كنا ..... وصرنا
صفحة 1 من اصل 1
كنا ..... وصرنا
أصبحنا نقضي أوقاتا طويلة في تصفح شاشات الهواتف واللوحات ونركن بزوايا بيوتنا وبيوت مستضيفينا- من دون استئذانهم - قريبا من الموصلات الكهربائية لضمان مصدر شحن تلك الهواتف و تلك اللوحات ، أو الحواسيب، لاهتين وراء أخبار متلقفين معلومات لا تتطلب جهدا ولا ذكاء ، ولا فكرا لفهمها . أخبار قوامها الأساس صور مثيرة ، جلها مفبرك وأغلبها ملفق ويستند إلى الدعاية والإشاعة ونكث سمجة سخيفة .. وفتنة في الدين والعادات والسياسة..(سيدنا علي كرم الله وجهه ذكر نهر الأمازون وتحدث عن سحرة الكرة!!!؟؟؟) أي بهتان يضاهي هذا ؟؟
غدونا نستفيق متأخرين .. تفوتنا –غالبا - صلاة الفجر ... وإذا قمنا لها نقوم متكاسلين .. نغسل وجوهنا أو نعتقد أننا نفعل ذلك .. لا نتلقى تحيات أبنائنا مثلما كنا نفعل لما كنا صغارا.. و لا نكثرت لذلك . وربما نبحث له عن مبررات وتعليلات حين لا نكون لوحدنا معهم بالبيوت. صرنا نلتمس مبررات لكل الأشياء الجميلة التي دأبنا على التخلي عنها ..
صرنا لا نجلس مجتمعين إلى مائدة الفطور.. وا فتقدنا اصطباح حريرة وكوؤس القهوة أو الشاي .. والسمن البلدي وخبز الشعير والزيت أو الزيتون والأسفنج بالعسل او "المطفي " وشتى أنواع الفطائر .. ازواجنا وبناتنا واخواتنا وكناتنا لم يعد لهن وقت لصنعها ، وكثيرات منهن لا يعرفن كيفية إعدادها.
افتقدنا التحلق حول الموائد حتى خلال أيام العطل ، بل حتى في الأعياد ، غابت الحلقات حول قصع الكسكس بعد صلوات الجمع .. واشتقنا كثيرا لصحون " التردة " في أصباح الآحاد .. و حل الباننيني والشوارما والبوكاديوس الهامبورغر بدل اطباق البرانية والخرشوف والسفرجل والملوخية و الترفاس وطواجين المقفول .. والتقلية بالمحفور أو اللوبيا .. والزعلوك والخبيزة .. وأصابع الكفتة والكباب.. ودخان " التشنشير" الذي لم تعد خممنا التي نسكن بها تتحمل سحائبه.. . وحل التشيبس بدل الطايب /الهاري .. والمزكور المشوي و المسلوق والبلوط .. حتى زريعة الڭـرعة ونوارة الشمس حلت محلها ڭلية ممسوخة مستوردة ، كيف غابت كل تلك الأشياء التي صار يتملكنا الحنين إليها، وحلت بدلها أشياء جاءت بها رياح التغريب والتشريق ؟؟ ..
اشتقنا لخبز أمهاتنا المعجون بالقمح أو الشعير"مكمن ومثوم" بالخميرة البلدية والمطهو بالفرانات التقليدية (أينك يا أيام فران الفيلالي بعرصة الغزايل الذي صار أثرا بعد عين وفران با فارس بتزكارين وفران السي بوجمعة (رحم الله الجميع) بدرب "النقوى" السقاية ) حاليا بالملاح ، (النقوى عند اليهود هي مكان كان يغتسل به اليهود عشية كل جمعة باتباع طقوس خاصة بهم يقوم بها حاخام استعدادا لاستقبال السبت.) وأينك يا أيام الجلوس إلى الأخ الصديق الحسين رحمه الله ، وكؤوس شايه وحلويات "شميحة" وكعكها وأطباق السخينة ) ،اشتقنا إلى منظر الذاهبين والذاهبات والرائحين والرائحات إلى و من تلك الفرانات وعلى اكتافهم (هن) أو رؤوسهم (هن) ألواح الخبز ..صرنا نأكل خبزا لا نعرف مصدره أحبوب هي ام هي مواد مصنعة ؟؟ بياضه الناصع يثير في النفس خوفا و تقززا، خبز نأكل منه ولا نحس لا بلذة ولا بشبع ..
كنا نحس خلال شهور رمضان أيام زمان بين دروب مدينتنا العتيقة بدفء ساحر يزيد من تعلقنا بالشهر الفضيل نفير الفطور والسحور وإعلان دخول رمضان وإطلالة هلال العيد فصار هذا الدأب في خبر كان بعد ان انبرى ضده السكان الجدد لرياضات مراكش ونزلاء تلك الرياضات الذين أعلنوا حربا ضد النفير أو ما كان يعرف عند المركشيين ب (الزواكة) بدعوى أن معلني تلك الحرب يصابون برعاش الرعب حين دوي النفير الذي اتهموه ظلما بانه يذكرهم بأيام الحرب التي أشعلتها بلدانهم
فسكتت الزواكة إلى الأبد لصالح خاطر محتلي الرياضات وسكتت حناجر المؤذنين ومؤنسي المرضى بدعوى إزعاجهم ولم نعد نسمع ابتهال الغياط من فوق المآذن ولا نفير النفار الذي كان يعلن عن دخول وقت السحور. فزالت الأعلام والمصابيح من فوق منارات المساجد للجهل بوظيفتها ، وحذف التثويب من آذان الفجر ، وانقطع التهليل فعندهم هذا شيء منكر ، وإن ثبت وشهد له باهميته المتضلعون في الدين...
.. صرنا نفتقد عادات من صميم تراثنا لأن هناك إلى جانب من ذكروا من نصبوا انفسهم مفتين يحلون ويحرمون ..أمام صمت مريب
صرنا نحس بعد تهجيرنا نحن- سكان المدينة العتيقة- بعيدا خلف الأسوار ، داخل بيوت إن صحت تسميتها بذلك - فمعظمها لا تتجاوز مساحتها 60/1 من بقع خدام الدولة ، وكأننا بحدائق حيوانات كل واحد منا قابع بقفصه ، نبيت داخل غرف حيطانها لا تحجب حركة ولا صوتا ، فأبناؤنا صار بإمكانهم إحصاء معاشراتنا الحميمية لأمهاتهم . تبدد الحياء وصار تبادل النكث القريبة من تحت الحزام معهم أمرا دارجا ،بل تنزل أحيانا إلى ادنى من ذلك .. ولم التحرج فالتليفزيون والراديو ازاحا الستائر ولم يعد شيء "حشومة" فأفلام الدعارة والعهر وبرامج التحرش والتحريض على الفوضى الجنسية والترويج للعادات المجتمعية السيئة، وبث وصلات تؤثتها ألفاظ تشتت المجامع، كل ذلك يقتحم علينا بيوتنا من دون استئذان ويضعنا في مواقف حرجة أمام أبنائنا وكبارنا ،وكل ذلك نؤدي عنه ضرائب شرعنت بتزكية ممن نصبوا أنفسهم نوابا عنا غصبا بزريقاتهم .. فلتحيى تلك القنوات بموت الفضيلة والحياء .. صرنا نبتاع ما يوصل طوفان الرذائل لبيوتنا عبر مسلسلات لاتنتهي حلقاتها من بلد ينكر علينا حقنا في وحدة ترابنا ..
صار أصحاب الدكاكين على اطلاع تام ودقيق بمحيض امهاتنا غير البالغات سن اليأس وازواجنا وبناتنا .. وإذا ما تأخر تزودهن بالمناشف لا يجد" مول الحانوت " حرجا في بعثها مع صغارنا إليهن ... تبدل فينا كل ما هو جميل وصار في عداد " الهتوف والعقود الراشية " لا تخلو تجمعاتنا إن سرقنا لها وقتا من الأوقات المهدورة من النميمة التي صارت محور مواضيعنا كل منا منشغل بالنقر على آلة بين يديه.. وهو في نفس الوقت لا شغل له ،نقاشاتنا السياسية بهتت وصارت تهتم بالشخوص أكثر من الأعمال إن كانت هناك اعمال ،وتكلف مستوزرون ومتسيسون بتقمص دور رواد الفكاهة بجامع الفنا... وكان فشلهم ذريعا .. فأنى لهم أن يفلحوا في ذلك...
تغيرت سلوكاتنا وصارت زياراتنا للأقارب والأهل في سراديب العدم ، فالوات والفايس والتويتر والسكايب والإيمو... والرسائل القصيرة حلت محل تلك الزيارات .. فافتقدنا حرارة اللقاء فيما بيننا وصار أبناء العمات والأعمام وأبناء الخالات والأخوال لا يعرفون بعضهم البعض ، انحلت الوشائج وتفككت الأواصر ، كل واحد منهمك بما يُمطَر به من رسائل ولا يهتم بأنين الجدة أو الجد ولا بازمة الأب أو الأم ولا بلجاجهما ولا بنكسات الأخ او الأخت ، صار لنا أقارب تجمعنا بهم روابط عالم افتراضي ،نحاورهم طيلة فترات طويلة ونحن على أسرتنا أو على مطايانا ويالمقاهي ووسط المعاهد والمدراس وحتى في حرم الكعبة ، وخلال الندوات وأثناء الأعراس والمآثم وبمواكب الجنائز وبالمساجد وبمقرات العمل . وبزوايا ساحات الدروب والأحياء .. بل حتى ببيوت قضاء الحاجة (شرف الله قدركم ) نتهافت للضغط على "إعحاب أو مشاركة " حبا في ترهات منشورة أو صور أو فيديوهات ونستجيب لأوامر : (انشر وستسمع خبرا سارا.. انشر وإلا فإن الشيطان قد منعك ..)
صرنا غرباء في بيوتنا آصرة المادة تجمعنا أكثر من آصرة القرابة صرنا نتخذ أولادنا كدميات مدللة.. (نقود الجيب، واجبات التمدرس مصاريف الوقود أو شهرية الحافلة، ... بطائق تعبئات الهواتف غدت أهم اسباب ملاقاتنا ببيوتنا.. تطورنا ... أليس كذلك ؟؟ بلى تطورنا فنزعنا إلى التوحد واستكنا لنرجيستنا لا يهمنا حال من هم بالدار فكيف بحال الجار ؟؟
اقفرت دور الشباب التي كنا نشكو من ضيقها وضآله طاقة استيعابها ، صارت تنوح بفناءاتها البوم وملأنا مداخل الدروب وأبواب المساكن وأدراج العمارات نتحرش و نتحشش ونسكر ونرصد الداخلين والخارجين ولا نضيع فرصة لطش هاتف أو محفظة جيب او حقيبة يدوية نسوية ، تحولت جمعياتنا من أدوار التربية والتكوين إلى انتحال صفات سعيا وراء المنح المخصصة ، فيما تخصصت أخرى في إثقال رفوف الشكاوى والدعاوى بالمحاكم وفي إثارة قضايا العري و الدفاع على امتهان أكل الحرات من أثدائهن، وإثارة الفتن ،والاستقواء بمنظمات خارجية وانبرت أخرى منصبة نفسها لإصدار الفتاوى وتحليل هذا وتحريم ذاك ، وقلب الموازين (عفوا قصدت التوازن . من تكلم على الموازين؟؟ ) في ساعات من أيام الانتخابات و التحكم في رقاب الأئمة والمؤذنين، فكل ما يخالف مصادر جهلهم بدعة ،
نزعت منا تقثنا في أحزاب كبرنا فيها وتشبعنا بنواميسها وألوكاتها ورجالاتها ، بعدما تم تلغيمها بزرع وصوليين وأفاقين ، فتدنت شعبيتها وتساوت مع أحزاب خدج لا هوية لها ولا همة (نهاك الله ياأونين نقح ألفاظك ) ولا همم ، جاه المال والسلطة قوامها أحزاب "مدربلة" تستقطب رعاعا نكرات هواة قلب "الفيستة" من اليسار إلى اليمين أوالعكس ، فمات السجال الفكري وصراع الأفكار بمحافل السياسة وبالكليات التي تحول حرمها إلى حلبات تذكرنا بأبطال اساطيرالرومان ،وحل كلام السوقة محل الأفكار النيرة ، وماتت الحماسة من أجل خدمة الشعب وتوعيته وفتر الاجتهاد من أجل سؤدد الوطن ..هههه ... تطورنا أليس كذلك؟؟
مدارسنا صارت لتمضية السنين وتحصيل شواهد محدودة الصلاحية في سنة إلى سنتين ، شواهد تتحكم في ميزاتها التجارة نؤدي عن أبنائنا أموالا طائلة لتحصيل نقط سرعان ما تغدو فقاعات تندثر عند أول اختبار حقيقي .. نفرح لها ونقيم الحفلات ونتفاخر بها على أفراد العائلة والجيران ، انتفخت جيوب أميين جشاع ساقتهم اطماعهم للاستثمار في أغلى شيء عند الأمم وعليه يرتكز نموها وتطورها ، وبه يعلو صيتها فتذيلنا مراتب تصنيف التعليم اجتاحتنا لعنة تفريطنا في أيام عز البوكماخيات و اعترانا خزي عاهة استهداف عقول ناشئتنا بعفن الإخماج
كيف كنا ؟؟ وكيف صرنا ؟؟ لقد سئمنا أن يظل مصيرنا يلفه العبث ،يتحكم فيه حواة يتسمنون بدمنا و لا يزيدهم ذلك إلا جبروتا .. دهاقنة نهبوا أمالنا وأحلامنا ، شفطوها .. ، صيروا جميلنا قبيحا ، مسخوا النضال السياسي ، قزموا الدأب الحقوقي ، جعلونا ببهتانهم نعتبره إفكا وضلالا ، بل نمقته ونتحامل عليه .. تفننوا في تخويفنا كالصغار بقنديشة والغيلان ، زايدوا في المواطنة .ابتلينا بمتفيقهين غفر الله لهم ،دوخونا بالخيزو والمهراز .. سلط على مستقبل أجيالنا من انتهت مدة صلاحية فكره ، فخطط لأجيال العوالم الرقمية بتكريس صفقات الألواح السوداء الخشبية بمدارس العموم وقبلها كان قد ملأ المؤسسة التي أعيد منها بالسبورات الذكية ...
سئمنا من اللغط ..سئمنا من التخلي ومن التثبيط ومن التزويق والتنميق .. و"تزيين المباتة في الحمام " سئمنا من التنصل من عاداتنا .. من تقاليدنا من أعرافنا الأسرية .. سئمنا من إفراغ كل شيء جميل أصيل من قيمته .. مللنا الخوض في " الهندريزة الكبيرة والميت فأر" . صرنا أسارى للخوف على مستقبل أبنائنا وبناتنا بعد أن غدت شهاداتهم و تكويناتهم لا تنآى بهم عن جوع ولا عن عطالة شهادات وتكوينات لا تؤهلهم لوظيفة يحسون فيها بجدارتهم و ذواتهم ، أو عمل يكفل حقوقهم لدى الخواص، ويقيهم شرور الاستعباد .
يسوءنا تبجح من عبر بهم قطار حياتهم بطرفي قطبي التطرف من قطب اللائكية إلى قطب التأسلم إلى ان رسا بهم فيما دجنوا من أجله، يسوءنا تبجحهم واعتبارهم لنا كفزاعات يمكن بضغطة زر بوسطى خماسية كفهم إحياء الفبراير -أصبحت أكره هذا الشهر الذي شهدت إحدى أيامه ميلادي -
ومع كل ذا وذاك فلا زال بدواخلنا رجاء .
اي نعم.. أعيدوا .. رددوا جميعا بإشباع المدود "لايزال بدواخلنا رجاء يحيي فينا روح البقاء .." ا
عبد الله أونين
غدونا نستفيق متأخرين .. تفوتنا –غالبا - صلاة الفجر ... وإذا قمنا لها نقوم متكاسلين .. نغسل وجوهنا أو نعتقد أننا نفعل ذلك .. لا نتلقى تحيات أبنائنا مثلما كنا نفعل لما كنا صغارا.. و لا نكثرت لذلك . وربما نبحث له عن مبررات وتعليلات حين لا نكون لوحدنا معهم بالبيوت. صرنا نلتمس مبررات لكل الأشياء الجميلة التي دأبنا على التخلي عنها ..
صرنا لا نجلس مجتمعين إلى مائدة الفطور.. وا فتقدنا اصطباح حريرة وكوؤس القهوة أو الشاي .. والسمن البلدي وخبز الشعير والزيت أو الزيتون والأسفنج بالعسل او "المطفي " وشتى أنواع الفطائر .. ازواجنا وبناتنا واخواتنا وكناتنا لم يعد لهن وقت لصنعها ، وكثيرات منهن لا يعرفن كيفية إعدادها.
افتقدنا التحلق حول الموائد حتى خلال أيام العطل ، بل حتى في الأعياد ، غابت الحلقات حول قصع الكسكس بعد صلوات الجمع .. واشتقنا كثيرا لصحون " التردة " في أصباح الآحاد .. و حل الباننيني والشوارما والبوكاديوس الهامبورغر بدل اطباق البرانية والخرشوف والسفرجل والملوخية و الترفاس وطواجين المقفول .. والتقلية بالمحفور أو اللوبيا .. والزعلوك والخبيزة .. وأصابع الكفتة والكباب.. ودخان " التشنشير" الذي لم تعد خممنا التي نسكن بها تتحمل سحائبه.. . وحل التشيبس بدل الطايب /الهاري .. والمزكور المشوي و المسلوق والبلوط .. حتى زريعة الڭـرعة ونوارة الشمس حلت محلها ڭلية ممسوخة مستوردة ، كيف غابت كل تلك الأشياء التي صار يتملكنا الحنين إليها، وحلت بدلها أشياء جاءت بها رياح التغريب والتشريق ؟؟ ..
اشتقنا لخبز أمهاتنا المعجون بالقمح أو الشعير"مكمن ومثوم" بالخميرة البلدية والمطهو بالفرانات التقليدية (أينك يا أيام فران الفيلالي بعرصة الغزايل الذي صار أثرا بعد عين وفران با فارس بتزكارين وفران السي بوجمعة (رحم الله الجميع) بدرب "النقوى" السقاية ) حاليا بالملاح ، (النقوى عند اليهود هي مكان كان يغتسل به اليهود عشية كل جمعة باتباع طقوس خاصة بهم يقوم بها حاخام استعدادا لاستقبال السبت.) وأينك يا أيام الجلوس إلى الأخ الصديق الحسين رحمه الله ، وكؤوس شايه وحلويات "شميحة" وكعكها وأطباق السخينة ) ،اشتقنا إلى منظر الذاهبين والذاهبات والرائحين والرائحات إلى و من تلك الفرانات وعلى اكتافهم (هن) أو رؤوسهم (هن) ألواح الخبز ..صرنا نأكل خبزا لا نعرف مصدره أحبوب هي ام هي مواد مصنعة ؟؟ بياضه الناصع يثير في النفس خوفا و تقززا، خبز نأكل منه ولا نحس لا بلذة ولا بشبع ..
كنا نحس خلال شهور رمضان أيام زمان بين دروب مدينتنا العتيقة بدفء ساحر يزيد من تعلقنا بالشهر الفضيل نفير الفطور والسحور وإعلان دخول رمضان وإطلالة هلال العيد فصار هذا الدأب في خبر كان بعد ان انبرى ضده السكان الجدد لرياضات مراكش ونزلاء تلك الرياضات الذين أعلنوا حربا ضد النفير أو ما كان يعرف عند المركشيين ب (الزواكة) بدعوى أن معلني تلك الحرب يصابون برعاش الرعب حين دوي النفير الذي اتهموه ظلما بانه يذكرهم بأيام الحرب التي أشعلتها بلدانهم
فسكتت الزواكة إلى الأبد لصالح خاطر محتلي الرياضات وسكتت حناجر المؤذنين ومؤنسي المرضى بدعوى إزعاجهم ولم نعد نسمع ابتهال الغياط من فوق المآذن ولا نفير النفار الذي كان يعلن عن دخول وقت السحور. فزالت الأعلام والمصابيح من فوق منارات المساجد للجهل بوظيفتها ، وحذف التثويب من آذان الفجر ، وانقطع التهليل فعندهم هذا شيء منكر ، وإن ثبت وشهد له باهميته المتضلعون في الدين...
.. صرنا نفتقد عادات من صميم تراثنا لأن هناك إلى جانب من ذكروا من نصبوا انفسهم مفتين يحلون ويحرمون ..أمام صمت مريب
صرنا نحس بعد تهجيرنا نحن- سكان المدينة العتيقة- بعيدا خلف الأسوار ، داخل بيوت إن صحت تسميتها بذلك - فمعظمها لا تتجاوز مساحتها 60/1 من بقع خدام الدولة ، وكأننا بحدائق حيوانات كل واحد منا قابع بقفصه ، نبيت داخل غرف حيطانها لا تحجب حركة ولا صوتا ، فأبناؤنا صار بإمكانهم إحصاء معاشراتنا الحميمية لأمهاتهم . تبدد الحياء وصار تبادل النكث القريبة من تحت الحزام معهم أمرا دارجا ،بل تنزل أحيانا إلى ادنى من ذلك .. ولم التحرج فالتليفزيون والراديو ازاحا الستائر ولم يعد شيء "حشومة" فأفلام الدعارة والعهر وبرامج التحرش والتحريض على الفوضى الجنسية والترويج للعادات المجتمعية السيئة، وبث وصلات تؤثتها ألفاظ تشتت المجامع، كل ذلك يقتحم علينا بيوتنا من دون استئذان ويضعنا في مواقف حرجة أمام أبنائنا وكبارنا ،وكل ذلك نؤدي عنه ضرائب شرعنت بتزكية ممن نصبوا أنفسهم نوابا عنا غصبا بزريقاتهم .. فلتحيى تلك القنوات بموت الفضيلة والحياء .. صرنا نبتاع ما يوصل طوفان الرذائل لبيوتنا عبر مسلسلات لاتنتهي حلقاتها من بلد ينكر علينا حقنا في وحدة ترابنا ..
صار أصحاب الدكاكين على اطلاع تام ودقيق بمحيض امهاتنا غير البالغات سن اليأس وازواجنا وبناتنا .. وإذا ما تأخر تزودهن بالمناشف لا يجد" مول الحانوت " حرجا في بعثها مع صغارنا إليهن ... تبدل فينا كل ما هو جميل وصار في عداد " الهتوف والعقود الراشية " لا تخلو تجمعاتنا إن سرقنا لها وقتا من الأوقات المهدورة من النميمة التي صارت محور مواضيعنا كل منا منشغل بالنقر على آلة بين يديه.. وهو في نفس الوقت لا شغل له ،نقاشاتنا السياسية بهتت وصارت تهتم بالشخوص أكثر من الأعمال إن كانت هناك اعمال ،وتكلف مستوزرون ومتسيسون بتقمص دور رواد الفكاهة بجامع الفنا... وكان فشلهم ذريعا .. فأنى لهم أن يفلحوا في ذلك...
تغيرت سلوكاتنا وصارت زياراتنا للأقارب والأهل في سراديب العدم ، فالوات والفايس والتويتر والسكايب والإيمو... والرسائل القصيرة حلت محل تلك الزيارات .. فافتقدنا حرارة اللقاء فيما بيننا وصار أبناء العمات والأعمام وأبناء الخالات والأخوال لا يعرفون بعضهم البعض ، انحلت الوشائج وتفككت الأواصر ، كل واحد منهمك بما يُمطَر به من رسائل ولا يهتم بأنين الجدة أو الجد ولا بازمة الأب أو الأم ولا بلجاجهما ولا بنكسات الأخ او الأخت ، صار لنا أقارب تجمعنا بهم روابط عالم افتراضي ،نحاورهم طيلة فترات طويلة ونحن على أسرتنا أو على مطايانا ويالمقاهي ووسط المعاهد والمدراس وحتى في حرم الكعبة ، وخلال الندوات وأثناء الأعراس والمآثم وبمواكب الجنائز وبالمساجد وبمقرات العمل . وبزوايا ساحات الدروب والأحياء .. بل حتى ببيوت قضاء الحاجة (شرف الله قدركم ) نتهافت للضغط على "إعحاب أو مشاركة " حبا في ترهات منشورة أو صور أو فيديوهات ونستجيب لأوامر : (انشر وستسمع خبرا سارا.. انشر وإلا فإن الشيطان قد منعك ..)
صرنا غرباء في بيوتنا آصرة المادة تجمعنا أكثر من آصرة القرابة صرنا نتخذ أولادنا كدميات مدللة.. (نقود الجيب، واجبات التمدرس مصاريف الوقود أو شهرية الحافلة، ... بطائق تعبئات الهواتف غدت أهم اسباب ملاقاتنا ببيوتنا.. تطورنا ... أليس كذلك ؟؟ بلى تطورنا فنزعنا إلى التوحد واستكنا لنرجيستنا لا يهمنا حال من هم بالدار فكيف بحال الجار ؟؟
اقفرت دور الشباب التي كنا نشكو من ضيقها وضآله طاقة استيعابها ، صارت تنوح بفناءاتها البوم وملأنا مداخل الدروب وأبواب المساكن وأدراج العمارات نتحرش و نتحشش ونسكر ونرصد الداخلين والخارجين ولا نضيع فرصة لطش هاتف أو محفظة جيب او حقيبة يدوية نسوية ، تحولت جمعياتنا من أدوار التربية والتكوين إلى انتحال صفات سعيا وراء المنح المخصصة ، فيما تخصصت أخرى في إثقال رفوف الشكاوى والدعاوى بالمحاكم وفي إثارة قضايا العري و الدفاع على امتهان أكل الحرات من أثدائهن، وإثارة الفتن ،والاستقواء بمنظمات خارجية وانبرت أخرى منصبة نفسها لإصدار الفتاوى وتحليل هذا وتحريم ذاك ، وقلب الموازين (عفوا قصدت التوازن . من تكلم على الموازين؟؟ ) في ساعات من أيام الانتخابات و التحكم في رقاب الأئمة والمؤذنين، فكل ما يخالف مصادر جهلهم بدعة ،
نزعت منا تقثنا في أحزاب كبرنا فيها وتشبعنا بنواميسها وألوكاتها ورجالاتها ، بعدما تم تلغيمها بزرع وصوليين وأفاقين ، فتدنت شعبيتها وتساوت مع أحزاب خدج لا هوية لها ولا همة (نهاك الله ياأونين نقح ألفاظك ) ولا همم ، جاه المال والسلطة قوامها أحزاب "مدربلة" تستقطب رعاعا نكرات هواة قلب "الفيستة" من اليسار إلى اليمين أوالعكس ، فمات السجال الفكري وصراع الأفكار بمحافل السياسة وبالكليات التي تحول حرمها إلى حلبات تذكرنا بأبطال اساطيرالرومان ،وحل كلام السوقة محل الأفكار النيرة ، وماتت الحماسة من أجل خدمة الشعب وتوعيته وفتر الاجتهاد من أجل سؤدد الوطن ..هههه ... تطورنا أليس كذلك؟؟
مدارسنا صارت لتمضية السنين وتحصيل شواهد محدودة الصلاحية في سنة إلى سنتين ، شواهد تتحكم في ميزاتها التجارة نؤدي عن أبنائنا أموالا طائلة لتحصيل نقط سرعان ما تغدو فقاعات تندثر عند أول اختبار حقيقي .. نفرح لها ونقيم الحفلات ونتفاخر بها على أفراد العائلة والجيران ، انتفخت جيوب أميين جشاع ساقتهم اطماعهم للاستثمار في أغلى شيء عند الأمم وعليه يرتكز نموها وتطورها ، وبه يعلو صيتها فتذيلنا مراتب تصنيف التعليم اجتاحتنا لعنة تفريطنا في أيام عز البوكماخيات و اعترانا خزي عاهة استهداف عقول ناشئتنا بعفن الإخماج
كيف كنا ؟؟ وكيف صرنا ؟؟ لقد سئمنا أن يظل مصيرنا يلفه العبث ،يتحكم فيه حواة يتسمنون بدمنا و لا يزيدهم ذلك إلا جبروتا .. دهاقنة نهبوا أمالنا وأحلامنا ، شفطوها .. ، صيروا جميلنا قبيحا ، مسخوا النضال السياسي ، قزموا الدأب الحقوقي ، جعلونا ببهتانهم نعتبره إفكا وضلالا ، بل نمقته ونتحامل عليه .. تفننوا في تخويفنا كالصغار بقنديشة والغيلان ، زايدوا في المواطنة .ابتلينا بمتفيقهين غفر الله لهم ،دوخونا بالخيزو والمهراز .. سلط على مستقبل أجيالنا من انتهت مدة صلاحية فكره ، فخطط لأجيال العوالم الرقمية بتكريس صفقات الألواح السوداء الخشبية بمدارس العموم وقبلها كان قد ملأ المؤسسة التي أعيد منها بالسبورات الذكية ...
سئمنا من اللغط ..سئمنا من التخلي ومن التثبيط ومن التزويق والتنميق .. و"تزيين المباتة في الحمام " سئمنا من التنصل من عاداتنا .. من تقاليدنا من أعرافنا الأسرية .. سئمنا من إفراغ كل شيء جميل أصيل من قيمته .. مللنا الخوض في " الهندريزة الكبيرة والميت فأر" . صرنا أسارى للخوف على مستقبل أبنائنا وبناتنا بعد أن غدت شهاداتهم و تكويناتهم لا تنآى بهم عن جوع ولا عن عطالة شهادات وتكوينات لا تؤهلهم لوظيفة يحسون فيها بجدارتهم و ذواتهم ، أو عمل يكفل حقوقهم لدى الخواص، ويقيهم شرور الاستعباد .
يسوءنا تبجح من عبر بهم قطار حياتهم بطرفي قطبي التطرف من قطب اللائكية إلى قطب التأسلم إلى ان رسا بهم فيما دجنوا من أجله، يسوءنا تبجحهم واعتبارهم لنا كفزاعات يمكن بضغطة زر بوسطى خماسية كفهم إحياء الفبراير -أصبحت أكره هذا الشهر الذي شهدت إحدى أيامه ميلادي -
ومع كل ذا وذاك فلا زال بدواخلنا رجاء .
اي نعم.. أعيدوا .. رددوا جميعا بإشباع المدود "لايزال بدواخلنا رجاء يحيي فينا روح البقاء .." ا
عبد الله أونين
عبدالرحيم- عدد الرسائل : 352
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 05/08/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى