انتقال الحكم وتدبير الصراعات: الإطار والرهانات
صفحة 1 من اصل 1
انتقال الحكم وتدبير الصراعات: الإطار والرهانات
تدبير الإرث الكولونيالي يعتبر المغرب ملكية موغلة في القدم وكيانا لم يمح الاحتلال تقاليدَه كدولة. أجل، لقد عملت الإقامة العامة على تقزيم دور الملكية ولو أنها لم تحاول أن تلغي السلطنة. أما السلطان نفسه، فلم يكن يُنتَظَر منه إلا أن يدين بالطاعة المطلقة ويكتفي بوضع الخاتم على الظهائر المقدمة إليه من قبل الإقامة العامة. وهكذا تم الاحتفاظ بالشكليات والمظاهر المخزنية بعناية فائقة، إلا أن السلطان قد جُرِّد من سائر السلط الفعلية، فأصبح الحكم في الواقع في قبضة المقيم العام بصفته رئيسا للإدارة الفرنسية بالمغرب. وغداة الحصول على الاستقلال، وجد المغرب نفسه أمام هذا الإرث المزدوَج المكوَّن من مخزن تقليدي وبنية قائمة لدولة عصرية من إحداث الحماية. وستصبح هذه البنية نفسها معياراً يرجَعُ إليه عند إقامة الدولة الوطنية الحديثة. وعلى الرغم من هذا التوجه الحداثي، فإن الثنائية المشار إليها لم تنسحب بتاتاً وإنما انتقل الحكم الفعلي الآن من يد لأخرى فآل إلى الملك. وبمجرد خروج الحماية، تعبأت القوى الوطنية المشخَّصة في كل من الملك والحركة الوطنية بغية إقامة الدولة الوطنية الحديثة. وعلى الرغم من التضامن الذي سبق أن عرفته هذه القوى مجتمعة من أجل الحصول على الاستقلال، فإنها لم تلبث أن اختلفت فيما بينها حول نمط النظام السياسي اللائق بالمغرب المستقل، وذلك بمجرد ما تم تكوين الحكومات الأولى. شبَّ هذا الخلاف بين الملك وحلفائه من جهة، وقام من جهة أخرى داخل الحركة الوطنية بين مختلف حساسياتها الحزبية التي ظهرت قبل الاستقلال وبعده. ولقد تركز الاختلاف حول ممارسة الحكم ووسائل التحكم فيه قبل أن ينصبَّ على طبيعة النظام ونوعية النمط الاجتماعي المتوخى لينصهر في شكل تعارض تام بين نمطين اثنين من أنماط التحديث السياسي ـ الاجتماعي. فأما أحد النمطين، فتبناه الملك الحسن الثاني، وأما النمط الآخر، فكان من اختيار الجناح اليساري للحركة الوطنية. تحيل عملية تشييد الدولة الحديثة على ثلاثة أبعاد نجد صداها حاضراً إلى الآن بالمغرب. هناك مراقبة التراب وتنظيمه انطلاقاً من أرضية مستجدَّة، وهنالك إعادة سبك الادارة من جهة أخرى، كما أن هنالك التحكم في الموارد الاقتصادية للبلاد. لقد سبق أن رأينا أن النظام الكولونيالي قد تجسد منذ البدء في تقسيم التراب الوطني ثلاثة أقسام خاضعة كلها لقوى أجنبية، وذلك عندما وضع قسم من هذه الأقسام تحت الحماية الفرنسية وقسم ثان تحت النفوذ الإسباني، بينما وضع القسم الأخير تحت الوصاية الدولية. وقد تم نقْض المعاهدة المؤسِّسة لنظام الحماية واعترفت فرنسا باستقلال المغرب في اليوم الثاني من شهر مارس لسنة 1956. وفي سابع عشر أبريل من نفس السنة، وُقِّع بروتوكول بإنهاء الحماية الإسبانية قبل أن يلتئم مؤتمر دبلوماسي أفضى إلى إلغاء النظام الدولي لمدينة طنجة يوم الرابع والعشرين من شهر أكتوبر من السنة نفسها. وبعد كل هذا، تم استرجاع المغرب لمدينة طرفاية يوم 15 أبريل من سنة 1958 وبعدها لمدينة إيفني يوم 30 يونيو من سنة 1969. وفي السادس من شهر نونبر من سنة 1975، تم انطلاق المسيرة الخضراء بهدف استرجاع الصحراء الخاضعة آنئذ للاحتلال الإسباني. وفيما يخص مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، فقد أرجىء النظر في شأنها بحكم وضعها الخاص مع حرص المغرب على تأكيد سيادته بانتظام على مجموع هذه الثغور. أما في المدى القريب، فقد انطلقت عملية استرجاع الأراضي الواقعة في مِلك المعمرين ابتداء من تاسع أبريل من سنة 1959 لتتابع سيرها عبر عدة صيغ قانونية مصحوبة بمغربة هذه الأراضي تباعاً بتاريخ 30 يونيو 1960 و 26 شتنبر 1963 ثم ثاني مارس 1972. وفي الثامن من شهر غشت من نفس هذه السنة، وقع إتمام هذه العملية التي تعتبر بمثابة تعبير عن إرادة متجهة نحو تأسيس اقتصاد وطني، كما هو الشأن بالنسبة للمغربة التي لحقت المقاولات الموروثة عن العهد الكولونيالي. وعلاوة على هذا، فإن كلا العمليتين قد رامت التمهيد لظهور بعض الفئات الاجتماعية التي كان الحكم يسعى حقاً إلى تقويتها. وهكذا، وبعدما سبق لهذا التوجه الحداثي أن أفصح وطنياً عن حضوره في المجال الاقتصادي خلال السنوات الأولى من الاستقلال، نجده الآن يتجلى من جهة أخرى في اختيار يقضي بتأهيل القطاع العمومي لولوج حلبة المنافسة والتوسع. وعلى المستوى الاداري، ورث المغرب، عند الحصول على الاستقلال، مجموعة من المديريات من بينها مديرية الداخلية المكلفة بالادارة على المستويين المحلي والمركزي وكذا مديرية مصالح الصحة العمومية ومديرية الشؤون الشريفية بالإضافة إلى بعض المصالح التقنية المكلفة بالمالية والفلاحة والأشغال العمومية وغيرها من المصالح المحلية المتمثلة في البلديات بالنسبة للمدن وفي الدوائر والمراكز المحلية بالنسبة للأرياف. كما أنه قد ورث تقطيعاً ترابياً يتكون من سبع جهات بالنسبة للمنطقة التي كانت خاضعة للحماية الفرنسية ومن خمس جهات بالنسبة للمنطقة الشمالية التي كانت تحت الحماية الإسبانية. ومنذ سنة 1956، تم اعتماد نفس هذا التقسيم على مستوى الخريطة الترابية بغية تثبيت سلطة الدولة واستتبابها. وفي سنة 1960، تم تقطيع التراب الوطني إلى خمسة عشر إقليما جهوياً أضيفت إليها عمالة واحدة بالدار البيضاء وأحوازها. وفي نفس السنة، تقرر أن يستعاض جزئياً عن خريطة القبائل بإحداث الجماعات، وذلك ما سوف يفضي إلى تنظيم أول انتخابات محلية بالمغرب المستقل. وابتداء من سنة 1980، سيرتقي هذا التقطيع ليصبح أكثر التصاقا بالواقع السياسي مراعاة لما جَدَّ من إكراهات النخب المحلية وتجاوباً مع الحاجيات المتصلة بالاستقرار السياسي للنظام نفسه من جهة أخرى. ومن جملة ما رامته هذه العملية أن تنال رضا النخب التي أصبحت تشغل وظائف معينة في قطاع الادارة الترابية بالذات مع تشديد المراقبة على الساكنة غداة الهيجان الذي شَب سنتي 1981 و 1984. وهكذا، فإن المغرب قد أصبح يضُمُّ أربعين إقليماً جهوياً وتسع عمالات وولايتين اثنتين سنة 1989. وعندما أعيد النظر في هذا التقطيع نفسه سنة 1997 ثم أدخِلت بعض التعديلات الطفيفة على التقطيع المراجع بدوره سنة 1999، أصبح المغرب مقسماً إلى ست عشرة جهة وخمسة وأربعين إقليماً جهوياً وأربعاً وعشرين عمالة وعشر ولايات. وبالنسبة للجماعات المحلية، أصبح هنالك 249 جماعة حضرية و 1298 جماعة قروية. يتعلق الأمر في كل ما سبق بمجموعات فرعية تتمتع بسلطة محددة ويفترض فيها أن تكون عوناً للسلطة المركزية ومجالا مستقلا لتدبير الأمور في اتجاه متطور نحو الجهوية. أما الجيش وجهاز الشرطة، فيمثلان ركيزتين أخريين من ركائز الدولة الحديثة باعتبارهما من بين أجهزة السيادة. لقد حرصت الملكية على أن تتحكم فيهما للتَّوِّ ساعة التأسيس وقبل اعتلاء العرش من قِبل الملك الحسن الثاني. ويبقى أن الخلاف الذي قام بين القصر وحزب الاستقلال عند تكوين الهيئات الحكومية الأولى حول من يتولى منصب وزير الداخلية، فالواقع أنه يستند الى خلفية الرهان المتعلق بمراقبة الجهاز الأمني والتحكم في كل ما يتصل بتعيين رجال السلطة المحلية. لذا فقد حيل بين هذه الوزارة وبين حزب الاستقلال منذ تأسيسها بتاريخ 16 ماي 1956 لتُسنَد إلى بعض المقربين من رئيس الدولة. وبالنسبة للجيش، فإنه أسِّس يوم 14 ماي سنة 1956، إلا أن قضية المراقبة لم تُحسَم بالنسبة إليه إلا في غضون سنة 1960 عند تكوين أول حكومة برئاسة الملك محمد الخامس نفسه. وبذلك تكونت القوات المسلحة الملكية أول الأمر من الجنود المغاربة الوافدين من جيوش المستعمِر ووضعت تحت قيادة ولي العهد الأمير مولاي الحسن. وأما جيش التحرير الذي أنشىء سنة 1955، فإنه كان يعتزم الاستمرار في الكفاح من أجل استكمال تحرير التراب الوطني وربما من أجل تحرير مجموع بقية بلاد المغارب. ولقد أيد محمد بن عبد الكريم الخطابي هذا التوجه انطلاقاً من منفاه بمصر وسانده بكل ما كان يتمتع به من نفوذ. وتم الاحتكام إلى الملك محمد الخامس في الموضوع، فانتهى الأمر بالطرفين الى قبول مبدأ الوحدة التامة بالنسبة لكل ما يتعلق بالمؤسسة الملكية وبجهازي الدولة والجيش. وبناء عليه، تم إدماج خمسة آلاف عضو من أعضاء جيش التحرير ضمن القوات المسلحة الملكية، بينما التحق الآخرون ـ وهم يعدون بالآلاف ـ بجنوب المغرب، بغية استكمال عملية التحرير. وفي سنة 1960، تم حل جيش تحرير منطقة الجنوب، فالتحق بعض عناصره بالقوات المسلحة الملكية وألقى القبض على بعض القياديين من بين أعضائه بتهمة «التآمر» فلم يلبث محمد الخامس أن تدخل لإطلاق سراح جل المشتبه فيهم. الرهانات السياسية بين القصر ومختلف الأطراف (1955 / 1999) بخروج الدولة المحتلة، وقف كل من الملكية وحزب الاستقلال وجها لوجه تحذو كلا منهما تطلعات واضحة نحو الهيمنة. فأما حزب الاستقلال فكان يتمتع بشعبية واسعة إلى أبعد الحدود غداة الحصول على الاستقلال، كما أنه كان مُسْنَدا بنقابة قوية مهيمنة تُسَمَّى الاتحاد المغربي للشغل وكذا بجيش التحرير من خلال جناح قوي يأبى أن يضع السلاح قبل إنهاء عملية تحرير التراب الوطني، وخاصة مدينتي إيفني وطرفاية ومجموع الصحراء بالإضافة إلى موريتانيا ـ على رأي البعض ـ وكذا بقية بلاد المغارب، بتنسيق مع جيش التحرير الوطني بالجزائر. وأما الملكية فقد ازدادت إشعاعاً هي الأخرى بفضل كفاحها من أجل الاستقلال. لذا قررت الحفاظ على موقعها المتفوق الناتج عن إخراج الأجنبي المحتل، ولم يكن لها أن تتحمل مزاحمة منافس قوي لمدة طويلة دون أن تتبرَّم به، خصوصاً وأن هيمنة حزب الاستقلال قد أصبحت مدعاة للرفض المتصاعد لا من قِبَل القوى القبلية التقليدية وحدها، ولكن من قِبَل بعض أنصار الحداثة من بين الشركاء السياسيين كذلك. وبعد فترة وجيزة اتسمت بتوازن القوى السياسية على الساحة فيما بين سنتي 1956 و 1960، ظهر انزلاق النظام نحو صيغة سلطوية تقوم على اختيار يتوخى العودة بالعلاقات مع القوى السياسية الأخرى نحو الوضع التقليدي، وذلك ابتداء من تكوين حكومة برئاسة الملك محمد الخامس شخصياً خلال شهر ماي من سنة 1960. وبعد عدة سنوات، أعلنت حالة الاستثناء التي استمرت من 7 يونيو 1965 إلى 31 يوليوز 1970، فكان قيامها بمثابة تأكيد لهذا التوجه، مما أدى بالملك الحسن الثاني إلى قطع العلاقات مع جل مكونات القوى الوطنية. ويمثل العقد الأخير من القرن العشرين فترة تحول هامة أشَّرت على انتقال سياسي سوف يفضي إلى تفتح المحيط الملكي من جديد مع العودة الى إدماج المعارضة الوطنية بكل من تيارها المحافظ وتيارها الإصلاحي الداعي الى العصرنة والتحديث، فأتيح لها بذلك مجال المشاركة في تدبير الشأن العام، بعدما قضت عدة عقود في المعارضة. وبذلك تكون هذه الفترة الطويلة قد عرفت ثلاث مراحل كبرى تم المرور فيها من الصراع حول الحكم الى الانزلاق السلطوي ومنه إلى الانفتاح السياسي. المرحلة الأولى: من التحالف إلى المعارضة أو التنافس من أجل الحكم (1955 / 1965) كانت عودة السلطان محمد بن يوسف من جملة الشروط الأولية الممهدة لاستقلال البلاد بالنسبة للوطنيين. ورغم التحالف الذي جمع بين الطرفين في الكفاح، إلا أن هناك اختلافاً بين كل من السلطان والعناصر الوطنية حول طرق التحرير ثم حول تدبير شؤون الدولة الوطنية الحديثة العهد بالاستقلال. ورغم وحدة الصف القائمة حول السلطان محمد بن يوسف، أخذ انشقاق الحركة الوطنية يتراءى ليؤشر على تسمُّم المناخ السياسي بالمغرب منذ الأيام الأولى للاستقلال. وعلى العكس مما عرفته هذه الحركة، فإن الملكية قد خرجت من منفى العاهل وأسرته خروجاً ضاعف من تحصين موقعها إلى حد بعيد. ولقد كان على السلطان محمد بن يوسف أن يواجه عدة ضغوط طوقته ثم لاحقته في جنبات القصر بمجرد ما أصبح يحمل لقب ملك المغرب ويسمى رسمياً محمد الخامس فتبنى عندئذ موقف الحَكَم مفضِّلا بذلك ممارسة سلطته المعنوية لدى مختلف القوى الحاضرة في الساحة مع التَّنْكيب عن التدخل المباشر في التسيير. وفيما بين سنتي 1955 و 1960، تعاقبت على المغرب خمس حكومات دلت سرعة تعاقبها على عدم استقرار الدولة المستقلة حديثاً من الناحية السياسية. ترأس كلا من الحكومتين الأولى والثانية البكَّاي بن امبارك لهبيل الذي اشتهر باسم السي البكاي، وذلك بتاريخ 7 دجنبر 1955 و 26 أكتوبر 1956 ، وترأس الحكومة الثالثة أحمد بلافريج بتاريخ 12 ماي 1958، كما ترأس عبد الله ابراهيم الحكومة الموالية بتاريخ 24 دجنبر 1958 وجمع بين الرئاسة ووزارة الخارجية، ثم تولى محمد الخامس شخصياً رئاسة الحكومة الخامسة بتاريخ 28 ماي 1960. في غضون سنة 1956، شبت صراعات شرسة تخللتها اختطافات واغتيالات واحتجازات داخل معتقلات أشهرها معتقل جنان بريشة بتطوان، مما أخل إخلالا شديداً بالنظام العام وأدى إلى تعكير صفو الانتشاء الجماعي برجوع الملك والحصول على الاستقلال. وقد أسفرت هذه الظروف عن مقتل العديد من أعضاء المقاومة وجيش التحرير وكثير من قادة الحركة الوطنية. وفي حدود ما تسمح به الوثائق في الوقت الراهن، فإنه يصعب تحديد هوية من كان يقف وراء كل من هذه العمليات حسبما يتبين. ذلك أن الشهادات المنشورة حتى الآن قد اعتصمت غالباً بالحيطة والحذر كلما تعلق الأمر بالإدلاء بالتفاصيل. ومع هذا، فبإمكاننا، عند تمعُّن الأحداث، أن نبدي الملاحظات الآتية: ـ وضعية الفوضى المشار إليها هنا مترتبة عن الفراغ الأمني المواكب للظرفية الناتجة عن الانتقال من وضع الحماية الى وضع الاستقلال. وبهذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن إدارة المحتل السابق قد استعذبت الوقوف موقف المتفرج ـ فيما يبدو ـ في وقت لم تتمكن فيه مليشيات كل من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال إلا جزئياً من الحد من حالة التسيب. ـ إسهام بعض عناصر هذه المليشيات في ممارسة العنف بدورها، وذلك تحت تأثير الحساسيات المتقادمة والصراعات الظرفية التي سبق أن شابت فترة ما قبل الاستقلال. ونظراً لما عرفته هذه الصراعات من تأجُّج يومئذ، فإنها قد أفضت إلى مجموعة من عمليات التصفية التي طالت كلا من المناضلين السياسيين والفاعلين النقابيين وأعضاء من مختلف فصائل المقاومة بمن فيهم مَن اندمج ضمن إدارة الأمن الوطني وانضم الى هياكلها المحدثة في ربيع سنة 1956. وبالمناسبة، فإنه يُستَحَبُّ أن نشير هنا إلى بعض الأسماء المتميزة لأناس ذهبوا ضحية هذه الظروف من أمثال ابراهيم الروداني، وهو من مؤسسي حركة المقاومة، وعباس المسعدي، وهو من قادة جيش التحرير، وعبد الكريم بنعبد الله، من الحزب الشيوعي المغربي، وعبد الواحد العراقي وعبد القادر برادة، من حزب الشورى والاستقلال، وعبد العزيز بن إدريس، من حزب الاستقلال، وعبد الله الحداوي ومحمد الحريزي، وهما من رجال المقاومة. وبعد فترة وجيزة، عرف المغرب مجموعة من القلاقل التي انطلقت بإيعاز من القوى المناهضة لحزب الاستقلال عبر أرجاء البلاد، وخصوصاً بالأطلس المتوسط ومنطقة الريف، حيث تم إخماد الحركة التمردية بقسوة بالغة في مطلع سنة 1959. وبينما كان الحكم بيد اليسار المتمثل في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية كحركة نتجت عن الانشقاق الذي ظهر في صفوف حزب الاستقلال سنة 1959، تم إلقاء القبض في منتصف شهر دجنبر من هذه السنة نفسها على صديقين اثنين من أصدقاء رئيس المجلس، وهو آنئذ عبد الله ابراهيم، وذلك بتهمة المس بشخص الملك عن طريق الصحافة. يتعلق الأمر هنا بكل من محمد البصري الملقب بالفقيه، وكان إذاك مديراً لجريدة التحرير، وعبد الرحمان اليوسفي، وكان يقوم يومئذ بمهمة رئاسة التحرير لنفس الجريدة. وخلال الأشهر الموالية، تتابعت الأحداث في اتجاه التصعيد، إذ تم حل الحزب الشيوعي المغربي بزعامة علي يعتة يوم 9 فبراير 1960. كما ألقي القبض على عدد من مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وكذا على بعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالجنوب، وذلك بعد أن تم اكتشاف »مؤامرة تهدف إلى اغتيال ولي العهد« في شهر فبراير 1960. ثم كان أن تم حل جيش التحرير بالجنوب بصفة نهائية، كما سبقت الإشارة، قبل أن تدمج بعض عناصره في حظيرة القوات المسلحة الملكية. واحتجاجاً على ما قام به حزب الاستقلال من إنشاء مركزية نقابية منافسة للاتحاد المغربي للشغل، نظمت هذه النقابة الأخيرة إضراباً عاماً يوم 25 مارس 1960. وسوف يتلو هذا الإضراب فوز الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في الانتخابات المهنية التي جرت يوم 8 ماي 1960 وقبيل إقالة حكومة عبد الله ابراهيم في نفس الشهر من نفس السنة. وقد ترأس الحكومة الموالية محمد الخامس وسيَّرها في الواقع ولي العهد الأمير مولاي الحسن بصفته نائباً للرئيس فأشَّر الوضع المترتب عن ذلك على تحول حاسم بالنسبة لتطور النظام نظراً لما كان يعنيه من تدخل مباشر للملكية على الساحة السياسية. والواقع أن من جملة الأسباب التي أدت إلى التعجيل بإقالة حكومة عبد الله ابراهيم خلاف شبَّ بين هذا الأخير كرئيس للمجلس وبين ولي العهد كرئيس لأركان القوات المسلحة الملكية حول اختصاصات كل منهما بالنسبة للبت في شؤون الأمن داخلياً وخارجياً على السواء، مع الإشارة إلى أن الجانب الأول قد أحال على ربط مساهمة الجيش بترخيص من لدن رئيس المجلس، كلما تعلق الأمر باستتباب الأمن داخل أرض الوطن، بينما اعتبر الاحتجاج الصادر عن عبد الله ابراهيم كوزير للخارجية ضد التجربة النووية الفرنسية برگَّان بالجزائر يوم 25 أبريل من سنة 1961 وسحبه لسفير المغرب بباريس تأكيداً لمسؤوليته بهذه الصفة عن الأمن الخارجي للبلاد. وعلى الرغم من التفاهم القائم بين محمد الخامس وعبد الله ابراهيم، تجذر الإشارة إلى أن هنالك عدة وقائع أخرى برزت على الساحة فزادت من تعكير الجو بين رئيس المجلس وولي العهد، وذلك نظراً لتوجس هذا الأخير من الانزلاق نحو نظام يسود فيه الملك ولا يحكم. من بين هذه الوقائع ما أقدم عليه رئيس المجلس من الاستغناء عن خدمات بعض رجال الشرطة الفرنسيين، ومنها القرار الذي اتخذه في حق أحد أعضاء الجيش الأمريكي من بين المقربين لدى ولي العهد، حينما رفض تسميته ضابطاً مكلفاً بالاتصالات ضمن القوات المسلحة الملكية، ومنها جملة المبادرات المتمثلة في نشر بعض الظهائر المؤشَّر عليها أحياناً من قبل رئيس المجلس دون غيره. وابتداء من إقالة حكومة عبد الله ابراهيم، ظهر الانشقاق واضحاً بين المعسكرين، أي بين ولي العهد وأنصاره من جهة، وبين التقدميين المبعدين عن الحكم من جهة أخرى. وقد برز التراشق العدائي بطريقة مكشوفة دفعت بزعيم معتدل كعبد الرحيم بوعبيد إلى أن لا يتردد في أخذ الكلمة بمهرجان انتخابي عُقِد غداة حل حكومة عبد الله ابراهيم ليشير إلى ما قد يتربص المغرب من خطر قيام نظام »فاشي«، بينما أعلن المهدي بن بركة بباريس عما يحاك ضد البلد من »مؤامرة رجعية صرف«. على أنه قد تم الحفاظ على المظاهر الشكلية طوال أكبر قسط من هذه الفترة بالذات: فأثناءها تمت مأسسة نظام سبق أن حُدِّدت مراحله ومغزاه مُنذ سنة 1955 على يد محمد الخامس، وذلك بإقامة مجلس وطني استشاري في السنة الموالية، وفي سنة 1957، تم الاعتراف بالحرية النقابية وضُبِط تقنينها. كما تم سن قانون الحريات العامة بما فيها حرية التنظيم الجمعوي وحرية الاجتماع وحرية الصحافة سنة 1958. وفي سنة 1960، تم انتخاب المجالس الجماعية عن طريق الاقتراع العام فأمكن للمغاربة أن يدلوا بأصواتهم للمرة الأولى. وبعد هذا، وفي سنة 1961، أصدر الملك الحسن الثاني نص »القانون الأساسي للمملكة المغربية« فمهد بذلك لوضع دستور يتم عرضه على المغاربة، فكان أن تبناه الشعب عن طريق الاستفتاء بتاريخ 7 دجنبر 1962. وجاء دور الانتخابات التشريعية آخر الأمر فنظمت بتاريخ 17 ماي من سنة 1963. لقد احتفظ الدستور المشار إليه للملك بجميع الامتيازات وخول له المقام الأرجح. كما أنه منع قيام الحزب الوحيد بالمغرب ونص على أن »الأحزاب السياسية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم«. أما اليسار فلم ير في هذا الدستور سوى مجرد قناع للحكم المطلق، بينما اعتُبِر بمثابة خطوة أولى نحو الديمقراطية من قِبَل حزب الاستقلال. وبهذه المناسبة، يجب التذكير بأن حزب الاستقلال قد اضطر الى مغادرة الحكومة الملكية بعد مرور شهر واحد على مساهمته في الحملة الداعية الى تبني الدستور والتصويت عليه بـ »نعم«. وبقيادة علال الفاسي، ونظراً لحنكته كرجل سياسي، فإن حزب الاستقلال قد تبنى خطاباً أكثر اعتدالا تجاه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. ورغم ما اتسم به التقارب بين أهم حزبين من أحزاب الحركة الوطنية من نسبية ملحوظة، فإنه قد أدى إلى اندحار جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية عند تنظيم الانتخابات التشريعية يوم 17 ماي 1963، ويتعلق الأمر هنا بجبهة ملكية قامت قبل شهرين من موعد التصويت وأسسها أحمد رضا كديرة بصفته شخصية من بين الشخصيات المقربة من القصر. ونظراً لاستياء علال الفاسي من ممارسات وزارة الداخلية كإدارة متحيزة لمرشحي الجبهة المذكورة، فإنه لم يحجم عن التصريح بسخطه بمناسبة انعقاد المجلس الوطني لحزب الاستقلال فحذر النظام الملكي من مغبة الابتعاد عن الشعب، مستدلا على ذلك بمصير بعض الملكيات العربية التي ذهبت ضحية انقلابات عسكرية. كانت نتائج الانتخابات المشار إليها بمثابة صدمة عنيفة بالنسبة للنظام. فعلى الرغم من اعتماد نمط الاقتراع الاسمي الأحادي الذي لم يكن له أن يخدم مصالح المعارضة، فإن حزب الاستقلال قد حصل على 32%، كما حصل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية على 24.5%، أي ما مجموعه 56.5% من الأصوات المعبر عنها. أما جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، فإنها لم تحصل إلا على 36% من مجمل الأصوات، بينما فاز المرشحون غير المنتمين بالباقي. وبسبب ما اقتضاه التقطيع الانتخابي من تفضيل المناطق الريفية، حيث يضعف وجود المعارضة، فإن الحزبين المتفرعين عن الحركة الوطنية لم ينالا سوى 69 مقعداً من بين 144 داخل مجلس النواب، أي أنهما قد حصلا معا على نفس عدد المقاعد التي كانت من نصيب الجبهة وحدها. وهكذا، فإن الفوز الضمني للمعارضة في الانتخابات واستقرار بن بركة بصفة تبدو مستمرة بالمغرب، بعد أن مكث بالمنفى من 1960 إلى 1962، وكذا الآفاق المعلنة عن تصالح الفرعين المنحدرين من الحركة الوطنية قد تسببت كلها في هبوب ريح من الهلع في أوساط بقية مكونات الطبقة السياسية. وفي هذه الظرفية بالذات، قامت الشرطة بمحاصرة المقر المركزي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدار البيضاء فألقت القبض على جل قياديي الحزب، وهم في خضم الاجتماع، يوم 16 يوليوز 1963. وصادف أن كان بعين المكان أحد الصحفيين الأجانب عند وقوع الحدث، مما أدى إلى تضخيم الدوي الذي أحدثته الصحافة الدولية في الموضوع. أما الاتحاد الوطني، فصرح باعتقال خمسة آلاف عضو من أعضائه، كما شجب اللجوء إلى التعذيب الممارس على النواب أنفسهم وعلى قدماء المقاومين فخلف كل ذلك بعض الصدى على الصعيد الدولي. أما سنة 1965 فتميزت باشتداد حدة التوتر حول قضية التعليم. ذلك أن وزارة التربية الوطنية قد أصدرت دورية ترمي إلى الحد من إمكانية ولوج السلك الثاني من التعليم الثانوي، مما تسبب في انطلاق مسلسل الأحداث التي غطت أيام 23 و24 و25 من تلك السنة، وهي أحداث لم تتوقف ليعود الهدوء إلا بعد اللجوء إلى القمع المفرط. ولقد أعلنت هذه الواقعة عن بداية فترة جديدة تقلص خلالها العمل السياسي كما انحسر النشاط الحزبي المشروع المرحلة الثانية: تدعيم الدولة والانزلاق السلطوي (1965 -1990) أدت أحداث مارس المذكورة آنفا إلى تنشيط الأوضاع السياسية بالمغرب لبضعة أسابيع سيقوم خلالها القصر ببعض المبادرات تجاه المعارضة ليخلص إلى أن لهذه الأخيرة من المطالب ما لا يمكن قبوله، وذلك لأنها تتركز كلها حول اقتسام الحكم بطريقة مؤسسية مع ربط المشروع بانتخابات سابقة لأونها بالنسبة لحزب الاستقلال كما يتلخص مؤداها في إدخال مجموعة من الإصلاحات الدستورية والاجتماعية والاقتصادية العميقة بالنسبة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وبعد أخذ ورد، وقع الاختيار في النهاية على الهروب إلى الأمام. ذلك أن الملك سيعلن عن حالة الاستثناء يوم 7 يونيو 1965 ومن خلالها سيضع حدا لمجموع التجربة التي سبق أن افتتحها بتبني الدستور خلال شهر دجنبر 1962، مما قد يبرر التساؤل عما إذا كان المغرب إذاك على أبواب مرحلة جديدة. والملاحظ في سائر الأحوال أنه تم اختطاف الزعيم اليساري المهدي بن بركة يوم 29 أكتوبر 1965 بباريس فترتب عن ذلك ظهور أزمة دبلوماسية عميقة بين المغرب وفرنسا، وهي أزمة ستستفحل بتوجيه التهمة من قبل القضاء الفرنسي لمسؤولين أمنيين مغربيين هما الجنرال محمد أوفقير والكولونيل أحمد الدليمي، ويعد اختطاف المهدي بن بركة واختفاؤه قضية لم يتم استجلاؤها بعد. لذا فإن وقع هذه القضية على مجرى التاريخ السياسي للمغرب سوف يطول أمده، خاصة وأن مسؤولية أجهزة الأمن المغربية فيها شيء ثابت بالنسبة للقضاء الفرنسي. لقد أدى هذا الاختطاف إلى إقامة القطيعة بين اليسار والنظام أكثر مما أدت إليه حالة الاستثناء، بدليل أن مما ينسب إلى المهدي العلوي - وهو يؤمئذ من أبرز قياديي حزب الاتحاد - قوله «جثة المهدي ستظل حاجزا بيننا وبين النظام إلى الأبد». وإذا كان هذا الاختطاف قد حكم باستحالة العودة إلى الوراء وإلغاء حالة الاستثناء على الخصوص مع تكوين حكومة وحدة وطنية كما تم الاحتفاظ في النهاية بمبدإ قبولها من لدن الاتحاد مقابل شروط من بينها إطلاق سراح زعماء الحزب ومناضليه، فالواقع أنه ليس من المؤكد أن حالة الاستثناء قد ترتبت مباشرة عن أحداث مارس لسنة 1965. ذلك أن شهرين يفصلان الحدثين عن بعضهما أولا، ثم إن هنالك مفاوضات فعلية قامت بين الاتحاد وبين القصر خلال شهر أبريل من نفس السنة كان الهدف منها الوصول إلى تسوية سياسية تمر بالضرورة عبر حل غرفتي البرلمان حيث كان الاتحاديون أقلية. ولهذا السبب بالذات، لم يشجب الاتحاد قط حالة الاستثناء بينما انتقدها حزب الاستقلال وعارضها عبد الكريم الخطيب نفسه - وهو إذاك رئيس مجلس النواب - عندما اعتبرها «انقلابا على الدستور قد يؤدي إلى القضاء علي الديمقراطية». وبمجرد ما أعلن عن حالة ا لاستثناء، كون الملك الحسن الثاني حكومة تولى رئاستها بنفسه وفوض بعض صلاحيات الوزير الأول إلى إديس المحمدي، مدير الديوان الملكي، وهو معدود من قدماء أعضاء حزب الاستقلال، بل ومن المقربين من جناحه اليساري. ومع أن بعض القرارات كالتأميم الجزئي للتجارة الخارجية قد جاءت تحمل بصماته، إلا أن الملك الحسن الثاني ظل هو صاحب الأمر المطلق دون غيره. وهكذا فإن النظام قد عمل على تقوية موقعه الخاص مع إضعاف المقومات الثقافية والأيديولوجية لليسار طوال الخمس سنوات التي استغرقتها حالة الاستثناء. في ظل هذه الظرفية، تقرر تعزيز الحرس الملكي بتشكيلة منقولة جوا في مطلع سنة 1966، وفيها توسع مجال سلطة أوفقير بعد أن ظل وزيرا للداخلية منذ سنة 1964، وذلك بعدما صدر حكم بالسجن المؤبد في حقه بفرنسا في شهر يونيو من سنة 1967. وهكذا أدخلت إدارة السكنى والتعمير ضمن دائرة اختصاصاته. وبعد مرور بضعة شهور، وضعت مصلحة حساسة من الوجهة السياسية كالمصلحة المكلفة بقدماء المحاربين ورجال المقاومة تحت تصرفه هي الأخرى. وفي سنة 1968، تمت ترقية الرجل بمناسبة عيد الاستقلال إلى درجة فريق فاعتبر بفضل هذا الارتقاء المطرد نائبا فعليا للملك مما لم يكن له إما أن يزعج منافسيه بالجهاز الأمني. ونظرا لما كان للملك الحسن الثاني من براعة في فن تعديل الموازين، فإنه قد أصدر ظهيرا في شهر أبريل من سنة 1969 يقضي بتأسيس ديوان عسكري على رأسه الجنرال مدبوح. أما وظيفة هذه المؤسسة الخارجة عن سلطة أوفقير بالطبع، فقد كانت تقضي بمركزة مراقبة الجيش بمختلف مكوناته مع رفع جميع القضايا المتعلقة بالدفاع واستتباب الأمن إلى علم القائد الأعلى للقوات المسلحة كما تقضي بمركزة التعليمات الملكية وتبليغها ومتابعتها على مستوى التنفيذ. وعلى صعيد آخر، تقلص انتشار التعليم العمومي العصري بينما تم التركيز على المحكونات التقليدية للثقافة المغربية من خلال ما يلي: - انطلقت عملية «الكتاتيب القرآنية» في شهر أكتوبر 1968. - بالنسبة للإعلام السمعي-البصري والصحافة المقربة من الحكم كجريدة الأنباء، مثلت القيم والأخلاق التقليدية موضوعا من مواضيع الصدارة. - عمل رجال السلطة على تشجيع المواسم، أي المهرجانات المقامة حول الأضرحة - تجمدت نسبة التمدرس طوال ربع قرن من الزمن - و بالنسبة لبعض مكونات الرأي العام، فإن الغاية من هذه الاستراتيجية تتمثل في إضعاف القاعدة الأيديولوجية للمعارضة. ومهما يكن من أمر، فإنه على المستوى السياسي الصرف، ظل الجو العام خانقا طوال هذه السنوات: ذلك أن نصف العقد الموالي للإعلان عن حالة الاستثناء قد خلف انطباعا يوحي بأن النظام قد استطاع أن يتحكم في الوضعية من جميع النواحي، ثم إن حزب الاستقلال قد ساير الوضع الجديد كما أن عددا من زعماء الاتحاد الوطني كعبد الرحمن اليوسفي والفقيه البصري قد غادروا البلاد. ومع كل هذا، فإن التوتر ماثل ملموس وحركات الإضراب متعددة. أما الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فقد احتل مقام الصدارة ضمن حركة المعارضة، وأما المحجوب بن الصديق، الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل، فقد اعتقل بسبب شجبه «للتغلغل الصهيوني» بالمغرب ليقضي ثمانية عشر شهرا في السجن. ولقد كاد الاعتقال أن ينال شخص علال الفاسي بدوره عندما هاجم بقوة لا مزيد عليها سياسة «التخلي عن موريتانيا» من قبل النظام، وذلك بمناسبة تأبين عبد الخالق الطريس. وهكذا فإن التوتر بين الحكم وهذه الأحزاب قد طال أمده فلم يتجاوز الهدوء النسبي مستوى السطح. ولقد تحدثت بعض الوكالات الأجنبية سنة 1970 عن وجود بعض التحركات داخل الجيش، فاعتبرت أخبارها مجرد إشاعات على الصعيد الرسمي. و في نفس الوقت، يبدو أن الارتشاء قد أخذ يتفشى بحكم التقليد المتواتر، فلم يلبث أن تسرب إلى النسيج الاجتماعي بالتدريج وإن كان قد أصاب أقرب الأوساط من دوائر السلطة المركزية بالدرجة الأولى، كما أن الضعف قد أخذ يجتاح القيم التي كافحت من أجلها مدرسة الوطنية منذ الثلاثينيات - ومنها قيم المواطنة والشرف والكد - فأخذت تتراجع لدى الفئات الحديثة العهد بالثراء على الخصوص. على أن كل الأمور هنا لم تكن بسيطة أبدا، إذ الواقع أن ما كانت تشجبه المعارضة كمظهر من مظاهر الارتشاء قد اعتبر دليلا على نجاح السياسة الرسمية في أعين النظام. ذلك أن هذه السياسة قد هدفت إلى تكوين بورجوازية تدين للدولة بثرائها. لذا فإن مسلسل الإثراء مرتبط ارتباطا و ثيقا بالقرب من الحكم، وبدون هذا القرب، لم يكن من السهل على المقاولة العصرية أن تطفو على السطح. ومن جهة أخرى فقد كانت الأهداف السياسية لهذا التوجه واضحة بما فيه الكفاية. ومما يؤيد هذا أن رخص اقتناء الضيعات المسترجعة من المستعمر بالأرياف قد مثلت أداة لصنع فئة اجتماعية مكونة من أعيان ذوي نفوذ علي المستوى السياسي. وجاء دستور سنة 1970 فخول للملك نفوذا أسمى من النفوذ الذي سبق أن خوله إياه دستور سنة 1962. وتعبيرا عن معارضتهما للدستور الجديد، انخرط كل من حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية في جبهة وطنية سميت بالكتلة الوطنية ثم أعلنا عن مقاطعتهما لانتخابات سنة 1970. وهكذا فإن القطيعة بين الملك والأحزاب السياسية لم تضعف قط، وإنما ازدادت قوة وحضورا. وعليه، فإن الحكم سيعمل على الدفع بطائفة من رجال الدولة وبضع من وقع عليه الاختيار من بين التقنيين والأعيان والمسيرين غير المنتسبين سياسيا بغية تعويض الأحزاب السياسية التقليدية، فدشن بذلك عصر التقنوقراط وسامي الموظفين. وواكب مراقبة الدولة للشأن السياسي مراقبة أخرى للاقتصاد كذلك. ولهذه الغاية بالذات، تم إنشاء عدد من المقاولات من قبل من اضطلع بإدارتها من سامي الموظفين توخيا لتوسيع القاعدة الاجتماعية للنظام. أما بالنسبة للجيش، فتبين أنه قد اخترق هو الآخر بتيارات انقلالبية على غرار ما عرفته بعض الجيوش ببلدان الجنوب، وذلك على الرغم مما كان يتسم به من الحداثة والانسجام المنضبط، ويفترض فيه من الطاعة والإخلاص كأداة. من هنا كانت محاولة الانقلاب العسكري ليوم عاشر يوليوز من سنة 1971 بالقصر الملكي بالصخيرات وبعدها المحاولة الأخرى التي تمثلت في الهجوم على الطائرة الملكية القادمة من باريس يوم 16 غشت 1972. وعليه، فإن سنوات السبعين قد تأثثت بمجموعة من المحاكمات العسكرية والسياسية لمعارضين من مختلف المشارب. فأصحاب المحاولة الانقلابية بقصر الصخيرات قد مثلوا أمام المحكمة العسكرية في شهر فبراير 1972 فكان أن اختفى بعض المحكوم عليهم من بين المتهمين ليظهروا مجددا بعد مرور عشرين سنة بالمعتقل الرهيب بتازمامارت. كما أن محاكمة ثانية ستنعقد بعد بضعة شهور فتسفر عن أحد عشر حكما بالإعدام في حق المسؤولين الأولين عن مهاجمة الطائرة الملكية لينفذ الحكم في الجميع يوم 13 يناير من سنة 1973. وفي نفس هذه الفترة، ظل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في وضع أبعد ما يكون عن الود والرضا. ففي غضون شهر يناير المذكور، تلقى اثنان من بين قيادييه في شخص عمر بن جلون ومحمد اليازغي طردين ملغومين لن يتضح أمرهما أبدا. وبتاريخ 30 غشت، وبعد أن سحقت المبادرة الأولى لحرب العصابات التي شبت بالأطلسين الكبير والمتوسط خلال شهر مارس 1973، أصدرت ا لمحكمة العسكرية ستة عشر حكما بالإعدام في شأن قضية «مؤامرة ثالث مارس»، وذلك بعد انعقادها بالقنيطرة ابتداء من 26 يونيو. وقد كان من بين المحكوم عليهم كثير من القياديين والمناضلين المنتمين لكل من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والاتحاد الوطني لطلبة المغرب. ونظرا لما واجه الحزب المذكور من صعوبات تتصل بتدبير التوتر القائم بين اختيار المشروعية بقيادة عبد الرحيم بوعبيد والتوجه الثوري بزعامة الفقيه البصري وكذا بين تيارات اليسار المعتدل واليسار ذي النزعة الوطنية فضلا عن اليسار الماركسي - اللينيني، فإن هذا الوضع سيؤدي إلى انشقاقات متعددة داخل الاتحاد الوطني. وهكذا، فعلاوة على الحركة الماركسية - اللينينية التي ظهرت سنة 1970 وسميت بحركة 23 مارس لإحالتها على أحداث 23 مارس 1965 ومعها المجموعة الماوية التي تأسست بعد سنتين من تأسيس الحركة السابقة وسميت بمجموعة «لنخدم الشعب»، فقد تولد عن الفروع المركزية للاتحاد مجموعتان اثنتان هما مجموعة الرباط بزعامة عبد الرحيم بوعبيد ومجموعة الدار البيضاء بقيادة عبد الله ابراهيم والمحجوب بن الصديق، فكان أن قاطعت كل منهما الأخرى ابتداء من شهر يوليوز من سنة 1972. وهكذا تكون الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بصفة رسمية في مطلع سنة 1975 بقيادة عبد الرحيم بوعبيد ومساندة النقابي عمر بن جلون. فاستقطب الحزب الجديد أغلبية مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومال بصفة لا رجعة فيها مع ما أسمته الوثائق الأيديولوجية بالاختيار الديموقراطي، وهو ما يعني التعامل طبق النهج السلمي وحسب قواعد اللعبة كما حددها النظام بهدف دمقرطة البلاد. لم تتوقف الحركة الانشقاقية مع هذا التوجه، إذ أن تيارا راديكاليا أخذ يتنامى في الوسط الجامعي داخل شبيبة الاتحاد الاشتراكي و كذا ضمن لجنته الإدارية، ويتعلق الأمر بتيار عرف باسم «رفاق الشهداء» في إشارة الى اغتيال كل من بن بركة في شهر أكتوبر 1965 وعمر بن جلون في شهر دجنبر 1975، مما أدى إلى انشقاق جديد ترتب عن طرد المكتب السياسي لشخصيتين بارزتين من بين قياديي الحزب هما عبد الرحمان بنعمرو وأحمد بن جلون، الأخ الأصغر لعمر، معهما عدد كبير من الأطر والمناضلين المتأثرين بالتيار الماركسي، وذلك في شهر ماي من سنة 1983. وبعد مرور بضع سنوات، تمكن هؤلاء المطرودون من تأسيس حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. لم يكن مسار الحركة الشيوعية المغربية بأحسن حظا من غيره ممن سبق ذكره من حيث وحدة الصف. ذلك أن الحزب الشيوعي المغربي قد تم حله أواخر الخمسينيات فاعتنق العمل السري إلى أن تم الاعتراف به من جديد عام 1969 وتسمى باسم حزب التحرر والاشتراكية. وداخل شبيبة هذا الحزب، ظهرت حركة ثورية ماركسية-لينينية وذلك بمساندة بعض قدماء مناضلي الحزب الشيوعي المغربي كأبراهام السرفاتي فأسسوا منظمة إلى الأمام عام 1970، ومن بين أبرز أعضائها عبد اللطيف اللعبي. وقد تحالف هذا التيار بالجامعة مع مناضلي كل من حركة 23 مارس ومجموعة «لنخدم الشعب» واندمجوا في إطار جبهة واحدة لم تلبث أن تحولت إلى أغلبية ضمن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. ذلك أن النقابة الطلابية قد أصبحت بالفعل قوة ضاربة في يد المعارضة منذ سنة 1965. أما النظام، فقد جعل من الترهيب مكونا أساسيا في مراقبة الشأن السياسي بوجه عام. سلط قمع لا هوادة فيه على التنظيمات السرية المشار إليها وكذا على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب قبل أن يتم حظر هذا الأخير في 24 يناير سنة 1973. ولقد اعتقل أغلبية المناضلين المنتسبين إلى منظمة «إلى الأمام» و حركة «23 مارس» فتعرض الجميع للتعذيب بكل من معتقل درب مولاي الشريف بالدار البيضاء ودار المقري بالرباط وهما من مراكز الاحتجاز غير المشروع. وتم تقديم هؤلاء المعتقلين ضمن المحاكمة المعروفة بقضية المائة والسبعة والثلاثين على الأخص، فحكم عليهم بعقوبات حبسية ثقيلة جدا. ولقد بادر أصدقاؤهم بمعية بعض مناضلي حقوق الإنسان بتكوين جمعيات للمساندة والنضال من أجل هذه الحقوق بكل من فرنسا والمغرب على السواء. وقام أعضاء منظمة إلى الأمام بمعية مجموعات أخرى من فصائل المعارضة الراديكالية بخوض إضرابات مطولة عن الطعام إما مطالبة بتحسين ظروف الاعتقال أو دفاعا عن حقوقهم كسجناء الرأي، وإما لمجرد الرغبة في تحسيس الرأي العام على المستويين الوطني والدولي، مما لم يحل دون ظهور مشاحنات بينهم بدوافع أيديولوجية وسياسية. وعند خروجهم من السجن فيما بين الثمانينيات والتسعينيات، توجه نشاطهم صوب المجتمع المدني فتصدروا الحركة الجمعوية غير الحكومية المهتمة بحقوق الإنسان والدفع بعجلة الديمقراطية طوال القعد الأخير من القرن العشرين. وأثناء النصف الثاني من نفس هذا العقد، أمكن لحركة إلى الأمام أن تتأسس من جديد كحزب سياسي تسمى باسم النهج الديمقراطي. وينبغي التشديد هنا على أن المغرب قد عرف في هذه الفترة نموا غير مسبوق للمجتمع المدني المناصر للديمقراطية. أما الأعضاء المؤسسون لهذه الحركة، فالواقع أن منهم من خرج من بين صفوف هذا اليسار الثوري الذي سوف يكون له أبلغ الأثر على التطور السياسي للمغرب قبل أن يتمخض هذا التطور بدوره عن ذلك التقدم البارز المسجل في مطلع التسعينيات. هذا و لئن كانت التعبئة الوطنية من أجل استكمال وحدة التراب واسترجاع الأقاليم الصحراوية سنة 1975 قد ساعدت على التخفيف من الخلافات السياسية والتوترات التي ميزت الوضع العام للبلاد دون أن تضع له حدا نهائيا، فإنها قد أفضت في المقابل إلى دينامية سياسية جديدة. كما أن «الوحدة المقدسة» حول الصحراء قد وظفت بذكاء من أجل استقطاب الأحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية. وهكذا، وعلى إثر الانتخابات التشريعية لسنة 1977 - وهي انتخابات وضعت مصداقيتها موضع الشك من قبل الاتحاد الاشتراكي - أقدم حزب الاستقلال على المشاركة في حكومة أحمد عصمان فيما بين 10 أكتوبر 1977 و27 مارس 1979 ثم في حكومة المعطي بوعبيد ابتداء من هذا التاريخ إلى غاية 5 نونبر 1981. ولقد أسندت لهذا الحزب على الخصوص حقيبة الخارجية في شخص محمد بوستة وحقيبة التربية الوطنية في شخص عزالدين العراقي فعمل كل منهما بجانب وزراء من الحركة الشعبية برئاسة المحجوبي أحرضان وكذا بجانب وزراء من التجمع الوطني للأحرار برئاسة أحمد عصمان، مؤسس هذا الحزب سنة 1978. صحيح أن مسلسل الانتخابات قد أصبح مثار نقاش حسبما يبدو، وذلك بسبب سلوك الوزارة الوصية بقيادة إدريس البصري، إلا أن نفس المسلسل قد سمح للنظام أن يتقدم على الساحة الخارجية كنظام ديمقراطي مع ضمان أغلبية طيعة. غير أن هذا الجو المطبوع بنوع من التفاهم النسبي قد انفجر علانية عندما شن إضراب عام يوم 20 يونيو 1981 بقرار من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وهي مركزية نقابية مقربة انئذ من الاتحاد الاشتراكي، وذلك من جراء الزيادات المهمة التي لحقت أسعار الموارد الغذائية الأساسية. لقد تدخلت قوات الأمن فاتسم ردعها بكثير من العنف تجاه تجمعات المضربين، مما أسفر عن هيجان المتظاهرين بالدار البيضاء على الخصوص، حيث ذهب مئات الأشخاص ضحية الطلقات النارية التي أقدمت عليها الشرطة حسبما أعلنت عنه المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان. أما الأرقام الرسمية، فهي تقف عند 66 قتيلا. وقد تم اعتقال عدد كبير من المضربين وغيرهم من المتظاهرين والنقابيين بمن فيهم محمد نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل. والواقع أن هذه الأحداث أبعد ما تؤول إلى مجرد ظروف المعيش المتردية للساكنة المتنامية بالمدن منذ الحصول على الاستقلال، ذلك أن سوء التفاهم القائم بين القصر والمعارضة حول التدبير الدبلوماسي لملف الصحراء لم يكن غريبا عن هذه المواجهة التي عرفها الشارع المغربي فكانت أكثر المواجهات دموية منذ أحداث مارس 1965. وبهذا الصدد، فإن الملك الحسن الثاني قد لجأ الى الضغط على عبد الرحيم بوعبيد كي يصطحبه الى قمة منظمة الوحدة الإفريقية عسى أن يدعم اقتراحه حول تنظيم الاستفتاء بالصحراء (نيروبي، 1981). ولم يقتصر الرد على عدم استجابة الزعيم الاشتراكي لرغبة الملك، وإنما قام المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بإصدار بلاغ ينتقد فيه الموقف الرسمي الجديد علانية فتم اعتقال كل من عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي ومحمد لحبابي ونفي الجميع إلى بلدة ميسور، مما أشر على نهاية «الإجماع الوطني» بالنسبة لهذا الموضوع. ولم يكن لهذه الوضعية إلا أن تضعف موقف رئيس الدولة لدى بعض الأوساط داخل ا لجيش. وبخلاف جهاز الدرك، فإن هذه المؤسسة لم تكن بمنأى عن مراودة التفكير في الانقلاب. ومن المحتمل أن يكون الجنرال الدليمي قد أعد العدة لقلب النظام بدافع الانتهازية السياسية و لاشك. وفي سائر الأحوال، فإنه قد لقي حتفه خلال شهر يناير 1983 في ظروف يشوبها بعض الغموض. مهما يكن من أمر، فإن الملك الحسن الثاني لم يعدم الأسباب التي من شأنها أن تدفع إلى البعث عن مخرج دبلوماسي لقضية الصحراء. فابتداء من سنة 1978، أخذ الجيش المغربي يواجه صعوبات جمة عند رد هجمات جبهة البوليساريو المدعومة دعما متواصلا من قبل الجيش الجزائري. كما أن الاعتراف بما اصطلح على تسميته بـ «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية« قد أخذ يجد له صدى حثيثا لدى أعضاء منظمة الوحدة الإفريقية في تلك الفترة. وحتى يتمكن الملك من تحسين الأوضاع السياسية وإحياء روح «الوحدة المقدسة»، فإنه قد أعرض عن قضية الاستفتاء على الصعيد الوطني توخيا لطمأنة قيادة الاتحاد الاشتراكي وبقية الأحزاب الوطنية. وهكذا أخذت الصحافة الرسمية تتحدث عن «الاستفتاء التأكيدي»كما انتهى الأمر بمغادرة المغرب لمنظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 12 نونبر 1984. أما على المستوى الإقليمي، فقد أبرم الملك الحسن الثاني مع العقيد معمر القذافي اتفاقا أنشيء بموجبه اتحاد سمي بالاتحاد العربي- الإفريقي. وتم اختيار عبد الواحد الراضي، وهو عضو نافذ بالاتحاد الاشتراكي، ليشغل منصب الأمانة العامة لهذا الاتحاد. أما على المستويين الدبلوماسي والعسكري، فإن وضع البوليساريو قد اهتز من جراء المفاجأة التي توفق في إحداثها ملك المغرب. وعلاوة على هذا، فإن المغرب الرسمي قد أخذ يجني ثمار هذه المبادرات حيث قامت قيادة الاتحاد الاشتراكي بالضغط على جناحها الراديكالي المؤطر بكل من عبد الرحمان بنعمرو وأحمد بن جلون، ويعتبران من خصوم الملكية، إذ تم طردهما بمعية أتباعهما من الاتحاد الاشتراكي كما سبق الذكر. ومن جهة أخرى، قبل عبد الرحيم بوعبيد أن يشارك في حكومة وحدة وطنية إلى جانب قياديي حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية، وذلك فيما بين شهر نونبر 1983 وشهر أبريل 1985. والخلاصة أن النصف الأخير من العقد الثامن ومجموع العقد التاسع يحملان بصمات ناتجة عن ن
مواضيع مماثلة » المذكرة الإطار الخاصة بالحركات الانتقالية لأسرة التربية والتكوين برسم الموسم الدراسي 2014/2013. » 70 سنة من الحكم السوفياتي » يا ليت " الحكم " يعود يوما فاخبره بما.... » لانريد الحكم مع العدالة والتنمية » انطلاق محاكمة بن علي غيابياً في تونس.. صفحة 1 من اصل 1 صلاحيات هذا المنتدى: لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى |