«فيلم اشتراكية» لغودار: فلسطين وأمور مهمة أخرى في البال
صفحة 1 من اصل 1
«فيلم اشتراكية» لغودار: فلسطين وأمور مهمة أخرى في البال
تحبه أو لا تحبه، تفهمه أو لا تفهمه... تبقى حتى نهاية العرض أو تترك
الصالة ناقماً أو منهكاً أو لا مبالياً... كل هذا لا يهم! المهم مع فيلم
لغودار أن تدخل منطقه أو لا تدخله. وهذا الفيلم الجديد لغودار المقترب من
عامه الثمانين لا يشذ عن القاعدة. هو فيلم يماثل الثلاثة أو الأربعة
الأخيرة التي حققها: فيلم توليف يكاد أن يقول رؤيته الى عالم يتغير. لكنه
هنا يبدو ميالاً الى تشظٍ أكثر، الى توليف أكثر كثافة، وربما أكثر من هذا
كله: إعلان نهاية ما لتاريخ صار، بالنسبة إليه جزءاً من الجغرافيا. تاريخ
ألوف الأعوام لخّصه جان - لوك غودار في أقل من ساعتين سينمائيتين محيرتين.
أراد أن يقول هنا اشياء كثيرة، بل ربما كل شيء ايضاً. بدت الأمور مختلطة،
والفيلم الذي حاول ألا ينسى شيئاً من الحضارة الفرعونية الى فلسطين ومن
الاستعمار الى الحروب، ومن تاريخ السينما الى نجيب محفوظ الى بلزاك الى
سيمون فيل ووالتر بنجامين والرياضة وخيبات الأمل، بدا خلال ثلثي ساعة انه
نسي ما كان يقوله. نسي رحلته البحرية عبر مدن المتوسط، ليغرق في حكاية
فرنسية جنوبية فيها محطة بنزين وكاراج وعائلة وطفلان وانتخابات مجالس
بلدية وكاميرا محلية تصور هذا كله في نشرة أخبار محلية هي الأخرى... ولكن
لا... واضح ان غودار لم ينسَ شيئاً بل عاد الى الرحلة البحرية. عاد الى
مكان الإسلام في العالم. عاد الى الحروب والسجالات الكبرى. عاد الى
اليونان حيث اختلطت الديموقراطية بالتراجيديا للمرة الأولى. عاد الى
السينما وإلى إيزنشتاين، لينهي فيلمه بعبارة واحدة تكاد أن تقول كل شيء:
«لا تعليق».
هل هذا تلخيص للفيلم؟ على الإطلاق. فيلم لغودار لا يُلَخص. فيلم لغودار
يُشاهد ويُسمع. والرجل لا يدعونا الى الفهم. لا يدعونا الى حب الفيلم. فقط
يحوّل فيلمه الى عدوى. الى دعوة؟ دعوة
الى التفكير، والتفكير التركيبي
خصوصاً. والمهمة صعبة بالتأكيد. احياناً تكون اصعب على المتفرج منها على
المبدع. هنا ايضاً لا يشذ «فيلم اشتراكية» (وهذا هو اسم الفيلم الذي كان
حدث الأمس في مهرجان «كان» سلباً أو إيجاباً) عن القاعدة الغودارية: تحب
أو لا تحب، تفهم أو لا تفهم، لكن المهم قبل كل شيء أن كثراً سيقولون بعد
زمن ان غودار ربما قال عن فلسطين في فيلمه هذا ما لم تقله مئات الأفلام
السابقة عن فلسطين وعن غيرها. ولكن عن فلسطين خصوصاً، عن وعد بلفور، عن
الأسطول البريطاني الذي سبق اليهود الى فلسطين، عن اول صور التقطت لها، عن
فلسطين التي تمنع إسرائيل الوصول إليها، عن فلسطين محمود درويش. اي عن
جوهر القضية من دون تحديد دقيق لوجهة النظر. فنحن هنا في حضرة غودار، الذي
لم يتوقف منذ أكثر من ثلث قرن عن طرح اسئلته الحائرة حول فلسطين... حول
السينما، حول الاشتراكية، حول زماننا، من دون ان يزعم حقاً انه حصل على
أجوبة. هل هذا صحيح مع هذا الماكر الأبدي؟ ترى أوليس في اختتام غودار
فيلمه الجديد هذا بعبارة «لا تعليق» معان تتجاوز كل تعليق؟
في اختصار، فيلم «اشتراكية» وصيته كبيرة، تغيظ أحياناً وتحبط في أحيان
أخرى من فنان كبير يعرف كيف ينظر الى العالم، كيف يسائله وكيف يحوّل ذلك
كله صوراً تعلّق، تحرّض، وتشكل ما يشبه العدوى... الفكرية على الأقل.
الحياة
الثلاثاء, 18 مايو 2010
كان (جنوب فرنسا) - ابراهيم العريس
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
مواضيع مماثلة
» كاميرة هاتفك ليست للتصوير فقط | تعرف على عدة أشياء مهمة أخرى تقوم بها
» صلاة الاستخارة .. حكمها - وكيفية صلاتها - وتنبيهات وأمور هامة
» امْرأة في البال
» المعطي البيضاوي
» في البال اغنية : قطار الحياة
» صلاة الاستخارة .. حكمها - وكيفية صلاتها - وتنبيهات وأمور هامة
» امْرأة في البال
» المعطي البيضاوي
» في البال اغنية : قطار الحياة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى