أمام باب الإعدادية
صفحة 1 من اصل 1
أمام باب الإعدادية
النص
مسرحية للأطفال من 12 سنة إلى 18 سنة ..
أمام باب الإعدادية..
في فصل واحد...
المشهد الأول.
( قبل إزاحة الستار يرن جرس آخر حصة في اليوم فتعلو أصوات التلاميذ وهم يتزاحمون للخروج يظهر بعض التلاميذ وهم يحملون محفظاتهم على أكتافهم..)
يرفع الستار :.
(منظر المسرحية : سور طويل من الجهتين وسطه باب أخضر للمدرسة وبويب خاص لحارسها البواب وفوقه يافطة معدنية كتب عليها :إعدادية النهضة للبنين ويمكن أن تكون للبنات مع تغيير الأسماء وسورها الملون برسوم التلاميذ تحت مراقبة أساتذة الفن التشكيلي وبجانبيه أشجار قصيرة وأعمدة الكهرباء ... وخلف السور أقسام حول ساحة وسطها علم الوطن..)
البواب : هيا أبنائي ..انصرفوا كي لا يقلق أولياء أموركم , فالتأخير يزعجهم
مجاهد : اعذرني من فضلك أنا أنتظر صديقي ..
البواب : المهم لا تطل البقاء هنا ..
مجاهد يسأل تلميذا : ألم تر حسن ؟
التلميذ : أخرنا الأستاذ لنكمل كتابة الدرس لذلك لم أنتبه
تلميذ ثاني : أنا أعرف مكانه فبعد الانتهاء من الواجب لمحته رفقة الأستاذ داخل الفصل
مجاهد : أوه أمر يحير
التلميذ : لست معه في نفس المستوى الدراسي لأطلعك على ما يجري بينهما فبقاؤه يدل على نصيحة أو تنبيه ...وهذه فترة الفروض التي تقلق أولياءنا وأستاذتنا ..
مجاهد : معك حق ..قضيت سنوات معه في الابتدائية وبعد نيل الشهادة افترقنا ..لكن أنا هنا أمام باب الإعدادية أترقب ظهوره وأحتاج لرؤيته كي أعرف سبب تأخره ..
نبيل : يفرض هبوط المستوى على الأستاذ بأن يكلم المتخلفين عن ركب التحصيل .. وينير طريقهم الدراسي ..
مجاهد : شكرا ..إنه أستاذ يتفانى في خدمة التلاميذ ..
نبيل : لقد تعبت ..لنترك باب الإعدادية
مجاهد : اصبر ..لازال الوقت أمامنا .انس التعب وضح من أجل صديقي
تلميذ ثاني : ضح كما يضحي أساتذتنا من أجلنا فلا يمكن أن نتنازل عن تكملة الواجب ..لنا أستاذنا يتمسك بالبقاء إلى أن ننهي درسه كتابة وفهما رغم نهاية حصته..
مجاهد : حريص على الدرس ..
تلميذ : صح....مع السلامة
( انفض جمعهم وبقي مجاهد أمام باب الإعدادية وبجانبه صديقه في الفصل نبيل ..أطل البواب بعد فتح بويب الإعدادية ..)
البواب : لم يبق أحد خارج الإعدادية إلا أنتما ..
مجاهد : أنا أنتظر صديقي حسن ..إنه في الداخل رفقة أستاذه
البواب : لا شأن لي في الموضوع ..أريد أن أرتاح من الدخول والخروج , لدي مهمات أخرى..
( أغلق البويب بعصبية ..)
نبيل : هيا لنترك المكان كي لا نغضب البواب ..إن بقينا هنا سنتأخر ونشوش فكرتي أسرتينا..
مجاهد : على مهلك ..أنا أنتظر صديقي حسن ولا مانع عندي إن تأخرت من أجل الصداقة ووالدي يعلم طبعي ولا يشك في تصرفاتي ..
نبيل : وما الذي يؤخرنا من أجله ؟
مجاهد : الصداقة... وأمره الأستاذ بأن لا يغادر الفصل ليحدثه عن أمر يهمه
نبيل : لا داعي للاهتمام به إنه تلميذ بليد ...تقهقرت نتائجه خلال السنة الفائتة وبداية هذه السنة في دورتها الأولى حسب ما قيل لي ..تضيع وقتك من أجل فاشل ..
مجاهد : كل كبوة لا تدمر إن عرفنا مقاومتها ..ولا تقل عنه فاشلا , احترمه على الأقل أمامي
نبيل : صديقك حسن لا ينظم حياته ويخلط كل شيء مع الدراسة ..متهور ويهمش العمل الدراسي مقابل هوايات لا تفيده ولا تفيد أوقاته
مجاهد : إنه يهوى لعب الكرة والتجوال رفقة آخرين ..سيصلح أمره وسيصلحه أستاذنا ..لو لم ير فيه خيرا لما اهتم بشؤونه ..وليس عيبا أن يهوى التلميذ لعبة أو فنا ..
نبيل : لا تحلم ..خذها مني نصيحة من اعوج لا يعتدل ..ألاحظ أنك لا تقضي معه سوى أوقاتا قليلة وهذا دليل على أنه غير جدي ولا يمنحك وقتا ليثبت صداقته
مجاهد : منذ أن وزعنا على قسمين مختلفين افترقنا لكن علاقتنا لم تنقطع رغم الأوقات القليلة التي نقضيها معا.. ابق معي لنعرف نتيجة اللقاء
نبيل : معذرة لن أساير غلطك , أخشى أن أغضب والدي إن تأخرت أكثر ..
مجاهد : أنت حر ..ولن ألومك لأنك ملتزم برأيك.. ..عاشرته مدة طويلة ولا يمكن أن أتخلى عنه ..
نبيل : ..رافقني قبل الندم
مجاهد : اسمح لي ..حسن صديقي ..سألتزم بهذا الوعد الذي قطعته على نفسي
(مشى نبيل إلى يمين خشبة المسرح وتبعه مجاهد ليطمئن عليه واستمر كلامهما إلى أن تركا البلاتو ..وبقي صوتهما مسموعا)
مجاهد : الصداقة لا ثمن لها ..فالخاطئ من يربطها بأطماعه
نبيل : أنا مثلك ..أحترم الصداقة لكني أختار من يستحقها دون أن تلهيني عن واجباتي
مجاهد : قبل أن نفترق أرجو أن أقدم لك شكولاتة ..
نبيل : طيب ..لقد شعرت بجوع بعد هذا التأخير ..
( بدأ أكل الشكولاتة ..وهما يتحدثان ....أطل البواب)
البواب يكلم نفسه : أين غاب التلميذان ؟..أوف ...ربما التحقا بمنزليهما ...ارتحت من السؤال عنهما ..
( يغلق باب الإعدادية )
نبيل : أودعك لكني أوصيك بأن تحترس من حسن أو على الأقل زوده بنصائح تهديه وتنير له الصواب في التعليم...التعليم مسؤولية مقدسة..
مجاهد : مع السلامة
( يظهر والد مجاهد ..ولا يجد ابنه..يحتار أمام باب الإعدادية)
والد مجاهد : أوه ..أين بني ؟..المكان خال من التلاميذ !
(يقترب من باب المدرسة , يرفع يده.... يطرقه , يسمع أزيز حديد الباب وهو يفتح ..أطل وجه البواب مبتسما ..)
البواب : أهلا سيدي ..أي خدمة
والد مجاهد : سلام أنا والد مجاهد....أرجو أن لا أزعجك بعد نهاية العمل في الإعدادية ..لقد تأخر بني وجئت لأعرف السبب..
البواب : ..رأيته هنا قبل قليل ولا أدري أين راح ؟
والد مجاهد : خفت لأنه لم يرجع إلى داره
البواب : ما اسمه ؟
والد مجاهد : هل نسيت ؟ ألم أقل لك أنا والد مجاهد ومجاهد ابني وهو المقصود ..
البواب : قهر التعب عقلي... انتظره .. مجاهد تلميذ في السنة الثانية إعدادي , أعرفه ..متوسط القامة من خيرة تلامذة هذه المؤسسة ..شعره أسود وله محفظة حمراء مطبوعة بصورة أرنب ..
والد مجاهد : إنه هو !
البواب :..كان هنا رفقة صديقه نبيل من نفس الفصل.. ..تكلمت معه فسألته عن سبب تأخره ..قال لي أنه ينتظر صديقه حسن ..
والد مجاهد : إنهما صديقان وفيان منذ سنوات الابتدائي ..
البواب : لم يبق في المؤسسة سوى الأستاذ وتلميذه حسن ..ابق قليلا من الوقت ..فإن لم يعود ستجد ابنك في البيت بإذن الرب ..
والد مجاهد : سأفعل
( أغلق البواب باب الإعدادية .. فاختفي )
مجاهد : بابا
(يلتفت والد مجاهد )
والد مجاهد : أين كنت ؟!
مجاهد : كنت مع نبيل سرت معه إلى أن هم لقطع الطريق
والد مجاهد : حسنا , لكن ما الذي أخرك ؟ ..لقد خلت المدرسة من روادها فماذا يربطك بهذا الفراغ ؟!
مجاهد : اسمح لي والدي لا تؤنبني ..فأنا أترقب خروج صديقي حسن
والد مجاهد : فماذا يفعل بداخل الإعدادية ؟!
مجاهد : طلب منه الأستاذ البقاء لمناقشة وضعيته خلال الدورة الأولى
والد مجاهد : شكرته مرارا وأكدت لي أنه تلميذ نجيب ومهذب , وأنا شخصيا لم ألاحظ في تصرفاته ما يقلقني... أعتقد أن ظرفه هذا سيغير رأيي ..
مجاهد : لن نغير رأينا فيه حتى نعرف السبب أنا لا أدري ما الذي أصابه في السنة الماضية وبداية هذا الموسم الدراسي ..
والد مجاهد : أسرته طيبة ..ولا يحتاج لشيء لأنها توفر له مستلزمات الدراسة وأنشطته المتنوعة..
مجاهد : أنا أيضا ..أستغرب التغيير الذي ألم به وأخره عن التحصيل ..
والد مجاهد : لقد تأخر والشمس تقترب من الغروب ..لنرحل بني وغدا ستعرف ما جرى بينه وبين الأستاذ .
مجاهد : لن أتحرر من صداقته ..بيننا ارتباط يلزمني لأنتظره ..
والد مجاهد : لك ما تريد ...
مجاهد : اعذرني أبي ..إنه صديق وسأطلع على نتائج اللقاء فربما يحتاج أمرا يوجب الاستعداد له غدا أو تقديم مساعدات ..
والد مجاهد : بوركت بني ...نعم الصداقة ..سأساندك وأبقى معك ليشعر بدفء العلاقة الأخوية وبحبنا له ..أنت تعلم أني لا أفرق بينكما لأنه تلميذ متواضع ويكن لك حب أخ لأخيه
مجاهد : شكرا أبي ..سيفرح حسن إن وجدك معي..
والد مجاهد : وأين والده ؟
مجاهد : ارتبط بسفر مهم لأداء مهمة عسكرية
والد مجاهد : يا سلام ..أبوه جندي الوطن !
مجاهد : نعم ..
والد مجاهد : أظن أن غياب الأب سهل تخلف حسن عن استيعاب الدروس والاهتمام بها ..
مجاهد : من الممكن ولا حرج عليه إن استغل ابتعاد والده الغارق في مهماته الوطنية
والد مجاهد : وأمه !؟
مجاهد : قيل لي أنها مريضة خلال السنة الماضية وربما تعافت
والد مجاهد : وهل سألت حسن عنها ؟!
مجاهد : لم أزر أسرته منذ مدة ونسيت السؤال عنها لأني شغلت باختبارات الدورة الأولى
والد مجاهد : لا بأس .. لن نتخلى عنه مهما حصل
(ومن بويب قرب باب الإعدادية ظهر البواب ..والغضب يعلو محياه )
البواب : السلام عليكما
مجاهد وأبوه : وعليك السلام
البواب : هذا ابنك أين كان ؟
والد مجاهد : مع نبيل عند آخر الشارع ليودعه ..
البواب : والآن ماذا تنتظران
والد مجاهد : يوجد في الداخل التلميذ حسن نود لقاءه بعد أن ينهي مقابلته مع الأستاذ
مجاهد : إنه صديق عزيز نهتم بأمره
البواب : أمثال هذا التلميذ حسن يؤخرني عن مغادرة الباب ويزيد من متاعبي بعد الحراسة زائد مساعدة زوجتي في تنظيف الفصول المكلفة بها ..
والد مجاهد : لا بأس ..تحمل التعب من أجل مصلحة أولادنا وأكبادنا
البواب : تمنيت لو تخلو المدرسة من المتخلفين عن الدراسة لأرتاح
والد مجاهد : سيأتي يوم تنهي فيه عملك قبيل الحصص
مجاهد : لم يبق إلا اللقاء ..
البواب : أتمنى ذلك فورا لأني مكلف بمهمة أخرى
والد مجاهد : لا تحزن من وقت تؤديه لصالح التلاميذ.... مستقبل وطننا ..
البواب : أعتذر سيدي
(يعود البواب إلى داخل المؤسسة ..لينفرد الأب ومجاهد في المكان الخالي ..)
والد مجاهد : تأخر حسن
مجاهد : لنصبر قليلا
والد مجاهد : انظر إلى هناك !!
مجاهد : إلى أين ؟!
والد مجاهد : ناحية اليسار ..
مجاهد : إنها أم حسن ألا تعرفها ؟
والد مجاهد : لم أرها من قبل
مجاهد : يا ه ..ما الذي أتى بها إلى هنا ؟!
والد مجاهد : نفس السبب الذي رماني إلى هنا ..إنها تخاف على ابنها كما خفت عليك ..
مجاهد : أغلى ما في الدنيا ..أبوة وأمومة ..
والد مجاهد : لقد اقتربت منا ..
مجاهد : ستحييننا لأنها تعرفني ..أكلت من يديها أكلات لذيذة قبل أن تمرض
(وصلت وتوقفت عند باب الإعدادية وقريبا من مجاهد وأبيه ..ابتسمت ..انحنت وقبلت خد صديق ابنها
مجاهد : أقدم لك والدي
أم حسن : متشرفين
والد مجاهد : الشرف لي ..لأني التقيت بامرأة تهتم بابنها وتعتني بولدي مجاهد إنها فرصة شيقة لأشكرك
أم حسن : إنه مثل ابني ولا أفرق بينه وبين حسن..
والد مجاهد : شكرا
أم حسن : نعم الصداقة ..أين ابني حسن ؟!! ..فنادرا ما يتأخر عن البيت بعد نهاية الحصص اليومية
مجاهد : لا تقلقين عليه , إنه رفقة أستاذه داخل الإعدادية
أم حسن : الحمد للرب ..طمأنتني ..ولكن لماذا ؟ وهل عاقبه بهذا التأخير ؟؟
مجاهد : لا ..احتاج الأستاذ لفترة كي يدردش معه ويناقشه حول بعض الواجبات
أم حسن : لا تخفي عني شيئا ..أعلم أنه تهاون , وحصل على نقط من دون مستواه المعهود
والد مجاهد : لهذا أخره الأستاذ ليوجهه ...وستكون هذه النقد زائد نصائح الأستاذ حافزا ليغير عقليته ويساير الدروس...
(فتح بويب الإعدادية وبرز البواب ..)
البواب : سلامتكم ..هاهو الأستاذ قادم ويصحبه حسن
أم حسن : شكرا
والد مجاهد : أرأيت ؟ مرت الأمور ببساطة
(بدا الأستاذ وخلفه حسن ..)
الأستاذ : السلام عليكم
جميعا : وعليك السلام
(عانق حسن أمه وصافح صديقه مجاهد ووالده ..)
الأستاذ : لا تخافوا... هذا تأخير خاص... ومن مصلحة حسن أن يستفيد منه..
الأم : أرجوك ..هل هناك ما يخيب ظني في ابني ؟!
الأستاذ : ابنك ذكي ..واتفقت معه كي يغير سلوكه ويضبط مواعيده ولا يخلط بين العمل الدراسي واللهو , فأفضل اهتمام لدى التلاميذ , يمنح للتعليم لأنه أساس كل الأعمال الدينية والدنيوية ..ولا مانع من تخصيص سويعات للهوايات ...وللبشرى نلت وعدا منه كي يبذل جهدا أكبر....
مجاهد : أنا متأكد من وعود حسن لأنه صديق صادق
الأستاذ : سيكون مجاهد خير معين له ..
مجاهد : كيف ؟
الأستاذ : اضبط معه برنامجه وصاحبه ليقلص من فترات اللعب
مجاهد : هل تريد مني أن أراقبه ؟
حسن : لا ..الأستاذ لا يقصد ذلك ..لكنه يطلب منك أن تراجع معي الدروس وتستظهرني وتساعدني لأستوعب الشروح وتؤنسني لأبتعد عن ما يلهيني دون أن تمنع هوايتي..
مجاهد : هذا عمل بسيط ..وهو الذي سيمتن الروابط الأخوية بيننا
والد مجاهد : داري مفتوحة لك ..وأرجو من والديك أن يسمحا لك بالمبيت عندنا إن اقتضى الأمر تأخيرك أو طالت المراجعة ..
أم حسن : أفضل يوم عندي لما أرى مجاهد مع ابني ..لن أمانع هذه العلاقة الطيبة
الأستاذ : مع السلامة , انتهت مهمتي
والد مجاهد : أدعوك لتناول العشاء معنا ..لقد أتعبك حسن
الأستاذ : أسرتي تنتظرني ولا أعتبر واجب حماية أبنائنا تعبا...
( افترق الجمع ..)
( أسدل الستار)
المشهد الثاني ..
( يسمع صدى الخروج من المدرسة بعد قرع الجرس قبل يوم العطلة بمناسبة الدورة الثانية .وينقص شيئا فشيئا إلى نهايته ..يفتح الستار ..باب المؤسسة مسدود ..ويقف مجاهد بجانب نبيل ..)
عبد الوهاب : سلام إخوتي..
نبيل : وعليك السلام
مجاهد : تبدو حزينا
عبد الوهاب : ضعفت ..ولا أجاري الدروس
نبيل : هل أنت مريض ؟
عبد الوهاب : ملت للحلاقة
مجاهد : الحلاقة ! هل تريد أن تزاول هذه المهنة ؟
عبد الوهاب : نعم ..
نبيل : وكيف هويتها ؟!
عبد الوهاب : لي خال حلاق ..قضيت العطلة في دكانه خلال سويعات النهار وبعد الغروب ..تعلمت فأعجبتني الحلاقة ..
مجاهد : مهنة لأكل العيش
عبد الوهاب : أريد اختصار الزمان قبل الطرد من الإعدادية ..أودعكما ..
مجاهد : مع السلامة ..وفقك الله
نبيل : هل ننتظر حسن مرة أخرى ؟
مجاهد : نعم ..توصلت الأمس بنتائج الدورة الثانية والآن أريد معرفة نتيجة حسن
نبيل : هل تعتقد أنه سيرفع من مستواه إلى درجة مستحسن أو ما فوق المتوسط ؟!
مجاهد : نال في الدورة الأولى أقل من المعدل ..وسيرقى إلى أعلى منه ..لاحظت تحسنا أثناء مراجعة دروسه لما كنت أرافقه ..
نبيل : هل أنت متأكد من نجابته ؟
مجاهد : نعم .ولن أدافع عنه لأنه صديقي ..أنا لا أتحيز في الدراسة لأحد ...الواجب يحتم الإخلاص للحق في كل الظروف.....
نبيل : حماستك تطمئن قلبي وتثير فضولي لأعرف معدلات حسن في الدورة الثانية ..
مجاهد : لن يخيب ظننا
نبيل : أدعو له بالتوفيق
مجاهد : ..أنظر إلى هناك والدي والجندي والد حسن قادمان
نبيل : دفعهما تأخرنا واللهفة لمعرفة نتيجة حسن
مجاهد : أرأيت اهتمام الوالدين بابنيهما !؟
نبيل : لم أعرف بأن والد حسن جندي
مجاهد : ها أنت تراه بأم عينيك
نبيل : هل يعمل في الثكنة العسكرية القريبة من المدينة ؟
مجاهد : نعم.. لكنه يكلف بمهام كثيرة خارج الثكنة ..
( انقطع حديثهما .. تمت التحية بينهم وقبل مجاهد يد والده )
الجندي : أين ابني حسن ؟!
مجاهد : لازال داخل المدرسة ربما يناقش الأستاذ نتيجته ليوجهه إلى أفضل منها
الجندي : وهل عرفت معدله في الدورة الثانية ؟
مجاهد : لا ..ولكن حسب ملاحظتي سيكون أفضل
الجندي : وأنت ؟ ما معدلك ؟!
مجاهد : حصلت على معدل بلغ ثمانية ونصف على عشرة
الجندي : ممتاز ..حكت عنك زوجتي وأسهبت في وصف ذكائك واجتهادك....وافتخرت لأنك تعين ابنها ليخرج من خنقة المعدلات الهابطة ..( ولنبيل ) وأنت ؟
نبيل : تجمدت في سبعة على عشرة
والد مجاهد : الفروض والاختبارات تحتاج للمثابرة في التحصيل ...فكل ما فوق المعدل يرضي الجميع...ويحفز على التعاون
الجندي : ولابد من إضافة المطالعة الحرة والتشبع بالمعلومات الحرة لتنمية الوعي فالتعلم نظافة فكرية تطرد الجهالة..
والد مجاهد : المهم يجب على التلميذ أن يصارع المعدلات ليتفوق , فالمعدلات وحوش كاسرة ..
نبيل : نحن نبذل جهودا محترمة لنكافئ آباءنا
والد مجاهد : لا ينال المرء حاجته إلا بعد العرق والتشمير عن السواعد
مجاهد : لا راحة ولا فوز إلا بعد التعب
الجندي : كل وطن يحتاج للكفاح ورجاله من الصغر إلى الكبر كالبنيان.
والد مجاهد : خلقنا عقولا .. لا عجولا
الجندي : تأخر الأستاذ
والد مجاهد : الانتظار متعب ولكن لا مفر منه وفيه إفادة .. اصبر كما صبرت من قبل رغم أن وقتنا يضيع
الجندي : معذرة ..يضيع من أجل أولادنا ..
والد مجاهد : لم أقصد العكس ..
( يظهر البواب ..)
البواب : انتهى الانتظار ..ستلتقون مع الأستاذ بعد قليل....رأيته قادما من القسم رفقة حسن..
والد مجاهد : شكرا ..
البواب : لولا عطلة الدورة الثانية لانزعجت من التأخير وهذا الموقف الممل
الجندي : وماذا نقول عنا نحن حراس البلد بالليل والنهار ؟ لا نمل خدمة الوطن تحت الحر والبرد وبعيدا عن أسرنا ..
البواب : أعتذر ...كلامك هذا يؤنبني ويشفيني .. لن أتذمر من واجبي الوطني لقد أسأت الظن في المسؤولية ..أعتذر وأكرر اعتذاري ..
الجندي : اعتذارك مقبول ..فكل مسؤولية تحتاج لعزيمة قوية وضمير حي ..
البواب : محبة الذات والإغراء يلهيان عن الواجب لن أعود لهذا السلوك التافه
الجندي : ولا يهزم السلوك التافه سوى الإخلاص
والد مجاهد : كلام معقول ..
الجندي : أنا لا أدري لماذا يغضب الإنسان من عمله ؟
والد مجاهد : الأخلاق تهذب النفوس ..والوعي يحمس التفاني في العمل أما الغضب فهو نابع من الضعف والعاطفة الرهينة بالميول البعيد عن الواقع ..
الجندي : يا سلام .. الواجب واجب على كل مواطن غيور يحب بلده ..
( يفتح البواب باب الإعدادية.. يتقدم نحوهم الأستاذ..)
البواب : تفضلوا ها هو المنتظر
الأستاذ : السلام عليكم واسمحوا لي ..أخرني الواجب
الجندي : بالعكس ..يجب علينا الاعتذار لك وطلب المسامحة منك لأنك تضحي بوقتك وتنير طريق التلاميذ نحو الأفضل للنجاح وضمان مستقبلهم
الأستاذ : عفوا ..من أنت ؟
الجندي : أنا والد حسن ..
الأستاذ : متشرفين ..لا تؤاخذني في السؤال ..
الجندي : لا ألومك..
الأستاذ : تغير ابنك ونال نقطة فوق المعدل ..أي ستة
والد مجاهد : تخطى النقطة المهددة للرسوب ..وهذه الستة ستكون تشجيعا ليبدل حسن أفكاره وينتبه لدروسه ..لي اليقين أنه سيثابر ليكون أفضل
الجندي : مبروك لنا ..أخيرا تغير ابني بفضلك فما رأيك ؟
(حسن لا يجيب ...بقي صامتا )
الجندي : لماذا لا تتكلم وتعبر عن فرحتك ..
والد مجاهد : اتركه وشأنه ..إنه في ذهول أمام إنجاز حول مساره العقلي ( وللأستاذ ) فما رأيك فيه ؟؟
الأستاذ : حسن هادئ وخجول , وقليل الكلام ..ولا تنس صديقه الوفي مجاهد الذي ساعده ولزمه خلال المدة التي تفصله عن فروض وامتحانات الدورة الثانية ..
الجندي : أشكركم جميعا
الأستاذ : نصحت ابنك ووجهته ليبذل مجهودا أكبر في مادتين
مجاهد : سأتعاون معه ليتخطى نقطتيهما الضعيفتين
الأستاذ : النقطتان لا تراوحان بين الخمسة والأربعة على عشرة ...
الجندي : الآن كل الشروط متوفرة ليغير سلوكه ..تخطى الخوف واتبع طريقا سليما للتحصيل ووجد أخا يحبه ويتمنى له الخير والنجاح ..
الأستاذ : كلام منطقي وسليم ..أنا على يقين بأن حسن سيستفيد من النصائح
والد مجاهد : بكل تأكيد ..وإلا سيتحول إلى بليد وهذه الصفة لا أتمناها لأحد
الأستاذ : لا قدره الرب على أبنائنا ..والآن أودعكم ..وأتمنى لأولادكم عطلة مفيدة..
الجميع : مع السلامة
( تركهم الأستاذ ..)
والد مجاهد : لنحتفل بالنقطتين ورجوع جندي الوطن الباسل من مهمته ..
الجندي : احتفال من أجلي أيضا ! هذا تشريف لن أنساه
والد مجاهد : جنودنا يستحقون كل تكريم...ونوفي لأولادنا عطفا يحسسهم بدعمنا واهتمامنا..
( يخرج البواب من بويب الإعدادية ..)
والد مجاهد : أراك تاركا المؤسسة ! إلى أين ؟
البواب : سأذهب إلى السوق لأشتري لوازم المطبخ
والد مجاهد : سننقلك معنا إلى حيث تشاء
البواب : شكرا ..لازال الوقت أمامي
والد مجاهد : يوجد السوق في طريقنا ومرافقتك لا تزعجنا
البواب : ..أوه...حسنا
( ويضرب البواب جبهته بكفه ..)
والد مجاهد : ما بك ؟!
البواب : نسيت المحفظة وعلبة السجائر والولاعة !
مجاهد : هاتها ..ولا بأس كل البشر معرضون للنسيان
البواب : كنت أتوضأ فنسيت ..أعتذر إن أخرتكم ..
والد مجاهد : لن ألومك ..
( عاد البواب بعد غيبة سريعة وهو يحمل مفاتيح عدة ..أغلق باب الإعدادية بواحد منها ..)
البواب : أنا مستعد
والد مجاهد : لم لا تتخلى عن التدخين ؟
البواب : سأحكي السبب ..إن لم أضيع وقتك
والد مجاهد : كل وقت يضيع في المصلحة لا نلام عليه
البواب : تعبت من الدراسة فغادرت الابتدائي بعد الشهادة الابتدائية ..عاشرت ابن حينا المتسكع فتعلمت أعمالا لا تؤهلني لأكون رجلا في المستقبل ومن أفعاله القبيحة تدربت على التدخين , ولم ينقذني سوى ساكن في حينا قبل سنوات ..فهو الذي أخذ بيدي ودافع عني لأكون بوابا كما ترى ..
والد مجاهد : ابن ناس وفيه الخير ...لكن أما آن الأوان لتبتعد عن التدخين كي تراعي صحتك ..؟
البواب : سيكون ذلك اليوم أجمل أيام حياتي ..
والد مجاهد : اعتمد على إرادتك واستغل الأيام التي تسهل التخفيف من التدخين أو نسيانه نهائيا
البواب : فهمت ..تعني استغلال شهر رمضان حيث سأضيف الامتناع عن التدخين إلى الامتناع عن شهوتي البطن والفرج ..
والد مجاهد : هذا ما كنت أقصده ..رمضان فيه شفاء للنفوس
البواب : شكرا ..أعدك وقد اقترب الشهر المبارك لأنفذ نصيحتك ..
والد مجاهد : هيا لنذهب إلى السيارة ..
مجاهد : أرجوك والدي ..سأبقى بعض الوقت مع نبيل قبل أن نصعد إلى سيارتك
والد مجاهد : هذا تأخير جديد , يحتمل ..
البواب : كل تأخير فيه خير
( اتجه الأب والجندي والبواب نحو السيارة تركوا مجاهد ونبيل وحسن )
نبيل : تريد أن تؤنبني لأني شككت في اجتهاد صديقك حسن
مجاهد : أنت نبيل ونبيه ..لقد أخطأت ومن العيب أن يتكهن الإنسان بالغيب
نبيل : سأعتذر لحسن وهو الآن أمامي وقد انقطع عن الكلام منذ خروجه من الإعدادية
حسن : سكتت لأني نجوت من محنة أتعستني , وغصت في تفكير لأراجع ذاتي
نبيل : أطلب منك أن تسامحني ..
حسن : لن أغضب منك لأنك صديق مجاهد ومجاهد أخي فأنت أخ محترم..
نبيل : أنت تعلم أن الآراء تختلف بين التلاميذ وتثار ملاحظات بحجج أو بدونها فتكون الصداقة أو العداوة , إننا عقليات متناقضة ..
حسن : الواجب علينا أن لا نتمسك بالباطل ونحترس من الشك لأنه وهم ..
نبيل : صدقت ..كنت سأتمادى في وصفك من دون اعتبار لمؤهلاتك ..فلولا صديقك مجاهد الذي نبهني وأرشدني لما ابتعدت عن أخطاء الادعاءات ....ندمت عندما تمسكت بالغلط
حسن : لنمسح الغلط ونبني صداقة جديدة مبنية على الثقة بالنفس
نبيل : اتفقنا..
مجاهد : الآن وقد وضعنا النقاط على الحروف ..لنلتحق بالوالدين وهما ينتظران في السيارة ..
(وأثناء اتجاههم إلى يسار البلاتو ..يسدل الستار )
المشهد الثالث والأخير ...
( من خلف الستار نشيد يغنيه التلاميذ ويشاركهم الحضور ..).
إحنا الأولاد
روح البلاد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد
لنا العلم والدين عتاد
نركب العز بالاجتهاد
إحنا الأولاد
روح البلاد
نكبر في ظل الأستاذ
ننجح ونلبي المراد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد
أبطالنا من الأكباد
جيلنا حياة للأحفاد
إحنا الأولاد
روح البلاد
نبني تاريخ الأجداد
بروح ودم وسداد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد..
انتهى النشيد وعبره تصفيقات لا تنتهي.. وارتفعت أصوات وداع إلى اللقاء بعد آخر السنة ..يقل الهرج ..يرفع الستار ..ويخرج ما تبقى من أولياء الأمور ..يودعون ويهنئون ...وأبناؤهم يحملون جوائز آخر السنة)
أب : مبروك
أم : الله يبارك فيك
أب آخر : وزعت جوائز كثيرة هذه السنة
أب : وكانت مهمة.... وفاق عددها السنة الماضية ..
أحد الجيران : مبروك ..وهنيئا لابنك مجاهد
والد مجاهد : شكرا سيدي ..أنا أعتز بمباركتك كجار
أحد الجيران : هذا واجب
والد مجاهد : وهنيئا لابنك
أحد الجيران : شكرا ..وفي سر بيننا , كان لابنك الفضل في نجاح ولدي ..
والد مجاهد : كيف ؟!!
أحد الجيران : اتخذه ابني مثالا يقتدي به في العمل الدراسي وأداء الواجبات والمواظبة ...وأشكر الرب على هذا المنحى الأخلاقي...
والد مجاهد : حقيقة الأهداف هي تقليد النجباء والمتفوقين ..
الجندي : بعيدا عن التقليد الأعمى ..إننا نحتاج لأبطال في كل الميادين ليكونوا أسوة لنا ..للابتعاد عن التضليل والتقهقر..
أحد الجيران : عرفني بالرجل ؟!
والد مجاهد : إنه الجندي أبو حسن الذي يسكن خلف دربنا
أحد الجيران : أوه ...معذرة.. ..لي الشرف لأني التقيت معه اليوم في هذه المناسبة السعيدة
الجندي : أنا أعرفك ولم يتم اللقاء بيننا ..انتشيت بهذه التهاني ..تهاني تفرح القلوب والجوائز تشجع التلاميذ على المثابرة وتريح أولياء التلاميذ من الشك في التعليم ..
والد مجاهد : أنا سعيد حين نال حسن جائزته في العربية فهي بداية لختم سنة دراسية بنتيجة أفضل من السنة الماضية وحافزا للمثابرة أكثر خلال السنة المقبلة ..
الجندي : المهم نجح ..وسيتحسن أداؤه في السنة القادمة كما قلت وأتمنى أن يصل لمستوى ابنك أو على الأقل الاقتراب منه لينال ثلاث جوائز أو أربعة ..
والد مجاهد : الاجتهاد بلا عناد يوصل للمراد
أم حسن : لقد ساهم مجاهد في نجاح ابني ..ولاحظت أثناء كل زيارة مدى الاهتمام بالدروس والانسجام الكامل في المناقشات الخالية من التعنيف والتكبر
والد مجاهد : التعاون بناء يقوي الأدمغة
الجندي : المعذرة... أين أم مجاهد ؟!
والد مجاهد : ماتت في السنة الثالثة من عمر مجاهد آخر العنقود ..لدي ابنان آخران أحدهما موظف يعمل في جنوب البلاد والآخر في مدينة قرب العاصمة ولي ابنة متزوجة تقطن معي ..وهي التي تهتم بولدي مجاهد ..
أم حسن : سامحنا
والد مجاهد : سؤال عادي طرح علي مرارا
( لم يثر اهتمامهم تلميذ متكئ على جدار الإعدادية )
والد مجاهد : انظر إلى ذاك التلميذ الوقف هناك
نبيل : إنه محسن
الجندي : محسن ...محسن ..تعالى بني
محسن يقترب : نعم سيدي
والد مجاهد : ما بك ؟!
محسن : أنا بخير
الجندي : لا تعجبني حالتك ..صارحنا فأنا كوالدك
محسن : كنت أفكر في الطرد من الإعدادية منذ البداية..
والد مجاهد : لست وحدك المصاب بهذه الصفة الذميمة
محسن : لست نادما على نهاية محتومة ..لأنني لا أستطيع مواكبة التعليم ..
الجندي : أراكم صامتين يا صغارنا !
نبيل : نخاف من كلام يجرح أخانا محسن
محسن : لا شيء يجرحني وأنا أعيش واقعا كتب علي , سألتحق بمهنة ما لأضمن مستقبلي ..
والد مجاهد : وأين ستتعلم إحدى المهن أو الحرف ؟!
محسن : سأكون صبيا لأستفيد من خبرة حرفي ..
الجندي : يفرض علينا أكل العيش في كل المهن والمحن
محسن مبتسما : وربما ستحتاجون ليدي العاملة ..
( يضحكون )
والد مجاهد : ألا نغادر المكان ؟
الجندي : لابد أن نودع الأستاذ ونتمنى له عطلة سعيدة
مجاهد : لم أفهم غرضك ..
الجندي : سيكون وداع الأستاذ مكافأة له ويرفع من معنوياته ليحس بوجوده ويمتع نفسيته بثمرات مجهوداته
والد مجاهد : يستحق رجال التعليم كل تشجيع لأن العمل الفكري يضر بالصحة عكس العمل بالعضلات الذي يريح العقل ...
حسن : يستحق أكثر ..لأنه اهتم بسلوكي وأرشدني لأصل إلى هذا المستوى
( يفتح باب الإعدادية ..يطل البواب ويظهر التلميذ عاطف المتأخر عن مغادرة المؤسسة )
البواب : بقاؤكم هنا يدل على حبكم للإعدادية ومن فيها
الجندي : هذه هي الحقيقة لأنها تصلح أبناء الوطن ..
البواب : إعدادية محترمة
( يسلم عاطف على نبيل ومجاهد ويصافح حسن ووالد مجاهد ثم والدي حسن )
مجاهد : أقدم لكم صديقنا الفنان عاطف عازف على الكمان ضمن الفرقة الموسيقية التي أحيت الحفلة ..
والد : مجاهد : أهلا بني ..
الجندي : الموسيقى مهمة ..إن كانت تهذب الأخلاق ولا يستغلها الفساق
عاطف : هي التي أخرتني عن الخروج
الجندي : لماذا ؟!
عاطف : لأني مكلف بالآلات الموسيقية عناية وترتيبا
والد مجاهد : للفن دور مهم في الحياة الاجتماعية إن كان هادفا للإصلاح
عاطف : أهوى الموسيقى منذ التحاقي بالابتدائية وغنيت في البداية مع المجموعات قبل أن أميل إلى العزف على الكمان لكني رسبت هذه السنة ..
والد مجاهد : هل تفضل الموسيقى ؟ !
عاطف : لا...إنها هواية فقط... لقد سمعتم أولياء التلاميذ يرددون الأناشيد ويصفقون نشوة بكل مقطع يثير عواطفهم الوطنية ....
الجندي : لذلك أراك لا تحمل جائزتها !؟؟
عاطف : ضيعت هذه السنة , لكني سأعوضها ..فالرسوب والنجاح ميزتان في التعليم
والد مجاهد : كيف تتصرفون مع الجوائز ؟!
مجاهد : نتبادلها فيما بيننا لنستفيد ونفيد
نبيل : ونقوم بنفس عملية التبادل داخل الفصل من المكتبة الصغيرة التي كوناها بكتبنا
الجندي : فكرة هائلة ..ولكن كيف يتم التبادل وأنتم مشغولون بالدراسة ؟؟!
نبيل : نوزعها قبل عطلة الأسبوع ..وقبل عطل السنة الدراسية ومن لم يكمل القراءة يحتفظ بالكتاب مرة واحدة فقط كي لا يضيع فرص الآخرين...
والد مجاهد : .وهل فعلا تهوى الموسيقى ؟!
عاطف : نعم ..وأمنيتي أن أنخرط في جوقة من الأجواق العسكرية
الجندي : جميل ..الموسيقى العسكرية ترفع من معنويات الجنود للتقدم أو التراجع في الخطط الضامنة لسلامة ا
مسرحية للأطفال من 12 سنة إلى 18 سنة ..
أمام باب الإعدادية..
في فصل واحد...
المشهد الأول.
( قبل إزاحة الستار يرن جرس آخر حصة في اليوم فتعلو أصوات التلاميذ وهم يتزاحمون للخروج يظهر بعض التلاميذ وهم يحملون محفظاتهم على أكتافهم..)
يرفع الستار :.
(منظر المسرحية : سور طويل من الجهتين وسطه باب أخضر للمدرسة وبويب خاص لحارسها البواب وفوقه يافطة معدنية كتب عليها :إعدادية النهضة للبنين ويمكن أن تكون للبنات مع تغيير الأسماء وسورها الملون برسوم التلاميذ تحت مراقبة أساتذة الفن التشكيلي وبجانبيه أشجار قصيرة وأعمدة الكهرباء ... وخلف السور أقسام حول ساحة وسطها علم الوطن..)
البواب : هيا أبنائي ..انصرفوا كي لا يقلق أولياء أموركم , فالتأخير يزعجهم
مجاهد : اعذرني من فضلك أنا أنتظر صديقي ..
البواب : المهم لا تطل البقاء هنا ..
مجاهد يسأل تلميذا : ألم تر حسن ؟
التلميذ : أخرنا الأستاذ لنكمل كتابة الدرس لذلك لم أنتبه
تلميذ ثاني : أنا أعرف مكانه فبعد الانتهاء من الواجب لمحته رفقة الأستاذ داخل الفصل
مجاهد : أوه أمر يحير
التلميذ : لست معه في نفس المستوى الدراسي لأطلعك على ما يجري بينهما فبقاؤه يدل على نصيحة أو تنبيه ...وهذه فترة الفروض التي تقلق أولياءنا وأستاذتنا ..
مجاهد : معك حق ..قضيت سنوات معه في الابتدائية وبعد نيل الشهادة افترقنا ..لكن أنا هنا أمام باب الإعدادية أترقب ظهوره وأحتاج لرؤيته كي أعرف سبب تأخره ..
نبيل : يفرض هبوط المستوى على الأستاذ بأن يكلم المتخلفين عن ركب التحصيل .. وينير طريقهم الدراسي ..
مجاهد : شكرا ..إنه أستاذ يتفانى في خدمة التلاميذ ..
نبيل : لقد تعبت ..لنترك باب الإعدادية
مجاهد : اصبر ..لازال الوقت أمامنا .انس التعب وضح من أجل صديقي
تلميذ ثاني : ضح كما يضحي أساتذتنا من أجلنا فلا يمكن أن نتنازل عن تكملة الواجب ..لنا أستاذنا يتمسك بالبقاء إلى أن ننهي درسه كتابة وفهما رغم نهاية حصته..
مجاهد : حريص على الدرس ..
تلميذ : صح....مع السلامة
( انفض جمعهم وبقي مجاهد أمام باب الإعدادية وبجانبه صديقه في الفصل نبيل ..أطل البواب بعد فتح بويب الإعدادية ..)
البواب : لم يبق أحد خارج الإعدادية إلا أنتما ..
مجاهد : أنا أنتظر صديقي حسن ..إنه في الداخل رفقة أستاذه
البواب : لا شأن لي في الموضوع ..أريد أن أرتاح من الدخول والخروج , لدي مهمات أخرى..
( أغلق البويب بعصبية ..)
نبيل : هيا لنترك المكان كي لا نغضب البواب ..إن بقينا هنا سنتأخر ونشوش فكرتي أسرتينا..
مجاهد : على مهلك ..أنا أنتظر صديقي حسن ولا مانع عندي إن تأخرت من أجل الصداقة ووالدي يعلم طبعي ولا يشك في تصرفاتي ..
نبيل : وما الذي يؤخرنا من أجله ؟
مجاهد : الصداقة... وأمره الأستاذ بأن لا يغادر الفصل ليحدثه عن أمر يهمه
نبيل : لا داعي للاهتمام به إنه تلميذ بليد ...تقهقرت نتائجه خلال السنة الفائتة وبداية هذه السنة في دورتها الأولى حسب ما قيل لي ..تضيع وقتك من أجل فاشل ..
مجاهد : كل كبوة لا تدمر إن عرفنا مقاومتها ..ولا تقل عنه فاشلا , احترمه على الأقل أمامي
نبيل : صديقك حسن لا ينظم حياته ويخلط كل شيء مع الدراسة ..متهور ويهمش العمل الدراسي مقابل هوايات لا تفيده ولا تفيد أوقاته
مجاهد : إنه يهوى لعب الكرة والتجوال رفقة آخرين ..سيصلح أمره وسيصلحه أستاذنا ..لو لم ير فيه خيرا لما اهتم بشؤونه ..وليس عيبا أن يهوى التلميذ لعبة أو فنا ..
نبيل : لا تحلم ..خذها مني نصيحة من اعوج لا يعتدل ..ألاحظ أنك لا تقضي معه سوى أوقاتا قليلة وهذا دليل على أنه غير جدي ولا يمنحك وقتا ليثبت صداقته
مجاهد : منذ أن وزعنا على قسمين مختلفين افترقنا لكن علاقتنا لم تنقطع رغم الأوقات القليلة التي نقضيها معا.. ابق معي لنعرف نتيجة اللقاء
نبيل : معذرة لن أساير غلطك , أخشى أن أغضب والدي إن تأخرت أكثر ..
مجاهد : أنت حر ..ولن ألومك لأنك ملتزم برأيك.. ..عاشرته مدة طويلة ولا يمكن أن أتخلى عنه ..
نبيل : ..رافقني قبل الندم
مجاهد : اسمح لي ..حسن صديقي ..سألتزم بهذا الوعد الذي قطعته على نفسي
(مشى نبيل إلى يمين خشبة المسرح وتبعه مجاهد ليطمئن عليه واستمر كلامهما إلى أن تركا البلاتو ..وبقي صوتهما مسموعا)
مجاهد : الصداقة لا ثمن لها ..فالخاطئ من يربطها بأطماعه
نبيل : أنا مثلك ..أحترم الصداقة لكني أختار من يستحقها دون أن تلهيني عن واجباتي
مجاهد : قبل أن نفترق أرجو أن أقدم لك شكولاتة ..
نبيل : طيب ..لقد شعرت بجوع بعد هذا التأخير ..
( بدأ أكل الشكولاتة ..وهما يتحدثان ....أطل البواب)
البواب يكلم نفسه : أين غاب التلميذان ؟..أوف ...ربما التحقا بمنزليهما ...ارتحت من السؤال عنهما ..
( يغلق باب الإعدادية )
نبيل : أودعك لكني أوصيك بأن تحترس من حسن أو على الأقل زوده بنصائح تهديه وتنير له الصواب في التعليم...التعليم مسؤولية مقدسة..
مجاهد : مع السلامة
( يظهر والد مجاهد ..ولا يجد ابنه..يحتار أمام باب الإعدادية)
والد مجاهد : أوه ..أين بني ؟..المكان خال من التلاميذ !
(يقترب من باب المدرسة , يرفع يده.... يطرقه , يسمع أزيز حديد الباب وهو يفتح ..أطل وجه البواب مبتسما ..)
البواب : أهلا سيدي ..أي خدمة
والد مجاهد : سلام أنا والد مجاهد....أرجو أن لا أزعجك بعد نهاية العمل في الإعدادية ..لقد تأخر بني وجئت لأعرف السبب..
البواب : ..رأيته هنا قبل قليل ولا أدري أين راح ؟
والد مجاهد : خفت لأنه لم يرجع إلى داره
البواب : ما اسمه ؟
والد مجاهد : هل نسيت ؟ ألم أقل لك أنا والد مجاهد ومجاهد ابني وهو المقصود ..
البواب : قهر التعب عقلي... انتظره .. مجاهد تلميذ في السنة الثانية إعدادي , أعرفه ..متوسط القامة من خيرة تلامذة هذه المؤسسة ..شعره أسود وله محفظة حمراء مطبوعة بصورة أرنب ..
والد مجاهد : إنه هو !
البواب :..كان هنا رفقة صديقه نبيل من نفس الفصل.. ..تكلمت معه فسألته عن سبب تأخره ..قال لي أنه ينتظر صديقه حسن ..
والد مجاهد : إنهما صديقان وفيان منذ سنوات الابتدائي ..
البواب : لم يبق في المؤسسة سوى الأستاذ وتلميذه حسن ..ابق قليلا من الوقت ..فإن لم يعود ستجد ابنك في البيت بإذن الرب ..
والد مجاهد : سأفعل
( أغلق البواب باب الإعدادية .. فاختفي )
مجاهد : بابا
(يلتفت والد مجاهد )
والد مجاهد : أين كنت ؟!
مجاهد : كنت مع نبيل سرت معه إلى أن هم لقطع الطريق
والد مجاهد : حسنا , لكن ما الذي أخرك ؟ ..لقد خلت المدرسة من روادها فماذا يربطك بهذا الفراغ ؟!
مجاهد : اسمح لي والدي لا تؤنبني ..فأنا أترقب خروج صديقي حسن
والد مجاهد : فماذا يفعل بداخل الإعدادية ؟!
مجاهد : طلب منه الأستاذ البقاء لمناقشة وضعيته خلال الدورة الأولى
والد مجاهد : شكرته مرارا وأكدت لي أنه تلميذ نجيب ومهذب , وأنا شخصيا لم ألاحظ في تصرفاته ما يقلقني... أعتقد أن ظرفه هذا سيغير رأيي ..
مجاهد : لن نغير رأينا فيه حتى نعرف السبب أنا لا أدري ما الذي أصابه في السنة الماضية وبداية هذا الموسم الدراسي ..
والد مجاهد : أسرته طيبة ..ولا يحتاج لشيء لأنها توفر له مستلزمات الدراسة وأنشطته المتنوعة..
مجاهد : أنا أيضا ..أستغرب التغيير الذي ألم به وأخره عن التحصيل ..
والد مجاهد : لقد تأخر والشمس تقترب من الغروب ..لنرحل بني وغدا ستعرف ما جرى بينه وبين الأستاذ .
مجاهد : لن أتحرر من صداقته ..بيننا ارتباط يلزمني لأنتظره ..
والد مجاهد : لك ما تريد ...
مجاهد : اعذرني أبي ..إنه صديق وسأطلع على نتائج اللقاء فربما يحتاج أمرا يوجب الاستعداد له غدا أو تقديم مساعدات ..
والد مجاهد : بوركت بني ...نعم الصداقة ..سأساندك وأبقى معك ليشعر بدفء العلاقة الأخوية وبحبنا له ..أنت تعلم أني لا أفرق بينكما لأنه تلميذ متواضع ويكن لك حب أخ لأخيه
مجاهد : شكرا أبي ..سيفرح حسن إن وجدك معي..
والد مجاهد : وأين والده ؟
مجاهد : ارتبط بسفر مهم لأداء مهمة عسكرية
والد مجاهد : يا سلام ..أبوه جندي الوطن !
مجاهد : نعم ..
والد مجاهد : أظن أن غياب الأب سهل تخلف حسن عن استيعاب الدروس والاهتمام بها ..
مجاهد : من الممكن ولا حرج عليه إن استغل ابتعاد والده الغارق في مهماته الوطنية
والد مجاهد : وأمه !؟
مجاهد : قيل لي أنها مريضة خلال السنة الماضية وربما تعافت
والد مجاهد : وهل سألت حسن عنها ؟!
مجاهد : لم أزر أسرته منذ مدة ونسيت السؤال عنها لأني شغلت باختبارات الدورة الأولى
والد مجاهد : لا بأس .. لن نتخلى عنه مهما حصل
(ومن بويب قرب باب الإعدادية ظهر البواب ..والغضب يعلو محياه )
البواب : السلام عليكما
مجاهد وأبوه : وعليك السلام
البواب : هذا ابنك أين كان ؟
والد مجاهد : مع نبيل عند آخر الشارع ليودعه ..
البواب : والآن ماذا تنتظران
والد مجاهد : يوجد في الداخل التلميذ حسن نود لقاءه بعد أن ينهي مقابلته مع الأستاذ
مجاهد : إنه صديق عزيز نهتم بأمره
البواب : أمثال هذا التلميذ حسن يؤخرني عن مغادرة الباب ويزيد من متاعبي بعد الحراسة زائد مساعدة زوجتي في تنظيف الفصول المكلفة بها ..
والد مجاهد : لا بأس ..تحمل التعب من أجل مصلحة أولادنا وأكبادنا
البواب : تمنيت لو تخلو المدرسة من المتخلفين عن الدراسة لأرتاح
والد مجاهد : سيأتي يوم تنهي فيه عملك قبيل الحصص
مجاهد : لم يبق إلا اللقاء ..
البواب : أتمنى ذلك فورا لأني مكلف بمهمة أخرى
والد مجاهد : لا تحزن من وقت تؤديه لصالح التلاميذ.... مستقبل وطننا ..
البواب : أعتذر سيدي
(يعود البواب إلى داخل المؤسسة ..لينفرد الأب ومجاهد في المكان الخالي ..)
والد مجاهد : تأخر حسن
مجاهد : لنصبر قليلا
والد مجاهد : انظر إلى هناك !!
مجاهد : إلى أين ؟!
والد مجاهد : ناحية اليسار ..
مجاهد : إنها أم حسن ألا تعرفها ؟
والد مجاهد : لم أرها من قبل
مجاهد : يا ه ..ما الذي أتى بها إلى هنا ؟!
والد مجاهد : نفس السبب الذي رماني إلى هنا ..إنها تخاف على ابنها كما خفت عليك ..
مجاهد : أغلى ما في الدنيا ..أبوة وأمومة ..
والد مجاهد : لقد اقتربت منا ..
مجاهد : ستحييننا لأنها تعرفني ..أكلت من يديها أكلات لذيذة قبل أن تمرض
(وصلت وتوقفت عند باب الإعدادية وقريبا من مجاهد وأبيه ..ابتسمت ..انحنت وقبلت خد صديق ابنها
مجاهد : أقدم لك والدي
أم حسن : متشرفين
والد مجاهد : الشرف لي ..لأني التقيت بامرأة تهتم بابنها وتعتني بولدي مجاهد إنها فرصة شيقة لأشكرك
أم حسن : إنه مثل ابني ولا أفرق بينه وبين حسن..
والد مجاهد : شكرا
أم حسن : نعم الصداقة ..أين ابني حسن ؟!! ..فنادرا ما يتأخر عن البيت بعد نهاية الحصص اليومية
مجاهد : لا تقلقين عليه , إنه رفقة أستاذه داخل الإعدادية
أم حسن : الحمد للرب ..طمأنتني ..ولكن لماذا ؟ وهل عاقبه بهذا التأخير ؟؟
مجاهد : لا ..احتاج الأستاذ لفترة كي يدردش معه ويناقشه حول بعض الواجبات
أم حسن : لا تخفي عني شيئا ..أعلم أنه تهاون , وحصل على نقط من دون مستواه المعهود
والد مجاهد : لهذا أخره الأستاذ ليوجهه ...وستكون هذه النقد زائد نصائح الأستاذ حافزا ليغير عقليته ويساير الدروس...
(فتح بويب الإعدادية وبرز البواب ..)
البواب : سلامتكم ..هاهو الأستاذ قادم ويصحبه حسن
أم حسن : شكرا
والد مجاهد : أرأيت ؟ مرت الأمور ببساطة
(بدا الأستاذ وخلفه حسن ..)
الأستاذ : السلام عليكم
جميعا : وعليك السلام
(عانق حسن أمه وصافح صديقه مجاهد ووالده ..)
الأستاذ : لا تخافوا... هذا تأخير خاص... ومن مصلحة حسن أن يستفيد منه..
الأم : أرجوك ..هل هناك ما يخيب ظني في ابني ؟!
الأستاذ : ابنك ذكي ..واتفقت معه كي يغير سلوكه ويضبط مواعيده ولا يخلط بين العمل الدراسي واللهو , فأفضل اهتمام لدى التلاميذ , يمنح للتعليم لأنه أساس كل الأعمال الدينية والدنيوية ..ولا مانع من تخصيص سويعات للهوايات ...وللبشرى نلت وعدا منه كي يبذل جهدا أكبر....
مجاهد : أنا متأكد من وعود حسن لأنه صديق صادق
الأستاذ : سيكون مجاهد خير معين له ..
مجاهد : كيف ؟
الأستاذ : اضبط معه برنامجه وصاحبه ليقلص من فترات اللعب
مجاهد : هل تريد مني أن أراقبه ؟
حسن : لا ..الأستاذ لا يقصد ذلك ..لكنه يطلب منك أن تراجع معي الدروس وتستظهرني وتساعدني لأستوعب الشروح وتؤنسني لأبتعد عن ما يلهيني دون أن تمنع هوايتي..
مجاهد : هذا عمل بسيط ..وهو الذي سيمتن الروابط الأخوية بيننا
والد مجاهد : داري مفتوحة لك ..وأرجو من والديك أن يسمحا لك بالمبيت عندنا إن اقتضى الأمر تأخيرك أو طالت المراجعة ..
أم حسن : أفضل يوم عندي لما أرى مجاهد مع ابني ..لن أمانع هذه العلاقة الطيبة
الأستاذ : مع السلامة , انتهت مهمتي
والد مجاهد : أدعوك لتناول العشاء معنا ..لقد أتعبك حسن
الأستاذ : أسرتي تنتظرني ولا أعتبر واجب حماية أبنائنا تعبا...
( افترق الجمع ..)
( أسدل الستار)
المشهد الثاني ..
( يسمع صدى الخروج من المدرسة بعد قرع الجرس قبل يوم العطلة بمناسبة الدورة الثانية .وينقص شيئا فشيئا إلى نهايته ..يفتح الستار ..باب المؤسسة مسدود ..ويقف مجاهد بجانب نبيل ..)
عبد الوهاب : سلام إخوتي..
نبيل : وعليك السلام
مجاهد : تبدو حزينا
عبد الوهاب : ضعفت ..ولا أجاري الدروس
نبيل : هل أنت مريض ؟
عبد الوهاب : ملت للحلاقة
مجاهد : الحلاقة ! هل تريد أن تزاول هذه المهنة ؟
عبد الوهاب : نعم ..
نبيل : وكيف هويتها ؟!
عبد الوهاب : لي خال حلاق ..قضيت العطلة في دكانه خلال سويعات النهار وبعد الغروب ..تعلمت فأعجبتني الحلاقة ..
مجاهد : مهنة لأكل العيش
عبد الوهاب : أريد اختصار الزمان قبل الطرد من الإعدادية ..أودعكما ..
مجاهد : مع السلامة ..وفقك الله
نبيل : هل ننتظر حسن مرة أخرى ؟
مجاهد : نعم ..توصلت الأمس بنتائج الدورة الثانية والآن أريد معرفة نتيجة حسن
نبيل : هل تعتقد أنه سيرفع من مستواه إلى درجة مستحسن أو ما فوق المتوسط ؟!
مجاهد : نال في الدورة الأولى أقل من المعدل ..وسيرقى إلى أعلى منه ..لاحظت تحسنا أثناء مراجعة دروسه لما كنت أرافقه ..
نبيل : هل أنت متأكد من نجابته ؟
مجاهد : نعم .ولن أدافع عنه لأنه صديقي ..أنا لا أتحيز في الدراسة لأحد ...الواجب يحتم الإخلاص للحق في كل الظروف.....
نبيل : حماستك تطمئن قلبي وتثير فضولي لأعرف معدلات حسن في الدورة الثانية ..
مجاهد : لن يخيب ظننا
نبيل : أدعو له بالتوفيق
مجاهد : ..أنظر إلى هناك والدي والجندي والد حسن قادمان
نبيل : دفعهما تأخرنا واللهفة لمعرفة نتيجة حسن
مجاهد : أرأيت اهتمام الوالدين بابنيهما !؟
نبيل : لم أعرف بأن والد حسن جندي
مجاهد : ها أنت تراه بأم عينيك
نبيل : هل يعمل في الثكنة العسكرية القريبة من المدينة ؟
مجاهد : نعم.. لكنه يكلف بمهام كثيرة خارج الثكنة ..
( انقطع حديثهما .. تمت التحية بينهم وقبل مجاهد يد والده )
الجندي : أين ابني حسن ؟!
مجاهد : لازال داخل المدرسة ربما يناقش الأستاذ نتيجته ليوجهه إلى أفضل منها
الجندي : وهل عرفت معدله في الدورة الثانية ؟
مجاهد : لا ..ولكن حسب ملاحظتي سيكون أفضل
الجندي : وأنت ؟ ما معدلك ؟!
مجاهد : حصلت على معدل بلغ ثمانية ونصف على عشرة
الجندي : ممتاز ..حكت عنك زوجتي وأسهبت في وصف ذكائك واجتهادك....وافتخرت لأنك تعين ابنها ليخرج من خنقة المعدلات الهابطة ..( ولنبيل ) وأنت ؟
نبيل : تجمدت في سبعة على عشرة
والد مجاهد : الفروض والاختبارات تحتاج للمثابرة في التحصيل ...فكل ما فوق المعدل يرضي الجميع...ويحفز على التعاون
الجندي : ولابد من إضافة المطالعة الحرة والتشبع بالمعلومات الحرة لتنمية الوعي فالتعلم نظافة فكرية تطرد الجهالة..
والد مجاهد : المهم يجب على التلميذ أن يصارع المعدلات ليتفوق , فالمعدلات وحوش كاسرة ..
نبيل : نحن نبذل جهودا محترمة لنكافئ آباءنا
والد مجاهد : لا ينال المرء حاجته إلا بعد العرق والتشمير عن السواعد
مجاهد : لا راحة ولا فوز إلا بعد التعب
الجندي : كل وطن يحتاج للكفاح ورجاله من الصغر إلى الكبر كالبنيان.
والد مجاهد : خلقنا عقولا .. لا عجولا
الجندي : تأخر الأستاذ
والد مجاهد : الانتظار متعب ولكن لا مفر منه وفيه إفادة .. اصبر كما صبرت من قبل رغم أن وقتنا يضيع
الجندي : معذرة ..يضيع من أجل أولادنا ..
والد مجاهد : لم أقصد العكس ..
( يظهر البواب ..)
البواب : انتهى الانتظار ..ستلتقون مع الأستاذ بعد قليل....رأيته قادما من القسم رفقة حسن..
والد مجاهد : شكرا ..
البواب : لولا عطلة الدورة الثانية لانزعجت من التأخير وهذا الموقف الممل
الجندي : وماذا نقول عنا نحن حراس البلد بالليل والنهار ؟ لا نمل خدمة الوطن تحت الحر والبرد وبعيدا عن أسرنا ..
البواب : أعتذر ...كلامك هذا يؤنبني ويشفيني .. لن أتذمر من واجبي الوطني لقد أسأت الظن في المسؤولية ..أعتذر وأكرر اعتذاري ..
الجندي : اعتذارك مقبول ..فكل مسؤولية تحتاج لعزيمة قوية وضمير حي ..
البواب : محبة الذات والإغراء يلهيان عن الواجب لن أعود لهذا السلوك التافه
الجندي : ولا يهزم السلوك التافه سوى الإخلاص
والد مجاهد : كلام معقول ..
الجندي : أنا لا أدري لماذا يغضب الإنسان من عمله ؟
والد مجاهد : الأخلاق تهذب النفوس ..والوعي يحمس التفاني في العمل أما الغضب فهو نابع من الضعف والعاطفة الرهينة بالميول البعيد عن الواقع ..
الجندي : يا سلام .. الواجب واجب على كل مواطن غيور يحب بلده ..
( يفتح البواب باب الإعدادية.. يتقدم نحوهم الأستاذ..)
البواب : تفضلوا ها هو المنتظر
الأستاذ : السلام عليكم واسمحوا لي ..أخرني الواجب
الجندي : بالعكس ..يجب علينا الاعتذار لك وطلب المسامحة منك لأنك تضحي بوقتك وتنير طريق التلاميذ نحو الأفضل للنجاح وضمان مستقبلهم
الأستاذ : عفوا ..من أنت ؟
الجندي : أنا والد حسن ..
الأستاذ : متشرفين ..لا تؤاخذني في السؤال ..
الجندي : لا ألومك..
الأستاذ : تغير ابنك ونال نقطة فوق المعدل ..أي ستة
والد مجاهد : تخطى النقطة المهددة للرسوب ..وهذه الستة ستكون تشجيعا ليبدل حسن أفكاره وينتبه لدروسه ..لي اليقين أنه سيثابر ليكون أفضل
الجندي : مبروك لنا ..أخيرا تغير ابني بفضلك فما رأيك ؟
(حسن لا يجيب ...بقي صامتا )
الجندي : لماذا لا تتكلم وتعبر عن فرحتك ..
والد مجاهد : اتركه وشأنه ..إنه في ذهول أمام إنجاز حول مساره العقلي ( وللأستاذ ) فما رأيك فيه ؟؟
الأستاذ : حسن هادئ وخجول , وقليل الكلام ..ولا تنس صديقه الوفي مجاهد الذي ساعده ولزمه خلال المدة التي تفصله عن فروض وامتحانات الدورة الثانية ..
الجندي : أشكركم جميعا
الأستاذ : نصحت ابنك ووجهته ليبذل مجهودا أكبر في مادتين
مجاهد : سأتعاون معه ليتخطى نقطتيهما الضعيفتين
الأستاذ : النقطتان لا تراوحان بين الخمسة والأربعة على عشرة ...
الجندي : الآن كل الشروط متوفرة ليغير سلوكه ..تخطى الخوف واتبع طريقا سليما للتحصيل ووجد أخا يحبه ويتمنى له الخير والنجاح ..
الأستاذ : كلام منطقي وسليم ..أنا على يقين بأن حسن سيستفيد من النصائح
والد مجاهد : بكل تأكيد ..وإلا سيتحول إلى بليد وهذه الصفة لا أتمناها لأحد
الأستاذ : لا قدره الرب على أبنائنا ..والآن أودعكم ..وأتمنى لأولادكم عطلة مفيدة..
الجميع : مع السلامة
( تركهم الأستاذ ..)
والد مجاهد : لنحتفل بالنقطتين ورجوع جندي الوطن الباسل من مهمته ..
الجندي : احتفال من أجلي أيضا ! هذا تشريف لن أنساه
والد مجاهد : جنودنا يستحقون كل تكريم...ونوفي لأولادنا عطفا يحسسهم بدعمنا واهتمامنا..
( يخرج البواب من بويب الإعدادية ..)
والد مجاهد : أراك تاركا المؤسسة ! إلى أين ؟
البواب : سأذهب إلى السوق لأشتري لوازم المطبخ
والد مجاهد : سننقلك معنا إلى حيث تشاء
البواب : شكرا ..لازال الوقت أمامي
والد مجاهد : يوجد السوق في طريقنا ومرافقتك لا تزعجنا
البواب : ..أوه...حسنا
( ويضرب البواب جبهته بكفه ..)
والد مجاهد : ما بك ؟!
البواب : نسيت المحفظة وعلبة السجائر والولاعة !
مجاهد : هاتها ..ولا بأس كل البشر معرضون للنسيان
البواب : كنت أتوضأ فنسيت ..أعتذر إن أخرتكم ..
والد مجاهد : لن ألومك ..
( عاد البواب بعد غيبة سريعة وهو يحمل مفاتيح عدة ..أغلق باب الإعدادية بواحد منها ..)
البواب : أنا مستعد
والد مجاهد : لم لا تتخلى عن التدخين ؟
البواب : سأحكي السبب ..إن لم أضيع وقتك
والد مجاهد : كل وقت يضيع في المصلحة لا نلام عليه
البواب : تعبت من الدراسة فغادرت الابتدائي بعد الشهادة الابتدائية ..عاشرت ابن حينا المتسكع فتعلمت أعمالا لا تؤهلني لأكون رجلا في المستقبل ومن أفعاله القبيحة تدربت على التدخين , ولم ينقذني سوى ساكن في حينا قبل سنوات ..فهو الذي أخذ بيدي ودافع عني لأكون بوابا كما ترى ..
والد مجاهد : ابن ناس وفيه الخير ...لكن أما آن الأوان لتبتعد عن التدخين كي تراعي صحتك ..؟
البواب : سيكون ذلك اليوم أجمل أيام حياتي ..
والد مجاهد : اعتمد على إرادتك واستغل الأيام التي تسهل التخفيف من التدخين أو نسيانه نهائيا
البواب : فهمت ..تعني استغلال شهر رمضان حيث سأضيف الامتناع عن التدخين إلى الامتناع عن شهوتي البطن والفرج ..
والد مجاهد : هذا ما كنت أقصده ..رمضان فيه شفاء للنفوس
البواب : شكرا ..أعدك وقد اقترب الشهر المبارك لأنفذ نصيحتك ..
والد مجاهد : هيا لنذهب إلى السيارة ..
مجاهد : أرجوك والدي ..سأبقى بعض الوقت مع نبيل قبل أن نصعد إلى سيارتك
والد مجاهد : هذا تأخير جديد , يحتمل ..
البواب : كل تأخير فيه خير
( اتجه الأب والجندي والبواب نحو السيارة تركوا مجاهد ونبيل وحسن )
نبيل : تريد أن تؤنبني لأني شككت في اجتهاد صديقك حسن
مجاهد : أنت نبيل ونبيه ..لقد أخطأت ومن العيب أن يتكهن الإنسان بالغيب
نبيل : سأعتذر لحسن وهو الآن أمامي وقد انقطع عن الكلام منذ خروجه من الإعدادية
حسن : سكتت لأني نجوت من محنة أتعستني , وغصت في تفكير لأراجع ذاتي
نبيل : أطلب منك أن تسامحني ..
حسن : لن أغضب منك لأنك صديق مجاهد ومجاهد أخي فأنت أخ محترم..
نبيل : أنت تعلم أن الآراء تختلف بين التلاميذ وتثار ملاحظات بحجج أو بدونها فتكون الصداقة أو العداوة , إننا عقليات متناقضة ..
حسن : الواجب علينا أن لا نتمسك بالباطل ونحترس من الشك لأنه وهم ..
نبيل : صدقت ..كنت سأتمادى في وصفك من دون اعتبار لمؤهلاتك ..فلولا صديقك مجاهد الذي نبهني وأرشدني لما ابتعدت عن أخطاء الادعاءات ....ندمت عندما تمسكت بالغلط
حسن : لنمسح الغلط ونبني صداقة جديدة مبنية على الثقة بالنفس
نبيل : اتفقنا..
مجاهد : الآن وقد وضعنا النقاط على الحروف ..لنلتحق بالوالدين وهما ينتظران في السيارة ..
(وأثناء اتجاههم إلى يسار البلاتو ..يسدل الستار )
المشهد الثالث والأخير ...
( من خلف الستار نشيد يغنيه التلاميذ ويشاركهم الحضور ..).
إحنا الأولاد
روح البلاد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد
لنا العلم والدين عتاد
نركب العز بالاجتهاد
إحنا الأولاد
روح البلاد
نكبر في ظل الأستاذ
ننجح ونلبي المراد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد
أبطالنا من الأكباد
جيلنا حياة للأحفاد
إحنا الأولاد
روح البلاد
نبني تاريخ الأجداد
بروح ودم وسداد
فينا الأسياد
علينا الاعتماد..
انتهى النشيد وعبره تصفيقات لا تنتهي.. وارتفعت أصوات وداع إلى اللقاء بعد آخر السنة ..يقل الهرج ..يرفع الستار ..ويخرج ما تبقى من أولياء الأمور ..يودعون ويهنئون ...وأبناؤهم يحملون جوائز آخر السنة)
أب : مبروك
أم : الله يبارك فيك
أب آخر : وزعت جوائز كثيرة هذه السنة
أب : وكانت مهمة.... وفاق عددها السنة الماضية ..
أحد الجيران : مبروك ..وهنيئا لابنك مجاهد
والد مجاهد : شكرا سيدي ..أنا أعتز بمباركتك كجار
أحد الجيران : هذا واجب
والد مجاهد : وهنيئا لابنك
أحد الجيران : شكرا ..وفي سر بيننا , كان لابنك الفضل في نجاح ولدي ..
والد مجاهد : كيف ؟!!
أحد الجيران : اتخذه ابني مثالا يقتدي به في العمل الدراسي وأداء الواجبات والمواظبة ...وأشكر الرب على هذا المنحى الأخلاقي...
والد مجاهد : حقيقة الأهداف هي تقليد النجباء والمتفوقين ..
الجندي : بعيدا عن التقليد الأعمى ..إننا نحتاج لأبطال في كل الميادين ليكونوا أسوة لنا ..للابتعاد عن التضليل والتقهقر..
أحد الجيران : عرفني بالرجل ؟!
والد مجاهد : إنه الجندي أبو حسن الذي يسكن خلف دربنا
أحد الجيران : أوه ...معذرة.. ..لي الشرف لأني التقيت معه اليوم في هذه المناسبة السعيدة
الجندي : أنا أعرفك ولم يتم اللقاء بيننا ..انتشيت بهذه التهاني ..تهاني تفرح القلوب والجوائز تشجع التلاميذ على المثابرة وتريح أولياء التلاميذ من الشك في التعليم ..
والد مجاهد : أنا سعيد حين نال حسن جائزته في العربية فهي بداية لختم سنة دراسية بنتيجة أفضل من السنة الماضية وحافزا للمثابرة أكثر خلال السنة المقبلة ..
الجندي : المهم نجح ..وسيتحسن أداؤه في السنة القادمة كما قلت وأتمنى أن يصل لمستوى ابنك أو على الأقل الاقتراب منه لينال ثلاث جوائز أو أربعة ..
والد مجاهد : الاجتهاد بلا عناد يوصل للمراد
أم حسن : لقد ساهم مجاهد في نجاح ابني ..ولاحظت أثناء كل زيارة مدى الاهتمام بالدروس والانسجام الكامل في المناقشات الخالية من التعنيف والتكبر
والد مجاهد : التعاون بناء يقوي الأدمغة
الجندي : المعذرة... أين أم مجاهد ؟!
والد مجاهد : ماتت في السنة الثالثة من عمر مجاهد آخر العنقود ..لدي ابنان آخران أحدهما موظف يعمل في جنوب البلاد والآخر في مدينة قرب العاصمة ولي ابنة متزوجة تقطن معي ..وهي التي تهتم بولدي مجاهد ..
أم حسن : سامحنا
والد مجاهد : سؤال عادي طرح علي مرارا
( لم يثر اهتمامهم تلميذ متكئ على جدار الإعدادية )
والد مجاهد : انظر إلى ذاك التلميذ الوقف هناك
نبيل : إنه محسن
الجندي : محسن ...محسن ..تعالى بني
محسن يقترب : نعم سيدي
والد مجاهد : ما بك ؟!
محسن : أنا بخير
الجندي : لا تعجبني حالتك ..صارحنا فأنا كوالدك
محسن : كنت أفكر في الطرد من الإعدادية منذ البداية..
والد مجاهد : لست وحدك المصاب بهذه الصفة الذميمة
محسن : لست نادما على نهاية محتومة ..لأنني لا أستطيع مواكبة التعليم ..
الجندي : أراكم صامتين يا صغارنا !
نبيل : نخاف من كلام يجرح أخانا محسن
محسن : لا شيء يجرحني وأنا أعيش واقعا كتب علي , سألتحق بمهنة ما لأضمن مستقبلي ..
والد مجاهد : وأين ستتعلم إحدى المهن أو الحرف ؟!
محسن : سأكون صبيا لأستفيد من خبرة حرفي ..
الجندي : يفرض علينا أكل العيش في كل المهن والمحن
محسن مبتسما : وربما ستحتاجون ليدي العاملة ..
( يضحكون )
والد مجاهد : ألا نغادر المكان ؟
الجندي : لابد أن نودع الأستاذ ونتمنى له عطلة سعيدة
مجاهد : لم أفهم غرضك ..
الجندي : سيكون وداع الأستاذ مكافأة له ويرفع من معنوياته ليحس بوجوده ويمتع نفسيته بثمرات مجهوداته
والد مجاهد : يستحق رجال التعليم كل تشجيع لأن العمل الفكري يضر بالصحة عكس العمل بالعضلات الذي يريح العقل ...
حسن : يستحق أكثر ..لأنه اهتم بسلوكي وأرشدني لأصل إلى هذا المستوى
( يفتح باب الإعدادية ..يطل البواب ويظهر التلميذ عاطف المتأخر عن مغادرة المؤسسة )
البواب : بقاؤكم هنا يدل على حبكم للإعدادية ومن فيها
الجندي : هذه هي الحقيقة لأنها تصلح أبناء الوطن ..
البواب : إعدادية محترمة
( يسلم عاطف على نبيل ومجاهد ويصافح حسن ووالد مجاهد ثم والدي حسن )
مجاهد : أقدم لكم صديقنا الفنان عاطف عازف على الكمان ضمن الفرقة الموسيقية التي أحيت الحفلة ..
والد : مجاهد : أهلا بني ..
الجندي : الموسيقى مهمة ..إن كانت تهذب الأخلاق ولا يستغلها الفساق
عاطف : هي التي أخرتني عن الخروج
الجندي : لماذا ؟!
عاطف : لأني مكلف بالآلات الموسيقية عناية وترتيبا
والد مجاهد : للفن دور مهم في الحياة الاجتماعية إن كان هادفا للإصلاح
عاطف : أهوى الموسيقى منذ التحاقي بالابتدائية وغنيت في البداية مع المجموعات قبل أن أميل إلى العزف على الكمان لكني رسبت هذه السنة ..
والد مجاهد : هل تفضل الموسيقى ؟ !
عاطف : لا...إنها هواية فقط... لقد سمعتم أولياء التلاميذ يرددون الأناشيد ويصفقون نشوة بكل مقطع يثير عواطفهم الوطنية ....
الجندي : لذلك أراك لا تحمل جائزتها !؟؟
عاطف : ضيعت هذه السنة , لكني سأعوضها ..فالرسوب والنجاح ميزتان في التعليم
والد مجاهد : كيف تتصرفون مع الجوائز ؟!
مجاهد : نتبادلها فيما بيننا لنستفيد ونفيد
نبيل : ونقوم بنفس عملية التبادل داخل الفصل من المكتبة الصغيرة التي كوناها بكتبنا
الجندي : فكرة هائلة ..ولكن كيف يتم التبادل وأنتم مشغولون بالدراسة ؟؟!
نبيل : نوزعها قبل عطلة الأسبوع ..وقبل عطل السنة الدراسية ومن لم يكمل القراءة يحتفظ بالكتاب مرة واحدة فقط كي لا يضيع فرص الآخرين...
والد مجاهد : .وهل فعلا تهوى الموسيقى ؟!
عاطف : نعم ..وأمنيتي أن أنخرط في جوقة من الأجواق العسكرية
الجندي : جميل ..الموسيقى العسكرية ترفع من معنويات الجنود للتقدم أو التراجع في الخطط الضامنة لسلامة ا
أوباها حسين- عدد الرسائل : 286
العمر : 81
تاريخ التسجيل : 11/10/2011
مواضيع مماثلة
» الثانوية الإعدادية الطيب الزواقي تحتفل باليوم العالمي للبيئة
» دراسة تشخيصية لبعض مؤشرات الحياة المدرسية بالمؤسسات الثانوية الإعدادية والتأهيلية : جمعيات آباء وأولياء وأمهات التلاميذ
» إحذروا الكذب أمام أطفالكم
» الرواية العربية أمام رهان الحداثة
» أسد على شعبه ..نعامة أمام الكيان الصهيوني
» دراسة تشخيصية لبعض مؤشرات الحياة المدرسية بالمؤسسات الثانوية الإعدادية والتأهيلية : جمعيات آباء وأولياء وأمهات التلاميذ
» إحذروا الكذب أمام أطفالكم
» الرواية العربية أمام رهان الحداثة
» أسد على شعبه ..نعامة أمام الكيان الصهيوني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى