لا مفاوضات بدون إحصاء اللاجئين/سعد الدين العثماني
صفحة 1 من اصل 1
لا مفاوضات بدون إحصاء اللاجئين/سعد الدين العثماني
كانت سابقة ذات دلالة أن يعلن السيد أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون
اللاجئين في الرباط، أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة، أن هناك رفضا للقيام
بإحصاء اللاجئين في تندوف من قبل البوليساريو والجزائر. ومعلوم أن هذا
الرفض ليس جديدا، بل كان مستمرا منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وإذا رجعنا إلى وظائف المفوض السامي، كما ينص عليه ملحق النظام
الأساسي لمكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نجد التنصيص
على أنه يتولى توفير الحماية للاجئين الذين يشملهم اختصاص مكتبه وفق عدد
من الأمور منها: «مساعدة الجهود الحكومية والخاصة الرامية إلى تشجيع
العودة الطوعية إلى الوطن أو الاستيعاب داخل مجتمعات وطنية جديدة».
وهكذا، فإن إحصاء اللاجئين بتندوف أمر أساسي بالنظر إلى الالتزامات الدولية لجميع الأطراف. ومن ذلك:
1 ـ إن هذا الإحصاء ضروري لمعرفة العدد الحقيقي للاجئين الموجودين في
مخيمات تندوف، فالأرقام المتداولة حاليا متضاربة، وليس من المقبول جعل هذا
الغموض آلية من آليات الاستغلال السياسي. ولذلك لما طالبت البوليساريو
بزيادة المساعدات التي تقدمها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، اشترط
المفوض السامي إحصاء اللاجئين أولا قبل أن يتقرر حجم المساعدات التي يمكن
تقديمها. كما أكد السيد أحمدو ولد سويلم، القيادي السابق في جبهة
البوليساريو، الذي عاد مؤخرا إلى أرض الوطن، أن عدد السكان المحتجزين في
html» تندوف يضخم من قبل البوليساريو للاستفادة من المساعدات. فتدعي أن
عددهم يفوق 160 ألف لاجئ، بينما لا يتجاوز عددهم الحقيقي الـ50 ألفا. كما
صرح بأن هناك متاجرة تطال جزءا مهما من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى
محتجزي » تندوف، وأنه يتم تصريفها في أسواق بعض البلدان المجاورة.
فالإحصاء من قبل جهة دولية ذات مصداقية هو الذي سيمنع في المستقبل استغلال
المساعدات الدولية لاستدامة وإطالة احتجاز لاجئي المخيمات، كما ورد في
تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
2 ـ إن الإحصاء أداة أساسية لعمل المفوضية السامية، فلا يمكن تقييم
الحاجيات الحقيقية في مجال المساعدة الغذائية والإنسانية وتحديدها بدون
معطيات دقيقة ومضبوطة.
3 ـ إن الإحصاء ضروري ليتعبأ المجتمع الدولي بغية وضع نهاية للوضع
الإنساني المأساوي في المخيمات. أما بقاء الشك مخيما على العدد الحقيقي
للاجئين فإنه لا يشجع على تلك التعبئة، وسيجد الكثيرون مبررات للانفضاض
عنه.
4 ـ إن الإحصاء ضروري لمنع استغلال التعتيم على الأرقام الحقيقية
للمحتجزين للتشويش على أي حل مستقبلي، فالذين لا يريدون أن يتوصل إلى حل
في ملف الصحراء المغربية من قوى جهوية ودولية سيستمرون في عرقلة أي إحصاء
للاجئين.
5 ـ إن الإحصاء سيمكن من معرفة كم من أولئك اللاجئين هم، فعلا،
مواطنون منحدرون من الأقاليم الصحراوية المغربية. فهناك كثير من التقارير
تتحدث عن وجود العديد من أبناء الدول الإفريقية جنوب الصحراء يعيشون في
المخيمات طوعا أو كرها أو يعملون كمرتزقة.
6 ـ إن الإحصاء ضروري لمعرفة من هم محتجزون ممن هم لاجئون فعلا، أي
ممن يسكنون المخيمات بطريقة طوعية. فالمعايير الدولية تقضي بإجراء حوار مع
كل لاجئ على حدة ليعبر عن رغبته بحرية، سواء في البقاء لاجئا بالمخيمات أو
في الالتحاق ببلده المغرب في إطار العودة الطوعية أو الاستقرار بمكان آخر
بالخارج. وباختصار، سيمكن ذلك من معرفة من منهم محتجز ومن منهم لاجئ.
وعلى الرغم من مصداقية هذه المبررات، فإن المغرب لم يقم بواجبه طيلة
العقود الماضية تجاه اللاجئين، وقصرت الديبلوماسية المغربية في ذلك بشكل
خطير. ولم يبدأ الاهتمام بالموضوع إلا منذ سنوات معدودة، ولم يوف بعد الحد
الأدنى حقـَّه. وفي هذا الإطار، تقتضي الموضوعية الإشارة إلى القوة غير
المسبوقة لكلمة الممثل المغربي في الدورة الستين للجنة التنفيذية للمفوضية
السامية لشؤون اللاجئين ولكلمة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم
المتحدة أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. ففي الكلمتين،
كانت قضية اللاجئين بتندوف حاضرة بقوة وصراحة. وأظن أن الأمر مرتبط جزئيا
بكون المسؤولين المغربيين من الديبلوماسيين المحترفين، ذوي الخبرة في طرق
عمل المنظمات الدولية وفي ملف الصحراء المغربية. وهما عينا انطلاقا من
كفاءتهما وليس بناء على معايير متقادمة وغير نزيهة مثل المجاملة والقرابة
والصداقة الشخصية وغيرها مما يعتمد أحيانا في العمل الديبلوماسي.
ما هو المطلوب اليوم تجاه قضية اللاجئين؟
إن المغرب يتحمل مسؤولية وطنية وسياسية وإنسانية تجاه اللاجئين.
فهؤلاء مواطنون مغاربة، ولا يجوز التساهل في قضيتهم أو التراخي في الدفاع
عنها، خصوصا وأن هناك تقارير دولية ذات مصداقية تقدم حصيلة سوداء لوضعيتهم
الإنسانية. وإذا كانت الدول تتدخل بقوة لإنجاد مواطن واحد من مواطنيها،
فما بالنا بعشرات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يحتجزون ولا يمكنون
من خيار الرجوع إلى الوطن، ويذاقون الأمرين في ظروف غير إنسانية؟
وبالتالي، فإنه ليس من حق الدولة المغربية أن تتعامل مع الموضوع بوصفه
أمرا بسيطا أو عاديا، ولا أن تتحدث عن اللاجئين في تندوف مثلما تتحدث عن
لاجئين في أي دولة أو قارة أخرى. كما ليس من حقها أن تقف مكتوفة الأيدي
وتترك مواطنيها المحتجزين في تندوف دون خيار ودون مستقبل.
لكن مع الأسف، لا يزال رد فعلنا الرسمي دون الواجب المطلوب بكثير.
ومن هنا، فليس هناك بديل عن أن يأخذ المغرب موقفا جريئا ويرفض
المشاركة في أي مفاوضات مقبلة مع البوليساريو إذا لم يتم إحصاء اللاجئين،
وألا يقبل في ذلك مساومة أو تساهلا، وألا يكتفي بتوجيه النداءات إلى
المجتمع الدولي. لا بد من أن يعلن المغرب عاليا أنه لا يمكن أن يتفاوض
ومواطن مغربي واحد محتجز ضدا على حريته وكرامته.
هذا الموقف القوي هو وحده الذي يمكن أن يحرك الجهات الدولية لتفرض
على مختلف الأطراف ـوخصوصا الدولة المضيفةـ احترام التزاماتها والتقيد
بمقتضيات القانون الدولي للاجئين، لأن كل ما يتحدث عنه من ضغط من قبل
المجتمع الدولي لإجراء الاستفتاء وهْم وخيال، ما لم يكن هناك ضغط حقيقي من
المغرب على المجتمع الدولي. وآنذاك فقط، ستكون لمطالبات المغرب لمفوضية
اللاجئين بالالتزام بمسؤوليتها وإعمال مقتضيات نظامها الأساسي معنى ودور،
وإلا فإن المعاناة ستستمر في المستقبل ولفترات طويلة. ويجب أن ترافق
الإعلانَ الرسميَّ عن هذا الموقف حملة ٌدولية، تبدأ من الأصدقاء
والقريبين، لتصل إلى البعيدين والخصوم، لشرح تلك المعاناة وبسط دوافع
الموقف المغربي المرتقب.
المساء
اللاجئين في الرباط، أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة، أن هناك رفضا للقيام
بإحصاء اللاجئين في تندوف من قبل البوليساريو والجزائر. ومعلوم أن هذا
الرفض ليس جديدا، بل كان مستمرا منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وإذا رجعنا إلى وظائف المفوض السامي، كما ينص عليه ملحق النظام
الأساسي لمكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نجد التنصيص
على أنه يتولى توفير الحماية للاجئين الذين يشملهم اختصاص مكتبه وفق عدد
من الأمور منها: «مساعدة الجهود الحكومية والخاصة الرامية إلى تشجيع
العودة الطوعية إلى الوطن أو الاستيعاب داخل مجتمعات وطنية جديدة».
وهكذا، فإن إحصاء اللاجئين بتندوف أمر أساسي بالنظر إلى الالتزامات الدولية لجميع الأطراف. ومن ذلك:
1 ـ إن هذا الإحصاء ضروري لمعرفة العدد الحقيقي للاجئين الموجودين في
مخيمات تندوف، فالأرقام المتداولة حاليا متضاربة، وليس من المقبول جعل هذا
الغموض آلية من آليات الاستغلال السياسي. ولذلك لما طالبت البوليساريو
بزيادة المساعدات التي تقدمها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، اشترط
المفوض السامي إحصاء اللاجئين أولا قبل أن يتقرر حجم المساعدات التي يمكن
تقديمها. كما أكد السيد أحمدو ولد سويلم، القيادي السابق في جبهة
البوليساريو، الذي عاد مؤخرا إلى أرض الوطن، أن عدد السكان المحتجزين في
html» تندوف يضخم من قبل البوليساريو للاستفادة من المساعدات. فتدعي أن
عددهم يفوق 160 ألف لاجئ، بينما لا يتجاوز عددهم الحقيقي الـ50 ألفا. كما
صرح بأن هناك متاجرة تطال جزءا مهما من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى
محتجزي » تندوف، وأنه يتم تصريفها في أسواق بعض البلدان المجاورة.
فالإحصاء من قبل جهة دولية ذات مصداقية هو الذي سيمنع في المستقبل استغلال
المساعدات الدولية لاستدامة وإطالة احتجاز لاجئي المخيمات، كما ورد في
تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
2 ـ إن الإحصاء أداة أساسية لعمل المفوضية السامية، فلا يمكن تقييم
الحاجيات الحقيقية في مجال المساعدة الغذائية والإنسانية وتحديدها بدون
معطيات دقيقة ومضبوطة.
3 ـ إن الإحصاء ضروري ليتعبأ المجتمع الدولي بغية وضع نهاية للوضع
الإنساني المأساوي في المخيمات. أما بقاء الشك مخيما على العدد الحقيقي
للاجئين فإنه لا يشجع على تلك التعبئة، وسيجد الكثيرون مبررات للانفضاض
عنه.
4 ـ إن الإحصاء ضروري لمنع استغلال التعتيم على الأرقام الحقيقية
للمحتجزين للتشويش على أي حل مستقبلي، فالذين لا يريدون أن يتوصل إلى حل
في ملف الصحراء المغربية من قوى جهوية ودولية سيستمرون في عرقلة أي إحصاء
للاجئين.
5 ـ إن الإحصاء سيمكن من معرفة كم من أولئك اللاجئين هم، فعلا،
مواطنون منحدرون من الأقاليم الصحراوية المغربية. فهناك كثير من التقارير
تتحدث عن وجود العديد من أبناء الدول الإفريقية جنوب الصحراء يعيشون في
المخيمات طوعا أو كرها أو يعملون كمرتزقة.
6 ـ إن الإحصاء ضروري لمعرفة من هم محتجزون ممن هم لاجئون فعلا، أي
ممن يسكنون المخيمات بطريقة طوعية. فالمعايير الدولية تقضي بإجراء حوار مع
كل لاجئ على حدة ليعبر عن رغبته بحرية، سواء في البقاء لاجئا بالمخيمات أو
في الالتحاق ببلده المغرب في إطار العودة الطوعية أو الاستقرار بمكان آخر
بالخارج. وباختصار، سيمكن ذلك من معرفة من منهم محتجز ومن منهم لاجئ.
وعلى الرغم من مصداقية هذه المبررات، فإن المغرب لم يقم بواجبه طيلة
العقود الماضية تجاه اللاجئين، وقصرت الديبلوماسية المغربية في ذلك بشكل
خطير. ولم يبدأ الاهتمام بالموضوع إلا منذ سنوات معدودة، ولم يوف بعد الحد
الأدنى حقـَّه. وفي هذا الإطار، تقتضي الموضوعية الإشارة إلى القوة غير
المسبوقة لكلمة الممثل المغربي في الدورة الستين للجنة التنفيذية للمفوضية
السامية لشؤون اللاجئين ولكلمة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم
المتحدة أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. ففي الكلمتين،
كانت قضية اللاجئين بتندوف حاضرة بقوة وصراحة. وأظن أن الأمر مرتبط جزئيا
بكون المسؤولين المغربيين من الديبلوماسيين المحترفين، ذوي الخبرة في طرق
عمل المنظمات الدولية وفي ملف الصحراء المغربية. وهما عينا انطلاقا من
كفاءتهما وليس بناء على معايير متقادمة وغير نزيهة مثل المجاملة والقرابة
والصداقة الشخصية وغيرها مما يعتمد أحيانا في العمل الديبلوماسي.
ما هو المطلوب اليوم تجاه قضية اللاجئين؟
إن المغرب يتحمل مسؤولية وطنية وسياسية وإنسانية تجاه اللاجئين.
فهؤلاء مواطنون مغاربة، ولا يجوز التساهل في قضيتهم أو التراخي في الدفاع
عنها، خصوصا وأن هناك تقارير دولية ذات مصداقية تقدم حصيلة سوداء لوضعيتهم
الإنسانية. وإذا كانت الدول تتدخل بقوة لإنجاد مواطن واحد من مواطنيها،
فما بالنا بعشرات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يحتجزون ولا يمكنون
من خيار الرجوع إلى الوطن، ويذاقون الأمرين في ظروف غير إنسانية؟
وبالتالي، فإنه ليس من حق الدولة المغربية أن تتعامل مع الموضوع بوصفه
أمرا بسيطا أو عاديا، ولا أن تتحدث عن اللاجئين في تندوف مثلما تتحدث عن
لاجئين في أي دولة أو قارة أخرى. كما ليس من حقها أن تقف مكتوفة الأيدي
وتترك مواطنيها المحتجزين في تندوف دون خيار ودون مستقبل.
لكن مع الأسف، لا يزال رد فعلنا الرسمي دون الواجب المطلوب بكثير.
ومن هنا، فليس هناك بديل عن أن يأخذ المغرب موقفا جريئا ويرفض
المشاركة في أي مفاوضات مقبلة مع البوليساريو إذا لم يتم إحصاء اللاجئين،
وألا يقبل في ذلك مساومة أو تساهلا، وألا يكتفي بتوجيه النداءات إلى
المجتمع الدولي. لا بد من أن يعلن المغرب عاليا أنه لا يمكن أن يتفاوض
ومواطن مغربي واحد محتجز ضدا على حريته وكرامته.
هذا الموقف القوي هو وحده الذي يمكن أن يحرك الجهات الدولية لتفرض
على مختلف الأطراف ـوخصوصا الدولة المضيفةـ احترام التزاماتها والتقيد
بمقتضيات القانون الدولي للاجئين، لأن كل ما يتحدث عنه من ضغط من قبل
المجتمع الدولي لإجراء الاستفتاء وهْم وخيال، ما لم يكن هناك ضغط حقيقي من
المغرب على المجتمع الدولي. وآنذاك فقط، ستكون لمطالبات المغرب لمفوضية
اللاجئين بالالتزام بمسؤوليتها وإعمال مقتضيات نظامها الأساسي معنى ودور،
وإلا فإن المعاناة ستستمر في المستقبل ولفترات طويلة. ويجب أن ترافق
الإعلانَ الرسميَّ عن هذا الموقف حملة ٌدولية، تبدأ من الأصدقاء
والقريبين، لتصل إلى البعيدين والخصوم، لشرح تلك المعاناة وبسط دوافع
الموقف المغربي المرتقب.
المساء
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب/سعد الدين العثماني
» صدق او لا تصدق : عدد وزراء حكومة العثماني 27 وزيرا و تسريب لائحة الأسماء
» الدين ليس قفصا، الدين باب السماء
» مفاوضات الصحراء انتهت كما بدأت... ولا اختراق في التقريب بين موقفي المغرب و«بوليساريو»
» موقع الحدث العثماني التاريخي في صراعات العالم القديم
» صدق او لا تصدق : عدد وزراء حكومة العثماني 27 وزيرا و تسريب لائحة الأسماء
» الدين ليس قفصا، الدين باب السماء
» مفاوضات الصحراء انتهت كما بدأت... ولا اختراق في التقريب بين موقفي المغرب و«بوليساريو»
» موقع الحدث العثماني التاريخي في صراعات العالم القديم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى