من طرف sabil الخميس 29 نوفمبر 2007 - 20:05
size=24] ]إضاءة حول المخزن
سعيد عاهد
[/size]
لقد حافظ المخزن المغربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر على خصائص مماثلة لما كانت عليه الأمور في القرون السابقة، فإن مجدده الحقيقي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر هو المولى الحسن الذي أحدث وزارات جديدة مثل وزارة الحرب ووزارة الشؤون البرانية وأمانة الأمناء التي كانت تضطلع بمهام وزارة المالية• ويمكن التمييز، كما فعل محمد لحبابي في مؤلفه القيم "الحكومة المغربية على مشارف القرن العشرين" بين صنفين من خدام المخزن: ـ صنف خدام القصر المرتبطين مباشرة بشخص السلطان• ـ صنف خدام الدولة المكونين للحكومة بمعناها الدقيق• وهذا الصنف الأخير كان مكونا من وزراء يعملون تحت قيادة السلطان الذي يجمعهم في المشور الذي كان كل وزير يتوفر فيه على بنيقة (مكتب، مقصورة) أو على عدة بنائق• لكن، وكما يوضح ذلك لحبابي، فإن خدام الدولة لم يكونوا سوى وزراء تنفيذ لا يتوفرون على تفويض عام، وزراء يساعدون السلطان الذي يتوفر على السلطة العليا• أما الصنف الأول، فقد كان على رأس هرمه الحاجب، وقد وصف مسؤوليته مصطفى الشابي في كتابه "النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر" كما يلي: "لقد كان في خدمة السلطان داخل قصره عدد معتبر من القائمين بالخدمة اليومية، من بينهم كثير من العبيد• وتختلف مراتب غير العبيد من مسخر عادٍ في أسفل الهرم الى من في القمة وهو الحاجب (•••)• وينقسم الخدام الى مجموعات تسمى بالحناطي (ج•حنطة) تختص كل منها بنوع من أعمال الخدمة• ويتولى الحاجب تبليغ أوامر الملك الى الوزراء وكبار الموظفين• وكان طابع التخصص واضحا في تنظيم الخدمات داخل القصر••• "كان الحاجب يتدخل، الى جانب الإشراف على الخدمات داخل القصر، في قضايا تعود من حيث المبدأ الى اختصاص الوزراء• وكان ذلك الجمع مما يزيد في أهمية الحاجب في صف المخزن• وتتجلى تلك الأهمية في أدواره الحاسمة عند اللجوء إليه في الحصول على امتياز أو حل مشكلة من المشاكل المعروضة على أنظار المخزن•" وإذا كان الحاجب هو الرجل الأول في خدمة السلطان داخل البلاط، فإن الرجل الثاني كان هو قائد المشور، وعن دوره واختصاصاته يكتب مصطفى الشابي كذلك: "إن موظف القصر الذي يأتي في الدرجة الثانية من الأهمية هو قائد المشور، وهو باعتباره قائما على شؤون المراسيم، تعمل تحت أوامره عدة هيآت (حناطي) تؤدي خدمتها خارج القصر• وأهم هذه الهيآت أو الحناطي جماعة المشوريين (المشاورية) وهم ينسبون الى "المشور"، ويطلق هذا الاسم على الساحة الكبرى التي بباب القصر السلطاني، وتسميتها من المشاورة، إذ في هذه الساحة تتم جميع المراسيم التي لا يتسع لها داخل القصر ولكنها على الخصوص، ساحة انتظار الأفراد والجماعات من الوفود المهنئة أو المنتظمة التي تطلب مقابلة السلطان، فيشاور عنها علما بأن هذه المشاورة أو الرد على النازل في ساحة "المشور" قد تقصر مدتها وقد تطول• "إن للمشاورية مهاما ثلاثا: أ) إدخال الزوار على السلطان• ب) حمل رسائل من السلطان الى خدامه بالإيالات• ج ) تبليغ أوامر السلطان كل صباح الى من هم حاضرون بالمشور من الوزراء والخدام (•••)• "يتولى قائد المشور بمناسبة كل عيد وضع لائحة بأسماء الوفود الآتية من الإيالات لتقديم التهاني الى السلطان وتسليم الهدية المعتادة (•••)" "وبقدر ما كان خدام القصر مقربين ومختصين بالسلطان، بقدر ما كانوا معرضين للمحاسبة دون هوادة، حيث لا يتساهل معهم في ما يمكن أن يتساهل فيه مع باقي الخدام، بمن فيهم الوزراء، ومصداق ذلك ما ورد في رسالة وجهها السلطان المولى عبد الرحمان الى أحد معلمي أولاده الأمراء بمكناس: "وصيفنا الأرشد بريك الحبشي وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبعد، فاعلم أننا إنما بعثنا ولدنا المولى سليمان بقصد قراءته والاشتغال بما يعنيه ولم نوجهه دلالا يتخير في الشقق ويتلون في الملابس، ولم نبعثك معه إلا بقصد حراسته وحفظه من هذا وشبهه ومنعه ما لم نأذن لك فيه• فإن احتاج الى كسوة أو شيء، يطلبه منا ولا يباشر ذلك بنفسه ويوجه عليه، ولم ننقم على أخيه مولاي أحمد إلا هذا وشبهه مع محافظته على دينه ومروءته• وعليه، فإني أعاهد الله تعالى إن سمعت عليه شيئا بعد هذا أو أطلقت له اليد في التصرف في شيء مما دخل عليه من الهدايا، شققا ودراهم، حتى "نخلي دار بوك"• فإنما وجهناك معه لتمنعه مما لا يناسب• فإذا تركته وما يريد فوجودك وعدمك سواء، فإن ضاع مما دخل عليه ثلامة أو تصرف في شيء ببعث أو إعطاء، نعاقبك عليه، واترك ذلك موقوفا حتى أرى فيه رأيي إن شاء الله والسلام• في 23 شعبان المبارك 1255"•
2007/11/29
|