زمــن الــبــصــاصــين / بديعة الراضي
صفحة 1 من اصل 1
زمــن الــبــصــاصــين / بديعة الراضي
خذ قلمك واكتب،
اكتب ما شئت، قل أننا انتهينا وأن نجمك سطع ليضيء فضاء الوطن البئيس، واكتب
ووضح بالبنط العريض أن هؤلاء الذين مازالوا يعانون من أمراض مزمنة في
مفاصلهم من شدة برودة الزنازن بأرقام وبدونها، هم مجرد نتاج لمرحلة انتهت،
لتركب أنت مكاسبها، مسار بكامله وضعته في أرشيفك وبوعي وبدونه وضعت جسمك
فوق ركامه، ثم نهضت ووضعت رجليك الغليظتين ورقصت كما يحلو لك، ملبيا رغبة
من وضعوا رصيدهم المادي تحت إشارتك، واكتب ولا تبالي، قل إنّ المارين من
حولك سيجتمعون في صباح مظلم على طاولتك الذهبية، العاجية، المركبة في إحدى
دولنا المجاورة، واكتب ولا تأبه فأنت السيد وعصاك المصنوعة بمواد آتية من
الفوق الجاثم فوق صدورنا، ستنهال علينا مرات ومرات، اكتب واضرب بيديك
ورجليك وقلمك الهستيري، ولتكن ضربتك قوية تشهيرية حد الدخول إلى غرف نومنا،
وأماكن تبولنا، اكتب فالكتابة لم تعد حكراً على المنغمسين في مخاضها، ولا
على المحترقين بمرجعيتها وتداعياتها، اكتب في زمن «الكتبة» المنتعشين في
غمامة فقهاء المرحلة التواقين إلى التقرب من دوائر صناعة القرار، اكتب فأنت
تعرف أنك مجرد «صوت سيده» ، حيث يتحول السيد إلى أسياد وكلما اتسعت
الدائرة، كلما امتلأت جعبتك بمزيد من المغالطات، وأصبحت إمبراطوريتك محمية
بأياد مختلفة تمنع من سقوطك في الوحل الذي ترسمه كل صباح، اكتب، فالكتابة
عندك ليست تأملا في وضع جهوي ولا إقليمي ولا دولي ولا وطني، اكتب ولا تسأل
من أنت؟ ولماذا تكتب؟ ولمن تكتب؟ فكل هذه الأسئلة سيكون لها جواب مؤجل،
وليس ضروريا أن تصدع مسامعك بانتقادات من هنا وهناك فأنت تعرف هدفك، وعصاك
الصباحية تقول: «أني أرى رؤوسا قد أينعت...«.
اكتب فسيدك أو أسيادك، الواقعيون والمفترضون، لن يحسوا في يوم بيقظة ضمير
وهم يؤسسوا بالفعل والقوة لكل هذا التمزق الذي أذهب العقول وألقى بها في
المزبلة، ويحتفلون ويدعمون نشطاء كل هذا التدمير الآتي على كل ما تبقى،
اكتب فاللوم ليس عليك، أيها الواهم القادم من أفعال من دمروك ووضعوك في
زنزانة الحياة تبحث عن منقذ، ولا مجيب. تلك هي عقدتك، وهذه ردودك، فاكتب،
بالتفجع الكاذب، بالهدم تلو الهدم، اكتب، تلك هي لغتك المتوجة لمسار عشته
وخلق منك كل هذا الضياع الذي أدخلت وطنا بكامله فيه، باسم الشعب البئيس،
متاجراً به بقلم «بياعي الكلام» الذين لا يجدون حرجا في تلبيس كمين كما قال
صاحب «الحداثة المعطوبة» : «هم مولوعون بالهدم، راضون بالخطاب حين تشاء
الظروف وبالطاعة لمن كان بدون طاعة من قبلهم، ابتعاد الغانمين من فقر وجهل
شعوبهم، وهم يدركون أن الشعب لا يفهم ما ينتجون ولا ما يرصدون، يكتفون
بالنظر كلما بدا الأمر مفروضا، لكنهم في الأحوال كلها، يضرمون النيران كي
لا تبقى للفكرة رائحة سوى الشواظ...».
اكتب أيها القلم المتاجر حد التصدع والهوس وجنون الذات والنرجسية
والتقوقع، فالفضاء فضاؤك والزمن زمانك، ارقص فوق أجساد ماتت وأخرى تئن، فلا
مكان للشرف والكرامة والفضيلة في مرجعيتك، لطخ الفضاء الذي كان ملكا
للشهداء والشرفاء والملتزمين حد الصمت على رعونتك، ونعراتك، واسرق جهودنا،
اسرق تاريخنا، فالزمن الرديء أعطاك الحق في الدوس على الوطن باسم وطن من
أوراق سلموها إليك في مكتبك المبني بالإسمنت والأجور بعيد عشية تناولت فيها
عشاء مع أحد التواقين إلى تسليط تسلطهم على رقابنا...
اكتب، فكتاباتك لن يسجلها التاريخ الحقيقي لهذا البلد، سترمى في بقايا
الأرشيفات السرية، مع تقارير «البصاصين» هنا وهناك، ليكون مآلها الحرق
بنيران هبت في ليلة مظلمة من إحدى الثقب غير المغلقة.
اكتب أيها الباحث عن طريق مجهول، لايهمك العثور على اسم له، بقدر ما يهمك
كل هذا الدمار من أجل الاغتناء بطرق غير مشروعة، مثل بيع الكيف والحشيش
و»الشمة» لشباب أزقتنا المظلمة.
الاتحاد الاشتراكي
28-7-2010
اكتب ما شئت، قل أننا انتهينا وأن نجمك سطع ليضيء فضاء الوطن البئيس، واكتب
ووضح بالبنط العريض أن هؤلاء الذين مازالوا يعانون من أمراض مزمنة في
مفاصلهم من شدة برودة الزنازن بأرقام وبدونها، هم مجرد نتاج لمرحلة انتهت،
لتركب أنت مكاسبها، مسار بكامله وضعته في أرشيفك وبوعي وبدونه وضعت جسمك
فوق ركامه، ثم نهضت ووضعت رجليك الغليظتين ورقصت كما يحلو لك، ملبيا رغبة
من وضعوا رصيدهم المادي تحت إشارتك، واكتب ولا تبالي، قل إنّ المارين من
حولك سيجتمعون في صباح مظلم على طاولتك الذهبية، العاجية، المركبة في إحدى
دولنا المجاورة، واكتب ولا تأبه فأنت السيد وعصاك المصنوعة بمواد آتية من
الفوق الجاثم فوق صدورنا، ستنهال علينا مرات ومرات، اكتب واضرب بيديك
ورجليك وقلمك الهستيري، ولتكن ضربتك قوية تشهيرية حد الدخول إلى غرف نومنا،
وأماكن تبولنا، اكتب فالكتابة لم تعد حكراً على المنغمسين في مخاضها، ولا
على المحترقين بمرجعيتها وتداعياتها، اكتب في زمن «الكتبة» المنتعشين في
غمامة فقهاء المرحلة التواقين إلى التقرب من دوائر صناعة القرار، اكتب فأنت
تعرف أنك مجرد «صوت سيده» ، حيث يتحول السيد إلى أسياد وكلما اتسعت
الدائرة، كلما امتلأت جعبتك بمزيد من المغالطات، وأصبحت إمبراطوريتك محمية
بأياد مختلفة تمنع من سقوطك في الوحل الذي ترسمه كل صباح، اكتب، فالكتابة
عندك ليست تأملا في وضع جهوي ولا إقليمي ولا دولي ولا وطني، اكتب ولا تسأل
من أنت؟ ولماذا تكتب؟ ولمن تكتب؟ فكل هذه الأسئلة سيكون لها جواب مؤجل،
وليس ضروريا أن تصدع مسامعك بانتقادات من هنا وهناك فأنت تعرف هدفك، وعصاك
الصباحية تقول: «أني أرى رؤوسا قد أينعت...«.
اكتب فسيدك أو أسيادك، الواقعيون والمفترضون، لن يحسوا في يوم بيقظة ضمير
وهم يؤسسوا بالفعل والقوة لكل هذا التمزق الذي أذهب العقول وألقى بها في
المزبلة، ويحتفلون ويدعمون نشطاء كل هذا التدمير الآتي على كل ما تبقى،
اكتب فاللوم ليس عليك، أيها الواهم القادم من أفعال من دمروك ووضعوك في
زنزانة الحياة تبحث عن منقذ، ولا مجيب. تلك هي عقدتك، وهذه ردودك، فاكتب،
بالتفجع الكاذب، بالهدم تلو الهدم، اكتب، تلك هي لغتك المتوجة لمسار عشته
وخلق منك كل هذا الضياع الذي أدخلت وطنا بكامله فيه، باسم الشعب البئيس،
متاجراً به بقلم «بياعي الكلام» الذين لا يجدون حرجا في تلبيس كمين كما قال
صاحب «الحداثة المعطوبة» : «هم مولوعون بالهدم، راضون بالخطاب حين تشاء
الظروف وبالطاعة لمن كان بدون طاعة من قبلهم، ابتعاد الغانمين من فقر وجهل
شعوبهم، وهم يدركون أن الشعب لا يفهم ما ينتجون ولا ما يرصدون، يكتفون
بالنظر كلما بدا الأمر مفروضا، لكنهم في الأحوال كلها، يضرمون النيران كي
لا تبقى للفكرة رائحة سوى الشواظ...».
اكتب أيها القلم المتاجر حد التصدع والهوس وجنون الذات والنرجسية
والتقوقع، فالفضاء فضاؤك والزمن زمانك، ارقص فوق أجساد ماتت وأخرى تئن، فلا
مكان للشرف والكرامة والفضيلة في مرجعيتك، لطخ الفضاء الذي كان ملكا
للشهداء والشرفاء والملتزمين حد الصمت على رعونتك، ونعراتك، واسرق جهودنا،
اسرق تاريخنا، فالزمن الرديء أعطاك الحق في الدوس على الوطن باسم وطن من
أوراق سلموها إليك في مكتبك المبني بالإسمنت والأجور بعيد عشية تناولت فيها
عشاء مع أحد التواقين إلى تسليط تسلطهم على رقابنا...
اكتب، فكتاباتك لن يسجلها التاريخ الحقيقي لهذا البلد، سترمى في بقايا
الأرشيفات السرية، مع تقارير «البصاصين» هنا وهناك، ليكون مآلها الحرق
بنيران هبت في ليلة مظلمة من إحدى الثقب غير المغلقة.
اكتب أيها الباحث عن طريق مجهول، لايهمك العثور على اسم له، بقدر ما يهمك
كل هذا الدمار من أجل الاغتناء بطرق غير مشروعة، مثل بيع الكيف والحشيش
و»الشمة» لشباب أزقتنا المظلمة.
الاتحاد الاشتراكي
28-7-2010
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 65
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مواضيع مماثلة
» قبل أقل من شهرين عن الإستحقاقات التشريعية زوبعة في ملعب اليسار !!
» عيد ميلاد بديعة
» بديعة بنت احمد
» عيد ميلاد سعيد بديعة
» رحمة بنت سي علي بن الراضي أكرادة في ذمة الله
» عيد ميلاد بديعة
» بديعة بنت احمد
» عيد ميلاد سعيد بديعة
» رحمة بنت سي علي بن الراضي أكرادة في ذمة الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى