رحلة التيه
صفحة 1 من اصل 1
رحلة التيه
شمس هذا الصباح لاهبة حارقة،لم أستمتع بتملي طلعتها منذ مغادرتي مقاعد الدراسة،وإبرامي لعقد السهر مع الليل.
اليوم؛ سأعانق الصباح في فضاء مدينتي، وألتحق بوظيفتي التي انتظرتها طويلا.
تسللت بهدوء من غرفتي، عفت فراشها من كثرة انزوائي به، و كتبي المتناثرة حولي، والأدوية المختلفة القابعة أمامي.
لهفتي
للخروج تسبقني،أسرعت الخطى تحت شمس يوليوزالحارة ،التي تحرق الناس
والأعصاب،وتتغير معها معالم مدينتي الهادئة،تضج صخبا ومعبرا لوجوه
مختلفة،تغرقها في الوحل بالليل،لتطفو انزلاقاتها بالنهار.
ما شأني والمدينة وما يعتريها،لا أنكر وجودها،يجب أن أتحقق من وجودي، لا وقت لدي لأتذكر أو أتمعن..
انصرفت أستجمع أنفاسي، مبددا القلق بداخلي، وأتجاوز التساؤلات التي تنهال علي و تلاحقني في كل خطواتي على أرصفتها.
الشمس
تزيد من وطأتها، أصبحت لا تطاق تذوب المخ و تشل التفكير، وعيون المارة
والجالسين في المقاهي يمضغون الحديث، نظراتهم أقوى من لهيبها..
الإدارة
المنشودة على بعد خطوات مني،طنين مفاجئ يزعزع كياني، زعيق السيارات يزيد من
ارتباكي،فكري يتشتت،أرتجف،أهتز،أجري، أعبر الطريق بسرعة إليها..
تلمست خطوات الدهشة داخل البناية الأنيقة،أوقفني الحارس،سألني وابتسامة ساخرة ترتسم على محياه:
- إلى أين..؟
أجبته متحاشيا اصطدام نظراتي بنظراته، قبلها خلفت جرحا غائرا على إثر لكمة قوية وبداية لأسئلة طويلة و ملتوية:
- أريد أن ألتحق بوظيفتي.
اقترب مني، ربت على كتفي، ناولني سيجارة، أبعدني بلطف إلى خارج البناية، وهو يتمتم بكلام لم أتبينه..
لم يكن كالآخرين،يجذبونك،يحتقرونك،ينهالون عليك بالأسئلة والشتم والركل في آن واحد،وسطل ماء بارد حين تغفو..
حديث عابر مع أصدقاء بالمقهى عن معاناتنا، قادوني ذات مساء في غفلة مني، لأظل حبيسا لديهم أياما طويلة دون تهمة..
لما تعبوا مني وتعب جسدي النحيل من عذابهم و إهاناتهم المختلفة، أخلوا سبيلي دون اعتذار..
سرت في طريقي، أنفث دخان سيجارتي بحنق على كل ما يصادفني، شعرت بحزن كامن يغمرني، يتملكني، يهز أعماقي، ازدحمت أسئلة كثيرة في رأسي:
هل أنا أكذوبة في هذه المدينة.. ؟ كيف أصبح عمري ضائعا بين جنباتها..؟ وأهلها لماذا يشمئزون مني، كلما مررت بجانبهم..؟
لملمت حيرتي،قررت أن لا أعود إلى البيت الضيق ،القابع في أعماق هذه المدينة التي تنكرت لي..
سأبحث
عن كون يتسع لحزني،لم يكن إلا البحر يناديني بامتداده اللانهائي، يحمل بين
أحضانه بصمت التئام شظايا الأمل،يجبر نفسي التي اغتصبها الألم و حبلت
بالوجع..
كانت الشمس وانية تميل جهة الغروب، البحر يزيد في هدوئه، والظلام في الانتشار، أسلمت جسدي المتعب للرمال..
لحظة
انكسار الموج على الصخر، انفجر الخوف والدهشة، تملكتني نوازع أخرى مبهمة،
تغرقني بين الماضي والحاضر، الحلم واليقين، السؤال و الجواب، لا أدري
لحظتها أهو الهروب أو الجنون أوالموت..
شل تفكيري،أحسست بجمود وبعيني
تنغلقان من الداخل، وتوهج ما يضيقهما ،ونفسي تحلق في الفراغ،وشيء ما يجذبها
إلى القاع، بدأت أصرخ بصوت مكتوم..
وقع أقدام كثيرة تنغرس في الرمل ببطء ،وصوت مبتهج يفيض حنانا يصرخ بهم:
- انظروا هاهو ممدد هناك، مكانه المألوف..
في الصباح قبل أن يلج الفجر دروب الليل،أيقظتني دعوات أمي بجانب فراشي، تبتهل إلى الله أن يشفيني.
غمغمت في سري والدموع تسبقني:
- إنك لا تدرين يا أمي، مدى الألم الذي يحز في نفسي...
24/10/2012-العلم الثقافياليوم؛ سأعانق الصباح في فضاء مدينتي، وألتحق بوظيفتي التي انتظرتها طويلا.
تسللت بهدوء من غرفتي، عفت فراشها من كثرة انزوائي به، و كتبي المتناثرة حولي، والأدوية المختلفة القابعة أمامي.
لهفتي
للخروج تسبقني،أسرعت الخطى تحت شمس يوليوزالحارة ،التي تحرق الناس
والأعصاب،وتتغير معها معالم مدينتي الهادئة،تضج صخبا ومعبرا لوجوه
مختلفة،تغرقها في الوحل بالليل،لتطفو انزلاقاتها بالنهار.
ما شأني والمدينة وما يعتريها،لا أنكر وجودها،يجب أن أتحقق من وجودي، لا وقت لدي لأتذكر أو أتمعن..
انصرفت أستجمع أنفاسي، مبددا القلق بداخلي، وأتجاوز التساؤلات التي تنهال علي و تلاحقني في كل خطواتي على أرصفتها.
الشمس
تزيد من وطأتها، أصبحت لا تطاق تذوب المخ و تشل التفكير، وعيون المارة
والجالسين في المقاهي يمضغون الحديث، نظراتهم أقوى من لهيبها..
الإدارة
المنشودة على بعد خطوات مني،طنين مفاجئ يزعزع كياني، زعيق السيارات يزيد من
ارتباكي،فكري يتشتت،أرتجف،أهتز،أجري، أعبر الطريق بسرعة إليها..
تلمست خطوات الدهشة داخل البناية الأنيقة،أوقفني الحارس،سألني وابتسامة ساخرة ترتسم على محياه:
- إلى أين..؟
أجبته متحاشيا اصطدام نظراتي بنظراته، قبلها خلفت جرحا غائرا على إثر لكمة قوية وبداية لأسئلة طويلة و ملتوية:
- أريد أن ألتحق بوظيفتي.
اقترب مني، ربت على كتفي، ناولني سيجارة، أبعدني بلطف إلى خارج البناية، وهو يتمتم بكلام لم أتبينه..
لم يكن كالآخرين،يجذبونك،يحتقرونك،ينهالون عليك بالأسئلة والشتم والركل في آن واحد،وسطل ماء بارد حين تغفو..
حديث عابر مع أصدقاء بالمقهى عن معاناتنا، قادوني ذات مساء في غفلة مني، لأظل حبيسا لديهم أياما طويلة دون تهمة..
لما تعبوا مني وتعب جسدي النحيل من عذابهم و إهاناتهم المختلفة، أخلوا سبيلي دون اعتذار..
سرت في طريقي، أنفث دخان سيجارتي بحنق على كل ما يصادفني، شعرت بحزن كامن يغمرني، يتملكني، يهز أعماقي، ازدحمت أسئلة كثيرة في رأسي:
هل أنا أكذوبة في هذه المدينة.. ؟ كيف أصبح عمري ضائعا بين جنباتها..؟ وأهلها لماذا يشمئزون مني، كلما مررت بجانبهم..؟
لملمت حيرتي،قررت أن لا أعود إلى البيت الضيق ،القابع في أعماق هذه المدينة التي تنكرت لي..
سأبحث
عن كون يتسع لحزني،لم يكن إلا البحر يناديني بامتداده اللانهائي، يحمل بين
أحضانه بصمت التئام شظايا الأمل،يجبر نفسي التي اغتصبها الألم و حبلت
بالوجع..
كانت الشمس وانية تميل جهة الغروب، البحر يزيد في هدوئه، والظلام في الانتشار، أسلمت جسدي المتعب للرمال..
لحظة
انكسار الموج على الصخر، انفجر الخوف والدهشة، تملكتني نوازع أخرى مبهمة،
تغرقني بين الماضي والحاضر، الحلم واليقين، السؤال و الجواب، لا أدري
لحظتها أهو الهروب أو الجنون أوالموت..
شل تفكيري،أحسست بجمود وبعيني
تنغلقان من الداخل، وتوهج ما يضيقهما ،ونفسي تحلق في الفراغ،وشيء ما يجذبها
إلى القاع، بدأت أصرخ بصوت مكتوم..
وقع أقدام كثيرة تنغرس في الرمل ببطء ،وصوت مبتهج يفيض حنانا يصرخ بهم:
- انظروا هاهو ممدد هناك، مكانه المألوف..
في الصباح قبل أن يلج الفجر دروب الليل،أيقظتني دعوات أمي بجانب فراشي، تبتهل إلى الله أن يشفيني.
غمغمت في سري والدموع تسبقني:
- إنك لا تدرين يا أمي، مدى الألم الذي يحز في نفسي...
بوشعيب عطران |
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى