كــــأس مــن رمـــــاد / محمد علي الرباوي
صفحة 1 من اصل 1
كــــأس مــن رمـــــاد / محمد علي الرباوي
قَتَلْتُكِ حِينَ فَتَحْتُ لِعَيْنَيْكِ هَوْدَجَ قَلْبِي فَقُلْتُ ٱدْخُلِي فَدَخَلْتِ وَكَانَ الدُّخُولُ بِدَايَةَ قَتْلِكِ. قُلْتُ ٱفْتَحِي لِي حَدِيقَةَ قَلْبِكِ لَمْ يُقْعِ وَحْشٌ بِبَابِ الْحَدِيقَةِ كَانَتْ طُيُورِي تَحُطُّ عَلَى شَجَرِ التِّينِ تَنْثُرُ أَشْجَانَهَا فِي شَوارِعِ ذَاتِي..وَتَشْدُو. وَكَانَ ٱلنَّشِيدُ بِدَايَةَ قَتْلِكِ مَا كُنْتُ وَحْدِي الَّذِي حَمَلَ السَّيْفَ وَالنَّطْعَ فِي وَجْهِكِ العَذْبِ. شارَكَنِي قَدَحَ الذَّنْبِ يَا وَرْدَتِي غَيْمَةٌ فَاسِقَهْ.
****
لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ ذَاتَ يَوْمٍ لِعَطْفِكِ نِلْتُ
وَإِلَى نَبْعِ ذَاكَ الْمَقَامِ وَصَلْتُ
أَنَا وَحْدِي
بِهَذَا الوُجُودِ الْمُلَوْلَبِ أَحْبَبْتُ ثُمَّ قَتَلْتُ
هِيَ ذَاتِي تُبَجِّلُ ذَاتِي
غَلاَئِلُهَا أَمَرَتْ فَأَطَعْتُ
وَلَيْتِي عَدَلْتُ
****
أَيَّتُهَا الظَّبْيَةُ...
كُلَّ سَاعَةٍ يَزْدَادُ عُمْرِي ٱتِّسَاعَا
أَزْدَادُ فِي أَدْغالِ أَحْزَانِي ضَيَاعَا
أَنْتِ هُنَا بَيْنَ رِمَالِ الدَّارِ تَرْسُمِينَ حَوْلِي فَرْحَةً تَنْثُرُ فِي قَلْبِي ٱلْجِرَاحَ ٱبْتَسِمِي. حِينَ أَراكِ تَبْسِمِينَ مِثْلَمَا يَبْتَسِمُ القَرنْفُلُ الْجَمِيلُ لِلصَّبَاحِ تَجْتَاحُ ضُلُوعِي رَغْبَةٌ فِي وَصْلَةٍ لِلْحُزْنِ وَالْبُكَا. تُطِلُّ مِنْ عُيُونِي فِي ٱحْتِشَامٍ قَطْرَةٌ. وَقَطْرَةٌ تَظَلُّ جَمْرَةً بِدَاخِلِي تُحَدِّقِينَ فِي أَشْجَارِ وَجْهِي: لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ لِلدَّمْعِ. فَـﭑبْسِمِي. ٱبْسِمِي فَرُبَّمَا تَهْجُرُ ذَاتِي الكِبْرِيَاءُ ثُمَّ فِي أَغْوَارِ قَلْبِي يَتَفَجَّرُ البُكَاءُ
****
تَكْبُرُ فَرْحَتُكِ الْمُخْضَرَّهْ
حِينَ يَرُشُّ الأَهْلُ
-وَمَا هُمْ لَكِ أَهْلُ-
جَدْوَلَكِ البَاسِمَ بِالدِّفْءِ فَتَشْتَعِلُ
أَقْمَارُ الْحُزْنِ بِهَيْكَلِ ذَاتِي الْمُرَّهْ
هَلْ يَفْرَحُ غُصْنٌ مَقْطُوعٌ مِنْ شَجَرَهْ
****
حَسِبْتُ الأَهْلَ لَمَّا أَجَّ وَقْدُ البِيدِ أَشْجَارَا
فَقُلْتُ لِهَذِهِ الوَجْنَاءِ:
غُذِّي السَّيْرَ إِنَّ أَمَامَنَا عُشْباً وَأَطْيَارَا
وَلَكِنْ حِينَمَا أَلْقَيْتُ رَحْلِي عِنْدَما لاَحَتْ مَضَارِبُهُمْ
كِلاَبُهُمُ ٱرْتَمَتْ غَضْبَى عَلَيَّ وَأَضْرَمَتْ نَارَا
فَيا لَيْتِي إِلَى قَوْمٍ سِوَاهُمْ مِلْتُ
أَوْ لِي دُونَهُمْ أَهْلُونَ: أَشْجَارٌ..وَأَطْيَارٌ..وَعَرْفَاءٌ ..
لَهَا قَلْبٌ تُخَبِّئُ حُبَّنَا فِيهِ وَأَسْرَارَا
(...........................)
حَالُكِ أَشْبَهَتْ حَالِي: كِلاَنَا مُفْرَدٌ كَالنَّاقَةِ الْجَرْبَاءِ
بَيْنَ مَجَاهِلِ الصَّحْرَاءِ لاَ أَهْلاً وَلاَ دَارَا
رَمَى شَجَرُ الأَرَاكِ عَلَى الثَّرَى
غُصْنَيْنِ فَالْتَفَّا وَصَارَا غَابَةً تَأْوِي عَصَافِيراً وَأَنْهَارَا
****
أَحْمِلُ فَوْقِي جَسَدِي، وَأَجُوبُ بِهِ طُرُقَاتِ مَدِينَتِـيَ ٱلشَّهْبَاءِ. وَحِينَ يَدِبُّ الْمَلَلُ القَارِسُ فِي غابَةِ ذَاتِي، أُلْقِي جَسَدِي ٱلْمُنْهَارَ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْمَقْهَى (تَنْبُتُ كَالفُطْرِ مَقَاهِي وَجْدَةَ حَيْثُ تَظَلُّ إِلَى مَا بَعْدَ أَذَانِ الفَجْرِ مُفَتَّحَةَ الأَبْوَابِ وَتَبْقَى مُغْلَقَةَ ٱلأَبْوَابِ مَسَاجِدُ هَذِي القَرْيَةِ. كَيْفَ يَزُورُ النُّورُ خَرَائِبَ هَذَا ٱلقَلْبِ وَمَا زَالَ أَسِيرَ الصَّدَإِ الْمَسْنُونِ. بَعِيدٌ هَذَا الْمَسْجِدُ يَا قَلْبِي وَقَرِيبٌ ذَاكَ الْمَقْهَى الفَرْحَانُ فَأَلْقِ بِجُثَّتِكَ الْحَمْرَاءِ وَسَافِرْ عَبْرَ مَوَاوِيلِ الزُّبَنَاءْ)
مُرَّةٌ قَهْوَتِي..
مُرَّةٌ..كَمَرَارَةِ هَذَا الفَرَحْ
مُرَّةٌ..كَمَرَارَةِ هَذَا الشَّبَحْ
وَهْوَ يَلْتَفُّ حَوْلَ حَدَائِقِ عَيْنَيْكِ
هَذَا الصَّبَاحَ
وَقَدْ تَوَّجَتْكِ جُمُوعُ الظِّبَاءِ
مُرَّةٌ..هَذِهِ الكَأْسُ تَشْرَبُنِي جُرْعَةً..جُرْعَةً..وَتَشُمُّ حَصَى جَسَدِي الْمُرِّ هَلْ هَذِهِ الكَأْسُ مِنْ وَشْوَشَاتِ رَمَادِكِ أَمْ مِنْ رَمَادِي
مُرَّةٌ قَهْوَتِي. كَمَرَارَةِ هَذَا الرَّمَادِ أُحَدِّقُ فِيهَا قَلِيلاً فَتَخْرُجُ مِنْ كَأْسِهَا ظَبْيَةٌ يَرْقُصُ البَرْدُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا. عَجَباً هَذِهِ الكَأْسُ دَافِئَةٌ دِفْءَ هَذِي الْحَدِيقَةِ إِنِّي أَرَى ظَبْيَتِي صُحْبَةَ الْحَيَوَانَاتِ تَرْتَعُ جَذْلَى. أَرَاهَا تَشُمُّ رِمَالَ الْحَدِيقَةِ تُدْرِكُ أَنَّ الرِّمَالَ ٱصْطِنَاعِيَةٌ فَتُحَدِّقُ فِيَّ طَوِيلاً تُحَدِّقُ ثُمَّتَ تَخْرُجُ بَحْثاً عَنِ الشِّيحِ. يَرْفُضُهَا شَجَرُ الصَّحَرَاءِ. عَصَافِيرُها، وَحَشَائِشُهَا. هَا تَعُودُ لِتَلْقَى الْحَدِيقَةَ مَلْفُوفَةً بِصَقِيعٍ رَهِيبٍ. تَعُودُ وَفِي صَدْرِهَا أَزْهَرَتْ مُدْيَةٌ، بَصَمَاتِي عَلَيْهَا. أَنَا قَاتِلٌ وَقَتِيلٌ. أَصِيحُ فَتَرْتَجِفُ الْكَأْسُ تَنْخَرُّ مَكْسُورَةً فَوْقَ مَائِدَتِي ثُمَّ أَصْحُو لِأُدْرِكَ أَنَّ الشَّرَابَ الَّذِي كَانَتِ الكَأْسُ تَزْهُو بِهِ لَمْ يَكُنْ قَهْوَةً كَانَ مَا بِقَرارَتِهَا دَمَكِ السَّلْسَبِيلاَ.
.......................................................
أَنْتَ قَرِيبٌ يَا رَبِّ
وَلَكِنْ عَنَّا أَبْعَدَكَ الْحُكَّامُ الفُجَّارُ
حِينَ تَأَجَّجَ نُورُكَ فِينَا
كَانَ الفَارُوقُ وَنَحْنُ الأَنْصَارُ
حِينَ تَحَجَّرَتِ الأَطْيَارُ بِدَاخِلِنَا رَفَضَتْنَا هَذِي الأَشْجَارُ
فَخَلَعْنَا الفَارُوقَ وَنَصَّبْنَا الْحَجَّاجَ وَدُبِّجَتِ الأَشْعَارُ:
يَا حَجَّاجُ تَسَكَّعْ بِعَوَاصِمِنَا الْمُنْهَارَةِ
أَنْتَ تَشَاءُ وَلَيْس الأَقْدَارُ
لَكَ فِينَا الْحُكْمُ الشَّاسِعُ فَاحْكُمْ
أَنْتَ الوَاحِدُ أَنْتَ القَهَّارُ
سُبْحَانَكَ رَبِّي...
مَا بَعُدَتْ أَنْوَارُكَ لَكِنْ جَرَفتْنَا الأَنْهَارُ
سُبْحَانَكَ..أَنْتَ وَهَبْتَ يَدَيْنِ لِنَطْلُبَ خَيْرَكَ
حِينَ تَغِيبُ الأَمْطَارُ
لَمْ نَرْفَعْ يَارَبِّ يَدَيْنَا طَلَباً عَوْنَكَ
لَكِنْ بِهِمَا نَحْنُ نَحَتْنَا أَحْجَاراً فَاسْتَعْبَدَنَا الأَحْجَارُ
أَحْبَبْنَا..وَقَتَلْنَا.. ضِدَّانِ ٱلْتَهَبَا بِمَدَائِنِ هَذَا الإِنْسَانِ
فَكَانَ الذُّلُّ وَكَانَ العَارُ
سُبْحَانَكَ رَبِّي..
تَقْدِرُ أَنْ تُدْرِكَ هَذَا البَحَّارَ بِأَنْوَارِكَ
هَلْ سَيَعُودُ سَلِيماً مِنْ رِحْلَتِهِ البَحَّارُ
****
يَا ظَبْيَةً تُحْرِقُ قَرْنَيْهَا شُمُوسُ هَذِهِ البَيْدَاءِ
اِبْتَسِمِي فَرُبَّمَا تَهْجُرُ ذَاتِي كِبْرِيَائِي
ثُمَّتَ أَسْتَسْلِمُ سِرًّا لِلْبُكَاءِ وَلِلدُّعَاءِ
اِبْتَسِمي.. فَحِينَمَا تَبْتَسِمِينَ كَاللَّظَى
أُدْرِكُ ضَعْفِي وَحَقِيقَتِي
فَأَسْتَسْلِمُ كَالطِّفْلِ لِزَهْرَةِ الْبُكَاءِ
هِيَ الدُّمُوعُ جَمْرَةٌ
تُدْنِي الْفُؤَادَ مِنْ مَقَامِ الشَّوْقِ وَالرَّجَاءِ
اِبْتَسِمي حَتَّى أَهُزَّنِي فَتَسَّاقَطَ أَحْجَارِي
وَيَصْفُو جَسَدِي تَرِقُّ نَفْسِي
ثُمَّ أَرْتَمِي كََهَذَا البَحْرِ فِي جَمْرِ الصَّلاَهْ
كُونِي دَليلِي مَرَّةً إِلَى الصَّلاَهْ
وَأَخْرِجِي سَفينَتِي مِنْ ثَبَجِ الفَلاَهْ
كُونِي دَليلِي وَٱجْعَلِي مِصْبَاحَ قَلْبِي
يَسْتَمِدُّ مِنْ عُيونِكِ الضِّيَاءْ
كُونِي إِلَى النُّورِ دَلِيلِي
كَمْ إِلَى حَضْرَتِهِ سَعَيْتُ
عَلَّنِي أَغُوصُ فِي بَنَفْسَجِ الفَنَاءْ
لَكَمْ سَعَيْتُ مَا ٱحْتَرَقْتُ كَالفَرَاشِ
ضَائِعٌ أَنَا
وَلَكِنْ لاَ يَزَالُ القَلْبُ كُلَّ مَرَّةٍ
يَطْرُقُ أَبْوَابَ الرَّجَاءْ
________________________________
وجدة: 20/6/1989
****
لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ ذَاتَ يَوْمٍ لِعَطْفِكِ نِلْتُ
وَإِلَى نَبْعِ ذَاكَ الْمَقَامِ وَصَلْتُ
أَنَا وَحْدِي
بِهَذَا الوُجُودِ الْمُلَوْلَبِ أَحْبَبْتُ ثُمَّ قَتَلْتُ
هِيَ ذَاتِي تُبَجِّلُ ذَاتِي
غَلاَئِلُهَا أَمَرَتْ فَأَطَعْتُ
وَلَيْتِي عَدَلْتُ
****
أَيَّتُهَا الظَّبْيَةُ...
كُلَّ سَاعَةٍ يَزْدَادُ عُمْرِي ٱتِّسَاعَا
أَزْدَادُ فِي أَدْغالِ أَحْزَانِي ضَيَاعَا
أَنْتِ هُنَا بَيْنَ رِمَالِ الدَّارِ تَرْسُمِينَ حَوْلِي فَرْحَةً تَنْثُرُ فِي قَلْبِي ٱلْجِرَاحَ ٱبْتَسِمِي. حِينَ أَراكِ تَبْسِمِينَ مِثْلَمَا يَبْتَسِمُ القَرنْفُلُ الْجَمِيلُ لِلصَّبَاحِ تَجْتَاحُ ضُلُوعِي رَغْبَةٌ فِي وَصْلَةٍ لِلْحُزْنِ وَالْبُكَا. تُطِلُّ مِنْ عُيُونِي فِي ٱحْتِشَامٍ قَطْرَةٌ. وَقَطْرَةٌ تَظَلُّ جَمْرَةً بِدَاخِلِي تُحَدِّقِينَ فِي أَشْجَارِ وَجْهِي: لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ لِلدَّمْعِ. فَـﭑبْسِمِي. ٱبْسِمِي فَرُبَّمَا تَهْجُرُ ذَاتِي الكِبْرِيَاءُ ثُمَّ فِي أَغْوَارِ قَلْبِي يَتَفَجَّرُ البُكَاءُ
****
تَكْبُرُ فَرْحَتُكِ الْمُخْضَرَّهْ
حِينَ يَرُشُّ الأَهْلُ
-وَمَا هُمْ لَكِ أَهْلُ-
جَدْوَلَكِ البَاسِمَ بِالدِّفْءِ فَتَشْتَعِلُ
أَقْمَارُ الْحُزْنِ بِهَيْكَلِ ذَاتِي الْمُرَّهْ
هَلْ يَفْرَحُ غُصْنٌ مَقْطُوعٌ مِنْ شَجَرَهْ
****
حَسِبْتُ الأَهْلَ لَمَّا أَجَّ وَقْدُ البِيدِ أَشْجَارَا
فَقُلْتُ لِهَذِهِ الوَجْنَاءِ:
غُذِّي السَّيْرَ إِنَّ أَمَامَنَا عُشْباً وَأَطْيَارَا
وَلَكِنْ حِينَمَا أَلْقَيْتُ رَحْلِي عِنْدَما لاَحَتْ مَضَارِبُهُمْ
كِلاَبُهُمُ ٱرْتَمَتْ غَضْبَى عَلَيَّ وَأَضْرَمَتْ نَارَا
فَيا لَيْتِي إِلَى قَوْمٍ سِوَاهُمْ مِلْتُ
أَوْ لِي دُونَهُمْ أَهْلُونَ: أَشْجَارٌ..وَأَطْيَارٌ..وَعَرْفَاءٌ ..
لَهَا قَلْبٌ تُخَبِّئُ حُبَّنَا فِيهِ وَأَسْرَارَا
(...........................)
حَالُكِ أَشْبَهَتْ حَالِي: كِلاَنَا مُفْرَدٌ كَالنَّاقَةِ الْجَرْبَاءِ
بَيْنَ مَجَاهِلِ الصَّحْرَاءِ لاَ أَهْلاً وَلاَ دَارَا
رَمَى شَجَرُ الأَرَاكِ عَلَى الثَّرَى
غُصْنَيْنِ فَالْتَفَّا وَصَارَا غَابَةً تَأْوِي عَصَافِيراً وَأَنْهَارَا
****
أَحْمِلُ فَوْقِي جَسَدِي، وَأَجُوبُ بِهِ طُرُقَاتِ مَدِينَتِـيَ ٱلشَّهْبَاءِ. وَحِينَ يَدِبُّ الْمَلَلُ القَارِسُ فِي غابَةِ ذَاتِي، أُلْقِي جَسَدِي ٱلْمُنْهَارَ بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْمَقْهَى (تَنْبُتُ كَالفُطْرِ مَقَاهِي وَجْدَةَ حَيْثُ تَظَلُّ إِلَى مَا بَعْدَ أَذَانِ الفَجْرِ مُفَتَّحَةَ الأَبْوَابِ وَتَبْقَى مُغْلَقَةَ ٱلأَبْوَابِ مَسَاجِدُ هَذِي القَرْيَةِ. كَيْفَ يَزُورُ النُّورُ خَرَائِبَ هَذَا ٱلقَلْبِ وَمَا زَالَ أَسِيرَ الصَّدَإِ الْمَسْنُونِ. بَعِيدٌ هَذَا الْمَسْجِدُ يَا قَلْبِي وَقَرِيبٌ ذَاكَ الْمَقْهَى الفَرْحَانُ فَأَلْقِ بِجُثَّتِكَ الْحَمْرَاءِ وَسَافِرْ عَبْرَ مَوَاوِيلِ الزُّبَنَاءْ)
مُرَّةٌ قَهْوَتِي..
مُرَّةٌ..كَمَرَارَةِ هَذَا الفَرَحْ
مُرَّةٌ..كَمَرَارَةِ هَذَا الشَّبَحْ
وَهْوَ يَلْتَفُّ حَوْلَ حَدَائِقِ عَيْنَيْكِ
هَذَا الصَّبَاحَ
وَقَدْ تَوَّجَتْكِ جُمُوعُ الظِّبَاءِ
مُرَّةٌ..هَذِهِ الكَأْسُ تَشْرَبُنِي جُرْعَةً..جُرْعَةً..وَتَشُمُّ حَصَى جَسَدِي الْمُرِّ هَلْ هَذِهِ الكَأْسُ مِنْ وَشْوَشَاتِ رَمَادِكِ أَمْ مِنْ رَمَادِي
مُرَّةٌ قَهْوَتِي. كَمَرَارَةِ هَذَا الرَّمَادِ أُحَدِّقُ فِيهَا قَلِيلاً فَتَخْرُجُ مِنْ كَأْسِهَا ظَبْيَةٌ يَرْقُصُ البَرْدُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا. عَجَباً هَذِهِ الكَأْسُ دَافِئَةٌ دِفْءَ هَذِي الْحَدِيقَةِ إِنِّي أَرَى ظَبْيَتِي صُحْبَةَ الْحَيَوَانَاتِ تَرْتَعُ جَذْلَى. أَرَاهَا تَشُمُّ رِمَالَ الْحَدِيقَةِ تُدْرِكُ أَنَّ الرِّمَالَ ٱصْطِنَاعِيَةٌ فَتُحَدِّقُ فِيَّ طَوِيلاً تُحَدِّقُ ثُمَّتَ تَخْرُجُ بَحْثاً عَنِ الشِّيحِ. يَرْفُضُهَا شَجَرُ الصَّحَرَاءِ. عَصَافِيرُها، وَحَشَائِشُهَا. هَا تَعُودُ لِتَلْقَى الْحَدِيقَةَ مَلْفُوفَةً بِصَقِيعٍ رَهِيبٍ. تَعُودُ وَفِي صَدْرِهَا أَزْهَرَتْ مُدْيَةٌ، بَصَمَاتِي عَلَيْهَا. أَنَا قَاتِلٌ وَقَتِيلٌ. أَصِيحُ فَتَرْتَجِفُ الْكَأْسُ تَنْخَرُّ مَكْسُورَةً فَوْقَ مَائِدَتِي ثُمَّ أَصْحُو لِأُدْرِكَ أَنَّ الشَّرَابَ الَّذِي كَانَتِ الكَأْسُ تَزْهُو بِهِ لَمْ يَكُنْ قَهْوَةً كَانَ مَا بِقَرارَتِهَا دَمَكِ السَّلْسَبِيلاَ.
.......................................................
أَنْتَ قَرِيبٌ يَا رَبِّ
وَلَكِنْ عَنَّا أَبْعَدَكَ الْحُكَّامُ الفُجَّارُ
حِينَ تَأَجَّجَ نُورُكَ فِينَا
كَانَ الفَارُوقُ وَنَحْنُ الأَنْصَارُ
حِينَ تَحَجَّرَتِ الأَطْيَارُ بِدَاخِلِنَا رَفَضَتْنَا هَذِي الأَشْجَارُ
فَخَلَعْنَا الفَارُوقَ وَنَصَّبْنَا الْحَجَّاجَ وَدُبِّجَتِ الأَشْعَارُ:
يَا حَجَّاجُ تَسَكَّعْ بِعَوَاصِمِنَا الْمُنْهَارَةِ
أَنْتَ تَشَاءُ وَلَيْس الأَقْدَارُ
لَكَ فِينَا الْحُكْمُ الشَّاسِعُ فَاحْكُمْ
أَنْتَ الوَاحِدُ أَنْتَ القَهَّارُ
سُبْحَانَكَ رَبِّي...
مَا بَعُدَتْ أَنْوَارُكَ لَكِنْ جَرَفتْنَا الأَنْهَارُ
سُبْحَانَكَ..أَنْتَ وَهَبْتَ يَدَيْنِ لِنَطْلُبَ خَيْرَكَ
حِينَ تَغِيبُ الأَمْطَارُ
لَمْ نَرْفَعْ يَارَبِّ يَدَيْنَا طَلَباً عَوْنَكَ
لَكِنْ بِهِمَا نَحْنُ نَحَتْنَا أَحْجَاراً فَاسْتَعْبَدَنَا الأَحْجَارُ
أَحْبَبْنَا..وَقَتَلْنَا.. ضِدَّانِ ٱلْتَهَبَا بِمَدَائِنِ هَذَا الإِنْسَانِ
فَكَانَ الذُّلُّ وَكَانَ العَارُ
سُبْحَانَكَ رَبِّي..
تَقْدِرُ أَنْ تُدْرِكَ هَذَا البَحَّارَ بِأَنْوَارِكَ
هَلْ سَيَعُودُ سَلِيماً مِنْ رِحْلَتِهِ البَحَّارُ
****
يَا ظَبْيَةً تُحْرِقُ قَرْنَيْهَا شُمُوسُ هَذِهِ البَيْدَاءِ
اِبْتَسِمِي فَرُبَّمَا تَهْجُرُ ذَاتِي كِبْرِيَائِي
ثُمَّتَ أَسْتَسْلِمُ سِرًّا لِلْبُكَاءِ وَلِلدُّعَاءِ
اِبْتَسِمي.. فَحِينَمَا تَبْتَسِمِينَ كَاللَّظَى
أُدْرِكُ ضَعْفِي وَحَقِيقَتِي
فَأَسْتَسْلِمُ كَالطِّفْلِ لِزَهْرَةِ الْبُكَاءِ
هِيَ الدُّمُوعُ جَمْرَةٌ
تُدْنِي الْفُؤَادَ مِنْ مَقَامِ الشَّوْقِ وَالرَّجَاءِ
اِبْتَسِمي حَتَّى أَهُزَّنِي فَتَسَّاقَطَ أَحْجَارِي
وَيَصْفُو جَسَدِي تَرِقُّ نَفْسِي
ثُمَّ أَرْتَمِي كََهَذَا البَحْرِ فِي جَمْرِ الصَّلاَهْ
كُونِي دَليلِي مَرَّةً إِلَى الصَّلاَهْ
وَأَخْرِجِي سَفينَتِي مِنْ ثَبَجِ الفَلاَهْ
كُونِي دَليلِي وَٱجْعَلِي مِصْبَاحَ قَلْبِي
يَسْتَمِدُّ مِنْ عُيونِكِ الضِّيَاءْ
كُونِي إِلَى النُّورِ دَلِيلِي
كَمْ إِلَى حَضْرَتِهِ سَعَيْتُ
عَلَّنِي أَغُوصُ فِي بَنَفْسَجِ الفَنَاءْ
لَكَمْ سَعَيْتُ مَا ٱحْتَرَقْتُ كَالفَرَاشِ
ضَائِعٌ أَنَا
وَلَكِنْ لاَ يَزَالُ القَلْبُ كُلَّ مَرَّةٍ
يَطْرُقُ أَبْوَابَ الرَّجَاءْ
________________________________
وجدة: 20/6/1989
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» الرؤوس / محمد علي الرباوي / محمد علي الرباوي
» الــــتّـــهْـــمَــــة / محمد علي الرباوي
» الـــمَــقــــهــــى / محمد علي الرباوي
» المُــتــمَــــرِّد / محمد علي الرباوي
» الــــتّـــهْـــمَــــة / محمد علي الرباوي
» الــــتّـــهْـــمَــــة / محمد علي الرباوي
» الـــمَــقــــهــــى / محمد علي الرباوي
» المُــتــمَــــرِّد / محمد علي الرباوي
» الــــتّـــهْـــمَــــة / محمد علي الرباوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى