الصعود إلى أسفل!
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الصعود إلى أسفل!
شَكَّلَت ندرة المساحات وضيقها على الارض معظم الاسباب التي أدّت بالانسان
الى اقامة الابنية «الطوابقية» بشكل عمودي، حتى الوصول الى ما يُعرف
بناطحات السحاب، وغيرها من المنشآت والعمارات «النطاحة»!
ثم كدّ
الانسان وجدّ واجتهد، فصاغ النظريات الهندسية، وابتكر الوسائل والحلول
التقنية ليتوصل الى تركيب مواد للبناء قادرة على تحمّل منسوب الارتفاعات
الشاهقة وتحدّي قانون الجاذبية، وذلك على حساب أعراف وقوانين الذوق
والبيئة والجمال وما يعادلها من صفات ومواصفات أصبحت اليوم من الذكريات،
ومن مرويّات «كان زمان» حيث تغيّرت مقولة: «الماء والخضراء والشكل
الحسَن»، لتحلّ محلها مقولة: «البناء والفضاء والبُرج الحَسَن»! وباتت بعض
صفحات موسوعة «غينيس» للارقام القياسية تقتات وتعيش على العديد من هذه
«الظواهر الخوازيقيّة» الهائلة الارتفاع! التي جعلت أطوال المآذن وقامات
النخيل مجرد عيدان صغيرة قصيرة، تحتمي منزوية على خاصرات وجنبات و«أقفية»
العمارات العملاقة!
ورغم وفرة المساحات الشاسعة في بلادنا، ورحابتها
الأفقية على كامل ما يطوله ويتطاول إليه النظر، فإننا ما زلنا عن سابق
تصوّر وترصّد وتصميم ونكاية، نجري لاهثين وراء رفع وبناء «الابراج»،
منخرطين بذلك في تقليد اعمى للغرب، الذي بنى وشاد منشآته مرتكزاً على
ضروراته ومحيطه ومتطلباته. أما نحن، فقد غرقنا في ثقافة «الباطون المسلّح»
والشقق الكبريتية المعلبة.
ومنذ زمن، كانت المنازل والبيوت والدور
والخيام متصالحة مع الارض، ومتآلفة مع بيئتها، ومع كل ما أحاط بها من
موجودات. وكانت على حوار دائم مع الطبيعة بمختلف أشكالها وتقلباتها
وتنوّعاتها: رملية، صخرية، جبلية، ساحلية، صحراوية... وكانت تترامى
بحميمية، وتتراصف بإلفة ووداد، حتى لكأن الحياة بنهج مسارها كانت «أفقية»
متماشية ومنسجمة مع طبيعة أرضنا، واندياح المدى فيها، ثم أردنا اليوم باسم
«الحداثة» أن نجعلها «عمودية»! مع أننا - وبامتياز - من ورثة «الانسياب
الافقي»، لكننا لم نستطع أن نرقى ونسمو بحبنا للارض، ومن تسخير فنون
التكنولوجيا في سبيل ايجاد علاقة معها تكون أفضل وأكمل وأجمل.
يقول الكاتب العالمي كافكا: «لا ينمو الانسان من تحت الى فوق. بل ينمو ويتطور من الداخل الى الخارج».
فيا
أيها الاخوة في الرمل والتراب، وفي نطْح السحاب، آن لنا أن ننظر الى
المسائل والقضايا... وخصوصا «الإعمار»، من «جوّا لَبَرَّا»، وليس من «تحت
لفوق»!
وإذا كانت الارتفاعات، هي من مفردات وَهْم الهروب والابتعاد عن
الارض، وتلافي ملامسة التراب، مخافة «المثوى الاخير»، فإنّ الأجل آتٍ لا
ريب فيه، على الجميع من: مهندسين، وملاكين ومستأجرين، ولو كانوا في بروج
مشيّدة، وبنايات مزجّجة، وعمارات بالحديد مُدجّجة!
د. غازي قهوجي
الى اقامة الابنية «الطوابقية» بشكل عمودي، حتى الوصول الى ما يُعرف
بناطحات السحاب، وغيرها من المنشآت والعمارات «النطاحة»!
ثم كدّ
الانسان وجدّ واجتهد، فصاغ النظريات الهندسية، وابتكر الوسائل والحلول
التقنية ليتوصل الى تركيب مواد للبناء قادرة على تحمّل منسوب الارتفاعات
الشاهقة وتحدّي قانون الجاذبية، وذلك على حساب أعراف وقوانين الذوق
والبيئة والجمال وما يعادلها من صفات ومواصفات أصبحت اليوم من الذكريات،
ومن مرويّات «كان زمان» حيث تغيّرت مقولة: «الماء والخضراء والشكل
الحسَن»، لتحلّ محلها مقولة: «البناء والفضاء والبُرج الحَسَن»! وباتت بعض
صفحات موسوعة «غينيس» للارقام القياسية تقتات وتعيش على العديد من هذه
«الظواهر الخوازيقيّة» الهائلة الارتفاع! التي جعلت أطوال المآذن وقامات
النخيل مجرد عيدان صغيرة قصيرة، تحتمي منزوية على خاصرات وجنبات و«أقفية»
العمارات العملاقة!
ورغم وفرة المساحات الشاسعة في بلادنا، ورحابتها
الأفقية على كامل ما يطوله ويتطاول إليه النظر، فإننا ما زلنا عن سابق
تصوّر وترصّد وتصميم ونكاية، نجري لاهثين وراء رفع وبناء «الابراج»،
منخرطين بذلك في تقليد اعمى للغرب، الذي بنى وشاد منشآته مرتكزاً على
ضروراته ومحيطه ومتطلباته. أما نحن، فقد غرقنا في ثقافة «الباطون المسلّح»
والشقق الكبريتية المعلبة.
ومنذ زمن، كانت المنازل والبيوت والدور
والخيام متصالحة مع الارض، ومتآلفة مع بيئتها، ومع كل ما أحاط بها من
موجودات. وكانت على حوار دائم مع الطبيعة بمختلف أشكالها وتقلباتها
وتنوّعاتها: رملية، صخرية، جبلية، ساحلية، صحراوية... وكانت تترامى
بحميمية، وتتراصف بإلفة ووداد، حتى لكأن الحياة بنهج مسارها كانت «أفقية»
متماشية ومنسجمة مع طبيعة أرضنا، واندياح المدى فيها، ثم أردنا اليوم باسم
«الحداثة» أن نجعلها «عمودية»! مع أننا - وبامتياز - من ورثة «الانسياب
الافقي»، لكننا لم نستطع أن نرقى ونسمو بحبنا للارض، ومن تسخير فنون
التكنولوجيا في سبيل ايجاد علاقة معها تكون أفضل وأكمل وأجمل.
يقول الكاتب العالمي كافكا: «لا ينمو الانسان من تحت الى فوق. بل ينمو ويتطور من الداخل الى الخارج».
فيا
أيها الاخوة في الرمل والتراب، وفي نطْح السحاب، آن لنا أن ننظر الى
المسائل والقضايا... وخصوصا «الإعمار»، من «جوّا لَبَرَّا»، وليس من «تحت
لفوق»!
وإذا كانت الارتفاعات، هي من مفردات وَهْم الهروب والابتعاد عن
الارض، وتلافي ملامسة التراب، مخافة «المثوى الاخير»، فإنّ الأجل آتٍ لا
ريب فيه، على الجميع من: مهندسين، وملاكين ومستأجرين، ولو كانوا في بروج
مشيّدة، وبنايات مزجّجة، وعمارات بالحديد مُدجّجة!
د. غازي قهوجي
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: الصعود إلى أسفل!
ياريت يلقى الدكتور غازي قهوجي آذان صاغية قبل أ ن نجد أنفسنا محاصرين في علب إسمنتية بدون مساحات خضراء
آمال- عدد الرسائل : 610
العمر : 50
Localisation : وزان
تاريخ التسجيل : 23/09/2010
رد: الصعود إلى أسفل!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عندما سأل عن وقت قيام الساعة
ولكن سأحدثك عن أشراطها -٨فذكرمنها - واذا تطاول رعاء البهائم في البنيان فذالك من أشراطها
وهذا ما نشاهده في عصرنا
ولكن سأحدثك عن أشراطها -٨فذكرمنها - واذا تطاول رعاء البهائم في البنيان فذالك من أشراطها
وهذا ما نشاهده في عصرنا
elbouari_tetouan- عدد الرسائل : 673
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 12/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى