مدرسة «النجاح»...
+4
القيطي
عبدالله
nezha
said
8 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مدرسة «النجاح»...
حين ولج جيلنا أبواب المدرسة العمومية المغربية كان يطلق عليها اسم
«المدرسة» فحسب، دون إضافة أي نعت أو صفة، وذلك بخلاف مدرسة اليوم التي لم
يعد اسمها يذكر إلا مرتبطا بعدد من النعوت، فهي «مدرسة النجاح» تارة،
و«مدرسة التفوق» تارة ثانية، ثم هي «مدرسة الجودة» تارة أخرى...، إلى غير
ذلك من الأسماء التي يمكن للمرء أن يتصوّر معها أن مدرستنا القديمة كانت
تفتقر إلى كل هذه الصفات، وأن مدرسة اليوم بزّت مدرسة الأمس وتغلبت عليها
بالضربة القاضية.
وبعيدا عن الانسياق مع بعض الأفكار المغرضة التي تقول إن الحديث عن النجاح
والجودة والتفوق هو فقط لإخفاء حقيقة أن المدرسة الحالية هي مدرسة «السقوط»
و«الرداءة» و«الخمول»، ينبغي الاعتراف، بخصوص هذه المسألة، بأن جيلنا جيل
ضائع فعلا لأنه ولد قبل ظهور مدرسة اليوم فحرم بذلك من جميع نعمها هاته،
تماما مثلما حرم من بعض نعمها الأخرى، وعلى رأسها تكوينها للناشئة في مجال
حمل الأثقال (عن طريق تكديس حقائبهم بكتب المقرر الدراسي)، بما يهيئهم
لحرفة عضلية في المستقبل في حال إخفاقهم في الحصول على موقع ضمن الإدارة
العمومية، أو إدخال التلاميذ عنوة في العصر التواصلي الحديث، ووضعهم في قلب
الثورة التكنولوجية المعاصرة التي اندمجوا فيها وصارت مصدرا رئيسيا
لثقافتهم الجديدة (أو ما بعد الجديدة) القائمة على «الشات» و«الفيسبوك»
واستعمال الهاتف المحمول كشكل رئيسي للتواصل السمعي والنصي (وللـ«نقل» في
الامتحان). وهي ثورة تربوية حقيقية قضت على المواد الدراسية التقليدية (مثل
الإملاء و«الديكتي»، معا) وغيّرت نظرة العالم برمته إلى العملية التربوية
التي صارت، من الآن فصاعدا، عملية صاعدة من التلميذ إلى الأستاذ: ترمي
بالكتاب والعقل جانبا وتعيد الاعتبار إلى الحواس الخمس، وعلى رأسها حاستا
السمع والبصر.
لقد كنا نعاني، فعلا، مع مدرستنا القديمة وعشنا سنوات طويلة خائفين من كل
شيء: من المدير ومن عصا المعلم وسخط الأهل على النتائج المتدنية ومن تكرار
القسم أو «السقوط» كما كنا نسميه، وهي مخاوف زالت تماما -ولله الحمد- مع
إشراقة «مدرسة النجاح» التي لا يسقط فيها أحد والتي يمدّ التلميذ يده فيها
على الأستاذ (وليس العكس، ما عدا إذا «عماها ليه الله»- أي للأستاذ)؛ كل
ذلك بفضل مرونة «عتبة» معدلات النجاح التي تتغير من مستوى إلى آخر ومن عام
إلى آخر، حسب كل أكاديمية ونيابة.
كان معلمونا حريصين على تعليمنا «القراية» (و«القراية» فحسب) لا يهتمون
بفتح أعيننا على الواقع المحيط بنا؛ هكذا كانت ثقافتنا مدرسية مجردة لا
تنفعنا في تدبير الحياة الواقعية اليومية؛ بخلاف «مدرسة النجاح» التي تجعل
تلميذ اليوم مندمجا في هذه الحياة مباشرة بعد خروجه من باب المدرسة أو
الفصل، حيث يجد باعة المخدرات أمامه، وهذه في متناوله بمختلف الأشكال
والأنواع، وحسب إمكاناته المادية؛ فيجمع الموجود الفيزيقي باللاموجود
الميتافيزيقي اعتمادا على حبّة أو «كالة» واحدة.
هكذا تكتمل الدروس «النظرية» التي يتلقاها في القسم بالدروس «العملية» التي
يتلقاها في الشارع، ويحصل الاندماج عنده بين العالمين، الواقعي والخيالي،
بما يفتح طاقاته الإبداعية عن آخرها، ويجعله عنصرا فعالا مشرقا في مسيرة
مجتمعه الواعدة نحو «العلا» الذي «سيبزغ» حتما في يوم من أيام المستقبل (أو
الماضي) الأقرب إلينا من حبل الوريد.
مصطفى المسناوي
المساء - 17-02-2012
«المدرسة» فحسب، دون إضافة أي نعت أو صفة، وذلك بخلاف مدرسة اليوم التي لم
يعد اسمها يذكر إلا مرتبطا بعدد من النعوت، فهي «مدرسة النجاح» تارة،
و«مدرسة التفوق» تارة ثانية، ثم هي «مدرسة الجودة» تارة أخرى...، إلى غير
ذلك من الأسماء التي يمكن للمرء أن يتصوّر معها أن مدرستنا القديمة كانت
تفتقر إلى كل هذه الصفات، وأن مدرسة اليوم بزّت مدرسة الأمس وتغلبت عليها
بالضربة القاضية.
وبعيدا عن الانسياق مع بعض الأفكار المغرضة التي تقول إن الحديث عن النجاح
والجودة والتفوق هو فقط لإخفاء حقيقة أن المدرسة الحالية هي مدرسة «السقوط»
و«الرداءة» و«الخمول»، ينبغي الاعتراف، بخصوص هذه المسألة، بأن جيلنا جيل
ضائع فعلا لأنه ولد قبل ظهور مدرسة اليوم فحرم بذلك من جميع نعمها هاته،
تماما مثلما حرم من بعض نعمها الأخرى، وعلى رأسها تكوينها للناشئة في مجال
حمل الأثقال (عن طريق تكديس حقائبهم بكتب المقرر الدراسي)، بما يهيئهم
لحرفة عضلية في المستقبل في حال إخفاقهم في الحصول على موقع ضمن الإدارة
العمومية، أو إدخال التلاميذ عنوة في العصر التواصلي الحديث، ووضعهم في قلب
الثورة التكنولوجية المعاصرة التي اندمجوا فيها وصارت مصدرا رئيسيا
لثقافتهم الجديدة (أو ما بعد الجديدة) القائمة على «الشات» و«الفيسبوك»
واستعمال الهاتف المحمول كشكل رئيسي للتواصل السمعي والنصي (وللـ«نقل» في
الامتحان). وهي ثورة تربوية حقيقية قضت على المواد الدراسية التقليدية (مثل
الإملاء و«الديكتي»، معا) وغيّرت نظرة العالم برمته إلى العملية التربوية
التي صارت، من الآن فصاعدا، عملية صاعدة من التلميذ إلى الأستاذ: ترمي
بالكتاب والعقل جانبا وتعيد الاعتبار إلى الحواس الخمس، وعلى رأسها حاستا
السمع والبصر.
لقد كنا نعاني، فعلا، مع مدرستنا القديمة وعشنا سنوات طويلة خائفين من كل
شيء: من المدير ومن عصا المعلم وسخط الأهل على النتائج المتدنية ومن تكرار
القسم أو «السقوط» كما كنا نسميه، وهي مخاوف زالت تماما -ولله الحمد- مع
إشراقة «مدرسة النجاح» التي لا يسقط فيها أحد والتي يمدّ التلميذ يده فيها
على الأستاذ (وليس العكس، ما عدا إذا «عماها ليه الله»- أي للأستاذ)؛ كل
ذلك بفضل مرونة «عتبة» معدلات النجاح التي تتغير من مستوى إلى آخر ومن عام
إلى آخر، حسب كل أكاديمية ونيابة.
كان معلمونا حريصين على تعليمنا «القراية» (و«القراية» فحسب) لا يهتمون
بفتح أعيننا على الواقع المحيط بنا؛ هكذا كانت ثقافتنا مدرسية مجردة لا
تنفعنا في تدبير الحياة الواقعية اليومية؛ بخلاف «مدرسة النجاح» التي تجعل
تلميذ اليوم مندمجا في هذه الحياة مباشرة بعد خروجه من باب المدرسة أو
الفصل، حيث يجد باعة المخدرات أمامه، وهذه في متناوله بمختلف الأشكال
والأنواع، وحسب إمكاناته المادية؛ فيجمع الموجود الفيزيقي باللاموجود
الميتافيزيقي اعتمادا على حبّة أو «كالة» واحدة.
هكذا تكتمل الدروس «النظرية» التي يتلقاها في القسم بالدروس «العملية» التي
يتلقاها في الشارع، ويحصل الاندماج عنده بين العالمين، الواقعي والخيالي،
بما يفتح طاقاته الإبداعية عن آخرها، ويجعله عنصرا فعالا مشرقا في مسيرة
مجتمعه الواعدة نحو «العلا» الذي «سيبزغ» حتما في يوم من أيام المستقبل (أو
الماضي) الأقرب إلينا من حبل الوريد.
مصطفى المسناوي
المساء - 17-02-2012
said- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4523
العمر : 60
Emploi : موظف
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: مدرسة «النجاح»...
يبدو ان لا وجود لا لمدرسة ولا لنجاح
nezha- عدد الرسائل : 6218
العمر : 61
Localisation : s/a/g
تاريخ التسجيل : 16/04/2008
رد: مدرسة «النجاح»...
nezha كتب:يبدو ان لا وجود لا لمدرسة ولا لنجاح
وخا الحبيب انا متفق معك ما كاين لا مدرسة ولا نجاح...وعلاش الحبيب كتتخلص بالشهرية انت وراضي؟رد الفلوس لمواليهم وشوف لك شي حرفة اخرى يبان فيها جهدك .
القيطي- عدد الرسائل : 1883
العمر : 59
Localisation : maghreb
تاريخ التسجيل : 30/06/2006
رد: مدرسة «النجاح»...
علينا ألا نكتفي بالسخرية من المستوى المتدني للتلاميذ
فمستوى بعض الاساتذة هو الآخر يندى له الجبين!!
فمستوى بعض الاساتذة هو الآخر يندى له الجبين!!
bentama- عدد الرسائل : 79
تاريخ التسجيل : 26/08/2006
رد: مدرسة «النجاح»...
bentama كتب:علينا ألا نكتفي بالسخرية من المستوى المتدني للتلاميذ
فمستوى بعض الاساتذة هو الآخر يندى له الجبين!!
كلامك صحيح.من يتحمل مسؤولية ضعف هؤلاء التلاميذ ؟ إنهم الاساتذة الفاشلون _ مع احترامي للاساتذة المجدين _ الذين وجدوا انفسهم في القسم اضطرارا وبدون عدة معرفية وبيداغوجية..تصورا جنديا في الجبهة بدون عتاد ولا ذخيرة ولا مؤونة..ماذا سيفيد وجوده هناك؟ تلاميذنا ضحايا سياسة تعليمية ترقيعية ..56 سنة ولم نتمكن بعد من تحديد ما نريد؟ نامل ان تقوم الحكومة الحالية بتصحيح الاختلالات وتحقيق انطلاقة فعلية لمدرسة مغربية وطنية .
راضية- عدد الرسائل : 124
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 23/11/2007
رد: مدرسة «النجاح»...
تصوروا أستاذا في الابتدائي يشتغل في هذه الظروف.اذا استطاع ان يحافظ على توازنه النفسي ولم يصب بالاكتئاب او بالجنون سيكون قد نجح في مهمته..ان لا يعلم شيئا.
jabilou- عدد الرسائل : 445
العمر : 55
Localisation : min bled li bled
Emploi : hamdolilah
تاريخ التسجيل : 01/07/2006
رد: مدرسة «النجاح»...
هل هذه المدرسة في المغرب ام في الصومال ؟ اذا كانت في المغرب فانها فضيحة بجلاجل تستدعي محاسبة المسؤولين عن الشان المدرسي الذين اهدروا الملايين في بيداغوجية الادماج و...نحن في حاجة لمدرسة حقيقية اولا..ومدرس في المستوى..وانذاك يمكن ان نتصور تلاميذ في المستوى..
ربيع- عدد الرسائل : 1432
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 04/07/2008
رد: مدرسة «النجاح»...
كاين اكثر من ه\ه المدرسة -ماخفي اعظم -
nezha- عدد الرسائل : 6218
العمر : 61
Localisation : s/a/g
تاريخ التسجيل : 16/04/2008
رد: مدرسة «النجاح»...
مجموعة مدارس حمان الفطواكي بدوار أسردون وتبدو علامات الاهمال والتلاشي بادية على جدرانها الخارجية..اما ما بالداخل فالله اعلم به.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» مدرسة النجاح !
» مدرسة الجودة وتكافؤ الفرص !! :صور من مدرسة الزرازار بجماعة امزفرون،اقليم وزان.
» النجاح ثمرة الإجتهاد
» هنيئا النجاح في الباكالوريا
» الطريق الى النجاح او الفشل
» مدرسة الجودة وتكافؤ الفرص !! :صور من مدرسة الزرازار بجماعة امزفرون،اقليم وزان.
» النجاح ثمرة الإجتهاد
» هنيئا النجاح في الباكالوريا
» الطريق الى النجاح او الفشل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى