوفداً من العرب ويسمع منهم فوافق كسري علي ذلك وقدم وفد العرب وعلي رأسهأكثم بن صيفي. الذي تكلم بين يدي كسري فأبدع.
فأعجب كسري بحكمته وسجعه وحسن منطقه ورجاحة عقله اعجابا شديدا. وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً.
وقال الحافظ أبو نعيم "336 430" هجرية وهو أحمد بن عبدالله بن أحمد بنإسحاق بن موسي بن مهران الأصبهاني في كتابه "معرفة الصحابة": ان علي بنعبدالملك بن عمير حدث عن أبيه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلي اللهعلبه وسلم فأراد أن يأتيه فأبي قومه أن يدعوه وقالوا: انت كبيرنا. لم تكنلتخف إليه. قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه. فانتدب رجلين وقيلاثنين من أولاده فأتيا النبي صلي الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بنصيفي. وهو يسألك: من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ وفي رواية: وإلام تدعو؟ فقالالنبي صلي الله عليه وسلم: أما من أنا؟ فأنا محمد ابن عبدالله. وأما ماأنا؟ فأنا عبدالله ورسوله قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: "إن الله يأمربالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكملعلكم تذكرون" "النحل 90".
قالوا: ردد علينا هذا القول فردده عليهم حتي حفظوه. فأتيا أكثمفقالا: أبي أن يرفع نسبه فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكي النسب وسطاً في مضر.وقد رمي إلينا بكلمات قد حفظناها فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمربمكارم الأخلاق. وينهي عن ملائمها. فكونوا في هذا الأمر رءوساً. ولاتكونوا فيه أذناباً.
وذكر الإمام أبو حاتم "توفي سنة 354" هجرية وهو: محمد بن حبان بنأحمد بن حبان التميمي البستي السجستاني صاحب صحيح "ابن حبان" ان بعض أهلالعلم قالوا: إن الآية الكريمة "ومن يخرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسولهثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله" "النساء 100" نزلت في أكثم بن صيفيحيث خرج بمائة من قومه متجها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينةالمنورة ليسلم بين يديه فمات في الطريق. وكان مما قاله قبل موته: اذهبواإلي هذا الرجل وقولوا له: إني أشهد ألا إله إلا الله وأنه رسول الله "أيمحمد" صلي الله عليه وسلم.
وقد ذكره الإمام ابن الأثير "555 639" هجرية في كتابه "أسد الغابة فيمعرفة الصحابة" وذكره الإمام ابن حجر العسقلاني "773 852" هجرية في كتابه"الإصابة في تمييز الصحابة".
ونحن نقول: إنه تابعي ولم ينل شرف الصحبة النبوية.
وقيل نزلت في ضمرة بن جندب. وقيل: ضمضم بن عمرو الخزاعي. وهذا اختلافذكره الحافظ أبو نعيم والحافظ ابن منده "310 395" هجرية وهو: محمد بنإسحاق بن محمد بن يحيي بن منده الأصبهاني العبدي.
وفي السنن الكبري للإمام البيهقي "384 458" هجرية ان الرجل الخزاعيالذي نزلت فيه الآية الكريمة: ومن يخرج من بيته مهاجراً.. هو ضمرة بنالعيص وقيل العيص بن ضمرة ابن زنباع.
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وحتي لو لم تكن الآية نزلت فيأكثم بن صيفي فإنها تنطبق عليه وأجره علي الله. فهي خاصة عامة. وتنطبقأيضاً علي خالد بن حزام ابن خويلد ابن أخ أم المؤمنين السيدة خديجة بنتخويلد رضي الله عنها فقد خرج مهاجرا إلي الحبشة فنهشته حية فمات. فأجرهعلي الله. فمن خرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل لهالثواب عند الله تعالي كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنياتوإنما لكل امرئ ما نوي: فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي اللهورسوله".. والله أعلم.
فؤاد الدقس - كاتب سوري
يقول القاضي أبوبكر ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن: ان الإماممالك بن أنس قال: بلغني ان عبدالله بن مسعود قال: يرحم الله معاذ بن جبل.كان أمة قانتا لله. فقيل: يا أبا عبدالرحمن: إنما ذكر الله بهذا إبراهيم.فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ان الأمة الذي يعلم الناس الخير. وإن القانتهو المطيع وكذلك كان معاذ بن جبل يعلم الناس الخير. وكان مطيعا للهولرسوله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والقاضي أبوبكر ابن العربي "468543" هجرية هو: الإمام العلامة الحافظ القاضي أبوبكر محمد بن عبدالله بنمحمد بن عبدالله بن أحمد ابن العربي المعافري الإشبيلي الأندلسي له مؤلفاتكثيرة من أشهرها أحكام القرآن وعارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي. العواصممن القواصم.
مازلنا نتحدث عن الحنفاء في جزيرة العرب قبل البعثة النبوية أولئكالذين أنار الله بصيرتهم وأزال الغشاوة عن أعينهم فسلكوا مسلك أبيهمإبراهيم عليه السلام حين نبذ عبادة الأصنام وازدري شرك قومه وكفرهم وراحيبحث عن خالق الكون ليعبده حتي هداه الله تعالي إلي الحقيقة وهي دينالتوحيد والاستسلام والتسليم لله عز وجل. ونبذ الشرك والكفر وكل ما يعبدمن دون الله. وهذا هو دين الأنبياء جميعهم. واعتقاد الرسل كلهم لم يختلفوافيما بينهم إلا في الشرائع والأحكام. أما الاعتقاد والإيمان بالله. فقدكانوا كلهم علي التوحيد.
ومن الحنفاء قس بن ساعدة بن حذافة بن زهير بن إياد بن نزار الإياديفقد أورد الإمام الطبراني في كتابه "المعجم الكبير": عن ابن عباس رضي اللهعنهما قال: قدم وفد عبد القيس علي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أيكميعرف قس بن ساعدة الإيادي؟
قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله
قال: فما فعل؟
قالوا: هلك.
قال فقال رسول الله: "مهما نسيت فلست أنساه بسوق عكاظ. واقفا علي جملأحمر يخطب الناس: اجتمعوا فاسمعوا. وإذا سمعتم فعوا. وإذا وعيتم فانتفعواوقولوا. وإذا قلتم فاصدقوا. من عاش مات. ومن مات فات. وكل ما هو آت آت.مطر ونبات. وأخياء وأموات. ليل داج. وسماء ذات أبراج. ونجوم تزهر. وبحارتزخر. وضوء وظلام. وليل وأيام. وبر وآثام. إن في السماء خبرا. وإن فيالأرض عبرا يحار فيهن البصرا. مهاد موضوع. وسقف مرفوع. ونجوم تغور. وبحارلا تفور. ومنايا دوان ودهر خوان ودوان: جمع دانية كحد النسطاس أورد الإماممجد الدين أبو السعادات بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير "الكبير" "544606" هجرية في كتابه النهاية في غريب الأثر: كحذو النسطاس قيل إنه ريشالسهم ولا تعرف حقيقته وفي رواية كحد النسطاس: سير مضفور يجعل زماماًللبعير وغيره ووزن القسطاس.
أقسم قس قسما لا كاذبا فيه ولا آثما. لئن كان في هذا الأمر رضيليكونن سخط. ثم قال: أيها الناس إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم هذاالذي أنتم عليه. وهذا زمانه وأوانه. ثم قال: ما لي أري الناس يذهبون فلايرجعون. أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟".
والتفت رسول الله إلي بعض أصحابه فقال: أيكم يروي شعره لنا؟
فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: فداك أبي وأمي. أنا شاهد له في ذلك اليوم وراح يروي شعره بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم.
قال: فقال رسول الله: "رحم الله قساً أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة واحدة".
وفي رواية أخري: لقد آمن قس بالبعث.
ونحن نقول: لو لم يكن لقس بن ساعدة من المفاخر إلا أن النبي صلي اللهعليه وسلم حفظ كلامه وردده علي مسامع أصحابه لكفاه فخرا وشرفا وتميزا.
ومن الحنفاء والحكماء أيضاً أكثم بن صيفي وهو: ابن رياح بن الحارث بنمخاشن بن معاوية بن شريف بن جروه بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي المضري.من قبيلة بني تميم من مضر.
يروي ان ملك الحيرة النعمان بن المنذر قصد إلي بلاط كسري فوجد عندهوفودا من الروم والهند والصين. وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته. ولما افتخرالنعمان بمفاخر العرب أنكر كسري علي العرب أن يكون لهم مجد. ووصفهم بأنهموحوش تقيم في القفر. فالنظرة الدونية إلي العرب ليست وليدة العصر الحديث.بل تمتد إلي فترة ما قبل الإسلام. فمتي تعود للعرب مكانتهم التي يستحقونهافي سيادة العالم والتربع علي عرشه وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعيوفداً من العرب ويسمع منهم فوافق كسري علي ذلك وقدم وفد العرب وعلي رأسهأكثم بن صيفي. الذي تكلم بين يدي كسري فأبدع.
فأعجب كسري بحكمته وسجعه وحسن منطقه ورجاحة عقله اعجابا شديدا. وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً.
وقال الحافظ أبو نعيم "336 430" هجرية وهو أحمد بن عبدالله بن أحمد بنإسحاق بن موسي بن مهران الأصبهاني في كتابه "معرفة الصحابة": ان علي بنعبدالملك بن عمير حدث عن أبيه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلي اللهعلبه وسلم فأراد أن يأتيه فأبي قومه أن يدعوه وقالوا: انت كبيرنا. لم تكنلتخف إليه. قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه. فانتدب رجلين وقيلاثنين من أولاده فأتيا النبي صلي الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بنصيفي. وهو يسألك: من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ وفي رواية: وإلام تدعو؟ فقالالنبي صلي الله عليه وسلم: أما من أنا؟ فأنا محمد ابن عبدالله. وأما ماأنا؟ فأنا عبدالله ورسوله قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: "إن الله يأمربالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكملعلكم تذكرون" "النحل 90".
قالوا: ردد علينا هذا القول فردده عليهم حتي حفظوه. فأتيا أكثمفقالا: أبي أن يرفع نسبه فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكي النسب وسطاً في مضر.وقد رمي إلينا بكلمات قد حفظناها فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمربمكارم الأخلاق. وينهي عن ملائمها. فكونوا في هذا الأمر رءوساً. ولاتكونوا فيه أذناباً.
وذكر الإمام أبو حاتم "توفي سنة 354" هجرية وهو: محمد بن حبان بنأحمد بن حبان التميمي البستي السجستاني صاحب صحيح "ابن حبان" ان بعض أهلالعلم قالوا: إن الآية الكريمة "ومن يخرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسولهثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله" "النساء 100" نزلت في أكثم بن صيفيحيث خرج بمائة من قومه متجها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينةالمنورة ليسلم بين يديه فمات في الطريق. وكان مما قاله قبل موته: اذهبواإلي هذا الرجل وقولوا له: إني أشهد ألا إله إلا الله وأنه رسول الله "أيمحمد" صلي الله عليه وسلم.
وقد ذكره الإمام ابن الأثير "555 639" هجرية في كتابه "أسد الغابة فيمعرفة الصحابة" وذكره الإمام ابن حجر العسقلاني "773 852" هجرية في كتابه"الإصابة في تمييز الصحابة".
ونحن نقول: إنه تابعي ولم ينل شرف الصحبة النبوية.
وقيل نزلت في ضمرة بن جندب. وقيل: ضمضم بن عمرو الخزاعي. وهذا اختلافذكره الحافظ أبو نعيم والحافظ ابن منده "310 395" هجرية وهو: محمد بنإسحاق بن محمد بن يحيي بن منده الأصبهاني العبدي.
وفي السنن الكبري للإمام البيهقي "384 458" هجرية ان الرجل الخزاعيالذي نزلت فيه الآية الكريمة: ومن يخرج من بيته مهاجراً.. هو ضمرة بنالعيص وقيل العيص بن ضمرة ابن زنباع.
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وحتي لو لم تكن الآية نزلت فيأكثم بن صيفي فإنها تنطبق عليه وأجره علي الله. فهي خاصة عامة. وتنطبقأيضاً علي خالد بن حزام ابن خويلد ابن أخ أم المؤمنين السيدة خديجة بنتخويلد رضي الله عنها فقد خرج مهاجرا إلي الحبشة فنهشته حية فمات. فأجرهعلي الله. فمن خرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل لهالثواب عند الله تعالي كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضيالله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنياتوإنما لكل امرئ ما نوي: فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي اللهورسوله".. والله أعلم.
فؤاد الدقس - كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
أتباع الملة الحنيفية "أخيرة"
يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "حنفاء لله غير مشركين به".. "الحج 31"يقول المفسرون: الحنيفية هي الإخلاص لله وحده في الإقرار بالربوبيةوالإذعان والعبودية. والاستقامة علي ملة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام.قال الله تعالي: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاًمسلماً وما كان من المشركين" "آل عمران 67". والتحنف هو إبقاء ذات الإنسانعلي طبيعتها حيث فطرتها الأولي التي فطرها الله عليها قبل أن تعلق بهاعلائق الشهوات والانحرافات.
وفي الحديث القدسي الذي أورده الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد فيمسنده والحفاظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري والإمام ابن حبان فيصحيحه. واللفظ له عن عياض المجاشعي رضي الله عنه قال: خطب فينا رسول اللهصلي الله عليه وسلم فقال: إن الله جلَّ وعلا أمرني أن أعلمكم مما علمنييومي هذا. وإنه قال لي: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن كل ما أنحلت عباديفهو لهم حلال. وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم ـ أي: أضلتهم ـ عن دينهموحرمت عليهم الذي أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً.
وعياض المجاشعي قبل أن يسلم كان قد أهدي للنبي صلي الله عليه وسلمهدية "قيل ناقة" فقال النبي صلي الله عليه وسلم: أسلمت؟ قال: لا. فلميقبلها منه رسول الله صلي الله عليه وسلم والحديث القدسي كما يقول الشيخالإمام عبدالله سراج الدين في كتابه شرح المنظومة البيقونية: هو الذييرويه النبي صلي الله عليه وسلم عن الله تعالي. ويقول الحافظ ابن حجرالهيتمي "909-974" هجرية في شرحه علي الأربعين النووية "نسبة إلي أول منصنفها وهو الإمام النووي 631-676" هجرية: الكلام المضاف إلي الله تعاليأقسامه ثلاثة:
أولها: وهو أشرفها القرآن الكريم لتميزه عن القسمين الآخرين بإعجازهمن أوجه: وهي كونه معجزة باقية علي ممر الدهر محفوظة من التغيير والتبديلوالتحريف. وبحرمة مسه للمحدث. وبحرمة تلاوته لنحو الجنب. وحرمة روايتهبالمعني. وبتعينه في الصلاة. وبتسميته قرآناً. وبأن أجر تلاوة كل حرف منهبعشر حسنات. وبامتناع بيعه في رواية عند الإمام أحمد بن حنبل. وكراهةعندنا نحن الشافعية. وبتسمية الجملة منه آية.
وغير القرآن الكريم من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك.
وثانيها: الكتب التي أنزلها الله تعالي علي الأنبياء عليهم السلام قبل أن يجري عليها التبديل والتحريف.
وثالثها: الأحاديث القدسية حيث يقال فيها: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه.
ومعني: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم: أي: طاهري الأعضاء من المعاصي.وقيل أراد سبحانه: أنه خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق وهم فيعالم الذر. فقال لهم ألست بربكم؟ قالوا: بلي.. فلا يوجد أحد إلا وهو معترفمقر بأن له رباً. وإن أشرك به فيما بعد.. قال الله تعالي: و"إذ أخذ ربك منبني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدناأن تقولوا يوم القيامة إنا كنا غافلين "172" أو تقولوا إنما أشرك آباؤنامن قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" "الأعراف 173".
وقوله سبحانه: "حنفاء لله" أي: مخلصين له. "غير مشركين به" قالالتابعي الجليل قتادة بن دعامة "60-118" هجرية: كانوا في الشرك يحجون.ويحرمون البنات والأمهات والأخوات. وكانوا يسمون حنفاء. فنزلت: "حنفاء للهغير مشركين به" أي: حجاجاً لله مسلمين موحدين. يعني: من أشرك لا يكون منالحنفاء.
ومن الحنفاء في جزيرة العرب: زهير بن أبي سلمي صاحب المعلقة المشهورة. الذي كان يطلق عليه شاعر الحكمة.
يقول الباحث الإسلامي عبدالقادر الشيخ إبراهيم السرمدي في كتابه "كعببن زهير": لقد كان زهير بن أي سلمي من المصلحين الاجتماعيين الذين عابواعلي قومهم عبادة الأصنام. وتمريغ جباههم بالسجود لغير الله تعالي.وانحرافهم عن الحنيفية السمحة دين إبراهيم عليه السلام. وتشويه العقيدةالصحيحة والانغماس في الشرك والوثنية والارتماء في أحضان الرذيلة وفك عريالوحدة ليصبحوا قبائل متفرقة. متباغضة. متناحرة. فكانت النتيجة أن أصبحالإنسان العربي ضعيفاً مهزولاً. فاقد الهيبة. مطموعاً به. تابعاً للفرسوالروم حيث لا دين يجمع. ولا قانون يردع. ولا حكومة تمنع. بل فوضي وانحطاطوتفرق وتفكك وتمزق.
وفي خضم هذه الأحداث المؤلمة والواقع المحزن والحقيقة المخزية ظهرهؤلاء المصلحون الاجتماعيون وكانوا يسمون بـ"الحنفاء" وقد سعوا جاهدينلتصحيح عقيدة أقوامهم. وإصلاح ذات بينهم. وجمع شملهم. ومحاربة الفسادالمنتشر بينهم.
يظهر ذلك جلياً واضحاً في خطبهم وأشعارهم. وما يقال في مجالسهمونواديهم. الأمر الذي ينبئ عن تمكن روح القومية وترسيخها في نفوسهم.وارتباطهم باللغة والأرض واستماتتهم في الدفاع عن العرض. ورغبتهم في تحقيقالصلح والوحدة وإزالة آثار الخصام والعداوة.
ويردف الباحث الإسلامي السرمدي: كان أمير المؤمنين الفاروق عمر بنالخطاب رضي الله عنه يقدم زهير بن أبي سلمي علي جميع الشعراء ويقول عنه:أشعر الناس الذي يقول:
ومن............
يشير بذلك إلي قول زهير في معلقته:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه... ولو رام أسباب السماء بسلم
ومن يك ذا مال فيبخل بماله... علي قومه يستغن عنه ويذمم
ومن يجعل المعروف في غير أهله... يكن حمده ذماً عليه ويندم
وحين سمع الفاروق رضي الله عنه قول زهير:
فإن الحق مقطعه ثلاث............. يمين أو شهود أو جلاء
قال عمر رضي الله عنه: لو أدركته لوليته القضاء لمعرفته بما تثبت به الحقوق.
والجلاء: بكسر الجيم: كشف الأمر ورفع الغطاء عنه حتي يظهر الكامن المستتر فيه.
وعن الشعر عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نال الباحثالإماراتي حسين أحمد الرفاعي درجة الدكتوراة في اللغة العربية من جامعةسيدي محمد بن عبدالله في مدينة فاس المغربية عن رسالته: الرؤية النقديةعند عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أثبت خلالها أن الفاروق رضي الله عنه كانيملك رؤية نقدية للشعر مستمدة من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة.وأنه كان واعياً بقيمة الشعر باعتباره رسالة تعليمية وتربوية تعلي من قيمالحق والخير والجمال.
وقد بين الباحث في رسالته أن شخصية أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهلقيت اهتماماً كبيراً من قبل الباحثين الذين تحدثوا عن عمر الخليفة وعمرالفقيه وعمر الزاهد وعمر الصحابي الجليل. وأفردوا لذلك كتباً كثيرة. إلاأن شخصيته الأدبية لم تلق العناية اللائقة بمقامه النقدي. فقد كان رضيالله عنه يري أن للشعر وظيفة تربوية وتعليمية وإمتاعية.
ويختم الباحث السرمدي حديثه عن الشاعر زهير بن أبي سلمي بقوله:.....وما من شك لو أن زهيراً امتد به العمر وعاش إلي البعثة النبوية لآمن برسولالله صلي الله عليه وسلم واتبعه. وصار من خيرة أصحابه. ولكن أمر اللهقدراً مقدوراً. فقد مات زهير بن أبي سلمي قبل البعثة النبوية.
وقد روي أنه كان يجالس علماء أهل الكتاب وسمع منهم أنه قد آن زمانمبعث النبي المنتظر الذي سيجئ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور ويحررأفكارهم من الخرافة والوهم ويهديهم إلي الصراط المستقيم فرأي في منامه أنهقد مد حبل من السماء وأنه حاول أن يمسك به فلم يستطع. فقد رفع الحبل قبلأن يصل إليه يده. فأوله زهير بالنبي الذي سيبعث آخر الزمان وأنه لن يدركه.فأخبر أبناءه بذلك وأوصاهم إن أدركوا النبي صلي الله عليه وسلم أن يؤمنوابه ويتبعوه.
وفي هذا دليل صادق علي إيمانه بالبعث والحساب والثواب والجزاء لذلك كان حنيفياً بحتاً ومصلحاً اجتماعياً صرفاً.
ومن أبنائه بجير وكعب بن زهير وكلاهما كان شاعراً مجيداً. إلا أن شعركعب أجزل وأعمق. ويذكر المؤرخون أنهما هربا من مكة يوم فتحها في السنةالثامنة للهجرة حيث خرج بعض المشركين ممن أهدر رسول الله صلي الله عليهوسلم دماءهم. "ومن بينهم كعب بن زهير" لهجائهم رسول الله صلي الله عليهوسلم وسوء أخلاقهم. حتي وصلا "أبرق العزاف" علي بعد عشرين ميلاً منالمدينة. وهناك قال بجير لكعب انتظرني هنا حتي آتي محمداً فأسمع كلامه.وما أن رأي النبي صلي الله عليه وسلم وسمع كلامه حتي أسلم ومكث في المدينةوكأنه نسي انتظار كعب له حتي طالت المدة وعلم كعب بإسلام أخيه. وعلم بجيربتأكيد إهدار دم كعب فكتب إلي كعب والله ما أحسبك ناجياً. فإن كان لك فينفسك حاجة فسر إليه فإنه يقبل من أتاه تائباً.
فذهب وأسلم بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم ارتجل قصيدته العصماء "بانت سعاد" وهي من "58" بيتا من الشعر:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول......... متيم إثرها لم يُفد مكبول
ولما قال: إن الرسول لسيف يستضاء به... مهند من سيوف الهند مسلول
فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: من سيوف الله
ثم رمي عليه بردته الشريفة لتكون دليل عفوه وقبول إسلامه ووسام شرفيوضع علي كتفيه وسربالاً واقياً له من كل شر. ودافعاً عنه كل بلاء.وجالباً له كل خير ونعمة وفضل وإحسان.
وبذلك نكون قد وصلنا إلي ختام بحثنا عن أتباع الحنيفية.
فؤاد الدقس- كاتب سوري
وفي الحديث القدسي الذي أورده الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد فيمسنده والحفاظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري والإمام ابن حبان فيصحيحه. واللفظ له عن عياض المجاشعي رضي الله عنه قال: خطب فينا رسول اللهصلي الله عليه وسلم فقال: إن الله جلَّ وعلا أمرني أن أعلمكم مما علمنييومي هذا. وإنه قال لي: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن كل ما أنحلت عباديفهو لهم حلال. وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم ـ أي: أضلتهم ـ عن دينهموحرمت عليهم الذي أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً.
وعياض المجاشعي قبل أن يسلم كان قد أهدي للنبي صلي الله عليه وسلمهدية "قيل ناقة" فقال النبي صلي الله عليه وسلم: أسلمت؟ قال: لا. فلميقبلها منه رسول الله صلي الله عليه وسلم والحديث القدسي كما يقول الشيخالإمام عبدالله سراج الدين في كتابه شرح المنظومة البيقونية: هو الذييرويه النبي صلي الله عليه وسلم عن الله تعالي. ويقول الحافظ ابن حجرالهيتمي "909-974" هجرية في شرحه علي الأربعين النووية "نسبة إلي أول منصنفها وهو الإمام النووي 631-676" هجرية: الكلام المضاف إلي الله تعاليأقسامه ثلاثة:
أولها: وهو أشرفها القرآن الكريم لتميزه عن القسمين الآخرين بإعجازهمن أوجه: وهي كونه معجزة باقية علي ممر الدهر محفوظة من التغيير والتبديلوالتحريف. وبحرمة مسه للمحدث. وبحرمة تلاوته لنحو الجنب. وحرمة روايتهبالمعني. وبتعينه في الصلاة. وبتسميته قرآناً. وبأن أجر تلاوة كل حرف منهبعشر حسنات. وبامتناع بيعه في رواية عند الإمام أحمد بن حنبل. وكراهةعندنا نحن الشافعية. وبتسمية الجملة منه آية.
وغير القرآن الكريم من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك.
وثانيها: الكتب التي أنزلها الله تعالي علي الأنبياء عليهم السلام قبل أن يجري عليها التبديل والتحريف.
وثالثها: الأحاديث القدسية حيث يقال فيها: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه.
ومعني: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم: أي: طاهري الأعضاء من المعاصي.وقيل أراد سبحانه: أنه خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق وهم فيعالم الذر. فقال لهم ألست بربكم؟ قالوا: بلي.. فلا يوجد أحد إلا وهو معترفمقر بأن له رباً. وإن أشرك به فيما بعد.. قال الله تعالي: و"إذ أخذ ربك منبني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدناأن تقولوا يوم القيامة إنا كنا غافلين "172" أو تقولوا إنما أشرك آباؤنامن قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" "الأعراف 173".
وقوله سبحانه: "حنفاء لله" أي: مخلصين له. "غير مشركين به" قالالتابعي الجليل قتادة بن دعامة "60-118" هجرية: كانوا في الشرك يحجون.ويحرمون البنات والأمهات والأخوات. وكانوا يسمون حنفاء. فنزلت: "حنفاء للهغير مشركين به" أي: حجاجاً لله مسلمين موحدين. يعني: من أشرك لا يكون منالحنفاء.
ومن الحنفاء في جزيرة العرب: زهير بن أبي سلمي صاحب المعلقة المشهورة. الذي كان يطلق عليه شاعر الحكمة.
يقول الباحث الإسلامي عبدالقادر الشيخ إبراهيم السرمدي في كتابه "كعببن زهير": لقد كان زهير بن أي سلمي من المصلحين الاجتماعيين الذين عابواعلي قومهم عبادة الأصنام. وتمريغ جباههم بالسجود لغير الله تعالي.وانحرافهم عن الحنيفية السمحة دين إبراهيم عليه السلام. وتشويه العقيدةالصحيحة والانغماس في الشرك والوثنية والارتماء في أحضان الرذيلة وفك عريالوحدة ليصبحوا قبائل متفرقة. متباغضة. متناحرة. فكانت النتيجة أن أصبحالإنسان العربي ضعيفاً مهزولاً. فاقد الهيبة. مطموعاً به. تابعاً للفرسوالروم حيث لا دين يجمع. ولا قانون يردع. ولا حكومة تمنع. بل فوضي وانحطاطوتفرق وتفكك وتمزق.
وفي خضم هذه الأحداث المؤلمة والواقع المحزن والحقيقة المخزية ظهرهؤلاء المصلحون الاجتماعيون وكانوا يسمون بـ"الحنفاء" وقد سعوا جاهدينلتصحيح عقيدة أقوامهم. وإصلاح ذات بينهم. وجمع شملهم. ومحاربة الفسادالمنتشر بينهم.
يظهر ذلك جلياً واضحاً في خطبهم وأشعارهم. وما يقال في مجالسهمونواديهم. الأمر الذي ينبئ عن تمكن روح القومية وترسيخها في نفوسهم.وارتباطهم باللغة والأرض واستماتتهم في الدفاع عن العرض. ورغبتهم في تحقيقالصلح والوحدة وإزالة آثار الخصام والعداوة.
ويردف الباحث الإسلامي السرمدي: كان أمير المؤمنين الفاروق عمر بنالخطاب رضي الله عنه يقدم زهير بن أبي سلمي علي جميع الشعراء ويقول عنه:أشعر الناس الذي يقول:
ومن............
يشير بذلك إلي قول زهير في معلقته:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه... ولو رام أسباب السماء بسلم
ومن يك ذا مال فيبخل بماله... علي قومه يستغن عنه ويذمم
ومن يجعل المعروف في غير أهله... يكن حمده ذماً عليه ويندم
وحين سمع الفاروق رضي الله عنه قول زهير:
فإن الحق مقطعه ثلاث............. يمين أو شهود أو جلاء
قال عمر رضي الله عنه: لو أدركته لوليته القضاء لمعرفته بما تثبت به الحقوق.
والجلاء: بكسر الجيم: كشف الأمر ورفع الغطاء عنه حتي يظهر الكامن المستتر فيه.
وعن الشعر عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نال الباحثالإماراتي حسين أحمد الرفاعي درجة الدكتوراة في اللغة العربية من جامعةسيدي محمد بن عبدالله في مدينة فاس المغربية عن رسالته: الرؤية النقديةعند عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أثبت خلالها أن الفاروق رضي الله عنه كانيملك رؤية نقدية للشعر مستمدة من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة.وأنه كان واعياً بقيمة الشعر باعتباره رسالة تعليمية وتربوية تعلي من قيمالحق والخير والجمال.
وقد بين الباحث في رسالته أن شخصية أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهلقيت اهتماماً كبيراً من قبل الباحثين الذين تحدثوا عن عمر الخليفة وعمرالفقيه وعمر الزاهد وعمر الصحابي الجليل. وأفردوا لذلك كتباً كثيرة. إلاأن شخصيته الأدبية لم تلق العناية اللائقة بمقامه النقدي. فقد كان رضيالله عنه يري أن للشعر وظيفة تربوية وتعليمية وإمتاعية.
ويختم الباحث السرمدي حديثه عن الشاعر زهير بن أبي سلمي بقوله:.....وما من شك لو أن زهيراً امتد به العمر وعاش إلي البعثة النبوية لآمن برسولالله صلي الله عليه وسلم واتبعه. وصار من خيرة أصحابه. ولكن أمر اللهقدراً مقدوراً. فقد مات زهير بن أبي سلمي قبل البعثة النبوية.
وقد روي أنه كان يجالس علماء أهل الكتاب وسمع منهم أنه قد آن زمانمبعث النبي المنتظر الذي سيجئ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور ويحررأفكارهم من الخرافة والوهم ويهديهم إلي الصراط المستقيم فرأي في منامه أنهقد مد حبل من السماء وأنه حاول أن يمسك به فلم يستطع. فقد رفع الحبل قبلأن يصل إليه يده. فأوله زهير بالنبي الذي سيبعث آخر الزمان وأنه لن يدركه.فأخبر أبناءه بذلك وأوصاهم إن أدركوا النبي صلي الله عليه وسلم أن يؤمنوابه ويتبعوه.
وفي هذا دليل صادق علي إيمانه بالبعث والحساب والثواب والجزاء لذلك كان حنيفياً بحتاً ومصلحاً اجتماعياً صرفاً.
ومن أبنائه بجير وكعب بن زهير وكلاهما كان شاعراً مجيداً. إلا أن شعركعب أجزل وأعمق. ويذكر المؤرخون أنهما هربا من مكة يوم فتحها في السنةالثامنة للهجرة حيث خرج بعض المشركين ممن أهدر رسول الله صلي الله عليهوسلم دماءهم. "ومن بينهم كعب بن زهير" لهجائهم رسول الله صلي الله عليهوسلم وسوء أخلاقهم. حتي وصلا "أبرق العزاف" علي بعد عشرين ميلاً منالمدينة. وهناك قال بجير لكعب انتظرني هنا حتي آتي محمداً فأسمع كلامه.وما أن رأي النبي صلي الله عليه وسلم وسمع كلامه حتي أسلم ومكث في المدينةوكأنه نسي انتظار كعب له حتي طالت المدة وعلم كعب بإسلام أخيه. وعلم بجيربتأكيد إهدار دم كعب فكتب إلي كعب والله ما أحسبك ناجياً. فإن كان لك فينفسك حاجة فسر إليه فإنه يقبل من أتاه تائباً.
فذهب وأسلم بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم ارتجل قصيدته العصماء "بانت سعاد" وهي من "58" بيتا من الشعر:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول......... متيم إثرها لم يُفد مكبول
ولما قال: إن الرسول لسيف يستضاء به... مهند من سيوف الهند مسلول
فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: من سيوف الله
ثم رمي عليه بردته الشريفة لتكون دليل عفوه وقبول إسلامه ووسام شرفيوضع علي كتفيه وسربالاً واقياً له من كل شر. ودافعاً عنه كل بلاء.وجالباً له كل خير ونعمة وفضل وإحسان.
وبذلك نكون قد وصلنا إلي ختام بحثنا عن أتباع الحنيفية.
فؤاد الدقس- كاتب سوري
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» أتباع الملة الحنيفية (1)
» أحمد الريسوني: يجب التحاور مع من يخالفنا في المذهب أو الملة وليس اعتقاله ومحاكمته
» أحمد الريسوني: يجب التحاور مع من يخالفنا في المذهب أو الملة وليس اعتقاله ومحاكمته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى