حديث الصباح: التعليم الخاص... من الوطنية إلى الاستثمار
صفحة 1 من اصل 1
حديث الصباح: التعليم الخاص... من الوطنية إلى الاستثمار
يعيد إنتاج أزمة التعليم العام بثمن باهظ تؤديه الأسرة المغربية
من يتحدث عن مجانية التعليم بالمغرب يخوض في اللامعقول. ويكفي التذكير
بأن التعليم المغربي عام وخاص ليتأكد لنا ذلك. وعندما نتبين أن التعليم
الخاص مر بمراحل لكل منها خصوصيتها، نلاحظ أن المرحلة الأخيرة التي نعيشها
حتى الساعة، على وجه خاص، تؤكد لنا أن مجانية التعليم، بمعناها الحقيقي، قد
ضربت في الصميم، اللهم إلا إذا كان المقصود بالمجانية إلغاءها نهائيا، مع
إعفاء بعض الفئات الاجتماعية؟ وحتى في هذه الحالة، يمكننا القول إن الأسر
المغربية التي أبقت أحد أبنائها أو كلهم في التعليم العام، فذلك للضرورة
القصوى، وليس للرغبة في هذا التعليم الذي يعاني الاكتظاظ الشديد وضعف
المراقبة وقلة المردودية...
لو أن كل الأسر المغربية، وبدون استثناء،
تتوفر على حد معقول من الوسائل التي تتيح لها إمكانية الأداء على أبنائها
في التعليم الخاص، لما أبقت واحدا منهم في التعليم العام؟ أليس هذا كافيا
لإبراز أن التعليم العام لم يعد يستهوي أحدا، وأن الحديث عن المجانية، حديث
خرافة؟ لقد صارت المؤسسات الخاصة مفتوحة «الصدر»، لمن لهم الإمكانيات، من
الروض إلى الأقسام التحضيرية؟ وبعض الأسر تضطر إلى بعث أبنائها لدراسة الطب
مثلا في تونس أو السنغال أو أوكرانيا، بعد أن سدت في وجوههم كلية الطب أو
الصيدلة. وعندما يغدو اختيار الكليات العمومية آخر ما يتوجه إليه الطالب
مكرها، أي بعد انسداد آفاق المؤسسات القائمة على التمييز والانتقاء، أو بعد
استحالة دفع مصاريف المؤسسات العليا الخاصة، والتي تكلف الأسرة عدة ملايين
في السنة، أنى لنا أن نتحدث عن المجانية؟ بل إن شهادة الماستر في بعض
الكليات صار مؤدى عنها.
يمكننا الحديث عن المجانية، لو أن هذا التعليم
العام مرغوب فيه، ومطلوب، لأن كل الشروط التربوية والمعرفية متوفرة فيه،
ولكن عندما يمسي بمثابة آخر الدواء، ويكون اللجوء إليه للضرورة القصوى، فإن
إثارة المجانية عبث. وعندما نعرف أن جزءا هاما من الأسر المغربية بات
التعليم يشكل بالنسبة إليها «مرضا» عضالا، يستنزف مدخولها الشهري، بدون أن
تعوضها عن نسبة من الأداء تعاضدية أو صندوق ضمان؟ فمن التعليم الخاص إلى
مؤسسات الدعم والتقوية إلى الساعات الإضافية في البيت. وكل ذلك على أمل
حصول أبنائهم على معدل يؤهلهم للولوج إلى المدارس أو الكليات التي يحلمون
بها. ومع ذلك، تتبخر الأحلام، فيكون الاضطرار لمتابعة التعليم العالي في
مؤسسات «عليا»، بمعنى باهظة جدا، ويكون المصير بعد ذلك: البطالة؟ فما هي
صورة هذا التعليم «الخاص» الذي بات شبه «بديل» عن التعليم العمومي؟ وما هو
التكوين «المميز» الذي يؤهل به الأجيال الجديدة؟
لقد مر التعليم الخاص
بثلاث مراحل، تعكس التطور الذي عرفته السياسة التعليمية ببلادنا. لقد كان
هذا التعليم في البداية «حرا»، بمعنى أنه مرتبط بـ»الحرية» التي ضحى
المغاربة بكل غال ونفيس من أجل الحصول عليها مع الاستقلال ـ الحلم. أسس
الوطنيون، خلال فترة الاستعمار المدرسة «الحرة» لتكون بديلا عن التعليم
الفرنسي الذي وضع للأعيان، وأبناء بعض القرى والقبائل بقصد إدماج جزء من
المغاربة في بنيته عن طريق سلبهم هويتهم الوطنية، وتغريبهم عن ثقافتهم
ولغتهم العربية.
ساهمت هذه المدارس في تكوين جيل حافظ على مقومات الثقافة والهوية
المغربية، وهو الذي عمل على تحمل جزء من المسؤولية في تكوين الأجيال
الأولى من الاستقلال عندما طرحت "إلزامية التعليم" وحل التكوين في المدارس
الحكومية المغربية (السكويلة) محل المدارس الفرنسية. ومع الزمن بدأت تتلاشى
وظيفة هذا التعليم، بإقدام المغاربة على دفع أبنائهم للتعليم العمومي الذي
يوفر تكوينا عصريا مزدوجا يتجاوز الحدود التي وقف عليها التعليم الحر الذي
كان معربا بدرجة كبيرة.
غير أنه مع التطور الذي عرفه المغرب في
الستينات وبداية السبعينات، وفشل السياسة التعليمية التي أدت إلى انتفاضة
23 مارس 1965، والتي صار التعليم فيها نخبويا، يسعى إلى التخلص سنويا من
أعداد هائلة من التلاميذ عن طريق الفصل، ظهرت مجددا ضرورة التعليم "الحر"،
وقد صار يأخذ صيغة مختلفة عن "الحرية" التي كانت خلال الاستعمار أو بدايات
الاستقلال. إنه التعليم الذي يمتص غير المسموح لهم بتكرار السنة، والضعفاء
من التلاميذ الذين يعانون مشاكل محددة تحول دون توفقهم في متابعة دراستهم
في المدارس العمومية. أو للذين انقطعوا لسبب أو آخر، مثل الالتحاق بسلك
التعليم الابتدائي أو التمريض، بعد شهادة "البروفي"، وعندهم الرغبة في
الحصول على الباكلوريا لتحسين وضعيتهم المادية.
كانت وضعية هذه المدارس
الحرة مزرية جدا، لا تتوفر فيها مستلزمات فضاء التكوين: يتكدس التلاميذ في
غرف أعدت أساسا للسكن في شقق، وكان التلاميذ فعلا يحسبون أنفسهم "أحرارا"
بمعنى الكلمة. فهم ضعاف المستوى، وآباؤهم هم الذين فرضوا عليهم متابعة
الدراسة، وليس لهم غير تزجية الوقت، والمطالبة بالنجاح، ما داموا يؤدون
واجب تمدرسهم؟ أتيحت لي فرصة التدريس في هذه الشقق خلال السنوات الأخيرة من
السبعينات، وبدايات الثمانينات، للضرورة المادية التي لم يكن يوفرها
التعليم العمومي، فكانت بالنسبة إلي فرصة للتعرف على الواقع التعليمي
الحقيقي بالمغرب. ورغم الجهد الذي يمكن أن يبذله الأستاذ لإنقاذ هذه الفئة،
يجد نفسه أمام تلميذ أو اثنين ممن يريد تدارك ما فاته. أما الأغلبية
فتستغل "الحرية" لتضييع الوقت، والمطالبة بالانتقال إلى القسم الأعلى.
وكانت الإدارة ترضخ للواقع المر.
ويستمر مسلسل محاربة "المجانية" في
السياسة التعليمية العامة بدون التصريح بذلك في المرحلة الأخيرة (منذ أواسط
الثمانينات) إذ سيصبح التعليم الخاص "امتيازا". فأمام الاكتظاظ وقلة الأطر
التربوية وكثرة الإضرابات، تارة للأساتذة وطورا للتلاميذ، للمطالبة بتحسين
المستوى التعليمي، وغياب المردودية، وانسداد الآفاق أمام تزايد الخريجين
سنويا، رغم السياسة النخبوية، وبعد "عصرنة" الكتاتيب القرآنية وتحويلها إلى
رياض للأطفال، ووضع شروط جديدة لفتح المدارس الخاصة، صار الاقتناع لدى بعض
الفئات الاجتماعية بأن التعليم الجيد لا يمكن أن توفره إلا المدارس
الابتدائية الخاصة، ثم تواصل هذا التصور بعد ذلك مع الإعدادي فالثانوي،
وأخيرا العالي. صارت هذه المؤسسات تنبت سنويا داخل المدن الكبرى كالفطر،
وصارت مجالا للتنافس في إقامة البنايات الفخمة ورفع الأثمنة والدعاية
وادعاء "الانتقاء" عن طريق إجراء المقابلة قبل الدخول وإدراج الإنجليزية في
الابتدائي؟ وفرض الكتب المدرسية الأجنبية... كما أنها صارت تتنافس في وضع
سبورات النجاح في الابتدائي والباكلوريا بنسبة مائة في المائة، وفتح
الأقسام التحضيرية؟ وادعاء الشراكات مع مؤسسات جامعية أجنبية...
لقد
انتقل التعليم الخاص في المرحلة الأخيرة على مستوى الظاهر من "امتصاص"
الراسبين والعاجزين الذين لفظهم التعليم العمومي، إلى امتصاص "الراغبين" في
التفوق من أجل الحصول على النقط التي تسمح لهم بالقبول في لوائح الانتقاء
والتميز؟ أو متابعة الدراسة في الخارج. وصار الآباء، كيفما كان وضعهم
الاجتماعي، ضحية هذا التحول أو المتخيل الذي فرضه التعليم وقد صار مقاولة
تقوم على الاستثمار والربح المضمون؟
التعليم الخاص يعيد إنتاج أزمة
التعليم العام ولكن بثمن باهظ تؤديه الأسرة المغربية. فالسياسة العامة التي
تحكم التعليم واحدة. وبدون استعادة التعليم الخاص بعده الوطني، لا يمكنه
أن يلعب دورا ما في تطوير التعليم المغربي، أو تكوين أطر حقيقية جديرة
بالتضحيات الجسيمة التي تقدمها الأسر المغربية. ولا بد في هذا الاتجاه من
إعادة النظر في هذا التعليم، بما يجعله استثمارا حقيقيا من أجل تكوين
العقول، لا استثمارا لمراكمة الثروات، وبيع شهادات "النجاح".
بقلم : سعيد يقطين, كاتب وناقد
الصباح
الأربعاء, 05 سبتمبر 2012
من يتحدث عن مجانية التعليم بالمغرب يخوض في اللامعقول. ويكفي التذكير
بأن التعليم المغربي عام وخاص ليتأكد لنا ذلك. وعندما نتبين أن التعليم
الخاص مر بمراحل لكل منها خصوصيتها، نلاحظ أن المرحلة الأخيرة التي نعيشها
حتى الساعة، على وجه خاص، تؤكد لنا أن مجانية التعليم، بمعناها الحقيقي، قد
ضربت في الصميم، اللهم إلا إذا كان المقصود بالمجانية إلغاءها نهائيا، مع
إعفاء بعض الفئات الاجتماعية؟ وحتى في هذه الحالة، يمكننا القول إن الأسر
المغربية التي أبقت أحد أبنائها أو كلهم في التعليم العام، فذلك للضرورة
القصوى، وليس للرغبة في هذا التعليم الذي يعاني الاكتظاظ الشديد وضعف
المراقبة وقلة المردودية...
لو أن كل الأسر المغربية، وبدون استثناء،
تتوفر على حد معقول من الوسائل التي تتيح لها إمكانية الأداء على أبنائها
في التعليم الخاص، لما أبقت واحدا منهم في التعليم العام؟ أليس هذا كافيا
لإبراز أن التعليم العام لم يعد يستهوي أحدا، وأن الحديث عن المجانية، حديث
خرافة؟ لقد صارت المؤسسات الخاصة مفتوحة «الصدر»، لمن لهم الإمكانيات، من
الروض إلى الأقسام التحضيرية؟ وبعض الأسر تضطر إلى بعث أبنائها لدراسة الطب
مثلا في تونس أو السنغال أو أوكرانيا، بعد أن سدت في وجوههم كلية الطب أو
الصيدلة. وعندما يغدو اختيار الكليات العمومية آخر ما يتوجه إليه الطالب
مكرها، أي بعد انسداد آفاق المؤسسات القائمة على التمييز والانتقاء، أو بعد
استحالة دفع مصاريف المؤسسات العليا الخاصة، والتي تكلف الأسرة عدة ملايين
في السنة، أنى لنا أن نتحدث عن المجانية؟ بل إن شهادة الماستر في بعض
الكليات صار مؤدى عنها.
يمكننا الحديث عن المجانية، لو أن هذا التعليم
العام مرغوب فيه، ومطلوب، لأن كل الشروط التربوية والمعرفية متوفرة فيه،
ولكن عندما يمسي بمثابة آخر الدواء، ويكون اللجوء إليه للضرورة القصوى، فإن
إثارة المجانية عبث. وعندما نعرف أن جزءا هاما من الأسر المغربية بات
التعليم يشكل بالنسبة إليها «مرضا» عضالا، يستنزف مدخولها الشهري، بدون أن
تعوضها عن نسبة من الأداء تعاضدية أو صندوق ضمان؟ فمن التعليم الخاص إلى
مؤسسات الدعم والتقوية إلى الساعات الإضافية في البيت. وكل ذلك على أمل
حصول أبنائهم على معدل يؤهلهم للولوج إلى المدارس أو الكليات التي يحلمون
بها. ومع ذلك، تتبخر الأحلام، فيكون الاضطرار لمتابعة التعليم العالي في
مؤسسات «عليا»، بمعنى باهظة جدا، ويكون المصير بعد ذلك: البطالة؟ فما هي
صورة هذا التعليم «الخاص» الذي بات شبه «بديل» عن التعليم العمومي؟ وما هو
التكوين «المميز» الذي يؤهل به الأجيال الجديدة؟
لقد مر التعليم الخاص
بثلاث مراحل، تعكس التطور الذي عرفته السياسة التعليمية ببلادنا. لقد كان
هذا التعليم في البداية «حرا»، بمعنى أنه مرتبط بـ»الحرية» التي ضحى
المغاربة بكل غال ونفيس من أجل الحصول عليها مع الاستقلال ـ الحلم. أسس
الوطنيون، خلال فترة الاستعمار المدرسة «الحرة» لتكون بديلا عن التعليم
الفرنسي الذي وضع للأعيان، وأبناء بعض القرى والقبائل بقصد إدماج جزء من
المغاربة في بنيته عن طريق سلبهم هويتهم الوطنية، وتغريبهم عن ثقافتهم
ولغتهم العربية.
ساهمت هذه المدارس في تكوين جيل حافظ على مقومات الثقافة والهوية
المغربية، وهو الذي عمل على تحمل جزء من المسؤولية في تكوين الأجيال
الأولى من الاستقلال عندما طرحت "إلزامية التعليم" وحل التكوين في المدارس
الحكومية المغربية (السكويلة) محل المدارس الفرنسية. ومع الزمن بدأت تتلاشى
وظيفة هذا التعليم، بإقدام المغاربة على دفع أبنائهم للتعليم العمومي الذي
يوفر تكوينا عصريا مزدوجا يتجاوز الحدود التي وقف عليها التعليم الحر الذي
كان معربا بدرجة كبيرة.
غير أنه مع التطور الذي عرفه المغرب في
الستينات وبداية السبعينات، وفشل السياسة التعليمية التي أدت إلى انتفاضة
23 مارس 1965، والتي صار التعليم فيها نخبويا، يسعى إلى التخلص سنويا من
أعداد هائلة من التلاميذ عن طريق الفصل، ظهرت مجددا ضرورة التعليم "الحر"،
وقد صار يأخذ صيغة مختلفة عن "الحرية" التي كانت خلال الاستعمار أو بدايات
الاستقلال. إنه التعليم الذي يمتص غير المسموح لهم بتكرار السنة، والضعفاء
من التلاميذ الذين يعانون مشاكل محددة تحول دون توفقهم في متابعة دراستهم
في المدارس العمومية. أو للذين انقطعوا لسبب أو آخر، مثل الالتحاق بسلك
التعليم الابتدائي أو التمريض، بعد شهادة "البروفي"، وعندهم الرغبة في
الحصول على الباكلوريا لتحسين وضعيتهم المادية.
كانت وضعية هذه المدارس
الحرة مزرية جدا، لا تتوفر فيها مستلزمات فضاء التكوين: يتكدس التلاميذ في
غرف أعدت أساسا للسكن في شقق، وكان التلاميذ فعلا يحسبون أنفسهم "أحرارا"
بمعنى الكلمة. فهم ضعاف المستوى، وآباؤهم هم الذين فرضوا عليهم متابعة
الدراسة، وليس لهم غير تزجية الوقت، والمطالبة بالنجاح، ما داموا يؤدون
واجب تمدرسهم؟ أتيحت لي فرصة التدريس في هذه الشقق خلال السنوات الأخيرة من
السبعينات، وبدايات الثمانينات، للضرورة المادية التي لم يكن يوفرها
التعليم العمومي، فكانت بالنسبة إلي فرصة للتعرف على الواقع التعليمي
الحقيقي بالمغرب. ورغم الجهد الذي يمكن أن يبذله الأستاذ لإنقاذ هذه الفئة،
يجد نفسه أمام تلميذ أو اثنين ممن يريد تدارك ما فاته. أما الأغلبية
فتستغل "الحرية" لتضييع الوقت، والمطالبة بالانتقال إلى القسم الأعلى.
وكانت الإدارة ترضخ للواقع المر.
ويستمر مسلسل محاربة "المجانية" في
السياسة التعليمية العامة بدون التصريح بذلك في المرحلة الأخيرة (منذ أواسط
الثمانينات) إذ سيصبح التعليم الخاص "امتيازا". فأمام الاكتظاظ وقلة الأطر
التربوية وكثرة الإضرابات، تارة للأساتذة وطورا للتلاميذ، للمطالبة بتحسين
المستوى التعليمي، وغياب المردودية، وانسداد الآفاق أمام تزايد الخريجين
سنويا، رغم السياسة النخبوية، وبعد "عصرنة" الكتاتيب القرآنية وتحويلها إلى
رياض للأطفال، ووضع شروط جديدة لفتح المدارس الخاصة، صار الاقتناع لدى بعض
الفئات الاجتماعية بأن التعليم الجيد لا يمكن أن توفره إلا المدارس
الابتدائية الخاصة، ثم تواصل هذا التصور بعد ذلك مع الإعدادي فالثانوي،
وأخيرا العالي. صارت هذه المؤسسات تنبت سنويا داخل المدن الكبرى كالفطر،
وصارت مجالا للتنافس في إقامة البنايات الفخمة ورفع الأثمنة والدعاية
وادعاء "الانتقاء" عن طريق إجراء المقابلة قبل الدخول وإدراج الإنجليزية في
الابتدائي؟ وفرض الكتب المدرسية الأجنبية... كما أنها صارت تتنافس في وضع
سبورات النجاح في الابتدائي والباكلوريا بنسبة مائة في المائة، وفتح
الأقسام التحضيرية؟ وادعاء الشراكات مع مؤسسات جامعية أجنبية...
لقد
انتقل التعليم الخاص في المرحلة الأخيرة على مستوى الظاهر من "امتصاص"
الراسبين والعاجزين الذين لفظهم التعليم العمومي، إلى امتصاص "الراغبين" في
التفوق من أجل الحصول على النقط التي تسمح لهم بالقبول في لوائح الانتقاء
والتميز؟ أو متابعة الدراسة في الخارج. وصار الآباء، كيفما كان وضعهم
الاجتماعي، ضحية هذا التحول أو المتخيل الذي فرضه التعليم وقد صار مقاولة
تقوم على الاستثمار والربح المضمون؟
التعليم الخاص يعيد إنتاج أزمة
التعليم العام ولكن بثمن باهظ تؤديه الأسرة المغربية. فالسياسة العامة التي
تحكم التعليم واحدة. وبدون استعادة التعليم الخاص بعده الوطني، لا يمكنه
أن يلعب دورا ما في تطوير التعليم المغربي، أو تكوين أطر حقيقية جديرة
بالتضحيات الجسيمة التي تقدمها الأسر المغربية. ولا بد في هذا الاتجاه من
إعادة النظر في هذا التعليم، بما يجعله استثمارا حقيقيا من أجل تكوين
العقول، لا استثمارا لمراكمة الثروات، وبيع شهادات "النجاح".
بقلم : سعيد يقطين, كاتب وناقد
الصباح
الأربعاء, 05 سبتمبر 2012
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» حديث الصباح: أربعة أعطاب جوهرية في السياسة التعليمية
» الجامعة الوطنية لموظفي التعليم -فرع سيدي رضوان
» وزارة التربية الوطنية تصدر دلائل مناهج تأهيل أساتذة التعليم المدرسي
» وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني: مباريات جهوية لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي
» بلاغ النقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش/ CDT) حول التقاعد النسبي: وزارة التربية الوطنية ترضخ لاحتجاجاتنا وتوافق على منح التقاعد النسبي لجميع الراغبين فيه المستوفين لشرط أقدمية 30 سنة بدون استثاء.
» الجامعة الوطنية لموظفي التعليم -فرع سيدي رضوان
» وزارة التربية الوطنية تصدر دلائل مناهج تأهيل أساتذة التعليم المدرسي
» وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني: مباريات جهوية لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي
» بلاغ النقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش/ CDT) حول التقاعد النسبي: وزارة التربية الوطنية ترضخ لاحتجاجاتنا وتوافق على منح التقاعد النسبي لجميع الراغبين فيه المستوفين لشرط أقدمية 30 سنة بدون استثاء.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى