وادي الذئاب../عبد الله الدامون
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وادي الذئاب../عبد الله الدامون
عندما اكتشفنا السينما أول مرة، كانت أفلام الهنود الحمر عشقنا الأول،
وتزاحمنا في طوابير طويلة لكي نشاهد ذلك الصراع المرير بين رعاة البقر
«الطيبين» والهنود «المتوحشين»، وكم تألمنا ونحن نرى الهنود الحمر القساة
يغرزون رماحهم في صدور الأمريكيين الأشاوس. وشربت عقولنا، ونحن في زمن
الصبا، الكثير من الأكاذيب التي لقنتنا إياها السينما. غضبنا لأن العبد
الأسود الشرير كان يتمرد على سيده الأبيض الطيب، وصفقنا لرامبو وهو يطحن
برشاشه العجيب أناسا يشبهوننا، وتمنينا لو أن الرجل الأبيض يدمر كل
حيوانات إفريقيا لأن شبلا جريحا عض ساق زوجته، وتعاطفنا مع ذلك الجندي
الأمريكي الشجاع وهو يذبح قرية فيتنامية بكاملها لسبب لم نكن نعرفه.
بعد ذلك، كبرنا قليلا واعتقدنا أننا صرنا نميز بين الشرير الحقيقي
والطيب الحقيقي. شاهدنا أفلاما أخرى كثيرة عن كل شيء.. عن الحروب والزلازل
والخيال العلمي.. أفلاما كانت، كلها، تكرس شيئا واحدا: الرجل الأبيض،
والأشقر بالخصوص، هو الطيب الوديع، والآخر كيفما كان لونه هو الخبيث
الشرير، وهكذا تمنينا دائما أن يفوز الرجل الأشقر، حتى لو كنا نحن الضحية.
السينما هي القوة الوحيدة في العالم التي تجعلك تتعاطف مع عدوك ضد نفسك.
في أفلام الحرب العالمية الثانية، شاهدنا حتى القرف أفلاما تجعل
الضحايا كلهم من ملة واحدة، وعملت السينما الصهيونية كل ما في وسعها لكي
تقنعنا حتى الثمالة بأن معسكرات الاعتقال النازية كان فيها اليهود فقط.
وبعد ذلك، عرفنا أن تلك المعسكرات ضمت أيضا الكثير من الجنسيات الأخرى،
كان فيها البولونيون والرومانيون والغجر والمعارضون السياسيون الألمان
والنمساويون وآخرون كثيرون، بل إن هتلر كان محاطا وقتها بمستشارين ألمان
يهود. لماذا، إذن، لم يزج بهم في معسكرات الاعتقال؟
في الأفلام السينمائية، سمعنا عن المحرقة أو الهولوكوست آلاف المرات،
وسارت السنوات حتى رأينا المحارق مباشرة أمام أعيننا، لكنها لم تكن هذه
المرة محرقة نازية ضد اليهود، بل محارق إسرائيلية كثيرة ضد الفلسطينيين من
دير ياسين وكفر قاسم حتى جنين وغزة.
ورغم أن تلك المحارق ابتدأت منذ أزيد من 60 عاما، فإن السينما لم
تتحدث عنها. ومن الغريب أنه في الوقت الذي بدأت فيه السينما الصهيونية
تمطر العالم بقصص المحرقة، فإن إسرائيل بدأت على الأرض محارق كثيرة في
فلسطين، وهكذا كان الناس يبكون في السينما على ضحايا المحارق النازية، في
الوقت الذي يقف فيه العالم كالأعمى أمام المحارق الإسرائيلية في فلسطين.
إسرائيل أدركت مبكرا تأثير السينما على العقل البشري، وهي الدولة
الوحيدة التي استغلت هذا الفن لكي تروج لكل ما تريده. ومرة، أنتجت إسرائيل
مسلسلا يحكي عن «المقاومة الإسرائيلية» ضد الاحتلال البريطاني لإسرائيل،
وكان «المقاومون الإسرائيليون» يضعون على أعناقهم الكوفية الفلسطينية.
إسرائيل تجاوزت مرحلة تزوير التاريخ إلى العبث به من دون أن يحاسبها أحد.
وفي هوليود، عاصمة الصناعة السينمائية، كان محرما تماما انتقاد الدور
الصهيوني في تشويه التاريخ وقلب الحقائق. وعندما أدلى الممثل الراحل
مارلون براندو بعبارات تنتقد دور السينما الصهيونية في تزوير التاريخ
الإنساني، فإن اللوبي الصهيوني هدد بمحو اسمه من الذاكرة السينمائية، فصمت
ذلك الممثل البارع لأنه لم يكن يستطيع الصمود وهو في خريف عمره.
اليوم، يبدو طبيعيا أن تغضب إسرائيل من تركيا لأن هذه الأخيرة أنتجت
أفلاما ومسلسلات تنتقد السياسات الصهيونية والمذابح التي يرتكبها الجيش
الإسرائيلي في حق النساء والشيوخ والأطفال، فإسرائيل كانت تعتقد أن
السينما والتلفزيون لها وحدها، ولم تكن تتصور أن الوسيلة التي تمارس بها
الكذب على العالم أصبح من الممكن أن تكون أيضا وسيلة لنقل الحقائق إلى
الناس.
إسرائيل التي تنتقد تركيا وتتوعدها لأنها أنتجت مسلسل «وادي الذئاب»،
تدرك الآن أنها لم تعد تمتلك لوحدها حق استخدام الشاشة لغسل الأدمغة
وتحويل المجرمين إلى ضحايا، لقد كانت تتمنى أن تكون تركيا مثل العرب،
الذين يصبون أموالهم في قنوات «روتانا» والأفلام والمسلسلات التافهة
وأغاني ما بعد منتصف الليل.
المساء
وتزاحمنا في طوابير طويلة لكي نشاهد ذلك الصراع المرير بين رعاة البقر
«الطيبين» والهنود «المتوحشين»، وكم تألمنا ونحن نرى الهنود الحمر القساة
يغرزون رماحهم في صدور الأمريكيين الأشاوس. وشربت عقولنا، ونحن في زمن
الصبا، الكثير من الأكاذيب التي لقنتنا إياها السينما. غضبنا لأن العبد
الأسود الشرير كان يتمرد على سيده الأبيض الطيب، وصفقنا لرامبو وهو يطحن
برشاشه العجيب أناسا يشبهوننا، وتمنينا لو أن الرجل الأبيض يدمر كل
حيوانات إفريقيا لأن شبلا جريحا عض ساق زوجته، وتعاطفنا مع ذلك الجندي
الأمريكي الشجاع وهو يذبح قرية فيتنامية بكاملها لسبب لم نكن نعرفه.
بعد ذلك، كبرنا قليلا واعتقدنا أننا صرنا نميز بين الشرير الحقيقي
والطيب الحقيقي. شاهدنا أفلاما أخرى كثيرة عن كل شيء.. عن الحروب والزلازل
والخيال العلمي.. أفلاما كانت، كلها، تكرس شيئا واحدا: الرجل الأبيض،
والأشقر بالخصوص، هو الطيب الوديع، والآخر كيفما كان لونه هو الخبيث
الشرير، وهكذا تمنينا دائما أن يفوز الرجل الأشقر، حتى لو كنا نحن الضحية.
السينما هي القوة الوحيدة في العالم التي تجعلك تتعاطف مع عدوك ضد نفسك.
في أفلام الحرب العالمية الثانية، شاهدنا حتى القرف أفلاما تجعل
الضحايا كلهم من ملة واحدة، وعملت السينما الصهيونية كل ما في وسعها لكي
تقنعنا حتى الثمالة بأن معسكرات الاعتقال النازية كان فيها اليهود فقط.
وبعد ذلك، عرفنا أن تلك المعسكرات ضمت أيضا الكثير من الجنسيات الأخرى،
كان فيها البولونيون والرومانيون والغجر والمعارضون السياسيون الألمان
والنمساويون وآخرون كثيرون، بل إن هتلر كان محاطا وقتها بمستشارين ألمان
يهود. لماذا، إذن، لم يزج بهم في معسكرات الاعتقال؟
في الأفلام السينمائية، سمعنا عن المحرقة أو الهولوكوست آلاف المرات،
وسارت السنوات حتى رأينا المحارق مباشرة أمام أعيننا، لكنها لم تكن هذه
المرة محرقة نازية ضد اليهود، بل محارق إسرائيلية كثيرة ضد الفلسطينيين من
دير ياسين وكفر قاسم حتى جنين وغزة.
ورغم أن تلك المحارق ابتدأت منذ أزيد من 60 عاما، فإن السينما لم
تتحدث عنها. ومن الغريب أنه في الوقت الذي بدأت فيه السينما الصهيونية
تمطر العالم بقصص المحرقة، فإن إسرائيل بدأت على الأرض محارق كثيرة في
فلسطين، وهكذا كان الناس يبكون في السينما على ضحايا المحارق النازية، في
الوقت الذي يقف فيه العالم كالأعمى أمام المحارق الإسرائيلية في فلسطين.
إسرائيل أدركت مبكرا تأثير السينما على العقل البشري، وهي الدولة
الوحيدة التي استغلت هذا الفن لكي تروج لكل ما تريده. ومرة، أنتجت إسرائيل
مسلسلا يحكي عن «المقاومة الإسرائيلية» ضد الاحتلال البريطاني لإسرائيل،
وكان «المقاومون الإسرائيليون» يضعون على أعناقهم الكوفية الفلسطينية.
إسرائيل تجاوزت مرحلة تزوير التاريخ إلى العبث به من دون أن يحاسبها أحد.
وفي هوليود، عاصمة الصناعة السينمائية، كان محرما تماما انتقاد الدور
الصهيوني في تشويه التاريخ وقلب الحقائق. وعندما أدلى الممثل الراحل
مارلون براندو بعبارات تنتقد دور السينما الصهيونية في تزوير التاريخ
الإنساني، فإن اللوبي الصهيوني هدد بمحو اسمه من الذاكرة السينمائية، فصمت
ذلك الممثل البارع لأنه لم يكن يستطيع الصمود وهو في خريف عمره.
اليوم، يبدو طبيعيا أن تغضب إسرائيل من تركيا لأن هذه الأخيرة أنتجت
أفلاما ومسلسلات تنتقد السياسات الصهيونية والمذابح التي يرتكبها الجيش
الإسرائيلي في حق النساء والشيوخ والأطفال، فإسرائيل كانت تعتقد أن
السينما والتلفزيون لها وحدها، ولم تكن تتصور أن الوسيلة التي تمارس بها
الكذب على العالم أصبح من الممكن أن تكون أيضا وسيلة لنقل الحقائق إلى
الناس.
إسرائيل التي تنتقد تركيا وتتوعدها لأنها أنتجت مسلسل «وادي الذئاب»،
تدرك الآن أنها لم تعد تمتلك لوحدها حق استخدام الشاشة لغسل الأدمغة
وتحويل المجرمين إلى ضحايا، لقد كانت تتمنى أن تكون تركيا مثل العرب،
الذين يصبون أموالهم في قنوات «روتانا» والأفلام والمسلسلات التافهة
وأغاني ما بعد منتصف الليل.
المساء
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: وادي الذئاب../عبد الله الدامون
Mon frèreBONSOIR. votre description pour le role du cinema americain financè et guidè par le loby sioniste dans le lavage des cerveaux de l'ètre arabe en gènèral est très juste et detaillè au point de vous attirer les ennuies .Je vous en fèlicite et je vous demande de continuer de nous èclairer sur de tels sujet.Seulement je veux vous signaler que ce n'est pas oued addeab qui a attirè les foudres d'Isreal sur la Turquie mais un autre feuilleton dont je ne me rappèlle pas le nom
marou15- عدد الرسائل : 15
العمر : 30
تاريخ التسجيل : 10/01/2010
رد: وادي الذئاب../عبد الله الدامون
شكرا على هذا المجهود
achaouia_ma- عدد الرسائل : 1
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 06/04/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى