صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أدونيس في حوار مع «أفريك- أزي» استخدام الدين سياسياً شكل من أشكال العنف واغتصاب إرادات البشر

اذهب الى الأسفل

أدونيس في حوار مع «أفريك- أزي» استخدام الدين سياسياً شكل من أشكال العنف واغتصاب إرادات البشر Empty أدونيس في حوار مع «أفريك- أزي» استخدام الدين سياسياً شكل من أشكال العنف واغتصاب إرادات البشر

مُساهمة من طرف izarine الثلاثاء 19 يونيو 2012 - 21:26

أدونيس في حوار مع «أفريك- أزي» استخدام الدين سياسياً شكل من أشكال العنف واغتصاب إرادات البشر 5mETWPNKmH

حصل «الاتحاد الثقافي» على النص الأصلي للحوار الذي أجرته شهرية «أفريك-أزي» مع الشاعر العربي الكبير أدونيس ونشرته في عددها الأخير.
في هذا الحوار، وكما هي عادته، تسلح أدونيس بجرأة كبيرة وهو يتناول قضايا
الحراك العربي والمد المحافظ في العالم العربي، مثلما لم يتردد في القول إن
فرنسا خانت مبادئ ثورتها في سياستها إزاء العرب.
وأكد أدونيس من جديد رفضه »استبداد الأنظمة«، موضحا أنه كان ضد نظام
الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وأنه اليوم ضد الرئيس السوري
بشار الأسد، علما أنه لا يرحب بوصول الإسلاميين إلى السلطة.
وقال المثقف السوري الكبير إن الثقافة في العالم العربي اليوم ظاهرة
بسيكولوجية قائمة على الخيبات والانتظار والإحباطات أكثر منها ظاهرة رؤية
ثقافية تنقل المجتمع من مرحلة إلى أخرى، كما كشف أن آخر أعماله يتجسد في
قصيدة طويلة عنوانها «كونشرتو القدس» التي صدرت باللغة الإسبانية قبل نشرها
بالعربية



- فلنبدأ بآخر العنقود الفكري ـ الأدبي وهو مجلة «الآخر» الفصلية، بعد
مشوارك الأول مع مجلة «شعر» و»آفاق» ثم «مواقف»، حيث كان الرابط في ما
بينها الانفتاح لقبول الآراء المختلفة. أما اليوم فهي مثابة مغامرة ان تصدر
هذه المجلة الواعدة في ظل حراك عربي على أكثر من مستوى، فما هو هدفك من
منها؟

- بالنسبة لي وللأصدقاء الذين نعمل سوية معاً، كل مجلة هي مشروع في حد
ذاته وليست سلة نضع فيها مقالاً من هنا وقصيدة جميلة من هناك. إنها مشروع
إعادة نظر في موروثنا الثقافي، والعمل للخروج من كل ما يعيق التقدم والأسس
التي يقوم عليها مجتمع الحب والفكر الحر. لقد بدأنا بمجلة «شعر» لأن
الثقافة الغالبة في المجتمع العربي كانت ولا تزال هي الثقافة الشعرية، أو
المستمدة من ينابيع شعرية إلى جانب الثقافة الدينية. وفعلت مجلة «شعر» ما
لم تفعله أي مجلة سابقة عليها، مع كل الاحترام لكل الجهود التي بُذلت في
هذا المجال. ويمكن اليوم التأريخ للشعر العربي إنطلاقا من هذه المحطة، أي
هناك ما قبل مجلة «شعر» وما بعدها، وحتى الذين حاربوها يعترفون موضوعياً
بذلك. وكانت النقلة إلى مجلة «مواقف» بمثابة وعي بأن خلق شعر حديث لا بد من
أن يكون في مناخ ثقافي كبير. والمهم لا أن نؤسس لشعر جديد فقط بل لثقافة
جديدة أيضاً. وفي هذا الإطار عملنا على إصدار مجلة «مواقف» وطرحنا إشكاليات
الثقافة العربية قديماً وحديثاً. واليوم مجلة «الآخر» هي استمرار لهذه
المشروعات لكنها تأتي في مرحلة مختلفة عن سابقاتها، ولهذا شددنا على
العلاقة بالآخر، فالذات لا تستطيع معرفة نفسها إلا إذا عرفت الآخر. إذاً
العلاقة بين الذات والآخر هي علاقة أساسية، بحيث أن الآخر لا يبدو كمجرد
عنصر للحوار بل عنصراً مكوناً للذات أيضاً. وهذا ما كان يقول به المتصوفون
قبل رامبو حين قالوا: الآخر هو الأنا. هذا يطرح مهمتين: الأولى هي نقد
الذات، فما هي الثقافة العربية وما هو التراث العربي؟ الثانية، وهي نقد
الآخر ، فمن هو الآخر؟ ولذلك فإن المهمة مركبة ومعقدة أكثر في مجلة
«الآخر». وهذا يفرض علينا أن نعرف الآخر عبر مقولاته، وتجدون أن نسبة
الكتاب الأجانب فيها اعلى بكثير من نسبتها في المجلات السابقة. وهم يكتبون
خصيصاً لمجلتنا ولا نلجأ لترجمة المقالات والدراسات الصادرة في مجلات أخرى
كما كنا نفعل ذلك سابقاً.
إذاً مجلة «الآخر» تندرج ضمن مشروع هو أن ما نسميه الماضي العربي كحضور
إبداعي إنتهى من وجهة نظري الشخصية إلا في ذرواته العليا، ولهذا يجب إعادة
قراءته بمنظور المستقبل. والمهمة هي تأسيس لثقافة جديدة ولمجتمع جديد، وبما
أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بالفصل الكامل بين ما هو ديني من جهة وما هو
سياسي ثقافي اجتماعي إقتصادي من جهة ثانية، يتحول الدين إلى إيمان فردي لا
يُلزم إلا صاحبه. ما لم تتم هذه العملية نحن نعتقد أن التغيير سيكون
مستحيلاً.


- أدونيس أنت خضت معارك فكرية على مدار تجربتك الطويلة فألا يفاجئك طغيان العامل الديني أكثر فأكثر من الماضي؟

- هذا لا يفاجئني بل يعزز ما أذهب إليه. وما لم نقم بهذا الفصل ونمأسس له
فيتجسد في مؤسسات ستظل الغلبة للحركة الدينية، أي لاستخدام الدين سياسياً،
وهذا شكل من أشكال العنف واغتصاب إرادات البشر بحيث أن هناك شمولية كلية
يمكن تسميته بالفاشية مقابل الفاشيات التي قامت على القوة العسكرية في
المجتمعات العربية.

- الغرب فصل تماماً بين الدين والسياسة على الأقل في المجال الدستوري والقانوني، نراه يروج للإسلام السياسي، فكيف تفسر ذلك؟


- إنه يروج ذلك عند العرب فقط. ولذلك أنا أميز بين أوروبا السياسية
وأوروبا الثقافية. هناك مثقفون موظفون لدى الأنظمة وهناك مثقفون مستقلون
أحرار هم بالإجمال ضد السياسات الأوروبية في ما يتعلق بفلسطين والوضع
الراهن. من ينظر إلى فرنسا وسياستها اليوم حيال العالم العربي يستنتج أنها
خانت مبادئ الثورة الفرنسية. فبدل أن تعمل فرنسا على تعميق الحراك العلماني
الديموقراطي التعددي تؤسس لثورة شاملة تنقل المجتمعات العربية من مرحلة
القرون الوسطى إلى مرحلة الحداثة، تعمل بالعكس على تأييد جميع الحركات
الأصولية والرجعية وتتعاون مع الأنظمة الرجعية الأصولية باسم حقوق الإنسان.
مع العلم أن هناك مجالاً كبيراً لإختبار التعاطف مع هذه الحقوق في فلسطين
والسودان والعربية السعودية وفي بلدان الخليج إجمالاً حيث أن هناك بلداناً
ليس لها حتى الآن دستور. إن أوروبا الحضارة والثقافة اليوم تتعاون مع هذه
القبائل والدول اللا دستورية التي تقوم على العنف والقمع ولا تفهم معنى
حقوق الإنسان.
لا أحد منا يستطيع أن يدافع عن أي نظام عربي قائم، ولا يجوز الدفاع عنها
لكن لا يجوز معالجة الخطأ الذي تمثله الأنظمة القائمة بجلب خطأ آخر. لا
نصلح الشر بشر آخر بل بالخير، وما تفعله فرنسا والغرب لا يذهب أبداً في هذا
المنحى.

- مجلة «الآخر» هي مناخ ثقافي لطرح أفكار من شأنها تغيير المجتمع
والثقافة، ولقد جاء صدورها مع ما يسمى «الربيع العربي»، فكيف توفق بينهما؟

- تبنت مجلة «الآخر» حركة الشباب، وما سمي بـ «الربيع العربي» هو ظاهرة
فذة وعفوية تحدث للمرة الأولى في التاريخ العربي. وهي المرة الأولى التي لا
يقلد العرب الغرب في حركاتهم السياسية والثورية، وشاركنا ونشارك في هذا
الغضب وكتبت افتتاحية في هذا الموضوع. أما الثورة فهي حركة شاملة لا تقتصر
على مجرد تغيير الأنظمة بل عليها تغيير المؤسسات خصوصاً في مجتمعات
كالمجتمعات العربية حيث لا تزال بناها العميقة قروسطية. ففي مواضيع حرية
المرأة والمعتقد ومسائل التعليم وعلاقتها بالدين ووضع مفاهيم الأقلية
والأكثرية والمسألة الديموقراطية إلخ... تبقى المجتمعات العربية خارج
العالم الحديث. ولهذا فالمهم في هذا الحراك أن يتحول إلى قاعدة شعبية
تستطيع أن تحدث قطيعة مع هذا العالم القروسطي وتؤسس لعالم جديد. هذا مع
الأسف لم يحدث، وهذا ما حذرنا منه. فالقوى السلفية الدينية حصدت ما زرعته
قوى الشباب وقوى التقدم الحقيقي، وتبعثرت عناصر الصرخة الأولى وحاولوا أن
يسوغوا مجيء القوى السلفية والدينية، وصار بعضهم يصفق حتى للنضال والتحرر
تحت رايات اجنبية. يمكن أن يُفهم هذا الفشل في الثورة لاعتبارات كثيرة لكنه
لا يجوز أن يكون صيغة من صيغ التراجع والاندراج من جديد في العالم الديني.


- كيف تفسر حملات الانتقاد التي تعرضت لها؟

- أنا لا أريد إتهام أحد، فالمسألة ليست فردية بل ثقافية وحضارية. لا
تزال البنى الثقافية تتحرك وفق العقليات القديمة، السلطة هي المحور الذي
يدور حوله الصراع. والمشكلة هي من يكون في السلطة وليس كيف نغير المجتمع.
وعليه فالثوري الحقيقي هو من يصغي إلى الآراء المتعددة، فالثورة هي الحرية
بكل معانيها ومستوياتها. والثورة لا تُقلص في أبيض وأسود لأنها تصبح صراعاً
محدوداً على السلطة. نحن خارج الصراع على السلطة، وتغيير السلطة هو نتيجة
تغيير المجتمع.

- ثمة من يقول أن الثورة الفرنسية استمرت قرنين، في معرض تبريره لحالة الفوضى الراهنة في العالم العربي.

- ليقولوا لنا علناً، أننا نريد فصل الدين عن الدولة، إنهم يخافون حتى من
كلمة علمانية، ويستخدمون عبارات مطاطة لا معنى لها. حين اسمع بياناً صريحاً
عن انتهاء مفهوم المرتد، وللمسلم ان يغير رأيه ودينه كما يشاء، وللمسيحي
الحق كما للمسلم الحق في جميع نواحي الحياة حقوقاً وواجبات، وللمرأة الحق
في السيادة الكاملة على جسدها وعلى مصيرها، أي تحرير المرأة من الشرع، وحين
أقرأ في هذا البيان أن العالم الإسلامي هو جزء من العالم الثقافي الكوني
وليس هو الجزء الأساس والباقون كفاراً يجب أن ندعوهم إلى الإيمان، حين يصدر
بيان مفصل بهذه القيم كما صدر في الثورة الفرنسية، حينذاك يمكننا أن نسوغ
الفوضى والانتظار مئة عام، لكن يكون لدينا طريق واضح نسير عليه. المطروح
اليوم إسقاط النظام لكن بعد ذلك ماذا نفعل؟ قد يكون أقل أو أكثر سوءاً،
لكنه سيكون نظاماً وستكون القضايا عالقة كما كانت في السابق.
وبالعودة إلى سؤالك، يصبح العمل الثوري ظاهرة نفسية وليست ثقافية. الثقافة
في العالم العربي اليوم هي ظاهرة بسيكولوجية قائمة على الخيبات والانتظار
والاحباطات أكثر منها ظاهرة رؤية ثقافية تنقل المجتمع من مرحلة إلى أخرى.

- ما تعليقك على وثيقة الأزهر للحريات الأساسية ؟

- في شكل عام كانت هذه الوثيقة خطوة ثقافية متقدمة قياساً بتاريخ الأزهر.
لكن في هكذا مراحل ليس هذا هو المطلوب من مرجعية دينية كبيرة. المطلوب من
الأزهر الإجابة عن نقاط محددة ليطمئن الناس. عليه أن يقول لنا أن للمسلم
الحق في اختيار الدين الذي يشاء، وللمرأة الحق في الطلاق كما هي حال الرجل،
لا أن يبرر مقولات ديموقراطية وحقوق الإنسان. إسرائيل تقول بحقوق الإنسان
لكنها ماذا تفعل في الواقع مع الفلسطينيين؟ العموميات لا قيمة لها ولا تضمن
شيئاً.
في المراحل الانتقالية يجب أن تقول المؤسسات الدينية كلمتها، ليس بكونها
مرجعاً مطلقاً ودائماً بل كموقف أخلاقي، فوثيقة الأزهر بالقياس لمرجعيته
وتاريخه القديم أكثر تطوراً وشفافية لكن بالقياس بالدولة المدنية والمجتمع
العلماني عليه أن يجيب عن الأسئلة الدقيقة التي طرحناها آنفاً، ومنها ما هو
وضع الشرع وحرية المعتقد عملياً؟ ولماذا لا يقول الأزهر بالعلمانية؟

- في سوريا، كيف تفسر أن الدستور الأول على أيام الملك الفيصل قبل قرن
تقريباً كان اكثر علمانية من كل الدساتير التي اعقبته، فيما المعارضة في
الخارج لم تجرأ على طرح مشروع حقيقي للتغيير؟

- السلطة جاءت إغتصاباً. فسلطة البعث مثلاً لم تأتِ عبر الانتخابات
والديموقراطية بل عبر الانقلاب العسكري. أما هذه المعارضة فمشروعها إحلال
سلطة محل سلطة وليس هدفها تغيير المجتمع، ولهذا فهي عنيفة ضد الآخرين
ولديها هدفاً تريد تحقيقه، إنها تفرض عليك القبول بمقولة: إما أنت معي أو
أنك ضدي. وإرادتها ليست من ذاتها، أنا لا أحب أن أتهم أحداً، لكن كل ما هو
دائر اليوم يؤكد لنا أن هناك أشباحاً والغرب يقاتل عبر هذه الأشباح. فأنا
لا أفهم وجود ثورة في سوريا إذا لم يقم حراك شعبي كبير في المدن كدمشق وحلب
واللاذقية، حتى مدينة حمص فهي أحياء، وهذا يعني أن هناك نوعاً من الأشباح
تقوم بالثورة. وأنا مع جميع الضحايا لكن أعتقد بأن هؤلاء مغرر بهم. وهذا
مؤسف لأنه يطفئ جمر الثورة لدى الشعب ويشوه الثورة الحقيقية.
في العالم العربي اليوم هناك إحباط لفكرة الثورة، لأنها اختُزلت وقُلِصت في
مسألة النظام وأبرزت القوى السلفية والدينية التي يجب أن نتحرر منها وكذلك
من القوى الأجنبية.
فهل رأيت في تاريخ الأمم المتحدة إجماعاً في الغربين الأوروبي والأميركي
على سوريا كما تراه اليوم؟ لماذا، نعم النظام سيئ ويجب أن يزول. هناك
معارضون لكل أنظمة العالم وفي سوريا أيضاً ، لكن بمجرد تحويل هؤلاء
المعارضين إلى بؤر تقاتل بالسلاح تحيد الثورة عن هدفها النبيل. لكن أعتقد
أنه يمكن إحداث التغيير من دون اللجوء إلى هذه الأساليب.

- وجهت رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، فهل تعيد الكرة، أم أنك نادم على القيام بذلك؟

- يمكن ان أطالبه بالإسراع. فكنت أول من طالب رئيس الجمهورية، على ما
أعتقد، بالخلاص من من احتكار الحزب الواحد للمجتمع، وانتقدته في الرسالة
كما لم ينتقده أحد في السابق، لكني أنا مستعد لتكرار إرسال الرسالة لأنني
ضد سلطة الحزب الواحد ومع الديموقراطية والتعددية، وضد مفهوم الأكثرية
والأقلية، لأنني من دعاة المجتمع المدني العلماني الواحد حيث النسيان
الكامل للانتماءات الدينية وحيث المواطنية لا تقوم على الفرد والقبيلة
والطائفة.
أنا مستعد لتكرار ما قمت به لأن الثورة مشروع مفتوح على المستقبل. وضمن
الثورات الشاملة يجب أن تقوم ثورات صغيرة فردية، ثورة يومية على الذات
وثورة على العائلة وثورة على الانتماء الطائفي. وبالإجمال الأفراد العرب
يريدون تحرير غيرهم فقط، أما الثورة الكبرى فهي الثورة الذاتية.

- ما الأمر الذي جرحك أكثر في الانتقادات التي وجهت إليك؟

- أنا لم أفاجأ على الإطلاق بأي إنتقاد، لكن الشيء الوحيد الذي دفعني إلى
التأكد من حدوسي القديمة، هو أن من يتهمونك بالطائفية لا يزالون يحملون هم
أنفسهم فكراً طائفياً. هذا ما عزز وجهة نظري باعتبار البنية العقلية
السائدة في المجتمع العربي بيمينه ويساره لاتزال بنية دينية. والانتقادات
لم تجرحني.
لا يمكنني الإنضواء في صراع إذا لم تكن أسسه واضحة وكذلك أفقه. فيما تريدك بعض القوى ان تكون معها ومن دون نقاش أو بحث.

- ما هي الأفكار أو «خطة الطريق» التي تطرحها اليوم لبناء مجتمع جديد في سوريا؟

- الأوضاع مضطربة وغامضة جداً، وانا من الناس الذين لا يعيشون في الداخل،
ونحن لسنا في داخل المشكلات لأننا نراها من الخارج، علينا ان نتواضع لأنه
ليس في مستطاعنا تقديم حلول لمشكلات لا نعيشها من الداخل. ولكن بعد هذا
التحفظ، أقول لو طُلب مني أن ادلي برأيي في مصر أو سوريا، لا يمكن في مصر
على سبيل المثال الانتقال إلى خطوة جديدة إذا لم تعلمن الدولة حيث لا سلفي
أو أصولي بل المواطن. وبالنسبة لسوريا، طوال حياتي كنت ضد حزب البعث، ولقد
اضطررت للهروب من سوريا منذ عام 1956، وكنت في أفكاري ونظرياتي ضد هذا
الحزب. ورفضت حضور مهرجانات المربد في العراق التي كانت تضم الكتاب
والشعراء والمفكرين لأنني ضد فكرة حكم الحزب الواحد من حيث المبدأ، وضد
أفكار هذا الحزب. أنا ديموقراطي وعلماني وضد العنف، وإذا كان الشعب لا يؤمن
بمثل هذه القضايا فاني لا اقدر أن أفعل شيئاً، فسأظل في الإطار النظري
وأكتب آرائي، وإذا جرت إنتخابات ديموقراطية ونجح فيها الأخوان المسلمون أو
غيرهم سأحترم هذه النتائج إحتراماً لإرادة الشعب ولكني سأواصل معركتي حتى
تنتصر الديموقراطية.
فحزب البعث دخل في كل المؤسسات منذ عقود، وغير كل شيء، فهناك مرتزقة
وسارقون كلهم تحت راية هذا الحزب، وفي هذه الظروف الراهنة الجميع يتكتل
ويندمج معه دفاعاً عن مصالحه. في تقديري لايمكن التغيير إلا بأحد أمرين،
إما أن تتحاور مع النظام كقوة ديموقراطية شعبية على اساس الاتفاق معه على
مرحلة انتقالية.
وحين تريد اللجوء إلى السلاح في أحد الأحياء لمقارعة النظام يحق لصاحب
السلطة الدفاع عن نفسه. فلو احتل خمسون شخصاً الحي اللاتيني واقاموا
قيادتهم في مقهى لي دو ماغو وبدأوا بضرب القنابل، فماذا يفعل رئيس الدولة
الفرنسية؟ عليه إما الاستسلام لهم أو شن هجوم ضدهم. هذا صراع على السلطة
أنا لا أدخل فيه. إذا لم ننجح في إخراج الشعب معنا في الديموقراطية لا يجوز
أن نلجأ إلى السلاح.
وما دمرنا هو الاستعجال، فالحل غير ممكن إلا بالحوار، وهذا ما يسير فيه جزء
من المعارضة، ثانياً، إلغاء الحزب الواحد، وهذا ما تم تنفيذه. ثالثاً،
العلمنة لكي تقطع العلاقة مع الماضي الديني ويصبح الصراع ليس على استعادة
الماضي بل على تحويل الحاضر وعلى ترسيخ الأسس الفكرية للمواطنة، رابعاً،
إلغاء مفهوم الأكثرية والأقلية باستثناء بعدها السياسي في صناديق الإقتراع،
وهذا ليس بمعنى الأقلية المسيحية أو العلوية أو الكردية أو الدرزية إلخ...
على قول نابليون كل شيء لليهود كمواطنين ولا شيء كطائفة.
يمكنني صياغة مبادئ تتعلق بهذه الأمور، لكن السؤال من يصغي إليها الآن.
مع ذلك لدي علاقات بالمعارضة الداخلية مع ميشال كيلو وغيره وننسق بعض
الأشياء معاً، لكن بما إني لست سياسياً وليست لدي أي مطامح سياسية على
الإطلاق، فإذا قُدِّمت السلطة العربية بأكملها لي وليس فقط في سوريا
فسأرفضها جملة وتفصيلاً.
وإذا لم يتم هذا الحوار فأخشى أن تكون هناك خطة لا للحلول بل لتحويل سوريا
إلى بؤرة للصراع إلى ما لا نهاية ، فالقوى المتداخلة ستُبقي قلب الشرق
الأوسط ساحة للصراع. فمصالح العالم متحركة وهي أكثر إلحاحاً لأن المستقبل
يبدو مظلماً في ما يتعلق بالطاقة والوصول إلى طاقة جديدة. فازدياد الضغوط
على الدول الأوروبية والأميركية يدفعها إلى طرح مخارج، فالحروب المحلية أو
الكبرى قد تكون مخارج. واعتقد بأن سوريا بحكم موقعها الاستراتيجي وبما تمثل
من تداخل تاريخي وعناصر بشرية هي مكان متميز لخلق ما يوهم بمثل هذه
المخارج لتركيا وإسرائيل والسعودية ... فهذه الأخيرة تحارب من أجل مستقبلها
وعلاقتها مع إيران ولكي تخفف الوطأة عليها فهي تضرب سوريا حليفة طهران.
وأتمنى من أصدقاء النظام السوري تشجيعه على مزيد من الانفتاح والجذرية في
السير بما تحدثنا عنه قبل قليل، أي السير نحو مجتمع مدني، لكن السؤال هو هل
ستتفهم القوى الدينية التي تحتضن هذا النظام ضد الوهابية هذا المنحى؟ فهل
يرضى الرفاعيون والنقشبنديون والحركات الصوفية القوية في دمشق وحلب وغيرهما
بالاتجاه المدني العلماني أم لا؟

- أليس من المفارقة أن تكون مصر التي حاربت الوهابية في القرن التاسع عشر ، ضحية لها اليوم بعد إنتصار الوهابية عليها؟
> تحولت مصر اليوم إلى سلاح بشري في يد الوهابية، وهذا ما تحاول أن تفعله في سوريا.

- أنت في حوار دائم مع المثقفين الغربيين، فكيف يردون على هذه القضايا؟

- إنهم يفصلون بين الثقافي والسياسي اليوم، وخلاصة ما وصلت إليه في حواري
مع المثقفين الغربيين هي أنني أرى ثلاثة مستويات من الشرائح. الشريحة
الأولى تنطلق من موقفها المناهض لسياسة إسرائيل من دون أن يعني ذلك أنها
ضد اليهود أو مع اللاسامية. لكن هؤلاء يقولون رأيهم بخفر وهم مقتنعون
اقتناعاً كاملاً على طريقة غونتر غراس الأخيرة، ويناصرون القضية الفلسطينية
مناصرة كاملة، وبالتالي يناصرون القضايا العربية إجمالاً، وهذه الشريحة هي
ضد السياسات الأوروبية والأمريكية. هناك شريحة ثانية تقول: كيف نقف معكم
وأنتم كعرب لستم واقفين مع أنفسكم، فمع من نقف وكيف؟ أما الشريحة الثالثة
من المثقفين الغربيين فهي تقف مع السلطة ولا تميز كثيراً موقفها عن موقف
حكومتها حيال هذه القضية أم تلك.
لا يجوز فصل السياسة الغربية على الإطلاق عن المسألة الإسرائيلية في الشرق
الأوسط. فإسرائيل لن تقبل إطلاقاً إقامة دولة فلسطينية، وما يقال في
الإعلام ما هو إلا إلهاء.
وأعتقد بان قبول الغرب بالعودة إلى الدين في شكل أو آخر في المجتمع العربي
هو نوع من القبول بكون إسرائيل دولة يهودية. بمعنى آخر إن يهودية إسرائيل
شجعت على القبول بإسلامية الحراك العربي الراهن.


- كيف يغير الشاعر الوضع ؟

- مشكلات الشعر كمشكلات السياسة والمجتمع. فماذا تعني نقلة في ثقافة شعرية
من مرحلة إلى أخرى؟ هناك معياران، الأول ما يُكتب الآن شعرياً نقل
الحساسية والبنية الشعريتين إلى مرحلة لم تكن موجودة سابقاً. ثمة قطيعة بين
الكتابة الشعرية اليوم والكتابة الشعرية سابقاً، بغض النظر عن التقويم فمن
الممكن أن ما ينتج الآن أسوأ مما كان ينتج في الماضي. المعيار الثاني،
مجيء جيل طور في الكتابة السابقة، أي أعطاها أبعاداً أخرى وأدخل عليها
إضافات جديدة. هذان المعياران موجودان قليلاً أو كثيراً في الكتابة الشعرية
العربية الحديثة اليوم، هناك نقلة على غرار ما تحدثنا عنه في «الربيع
العربي»، ففي شكل هذا الربيع الشبابي نقلة هائلة لكنه في حصيلته الكاملة
شيء آخر. هكذا الشعر مع حفظ الخصائص.

- ما هو نتاجك الشعري الأخير؟

- قصيدة طويلة عنوانها «كونشرتو القدس» عن دار الساقي. والمفارقة انها
صدرت الآن بالإسبانية قبل صدورها بالعربية وبالفرنسية لاحقاً.



15\6\2012


izarine
izarine

ذكر عدد الرسائل : 1855
العمر : 65
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى