معدل النمو الطبيعي للسكان ينخفض إلى 1.32 في المائة بالمغرب
صفحة 1 من اصل 1
معدل النمو الطبيعي للسكان ينخفض إلى 1.32 في المائة بالمغرب
كشف البحث الوطني الديمغرافي أن معدل النمو الطبيعي في المغرب عرف انخفاضا كبيرا منذ ستينيات القرن الماضي..
إذ انتقل من 2.7 في المائة إلى 1.32 في المائة سنة 2010، بفعل الانخفاض في
الولادات والهجرة الدولية، التي تمتص تيارا صافيا يقدر بحوالي 86 ألف شخص،
أي ما يعادل ناقص2.7 في الألف، وأن عدد سكان المغرب لم يرتفع إلا بمعدل
1.05 في المائة سنة 2010 .
وسجل البحث الوطني الديمغرافي، الذي
أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في الفترة ما بين ماي 2009 وغشت 2010،
باستجواب 105 آلاف أسرة، تشكل عينة لمجموع السكان المغاربة، أن مستوى
وفيات الأطفال والأمهات، حاليا، مرتفع نسبيا، إلا أنه بدأ يعرف توجها نحو
الانخفاض، إذ انتقل من 149 في الألف، سنة 1962، إلى 30 في الألف سنة 2010.
كما سجل انخفاض شديد للخصوبة إلى ما تحت عتبة تجديد الأجيال (2.1 طفل لكل
امرأة)، إذ بلغ مؤشر الخصوبة 2.46، سنة 2004، لينخفض في ظرف 6 سنوات
بوتيرة قوية، ناهزت 2 في المائة سنويا.
ويرجع هذا التطور، حسب
البحث الوطني، إلى التحولات، التي تعرفها البيئة السوسيواقتصادية،
والتحولات في منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية.
وفي ما يتعلق
بالتحولات الزواجية، قال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، خلال
تقديمه للبحث الوطني الديمغرافي 2009-2010، في لقاء عقده أمس الاثنين
بالرباط، إن سن الزواج الأول تراجع بشكل كبير في غضون 50 سنة الأخيرة،
مسجلا أن النساء تزوجن سنة 2010 في متوسط سن 26.2، والرجال في سن 31.4،
متأخرين بمعدل 9.3 سنوات و7.5 سنوات، على التوالي، مقارنة بسنة 1960.
وكشف
البحث الوطني أن متوسط سن الزواج الأول في الوسط الحضري يزيد عن نظيره في
الوسط القروي، كيفما كان الجنس، إذ أن الرجال القرويين يتزوجون في المتوسط
سنتين ونصف قبل نظرائهم الحضريين، على التوالي 30 و32.5 سنة، والنساء
القرويات 1.8 سنة قبل نظيراتهن الحضريات، على التوالي 25.6 و27.4 سنة.
وتوجد
حاليا ضمن النساء، اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة، من 9 إلى 10
عازبات، أي أن واحدة فقط هي المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية، ما
يعني، حسب البحث الوطني، أن 150 ألف مغربية يوجدن في هذا الوضع سنة 2010،
بينهن 120 ألفا يتراوح سنهن بين 18 و19 سنة، و 30 ألفا تزوجن دون السن
القانوني.
وفي ما يتعلق بالعزوبة، أفاد الحليمي أن هناك 61.4 في
المائة من النساء العازبات بالنسبة للفئة العمرية بين 20 و24 سنة، و28.9
في المائة بالنسبة للواتي يتراوح سنهن بين 30 و34 سنة، مشيرا إلى أن هذه
السنين ترتفع أكثر لدى الرجال، بنسبة 99.6 في المائة بالنسبة للذين تتراوح
أعمارهم بين 15 و19 سنة، و93.3 في المائة بالنسبة لفئة 20 و24 سنة، و42 في
المائة بالنسبة لفئة 30 و34 سنة، واعتبر الحليمي هذا المعطى مؤشرا ينم عن
ارتفاع متواصل، يكرس التطور الحاصل منذ الستينيات.
وكشف البحث
الوطني أن إطالة العزوبة تعني النساء والرجال على حد سواء، إذ أصبح الزواج
أقل فأقل عالمية، مسجلا أن نسبة العازبين البالغين 50 سنة بلغت عام 2010،
5.8 في المائة، بالنسبة للرجال، و6.7 في المائة بالنسبة للنساء، ما يعني
أن النسبة تضاعفت عما كانت عليه سنة 1994 مرتين بالنسبة للرجال، و7 مرات
بالنسبة للنساء. وعزا ذلك لأسباب اقتصادية أو مرتبطة بالهجرة.
وبخصوص
زواج الأقارب، سجل البحث الوطني أنه تراجع من معدل 33 في المائة سنة 1987
إلى 21 في المائة سنة 2010 ، وشمل هذا التراجع الوسطين القروي والحضري على
حد سواء.
وأوضح الحليمي أن انخفاض الزواج بالأقارب يرافقه تراجع
للطلاق، مشيرا إلى أن ثلث الزيجات، خلال سنوات الستينيات، كان ينتهي
بالطلاق، وحاليا، لم يعد سوى واحد من عشرة، وأن هذه النسبة تكاد تتشابه في
الوسطين القروي والحضري.
وأبرز المندوب السامي أن نسبة الطلاق
ترتفع بشكل كبير خلال الفترة الحرجة للخمس سنوات الأولى من الزواج، ثم
تنخفض تدريجيا مع المدة، لتبلغ مستويات منخفضة، تناهز 3 في المائة، بعد
مرور 20 سنة على الزواج.
المغربية
15-مارس 2011
إذ انتقل من 2.7 في المائة إلى 1.32 في المائة سنة 2010، بفعل الانخفاض في
الولادات والهجرة الدولية، التي تمتص تيارا صافيا يقدر بحوالي 86 ألف شخص،
أي ما يعادل ناقص2.7 في الألف، وأن عدد سكان المغرب لم يرتفع إلا بمعدل
1.05 في المائة سنة 2010 .
وسجل البحث الوطني الديمغرافي، الذي
أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في الفترة ما بين ماي 2009 وغشت 2010،
باستجواب 105 آلاف أسرة، تشكل عينة لمجموع السكان المغاربة، أن مستوى
وفيات الأطفال والأمهات، حاليا، مرتفع نسبيا، إلا أنه بدأ يعرف توجها نحو
الانخفاض، إذ انتقل من 149 في الألف، سنة 1962، إلى 30 في الألف سنة 2010.
كما سجل انخفاض شديد للخصوبة إلى ما تحت عتبة تجديد الأجيال (2.1 طفل لكل
امرأة)، إذ بلغ مؤشر الخصوبة 2.46، سنة 2004، لينخفض في ظرف 6 سنوات
بوتيرة قوية، ناهزت 2 في المائة سنويا.
ويرجع هذا التطور، حسب
البحث الوطني، إلى التحولات، التي تعرفها البيئة السوسيواقتصادية،
والتحولات في منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية.
وفي ما يتعلق
بالتحولات الزواجية، قال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، خلال
تقديمه للبحث الوطني الديمغرافي 2009-2010، في لقاء عقده أمس الاثنين
بالرباط، إن سن الزواج الأول تراجع بشكل كبير في غضون 50 سنة الأخيرة،
مسجلا أن النساء تزوجن سنة 2010 في متوسط سن 26.2، والرجال في سن 31.4،
متأخرين بمعدل 9.3 سنوات و7.5 سنوات، على التوالي، مقارنة بسنة 1960.
وكشف
البحث الوطني أن متوسط سن الزواج الأول في الوسط الحضري يزيد عن نظيره في
الوسط القروي، كيفما كان الجنس، إذ أن الرجال القرويين يتزوجون في المتوسط
سنتين ونصف قبل نظرائهم الحضريين، على التوالي 30 و32.5 سنة، والنساء
القرويات 1.8 سنة قبل نظيراتهن الحضريات، على التوالي 25.6 و27.4 سنة.
وتوجد
حاليا ضمن النساء، اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة، من 9 إلى 10
عازبات، أي أن واحدة فقط هي المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية، ما
يعني، حسب البحث الوطني، أن 150 ألف مغربية يوجدن في هذا الوضع سنة 2010،
بينهن 120 ألفا يتراوح سنهن بين 18 و19 سنة، و 30 ألفا تزوجن دون السن
القانوني.
وفي ما يتعلق بالعزوبة، أفاد الحليمي أن هناك 61.4 في
المائة من النساء العازبات بالنسبة للفئة العمرية بين 20 و24 سنة، و28.9
في المائة بالنسبة للواتي يتراوح سنهن بين 30 و34 سنة، مشيرا إلى أن هذه
السنين ترتفع أكثر لدى الرجال، بنسبة 99.6 في المائة بالنسبة للذين تتراوح
أعمارهم بين 15 و19 سنة، و93.3 في المائة بالنسبة لفئة 20 و24 سنة، و42 في
المائة بالنسبة لفئة 30 و34 سنة، واعتبر الحليمي هذا المعطى مؤشرا ينم عن
ارتفاع متواصل، يكرس التطور الحاصل منذ الستينيات.
وكشف البحث
الوطني أن إطالة العزوبة تعني النساء والرجال على حد سواء، إذ أصبح الزواج
أقل فأقل عالمية، مسجلا أن نسبة العازبين البالغين 50 سنة بلغت عام 2010،
5.8 في المائة، بالنسبة للرجال، و6.7 في المائة بالنسبة للنساء، ما يعني
أن النسبة تضاعفت عما كانت عليه سنة 1994 مرتين بالنسبة للرجال، و7 مرات
بالنسبة للنساء. وعزا ذلك لأسباب اقتصادية أو مرتبطة بالهجرة.
وبخصوص
زواج الأقارب، سجل البحث الوطني أنه تراجع من معدل 33 في المائة سنة 1987
إلى 21 في المائة سنة 2010 ، وشمل هذا التراجع الوسطين القروي والحضري على
حد سواء.
وأوضح الحليمي أن انخفاض الزواج بالأقارب يرافقه تراجع
للطلاق، مشيرا إلى أن ثلث الزيجات، خلال سنوات الستينيات، كان ينتهي
بالطلاق، وحاليا، لم يعد سوى واحد من عشرة، وأن هذه النسبة تكاد تتشابه في
الوسطين القروي والحضري.
وأبرز المندوب السامي أن نسبة الطلاق
ترتفع بشكل كبير خلال الفترة الحرجة للخمس سنوات الأولى من الزواج، ثم
تنخفض تدريجيا مع المدة، لتبلغ مستويات منخفضة، تناهز 3 في المائة، بعد
مرور 20 سنة على الزواج.
المغربية
15-مارس 2011
majda- عدد الرسائل : 7
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 13/03/2011
استعراض نتائج البحث الوطني الديمغرافي ارتفاع أمل الحياة بحوالي 28 سنة منذ ستينات القرن الماضي
قدم المندوب السامي أحمد الحليمي العلمي يوم الإثنين 14 مارس الجاري
بالرباط عرضا مفصلا حول نتائج البحث الوطني الديمغرافي المتعدد الزيارات
2009 - 2010 ، مبرزا أن هذا البحث الوطني يندرج في إطار السياسة الوطنية
الرامية إلى توفير المعطيات الأكثر دقة والمحينة حول الجوانب الديمغرافية
والسوسيو اقتصادية للواقع الوطني إلى جانب تمكين المستعملين من قياسات
صحيحة، موضحا أن البحث الوحيد من هذا النوع بالمغرب يعود إلى سنة 1996،وهو
لا يشمل سوى عينة صغيرة لقياس وفيات الأمهات عند الولادة .
وذكر
المندوب السامي إنجاز هذا البحث تم في ثلاث زيارات لدى 105 ألف أسرة تشكل
عينة تمثيلية لمجموع السكان المغاربة الذين تم استجوابهم من طرف الباحثين
، حيث تمت هذه الزياراتمرة كل ستة اشهر في الفترة الممتدة مابين ماي 2009
وغشت 2010 . وقد مكنت الزيارة الأولى من إعداد حصيلة السكان وخصائصهم
الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، في ما مكنت الزيارتان المواليتان
من تسجيل وتتبع مفصل للأحداث الديموغرافية الخاصة بهذه الأسر والمتعلقة
بالولادة والوفاة والحمل والإجهاض، بالإضافة إلى الهجرة سواء داخل البلاد
أو خارجها.
إن توفر هذه المؤشرات الديموغرافية المنبثقة من البحث هو
أمر أساسي للقيام بأي تخطيط شمولي أو قطاعي مبني على أسس متينة سواء كان
ذلك على الصعيد الوطني والمحلي أو على مستوى المقاولات والأسر. ذلك أن هذه
المؤشرات تمكن كل واحد من هذه المستويات من تقييم انجازاته بخصوص مدى
تلبيته لحاجيات السكان وملائمة سياساته بغية تحقيق الأهداف التي سطرها.
كما
تمتاز هذه المؤشرات، من زاوية تاريخية ومستقبلية، بكونها تعكس بشكل كبير
مدى تطور عقليات وسلوكيات السكان وتمكن من استشراف آفاق التحولات
المستقبلية للمنظومة الاقتصادية والمجتمعية بمختلف انعكاساتها الاجتماعية
والسياسية.
وعلاوة على ذلك، فبفضل هذا البحث، سيتوفر المغرب، ولأول مرة
منذ سنة 1986، على جداول للوفيات حسب الجنس ووسط الإقامة مبنية على معطيات
مغربية صرفة ومفيدة بشكل كبير بالنسبة لشركات التأمين وصناديق المعاشات
والرعاية الاجتماعية.
وقد سبق وأن تم استخدام هاته الجداول من قبل
المندوبية السامية للتخطيط في نموذج التوازن العام الحسابي ذو الأجيال
المتداخلة الذي تعده لتقييم أثر شيخوخة السكان على قدرة الاستمرارية لنظم
التقاعد على المدى الطويل، أخذا بعين الاعتبار لدينامكية سوق الشغل.
وتجدر
الإشارة في هذا الصدد، إلى أن تتبع عينة من 12500 أسرة جاري قصد أخذ
القياسات الإناسية للساكنة من أجل معرفة دقيقة، لحالة التغذية عند الأطفال
والمراهقين والبالغين ووضع أول خارطة مغربية حول سوء التغذية وتحيين
المعطيات حول الفقر متعدد الأبعاد .
أمل الحياة ووفيات الأطفال والأمهات
يعتبر أمد الحياة من بين المؤشرات الأكثر إفادة بخصوص قدرة كل مجتمع على
أن يضمن لأفراده الحياة الأطول والأكثر سلامة.وفي هذا الإطار يشير البحث
إلى أن المغربي عند الولادة، كان يأمل العيش 47 سنة في سنة 1962 (57 في
الوسط الحضري و43 في الوسط القروي) واليوم ، بعد مرور نصف قرن ، انتقل أمد
حياته إلى 74.8 سنة ( 77.3 في الوسط الحضري و 71.7 في الوسط القروي )
بمعنى أن الربح هنا بلغ 28 سنة في أمد الحياة . وترتبط وتيرة هذا التطور
كما هو معلوم بشكل كبير بتحسن الظروف الصحية ومستوى العيش. كما أنها تشكل
في هذا الجانب نتيجة لتطور الوفيات في مختلف الأعمار .
وبخصوص
المعطيات المتعلقة بوفيات الأطفال والأمهات، يذكر البحث أن معدل وفيات
الأطفال انتقل من 149 في الألف سنة 1962 إلى 75.7 في الألف سنة1987 لتبلغ
30 في الألف سنة 2010 . وقد كان معدل وفيات الأطفال ( 0 إلى 5 سنوات ) 213
في الألف سنة 1962 ثم بلغ 104 في الألف سنة 1987 ليصل إلى 36 في الألف سنة
2010 . وهذا يعني أن طفلا واحدا من 7 كان يموت في الستينات قبل أن يبلغ
السنة مقابل واحد من 33 اليوم وان أكثر من طفل واحد من 5 كان يموت قبل سن
الخامسة مقابل واحد من 28 اليوم .
وقد انتقل معدل وفيات الأطفال في
الوسط الحضري من 100 في الألف سنة 1962 إلى 45.5 في الألف سنة 1987 ثم إلى
25.7 في الألف سنة 2010 خلال نفس الفترة بمعنى انه عرف انخفاضا بثماني
نقط. و استفاد من هذا الانخفاض على الخصوص ساكنة العالم القروي التي انتقل
معدل وفياتها من 170 في الألف إلى 89.7 في الألف ثم إلى 35.3 في الألف
مسجلا بذلك انخفاضا سنوي بلغ على التوالي % 1.9 و % 2.6 .
وإذا كان
من المؤكد أن وفيات الأطفال دون سن الخامسة تعرف انخفاضا ملحوظا مما يضع
المغرب على درب انجاز أهداف الألفية للتنمية في هذا المجال، فإنها بالرغم
من ذلك، يجب أن تظل انشغالا رئيسيا للسياسات العمومية وعلى الخصوص في مجال
الصحة وتحسين ظروف عيش السكان، خاصة وأن مستوى وفيات الأمهات يبقى بدوره
رهينا بهذه السياسات.
وعلى غرار وفيات الأطفال ، فإن هذه الأخيرة
تعرف هي أيضا انخفاضا ملحوظا فقد انتقلت الوفيات المرتبطة بالولادة من 227
وفاة لكل 100.000 ( 186 في الوسط الحضري و 167 في الوسط القروي ) خلال
الفترة الممتدة ما بين 1994 و 2003 إلى 112 ( 73 و 148 على التوالي ) سنة
2010 حسب البحث ذ والزيارات المتعددة .
وقد أمكن القيام بتقدير دقيق
لهذا المتغير بالرغم من ندرة الظاهرة وصعوبة قياسها بفضل حجم ودقة البحث
المتعدد الزيارات الذي سمح بتتبع منهجي للنساء الحوامل خلال فترة الحمل ثم
الولادة والى نهاية مرحلة ما بعد النفاس .
ويرجع انخفاض وفيات
الأمهات في جزء منه إلى انخفاض معدل الخصوبة ، ذك أن الخصوبة عندما تنخفض
فهذا يعني حملا وولادات اقل وبالتالي التقليل من خطر تعرض الأمهات للوفاة
.
وعلاوة على العامل المذكور، فإن هذا الانخفاض يفسد أيضا بتنامي
الاستشارات الطبية قبل الولادة والمساعدة على الولادة من لدن موظفين أكفاء
. وهكذا فان % 80 من النساء أمكنهن القيام على الأقل باستشارة طبية واحدة
قبل الولادة ( مقابل %68 خلال الفترة 1999 ـ 2003 ) و %74 أمكنهن
الاستفادة من مساعدة موظفين مؤهلين في مجال الصحة عند الولادة ( مقابل %63
مابين 1999 ـ 2003 ).
انخفاض وفيات الأطفال دون سن الخامسة
تخضع
ظواهر الإنجاب والخصوبة تخضع للعديد من العوامل السوسيو اقتصادية
والثقافية والدينية، إلخ. ولكن لكي يقبل الفرد منذ البداية إنجاب الطفل في
هذا العالم فينبغي أن يكون مطمئنا أن أطفاله سيعيشون ويبقون أحياء إلى سن
متقدمة . فليس من المستغرب أن يلجأ المغاربة والقرويون منهم على لخصوص إلى
الاعتماد على ذريتهم عند بلوغهم سنا متقدمة والذكور منهم على وجه الخصوص .
وهذا يعني أن ما سمح أو سهل الانخفاض الشديد للخصوبة هو خلفية الانخفاض القوي للوفيات .
لقد
أظهرت نتائج البحث أن مغربية واحدة كانت تنجب في بداية الستينات 7.2 من
الأطفال في حياتها ، أما اليوم فان هذا العدد لا يزيد عن 2.19 من الولادات
الحية أي 5 أطفال اقل عما كان عليه الحال منذ خمسين سنة أو % 70 .
وتعزف
الخصوبة الحضرية منعطفا غير مسبوق لكونها استقرت دون عتبة تجديد الأجيال
أي 1,84 طفل لكل إمرأة . وإذا ما تبين بأن هذا الانخفاض متواصل فإننا
سنعرف في غضون السنوات المقبلة تباطئا متزايدا للتكاثر الديمغرافي للسكان
الحضريين الذين لن يغذيهم آنئذ سوى الهجرة القروية .
وبالمقابل،
فبالرغم من أن الخصوبة القروية (2.70 ) لم تبلغ بعد عتبة التعويض فان
وثيرة انخفاضها مع مرور السنين يؤشر عن تطور شبيه بما حصل في المدن . ذلك
أن الفارق في الخصوبة مابين القروي والحضري انتقل من 3.2 طفلا سنة 1986
إلى 0.9 طفلا سنة 2009 . وهذا الالتقاء يدفع الى الاعتقاد بأن الخصوبة
القروية على غرار الوسط الحضري ستنخفض ولاشك إلى ما دون عتبة تجديد
الأجيال .
إذا ما كانت مكافحة الموت شيئا طبيعيا وعزيزيا فان اختيار
الخصوبة المراقبة يعد فعلا إراديا يقتضي اختيارات فردية أو اختيارا
للزوجين معا . وبالتالي ، فان هذا الانخفاض الشديد لخصوبة يعكس بالطبع
بروز نزعة فردية على حساب القيم المجتمعية .
فقد بات المغرب في طليعة
الدول العربية ( تونس : 2.05 ، لبنان :1.69 ) بالنسبة لانتقال خصوبته .
ومقارنة بأوروبا فلم تعد تفصلنا إلا بضع الأعشار عن فرنسا : 2.02 .
ويظهر أن السنوات الأخيرة كانت حاسمة بالنسبة للانخفاض الشديد للخصوبة لما
تحت عتبة تجديد الأجيال ( 2.1 طفل لكل امرأة ) لقد بلغ مؤشر الخصوبة 2.46
سنة 2004 وكان من الممكن ان يبقى من هذا المستوى الذي لن يرضى به أحد ،
الا انه وفي ظرف 6 سنوات انخفض وبوثيرة قوية ناهزت %2 سنويا وهي ظاهرة
جديرة بالملاحظة خصوصا عندما تكون الخصوبة منخفضة من قبل .
ان هذا
التطور يرجع في النهاية الى التحولات لتي تعرفها البيئة السوسيو اقتصادية
والتحولات التي تشهدها منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية .
أما في
المجال الجهوي فإن الخصوبة متجانسة إلى حد بعيد إذ لا يزيد الاختلاف من
جهة الى أخرى عن طفل واحد ما بين الجهد الأكثر خصوبة ( مراكش تانسيفت
الحوز ) والأقل خصوبة المغرب الشرقي . وبصرف النظر عن ذلك ، فان الانتقال
ما بين 2004 و 2009 يتواصل بوتيرة مختلفة من مجموعة جهت الى أخرى .
فالجهات
الأكثر خصوبة يوجد بها مستوى خصوبة أعلى من المتوسط الوطني (2.2 طفلا لكل
امرأة )وهي مراكش تانسيفت الحوز ( 2.6 ) والشاوية ، ورديغة (2.5 ) وسوس ،
ماسة ، درعة (2.4) والغب الشراردة بني حسن (2.4) أما المجموعة الثانية
فانها تتميز بمستوى خصوبة قريب من عتبة تجديد السكان ( 2.1 طفلا لكل امراة
) وهي تضم الجهات الصحراوية (2.0) ومكناس ، تافيلالت (2.1) وفاس بولمان
(2.1) وتازة الحسيمة تونات (2.1) وطنجة تطوان (2.3) اما المجموعة الأخيرة
فهي تتميز بخصوبة دون مستوى تجديد الاجيال وهي تتكون من المغرب الشرقي
(1.6) والرباط سلا زمور زعير (1.8 ) والدار البيضاء الكبرى (1.9) .
تموقع التحولات الزواجية
إن
التحولات التي تعرفها الحياة الإنجابية تفترض حصول تحولات قبلية في الزواج
. ففي غضون 50 سنة تراجع سن الزواج الاول بشكل كبير .لقد تزوجت النساء سنة
2010 في متوسط سن 26.6والرجال في سن 31.4 أي متأخرين بـ 9.3 سنوات و 7.5
سنوات على التوالي مقارنة بسنة 1960 . وهكذا فقد انحصر الفارق الذي يفصل
سن الزواج ما بين الجنسين من 6,6 الى 4,8 سنوات .
ويزيد متوسط سن
الزواج الاول في الوسط الحضري عن نظيره في الوسط القروي كيفما كان الجنس.
فالرجال القرويون يتزوجون في المتوسط 2.5 سنتين قبل نظرائهم الحضريين (
على التوالي 30 و 32,5 سنة ) والنساء القرويات 1,8 سنة قبل نظيراتهن
الحضريات ( على التوالي 25.6 و 27.4 )
وتوجد اليوم ضمن لنساء اللواتي
يتراوح عمرهن مابين 15 و 19 سنة ، من 9 الى 10 عازبات أي ان واحدة فقط هي
المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية وهو ما يعني ان في 2010 ، 150 ألف
مغربية توجد في هذا الوضع .120 ألف من ضمنها يتراوح سنها ما بين 18 و 19
سنة . هذا مع العلم ان 30 الف امراة على الأقل تزوجت وهي دون السن
القانوني .
وهناك %61.4 من النساء العازبات النسبة لفئة العمرية
مابين 20 و 24 سنة ، و%28.9 بالنسبة للواتي يتراوح سنهن ما بين 30 و 34
سنة . وترتفع هذه السنين أكثر لدى الرجال (%99.6 بالنسبة للذين سنهم ما
بين 15 و 19 سنة و %93.3 بالنسبة لـ 20 و 24 سنة و %42 بالنسبة لـ 30 و 34
سنة ) الشيء الذي ينم عن ارتفاع متواصل يكرس التطور الحاصل منذ الستينات .
ان
إطالة العزوبة تعني النساء والرجال على حد سواء حيث بات الزواج اقل فاقل
عالمية كما يتضح من الأشخاص غير المتزوجين بأنهم سيقضون بقية حياتهم عزابا
. وفي سنة 2010 بلغت نسبة العازبين البالغين 50 سنة و %5.8 بالنسبة للرجال
و %6.7 بالنسبة للنساء أي ان النسبة بالنظر لما كان عليه الحال سنة 1994
تضاعفت مرتين بالنسبة للرجال و 7 مرات بالنسبة للنساء . وبصيغة اخرى فان
الزواج سواء بالنسبة للنساء كما للرجال بات ظاهرة أقل فأقل عالمية بفعل
اختيار شخصي أو لأسباب اقتصادية أو مرتبطة بالهجرة .
يتزوج الرجال في
مختلف جهات المغرب في المتوسط مابين سن 30 و 34 والنساء مابين 24 و 29 سنة
. ويتميز سن الزواج الاول لدى الرجال باقصى ارتفاع له ( اعلى من "" ) في
كل من الدار البيضاء الكبرى والمغرب الشرقي والاقل انخفاضا في مراكش
تانسيفت الحوز ( 29.7 سنة ) اما بالنسبة للنساء فالأكثر ارتفاعا ( أعلى من
27 سنة ) يوجد في الدار البيضاء الكبرى والمغرب الشرقي وتازة الحسينة
تاونات وكلميم اسمارة والرباط سلا زمور زعير وطنجة تطوان وسوس ماسة درعة ،
في حين ان الأقل انخفاضا ( اقل من 25 سنة ) في جهات تادلة ازيلال ومراكش
تانسيفت الحوز .
الانتقال الديمغرافي وحركية السكان
بعدما
كان مجندا في اطار التقاليد الابيسية المتشبثة بالحفاظ على التماسك
العائلي والحفاظ على الممتلكات ، فان الزواج بالاقارب يعرف تراجعا بمعدل
%33 سنة 1987 الى %29.3 سنة 1995 ليبلغ %21 سنة 2010 مما يعكس تحولا في
منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية .
ويرجع هذا الانخفاض للزواج
بالأقارب أساسا إلى تراجع الزواج بالأقارب البعيدين . فقد بقي الزواج
بأبناء العمومة مستقرا أو يكاد ما بين 1995 و 2010 (% 16.3 و %15.5 ) في
حين أن الزواج مع أحد الأقرباء البعيدين عرف انخفاضا ملحوظا حيث انتقل من
%13 الى %5.1 مما يفسر ارتفاع نسبة الزواج بأبناء العمومة من %56 سنة 1995
إلى %75 سنة 2010 .
وقد شمل انخفاض الزواج بالأقارب كلا من الوسطين
القروي والحضري على حد سواء حيث انتقل مابين 1995 و 2010 من %33.1 إلى
%22.6 بالنسبة للأول ومن %26 إلى %19 بالنسبة للثاني .
إذا ما كان ثلث
الزيجات( %31) خلال سنوات الستينات ينتهي بطلاق ، و %15 سنة 1995 فإنه لم
يعد سوى واحد من عشرة في الوقت الحالي (%10.5 ) وهناك تشابه ما بين
الوسطين القروي والحضري بخصوص طلاق النساء بعد الزواج الأول (%10.6 في
الوسط القروي ) و (%10.4 في الوسط الحضري ) . وترتفع نسبة الطلاق بشكل
كبير خلال الفترة الحرجة لخمس سنوات الأولى من الزواج ( تزيد عن %30 ) ثم
تنخفض تدريجيا مع المدة لتبلغ مستويات منخفضة تناهز % 3 بعد مرور 20 سنة
على الزواج .
هجرة وتزايد اختلاط السكان
ترتبط هذه التطورات
ولاشك بالحركية الجغرافية للسكان المغاربة ، إذ أنها تعنيث 1.167 مليون
نسمة ( من ضمنهم %51 من النساء ) وتتجلى هذه الظاهرة من خلال التمدين الذي
انتقل من %29 سنة 1960 إلى %43 سنة 1982 ليستقر أخيرا في %57 سنة 2010 .
ويعكس
تحليل هذه الحركات أهمية الهجرة ما بين المدن ( 584 ألف) حيث تمثل %55 من
مجموع الساكنة المهاجرة إلى جانب أهمية الهجرة القروية التي تعني 298 ألف
شخصا . واعتبارا لكون 98 ألف شخصا انتقلوا في الاتجاه المضاد مغادرين
الوسط الحضري للاستقرار في البادية فإن ناتج الهجرة أصبح سلبيا في الوسط
القروي إلى حد كبير حيث فقد هذا الأخير خلال السنة التي كانت موضوع
الملاحظة 200 ألف شخصا لفائدة المدن التي استقبلت بدورها بفعل الهجرة
الدولية 127 ألف نسمة .
أما المغادرة خارج حدود التراب الوطني فقد شملت
106 ألف شخصا في حين أن العائدين الذين كانت أعدادهم ضعيفة في السابق بلغ
20 ألف أي بناتج هجرة سلبي يناهز 86 ألف نسمة . ويغذي الوسط الحضري هذه
الهجرة الدولية بـ %85 من المهاجرين مقابل%15 من الوسط القروي . ونفس
النسب تخص النازحين على المستوى الدولي (%83 يعودون للاستقرار في المدن
المغربية و %17 في البوادي ) . وهكذا فإن المبادلات السنوية مع الخارج
تفضي إلى ناتج سلبي في الوسط الحضري يبلغ 73 ألف نسمة وفي الوسط القروي 13
ألف نسمة .
وفيما يتعلق بالهجرة ما بين الجهات ، فإن 401 ألف نسمة
غيروا جهة إقامتهم حيث كانت الدار البيضاء الكبرى وسوس ماسة درعة الأكثر
جذبا بينما كانت مراكش تنسيفت الحوز وتازة الحسيمة تاو نات أكثر الجهات
التي غادرها السكان .
خلاصة عامة وملاحظات
وأنهى المندوب
السامي مداخلته بالإشارة إلى خلاصة عامة وثلاث ملاحظات : أما الخلاصة
فتتمثل في تقديم تركيبي لمختلف المؤشرات المنبثقة عن هذا البحث والتي يتضح
منها أن المغرب الذي دخل متأخرا نسبيا مرحلة الانتقال الديمغرافي يعرف
تسارعا لهذا الانتقال بتيرة تجعله في طريق الالتحاق بدول سبقته في هذا
المسار، وهكذا فإن معدل النمو الطبيعي الذي كان يبلغ % 2.7 في سنوات
الستينات عرف انخفاضا كبيرا إذا أصبح لا يزيد عن % 1،32 سنة 2010 بفعل
الانخفاض الذي تعرفه الولادات إلا أن الهجرة الدولية التي تمتص تيارا
صافيا يقدر ب 86 ألف شخص، أي ما يعادل 2.7- في الألف، فإن عدد سكان المغرب
لم يرتفع في الواقع إلا بمعدل 1.05% خلال سنة 2010 (1.91% في المدن و
يتناقص ب0.09% في البوادي )
وتتعلق الملاحظة الأولى بالاستقرار شبه
الكلي لمجموع الساكنة القروية مع وجود معدل تكاثر طبيعي مرتفع بالرغم من
تناقص اختلاف خصوبتها مقارنة بتلك الخاصة بالساكنة الحضرية وذك في ظرف
يتسم بهجرة قروية مرتفعة . ويعد هذا الاستقرار الشبه الكلي مصدرا لاستمرار
الضغط الديمغرافي على التربة والماء مما يشكل أحد الرهانات الكبرى لبرنامج
" المغرب الأخضر " لذا فإن نجاح هذا الأخير في تحقيق وتخفيض إجمالي لهذا
الضغط يكتسي أهمية كبيرة ليس فقط بالنسبة للأمن الغذائي ولكن أيضا للحفاظ
على الثروة الطبيعية والبيئية اللازمة للتنمية المستقبلية لبلادنا .
أما
الملاحظة الثانية، فإنها تكتسي طابعا أكثر شمولية. ذلك أن الانخفاض الشديد
للوفيات وخاصة لدى الأطفال والفتيان والأمهات مصحوبا بالتراجع الشديد
للخصوبة في تفاعلهما مع تراجع سن الزواج سواء لدى الرجال أو النساء على حد
سواء ينمان عن التحولات العميقة التي تعرفها منظومة القيم والسلوكات
المجتمعية قي سياق يتسم بامتزاج شديد للساكنة المغربية بفعل الهجرة. وتشكل
المراقبة المتزايدة للخصوبة في هذا الجانب مؤشرا لهذه التحولات. فهي تعكس
اختيارات للزوجين تعتبر قطيعة مع قيم المجتمع التقليدي. فهذه الأخيرة التي
تتبنى كما هو معروف الإكثار من عدد الأولاد بدافع الائتمان على المستقبل
ولو على حساب العيش الكريم للآباء والأبناء معا. وبهذا فإن الانخفاض
الشديد للخصوبة يشكل في هذا الجانب مؤشرا على بروز نزعة فردية في المجتمع
مع ما لها من تداعيات اقتصادية ومجتمعية بل وسياسية أيضا. إن التفسخ الذي
يعرفه إطار التضامن التقليدي الذي كان يخفف من كلفة ولوج الشباب إلى
الحياة النشيطة والتكفل بالأشخاص المسنين دفع في اتجاه تباعد ما بين ساكنة
أغلبها من الشباب وبين البنيات والنخب التقليدية التي تلعب دور الوساطة
الاجتماعية والسياسية. وفي سياق الانفتاح على أنماط استهلاكية جديدة وقيم
وسلوكات اجتماعية مهيمنة أكثر فأكثر على المستوى الدولي، فان الحاجيات
الاجتماعية والتطلعات نحو العيش الرغيد والمعايير الثقافية لدى جزء من هذه
الساكنة يجعلها تبحث عن إطار جديد للتعبير يمكن أن يرتكز، على الأقل لبعض
الوقت، على صيغ تنظيمية عفوية أو ذات طابع مصلحي فئوي.
كما أن ارتفاع
شيخوخة السكان التي بدأت تثقل كاهل منظومة الصحة وصناديق التقاعد والوقاية
الاجتماعية من شأنها بجانبها الزيادة في تعقيد تدبير إشكالية الأشخاص
المسنين في بلد ذو ارث تاريخي يكن لهم احتراما كبيرا بحكم دورهم في الحفاظ
على التوازن العاطفي للأسرة وفي ديمومة قيمه الأساسية .
وتخص
الملاحظة الثالثة مجموعة من الفرص التي يحملها الانتقال الديموغرافي
للبلاد إلى جانب التحديات التي يفرضها، فانخفاض معدل التزايد الديموغرافي
ينجم عنه انخفاض في حجم الساكنة التي يقل عمرها عن 15 سنة مما ييسر مضاعفة
الجهود المبذولة في التعليم بهدف امتصاص العجز الموروث عن الماضي وتحسين
جودة وملاءمة منتوجه مع متطلبات سوق الشغل. هذا، وإذا كانت المقادير
المرتفعة من الساكنة النشيطة مشكلة من الشباب، مما يعتبر ورقة وازنة فإنه
من المؤكد أن الاستثمار في القطاعات التي تخلق أكثر مقدار من الشغل غير
المباشر وفي منظومة التعليم والتكوين هو وحده كفيل بتثمين التوفر على هذه
الورقة. وإنه لمن المؤكد أن المعدل الكبير من الاستثمار الذي حققه المغرب
لامتصاص العجز في ميزان البنيات التحتية والتنمية البشرية قد شكل في هذا
المضمار اختيارا موفقا من حيث إنه قابل لجعل البلاد تنفتح على هذا التثمين
الضروري. وهذا التثمين يستمد اليوم ضرورته أكثر علما بأن الهجرة الدولية
التي ساعدت إلى حد الآن في التخفيف من الضغط على سوق الشغل من المحتمل أن
تعرف تراجعا تحت تأثير الوضعية الدولية الاقتصادية منها والجيوسياسية
وآفاق تطورها. فتعبئة أكبر معدل للادخار من أجل الاستثمار تبقى بكل تأكيد
السبيل الوحيد لرفع التحديات الحالية دون رهن للمستقبل. فليس هناك إلى حد
الآن نموذج اقتصادي معروف، في إطار الانفتاح على السوق الدولية استطاع أن
يستجيب للمقتضيات المزدوجة للتشغيل والرفع من الدخل دون اعتماد ذلك في
إطار نظرة ذات بعد بعيد المدى إلا بنهج هذا السبيل وهذا بطبيعة الحال لا
يستثني، بل يفرض ضرورة الإنصاف الاجتماعي بنفس القدر الذي لا يستثني
المشاركة الديموقراطية في إطار مواطنة مسؤولة. بل إن هذين المقتضيين
يشكلان الأول كما الثاني شرطا ضروريا لأن أن يؤدي هذا السبيل إلى أحسن
مخرج .
16/3/2011 -العلمبالرباط عرضا مفصلا حول نتائج البحث الوطني الديمغرافي المتعدد الزيارات
2009 - 2010 ، مبرزا أن هذا البحث الوطني يندرج في إطار السياسة الوطنية
الرامية إلى توفير المعطيات الأكثر دقة والمحينة حول الجوانب الديمغرافية
والسوسيو اقتصادية للواقع الوطني إلى جانب تمكين المستعملين من قياسات
صحيحة، موضحا أن البحث الوحيد من هذا النوع بالمغرب يعود إلى سنة 1996،وهو
لا يشمل سوى عينة صغيرة لقياس وفيات الأمهات عند الولادة .
وذكر
المندوب السامي إنجاز هذا البحث تم في ثلاث زيارات لدى 105 ألف أسرة تشكل
عينة تمثيلية لمجموع السكان المغاربة الذين تم استجوابهم من طرف الباحثين
، حيث تمت هذه الزياراتمرة كل ستة اشهر في الفترة الممتدة مابين ماي 2009
وغشت 2010 . وقد مكنت الزيارة الأولى من إعداد حصيلة السكان وخصائصهم
الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، في ما مكنت الزيارتان المواليتان
من تسجيل وتتبع مفصل للأحداث الديموغرافية الخاصة بهذه الأسر والمتعلقة
بالولادة والوفاة والحمل والإجهاض، بالإضافة إلى الهجرة سواء داخل البلاد
أو خارجها.
إن توفر هذه المؤشرات الديموغرافية المنبثقة من البحث هو
أمر أساسي للقيام بأي تخطيط شمولي أو قطاعي مبني على أسس متينة سواء كان
ذلك على الصعيد الوطني والمحلي أو على مستوى المقاولات والأسر. ذلك أن هذه
المؤشرات تمكن كل واحد من هذه المستويات من تقييم انجازاته بخصوص مدى
تلبيته لحاجيات السكان وملائمة سياساته بغية تحقيق الأهداف التي سطرها.
كما
تمتاز هذه المؤشرات، من زاوية تاريخية ومستقبلية، بكونها تعكس بشكل كبير
مدى تطور عقليات وسلوكيات السكان وتمكن من استشراف آفاق التحولات
المستقبلية للمنظومة الاقتصادية والمجتمعية بمختلف انعكاساتها الاجتماعية
والسياسية.
وعلاوة على ذلك، فبفضل هذا البحث، سيتوفر المغرب، ولأول مرة
منذ سنة 1986، على جداول للوفيات حسب الجنس ووسط الإقامة مبنية على معطيات
مغربية صرفة ومفيدة بشكل كبير بالنسبة لشركات التأمين وصناديق المعاشات
والرعاية الاجتماعية.
وقد سبق وأن تم استخدام هاته الجداول من قبل
المندوبية السامية للتخطيط في نموذج التوازن العام الحسابي ذو الأجيال
المتداخلة الذي تعده لتقييم أثر شيخوخة السكان على قدرة الاستمرارية لنظم
التقاعد على المدى الطويل، أخذا بعين الاعتبار لدينامكية سوق الشغل.
وتجدر
الإشارة في هذا الصدد، إلى أن تتبع عينة من 12500 أسرة جاري قصد أخذ
القياسات الإناسية للساكنة من أجل معرفة دقيقة، لحالة التغذية عند الأطفال
والمراهقين والبالغين ووضع أول خارطة مغربية حول سوء التغذية وتحيين
المعطيات حول الفقر متعدد الأبعاد .
أمل الحياة ووفيات الأطفال والأمهات
يعتبر أمد الحياة من بين المؤشرات الأكثر إفادة بخصوص قدرة كل مجتمع على
أن يضمن لأفراده الحياة الأطول والأكثر سلامة.وفي هذا الإطار يشير البحث
إلى أن المغربي عند الولادة، كان يأمل العيش 47 سنة في سنة 1962 (57 في
الوسط الحضري و43 في الوسط القروي) واليوم ، بعد مرور نصف قرن ، انتقل أمد
حياته إلى 74.8 سنة ( 77.3 في الوسط الحضري و 71.7 في الوسط القروي )
بمعنى أن الربح هنا بلغ 28 سنة في أمد الحياة . وترتبط وتيرة هذا التطور
كما هو معلوم بشكل كبير بتحسن الظروف الصحية ومستوى العيش. كما أنها تشكل
في هذا الجانب نتيجة لتطور الوفيات في مختلف الأعمار .
وبخصوص
المعطيات المتعلقة بوفيات الأطفال والأمهات، يذكر البحث أن معدل وفيات
الأطفال انتقل من 149 في الألف سنة 1962 إلى 75.7 في الألف سنة1987 لتبلغ
30 في الألف سنة 2010 . وقد كان معدل وفيات الأطفال ( 0 إلى 5 سنوات ) 213
في الألف سنة 1962 ثم بلغ 104 في الألف سنة 1987 ليصل إلى 36 في الألف سنة
2010 . وهذا يعني أن طفلا واحدا من 7 كان يموت في الستينات قبل أن يبلغ
السنة مقابل واحد من 33 اليوم وان أكثر من طفل واحد من 5 كان يموت قبل سن
الخامسة مقابل واحد من 28 اليوم .
وقد انتقل معدل وفيات الأطفال في
الوسط الحضري من 100 في الألف سنة 1962 إلى 45.5 في الألف سنة 1987 ثم إلى
25.7 في الألف سنة 2010 خلال نفس الفترة بمعنى انه عرف انخفاضا بثماني
نقط. و استفاد من هذا الانخفاض على الخصوص ساكنة العالم القروي التي انتقل
معدل وفياتها من 170 في الألف إلى 89.7 في الألف ثم إلى 35.3 في الألف
مسجلا بذلك انخفاضا سنوي بلغ على التوالي % 1.9 و % 2.6 .
وإذا كان
من المؤكد أن وفيات الأطفال دون سن الخامسة تعرف انخفاضا ملحوظا مما يضع
المغرب على درب انجاز أهداف الألفية للتنمية في هذا المجال، فإنها بالرغم
من ذلك، يجب أن تظل انشغالا رئيسيا للسياسات العمومية وعلى الخصوص في مجال
الصحة وتحسين ظروف عيش السكان، خاصة وأن مستوى وفيات الأمهات يبقى بدوره
رهينا بهذه السياسات.
وعلى غرار وفيات الأطفال ، فإن هذه الأخيرة
تعرف هي أيضا انخفاضا ملحوظا فقد انتقلت الوفيات المرتبطة بالولادة من 227
وفاة لكل 100.000 ( 186 في الوسط الحضري و 167 في الوسط القروي ) خلال
الفترة الممتدة ما بين 1994 و 2003 إلى 112 ( 73 و 148 على التوالي ) سنة
2010 حسب البحث ذ والزيارات المتعددة .
وقد أمكن القيام بتقدير دقيق
لهذا المتغير بالرغم من ندرة الظاهرة وصعوبة قياسها بفضل حجم ودقة البحث
المتعدد الزيارات الذي سمح بتتبع منهجي للنساء الحوامل خلال فترة الحمل ثم
الولادة والى نهاية مرحلة ما بعد النفاس .
ويرجع انخفاض وفيات
الأمهات في جزء منه إلى انخفاض معدل الخصوبة ، ذك أن الخصوبة عندما تنخفض
فهذا يعني حملا وولادات اقل وبالتالي التقليل من خطر تعرض الأمهات للوفاة
.
وعلاوة على العامل المذكور، فإن هذا الانخفاض يفسد أيضا بتنامي
الاستشارات الطبية قبل الولادة والمساعدة على الولادة من لدن موظفين أكفاء
. وهكذا فان % 80 من النساء أمكنهن القيام على الأقل باستشارة طبية واحدة
قبل الولادة ( مقابل %68 خلال الفترة 1999 ـ 2003 ) و %74 أمكنهن
الاستفادة من مساعدة موظفين مؤهلين في مجال الصحة عند الولادة ( مقابل %63
مابين 1999 ـ 2003 ).
انخفاض وفيات الأطفال دون سن الخامسة
تخضع
ظواهر الإنجاب والخصوبة تخضع للعديد من العوامل السوسيو اقتصادية
والثقافية والدينية، إلخ. ولكن لكي يقبل الفرد منذ البداية إنجاب الطفل في
هذا العالم فينبغي أن يكون مطمئنا أن أطفاله سيعيشون ويبقون أحياء إلى سن
متقدمة . فليس من المستغرب أن يلجأ المغاربة والقرويون منهم على لخصوص إلى
الاعتماد على ذريتهم عند بلوغهم سنا متقدمة والذكور منهم على وجه الخصوص .
وهذا يعني أن ما سمح أو سهل الانخفاض الشديد للخصوبة هو خلفية الانخفاض القوي للوفيات .
لقد
أظهرت نتائج البحث أن مغربية واحدة كانت تنجب في بداية الستينات 7.2 من
الأطفال في حياتها ، أما اليوم فان هذا العدد لا يزيد عن 2.19 من الولادات
الحية أي 5 أطفال اقل عما كان عليه الحال منذ خمسين سنة أو % 70 .
وتعزف
الخصوبة الحضرية منعطفا غير مسبوق لكونها استقرت دون عتبة تجديد الأجيال
أي 1,84 طفل لكل إمرأة . وإذا ما تبين بأن هذا الانخفاض متواصل فإننا
سنعرف في غضون السنوات المقبلة تباطئا متزايدا للتكاثر الديمغرافي للسكان
الحضريين الذين لن يغذيهم آنئذ سوى الهجرة القروية .
وبالمقابل،
فبالرغم من أن الخصوبة القروية (2.70 ) لم تبلغ بعد عتبة التعويض فان
وثيرة انخفاضها مع مرور السنين يؤشر عن تطور شبيه بما حصل في المدن . ذلك
أن الفارق في الخصوبة مابين القروي والحضري انتقل من 3.2 طفلا سنة 1986
إلى 0.9 طفلا سنة 2009 . وهذا الالتقاء يدفع الى الاعتقاد بأن الخصوبة
القروية على غرار الوسط الحضري ستنخفض ولاشك إلى ما دون عتبة تجديد
الأجيال .
إذا ما كانت مكافحة الموت شيئا طبيعيا وعزيزيا فان اختيار
الخصوبة المراقبة يعد فعلا إراديا يقتضي اختيارات فردية أو اختيارا
للزوجين معا . وبالتالي ، فان هذا الانخفاض الشديد لخصوبة يعكس بالطبع
بروز نزعة فردية على حساب القيم المجتمعية .
فقد بات المغرب في طليعة
الدول العربية ( تونس : 2.05 ، لبنان :1.69 ) بالنسبة لانتقال خصوبته .
ومقارنة بأوروبا فلم تعد تفصلنا إلا بضع الأعشار عن فرنسا : 2.02 .
ويظهر أن السنوات الأخيرة كانت حاسمة بالنسبة للانخفاض الشديد للخصوبة لما
تحت عتبة تجديد الأجيال ( 2.1 طفل لكل امرأة ) لقد بلغ مؤشر الخصوبة 2.46
سنة 2004 وكان من الممكن ان يبقى من هذا المستوى الذي لن يرضى به أحد ،
الا انه وفي ظرف 6 سنوات انخفض وبوثيرة قوية ناهزت %2 سنويا وهي ظاهرة
جديرة بالملاحظة خصوصا عندما تكون الخصوبة منخفضة من قبل .
ان هذا
التطور يرجع في النهاية الى التحولات لتي تعرفها البيئة السوسيو اقتصادية
والتحولات التي تشهدها منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية .
أما في
المجال الجهوي فإن الخصوبة متجانسة إلى حد بعيد إذ لا يزيد الاختلاف من
جهة الى أخرى عن طفل واحد ما بين الجهد الأكثر خصوبة ( مراكش تانسيفت
الحوز ) والأقل خصوبة المغرب الشرقي . وبصرف النظر عن ذلك ، فان الانتقال
ما بين 2004 و 2009 يتواصل بوتيرة مختلفة من مجموعة جهت الى أخرى .
فالجهات
الأكثر خصوبة يوجد بها مستوى خصوبة أعلى من المتوسط الوطني (2.2 طفلا لكل
امرأة )وهي مراكش تانسيفت الحوز ( 2.6 ) والشاوية ، ورديغة (2.5 ) وسوس ،
ماسة ، درعة (2.4) والغب الشراردة بني حسن (2.4) أما المجموعة الثانية
فانها تتميز بمستوى خصوبة قريب من عتبة تجديد السكان ( 2.1 طفلا لكل امراة
) وهي تضم الجهات الصحراوية (2.0) ومكناس ، تافيلالت (2.1) وفاس بولمان
(2.1) وتازة الحسيمة تونات (2.1) وطنجة تطوان (2.3) اما المجموعة الأخيرة
فهي تتميز بخصوبة دون مستوى تجديد الاجيال وهي تتكون من المغرب الشرقي
(1.6) والرباط سلا زمور زعير (1.8 ) والدار البيضاء الكبرى (1.9) .
تموقع التحولات الزواجية
إن
التحولات التي تعرفها الحياة الإنجابية تفترض حصول تحولات قبلية في الزواج
. ففي غضون 50 سنة تراجع سن الزواج الاول بشكل كبير .لقد تزوجت النساء سنة
2010 في متوسط سن 26.6والرجال في سن 31.4 أي متأخرين بـ 9.3 سنوات و 7.5
سنوات على التوالي مقارنة بسنة 1960 . وهكذا فقد انحصر الفارق الذي يفصل
سن الزواج ما بين الجنسين من 6,6 الى 4,8 سنوات .
ويزيد متوسط سن
الزواج الاول في الوسط الحضري عن نظيره في الوسط القروي كيفما كان الجنس.
فالرجال القرويون يتزوجون في المتوسط 2.5 سنتين قبل نظرائهم الحضريين (
على التوالي 30 و 32,5 سنة ) والنساء القرويات 1,8 سنة قبل نظيراتهن
الحضريات ( على التوالي 25.6 و 27.4 )
وتوجد اليوم ضمن لنساء اللواتي
يتراوح عمرهن مابين 15 و 19 سنة ، من 9 الى 10 عازبات أي ان واحدة فقط هي
المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية وهو ما يعني ان في 2010 ، 150 ألف
مغربية توجد في هذا الوضع .120 ألف من ضمنها يتراوح سنها ما بين 18 و 19
سنة . هذا مع العلم ان 30 الف امراة على الأقل تزوجت وهي دون السن
القانوني .
وهناك %61.4 من النساء العازبات النسبة لفئة العمرية
مابين 20 و 24 سنة ، و%28.9 بالنسبة للواتي يتراوح سنهن ما بين 30 و 34
سنة . وترتفع هذه السنين أكثر لدى الرجال (%99.6 بالنسبة للذين سنهم ما
بين 15 و 19 سنة و %93.3 بالنسبة لـ 20 و 24 سنة و %42 بالنسبة لـ 30 و 34
سنة ) الشيء الذي ينم عن ارتفاع متواصل يكرس التطور الحاصل منذ الستينات .
ان
إطالة العزوبة تعني النساء والرجال على حد سواء حيث بات الزواج اقل فاقل
عالمية كما يتضح من الأشخاص غير المتزوجين بأنهم سيقضون بقية حياتهم عزابا
. وفي سنة 2010 بلغت نسبة العازبين البالغين 50 سنة و %5.8 بالنسبة للرجال
و %6.7 بالنسبة للنساء أي ان النسبة بالنظر لما كان عليه الحال سنة 1994
تضاعفت مرتين بالنسبة للرجال و 7 مرات بالنسبة للنساء . وبصيغة اخرى فان
الزواج سواء بالنسبة للنساء كما للرجال بات ظاهرة أقل فأقل عالمية بفعل
اختيار شخصي أو لأسباب اقتصادية أو مرتبطة بالهجرة .
يتزوج الرجال في
مختلف جهات المغرب في المتوسط مابين سن 30 و 34 والنساء مابين 24 و 29 سنة
. ويتميز سن الزواج الاول لدى الرجال باقصى ارتفاع له ( اعلى من "" ) في
كل من الدار البيضاء الكبرى والمغرب الشرقي والاقل انخفاضا في مراكش
تانسيفت الحوز ( 29.7 سنة ) اما بالنسبة للنساء فالأكثر ارتفاعا ( أعلى من
27 سنة ) يوجد في الدار البيضاء الكبرى والمغرب الشرقي وتازة الحسينة
تاونات وكلميم اسمارة والرباط سلا زمور زعير وطنجة تطوان وسوس ماسة درعة ،
في حين ان الأقل انخفاضا ( اقل من 25 سنة ) في جهات تادلة ازيلال ومراكش
تانسيفت الحوز .
الانتقال الديمغرافي وحركية السكان
بعدما
كان مجندا في اطار التقاليد الابيسية المتشبثة بالحفاظ على التماسك
العائلي والحفاظ على الممتلكات ، فان الزواج بالاقارب يعرف تراجعا بمعدل
%33 سنة 1987 الى %29.3 سنة 1995 ليبلغ %21 سنة 2010 مما يعكس تحولا في
منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية .
ويرجع هذا الانخفاض للزواج
بالأقارب أساسا إلى تراجع الزواج بالأقارب البعيدين . فقد بقي الزواج
بأبناء العمومة مستقرا أو يكاد ما بين 1995 و 2010 (% 16.3 و %15.5 ) في
حين أن الزواج مع أحد الأقرباء البعيدين عرف انخفاضا ملحوظا حيث انتقل من
%13 الى %5.1 مما يفسر ارتفاع نسبة الزواج بأبناء العمومة من %56 سنة 1995
إلى %75 سنة 2010 .
وقد شمل انخفاض الزواج بالأقارب كلا من الوسطين
القروي والحضري على حد سواء حيث انتقل مابين 1995 و 2010 من %33.1 إلى
%22.6 بالنسبة للأول ومن %26 إلى %19 بالنسبة للثاني .
إذا ما كان ثلث
الزيجات( %31) خلال سنوات الستينات ينتهي بطلاق ، و %15 سنة 1995 فإنه لم
يعد سوى واحد من عشرة في الوقت الحالي (%10.5 ) وهناك تشابه ما بين
الوسطين القروي والحضري بخصوص طلاق النساء بعد الزواج الأول (%10.6 في
الوسط القروي ) و (%10.4 في الوسط الحضري ) . وترتفع نسبة الطلاق بشكل
كبير خلال الفترة الحرجة لخمس سنوات الأولى من الزواج ( تزيد عن %30 ) ثم
تنخفض تدريجيا مع المدة لتبلغ مستويات منخفضة تناهز % 3 بعد مرور 20 سنة
على الزواج .
هجرة وتزايد اختلاط السكان
ترتبط هذه التطورات
ولاشك بالحركية الجغرافية للسكان المغاربة ، إذ أنها تعنيث 1.167 مليون
نسمة ( من ضمنهم %51 من النساء ) وتتجلى هذه الظاهرة من خلال التمدين الذي
انتقل من %29 سنة 1960 إلى %43 سنة 1982 ليستقر أخيرا في %57 سنة 2010 .
ويعكس
تحليل هذه الحركات أهمية الهجرة ما بين المدن ( 584 ألف) حيث تمثل %55 من
مجموع الساكنة المهاجرة إلى جانب أهمية الهجرة القروية التي تعني 298 ألف
شخصا . واعتبارا لكون 98 ألف شخصا انتقلوا في الاتجاه المضاد مغادرين
الوسط الحضري للاستقرار في البادية فإن ناتج الهجرة أصبح سلبيا في الوسط
القروي إلى حد كبير حيث فقد هذا الأخير خلال السنة التي كانت موضوع
الملاحظة 200 ألف شخصا لفائدة المدن التي استقبلت بدورها بفعل الهجرة
الدولية 127 ألف نسمة .
أما المغادرة خارج حدود التراب الوطني فقد شملت
106 ألف شخصا في حين أن العائدين الذين كانت أعدادهم ضعيفة في السابق بلغ
20 ألف أي بناتج هجرة سلبي يناهز 86 ألف نسمة . ويغذي الوسط الحضري هذه
الهجرة الدولية بـ %85 من المهاجرين مقابل%15 من الوسط القروي . ونفس
النسب تخص النازحين على المستوى الدولي (%83 يعودون للاستقرار في المدن
المغربية و %17 في البوادي ) . وهكذا فإن المبادلات السنوية مع الخارج
تفضي إلى ناتج سلبي في الوسط الحضري يبلغ 73 ألف نسمة وفي الوسط القروي 13
ألف نسمة .
وفيما يتعلق بالهجرة ما بين الجهات ، فإن 401 ألف نسمة
غيروا جهة إقامتهم حيث كانت الدار البيضاء الكبرى وسوس ماسة درعة الأكثر
جذبا بينما كانت مراكش تنسيفت الحوز وتازة الحسيمة تاو نات أكثر الجهات
التي غادرها السكان .
خلاصة عامة وملاحظات
وأنهى المندوب
السامي مداخلته بالإشارة إلى خلاصة عامة وثلاث ملاحظات : أما الخلاصة
فتتمثل في تقديم تركيبي لمختلف المؤشرات المنبثقة عن هذا البحث والتي يتضح
منها أن المغرب الذي دخل متأخرا نسبيا مرحلة الانتقال الديمغرافي يعرف
تسارعا لهذا الانتقال بتيرة تجعله في طريق الالتحاق بدول سبقته في هذا
المسار، وهكذا فإن معدل النمو الطبيعي الذي كان يبلغ % 2.7 في سنوات
الستينات عرف انخفاضا كبيرا إذا أصبح لا يزيد عن % 1،32 سنة 2010 بفعل
الانخفاض الذي تعرفه الولادات إلا أن الهجرة الدولية التي تمتص تيارا
صافيا يقدر ب 86 ألف شخص، أي ما يعادل 2.7- في الألف، فإن عدد سكان المغرب
لم يرتفع في الواقع إلا بمعدل 1.05% خلال سنة 2010 (1.91% في المدن و
يتناقص ب0.09% في البوادي )
وتتعلق الملاحظة الأولى بالاستقرار شبه
الكلي لمجموع الساكنة القروية مع وجود معدل تكاثر طبيعي مرتفع بالرغم من
تناقص اختلاف خصوبتها مقارنة بتلك الخاصة بالساكنة الحضرية وذك في ظرف
يتسم بهجرة قروية مرتفعة . ويعد هذا الاستقرار الشبه الكلي مصدرا لاستمرار
الضغط الديمغرافي على التربة والماء مما يشكل أحد الرهانات الكبرى لبرنامج
" المغرب الأخضر " لذا فإن نجاح هذا الأخير في تحقيق وتخفيض إجمالي لهذا
الضغط يكتسي أهمية كبيرة ليس فقط بالنسبة للأمن الغذائي ولكن أيضا للحفاظ
على الثروة الطبيعية والبيئية اللازمة للتنمية المستقبلية لبلادنا .
أما
الملاحظة الثانية، فإنها تكتسي طابعا أكثر شمولية. ذلك أن الانخفاض الشديد
للوفيات وخاصة لدى الأطفال والفتيان والأمهات مصحوبا بالتراجع الشديد
للخصوبة في تفاعلهما مع تراجع سن الزواج سواء لدى الرجال أو النساء على حد
سواء ينمان عن التحولات العميقة التي تعرفها منظومة القيم والسلوكات
المجتمعية قي سياق يتسم بامتزاج شديد للساكنة المغربية بفعل الهجرة. وتشكل
المراقبة المتزايدة للخصوبة في هذا الجانب مؤشرا لهذه التحولات. فهي تعكس
اختيارات للزوجين تعتبر قطيعة مع قيم المجتمع التقليدي. فهذه الأخيرة التي
تتبنى كما هو معروف الإكثار من عدد الأولاد بدافع الائتمان على المستقبل
ولو على حساب العيش الكريم للآباء والأبناء معا. وبهذا فإن الانخفاض
الشديد للخصوبة يشكل في هذا الجانب مؤشرا على بروز نزعة فردية في المجتمع
مع ما لها من تداعيات اقتصادية ومجتمعية بل وسياسية أيضا. إن التفسخ الذي
يعرفه إطار التضامن التقليدي الذي كان يخفف من كلفة ولوج الشباب إلى
الحياة النشيطة والتكفل بالأشخاص المسنين دفع في اتجاه تباعد ما بين ساكنة
أغلبها من الشباب وبين البنيات والنخب التقليدية التي تلعب دور الوساطة
الاجتماعية والسياسية. وفي سياق الانفتاح على أنماط استهلاكية جديدة وقيم
وسلوكات اجتماعية مهيمنة أكثر فأكثر على المستوى الدولي، فان الحاجيات
الاجتماعية والتطلعات نحو العيش الرغيد والمعايير الثقافية لدى جزء من هذه
الساكنة يجعلها تبحث عن إطار جديد للتعبير يمكن أن يرتكز، على الأقل لبعض
الوقت، على صيغ تنظيمية عفوية أو ذات طابع مصلحي فئوي.
كما أن ارتفاع
شيخوخة السكان التي بدأت تثقل كاهل منظومة الصحة وصناديق التقاعد والوقاية
الاجتماعية من شأنها بجانبها الزيادة في تعقيد تدبير إشكالية الأشخاص
المسنين في بلد ذو ارث تاريخي يكن لهم احتراما كبيرا بحكم دورهم في الحفاظ
على التوازن العاطفي للأسرة وفي ديمومة قيمه الأساسية .
وتخص
الملاحظة الثالثة مجموعة من الفرص التي يحملها الانتقال الديموغرافي
للبلاد إلى جانب التحديات التي يفرضها، فانخفاض معدل التزايد الديموغرافي
ينجم عنه انخفاض في حجم الساكنة التي يقل عمرها عن 15 سنة مما ييسر مضاعفة
الجهود المبذولة في التعليم بهدف امتصاص العجز الموروث عن الماضي وتحسين
جودة وملاءمة منتوجه مع متطلبات سوق الشغل. هذا، وإذا كانت المقادير
المرتفعة من الساكنة النشيطة مشكلة من الشباب، مما يعتبر ورقة وازنة فإنه
من المؤكد أن الاستثمار في القطاعات التي تخلق أكثر مقدار من الشغل غير
المباشر وفي منظومة التعليم والتكوين هو وحده كفيل بتثمين التوفر على هذه
الورقة. وإنه لمن المؤكد أن المعدل الكبير من الاستثمار الذي حققه المغرب
لامتصاص العجز في ميزان البنيات التحتية والتنمية البشرية قد شكل في هذا
المضمار اختيارا موفقا من حيث إنه قابل لجعل البلاد تنفتح على هذا التثمين
الضروري. وهذا التثمين يستمد اليوم ضرورته أكثر علما بأن الهجرة الدولية
التي ساعدت إلى حد الآن في التخفيف من الضغط على سوق الشغل من المحتمل أن
تعرف تراجعا تحت تأثير الوضعية الدولية الاقتصادية منها والجيوسياسية
وآفاق تطورها. فتعبئة أكبر معدل للادخار من أجل الاستثمار تبقى بكل تأكيد
السبيل الوحيد لرفع التحديات الحالية دون رهن للمستقبل. فليس هناك إلى حد
الآن نموذج اقتصادي معروف، في إطار الانفتاح على السوق الدولية استطاع أن
يستجيب للمقتضيات المزدوجة للتشغيل والرفع من الدخل دون اعتماد ذلك في
إطار نظرة ذات بعد بعيد المدى إلا بنهج هذا السبيل وهذا بطبيعة الحال لا
يستثني، بل يفرض ضرورة الإنصاف الاجتماعي بنفس القدر الذي لا يستثني
المشاركة الديموقراطية في إطار مواطنة مسؤولة. بل إن هذين المقتضيين
يشكلان الأول كما الثاني شرطا ضروريا لأن أن يؤدي هذا السبيل إلى أحسن
مخرج .
majda- عدد الرسائل : 7
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 13/03/2011
مواضيع مماثلة
» رسميا .. نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى بالمغرب
» الإحصاء العام للسكان والسكنى 2014 النتائج الرئيسية والنهائية
» ضبط 407 حالات غش وتراجع نسبة الحالات بـ21 في المائة مقارنة بالسنة الماضية
» الشعر.. بالغذاء المتكامل يستعيد نموه الطبيعي
» لحرش: الفصل بين الذكور والإناث في النوم يساعد على النمو النفسي السليم
» الإحصاء العام للسكان والسكنى 2014 النتائج الرئيسية والنهائية
» ضبط 407 حالات غش وتراجع نسبة الحالات بـ21 في المائة مقارنة بالسنة الماضية
» الشعر.. بالغذاء المتكامل يستعيد نموه الطبيعي
» لحرش: الفصل بين الذكور والإناث في النوم يساعد على النمو النفسي السليم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى