صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صدى الزواقين Echo de Zouakine
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا ...اذا لم تكن قد تسجلت بعد نتشرف بدعوتك للتسجيل في المنتدى.
صدى الزواقين Echo de Zouakine
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان

4 مشترك

اذهب الى الأسفل

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان Empty رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان

مُساهمة من طرف abdelhamid السبت 24 أكتوبر 2015 - 23:46

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان 903137e505b5dac2c480d0f9fb04aed62d2ff2L
على إثر تقديم المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ندوة صحفية يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2015م للملخص التنفيذي لتقريره الموضوعاتي عن (وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب: صون وإعمال غايات وأهداف الدستور)، والذي تمت المصادقة عليه خلال الدورة العاشرة للمجلس في شهر يوليوز 2015م، ركزت عدد من وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية على إحدى التوصيات التي تضمنها والمتعلقة بما اصطلح عليه "المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة".

وقد اتصل بي عدد من الصحفيات والصحفيين المحترمين يستعجلونني للتعليق على هذا الأمر؛ و كنت أقول للجميع: " أمهلوني إلى أن أطلع على التقرير وعلى مضمون التوصية بدقة كي أتمكن من الجواب على أسئلتكم". وبالفعل، اطلعت على مضمون الملخص التنفيذي وتوقفت عند مختلف الخلاصات التحليلية للمحاور الثلاثة الكبرى للتقرير وعلى التوصيات المرتبطة بكل واحد منها.

هل كان من الضروري أن أتريث في التفاعل مع سؤال عادي بتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل في الإرث وأعلق عليه، وهو أمر محسوم من الناحية الشرعية عند جمهور العلماء قديما وحديثا، وفي طليعتهم علماء المذهب المالكي المعتمد بالمغرب؟

بالنسبة لي، نعم. لأن الأمر لا يتعلق بتصريح عادي نطق به فرد أو أفراد في نقاش فكري أو في سجال سياسي، إنما الأمر متعلق بمؤسسة دستورية وطنية ترسخت صلاحياتها في إطار الدستور الجديد (2011)، الذي جاء بعد خطاب ملكي تاريخي ليوم 9 مارس 2011، وفي سياق حراك شعبي ديمقراطي مُطالِبٍ بالإِصلاح انخرط فيه الشباب وأسهم فيه مختلف الفاعلين المدنيين والاجتماعيين والسياسيين، كل من موقعه، وبحسب نظرته، والأسلوب الأمثل الذي كان يراه الأنجع لذلك إبان تلك المرحلة.

لقد كان من بين الفاعلين المدنيين الذين أسهموا بمذكرة قدمت للجنة الاستشارية الملكية لإعداد الدستور، حركة التوحيد والإصلاح، التي شكلت هذه المحطة أولى المحطات التي قدمت فيها اقتراحات واضحة ومحددة في قضايا وفصول دستورية لها علاقة بمجالات اشتغالها انطلاقا من المرجعية الإسلامية التي تعد مرجعية الدولة والمجتمع بالمغرب. فنحن إذن معنيون في حركة التوحيد الإصلاح أيضاً "بصون وإعمال غايات وأهداف الدستور"، ومن واجبنا أن نتفاعل مع ما تقدمه المؤسسات الدستورية، التشريعية منها والتنفيذية والقضائية ومؤسسات الحكامة الجيدة وغيرها.

لقد اطلعت على التقرير، فوجدت أن التوصية التي احتفت بها وسائل الإعلام توجد في المحور الأول الذي يشكل ثلث التقرير ( 5 صفحات من 15 صفحة والصفحة 16 للإحالات)، فقلت إنه من العدل أن أعلق على ما جاء في الثلثين قبل الثلث، خصوصاً أنها تتضمن خلاصات وتوصيات متعلقة بمحوريSadالمساواة والمناصفة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والسياسات العمومية وآثارها على النساء الأكثر عرضة لانتهاك حقوقهن)، وهما محوران يتطرقان لقضايا غاية في الأهمية، سواء بالنسبة لصحة المرأة واستفادتها من الخدمات الصحية، وظروف الولادة، والتعليم ونسبة الأمية في صفوف النساء، ونسب الاستفادة من مختلف أسلاك التعليم، والحق في عمل مأجور لائق والمشاركة في الحياة السياسية والعامة؛ أو بالنسبة للنماذج والحكامة التي يرتكز عليها عمل السلطات العمومية حيث تمت الإشارة إلى "عدم توفر المغرب على سياسة حقيقية تهم الأسر، ولا سيما الأكثر فقراً على الرغم من المكانة البارزة التي احتلتها الأسرة إيديولوجياً في المجتمع"، وعدم توفر المعطيات المرتبطة بمراعاة النوع وضعف التمكن من مقاربات البرمجة المرتكزة على النتائج، إلى جانب وجود مقاومة سياسية وبيروقراطية وحضور ضعيف للنساء ضمن هيئات اتخاذ القرار...، كما تم التطرق في المحور ذاته لوضعية النساء والفتيات الأكثر عرضة لانتهاك حقوقهن، بدءاً ب"النساء المسنات الفقيرات"، و"النساء في وضعية إعاقة" و"الأمهات العازبات" و"الفتيات والنساء عاملات البيوت" و"النساء السجينات".

وبعد اطلاعي على المعطيات والتوصيات الواردة في هذين المحورين اللذين يتطرقان لوضعية النساء من مختلف المستويات التعليمية والاجتماعية والعمرية والمجالية، قدرت أن كل هذا يستحق الإشادة والتقدير، رغم ما قد يعنﱡ لي من ملاحظة على صياغة هذه الفقرة أو تلك سواء كانت خلاصة تحليلية أو توصية.

إنه مجهود يضعنا أمام حقائق واقعنا وأمام مسؤولياتنا جميعاً كل من موقعه، وبحسب صلاحياته وإمكاناته. وهو تحدﱟ يجب أن تتضافر جهود مختلف المتدخلين للتمكن من ربحه لتحقيق حلم وطن يحتضن كافة أبنائه على اختلاف جنسهم ووضعياتهم، ويضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم، والاستفادة على قدم العدل والمساواة من خيراته، والتمتع بالحقوق والحريات تحت سقفه.

أما بخصوص المحور الأول المتعلق بالممارسة الاتفاقية والمفارقة القانونية، والذي تم التطرق فيه (للعمل التشريعي ما بعد الدستور وإدراج مبادئ عدم التمييز والمساواة والمناصفة ضمن المنظومة القانونية الوطنية وولوج المرأة للعدالة والإفلات من العقاب وإضفاء الشرعية: العنف والصور النمطية القائمة على النوع)، فقد تضمن هو الآخر خلاصات تحليلية وتوصيات متعلقة بهذه المجالات، ليست جميعها محل نظر أو نقد ورفض. وسأكتفي في هذا المقام بالتوصية الرابعة التي تناولها الإعلام، والتي تنص على:

(تعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال وكذا في مجال الإرث وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ التطبيق الصارم لأحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة؛ توسيع نطاق الدعم المقدم في إطار صندوق التكافل العائلي ليشمل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج؛ اعتماد خطة تدابير محددة تتوخى توعية وتحسيس وتكوين جميع المتدخلين في قطاع العدالة وتحميلهم المسؤولية).

وقبل التعليق على التوصية أود التعليق على الخلاصات التحليلية المؤسسة للتوصيات.

فالخلاصة الأولى تشير إلى أنه" بتكريس دستور فاتح يوليوز 2011 للحقوق والحريات واعتبارها ثوابت وطنية راسخة للمغرب (الفصل 175)، وبأخذه بعين الاعتبار التغيرات العميقة التي شهدتها البلاد، يطرح الدستور تحديات كبرى على مجموع الفاعلين الذين عليهم الاضطلاع بمسؤولية ترجمة المعايير والأحكام المتقدمة التي جاء بها القانون الأسمى إلى تدابير تشريعية وسياسات عمومية".

أما الخلاصة (9) فتشير إلى "مساهمة المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث في الرفع من هشاشة وفقر الفتيات والنساء. كما أن الوقف والقواعد التي تحكم أراضي الجموع تساهم في تجريدهن من حقهن في ملكية الأرض أو في الإرث".

فبالنسبة للخلاصة الأولى، أعتبرها غير دقيقة في صياغتها وفي قراءتها المتكاملة المطلوبة لفصل دستوري مهم. فالفصل 175 ينص على أنه: " لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، والنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي للأمة، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور".

إذن فالقراءة الصحيحة والسليمة والمتوازنة للنص تقتضي استحضار هذه الأبعاد كافة بصورة تسعى للتوفيق المنتج والدمج المبدع والإيجابي الذي عودنا عليه المغاربة؛ التوفيق و الدمج بين هذه الأبعاد الأربعة المنصوص عليها في الدستور:

- الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي.

- والنظام الملكي للدولة (الذي يتضمنه الباب الثالث من الدستور والذي تحدث في الفصل 41 عن "الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية " قبل الحديث في الفصل 42 عن "الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى...")؛

- والاختيار الديمقراطي؛

- والمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية، المنصوص عليها في هذا الدستور.

لقد كان الأَوْلى بمؤسسة دستورية وطنية من مستوى المجلس الوطني أن ينتبه محررو تقاريره والهيئات المختصة بالمصادقة عليها، لهذه القراءة المنقوصة والانتقائية للفصل157 كي لا يعملوا على إشاعة وعي خاطئ وتأويل غير سليم بين المواطنين في هذا المجال، وأن يتحلوا بالموضوعية العلمية والنزاهة الفكرية اللتين تقتضيان التقيد بشمولية الفصل وعناصره المختلفة رغم ما قد يكون لدى البعض منهم من ملاحظات شخصية عليه انطلاقاً من مرجعيتهم الفكرية أو الحقوقية.

أما الخلاصة (9) التي تتحدث في فقرتها الأولى عن "مساهمة المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث في الرفع من هشاشة وفقر الفتيات والنساء"، فليس بين يدي دراسة موضوعية قام بها المجلس أو غيره من المؤسسات المعتبرة، تُبَيِّن نسبة تأثير هذه المقتضيات في الرفع من هشاشة وفقر النساء والفتيات. فالذي نعرفه من خلال معايشة الواقع والاستماع لمشاكل الناس الذين نخالطهم في الحواضر والبوادي، أو ما تتداوله وسائل الإعلام، أن الذي يسهم في الرفع من الهشاشة والفقر هو حرمان النساء والفتيات من حقهن في الإرث الذي شرعه لهن الحق سبحانه وتعالى، بل وتجريدهن حتى مما هو في حوزتهن بحكم العادات والتقاليد التي لا أساس لها من الشرع الحنيف، والتسلط الذكوري في تلك الأوساط، وانتشار الأمية والجهل بالقانون والحقوق، مما يجعلهن فريسة للمتربصين والمتحايلين من أقاربهن...

وقد استعصى عليﱠ فهم الفقرة الثانية من هذه الخلاصة والتي تشير إلى أن "الوقف والقواعد التي تحكم أراضي الجموع تساهم في تجريدهن من حقهن في ملكية الأرض أو في الإرث"، وذلك لأني أعلم من خلال اطلاعي على موضوع أراضي الجموع وقضايا النساء السلاليات كيف يتم تجريد النساء من حقهن في ملكية الأرض أو في الإرث. وهذا أمر وجب تصحيحه بما يحقق العدل والإنصاف. أما الوقف فلم أفهم بعدُ كيف يتم ذلك؟

وأخيراً لنقف على مضمون التوصية الرابعة، وخصوصاً الفقرة الأولى، أما الفقرات الأخرى فلا أعتقد أن هناك اختلافاً في ضرورة "التطبيق الصارم لأحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة؛ توسيع نطاق الدعم المقدم في إطار صندوق التكافل العائلي ليشمل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، اعتماد خطة تدابير محددة تتوخى توعية وتحسيس وتكوين جميع المتدخلين في قطاع العدالة وتحميلهم المسؤولية "

بقي إذاً موضوع "تعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال وكذا في مجالات الإرث وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة".

أولاً: إن الاعتماد على الفصل 19 فقط من الدستور وبقراءة انتقائية كي لا نقول عنها إيديولوجية، يوقع أصحابه في التلبيس والخطأ، لأن الموضوعية تقتضي الرجوع للتصدير "الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور" حيث يتحدث عن "تبوئ الدين الإسلامي لمكانة الصدارة في الهوية المغربية"، وينص في الالتزام التاسع من التزامات المملكة الواردة على "جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة".

ثانياً: تقتضي الموضوعية والنظرة التكاملية الرجوع إلى الفصل الأول الذي يحدد بدقة الثوابت الجامعة للأمة عندما ينص في فقرته الثالثة على أنه: "تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي".

ثالثاً: بالاعتماد على الفصل 19 نفسه في إطار قراءة كاملة غير انتقائية، ومتكاملة غير مفتعِلة للتناقض بين عناصره، يغدو الأمر واضحا لمن يتحرى الموضوعية، فالفصل يحدد بما لا يدع مجالا للتأويل المتعسف، "نطاق" تمتع الرجل والمرأة بالحقوق والحريات سواء الواردة في الدستور أو الاتفاقيات والمواثيق الدولية، يحدد هذا النطاق في "أحكام الدستور" نفسها و"ثوابت المملكة وقوانينها"[1] وهي الثوابت المشار إليها في الفصل الأول.

ولكي يغدو الأمر واضحاً أكثر، يمكن للإخوة والأخوات في المجلس الوطني الرجوع لعدد من الخطب الملكية لأمير المؤمنين –حفظه الله– في مناسبات متعددة والتي تتضمن مزيداً من الشرح والبيان لبعض المقتضيات الدستورية.

ولنقف عند النص الذي تم تضمينه ديباجة المدونة الجديدة للأسرة المنشورة بالجريدة الرسمية، حبن تحدث أمير المؤمنين مخاطباً السيدات والسادة البرلمانيين عن الإصلاحات التي عرفتها المدونة وحرصه على "أن تستجيب للمبادئ والمرجعيات التالية:

- لا يمكنني بصفتي أميراً للمؤمنين، أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله؛
- الأخذ بمقاصد الإسلام السمحة، في تكريم الإنسان والعدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، وبوحدة المذهب المالكي والاجتهاد، الذي يجعل الإسلام صالحا لكل زمان ومكان، لوضع مدونة عصرية للأسرة، منسجمة مع روح ديننا الحنيف؟."
كما أشار جلالة الملك إلى الاعتبار الذي اقتضاه نظره السديد بعرض مشروع المدونة على البرلمان لأول مرة، وذلك "لما يتضمنه من التزامات مدنية"، منبهاً إلى أن "مقتضياته الشرعية هي من اختصاص أمير المؤمنين"، داعياً إياهم ليكونوا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية، سواء باحترامهم "لقدسية نصوص المشروع، المستمدة من مقاصد الشريعة السمحة"، أو "باعتمادهم لغيرها من النصوص، التي لا ينبغي النظر إليها بعين الكمال أو التعصب، بل التعامل معها بواقعية وتبصر، باعتبارها اجتهاداً يناسب مغرب اليوم، في انفتاح على التطور الذي نحن أشد ما نكون تمسكا بالسير عليه، بحكمة وتدرج."
أما الرسالة الملكية إلى المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش المنعقد في السنة الماضية 2014، فقد جاء فيها بخصوص كونية حقوق الإنسان التي طالما تستغل لفرض نمط أحادي لها حيث يقول : ".... ومن جهة أخرى، إذا كان لا ينبغي التشكيك في كونية حقوق الإنسان، فالكونية لا تعني أبدا التعبير عن فكر أو نمط وحيد، بل يجب أن تشكل في جوهرها، نتاجا لدينامية انخراط تدريجي، عبر مراحل، تصل بها إلى درجة من التملك الفردي والجماعي، تجد فيه التقاليد الوطنية والثقافية مكانها الطبيعي. حول قاعدة قيم غير قابلة للتقييد، دون تعارض أو تناقض معها." مضيفا في فقرة أخرى أن "الكونية منظومة مشتركة بين الجميع، أما المسار الذي يؤدي إليها فيتسم بالخصوصية، ذلكم هو الشعار الذي ترفعه إفريقيا المسؤولة والمتشبعة والملتزمة بحقوق الإنسان".

آمل أن يتحلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني بالشجاعة اللازمة لإعادة صياغة بعض من خلاصاتهم التحليلية وتوصياتهم في إطار قراءة متكاملة لفصول الدستور الجديد، واستحضار المعطيات الحقيقية لتطور المجتمع المغربي وهويته وثقافته، وتجنب إثارة بعض القضايا المحسومة والواضحة والتي تشكل مجالاً للدراسة والبحث والنظر من طرف نخبة من أهل العلم والاجتهاد والفكر والثقافة والسياسة، وهي اختصاصات حصرية لمؤسسات دستورية أخرى المفروض أنها معلومة لدى المجلس.

لقد كنت آمل أن تحظى مثل هذه الخلاصات والتوصيات قبل اعتمادها بالنقاش الواسع المتعدد والمتنوع في أفراده ومرجعياته، والذي يجعل نصب عينيه اقتراح ما يسهم في تحسين ظروف العيش للأغلبية الصامتة والمحرومة والمهضومة الحقوق... والتي لن يخدمها تحويل بوصلة الإصلاح إلى قضايا محسومة شرعياً ودستورياً وقانونياً ومجتمعياً، وخصوصاً عندما يتم إيرادها بشكل مقتضب وملتبس يشوش أكثر مما يسهم في نشر الوعي السليم بين المواطنين.

وبمناسبة الحديث عن نشر الوعي والثقافة البانية والتربية على السلوك القويم التي أعتبرها الأمر الحاسم في تغيير المجتمعات، وليس فرض القوانين، فإنني أدعو الأخوات والإخوة في المجلس الوطني إلى التحلي بالجرأة والشجاعة، ليس في المطالبة بتعديل النصوص القانونية التي حظيت بإجماع المؤسسة التشريعية، ولكن في تبني عدد من مقتضياتها على المستوى الذاتي، خصوصاً وأن في قوانيننا "الآخذة بمقاصد الإسلام السمحة" متسع لمن يريد أن يحقق منظوره الخاص بالمساواة والمناصفة.

إنني أدعوهم على سبيل المثال إلى العمل بمقتضى الفصل89 من مدونة الأسرة [2]وذلك بمبادرة الأزواج إلى تمليك زوجاتهم حق إيقاع الطلاق، وباشتراط الزوجات تضمين ذلك الشرط في عقود الزواج عند توثيقها.

أما على مستوى الإرث وتوزيعه، فأدعو الإخوة أعضاء المجلس الوطني من الرجال إلى المبادرة الفورية، بمجرد قسمة وتوزيع التركة التي ورثوها أو سيرثونها عن آبائهم وأمهاتهم، الذين ندعو الله لنا ولهم ولهن جميعاً بطول العمر وحسن العمل، طبقا لأحكام مدونة الأسرة، إلى التنازل عما يعتبرونه مخلاً بمساواتهم مع أخواتهن أو باقي النساء المستحقات لنصيب من الإرث. ولا أعلم مقتضى شرعياً أو قانونياً يمنعهم من القيام بذلك.

إنني أنتظركم أيها الشجعان، وأرجو ألا يطول انتظاري.

عبد الرحيم شيخي

رئيس حركة التوحيد والإصلاح


[1]الفقرة الأولى من الفصل 19"يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابث المملكة وقوانينها".

[2]المادة 89 : إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و80 أعلاه.
تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين، وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و82 أعلاه.
إذا تعذر الإصلاح، تأذن المحكمة للزوجة بالإشهاد على الطلاق، وتبت في مستحقات الزوجة والأطفال عند الاقتضاء، تطبيقا لأحكام المادتين 84 و85 أعلاه.
لا يمكن للزوج أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه.


http://tinyurl.com/occf6r9
abdelhamid
abdelhamid
مشرف (ة)
مشرف (ة)

ذكر عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان Empty رد: رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان

مُساهمة من طرف chabah الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 - 18:43

الرئيسية | كُتّاب وآراء | لا أحد يملك سلطة إيقاف النقاش العمومي في موضوع الإرث وغيره

لا أحد يملك سلطة إيقاف النقاش العمومي في موضوع الإرث وغيره
رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان Ahmedassid_601184269_303996087_646187882_653365577
أحمد عصيد
الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 - 14:12
من بين ما يميز الدولة الحديثة القائمة على مفهوم المواطنة وسلطة القانون العليا، أن قضايا المجتمع تظل عرضة لنقاش دائم لا ينتهي، حيث تلزم التحولات المتسارعة كل الأطراف بفحص القوانين والنظر في الأسس التشريعية لتدبير الشأن العام، لمعرفة ما إن كانت ما زالت صالحة للعمل بها، أي أنها تضمن العدل المساواة بين الناس، أو إن كانت في وضعية أزمة بسبب تفكك البنيات السوسيوثقافية التي بُنيت عليها.
بينما كانت الدولة الدينية التي عرفتها العصور الوسطى سواء في بلاد الغرب أو في "دار الإسلام"، تقوم أساسا على تشريعات دينية تعتبر مطلقة وثابتة، حيث تسند إلى مصدر إلهي، وإن كانت في الحقيقة عائدة إلى سياقات تاريخية محددة، وإلى أفهام البشر وأساليبهم في تدبير شؤونهم الأرضية.
وما حدث للدولة الدينية حتى بلغت درجة كبيرة من الضعف والخور، إلى أن انهارت مع بدايات الأزمنة الحديثة، هو أن اعتماد نصوص ثابتة مع وجود طبقة رجال الدين ("الإكليروس" في الغرب و"أهل الحل والعقد" في الإسلام) التي تعمل على إحكام وصايتها على المجتمع عبر تلك النصوص، وحماية مصالحها المرتبطة بالبنيات القديمة، قد أدّى إلى عرقلة تطور المجتمعات الغربية والإسلامية معا، ولقد سقطت الدولة الدينية في أوروبا بعد الثورات العلمية المظفرة (كوبرنيك، كبلر، كاليلي) والثورات الإجتماعية ( العلمنة الثقافية وصعود الطبقة البرجوازية)، والثورات السياسية (فكّ الارتباط بين الملكيات والكنيسة)، بينما نجح الفقهاء والزوايا التقليدية في عرقلة تطور المجتمعات الإسلامية لقرنين آخرين، أديا إلى إضعاف دولة الخلافة العثمانية التي أصبحت تنعت بـ"رجل أوروبا المريض"، كما أدخل دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تحت نير الاستعمار بعد فشل كل محاولات الإصلاح من الداخل.
بعد ذهاب الاستعمار ونهاية عهد الحجر والوصاية الأجنبية، وجدت هذه البلدان نفسها عاجزة عن العودة إلى الدولة الدينية السابقة، التي تجاوزها الزمن، وغير قادرة في نفس الوقت على ترسيخ بنيات الدولة الحديثة، بسبب ثقل إرث الماضي، وبسبب "عسر الهضم" الذي أصابها من عقود من التفاعل مع نماذج الدولة الحديثة، مما أدى إلى تمزق هوياتي تمظهر سواء في الدولة أو في حياة الأفراد والجماعات، مما أدّى إلى انقسام المجتمع أمام أي موضوع متعلق بالقيم.
وكان من النتائج الفادحة لهذا التمزق تعثر بناء التعاقد المدني الصلب والحاسم الذي من شأنه ضمان استقرار الدولة، ووضع دساتير تضمن حقوق الجميع على قدر المساواة. ما أدى إلى استحكام الاستبداد وتزايد عناصر الفرقة والتشرذم بين العناصر المكونة لهذه المجتمعات. فظلت النعرات العرقية والإثنية والدينية والقبلية حيّة وفاعلة عوض ترسيخ معنى المواطنة الجامع لكل الأفراد والضامن لحقوقهم.
ومن بين القضايا التي انبثقت عن هذا التمزق والارتباك قضية المرأة التي عانت الأمرّين بسبب غياب الترسيخ الديمقراطي المأمول، وبسبب عودة التقليد الناتج عن فشل مشروع التحديث المجهض. وهذا ما يفسر مقدار التشنج والتوتر الذي يرافق في كل مرة النقاش المرتبط بهذه القضية.
وإذا كان من حق كل واحد أن يدلي بدلوه في النقاش الدائر الذي هو طبيعي بالنظر إلى مسلسل التطورات التي عرفها بلدنا، فإن المستغرب هو مقدار العنف اللفظي الذي يتعامل به بعض المحسوبين على الحزب الذي يرأس الحكومة، مع المخالفين لهم في الٍرأي والموقف.
فكما حدث في موضوع الإجهاض وتزويج القاصرات خرج المحافظون عن طور التعقل، واحتكموا مرة أخرى إلى الإرهاب الفكري، والتمسوا الوسائل غير الشريفة لإسكات أصوات خصومهم الحداثيين. وهم بذلك يعتقدون أنهم بالغوغائية والصراخ يمكنهم الحفاظ على ما هو موجود، وإن كان غير سليم ولا يحقق الكرامة لأفراد المجتمع رجالا ونساء.
وحجتهم في ذلك وجود "نصوص ثابتة"، "قطعية الدلالة"، و"لا تحتمل أي تأويل" أو إعادة قراءة. وكأن الكثير من النصوص "الثابتة الصريحة" لم يتم الاجتهاد في فهمها بسبب ضرورات الوقت وانقلاب الأوضاع والأدوار والوظائف الاجتماعية، ولدينا بعض أمثلة واضحة لا لبس فيها، سنوردها في مقال قادم.
أما الآن فدعونا نناقش هؤلاء الذين يخوضون الانتخابات باسم الديمقراطية، ثم يسعون بعد ذلك إلى حرمان الناس من أبسط حقوقهم، وكأن الديمقراطية سُلّم يصعد عليه من يريد، لقضاء مآربه على حساب الآخرين.
ـ قام بالهجوم على المجلس الوطني لحقوق الإنسان مجموعة من الأشخاص يعتبر بعضهم نفسه مختصا في مجال الدين، وبعضهم صاحب مشروع سياسي هو إقامة الدين في الدولة في القرن الواحد والعشرين، وينتمي كثير من هؤلاء إلى حزب العدالة والتنمية وإلى تياره الدعوي "حركة التوحيد والإصلاح"، التي عودتنا على إثارة الشغب أمام كل خطوة تحديثية في موضوع القيم والحقوق الأساسية التي هي مرتكز الدولة الحديثة، وهي المعارك التي خسرتها جميعها بالمناسبة، دون أن تتعظ أو تتساءل عن أسباب فشلها.
الهجوم على المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتمد أساليب التدليس والدسّ كالعادة، لكنها مرة أخرى أساليب في غير محلها، فالقول إن المجلس لا شأن له بموضوع الإرث ولا حق له في الإدلاء برأي في الموضوع هو قول ظاهر البطلان، لأن المؤسسة المعنية هي "مؤسسة وطنية" أنشئت من طرف الدولة المغربية وفق "مبادئ باريس" المعروفة دوليا، وعوض أن يطعن الطاعنون في عملها كان عليهم رفض المؤسسة من الأصل، وأما وقد سكتوا عنها وهم يعرفون هويتها فإنها لن تعمل إلا وفق المبادئ والتوجهات التي أنشئت على أساسها، ومن أجل هدف رئيسي ـ يبدو أنه لا يروق لدعاة التقليد ـ وهو وضع تقارير مدققة حول حقوق الإنسان واقتراح البدائل المطلوبة بهدف تحقيق المساواة التامة في إطار المواطنة بين جميع أفراد المجتمع رجالا ونساء.
فعلى هذا المستوى نعتقد أن المجلس قد قام بدوره المنوط به ولا مجال للمزايدة عليه بغليظ الكلام الذي لا ينفع، بقدر ما يضرّ بأصحابه ويجعلهم عرضة للسخرية.
ـ لاحظنا أن هؤلاء الذين يتسابقون في استعراض عضلات البلاغة الجوفاء ينتمون إلى الحزب الذي يرأس الحكومة، والذي قام بالتوقيع قبل بضعة أشهر مع الأحزاب الأخرى على اتفاقية "سيداو"، التي تتضمن المساواة التامة بين الرجال والنساء في كل المجالات. وهو ما عبر عنه التيار الدعوي بالرفض والتحفظ والاستنكار، لكن وبهذا يقع الحزب في التناقض تماما كما وقع فيه أيام وضع الدستور، عندما هدّد بالنزول إلى الشارع إذا ما اعترف الدستور المغربي بحرية المعتقد، ثم قام بعد ذلك بالاحتفاء بحرية المعتقد في أرضية مؤتمره وتبنيها، فالحزب مثل النظام السياسي المغربي تماما، يلعب على الحبلين ويضع رجلا في الحداثة ورجلا في التقليد، بالحداثة يتملق النخب والطبقة السياسية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وبالتقليد يستثمر طاقات التخلف والنكوص الكامنة في المجتمع للحفاظ على مصالحه عبر الضبط والتحكم.
ـ لا حظنا كذلك أن بعض حراس المعبد القديم تباروا في الصياح قائلين إن ملف الإرث قد "أشبع" و"قتل" بحثا ودراسة وأنه قد أغلق بعد أن لم يبق ثمة ما يقال فيه. وهذا من غرائب الأمور المثيرة للضحك، فلا يوجد ملف ذو صلة بقضايا المجتمع يمكن إغلاقه وحظر البتّ فيه ما دام الناس أحياء وعجلة التاريخ تدور، وإنما الأمر يتعلق بمناطق نفوذ التيار المحافظ يُراد تسييجها ومنع الناس من دخولها خشية اكتشاف الحقائق التي يتم إخفاؤها عنهم. من جانب آخر فدراسة ملف ما والبحث فيه يهدف أساسا إلى حل المشاكل المثارة في المجتمع، وإنهاء الظلم بجميع أنواعه، وفي حالة عدم تقديم أي حل ناجع وعملي فإن الملف يبقى مفتوحا للنقاش إلى أن يتم الحسم فيه لصالح الإنسان، لا لصالح ثقافة الوصاية والحظر والترهيب.
فعلى الذي لا يحتمل النقاش العمومي أن يغلق عليه بابه ويوصد النوافذ بإحكام، حتى لا تصل إليه أصوات المطالبين بحقوقهم، والسائلين عن مصائرهم، أما أن يسعى إلى إسكات الناس وتكميم أفواههم إرضاء لنزوعاته التيوقراطية، فهذا أمر "دونه خرط القتاد" كما يقال.
ـ اعتمد هؤلاء المناوئون لحقوق النساء وكرامتهن دستور البلاد، وأخذوا منه بعض عبارات مبتورة عن سياقها، كمثل "إسلامية الدولة"، التي يعلمون أكثر من غيرهم أنها عبارة لا تعني البتة أننا في دولة دينية قائمة على تطبيق النصوص حرفيا، إذ لو كان الأمر كذلك لكنا نعتمد الدين في كل مجالات الحياة ودواليب الدولة، وهو خلاف ما يجري واقعيا، فإسلامية الدولة ليست سيفا مسلطا على رقاب الناس نردعهم بها كلما طالبوا بحق من حقوقهم الأساسية، وعلى المحافظين أن يخرجوا من التناقضات التي يتخبطون فيها، فإذا كان الإسلام دين حرية وحقوق وكرامة، فإن ذلك لا ينبغي أن يبقى صيغا بلاغية بدون تفعيل واقعي. إننا لا نثق بالأقوال بل بالأفعال التي تجعلنا نعيش ما نقول، ونقول ما نعيشه بدون عُقد.
وما دمنا نتحدث عن الدستور فإن هذا الأخير يعتبر حقوق الإنسان "كما هي متعارف عليها دوليا" مرجعية للدولة، ويعتبرها سامية على التشريعات الوطنية، كما يعتبرها "كلا غير قابل للتجزيء"، فالمحافظون برفضهم المساواة في الإرث يخالفون الدستور الذي يعتبر حقوق الإنسان "كما هي متعارف عليها دوليا غير قابلة للتجزيء".
أما كون الإسلام "يتبوأ الصدارة في الهوية" فهذا لا يعني مطلقا أنه المرجع في التشريع أو أن أحكام الشريعة أو مبادئها هي المنطلق، لأن المشرع لو كان يقصد ما يسعى إليه المحافظون لكان أكد على أن نصوص الشرع هي المنطلق بأحكامها ومبادئها كما في بعض الدول الأخرى، وهذا لم يرد في الدستور بل ورد خلافه تماما.
ـ من جانب آخر لاحظنا أنّ الراغبين في إنهاء النقاش قد اعتمدوا حججا ضعيفة مثل القول إن من يطالب بالمساواة في الإرث لا يعرف "الحكمة من نظام الإرث في الإسلام" ولا يفقه في "قاعدته الشرعية" و "دلالاته وأبعاده"، فهل من حقنا أن نقول لهؤلاء إن نظام الإرث والحكمة من ورائه وأبعاده الشرعية ومراميه هي أمور نعرفها منذ سنوات تمدرسنا الأولى، حيث حرص المسؤولون عن تدريس المادة الدينية على تلقينها لنا بتفاصيلها منذ نعومة أظفارنا، وما زالت تلقن لأطفال المدارس حتى اليوم، وقد عدنا إلى الموضوع بعد أن كبرنا ونحن مهتمون بحقوق الإنسان وبالشأن العام فأشبعناه تمحيصا وفحصا ودراسة على مستويين، مستوى النصوص والقوانين المعمول بها، ومستوى آثارها الاجتماعية، فتبين لنا أن كل عناصر الحكمة والدلالات والأبعاد المذكورة إنما ترتبط في الواقع بوضعية القبيلة والعشيرة العربيتين قبل قرون طويلة، كما تبين لنا أن تلك الأوضاع قد انقلبت رأسا على عقب سواء فيما يخص وضعية المرأة أو الأسرة أو العلاقات الاجتماعية، فالأمر شبيه بالحديث عن حكمة الشرع من الدعوة إلى "تحرير رقبة" من أجل التكفير عن ذنب أو حسن معاملة العبد وإطعامه، في الوقت الذي لم تعد العبودية قائمة أصلا منذ عقود. كما أن الأمر شبيه بمن يقوم بإبراز حكمة الشرع من تأديب الرجل لزوجته وأساليب ضربها "ضربا غير مبرح"، في الوقت الذي أصبح ذلك يعد جريمة غير مقبولة بالمرة، وأصبحت الدولة تنفق الملايير من ميزانيتها لإنهاء العنف ضد النساء.
ـ ورد في اعتراض المحافظين أيضا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لم يرجع إلى "أهل الاختصاص" في الدين من الفقهاء ليعرف رأيهم، والواقع أنّ المؤسسة الوطنية المذكورة ملزمة بالقيام بعملها وفق المبادئ التي أقيمت عليها وليس غيرها، فـ"أهل الاختصاص" في الدين ليسوا خبراء في حقوق الإنسان وليس لهم اختصاص فيها، ورأيهم مخالف لرأي الحقوقيين بل مناقض له، ووظيفة المجلس إخبارنا بما ينبغي عمله للحفاظ على حقوق الإنسان وليس بما يقوله الفقهاء الذين يمكن لهيئات أخرى أن تستشيرهم مثل "إمارة المؤمنين" عبر المجلس العلمي الأعلى أو وزارة الأوقاف.
أما الحقيقة فهي أنّ معضلة المجتمعات الإسلامية كانت كامنة في "أهل الاختصاص" هؤلاء، الذين لو بقي الناس عند رأيهم لما خطونا خطوة واحدة في طريق التحديث والدمقرطة، ألم يسعوا منذ بداية الاستقلال إلى الحيلولة دون إدخال الفتاة المغربية إلى المدرسة، معتبرين أن ذلك من شأنه "أن يقلب المجتمع رأسا على عقب" ويخرجه من دائرة الإسلام ؟ ألم يتصلوا بالسلطان محمد الخامس منظمين حملات لتغليب رأيهم ؟ لكن الدولة اختارت طريقا آخر غير طريق "أهل الاختصاص"، الذين حرّموا قبل ذلك الهاتف والمذياع والبنوك والصور الفوتوغرافية واللباس العصري والسباحة في الشواطئ وعزف الموسيقى، بل وحرّموا قبل ذلك كله شرب الشاي ! ، فلو ظل الناس عند رأي "أهل الاختصاص" لجعلنا من بلدنا هذا سجنا كبيرا مراقبا بإحكام، يتوق فيه المرء إلى كوة ضوء أو نسمة هواء فلا يجد، والحال أن هذا ليس هو الحكمة من وجود الدولة والمؤسسات في عصرنا هذا.
إن المطلوب اليوم من "أهل الاختصاص" في الدين أن يلتحقوا بقطار العصر، وأن يعملوا على المساهمة في ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون في بلدانهم عبر اجتهاد تنويري عميق ومسؤول، يبدع مناهج جديدة في النظر الفقهي، ويجعلهم ينفتحون على علوم عصرنا فيدركوا بها التحولات التي تختمر في عمق الواقع، فيستبقوها باجتهاداتهم بهدف التيسير لا التعسير، ويكونوا بذلك فقهاء رحمة لا دهاقنة قسوة وانتقام.
إن ما يبدو في ردود المحافظين ودعاويهم هو التذمر من النقاش، والرغبة الملحة في إغلاق الملف وعدم البت فيه أو العودة إليه، وعلى فقهائنا المسيّسين على مذهب الإخوان أو الوهابيين، والغارقين في كتب الفقه التراثي القديم، أن يتحلوا برحابة الصدر لأننا سنناقشهم شاؤوا ذلك أم أبوا، لأن معرفتهم ببعض النصوص الدينية لا تعطيهم الحق في تقمص الذات الآلهية، ولا تسمح لهم بالتحكم في مصائرنا في غيابنا، أو إسكات أصواتنا المعارضة لهم.
إننا لا ننتظر من فقهاء الإسلام السياسي أن "يقتلوا" الملفات بحثا عبثيا لا طائل من ورائه، بل أن يقدموا للناس حلولا عملية لأن الظلم لا يمكن تجميله، وبقاء فقهاء التحريم على مواقفهم المعاندة لا يعني أن المجتمع سيظل واقفا عند الحدود التي يرسمونها، إن لم تتحقق قيم العدل والمساواة والحرية

chabah

ذكر عدد الرسائل : 108
العمر : 60
Localisation : فرنسا و إسبانيا
تاريخ التسجيل : 04/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان Empty رد: رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان

مُساهمة من طرف messariya الجمعة 30 أكتوبر 2015 - 18:09

ما الذي يمنع الذكور (الرجال)من تفعيل هذه المساواة بينهم وبين أخواتهم ؟ لا أعتقد أن القانون أو الشرع يعارض ذلك إذا تم بتوافق وتراض بين الأطراف المعنية..


المساواة في الإرث بين المرأة والرّجل في القانون...
messariya
messariya

انثى عدد الرسائل : 157
العمر : 46
Localisation : فاس
Emploi : موظفة
تاريخ التسجيل : 05/05/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان Empty المساواة في الإرث.. حق أُريد به باطل

مُساهمة من طرف عبدالرحيم السبت 31 أكتوبر 2015 - 19:12

إذا كان من شيء يتكاثر ويتناسل بشكل جيد في هذا البلد فهي المشاكل، بل والكوارث في جميع القطاعات، ولا تنقصنا الأسباب لنسميها كذلك، فكل القطاعات تعمها الفوضى والفساد، فلا التعليم الذي هو قاطرتنا نحو المستقبل خرج من غرفة الإنعاش بعد حوادث السير التي تعرض لها وإهدار الملايير لمحاولة إنعاشه دون جدوى، فكيف سيخرج منها وأمر تدبير حلول له كان ولايزال بين يدي من كانوا جزأ من مشاكله المعقدة؟ وأبسط مشاكله هي النقص في الموارد البشرية والهدر المدرسي والاكتظاظ، حتى صرنا نرى أطفالا في ورشات العمل بدل مقاعد الدراسة، وفصولا دراسية يتكدس فيها ما يفوق 50 تلميذا أحيانا، ومؤسسات تعليمية بها نقص حاد في عدد الأساتذة. ولا الصحة في حالة صحية جيدة، المستشفيات في أسوء حالاتها ولا يكف وزيرها عن اقتراح حلول تصب في اتجاه خوصصة هذا القطاع، وآخرها قرارات في غاية الخطورة تمس كرامة الطبيب المغرب، والتي عبَّر طلبة الطب عن رفضها عن طريق خوض إضرابات واعتصامات أفقدت الداخلية صوابها، لتقرر في الأخير مقاربتها أمنيا، في محاولة بئيسة ويائسة لحسم المعركة لصالحها .

هذا دون أن نستفيض في الحديث عن التضييق على الحريات التي كان آخر ضحاياها هو الدكتور المعطي منجيب والذي يخوض معركة الامعاء الخاوية من أجل حق التنقل الذي سُلب منه، لمجرد أنه مثقف عضوي "شارد" رفض الدخول إلى الحضيرة ليعزف سمفونية القطيع، لهذا قرر الراعي أن يهش عليه بعصاه، عله يعيده إلى "الصف". ودون أن نتحدث أيضا عن الفساد المتوغل حتى صار البعض يتحدث عن ضرورة دسترته والاعتراف به كمؤسسة لابد منها لضمان الاستقرار، فساد مهد السبيل حتى للشركات الأجنبية لتمارس على المغاربة عمليات نهب منظم ومقنن، وما شركات التدبير المفوض وعلى رأسها "أمانديس" التابعة للعملاق فيوليا إلا أحد تجليات هذه العلاقة المشبوهة بين الدولة و"المستثمرين" الأجانب، شركة دست يدها بكل ما أوتيت من أساليب الاحتيال والنصب في جيوب ساكنة طنجة، التي ضاقت ضرعا وقررت أن تخرج عن صمتها وصبرها في مسيرات سلمية حاشدة، أبدع شبابها شكلا نضاليا راقيا تمثل في إطفاء أنوار أمانديس وإشعال شموع الحق والأمل..

هذه نماذج فقط من بين عشرات القطاعات الاستراتيجية المتحللة بالمغرب، فأينما ولينا وجوهنا ثمة مؤسسات حاملة لوسام العفونة أو الفضيحة، فيضطر المواطن المغربي البسيط إلى التعايش معها أحيانا وتفويض أمره إلى الله، أو الاحتجاج والانتفاض ضدها أحيانا أخرى بعفويته المعهودة والنابعة من إحساسه العميق بالظلم والقهر والإقصاء.

في هذه اللحظات المفصلية والحرجة من تاريخ المغرب، والتي من المفروض فيها على النخبة المغربية والفاعلين السياسيين والحقوقيين؛ ومهما كانت انتماءاتهم، أن يعلنوا عن استعدادهم غير المشروط لخوض معركة الحق ضد الباطل والظلم، نجدهم وكعادتهم يخذلون هذا الشعب بدخولهم في حالة صمت رهيب وسبات شتوي وصيفي، وهذا الصمت عن الحق ليس سوى إعلانا ضمنيا عن اصطفافهم إلى جانب السلطة، وحين يقررون الخروج منه فإن هذا الخروج لا يتجاوز حدود خدمة لوبي الفساد والتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فمثلا، البلاد "واقفة غير بالألطاف الإلهية"، لم يجد المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي هو بمثابة الذراع الحقوقي للمخزن من توقيت مناسب لطرح إشكالية المساواة في الإرث بين المرأة والرجل للنقاش العمومي بين كل المكونات الثقافية والفكرية للمجتمع المغربي.

ألاعيب المخزن صارت مكشوفة خطوة بخطوة، لكنه لايزال يصر على أن يلعبها، ومهمتنا نحن أن نتعلم السير في طريق الحق الحرية دون أن نقع ضحية ألغامه أو فِخاخه المُحكمة التي يجرنا إليها جرا..
ففي الوقت الذي يجدر به بمعية باقي مكونات المشهد الحقوقي تسجيل موقفه من القضايا المصيرية للمغاربة، والتي تأتي على رأسها قضية التعليم، يغطي هذا الغياب المتعمد بإثارة زوبعة في فنجان مشاكل المغاربة ليحول النقاش الحقيقي ولو بشكل مؤقت نحو قضايا تعتبر فاكهة الحقوق بالنسبة للمغاربة، ولن يجني منه _على الأقل حاليا_ غير سقي بذور الانقسام وتعميق الخلاف بين تياراته الفكرية والدينية، نفس الشيء ينطبق على المجلس العلمي الأعلى الذي هو "الذراع الديني" للدولة، يصمت عن الكلام غير المباح دهرا، وفجأة ينجر إلى النقاش حول مسألة المساواة في الإرث، وهذه الهبة كانت متوقعة لرش مزيد من البهارات حول الموضوع وإعطائه صبغة حقوقية ليبدو النقاش وكأنه فعلا معركة بين قوى النور والظلام في المغرب.

بعملية منطقية بسيطة جدا، يمكننا أن ندرك أن من يصمت عن الجهر بالحق ولا ينصر من تنتهك أبسط مقومات حريته، ولا من يغتصب حقه في التعليم أو في ثروات الوطن، ولا من سلب منه حقه في العدالة والكرامة، لا يمكن لأي "هبة" من هبّاته أن تكون من أجل حق لاتزال تراه الأغلبية الساحقة من النساء المغربيات حلما بعيد المنال، في هذه الخرجة "إنَّ" مفضوحة، وقد عودنا المخزن في اللحظات الحاسمة بهكذا خرجات لأحد أجهزته التي تدين له بالولاء الأعمى، إما في حالة الرغبة في التغطية على إشكالات حقيقية تشغل الرأي العام المغربي؛ وإما في حالة استعداده لتمرير قرارات خطيرة تمس قوت وحرية المواطن المغربي، وفي قضية المساواة في الإرث جمع المخزن بين الحالتين : التغطية على الوضع الآيل للانفجار وتحوير النقاش الدائر حاليا حول قانون المالية 2016,

لهذا؛ أصبحنا ننتظر تلك "العظم" التي يرمي بها المخزن كلما دعت حاجته إلى ذلك إلى الإعلام ليتلقفها هذا الاخير ثم يقذف بها إلى ساحة النقاش العمومي، يتداولها المواطنون في مجالسهم وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يحدث أن يتورط في نقاشها كتاب ومثقفون عبر مقالاتهم على صفحات الجرائد والمجلات، وبهذا يكون المخزن قد حقق مبتغاه في توجيه الرأي العام وإلهائه، وكسب هامشا زمنيا للمناورة ولي عنق الحقيقة وطمس الواقع العليل المعتل.

وللاستدلال على أن إثارة هذا النقاش في هذا التوقيت بالضبط هو من تدبير مدبر ماكر، يمكننا أن نطرح بعض الأسئلة على أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان: هل بإمكان توصيتكم حول المساواة في الإرث أن تتضمن مثلا طلبا إلى المؤسسة الملكية المغربية من أجل المساواة بين الذكر والأنثى في ولاية العهد كما في الملكيات الأوروبية مثلا ؟؟ ألا ينص الدستور المغربي بأن المغرب بلد إسلامي والملك المغربي أمير المؤمنين ؟؟ إذن؛ كيف سيستقيم أن تتم مخالفة نص قرآني واضح في ظل إمارة المؤمنين ؟؟هل معنى اقتراحكم أن تتم علمنة الدولة المغربية في ظل إمارة المؤمنين ؟؟ أم أن اقتراحكم يثوي طلبا ضمنيا بالتنازل عن هذه الإمارة ؟

الإجابة على هذه الأسئلة واضحة، وتقودنا إلى أن من تعمدوا إطلاق فقاعة المناصفة في الإرث لم يكن غرضهم إنصاف المرأة، فهم يدركون جيدا أن هذا الموضوع بالذات شائك بما فيه الكفاية، ويتطلب مقاربة شمولية يتقاطع فيها الاقتصادي بالاجتماعي بالثقافي بالديني، والوضع الآن لا يسمح سوى بالخوض في القضايا ذات الطابع الاستعجالي ولا يسمح بتاتا بهذا الترف.

ألاعيب المخزن صارت مكشوفة خطوة بخطوة، لكنه لايزال يصر على أن يلعبها، ومهمتنا نحن أن نتعلم السير في طريق الحق والحرية دون أن نقع ضحية ألغامه أو فِخاخه المُحكمة التي يجرنا إليها جرا..

علينا ألا ننسى أن الصراع كان دوما عموديا ، وزوابع من هذا القبيل ليست سوى "إبداعات" مخزنية لتحويله إلى صراع أفقي تجني ثماره قوى الفساد والتحكم.


رسائل إلى الإخوة والأخوات في المجلس الوطني لحقوق ا لإنسان 477339files
بشرى النوري كاتبة

لكم
عبدالرحيم
عبدالرحيم

ذكر عدد الرسائل : 352
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 05/08/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى