أيها الزعيم. متى سترحل؟ / محمد بوبكري
صفحة 1 من اصل 1
أيها الزعيم. متى سترحل؟ / محمد بوبكري
يعاني "الزعيم"من "نرجسية" نجم عنها وهم الاعتقاد بأنه معصوم لا يخطئ، وأنه مٌحَصَّن ضد أي تنازل أو اعتذار، وأن مواقفه وقراراته منزَّهة عن التشكيك والنقد ولو كان منها ما يحطم الحزب والمجتمع والطبيعة... وهذا ما جعله غارقا في ممارسة الطغيان...
يعود ذلك إلى تصوره لنفسه، ولأسلوب تسلٌّطِه وللحزب الذي يٌحْكِم قبضته عليه، حيث يتوهم أنه مبعوث العناية الإلهية، وأنه الحاكم الضرورة، وبالتالي فمن حقه أن يتدخل في كل شيء. فهو العارف بالأمور كلها، ولا صواب إلا ما يرى ويقول. كما أنه يعتقد أن تناقضاته في الموقف الواحد هي عين الحكمة، وأنها تدلٌّ على براغماتيته الفائقة الذكاء. فهو الأب المتحكِّم الذي إن مات صار الحزب بعده مجرد مجموعة من الأيتام، إذ لا بديل عنه لأنه هو "الزعيم"الملهم... لذلك، فهو يبيح لنفسه تحريف المبادئ والقِيَّم والأفكار والمشاريع والتاريخ والقوانين الحزبية ليجعلها على مقاسه، ويٌخضعها لمقصِّه حسب مشيئته. أضف إلى ذلك أنه يرفض المثقفين والأطر والمناضلين، ويبذل قصارى جهده لإقصائهم وإبعادهم عن الحزب...
يعتقد "الزعيم" أن المسؤولية غنيمة. لذلك نجده يُطلق العنان لمطامعه كي يراكم المال والعقار بشكل غير مشروع، فاستولى على مالية الحزب، وأصبح لا يفصلها عن ماليته الخاصة. كما أنه صار يوظف زعامته لجني أموال خيالية مقابل قيامه بتدخلات للغير لدى مختلف الجهات والقطاعات والمؤسسات، وذلك ضدا على المبادئ والقيَّم والأخلاقيات التي يفرض القانون الالتزام بها...
وإذا تم احتساب ما استفاده "الزعيم" سنجد أن الدولة قد انتزعت منها بعض ممتلكاتها وخسرت ملايير طائلة من مستحقَّاتها بسبب ما يرتكبه من تدخلات لصالح الكثير من المفسدين، ما جعله عاجزا عن تبييض ما راكمه من أموال فاسدة... تبعا لذلك، ألا تدخل هذه الممارسات وغيرها ضمن المخالفات التي يُجَرِّمها القانون؟ ألا يشكل الإكراه السياسي من أجل الاستفادة المادية فسادا يعاقب عليه القانون؟ ألا يُعَدُّ ابتزاز المترشحين للانتخابات انحرافا عن القيم الديمقراطية؟
يدَّعي "الزعيم" أن معارضيه يكرهونه بسبب نجاحه. لكن هل تدخل ممارسة التحايل والابتزاز والوساطة اللاقانونية ضمن قِيَّم الديمقراطيين؟ ألا يشكل دخول البرلمان عبر استعمال المال الفاسد عائقا في وجه التحديث والبناء الديمقراطي؟ وهل يٌعَدٌّ كل ذلك وغيره نجاحا؟!...
علاوة على ذلك، يدرك أغلب الناس أن هذا الرجل مستبد داخل حزبه، لكنه متسوِّل خارجه، حيث إنه يٌذرف الدموع أمام من هم أقوى منه لاستدرار عطفهم بغية الحصول على المواقع والتمكن من الإثراء... لكن متى كان البكاء والنحيب والتسوُّل والتسلط محطَّ اعتزاز وفخار؟! إن هذا الشخص فقير ثقافيا وأخلاقيا، ما يشكل داءا عضالا صعب العلاج. لذلك فلا أحد من المناضلين والوطنيين يقبل أن تكون له ممتلكات هذا "الزعيم" وأمواله التي يفتخر بمراكمتها، إذ إنها مدمرة للأخلاق والمجتمع والدولة بسبب مصادرها الداخلية والخارجية غير المشروعة...
وعوض أن يفهم "الزعيم"أن صلاحيته قد انتهت لأنه يشتغل خارج القانون والتاريخ ومشروع الحزب، فإنه أراد أن يصنع لنفسه عذرية بغية الحصول على دعم الناس، فحاول أن يقدم "ذاته" بأنه أصبح ضحية مؤامرات عديدة. لكن المناضلين والمواطنين يعرفون أن ً حياته السياسية كانت كلها مليئة بالمكائد والمؤامرات ضد خصومه وأصدقائه معا. زد على ذلك، أنه لا يحمل مشروعا جادا ينافس به الآخرين ليتآمروا عليه، كما أنه فاشل تنظيميا ليقوموا بذلك ضده. وهل تُعدُّ مواجهة المناضلين والمواطنين لطغيانه وتخريبه الشامل تآمرا عليه؟ أليس السكوت عن تخريبه للحزب وغيره من المؤسسات هو في حد ذاته جريمة؟ ألا يرى في سعيه وتَحَايُلِهِ من أجل إسكات المناضلين والمواطنين مؤامرة ضد الجميع؟...
لم يستطع "الزعيم" نيل ثقة أحد بما في ذلك أغلب أتباعه الذين بدؤوا ينفضون من حوله لأنهم يعرفون جيدا أن "غضبه" نابع من وعيه بأنه لم يعد لديه أي منفذ للاستفادة من الريع، ولا لاحتلال مواقع عليا. زِد على ذلك أن الناس بدؤوا يطفئون أجهزتهم التلفزيونية كلما شاهدوه على شاشاتها، بل لقد وصل الأمر ببعضهم إلى تكسير هذه الأخيرة لأنهم لا يطيقون رؤيته من جرَّاء ما فعلت ضد الحزب والوطن والمجتمع... وإذا كان الزعيم قد دمَّر حزبه فكرا وقِيَّما وتنظيما وممارسة، فكيف يمكنه أن يكون هدفا لمؤامرة؟!!
يدَّعي "الزعيم" اليوم إشادته بعطاءات وتضحيات شهداء الحزب ورموزه. لكن، ألم يكن حتى الأمس يٌرَوِّجٌ ضدهم أنهم مجرد مغامرين ومخربين ومعتدين...!!، لكن كيف انقلب على نفسه؟! وكيف غيَّر مواقفه بين عشية وضحاها؟ وهل يتعلق الأمر بإستراتيجية جديدة؟ وما الأسباب الكامنة وراء ذلك؟ أليس ذلك مجرد تحايل يرمي من ورائه إلى الحفاظ على مصالحه الخاصة المعلومة منها والمجهولة؟...
لقد تغيَّر الزمان وتبدلت الأحوال، لكن "الزعيم"لا يفهم أن السياسة تتطلب التفكير والمراس والحكمة واختيار فن الممكن، كما لا يعي أنها فن وذوق وإلهام... فلا يُحسن التعامل مع مشاعر الناس وأحاسيسهم إلا من يمتلك ذوقا سليما ويحترم مشاعر الآخرين ويقدِّر ذكاءهم... فالسياسي الحكيم يختار كلماته ويزنها بدقة متناهية، كما تتسم تصريحاته بالهدوء والرزانة والبلاغة... لكن هذا الزعيم يصر على الفشل في كل شيء، بل حتى في لغة الكلام، ما جعل ما قاله مونتسكيوMontesquieu في حق الطاغية ينطبق عليه، حيث قال: الطاغية هو "ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمرة"، لكن يبدو أن ما يجري الآن على يد "الزعيم" ليس قطعاً للأشجار للحصول على الثمار فحسب، بل طلبا للتخريب والدمار.
يُصيب الطغيان صاحبه بعمى الألوان حتى يكاد لا يبصر ما حوله، مهما تكن الألوان فاقعة. لذلك حين أيقن "الزعيم"المُفْلِسُ أن مصيره أصبح مجهولا، خرج مُقَرَّبوه يعلنون اقتناعهم برحيله، بل يؤكدون أنه هو ذاته مستعد لذلك، وأنه يطلب فقط مخرجا غير مُذِلّ له، حيث يخاطب معارضيه على لسان هؤلاء قائلا: لكم حرية التعبير، لكم أن تؤسسوا التيارات، لكم حق المعارضة والنقد والمساءلة والمحاسبة، لكم ألا أترشح للزعامة مرة ثانية... وهذا ما جعل من يسمع هذا الكلام يشعر وكأنه أمام زين العابدين بنعلي في أيامه الأخيرة عندما قال للشعب التونسي: "فهمتكم... نعم فهمتكم"، الأمر الذي يعكس انهياره. والفهم خوفا من غضب الحزبيين والمواطنين هو عذر أقبح من زلة، إذ يدل على أنه لم يفهم، حيث إنه يراوغ ويتحايل لا غير، وذلك كسبا لمزيد من الوقت للبقاء على رأس الحزب. فلن يفهم الزعيم الطاغية أبدا لأنه مصاب بداء التكبر والانتفاخ والتآمر اعتقادا منه أنه أذكى من الناس أجمعين...
تبعا لذلك، فإن أَفْصَحَ خطاب ينبغي للحزبيين والمواطنين أن يتوجهوا به إلى هذا "الزعيم" هو أن يقولوا له على لسان الشاعر الكبير نزار قباني: متى سترحل؟.. متى سترحل؟ .. المسرح انهار على رأسك.. متى سترحل؟ والناس في القاعة يحتجون .. إنهم يصرخون، إنك حولت الحزب إلى دجاجة لك .. من بيضها الثمين تأكل، كما حولته إلى قميص عثمان، به يتاجر .. وعلى يدك أصبح ضعيفا... وهذا ما أغضب المناضلين والمواطنين، حيث يرون في استمراره على رأس الحزب قضاء مبرما عليه.
لا يمكن لِكٌرْسِي هذا "الزعيم" المستبد أن يعرف الاستقرار، لأنه لا يرى إلا ذاته، حيث إن خوفه على كرسيه يجعله يشك في الجميع ويناور ضد حزبه وكل الناس بمن في ذلك حلفاءه... ويعود ذلك إلى أنه مأخوذ بالسلطة والمال لدرجة الجنون إلى حد أنه أصبح أكثر هشاشة وقلقا وعاجزا عن ضبط أقواله وسلوكاته، فصار فجأة يُعلن مواقف تتعارض مع طبيعته وتاريخه من أجل الاستمرار في الواجهة، لكن لا قوة له، ولا أحد يُصدِّقه... وبما أن كرسيه قائم على الطغيان، فإنه لن يعرف الاستقرار أبدا. فما بُنِي على باطل فهو باطل. ولا يصح إلا الصحيح. لقد أخطأ الزعيم الحساب، وأصابه الإفلاس لأن لنهاية الاستبداد موعدا لن تُخلفه.
يعود ذلك إلى تصوره لنفسه، ولأسلوب تسلٌّطِه وللحزب الذي يٌحْكِم قبضته عليه، حيث يتوهم أنه مبعوث العناية الإلهية، وأنه الحاكم الضرورة، وبالتالي فمن حقه أن يتدخل في كل شيء. فهو العارف بالأمور كلها، ولا صواب إلا ما يرى ويقول. كما أنه يعتقد أن تناقضاته في الموقف الواحد هي عين الحكمة، وأنها تدلٌّ على براغماتيته الفائقة الذكاء. فهو الأب المتحكِّم الذي إن مات صار الحزب بعده مجرد مجموعة من الأيتام، إذ لا بديل عنه لأنه هو "الزعيم"الملهم... لذلك، فهو يبيح لنفسه تحريف المبادئ والقِيَّم والأفكار والمشاريع والتاريخ والقوانين الحزبية ليجعلها على مقاسه، ويٌخضعها لمقصِّه حسب مشيئته. أضف إلى ذلك أنه يرفض المثقفين والأطر والمناضلين، ويبذل قصارى جهده لإقصائهم وإبعادهم عن الحزب...
يعتقد "الزعيم" أن المسؤولية غنيمة. لذلك نجده يُطلق العنان لمطامعه كي يراكم المال والعقار بشكل غير مشروع، فاستولى على مالية الحزب، وأصبح لا يفصلها عن ماليته الخاصة. كما أنه صار يوظف زعامته لجني أموال خيالية مقابل قيامه بتدخلات للغير لدى مختلف الجهات والقطاعات والمؤسسات، وذلك ضدا على المبادئ والقيَّم والأخلاقيات التي يفرض القانون الالتزام بها...
وإذا تم احتساب ما استفاده "الزعيم" سنجد أن الدولة قد انتزعت منها بعض ممتلكاتها وخسرت ملايير طائلة من مستحقَّاتها بسبب ما يرتكبه من تدخلات لصالح الكثير من المفسدين، ما جعله عاجزا عن تبييض ما راكمه من أموال فاسدة... تبعا لذلك، ألا تدخل هذه الممارسات وغيرها ضمن المخالفات التي يُجَرِّمها القانون؟ ألا يشكل الإكراه السياسي من أجل الاستفادة المادية فسادا يعاقب عليه القانون؟ ألا يُعَدُّ ابتزاز المترشحين للانتخابات انحرافا عن القيم الديمقراطية؟
يدَّعي "الزعيم" أن معارضيه يكرهونه بسبب نجاحه. لكن هل تدخل ممارسة التحايل والابتزاز والوساطة اللاقانونية ضمن قِيَّم الديمقراطيين؟ ألا يشكل دخول البرلمان عبر استعمال المال الفاسد عائقا في وجه التحديث والبناء الديمقراطي؟ وهل يٌعَدٌّ كل ذلك وغيره نجاحا؟!...
علاوة على ذلك، يدرك أغلب الناس أن هذا الرجل مستبد داخل حزبه، لكنه متسوِّل خارجه، حيث إنه يٌذرف الدموع أمام من هم أقوى منه لاستدرار عطفهم بغية الحصول على المواقع والتمكن من الإثراء... لكن متى كان البكاء والنحيب والتسوُّل والتسلط محطَّ اعتزاز وفخار؟! إن هذا الشخص فقير ثقافيا وأخلاقيا، ما يشكل داءا عضالا صعب العلاج. لذلك فلا أحد من المناضلين والوطنيين يقبل أن تكون له ممتلكات هذا "الزعيم" وأمواله التي يفتخر بمراكمتها، إذ إنها مدمرة للأخلاق والمجتمع والدولة بسبب مصادرها الداخلية والخارجية غير المشروعة...
وعوض أن يفهم "الزعيم"أن صلاحيته قد انتهت لأنه يشتغل خارج القانون والتاريخ ومشروع الحزب، فإنه أراد أن يصنع لنفسه عذرية بغية الحصول على دعم الناس، فحاول أن يقدم "ذاته" بأنه أصبح ضحية مؤامرات عديدة. لكن المناضلين والمواطنين يعرفون أن ً حياته السياسية كانت كلها مليئة بالمكائد والمؤامرات ضد خصومه وأصدقائه معا. زد على ذلك، أنه لا يحمل مشروعا جادا ينافس به الآخرين ليتآمروا عليه، كما أنه فاشل تنظيميا ليقوموا بذلك ضده. وهل تُعدُّ مواجهة المناضلين والمواطنين لطغيانه وتخريبه الشامل تآمرا عليه؟ أليس السكوت عن تخريبه للحزب وغيره من المؤسسات هو في حد ذاته جريمة؟ ألا يرى في سعيه وتَحَايُلِهِ من أجل إسكات المناضلين والمواطنين مؤامرة ضد الجميع؟...
لم يستطع "الزعيم" نيل ثقة أحد بما في ذلك أغلب أتباعه الذين بدؤوا ينفضون من حوله لأنهم يعرفون جيدا أن "غضبه" نابع من وعيه بأنه لم يعد لديه أي منفذ للاستفادة من الريع، ولا لاحتلال مواقع عليا. زِد على ذلك أن الناس بدؤوا يطفئون أجهزتهم التلفزيونية كلما شاهدوه على شاشاتها، بل لقد وصل الأمر ببعضهم إلى تكسير هذه الأخيرة لأنهم لا يطيقون رؤيته من جرَّاء ما فعلت ضد الحزب والوطن والمجتمع... وإذا كان الزعيم قد دمَّر حزبه فكرا وقِيَّما وتنظيما وممارسة، فكيف يمكنه أن يكون هدفا لمؤامرة؟!!
يدَّعي "الزعيم" اليوم إشادته بعطاءات وتضحيات شهداء الحزب ورموزه. لكن، ألم يكن حتى الأمس يٌرَوِّجٌ ضدهم أنهم مجرد مغامرين ومخربين ومعتدين...!!، لكن كيف انقلب على نفسه؟! وكيف غيَّر مواقفه بين عشية وضحاها؟ وهل يتعلق الأمر بإستراتيجية جديدة؟ وما الأسباب الكامنة وراء ذلك؟ أليس ذلك مجرد تحايل يرمي من ورائه إلى الحفاظ على مصالحه الخاصة المعلومة منها والمجهولة؟...
لقد تغيَّر الزمان وتبدلت الأحوال، لكن "الزعيم"لا يفهم أن السياسة تتطلب التفكير والمراس والحكمة واختيار فن الممكن، كما لا يعي أنها فن وذوق وإلهام... فلا يُحسن التعامل مع مشاعر الناس وأحاسيسهم إلا من يمتلك ذوقا سليما ويحترم مشاعر الآخرين ويقدِّر ذكاءهم... فالسياسي الحكيم يختار كلماته ويزنها بدقة متناهية، كما تتسم تصريحاته بالهدوء والرزانة والبلاغة... لكن هذا الزعيم يصر على الفشل في كل شيء، بل حتى في لغة الكلام، ما جعل ما قاله مونتسكيوMontesquieu في حق الطاغية ينطبق عليه، حيث قال: الطاغية هو "ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمرة"، لكن يبدو أن ما يجري الآن على يد "الزعيم" ليس قطعاً للأشجار للحصول على الثمار فحسب، بل طلبا للتخريب والدمار.
يُصيب الطغيان صاحبه بعمى الألوان حتى يكاد لا يبصر ما حوله، مهما تكن الألوان فاقعة. لذلك حين أيقن "الزعيم"المُفْلِسُ أن مصيره أصبح مجهولا، خرج مُقَرَّبوه يعلنون اقتناعهم برحيله، بل يؤكدون أنه هو ذاته مستعد لذلك، وأنه يطلب فقط مخرجا غير مُذِلّ له، حيث يخاطب معارضيه على لسان هؤلاء قائلا: لكم حرية التعبير، لكم أن تؤسسوا التيارات، لكم حق المعارضة والنقد والمساءلة والمحاسبة، لكم ألا أترشح للزعامة مرة ثانية... وهذا ما جعل من يسمع هذا الكلام يشعر وكأنه أمام زين العابدين بنعلي في أيامه الأخيرة عندما قال للشعب التونسي: "فهمتكم... نعم فهمتكم"، الأمر الذي يعكس انهياره. والفهم خوفا من غضب الحزبيين والمواطنين هو عذر أقبح من زلة، إذ يدل على أنه لم يفهم، حيث إنه يراوغ ويتحايل لا غير، وذلك كسبا لمزيد من الوقت للبقاء على رأس الحزب. فلن يفهم الزعيم الطاغية أبدا لأنه مصاب بداء التكبر والانتفاخ والتآمر اعتقادا منه أنه أذكى من الناس أجمعين...
تبعا لذلك، فإن أَفْصَحَ خطاب ينبغي للحزبيين والمواطنين أن يتوجهوا به إلى هذا "الزعيم" هو أن يقولوا له على لسان الشاعر الكبير نزار قباني: متى سترحل؟.. متى سترحل؟ .. المسرح انهار على رأسك.. متى سترحل؟ والناس في القاعة يحتجون .. إنهم يصرخون، إنك حولت الحزب إلى دجاجة لك .. من بيضها الثمين تأكل، كما حولته إلى قميص عثمان، به يتاجر .. وعلى يدك أصبح ضعيفا... وهذا ما أغضب المناضلين والمواطنين، حيث يرون في استمراره على رأس الحزب قضاء مبرما عليه.
لا يمكن لِكٌرْسِي هذا "الزعيم" المستبد أن يعرف الاستقرار، لأنه لا يرى إلا ذاته، حيث إن خوفه على كرسيه يجعله يشك في الجميع ويناور ضد حزبه وكل الناس بمن في ذلك حلفاءه... ويعود ذلك إلى أنه مأخوذ بالسلطة والمال لدرجة الجنون إلى حد أنه أصبح أكثر هشاشة وقلقا وعاجزا عن ضبط أقواله وسلوكاته، فصار فجأة يُعلن مواقف تتعارض مع طبيعته وتاريخه من أجل الاستمرار في الواجهة، لكن لا قوة له، ولا أحد يُصدِّقه... وبما أن كرسيه قائم على الطغيان، فإنه لن يعرف الاستقرار أبدا. فما بُنِي على باطل فهو باطل. ولا يصح إلا الصحيح. لقد أخطأ الزعيم الحساب، وأصابه الإفلاس لأن لنهاية الاستبداد موعدا لن تُخلفه.
منصور- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 1943
العمر : 44
Localisation : loin du bled
تاريخ التسجيل : 07/05/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى