زواج الملوك والأمراء : الزواج كمحادثة طويلة مع التاريخ..
صفحة 1 من اصل 1
زواج الملوك والأمراء : الزواج كمحادثة طويلة مع التاريخ..
كان الفيلسوف الألماني الرافض فريديك نيتشه، يردد بأن «الزواج هو محادثة طويلة»، وفي حالة الزواج الملكي، أو الأميري، عادة ما يكون محادثة طويلة مع السياسة والتاريخ.
وبهذا المعنى يكون الزواج لحظة قياس لمفهوم العلاقات الاجتماعية من داخل السلطة، وقياسا أيضا للاختيارات التي تميل إليها الملكية في عمق التاريخ.
ولتوضيح أكبر، عندما يختار الملوك والأمراء طريقة زفاف تقليدية مغلقة، كما كان الحال في السابق، فإن معنى ذلك أن اختيارات الدولة، وفي صلبها النظام الملكي، تميل إلى التقليدانية، وعندما تختار أن تشرك الشعب في لحظة الزواج الحميمي فهذا يعني أن الميل واضح لانفتاح أوسع .
وقد قاد الملك محمد السادس «الثورة الحميمية» عندما عرف المغاربة بخطيبته ثم زوجته وأم الأميرين، وقتها أعلن المؤرخون وكتاب السيرة السلطانية عن نهاية الحريم، وميلاد الملكية الحديثة.
وعندما استمرت الصورة الأميرية، على الطريق الذي رسمه الراحل الكبير أب الأمة محمد الخامس ، كان الإنحياز واضحا إلي الحداثة في السلوك العام..
ويكون اليوم زواج الأمير، بكل التفاصيل التي أصبح بإمكان الصحافة، المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي الحصول عليها، دليلا آخر على المنحى العصري في إحياء الحفلات الملكية في الزواج . وهو انحياز لا غبار عليه، بدون إغراقه في التفاصيل الظاهرة للعين المجردة.
ويمكن ، في مقارنة الحفلات السابقة والتي تحدث اليوم مع الملك محمد السادس أن نقيس المسافة التي قطعتها الشمس في الدخول إلى الأركان المعتمة للقصور..
وليس الأمر تطاولا بالجدية على موضوع منذور للفرح والمقاربات المرحة، بل نحن في عمق التحول المجتمعي، في الوقت الذي تحاط فيه المجتمعات الشمال إفريقية والشرق أوسطية بمظاهر التقليدانية وتثبيت السلوك النكوصي في كل مظاهر الحياة، من اللباس إلى الفضاء العمومي، مرورا بالمناسبات الاجتماعية والافراح وحفلات الختان وهلم تراجعا...
هناك مناطق أخرى في الحفل تثير وستثير التفاعل الاجتماعي، والتتبع الشعبي، ويمكن أن نلخصها في السحر الكامن دوما في الحياة الأميرية، والاندفاعة التي ترافق خروجها إلى الفضاء المشترك، هناك الجوانب النفسية في هذا التفاعل، والعاطفية .. ولا شك، غير أن المهم في «محدثة» الزواج الأميري هو أننا أمام لحظة اختيار ، تختبر بها المؤسسات المنحى الذي تختاره لنفسها في كل منعطف..
ومن المؤكد أن في اختيار الطقوس المغربية وتجميعها، في بؤرة فرح ملوكية، هو اختيار لا يمليه فقط تاريخ العاطفة، وتاريخ الطقوس المصاحبة، بل تمليه أيضا التوجهات التي تريدها المؤسسة الملكية للعلاقات الاجتماعية.. وربما ظهرت بوادره بعيدا عن فرحة الأعراس في اختيار التعريف الذي أعطته مدونة الأسرة ، وهي تسمية ذاتها دالة على التحول ... للزواج .
عبدالحميد جماهري
الاتحاد الاشتراكي
15/11/2014
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 64
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى