صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يوم مع الشريف ( بركة الشرفاء) حقيقة أم وهم

اذهب الى الأسفل

يوم مع الشريف  ( بركة الشرفاء) حقيقة أم وهم Empty يوم مع الشريف ( بركة الشرفاء) حقيقة أم وهم

مُساهمة من طرف عبدالله السبت 1 يونيو 2013 - 19:06

لابد أن الكثير منا راوده السؤال يوما عن حقيقة البركة التي يتمتع بها الشرفاء ،أصحيح أن لهم قدرات فوق العادة تشبه إلى حد كبير المعجزات،أم أن الأمر لا يعدو أن يكون حالة نفسية،نتيجة الإيمان والتسليم المسبقين بقدرة ذلك الشخص على الإتيان بشيئ غريب،خارق للعادة،والعلم والمنطق؟
لكن عندما يتجاوز أمر التصديق هذا بسطاء القوم وجهالهم، إلى علية القوم ومثقفيهم، علينا أن نقف لحظة تأمل، ونعيد طرح السؤال: هل هذه البركة حقيقة أم وهم؟
مولاي التهامي ، شخص في عقده السادس أو يقارب، ينحدر من سلالة مولاي التهامي الجد،رجل تراه دوما بجلباب يروم لونه إلى الرمادي، يركب دائما حمارا، يرافقه أينما حل وارتحل، غزا الشيب لحيته، فأضفى عليه طابعا من الهيبة والوقار..يتردد على قبيلة ونانة باستمرار ( 45 كلم شرق وزان في اتجاه سد الوحدة)، هذه القبيلة كانت هي الكعكة التي من نصيبه، هناك شرفاء يزورونا قبائل أخرى، هنا يحظى بالاحترام والتبجيل، لقب الشريف بطاقة تفتح أمامه كل البيوت العامرة منها والفارغة، التي بها رجال والتي بها نساء فقط.. ينادي الجميع بالخدام..
شخصيا إلتقيته مرارا وتكرارا..جالسته وحدثته، ناقشني وناقشته، أغضبني وأغضبته،..لكن في الأخير يبقى هو الشريف، وأنا لا أعدو أن أكون واحدا من أبناء خدامه..(اطلبوا معي التسليم وتعالوا نقتحم على الشرفاء خلوتهم وعزلتهم..دون أن ننقص من قدرهم وقيمتهم)
ذات يوم صيف، ساخن والشمس في كبد السماء، حل الشريف ضيفا علينا، إنه موسم الحصاد، والشريف يقوم بجمع حقه ( الشرعي) من الخدام من زيت وزيتون وحبوب ودواجن، إنه ولاء الخدام ممزوج بكثير من الخوف، فلا أحد يجرؤ على اعتراض طلب الشريف...
طلب من الشريف أن أحظر له (الكماية: الطابة+الكيف) على شكل مادة خام،وسيقوم هو بتحضيرها بنفسه، أحضرت للشريف ما أراد،وبعدما شرع في إزالة الشوائب من الكيف،
اغتنمت الفرصة ووجهت له سؤالا محرجا: سيدي الشريف، أنت لك مكانة خاصة وسط القبيلة، ألا تعتبر أن تدخين الكيف..أمام أعين الخدام كبيرهم وصغيرهم، ينقص من قيمتك وهيبتك ومكانتك في أعينهم؟ أنا لم أرى رجلا ينتسب لسلالة الشرفاء يدخن يوما...
أجابني بابتسامة خفيفة علت محياه:" يا بني دخن لأن الشياطين لا تدخن "
فاجئني الجواب، وبابتسامة خبيثة قلت له : هذا الكلام يمكنك أن تمرره على كبار السن، أو بالأحرى كل من يلبس جلبابا، وليس علي أنا.
تغيرت ملامح الشريف، نظر إلي نظرة حادة، فهمت من خلالها أنه يقول لي لا تتجاوز حدودك في الكلام...الحقيقة بلعت تلك النظرة وسكت.
ساد بيننا لحظة صمت ثقيلة كقطعة جليد، كيف أخلص نفسي من هذه الورطة؟ قبل أن يتملكني الفضول من جديد وأعاود الكرة على أمل أن تسلم هذه المرة الجرة، محاولا جر الشريف للحديث من جهة، ومن جهة أخرى جس نبضه، ومعرفة مدى غضب الشريف من كلامي..إغضاب الشريف جريمة لا تغتفر في عرف القبيلة..معناه أني سأجلد سبا وقدحا، من العادي والبادي،وتنتظرني عقوبة قاسية أخفها أني سأطرد من البيت لأيام على الأقل وذاك أخف الضررين.
سيدي الشريف، حدثني عن جدكم مولاي التهامي، فنحن شباب اليوم لا نعرف عنه شيئا؟
رفع الشريف عينيه المركزتين على لوحة الخشب، حيث يحضر( الكماية)،واعتدل في جلسته، وبصوت رخم، وبنظرات الحكماء وكبار السن، بدأ حديثه بكان جدنا رحمة الله عليه، رجلا متدينا، زاهدا في الدنيا ومتاعها، استقر بحظيرة وزان، وبنى ضريحه المعروف (بمولاي التهامي)، وكلما وضع له سقفا، سقط السقف، فتركه عاريا تعانق أرضيته السماء ليل نهار بلا حجاب،حفر بالضريح بئرا يجلب منه الماء، ذات فجر أرخى دلوه،ليحضر ماء للوضوء، لكنه فوجئ أن الدلو مملوء بالذهب عوض الماء، تعجب مولاي التهامي وأعاد الذهب للبئر، ورفع يديه للسماء: " يا ربي ما بغيت لا ذهب لا فضة، بغيت غي الما باش نتوضا ". وفي المرة الثانية ملئ الدلو بالفضة، أعادها للبئر مكررا نفس العبارة، وفي المرة الثالثة نال مبتغاه،الدلو مملوء بالماء..
تخلصت من دهشتي، وقاطعته أين هذه البئر الآن؟
رد علي :بعد وفاة مولاي التهامي،غطي البئر بطبقة من الإسمنت ،لا أحد يمكنه استعماله.
حشا الشريف غيلونه بالكيف، ونفث دخانه قرب وجهي، وأظاف مسترسلا في الكلام:
ذاعت شهرة مولاي التهامي، حتى فاقت شهرة السلطان المعاصر له، وهذا الأمر أغاض السلطان كثيرا(يرجح أنه السلطان مولاي إسماعيل)، فأمر بإحضار مولاي التهامي، من وزان إلى مكناسة الزيتون،وأرسل له مع الحرس خيلا مجهزا بسرج لركوبه، حظر الحرس إلى وزان، وطلبوا من مولاي التهامي مرافقتهم. قاطعته: استجاب طبعا؟
(نعم، لكن اختلفوا على ركوب الخيل،حيث أصر مولاي التهامي على ركوب حماره،بينما اعترض حراس السلطان بدعوى أن الحمار لا يمكنه مجاراة الخيل في الطريق،مما سيؤخرهم كثيرا..لكن مولاي التهامي أقنعهم بأن يجربوا، فالوجهة حيث يقيم السلطان في مكناس..تقدمهم بحماره وحاول الحرس اللحاق به لكن دون جدوى، تفوق الحمار على الخيل إذن...مثل مولاي التهامي بين يدي السلطان، والأكيد أن الحرس حكوا للسلطان ما شاهدوه بأم أعينهم .. رحب به السلطان وعندما حاول الاقتراب منه، كان مولاي التهامي يحمل عصا بين يديه يهش بها على حماره، سطر بها على الأرض خطا، حتى قيل أن الأرض اهتزت تحت قدمي السلطان، وخاطبه قائلا: "أنصحك أن لا تتجاوز هذا الخط )
قاطعت الشريف..لما ألم يكن الأجدر به أن يسلم على السلطان؟
وبهدوء كبير، رد على سؤالي: كان يريد أن يقول له بيننا وبينكم قطيعة، وحدودا بين كراسي الحكم، ورجلا اختار لنفسه طريق التعبد، والتعفف عن الحياة وملذاتها،
وماذا فعل السلطان حينها؟
(لا بد أن السلطان فهم جيدا ما يرمي إليه مولاي التهامي بكلامه، فلم يتجاوز الخط ،وحفاظا على ماء وجهه وهيبته أمام حاشيته، سأل السلطان مولاي التهامي، إن كانت له حاجة تقضى له، لكن مولاي التهامي أبى إلا أن يرفض كل شيئ..حتى مرافقة الحراس له إلى وزان، حيث خاطب السلطان بأنه يعرف طريقه ولا يحتاج لمرافقة...)
عززت هذه الحادثة مكانة مولاي التهامي في القبائل، ولو كان له طموح سياسي، لسهل عليه الأمر في حشد تأييد ها، وهي قوة لا يستهان بها، الأمر الذي كان بالتأكيد سيحرج العاصمة مكناس، لكن الرجل كان بينه وبين السياسة طلاق بائن...
صارت وزان مكة القبائل المجاورة، لها موسم زيارة خاص بها، غالبا ما كان ينظم في الصيف بعد موسم الحصاد...كل قبيلة تقدم ثورا كقربان، مصحوب بالبواردية، والنساء والرجال، حفاة الأقدام، هكذا كانوا يصرون على دخول حظيرة وزان.
تواترت البركة من الجد إلى الأحفاد، وحافظوا على هيبتهم طوال كل الزمن، وليومنا هذا مازال الشريف، يزور القبيلة، وكل يوم تفرخ القصص والحكايات، " عش نهار تسمع خبار "، هكذا يقولون.
شابان اعتديا على الشريف ضربا، وحاولا هتك عرضه، بعد أن اتهمه أحدهم بأنه على علاقة بأمه الأرملة، مرت على الحادثة خمسة أيام...والكل يترقب ما سيحدث...إنه اختبار حقيقي لبركة الشريف وهيبته..هكذا يهمس من بقلوبهم شك، جاء الخبر اليقين، قبض على المعتديين بمنطقة الغرب في سيارة بها حشيش،ودخلا السجن خمس سنوات لكل منهما...شابان أخران سرقا من الشريف كل ما جمعه من زيت وزيتون...ثلاث أيام مرت، أحدهما مات مقتولا في ظروف غامضة، والقضية تسجل ضد مجهول...الشريف يقطف رمانة من جنان أحدهم الذي اعترض، أياما فقط صارت فارغة على عروشها، بعدما يبست أشجارها...وما خفي كان أعظم...
فلا عجب إذن أن نرى سيارات فارهة من العاصمة الرباط تزور الضريح طلبا لبركة الشرفاء..ولا عجب أن نرى كل هذا التسليم والإيمان ببركتهم..ففي الأمر حكمة لا يعلمها إلا الله،الذي يضع أسراره في أضعف مخلوقاته..لا مجال للعلم والمنطق والجدال فيما نرى ونسمع، لذلك لا نملك إلا أن نقول " شايالله يا دار الضمانة أمولاي التهامي " بنية صافية وقلب مسلم..
[right]

كريط عبد العزيز


المصدر:
http://presstetouan.com/news7630.html
[/right]
عبدالله
عبدالله

ذكر عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى