رباويات
صفحة 1 من اصل 1
فَرَسُ الْحُصَيْن بن حمام
كان زادي عِنَباً مجففا، ورغيفين محشوين بالشحم والبصل. الطريق إلى الخليل عبر هذه الصحراء موحش، والشمسُ لا تفارق السماء، بل تَشْعُر وأنت بهذه المفازة أنها تكاد تحط على رأسك؛ لتستريح. لولا عبدُ القادر وساط ما رميتُ بنفسي في هذه الرحلة المتعبة، هذه الرحلة أضعتُ في مطلعها فرسي الشهباء. وساط دائما يثيرني كلما ذُكرت الأراجيز.لهذا قررتُ أن أسافر من جديد إلى حبيبي الخليل. بينما كنتُ أقطع أرضا جرداء، إذا بِفَرَسٍ أَدْهَمَ يخرج من غيمةٍ تسللت إلى هذه السماء التي تمتدد فوقي كما تمتد هذه الأرض تحت قدمي الحافيتين. وقف أمامي. حدثني بتحمحمه الرقراق: "أنت محمد ولد على؟". عجبا فرسٌ يتكلم كبني البشر، ويعرف اسمي ! قلت: "نعم، أنا محمد ولد علي". اِنْحنى قليلا نحوي، وقَبَّل يديَّ بحرارة، والدموع تَمْلأ عينيه، قلت: "ما يبكيك يا هذا ؟ إن كنت تريد ماء فَقِرْبَتِي ليس بها سوى الريح". قال: "إن حريتي بين يديك". قلتُ: " كيف؟". قال: " أنا فرس الحُصين بن الحمام الذي يُكنى بأبي زيد". قلت: "من يكون هذا الحصين؟ أهو وزير للثقافة؟". رد مستغربا: "ألا تعرفه؟ ألا تعرف سيدَ بني مُرة؟"، قلت على الفور: "إذن هو رجل من العصر الجاهلي، عصرِ عبادة الأوثان؟". فَرَدَّ : "إنه يا محمد ممن نَبَذوا هذه العبادة". فقلت له: " أهو القائل :
نَدِمْتُ عَلَى قَوْلٍ مَضَى كُنْتُ قُلْتُهُ
تَبَيَّنْتُ فِيهِ أَنَّهُ قَوْلُ كَــــــــــــــاذِبِ
فَلَيْتَ لِسَانِي كَــانَ نِصْفَيْنِ مِنْهُمَا
بَكِيمٌ وَنِصْفٌ عِنْدَ مَجْرَى الْكَوَاكِبِ"
فرد: "نعم، هو شاعر جاهلي، لكنه مقل". ثم أضاف: "قبل وفاته، أوصى لك بي؛ حيث بَقِيتُ مكبلا في إِسطبل أمير المؤمنين معاوية إلى أن جاء ابنُ الحصين إليه هذا اليوم، فقال له: "يا أمير المؤمنين، لقد علمتُ أن محمدْ ولد علي يوجد في الطريق إلى الخليل؛ فابعث إليه بحصان والدي رحمه الله؛ ليوصله إلى دار الخليل بالبصرة، ثم يتحرر الحصان". وأضاف هذا الحصان قائلا: "اركب يا مولاي لتبلغ حدائق الخليل". رِنْ رِنْ ... قمتُ مذعورا وأنا أردد: "اللهم اجعل هذا الحلمَ خيرا وسلاما".
نَدِمْتُ عَلَى قَوْلٍ مَضَى كُنْتُ قُلْتُهُ
تَبَيَّنْتُ فِيهِ أَنَّهُ قَوْلُ كَــــــــــــــاذِبِ
فَلَيْتَ لِسَانِي كَــانَ نِصْفَيْنِ مِنْهُمَا
بَكِيمٌ وَنِصْفٌ عِنْدَ مَجْرَى الْكَوَاكِبِ"
فرد: "نعم، هو شاعر جاهلي، لكنه مقل". ثم أضاف: "قبل وفاته، أوصى لك بي؛ حيث بَقِيتُ مكبلا في إِسطبل أمير المؤمنين معاوية إلى أن جاء ابنُ الحصين إليه هذا اليوم، فقال له: "يا أمير المؤمنين، لقد علمتُ أن محمدْ ولد علي يوجد في الطريق إلى الخليل؛ فابعث إليه بحصان والدي رحمه الله؛ ليوصله إلى دار الخليل بالبصرة، ثم يتحرر الحصان". وأضاف هذا الحصان قائلا: "اركب يا مولاي لتبلغ حدائق الخليل". رِنْ رِنْ ... قمتُ مذعورا وأنا أردد: "اللهم اجعل هذا الحلمَ خيرا وسلاما".
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
سائق تاكسي يحاول اختطاف ولد علي
وأنا بشارع الجيش الملكي، ناديتُ: تاكسي (بالنطق الإنجليزي)، فإذا بسيارة فاخرة من نوع ميرسديس 270 تقف، وليس بها علامةٌ تدل على أنها سيارة أجرة. لكن يداً خَفية ألقت بي داخلها، ثم انطلقتْ كالبرق الخاطف، دون أن يسألني السائق عن وجهتي. كان بها جهاز تلفزيوني جميل. لَمَسَ السائقُ آلةَ التحكم من بعيد، فملأ وجهُ امرأة دميةٍ وجهَ الشاشة، كانت صحبةَ شاعرٍ. علمت أنه عروةُ بن الورد. كان يرتدي قميصا رياضيا، عليه صورةُ ميسي، ورسْمٌ يدل على أن القميص لأسَدٍ من أسود الأطلس.. فكان الحوار التالي:
- نُرَحِّبُ بالشاعر الكبير عروة ابن الورد، ويسعدنا أن نسأل: طبعا أنت قرأتَ للشعراء العرب. لكن هل تعرف شعراء من الغرب؟
- نعم قرأت لـِــ Victor Hugo وَ T.S.Eliot
- عجبا .. ما يعجبك في الشاعر الأول؟
- قصيدتُه Tristesse d’Olympio، إنها من عيون الشعر الرومانسي، ولكن ديوانه Les Orientales هو خير ديوان تشعرين فيه بحضور شعرنا الجاهلي. ففيه ذِكْرٌ لشعراء من العصر الجاهلي، أغلبهم لا يعرفهم بعضُ الباحثين في الجامعة المغربية، رغم تخصصهم في الأدب الجاهلي.
- كنتُ أنتظر أن تقول لي إن بالشرقيات Orientales Les حضورا لشعرنا العربي المعاصر.
- فكتور هوغو يَعْتَبِرُ أكثرَ شعرنا المعاصر بِضَاعَتَهُ رُدَّتْ إِليه، لكن لاميةَ الشنفرى مثلا تزلزل كيانَه حين يقرأها. تصوري الأرضَ اليباب لإليوت تحضر فيها المعلقاتُ وخاصة معلقة لبيد التي أولها "عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا".
- فعلا هذا الكلام سبق للمرحوم عبد الله الطيب أن قاله، ونشره في عدد من أعداد الدوحة، أظن أن هذا كان في سنوات السبعين من القرن الماضي.
- قلتِ "رحمه الله" أو مات؟
- نعم
- كان واحدا من رجالاتنا. كان يعرفنا واحدا، واحدا.
- سمعنا أنك مدحت الشنفرى.
- نعم ذاك شاعر يستحق أن يُمدح.
- هلا شرفتنا بمقطع مما قلته في حقه.
- حاضر..
ثم أطرق يفكر. بعد ثانية ألقي المكرفون جانبا وانطلق منشدا قوله:
يَا أَيُّهَا الشَّنْفَرَى قـَــــــــــدْ قُلْتَ لاَمِيَةً
مَا زِلْتُ أَسْمَعُ أَطْيَاراً تُرَتِّلُـــــــــــــــــهَا
إِيقَاعُهَا يُرْقِصُ الأَغْصَانَ مِــــــــنْ طَرَبٍ
حَتَّى تَمَنَّى أَبُو تَمَّامَ يَنْحَـــــــــــــــلُــهَا
مَا الشَّرْقِيَاتُ؟ وَمَا الأَرْضُ الْيَبَابُ؟ وَمَا؟
وَنَحْنُ فِي قُرْصِنَا السَّــــامِي نُسَجِّلُهَا
يُحِبُّهَا كُلُّ صُعْلُوكٍ بِـــــــــــــــــــأَنْدَلُسٍ
وَكُلُّ شَاعِرَةٍ ظَلَّتْ تُبَجِّـــــــــــــــــــلُهَا
كان السائق يرقص طربا وهو يسمع عروة، ثم أزال نظارته فإذا هو عبد القادر وساط يحاول اختطافي.
- نُرَحِّبُ بالشاعر الكبير عروة ابن الورد، ويسعدنا أن نسأل: طبعا أنت قرأتَ للشعراء العرب. لكن هل تعرف شعراء من الغرب؟
- نعم قرأت لـِــ Victor Hugo وَ T.S.Eliot
- عجبا .. ما يعجبك في الشاعر الأول؟
- قصيدتُه Tristesse d’Olympio، إنها من عيون الشعر الرومانسي، ولكن ديوانه Les Orientales هو خير ديوان تشعرين فيه بحضور شعرنا الجاهلي. ففيه ذِكْرٌ لشعراء من العصر الجاهلي، أغلبهم لا يعرفهم بعضُ الباحثين في الجامعة المغربية، رغم تخصصهم في الأدب الجاهلي.
- كنتُ أنتظر أن تقول لي إن بالشرقيات Orientales Les حضورا لشعرنا العربي المعاصر.
- فكتور هوغو يَعْتَبِرُ أكثرَ شعرنا المعاصر بِضَاعَتَهُ رُدَّتْ إِليه، لكن لاميةَ الشنفرى مثلا تزلزل كيانَه حين يقرأها. تصوري الأرضَ اليباب لإليوت تحضر فيها المعلقاتُ وخاصة معلقة لبيد التي أولها "عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا".
- فعلا هذا الكلام سبق للمرحوم عبد الله الطيب أن قاله، ونشره في عدد من أعداد الدوحة، أظن أن هذا كان في سنوات السبعين من القرن الماضي.
- قلتِ "رحمه الله" أو مات؟
- نعم
- كان واحدا من رجالاتنا. كان يعرفنا واحدا، واحدا.
- سمعنا أنك مدحت الشنفرى.
- نعم ذاك شاعر يستحق أن يُمدح.
- هلا شرفتنا بمقطع مما قلته في حقه.
- حاضر..
ثم أطرق يفكر. بعد ثانية ألقي المكرفون جانبا وانطلق منشدا قوله:
يَا أَيُّهَا الشَّنْفَرَى قـَــــــــــدْ قُلْتَ لاَمِيَةً
مَا زِلْتُ أَسْمَعُ أَطْيَاراً تُرَتِّلُـــــــــــــــــهَا
إِيقَاعُهَا يُرْقِصُ الأَغْصَانَ مِــــــــنْ طَرَبٍ
حَتَّى تَمَنَّى أَبُو تَمَّامَ يَنْحَـــــــــــــــلُــهَا
مَا الشَّرْقِيَاتُ؟ وَمَا الأَرْضُ الْيَبَابُ؟ وَمَا؟
وَنَحْنُ فِي قُرْصِنَا السَّــــامِي نُسَجِّلُهَا
يُحِبُّهَا كُلُّ صُعْلُوكٍ بِـــــــــــــــــــأَنْدَلُسٍ
وَكُلُّ شَاعِرَةٍ ظَلَّتْ تُبَجِّـــــــــــــــــــلُهَا
كان السائق يرقص طربا وهو يسمع عروة، ثم أزال نظارته فإذا هو عبد القادر وساط يحاول اختطافي.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
النابغة يحل بمراكش
لَمْ أَكُن أتصورُ أن يَطَّلِع النابغةُ الذبياني على رسالتي التي وجهتها إلى الآمدي، المقيمِ بالبصرة. فقد أرسل إلي الذبيانيُّ، عبر بريدي الإلكتروني، يخبرني أنه غاضب من صاحب البحتري، وأنه ينتظر أن أزوره بالفندق الذي يأويه بمراكش الحمراء. وختم رسالتَه بأن وضع عنوان الفندق، ورقم هاتفه.
وضعتُ رأسي على الوسادة. أذنتُ لنور الكهرباء أن يُغمض عينه، وكنتُ آمل أن أنام فأحلم بالنابغة. وأستغلَّ وجودَه في الحلم، فأعرفَ منه ما يريد. وهذا يغنيني عن السفر إليه. كنتُ أظن أن لي قوةَ وساطٍ الذي إذا أراد أن يحلم بشيء وقع له ما أراد. اِسْتَلْقَيْتُ على جانبي الأيمن، فلم يزرني النوم. استلقيتُ على الجانب الأيسر.... طلع الصباحُ. حزمت حقائبي، وألقيتُ بي في القطار الصباحي.
توقف القطار بمحطة مراكش. وهي محطة ساحرة. تخرج من بابها فإذا صومعةُ حَسَّان على يمينك، ومئذنةُ الكُتُبِيَّة على يسارك. تقطع الشارع، فإذا رائحة البحر تتسرب إلى أعماقك. بحرُ مراكش دائما هادئٌ، وساحلُه يمتاز برمال ذهبية يغري بسباحة ناعمة. أَجَّلْتُ العوم إلى أن ألتقي بالنابغة في فندقه. الفندق يقوم على أربعة طوابق. نوافذه تطل على باب المنصور. طرقت بابَ غرفة 210. فتح النابغة الباب. كانت قبعةٌ تملأ رأسه. رحب بي. دخلتُ.
سألني عن وجدة، عن شعرائها واحدا واحدا. وأول شاعر سألني عنه هو عبد القادر وساط. قال لي: "أما زال يسكن بجوارك؟" قلت: "يقضي الشتاءَ، والربيع، والصيف، والخريف بوجدة، أما الفصل الخامس من السنة فيقضيه في جزر الوقواق". رد: "تعجبني ترجماته للشعر الفرنسي"، ثم أضاف: "قرأتُ رسالتَك التى وجهتها إلى الآمدي. وحديثُك عن البحتري يدل على أنك لا تعرف العروض، رغم أنك تَدَّعي أنك متخصص فيه". قلت: "يا عزيزي، أنا ظننتُ أن الآمدي هو الذي لا يعرف هذا العلم؛ لأنه خَطَّأَ أبا تمام، وخطأ صاحبَه، وهما شاعران أكبرُ من العروض". رد: "حدثني القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن نصر البغدادي، عن أبي عبد الله الأزدي، عن أبي طاهر الواعظ محمد بن علي المعروف بابن الأنباري، عن أبي عمران الفاسي، أن أبا بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني قال: (إن الشاعرَ إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا، وكان شعره مرذولا، وربما أخرجَهُ عن كونه شعرا... "، فقلتُ للنابغة: "هذا حكم فيه قسوة ". رد النابغة: "هذا رأي فقيه، وليس رأيَ عالم بالشعر؟". قلت: "أنت تحط من قدر الباقلاني المعروف بالاقتدار على البحث والتدقيق"، فرد النابغة: "هذه الصفة لا تصنع عالِما بالشعر، ففي ديوان العرب نصوص كثيرة فيها غرائب". قلت: "أعطني مثالا". قال: "أخبرني سيبويه أن صفيةَ بنت عبد المطلب قالت:
كَيْفَ رَاَيْتَ زَبْرَا
أَأَقِطاً أَوْ تَمْرَا
أَمْ قُرَشِيّاً صَارِماً صَقْراً
هكذا أسمعني إياه الشنتمري حين زرته بالأندلس، لكن صاحبنا الفارسي يروي البيت الثالث رواية أخرى، يستقيم بها ما يريد وهي ( أَمْ قُرَشِيًّا صَقْرأ)، وقد وهم ابن الشجري، فظن أن المرأة أرادت السجعَ، ولم تقصد قصدا الرجزَ". بينما نحن في هذا الحوار إذ دخل علينا المعري الذي سمع حديثنا، فقال: "لقد جاء في كتابي الصاهل والشاحج نظيرُ هذا فقد قال الراجز:
يَا تَيْمُ كُونِي جَدِلَهْ
أَغْنَى ﭐمْرُؤٌ مَا قَبِلَهْ
إِذْ قاَتَلَتْ تَيْمٌ وَفَرَّتْ حَنْظَلَهْ
وَاسْتَوْعَلَتْ كَلْبٌ وَكَانَتْ وَعِلَهْ
فالبيتان الأولان يقصران عن البيتين الأخيرين قصرا ليس بخاف". "فالتفتَ إليَّ النابغةُ قائلا: "أبلغ صاحبيك وساطا وبوزفورا أن القصيدة الحرة قديمة في تراثنا…". أحسستُ بالتعب، فدعوت المعري، والنابغة للخروج إلى شاطئ البحر لنعوم. كان الشاطئ غاصا برجاز العرب. كانت ساحة جامع الفنا المطلة على الشاطئ تُصدر أهازيج غِينِيَّةً جميلة.
وضعتُ رأسي على الوسادة. أذنتُ لنور الكهرباء أن يُغمض عينه، وكنتُ آمل أن أنام فأحلم بالنابغة. وأستغلَّ وجودَه في الحلم، فأعرفَ منه ما يريد. وهذا يغنيني عن السفر إليه. كنتُ أظن أن لي قوةَ وساطٍ الذي إذا أراد أن يحلم بشيء وقع له ما أراد. اِسْتَلْقَيْتُ على جانبي الأيمن، فلم يزرني النوم. استلقيتُ على الجانب الأيسر.... طلع الصباحُ. حزمت حقائبي، وألقيتُ بي في القطار الصباحي.
توقف القطار بمحطة مراكش. وهي محطة ساحرة. تخرج من بابها فإذا صومعةُ حَسَّان على يمينك، ومئذنةُ الكُتُبِيَّة على يسارك. تقطع الشارع، فإذا رائحة البحر تتسرب إلى أعماقك. بحرُ مراكش دائما هادئٌ، وساحلُه يمتاز برمال ذهبية يغري بسباحة ناعمة. أَجَّلْتُ العوم إلى أن ألتقي بالنابغة في فندقه. الفندق يقوم على أربعة طوابق. نوافذه تطل على باب المنصور. طرقت بابَ غرفة 210. فتح النابغة الباب. كانت قبعةٌ تملأ رأسه. رحب بي. دخلتُ.
سألني عن وجدة، عن شعرائها واحدا واحدا. وأول شاعر سألني عنه هو عبد القادر وساط. قال لي: "أما زال يسكن بجوارك؟" قلت: "يقضي الشتاءَ، والربيع، والصيف، والخريف بوجدة، أما الفصل الخامس من السنة فيقضيه في جزر الوقواق". رد: "تعجبني ترجماته للشعر الفرنسي"، ثم أضاف: "قرأتُ رسالتَك التى وجهتها إلى الآمدي. وحديثُك عن البحتري يدل على أنك لا تعرف العروض، رغم أنك تَدَّعي أنك متخصص فيه". قلت: "يا عزيزي، أنا ظننتُ أن الآمدي هو الذي لا يعرف هذا العلم؛ لأنه خَطَّأَ أبا تمام، وخطأ صاحبَه، وهما شاعران أكبرُ من العروض". رد: "حدثني القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن نصر البغدادي، عن أبي عبد الله الأزدي، عن أبي طاهر الواعظ محمد بن علي المعروف بابن الأنباري، عن أبي عمران الفاسي، أن أبا بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني قال: (إن الشاعرَ إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا، وكان شعره مرذولا، وربما أخرجَهُ عن كونه شعرا... "، فقلتُ للنابغة: "هذا حكم فيه قسوة ". رد النابغة: "هذا رأي فقيه، وليس رأيَ عالم بالشعر؟". قلت: "أنت تحط من قدر الباقلاني المعروف بالاقتدار على البحث والتدقيق"، فرد النابغة: "هذه الصفة لا تصنع عالِما بالشعر، ففي ديوان العرب نصوص كثيرة فيها غرائب". قلت: "أعطني مثالا". قال: "أخبرني سيبويه أن صفيةَ بنت عبد المطلب قالت:
كَيْفَ رَاَيْتَ زَبْرَا
أَأَقِطاً أَوْ تَمْرَا
أَمْ قُرَشِيّاً صَارِماً صَقْراً
هكذا أسمعني إياه الشنتمري حين زرته بالأندلس، لكن صاحبنا الفارسي يروي البيت الثالث رواية أخرى، يستقيم بها ما يريد وهي ( أَمْ قُرَشِيًّا صَقْرأ)، وقد وهم ابن الشجري، فظن أن المرأة أرادت السجعَ، ولم تقصد قصدا الرجزَ". بينما نحن في هذا الحوار إذ دخل علينا المعري الذي سمع حديثنا، فقال: "لقد جاء في كتابي الصاهل والشاحج نظيرُ هذا فقد قال الراجز:
يَا تَيْمُ كُونِي جَدِلَهْ
أَغْنَى ﭐمْرُؤٌ مَا قَبِلَهْ
إِذْ قاَتَلَتْ تَيْمٌ وَفَرَّتْ حَنْظَلَهْ
وَاسْتَوْعَلَتْ كَلْبٌ وَكَانَتْ وَعِلَهْ
فالبيتان الأولان يقصران عن البيتين الأخيرين قصرا ليس بخاف". "فالتفتَ إليَّ النابغةُ قائلا: "أبلغ صاحبيك وساطا وبوزفورا أن القصيدة الحرة قديمة في تراثنا…". أحسستُ بالتعب، فدعوت المعري، والنابغة للخروج إلى شاطئ البحر لنعوم. كان الشاطئ غاصا برجاز العرب. كانت ساحة جامع الفنا المطلة على الشاطئ تُصدر أهازيج غِينِيَّةً جميلة.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
المبرد يعلق على الكوليرا لنازك
بعد الندوة الصحافية التي عقدها الصديق العزيز أبو العباس المبرِّد بالمركز الثقافي البصري بحي المعارف، بالدار البيداء، خرجتُ وإياه، بعد أن وَقَّعَ كتابه "شرح لامية العرب". أخذتنا سيارة أجرة إلى عين الذئاب. في الطريق، توقفت السيارةُ؛ لتأخذ زبونا آخر، إنه رجل حليق، بسمرة مفتوحة، وعلى رأسه قبعة تذكر ب Jacques Brel الشاعر والمغني الشهير. اِلْتَفَتَ إلَيَّ المبردُ حين جلس الرجل الغريب بالمقعد الأمامي، وقال بصوت لا يسمعه أحد سواي: "هذا هو المغني البلجيكي؟". قلت: "أو تعرف هذا المغني؟". قال: "نعم...وأحب معه عبدَ الوهاب الدكالي الذي كان يحاول أن يسير في ركاب هذا المغني". فإذا بالدكالي براديو السيارة يغني Montparnasse، فقال المبرد: "اسمع، ألا تشعر بِنَفَس هذا المغني البلجيكي؟". فعجبت لعالم في اللغة، والأدب، يهتم بفنون الموسيقا. وقفتْ السيارة. نزلنا. ثم ألقينا بجسدينا عند أقرب مقهى يطل على البحر. طلبتُ فنجان قهوة سريعة، طلب صاحبي أبو العباس un panaché. فإذا برجل يدخل المقهى، إنه الرجل نفسه الذي كان معنا بالسيارة. لم يجد مكانا يجلس فيه. اقترب منا حيث لاحظ أن كرسيا بطاولتنا لا يشغله أحد. ثم استأذن، فجلس. وضع كتابا على الطاولة ونادى النادلَ "عصير برتقال من فضلك". ألقيتُ نظرة على عنوان الكتاب فإذا هو "شظايا ورماد". قلت للرجل الغريب: "أتعرف أن عمري وعُمُرَ هذا الكتاب واحد؟". فرد: "أنا من المعجبين بنازك الملائكة"، فتدخل المبرد وقال: "لم يكتب شعراءُ جيلها شعرا، وإنما كتبوا السياسة، أما هي فكانت تكتب الشعر". تدخلتُ وقلت: "أتقصد السياب، والبياتي؟". فرد: "السياب في فترة مرضه كتب الشعر، أما البياتي، فبعد أباريقه المهشمة، كتب شعاراتٍ سياسيةً في أكثر من ديوان". فتدخل الرجل الغريب قائلا: "يكفي نازك الملائكة فخرا أنها أول من كتب قصيدة حرة"، فقال المبرد: "لعلك تقصد قصيدتها الكوليرا التي كتبتها قبل أن يأتي الرباوي، وحسن الأمراني، إلى هذه الحياة؟". فقال الغريب: "نعم..". فقال المبرد: "ضحكتْ نازك عليكم جميعا. الكوليرا ليست قصيدة حرة كما ستمارسها هي فيما بعد، وكما مارسها السياب، والبياتي، وعبد الصبور". فقلت مستغربا: "أتمزح يا شيخنا المبرد؟ ونحن في جامعاتنا درسنا الكوليرا على أنها أول قصيدة حرة، ثم عُلِّمْنا أن غيرها سبقها إلى هذا الشكل الجديد". فرد المبرد: "أنا لا أمزح... الكوليرا هي شعر دَوْري، فالدَّوْرُ الأول هو وحدةُ قياس تتكرر في باقي الأدوار، فكأنها موشح فقد أقفاله". ثم تدخل الرجل الغريب قائلا للمبرد: "كيف لم ينتبه إلى هذا شعراءُ جيلها؟". فرد المبرد: "لعل ثقافتَهم في هذا المجال ضعيفة، ولكن السياب، وهو صديقي وحبيبي، أشار في عدد قديم من أعداد مجلة الآداب البيروتية إلى أن الكوليرا ليست من الشعر الحر، ولم يلتفت أحد إلى إشارته هذه، إذ ظُن أنه قال هذا ليثبت أنه هو أول من كتب هذا الشكل الشعري الجديد". فرد الرجل الغريب: "هذا لا ينقص من قيمة نازك، فهي أكثر وعيا من السياب بهذا الشكل من خلال مقدمة ديوانها هذا الذي بين يدي، ومن خلال كتابها النقدي المشهور". ثم قام الرجل ليغادرنا، ووضع بين يدينا بطاقته؛ لنتصل به عند الحاجة. أخذ سيارة أجرة وانطلقت به بسرعة جنونية. حدقنا في البطاقة فإذا هي بطاقة لعبد القادر وساط.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
من الرباوي إلى البياتي
الصديق العزيز الشاعر عبد الوهاب البياتي.
السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد.. فقد وصلتني رسالتُك التي كَلَّفْتَ عبدَ القادر وسَّاط بنشرها في جداري، وجداره. وَدِدْتُ أيها الصديق الرائع، لو نشرتَها في جدارك أنت. ما بلغك عني ليس صحيحا: كنا ثلاثة أنا، والمبرد، ووساط. صديقُنا المبرد هو الذي قال عنك بأنك بعد أباريقك المهشمة، صرتَ تقول شعاراتٍ سياسيةً بدل الشعر، في حين كانت نازك، في الفترة نفسها، تقول الشعر الصافي. هذا الحكم النقدي أغضبك، وأغضبني أنا أيضا، لكني استحييتُ أن أعلق على حكمٍ قاله أحد ُجهابذة العلماء من عيار المبرد. وأذكر أن عبد القادر وساط، لَمَّا سمع ما أغضبك وأغضبني، لَمَعَتْ عيناه لمعانا يدل على أنه يرى الرأي الذي يراه المبرد .
أخي عبد الوهاب البياتي، إن وساطا يعرف أن صداقتنا متينةٌ، فأراد أن يشوش عليها، فنقل إليك ما نَقَلَ على أني أنا الذي قلته. أنت تعرف مكانتك عندي؟ فأباريقك المهشمة هَشَّمْتَ بها ما كان رائجا عن الشعر العربي من تصورات أفسدها التكرارُ والجمود. قصيدتك "سوق القرية" غَامَرَتْ باختيارها اللغةَ اليومية التي لا شك أنها أوحت لعبد الصبور ديوانه "الناس في بلادي"، ودافع صديقُنا محمد النويهي عن هذه اللغة في كتابه المشهور "قضية الشعر الجديد"، وبحثَ فيه عن جذورٍ هذه اللغة في الشعر الجاهلي .
صديقي البياتي.. أنت تعرف أن شعراء جيلي، في سنوات السبعين، اتخذوا من شعرك نبراسا أناروا به سفرهم في غابات الشعر .
أيها الصديق العزيز عبد الوهاب البياتي، بعد قراءة رسالتك الغاضبة اتصلتُ بالمبرد عبر الهاتف، لكن هاتفه كان مغلقا. فأمدني الأصمعي برقم آخر له لا يعطيه إلا للمقربين من أصحابه، سألته ما الأساس الذي بنى عليه حُكْمَهُ الذي أغضبك؟ فقال لي: "البياتي شاعر كبير، وشعره محفوظ عندنا، وأذكر أن صديقه حازم القرطاجني يرى شعره صالحا لأن يَسْتَشهد به في كتابه منهاج البلغاء. أما ما قلتُه عن شعره فمصدره عبدُ الوهاب البياتي نفسُه، فقد قرأت قبل أن ألتقي بك، وبعبد القادر وساط، كتابَ السيدة حياة شرارة، رحمها الله (صفحات من حياة نازك الملائكة)، وهو كتاب منشور منذ 1994. في هذا الكتاب حوار جيد أجرته الكاتبة مع البياتي، ومما قاله أن جيله كان يكتب السياسة بينما كانت نازك تكتب الشعر الصافي. وذكر البياتي في هذا الحوار أشياءَ طريفةً عن نازك. من بين هذه الطرائف، أن الشاعرة حين تعرفت بالبياتي دعته لحضور ندوة ثقافية ببيتها. حضر البياتي الندوة التي ضمت نخبةً من مثقفي بغداد في ذلك العهد، لكن نازكا لم تكن مع الحاضرين، وفضلت البقاء بعيدا مع حريم المنزل."
أخي العزيز عبد الوهاب البياتي، هذا ما قاله المبرد، وقد وقف على الكتاب المذكور أحمد بوزفور الذي استعاره من حسن الأمراني. وأذكر أن بوزفورا حين أخذ الكتاب ليقرأه علق على صورة الغلاف، ذلك بأن نازكا لا تحب التبرج لكن لوحة الغلاف قدمتها سيدةً متبرجة تبرجا مبالغا فيه، فقال: .(......)
تقبل أخي عبد الوهاب تحياتي
السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد.. فقد وصلتني رسالتُك التي كَلَّفْتَ عبدَ القادر وسَّاط بنشرها في جداري، وجداره. وَدِدْتُ أيها الصديق الرائع، لو نشرتَها في جدارك أنت. ما بلغك عني ليس صحيحا: كنا ثلاثة أنا، والمبرد، ووساط. صديقُنا المبرد هو الذي قال عنك بأنك بعد أباريقك المهشمة، صرتَ تقول شعاراتٍ سياسيةً بدل الشعر، في حين كانت نازك، في الفترة نفسها، تقول الشعر الصافي. هذا الحكم النقدي أغضبك، وأغضبني أنا أيضا، لكني استحييتُ أن أعلق على حكمٍ قاله أحد ُجهابذة العلماء من عيار المبرد. وأذكر أن عبد القادر وساط، لَمَّا سمع ما أغضبك وأغضبني، لَمَعَتْ عيناه لمعانا يدل على أنه يرى الرأي الذي يراه المبرد .
أخي عبد الوهاب البياتي، إن وساطا يعرف أن صداقتنا متينةٌ، فأراد أن يشوش عليها، فنقل إليك ما نَقَلَ على أني أنا الذي قلته. أنت تعرف مكانتك عندي؟ فأباريقك المهشمة هَشَّمْتَ بها ما كان رائجا عن الشعر العربي من تصورات أفسدها التكرارُ والجمود. قصيدتك "سوق القرية" غَامَرَتْ باختيارها اللغةَ اليومية التي لا شك أنها أوحت لعبد الصبور ديوانه "الناس في بلادي"، ودافع صديقُنا محمد النويهي عن هذه اللغة في كتابه المشهور "قضية الشعر الجديد"، وبحثَ فيه عن جذورٍ هذه اللغة في الشعر الجاهلي .
صديقي البياتي.. أنت تعرف أن شعراء جيلي، في سنوات السبعين، اتخذوا من شعرك نبراسا أناروا به سفرهم في غابات الشعر .
أيها الصديق العزيز عبد الوهاب البياتي، بعد قراءة رسالتك الغاضبة اتصلتُ بالمبرد عبر الهاتف، لكن هاتفه كان مغلقا. فأمدني الأصمعي برقم آخر له لا يعطيه إلا للمقربين من أصحابه، سألته ما الأساس الذي بنى عليه حُكْمَهُ الذي أغضبك؟ فقال لي: "البياتي شاعر كبير، وشعره محفوظ عندنا، وأذكر أن صديقه حازم القرطاجني يرى شعره صالحا لأن يَسْتَشهد به في كتابه منهاج البلغاء. أما ما قلتُه عن شعره فمصدره عبدُ الوهاب البياتي نفسُه، فقد قرأت قبل أن ألتقي بك، وبعبد القادر وساط، كتابَ السيدة حياة شرارة، رحمها الله (صفحات من حياة نازك الملائكة)، وهو كتاب منشور منذ 1994. في هذا الكتاب حوار جيد أجرته الكاتبة مع البياتي، ومما قاله أن جيله كان يكتب السياسة بينما كانت نازك تكتب الشعر الصافي. وذكر البياتي في هذا الحوار أشياءَ طريفةً عن نازك. من بين هذه الطرائف، أن الشاعرة حين تعرفت بالبياتي دعته لحضور ندوة ثقافية ببيتها. حضر البياتي الندوة التي ضمت نخبةً من مثقفي بغداد في ذلك العهد، لكن نازكا لم تكن مع الحاضرين، وفضلت البقاء بعيدا مع حريم المنزل."
أخي العزيز عبد الوهاب البياتي، هذا ما قاله المبرد، وقد وقف على الكتاب المذكور أحمد بوزفور الذي استعاره من حسن الأمراني. وأذكر أن بوزفورا حين أخذ الكتاب ليقرأه علق على صورة الغلاف، ذلك بأن نازكا لا تحب التبرج لكن لوحة الغلاف قدمتها سيدةً متبرجة تبرجا مبالغا فيه، فقال: .(......)
تقبل أخي عبد الوهاب تحياتي
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
المبرد بعد اطلاعه على رسالة الرباوي
اِطَّلَعَ المبردُ على الرسالة التي وجهتُها إلى عبد الوهاب البياتي عبر جداري، فدعاني لزيارته. قلتُ له عبر الهاتف النقال: "ياعزيزي، رحلتي الأخيرةُ بلعت كلَّ ما ادخرته من مال". فتكفل جزاه الله خيرا بكل نفقات السفر .
طرقتُ الباب طرقتين. شاب أنيق يقول لي: "مرحبا بك، أنت محمد وَلد علي؟". قلت: "نعم"، فقال: "اُدخل، فقد أمرني الشيخُ المبرد بأن أستقبلك، في انتظار أن يعود من الجامع". دخلتُ. جلستُ. جلس الشاب بجواري، وقال: "أنا أبوتمام ، أخدمُ شيخنا المبرد. هذه الخدمةُ فرضها علي قاضي البصرة". قلت مستغربا: "وما ذنبك ؟". رد: "ذنبي بيتٌ من الشعر قلتُه وهو:
لَمْ تَنْتَفِضْ عُرْوَةٌ مِنْهُ وَلا قُوَّةٌ
لَكِنَّ أَمْرَ بَنِي الآمَالِ يَنْتَفِضُ"
قلتُ: "هو من البسيط. ولك غُرَرٌ على هذا البحر". فرد: "تصور يا عزيزي أن الشاعر عبد الوهاب البياتي اعتبرَ عروض هذا البيتِ مختلةً"، قلت: "كيف؟"، فقال: "رأى البياتي أن العروضة في البسيط لا تكون إلا مخبونة". فقلتُ: "هذا هو المثبت يا عزيزي على مستوى الإنجاز، فكيف بشاعر في مستواك أن يرتكب هذا الخطأ العروضي الفادح؟"، فرد المسكين قائلا: "لأجل هذا الخطأ حَكَمَ عليَّ القاضي بأن ألزم المبردَ، وأن أخدمه حتى يستقيم العروض على لساني"، قلت: "من يكون القاضي؟" قال: "هو رجلٌ في وجهه سمرةٌ عليها مِلْحٌ ذائب، وعلى رأسه قبعة تكاد تشبه قبعة الشيخ أحمد بوزفور"، قلتُ له: "أعرفه إنه عبد القادر وساط. وقد حكم الحكم نفسه على المتنبي حين قال :
"تَفَكُّرُهُ عِلْمٌ وَمَنْطِقُهُ حُكْمٌ
وبَاطِنُهُ دِينٌ وَظَاهِرُهُ ظُرْفُ."
فجأةً سُمعت طرقاتٌ بالباب. قام أبو تمام كالبرق. فتح الباب، فإذا شيخنا المبرد يدخل علينا بربطة عنق في لون الورد، وببذلةٍ رمادية اللون، وحذاء اعتنى ماسح الأحذية بتلميعه. حياني بحرارة، وأمر أبا تمام بأن يُحضر أواني الشاي.
في غياب أبي تمام قلت للمبرد: "لقد أخبرني غلامُك بالسر الذي جعله يخدمك، ألا يمكن أن نقرأ ( قُوَةٌ) من غير شَدَّة؟" فقال المبرد: "هذا لا يجوز لغة". قلت: "أنا لا أتصور شاعرا في حجم أبي تمام يخطئ في العروض"، فرد المبرد: "هو لم يخطئ، إنما تعمد عبدُ القادر وساط، بإيعاز من عبد الوهاب البياتي، أن يصف ما قام به بالخطأ؛ لأن أبا تمام لم يرو في حماسته شعرا لهنري ميشونيك. في بيت أبي تمام إبداع لا يقوم به سوى الشعراء الكبار من طينة هذا الطائي"، قلت: "كيف تقول هذا يا شيخ العلماء، وقد جاء الطائي بتفعيلة الضرب سالمة من زحاف الخبن على غير ما تقوله القاعدة، وعلى غير ما يقوله الإنجاز الشعري العربي"، رد المبرد: "كيف يا محمد تقول هذا وأنت أنجزت، كما أخبرني بهذا صديقك حسن الأمراني، أطروحةً في العروض، ذَكِّرْنِي بعنوانها " فقلت مزهوا: "العروض دراسة في الإنجاز". قال: "أبو تمام، يا محمد، فنان؛ فلهذا حين ( أخطأ) قَوَّى الجانب الإيقاعي في البيت، فكلمة (قُوَّة) جاءت لتناسب كلمة (عروة) في البيت. وبهذا التناسب تحقق الثراءُ الإيقاعي، مثلُ هذا كرره المتنبي، لكن في الطويل. ومثل هذا كثير في شعر الفحول ."ثم دخل علينا أبو تمام، وهو يحمل بين يديه صينية، فإذا صوت العربي باطما يملأ أرجاء الغرفة، وإذا المبرد يبكي لسماع هذا الصوت الشجي وهذا الكلام النفيس.
طرقتُ الباب طرقتين. شاب أنيق يقول لي: "مرحبا بك، أنت محمد وَلد علي؟". قلت: "نعم"، فقال: "اُدخل، فقد أمرني الشيخُ المبرد بأن أستقبلك، في انتظار أن يعود من الجامع". دخلتُ. جلستُ. جلس الشاب بجواري، وقال: "أنا أبوتمام ، أخدمُ شيخنا المبرد. هذه الخدمةُ فرضها علي قاضي البصرة". قلت مستغربا: "وما ذنبك ؟". رد: "ذنبي بيتٌ من الشعر قلتُه وهو:
لَمْ تَنْتَفِضْ عُرْوَةٌ مِنْهُ وَلا قُوَّةٌ
لَكِنَّ أَمْرَ بَنِي الآمَالِ يَنْتَفِضُ"
قلتُ: "هو من البسيط. ولك غُرَرٌ على هذا البحر". فرد: "تصور يا عزيزي أن الشاعر عبد الوهاب البياتي اعتبرَ عروض هذا البيتِ مختلةً"، قلت: "كيف؟"، فقال: "رأى البياتي أن العروضة في البسيط لا تكون إلا مخبونة". فقلتُ: "هذا هو المثبت يا عزيزي على مستوى الإنجاز، فكيف بشاعر في مستواك أن يرتكب هذا الخطأ العروضي الفادح؟"، فرد المسكين قائلا: "لأجل هذا الخطأ حَكَمَ عليَّ القاضي بأن ألزم المبردَ، وأن أخدمه حتى يستقيم العروض على لساني"، قلت: "من يكون القاضي؟" قال: "هو رجلٌ في وجهه سمرةٌ عليها مِلْحٌ ذائب، وعلى رأسه قبعة تكاد تشبه قبعة الشيخ أحمد بوزفور"، قلتُ له: "أعرفه إنه عبد القادر وساط. وقد حكم الحكم نفسه على المتنبي حين قال :
"تَفَكُّرُهُ عِلْمٌ وَمَنْطِقُهُ حُكْمٌ
وبَاطِنُهُ دِينٌ وَظَاهِرُهُ ظُرْفُ."
فجأةً سُمعت طرقاتٌ بالباب. قام أبو تمام كالبرق. فتح الباب، فإذا شيخنا المبرد يدخل علينا بربطة عنق في لون الورد، وببذلةٍ رمادية اللون، وحذاء اعتنى ماسح الأحذية بتلميعه. حياني بحرارة، وأمر أبا تمام بأن يُحضر أواني الشاي.
في غياب أبي تمام قلت للمبرد: "لقد أخبرني غلامُك بالسر الذي جعله يخدمك، ألا يمكن أن نقرأ ( قُوَةٌ) من غير شَدَّة؟" فقال المبرد: "هذا لا يجوز لغة". قلت: "أنا لا أتصور شاعرا في حجم أبي تمام يخطئ في العروض"، فرد المبرد: "هو لم يخطئ، إنما تعمد عبدُ القادر وساط، بإيعاز من عبد الوهاب البياتي، أن يصف ما قام به بالخطأ؛ لأن أبا تمام لم يرو في حماسته شعرا لهنري ميشونيك. في بيت أبي تمام إبداع لا يقوم به سوى الشعراء الكبار من طينة هذا الطائي"، قلت: "كيف تقول هذا يا شيخ العلماء، وقد جاء الطائي بتفعيلة الضرب سالمة من زحاف الخبن على غير ما تقوله القاعدة، وعلى غير ما يقوله الإنجاز الشعري العربي"، رد المبرد: "كيف يا محمد تقول هذا وأنت أنجزت، كما أخبرني بهذا صديقك حسن الأمراني، أطروحةً في العروض، ذَكِّرْنِي بعنوانها " فقلت مزهوا: "العروض دراسة في الإنجاز". قال: "أبو تمام، يا محمد، فنان؛ فلهذا حين ( أخطأ) قَوَّى الجانب الإيقاعي في البيت، فكلمة (قُوَّة) جاءت لتناسب كلمة (عروة) في البيت. وبهذا التناسب تحقق الثراءُ الإيقاعي، مثلُ هذا كرره المتنبي، لكن في الطويل. ومثل هذا كثير في شعر الفحول ."ثم دخل علينا أبو تمام، وهو يحمل بين يديه صينية، فإذا صوت العربي باطما يملأ أرجاء الغرفة، وإذا المبرد يبكي لسماع هذا الصوت الشجي وهذا الكلام النفيس.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
من المعري إلى مكتب حقوق التأليف
السيد المسؤول عن مكتب حقوق التأليف بالمغرب
الموضوع: شكوى
السلام على من اتبع الهدى.. وبعد، فقد أخبرني أخي وصديقي المبردُ بعد عودته من الدار البيضاء، أن رامبو حَدَّثَهُ بوجود هذا المكتب الذي يسهر على حفظ الملكية الفكرية. ولما علمتُ أن كتابي "رسالة الغفران" قد تعرض للنهب، والسرقة، قررتُ أن أرفع إليكم هذه الشكوى. فابن شهيد الأندلسي لم يُشر إلى مصدره وهو يكتب توابعه وزوابعه، ولم أحتجَّ عليه باعتباره من قطر إسلامي، يوجد بأقصى غرب بلد المسلمين. والبلدُ ما زال في نشأته، فقلت لا بأس أن يقتدي كُتَّابُه بكتبي. ولكن كاتبا من أرض الروم يقال له Alighieri Dante . أخبرني من أثق به أنه وُلِدَ بمدينة فلورنسا. وساحة افلورنسا هي إحدى أشهر ساحات مدينة فاس المغربية. ولادته كانت في شهر ماي 1265. هذا الكاتبُ الإيطالي سطا على كتابي، بتأليفه كتابا أعطاه اسم Comédia لكن الشراح والناشرين أضافوا صفة Divina إلى العنوان. فقد التقى هذا الرومي بصديقي الشاعر Virgile الذي دعاه إلى رحلة إلى العالم الآخر، حيث بدأ الرحلة بالجحيم؛ ليصل إلى الفردوس. وعندي أن ابن القارح في رسالتي هو فرجيل في رسالته. وشكلُ رسالتي هو شكل رسالته. وعلى الرغم من كل هذا قلت مع نفسي: لا بأس، الغرب ما زال يحبو، وما زال يبحث عن نفسه، فليقتبس مني ما يريد. لكن الغضب بلغ أشده في نفسي حين علمتُ أن رجلين مغربين بدآ في الآونة الأخيرة ينشران هبلا على الفيس بوك، وهو هبل مستنبط من كتابي رسالة الغفران، الرجل الأول يدعى عبد القادر وساط، والثاني يدعى محمد ولد علي. أما الأول فقد أخذ بذكاء من رسالتي، ومن رسائل غيري؛ ليوهم بِجِدَّةِ ما يكتب، أما الثاني فإن الأخذ مني واضح وضوح الشمس في سماء مراكش، حيث تعرض مثلي لقضايا عروضية، وغيرها؛ لهذا ألتمس منكم إلقاءَ القبض على هذين الرجلين، وأخذَ حقي منهما.
وتفضلوا بقبول أزكى المحبة والتقدير.
الموضوع: شكوى
السلام على من اتبع الهدى.. وبعد، فقد أخبرني أخي وصديقي المبردُ بعد عودته من الدار البيضاء، أن رامبو حَدَّثَهُ بوجود هذا المكتب الذي يسهر على حفظ الملكية الفكرية. ولما علمتُ أن كتابي "رسالة الغفران" قد تعرض للنهب، والسرقة، قررتُ أن أرفع إليكم هذه الشكوى. فابن شهيد الأندلسي لم يُشر إلى مصدره وهو يكتب توابعه وزوابعه، ولم أحتجَّ عليه باعتباره من قطر إسلامي، يوجد بأقصى غرب بلد المسلمين. والبلدُ ما زال في نشأته، فقلت لا بأس أن يقتدي كُتَّابُه بكتبي. ولكن كاتبا من أرض الروم يقال له Alighieri Dante . أخبرني من أثق به أنه وُلِدَ بمدينة فلورنسا. وساحة افلورنسا هي إحدى أشهر ساحات مدينة فاس المغربية. ولادته كانت في شهر ماي 1265. هذا الكاتبُ الإيطالي سطا على كتابي، بتأليفه كتابا أعطاه اسم Comédia لكن الشراح والناشرين أضافوا صفة Divina إلى العنوان. فقد التقى هذا الرومي بصديقي الشاعر Virgile الذي دعاه إلى رحلة إلى العالم الآخر، حيث بدأ الرحلة بالجحيم؛ ليصل إلى الفردوس. وعندي أن ابن القارح في رسالتي هو فرجيل في رسالته. وشكلُ رسالتي هو شكل رسالته. وعلى الرغم من كل هذا قلت مع نفسي: لا بأس، الغرب ما زال يحبو، وما زال يبحث عن نفسه، فليقتبس مني ما يريد. لكن الغضب بلغ أشده في نفسي حين علمتُ أن رجلين مغربين بدآ في الآونة الأخيرة ينشران هبلا على الفيس بوك، وهو هبل مستنبط من كتابي رسالة الغفران، الرجل الأول يدعى عبد القادر وساط، والثاني يدعى محمد ولد علي. أما الأول فقد أخذ بذكاء من رسالتي، ومن رسائل غيري؛ ليوهم بِجِدَّةِ ما يكتب، أما الثاني فإن الأخذ مني واضح وضوح الشمس في سماء مراكش، حيث تعرض مثلي لقضايا عروضية، وغيرها؛ لهذا ألتمس منكم إلقاءَ القبض على هذين الرجلين، وأخذَ حقي منهما.
وتفضلوا بقبول أزكى المحبة والتقدير.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
الخليل في زيارة قصر بوزفور
وصل الخليل الفراهدي صباحا إلى الدار البيضاء. أخذتْه سيارةُ الأجرة إلى منزل أحمد بوزفور. ضغط على الزر الذهبي بالجانب الأيمن من الباب، وهو يستغرب أن يسكن بوزفور في هذا القصر الباذخ. فتح الخادمُ الباب مُرَحِّبا بالخليل قائلا: "تفضل... سيدي بالَحمَّام". فإذا حديقةٌ مزدانة بكل أنواع الأشجار المثمرة والغريبة: نخلٌ يتدلى منه عناقيدُ العنب، كَرْمٌ يتدلى منه مَوْزٌ أزرق، وعند كل شجرة طاووس أبيضُ كبياض فساتين العرائس. دخل الخليلُ غرفةَ الاستقبال. جلس على فراش محشو بريش النَّعَام. قال الخادم: "سآتيك بفطور الصباح، إن أردتَ غَسْلَ يديك، فحوضُ النظافة على يمين هذا المكان". شَكَرَ الخليلُ الخادم. اتجه الخليلُ إلى حوض النظافة. فتح الصنبورَ الأول، فإذا ماء الورد يخرج رقراقا. فتح الصنبور الثاني، فإذا عطر بنفسجي يملأ يديه. خرج من الحوض حوريةٌ، قَدَّمَتْ للخليل منديلا مطرزا؛ ليمسح يديه.
............................................................
دخل أحمدُ بوزفور قاعةَ الأضياف، تسبقه عطورُه الباريسية، لحيةٌ بيضاءُ تزين وجهه البيضاوي الشكل. عيناه تلمعان، وتبرزان من خلف زجاج النظارتين كنجمتين حالمتين. جسدُه الهش ينعم بجلباب من الحرير الناعم. رَحَّبَ بضيفه قبل أن يُسْلم جسده لأحضان مقعد وثير، صُنع خصيصا له. قال بوزفور للخليل بعد أن تناولا فطور الصباح: "هل اطلعتَ على أرجوزة الشنفرى التي قالها هذه الأيام في عبد القادر وساط؟". رد الخليل: "كيف تصف ما قاله الشنفرى بالأرجوزة؟". رد أحمد: "أليست على الرجز؟". قال الخليل: "وهل كل شكل شعري على الرجز يجب أن يكون أرجوزة؟ إن ما قاله الشنفرى يسمى المزدوج". قال أحمد: "وما المزدوج؟". رد الخليل : "هو شكل شعري، يتألف بيته من شطر واحد. ويكون على النظام القافوي التالي: أأ ب ب ج ج دد ه ه وو زز ح ح الخ". فقال أحمد: "هذا معناه أن ألفية ابن مالك من هذا المزدوج". فرد الخليل: "نعم". قال أحمد:"بما أن ألفية ابن مالك على الرجز، فهذا معناه أن المزدوج، كالأرجوزة، يُبنى على الرجز". فرد الخليل: "هذا هو الغالب، لكن جاءت بعض المزدوجات على بحور أخرى منها البسيط. فقد نظم بعضُ العلماء بعضَ المعارف على البسيط". كان الخادم يجمع الصينية، وينظف المائدة، فتجرأ وتدخل: "يا سِيدِي خْليل، لِمَ أَطلقتم على الرجز حمار الشعراء؟". فقال أحمد: "هذا ليس شغلَك يا صامبو، هذا شغل الشعراء". فتدخل الخليل: "دعه يسأل، المعرفة من حق الجميع. اسمع يا بني، واضحٌ أنك ذكي إذ وضعتَ هذا السؤال. إن معنى (الرجز حمار الشعراء) هو أن الرجزَ أصعبُ البحور". ما كاد الخليل ينهي كلامه حتى دخل عليهما السائق قائلا: "سيدي... السيارةُ بالباب". خرجا، فإذا سيارة فخمة من نوع Rolls-Royce، انطلقت بهما كالبرق.
............................................................
دخل أحمدُ بوزفور قاعةَ الأضياف، تسبقه عطورُه الباريسية، لحيةٌ بيضاءُ تزين وجهه البيضاوي الشكل. عيناه تلمعان، وتبرزان من خلف زجاج النظارتين كنجمتين حالمتين. جسدُه الهش ينعم بجلباب من الحرير الناعم. رَحَّبَ بضيفه قبل أن يُسْلم جسده لأحضان مقعد وثير، صُنع خصيصا له. قال بوزفور للخليل بعد أن تناولا فطور الصباح: "هل اطلعتَ على أرجوزة الشنفرى التي قالها هذه الأيام في عبد القادر وساط؟". رد الخليل: "كيف تصف ما قاله الشنفرى بالأرجوزة؟". رد أحمد: "أليست على الرجز؟". قال الخليل: "وهل كل شكل شعري على الرجز يجب أن يكون أرجوزة؟ إن ما قاله الشنفرى يسمى المزدوج". قال أحمد: "وما المزدوج؟". رد الخليل : "هو شكل شعري، يتألف بيته من شطر واحد. ويكون على النظام القافوي التالي: أأ ب ب ج ج دد ه ه وو زز ح ح الخ". فقال أحمد: "هذا معناه أن ألفية ابن مالك من هذا المزدوج". فرد الخليل: "نعم". قال أحمد:"بما أن ألفية ابن مالك على الرجز، فهذا معناه أن المزدوج، كالأرجوزة، يُبنى على الرجز". فرد الخليل: "هذا هو الغالب، لكن جاءت بعض المزدوجات على بحور أخرى منها البسيط. فقد نظم بعضُ العلماء بعضَ المعارف على البسيط". كان الخادم يجمع الصينية، وينظف المائدة، فتجرأ وتدخل: "يا سِيدِي خْليل، لِمَ أَطلقتم على الرجز حمار الشعراء؟". فقال أحمد: "هذا ليس شغلَك يا صامبو، هذا شغل الشعراء". فتدخل الخليل: "دعه يسأل، المعرفة من حق الجميع. اسمع يا بني، واضحٌ أنك ذكي إذ وضعتَ هذا السؤال. إن معنى (الرجز حمار الشعراء) هو أن الرجزَ أصعبُ البحور". ما كاد الخليل ينهي كلامه حتى دخل عليهما السائق قائلا: "سيدي... السيارةُ بالباب". خرجا، فإذا سيارة فخمة من نوع Rolls-Royce، انطلقت بهما كالبرق.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى