شيء .. يشبه الشعر / مصطفى الشليح
صفحة 1 من اصل 1
شيء .. يشبه الشعر / مصطفى الشليح
شيء .. يشبه الشعر:
شاعرٌ يتذكَّرُ أنَّ الكلامَ يسيرُ إلى موجةِ النَّهر منذُ التفات المكان إلى النَّهر يغسلُ أقدامَه اللُّغويَّةَ بالفجر، منذُ انتباه العَصافير للشَّدو في مقلةِ الكلم الطيِّبِ المتعالي، ومنذُ اكتفائيَ بالنَّبر شكوى إلى نقطةٍ لمْ تزلْ تترنَّحُ بالسَّطر. مَنْ يتذكَّرُ شاعرَه والمراكبُ تجري إلى مُستقرٍّ من الأمر ؟ ومَنْ راكبٌ ؟ ثمَّ مَنْ خاطبٌ ودَّ هذي المسافاتِ بالقيد والنير؟ مَرَّ المُعزُّون قدَّام عينيَ. يشتعلُ الوقتُ بالدَّمع. لا وقتَ للجَمع بيني وبيني. أرى شمعةً تتوجَّعُ عندَ كلام الرِّياح إلى العُمر. تلكَ ذُبالتُها تنحني ليَمرَّ إلى الجمر قلبي، وهذي ذُؤابتُها تختفي، مُترنحةً، عنْ يديَّ وعنْ وجهتي، والطَّريقُ همى شائكا. كانَ في جبتي فاتكا وأنا كنتُ في خطوتي هالكا. لمْ أكن سالكا غيرَ قلبي على موجة للحنين استبدَّتْ بقلبيَ. ألقى الحنينُ إليَّ اكتفائيَ بالجزر. مدٌّ هناكَ ولستُ أراه. يدايَ سرابٌ ورملٌ يدايَ وصحراءُ مروحةُ العُمر. أدخلُ في عتمةِ الصَّحو. أدخلُ في أول اللَّغو. أدني المَحارةَ منْ شفةِ النَّهر يا زبدا أتلقَّفُه فإذا بعَصاي تهشُّ على مُهرة للجراح، ولي بالجراح يدٌ سوفتني الذي كانَ في عبق الياسمين إذا أتلفَتني وما قطفَتني سًؤالا لقلبيَ عنْ قلبيَ المختفي في خُطايَ، مُخاطبةً، ما خُطاي تُدبِّرُ لي منْ شركٍ في الطَّريق. أهزُّ صباحيَ منْ زرقة الكلماتِ حماما. بكى، في يديَّ، الصَّباحُ وبينَ يديَّ شكاة الحمام إليَّ هديلٌ توشَّحَ باللَّفح. قلتُ له: خذ وشاحكَ باللَّمح واسكنْ إليكَ على حافة الجُرح. لا تطمئِنَّ إليكَ وأنتَ على جرفٍ شبه هار، ولا تطمئِنَّ إلى لغةِ الملح. دمعكَ في لغةِ السفح مرآةُ ذاتكَ كيْ تستبيحَ ذهابكَ في البوح. اخرجْ، كما أنتَ، واخرجْ، كما لستَ أنتَ. ألا امزجْ شرابكَ بالرّيح حتَّى تطيرَ، وأنتَ كما أنتَ حين أتيتَ وما أنتَ أنتَ، ألا أبقيتَ ريشتكَ اللُّغويَّة واقفةً في المَهبِّ الأخير إلى النَّهر. لستَ على وتر للغناء فهاتِ سماءكَ روحا لكلِّ البكاء على موجةٍ ألفتْ نهرَها تستحمُّ بلثغته السَّلويةِ في كلِّ رفَّة رمشٍ وفي حكمةِ الصَّرح، من قبل يَرتدُّ طرفكَ. لا عرشَ للروح تبكي على روحها حين مرَّ المُعزُّون قربكَ مثلَ سلام ولستَ تراه؛ ثمَّ لا عرشَ. للسَّبتِ في مقلتيكَ هُويَّتُه. ولكَ الصَّخرُ تنحتُه لتقولَ وما أنتَ تقولُ كلاما شبيهَ كلام ولستَ تراه. كأنَّكَ تذكُرُ طفلا عدا، بالزَّمان، إلى عُمره، وفراشتُه الحَجريَّةُ بالسُّور ناظرة: فيمَ يلهثُ خوفكَ يا صاحبي ؟ ما أنا لاهثٌ. كيفَ ؟ يحملني عابثٌ ناكثٌ ويُطوحُ بي. حادثٌ أنتَ أيها الألمُ المُسترقُّ دمي, حادثٌ أنتَ. مَرَّ المُعزُّون. كانوا فرادى يَمُرُّون يسترقون يدي بحَديثِ وما أنا سامعُه. وإذا ما أنا مِتُّ كيفَ ترى كنتُ أسمعُه ؟ أنتَ تهذي يقولُ الشَّبيهُ. تلفَّتَ منِّي الخفيُّ الجليُّ الحفيَّ بما لستُ أجمعُه منْ بقايايَ، مُنشذراتٍ، وما لستُ أذرعُه في بقايايَ، مُبتدراتٍ إلى خشعةٍ، وتلفَّتُ أبحثُ عنِّي، وإنِّي قريبٌ إليَّ بما ليسَ منِّي. يمُرُّ المُعزُّون. عمَّا قليل سآخذ نهرَ المعاني إلى خلوةٍ ثمَّ أسأله عن صباحيَ في هذياني، وعمَّا قليل سينفَضُّ جمعُ المُعزِّين. لن تتبقَّى سوى دمعةٍ لي. يقولُ الشَّبيهُ: أما زلتَ تهذي وقد وثبَ السَّبتُ، منْ خَرجه، بَغتةً واختفى في الذَّهاب إلى آخر البدءِ ؟ قلتُ: سلاما لأمِّي إذا هيَ ألقتْ على كل أسئلتي شالها، وسلاما لأمِّي أنا .. وقد كانتِ النَّهرَ، عندَ سلا، كلَّما شمتُ أحوالها.
شاعرٌ يتذكَّرُ أنَّ الكلامَ يسيرُ إلى موجةِ النَّهر منذُ التفات المكان إلى النَّهر يغسلُ أقدامَه اللُّغويَّةَ بالفجر، منذُ انتباه العَصافير للشَّدو في مقلةِ الكلم الطيِّبِ المتعالي، ومنذُ اكتفائيَ بالنَّبر شكوى إلى نقطةٍ لمْ تزلْ تترنَّحُ بالسَّطر. مَنْ يتذكَّرُ شاعرَه والمراكبُ تجري إلى مُستقرٍّ من الأمر ؟ ومَنْ راكبٌ ؟ ثمَّ مَنْ خاطبٌ ودَّ هذي المسافاتِ بالقيد والنير؟ مَرَّ المُعزُّون قدَّام عينيَ. يشتعلُ الوقتُ بالدَّمع. لا وقتَ للجَمع بيني وبيني. أرى شمعةً تتوجَّعُ عندَ كلام الرِّياح إلى العُمر. تلكَ ذُبالتُها تنحني ليَمرَّ إلى الجمر قلبي، وهذي ذُؤابتُها تختفي، مُترنحةً، عنْ يديَّ وعنْ وجهتي، والطَّريقُ همى شائكا. كانَ في جبتي فاتكا وأنا كنتُ في خطوتي هالكا. لمْ أكن سالكا غيرَ قلبي على موجة للحنين استبدَّتْ بقلبيَ. ألقى الحنينُ إليَّ اكتفائيَ بالجزر. مدٌّ هناكَ ولستُ أراه. يدايَ سرابٌ ورملٌ يدايَ وصحراءُ مروحةُ العُمر. أدخلُ في عتمةِ الصَّحو. أدخلُ في أول اللَّغو. أدني المَحارةَ منْ شفةِ النَّهر يا زبدا أتلقَّفُه فإذا بعَصاي تهشُّ على مُهرة للجراح، ولي بالجراح يدٌ سوفتني الذي كانَ في عبق الياسمين إذا أتلفَتني وما قطفَتني سًؤالا لقلبيَ عنْ قلبيَ المختفي في خُطايَ، مُخاطبةً، ما خُطاي تُدبِّرُ لي منْ شركٍ في الطَّريق. أهزُّ صباحيَ منْ زرقة الكلماتِ حماما. بكى، في يديَّ، الصَّباحُ وبينَ يديَّ شكاة الحمام إليَّ هديلٌ توشَّحَ باللَّفح. قلتُ له: خذ وشاحكَ باللَّمح واسكنْ إليكَ على حافة الجُرح. لا تطمئِنَّ إليكَ وأنتَ على جرفٍ شبه هار، ولا تطمئِنَّ إلى لغةِ الملح. دمعكَ في لغةِ السفح مرآةُ ذاتكَ كيْ تستبيحَ ذهابكَ في البوح. اخرجْ، كما أنتَ، واخرجْ، كما لستَ أنتَ. ألا امزجْ شرابكَ بالرّيح حتَّى تطيرَ، وأنتَ كما أنتَ حين أتيتَ وما أنتَ أنتَ، ألا أبقيتَ ريشتكَ اللُّغويَّة واقفةً في المَهبِّ الأخير إلى النَّهر. لستَ على وتر للغناء فهاتِ سماءكَ روحا لكلِّ البكاء على موجةٍ ألفتْ نهرَها تستحمُّ بلثغته السَّلويةِ في كلِّ رفَّة رمشٍ وفي حكمةِ الصَّرح، من قبل يَرتدُّ طرفكَ. لا عرشَ للروح تبكي على روحها حين مرَّ المُعزُّون قربكَ مثلَ سلام ولستَ تراه؛ ثمَّ لا عرشَ. للسَّبتِ في مقلتيكَ هُويَّتُه. ولكَ الصَّخرُ تنحتُه لتقولَ وما أنتَ تقولُ كلاما شبيهَ كلام ولستَ تراه. كأنَّكَ تذكُرُ طفلا عدا، بالزَّمان، إلى عُمره، وفراشتُه الحَجريَّةُ بالسُّور ناظرة: فيمَ يلهثُ خوفكَ يا صاحبي ؟ ما أنا لاهثٌ. كيفَ ؟ يحملني عابثٌ ناكثٌ ويُطوحُ بي. حادثٌ أنتَ أيها الألمُ المُسترقُّ دمي, حادثٌ أنتَ. مَرَّ المُعزُّون. كانوا فرادى يَمُرُّون يسترقون يدي بحَديثِ وما أنا سامعُه. وإذا ما أنا مِتُّ كيفَ ترى كنتُ أسمعُه ؟ أنتَ تهذي يقولُ الشَّبيهُ. تلفَّتَ منِّي الخفيُّ الجليُّ الحفيَّ بما لستُ أجمعُه منْ بقايايَ، مُنشذراتٍ، وما لستُ أذرعُه في بقايايَ، مُبتدراتٍ إلى خشعةٍ، وتلفَّتُ أبحثُ عنِّي، وإنِّي قريبٌ إليَّ بما ليسَ منِّي. يمُرُّ المُعزُّون. عمَّا قليل سآخذ نهرَ المعاني إلى خلوةٍ ثمَّ أسأله عن صباحيَ في هذياني، وعمَّا قليل سينفَضُّ جمعُ المُعزِّين. لن تتبقَّى سوى دمعةٍ لي. يقولُ الشَّبيهُ: أما زلتَ تهذي وقد وثبَ السَّبتُ، منْ خَرجه، بَغتةً واختفى في الذَّهاب إلى آخر البدءِ ؟ قلتُ: سلاما لأمِّي إذا هيَ ألقتْ على كل أسئلتي شالها، وسلاما لأمِّي أنا .. وقد كانتِ النَّهرَ، عندَ سلا، كلَّما شمتُ أحوالها.
عبدالله- عدد الرسائل : 1759
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 26/06/2008
مواضيع مماثلة
» أرى سلا / مصطفى الشليح
» ما أنت بشاعري – مصطفى الشليح
» كأن لم تكن مني .. سلا / مصطفى الشليح
» أرى سلا / مصطفى الشليح
» وطن / مصطفى الشليح
» ما أنت بشاعري – مصطفى الشليح
» كأن لم تكن مني .. سلا / مصطفى الشليح
» أرى سلا / مصطفى الشليح
» وطن / مصطفى الشليح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى