حسن السوسي يتحدث عن “الربيع العربي”، العدالة والتنمية، التجربة الديمقراطية بالمغرب، والعلاقة مع الجزائر وموريتانيا…
صفحة 1 من اصل 1
حسن السوسي يتحدث عن “الربيع العربي”، العدالة والتنمية، التجربة الديمقراطية بالمغرب، والعلاقة مع الجزائر وموريتانيا…
[size=16]ـ بداية نود منكم ان تبرزوا لنا أهم العنوانين التي تميز الوضع الحالي بشمال افريقيا والشرق الاوسط؟
لعل أهم هذه العناوين وأكثرها حدة، الارهاب الذي ينشط في مختلف بلدان المنطقة، في شكل حرب مفتوحة على الدولة، كما هو عليه الأمر في سورية والعراق وليبيا واليمن، وبشكل محاولات مستمرة لفتح ثغرات ما في جدار الاستقرار والأمن في دول اخرى، كما هو عليه مثال مصر وتونس والجزائر التي لم تنته بعد من ذيول العشرية الأخيرة من القرن الماضي بشكل كامل.[/size]
لعل أهم هذه العناوين وأكثرها حدة، الارهاب الذي ينشط في مختلف بلدان المنطقة، في شكل حرب مفتوحة على الدولة، كما هو عليه الأمر في سورية والعراق وليبيا واليمن، وبشكل محاولات مستمرة لفتح ثغرات ما في جدار الاستقرار والأمن في دول اخرى، كما هو عليه مثال مصر وتونس والجزائر التي لم تنته بعد من ذيول العشرية الأخيرة من القرن الماضي بشكل كامل.[/size]
وبطبيعة الحال، فإن المغرب يعيش على وقع إعلانات وزارة الداخلية حول تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية في سياق حرب الدولة الاستباقية على الارهاب. وهو أمر يدل على أن الارهاب وخلاياه النائمة والنشيطة عابر للحدود في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ويشكل خطرا داهما لأمن واستقرار مختلف بلدان المنطقة، الامر الذي يحتم عليها اعتماد سياسات تقوم على تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق بين مختلف أجهزة دولها لمواجهة هذا التحدي الخطير.
وينبغي الاعتراف ان مستوى التنسيق بين بلدان المنطق لم يكن على المستوى المطلوب في أي وقت من الأوقات، وهو ما يجعله مهمة للإنجاز اذا أرادت دول المنطقة محاربة التطرف والارهاب بشكل جدي وفعال.
[size=16]ـ في رأيكم هل واقع التمزق والتشتت الذي يعرفه العالم العربي، هو نتيجة موضوعية لغياب الديمقراطية، أم نتيجة لمخطط أمريكي يسعى الى تقسيم دول المنطقة وفقا للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية؟
اذا كنت تعني ما يجري من صراعات داخل البلدان العربية بين الحكومات وبين بعض القوى السياسية وخاصة منها التي تبنت الأسلوب المسلح والأعمال الإرهابية المنظمة، فإن الأمر لا يحتمل جوابا بسيطا، مثل غياب الديمقراطية او المخطط الأجنبي الأمريكي بالتحديد. ذلك ان غياب الديمقراطية، ولو في حدودها الدنيا، في عدد من البلدان العربية، لم يؤد الى صراعات محتدمة عنيفة بين مكونات تلك المجتمعات والدولة، كما ان حصر كل شيء في العامل الخارجي والمخططات الأجنبية ليس عاملا مفسرا لوحده لحالتنا العربية. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، هناك دول اخرى في المنطقة لم تخف الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية عموما عداءها لها. كما دعمت قوى سياسية داخلية من أجل التأثير على سياساتها، بل والعمل على إسقاط أنظمتها. لكنها لم تفلح في ذلك على الرغم من ان عامل غياب الديمقراطية حاضر، بهذا القدر او ذاك، فيها مثل ما هو عليه امر ايران .
ولعل ما لا ينبغي تجاهله او نسيانه، ان شروط تشكيل دول المنطقة وتعدد ولاءاتها الاقليمية والدولية، قد ساهم في إيجاد واقع النزاعات والتشرذم الذي يميز العلاقات بين هذه البلدان على إيقاع التباين الكبير بين مصالحها السياسية والاستراتيجية والتي غالبا ما تجد من يدعم بعضها في مواجهة البعض الآخر.[/size]
اذا كنت تعني ما يجري من صراعات داخل البلدان العربية بين الحكومات وبين بعض القوى السياسية وخاصة منها التي تبنت الأسلوب المسلح والأعمال الإرهابية المنظمة، فإن الأمر لا يحتمل جوابا بسيطا، مثل غياب الديمقراطية او المخطط الأجنبي الأمريكي بالتحديد. ذلك ان غياب الديمقراطية، ولو في حدودها الدنيا، في عدد من البلدان العربية، لم يؤد الى صراعات محتدمة عنيفة بين مكونات تلك المجتمعات والدولة، كما ان حصر كل شيء في العامل الخارجي والمخططات الأجنبية ليس عاملا مفسرا لوحده لحالتنا العربية. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، هناك دول اخرى في المنطقة لم تخف الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية عموما عداءها لها. كما دعمت قوى سياسية داخلية من أجل التأثير على سياساتها، بل والعمل على إسقاط أنظمتها. لكنها لم تفلح في ذلك على الرغم من ان عامل غياب الديمقراطية حاضر، بهذا القدر او ذاك، فيها مثل ما هو عليه امر ايران .
ولعل ما لا ينبغي تجاهله او نسيانه، ان شروط تشكيل دول المنطقة وتعدد ولاءاتها الاقليمية والدولية، قد ساهم في إيجاد واقع النزاعات والتشرذم الذي يميز العلاقات بين هذه البلدان على إيقاع التباين الكبير بين مصالحها السياسية والاستراتيجية والتي غالبا ما تجد من يدعم بعضها في مواجهة البعض الآخر.[/size]
[size=16]ـ كيف ترون مقاربة” الفوضى الخلاقة” التي تتحكم في سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه دول شمال افريقيا والشرق الاوسط؟
تقوم نظرية الفوضى الخلاقة على تصور هو اقرب الى الأسطورة منه الى الواقع. ذلك انها تقوم على افتراض وهمي مفاده انه بالإمكان خلق نوع من العدم الاجتماعي والسياسي والأمني يسمح باحتضان قواعد بناء جديدة تماماً يمكن بواسطتها تشييد الصرح المرغوب فيه حيث يكون للديمقراطية حضورها الوازن في هذا البناء.والحقيقة ان تقديم المسألة بهذا الشكل المتخيل والبعيد عن الواقع، ليس خطأ في التقدير فحسب وانما هو غير نزيه تماماً لأنه ليس خافيا على الولايات المتحدة التي أبدعت هذه النظرية انه لا يمكن الغاء تاريخ الشعوب وحضارتها بكل تناقضاتها ومحددتها بجرة قلم، وبالتالي، فهي تدرك ان اي خرائط اخرى يتم رسمها، لن تكون معزولة عن حمولة تاريخ وحضارة شعوبنا. وقد خبرت الأمر في العراق حيث تبين ان كل الوعد الديمقراطي ليس الا خرابا وحربا دائمة على المجتمع وبين مكونات كانت الدولة الحديثة، قد استطاعت تحييدها غير ان الإطاحة بالدولة اعاد إحياءها وحولها الى قوى شرسة في مواجهة كل مقومات الاجتماع البشري، وفي مقدمتها الدولة التي لم تعد هي الدولة على الأقل بالنسبة لمختلف القوى التي ترى انها مغبونة في عمليات المحاصصة الطائفية التي اصبحت العملة السياسية الرائجة في البلاد منذ غزو البلاد.[/size]
تقوم نظرية الفوضى الخلاقة على تصور هو اقرب الى الأسطورة منه الى الواقع. ذلك انها تقوم على افتراض وهمي مفاده انه بالإمكان خلق نوع من العدم الاجتماعي والسياسي والأمني يسمح باحتضان قواعد بناء جديدة تماماً يمكن بواسطتها تشييد الصرح المرغوب فيه حيث يكون للديمقراطية حضورها الوازن في هذا البناء.والحقيقة ان تقديم المسألة بهذا الشكل المتخيل والبعيد عن الواقع، ليس خطأ في التقدير فحسب وانما هو غير نزيه تماماً لأنه ليس خافيا على الولايات المتحدة التي أبدعت هذه النظرية انه لا يمكن الغاء تاريخ الشعوب وحضارتها بكل تناقضاتها ومحددتها بجرة قلم، وبالتالي، فهي تدرك ان اي خرائط اخرى يتم رسمها، لن تكون معزولة عن حمولة تاريخ وحضارة شعوبنا. وقد خبرت الأمر في العراق حيث تبين ان كل الوعد الديمقراطي ليس الا خرابا وحربا دائمة على المجتمع وبين مكونات كانت الدولة الحديثة، قد استطاعت تحييدها غير ان الإطاحة بالدولة اعاد إحياءها وحولها الى قوى شرسة في مواجهة كل مقومات الاجتماع البشري، وفي مقدمتها الدولة التي لم تعد هي الدولة على الأقل بالنسبة لمختلف القوى التي ترى انها مغبونة في عمليات المحاصصة الطائفية التي اصبحت العملة السياسية الرائجة في البلاد منذ غزو البلاد.[/size]
[size=16] ـ وهل تؤمنون استاذ حسن السوسي، بهذه المقاربة الامريكية؟
ارفضها تماماً، بل وادينها. واعتقد ان على الجميع أن يناهضها بكل الوسائل الدعائية والسياسية المتاحة اضافة الى مجابهتها ميدانيا أمنيا وعسكريا، بصورة لا مساومة فيها، ولا مهادنة. انها مقاربة مرفوضة سواء في شكلها الذي يزعم انها حاملة للديمقراطية ومولدة لها في منطقتنا، كما في شكل ادعائها الرغبة في بناء شرق أوسط جديد يسمع لمختلف مكوناته بالتعايش. ذلك ان هذا الزعم مرتبط بخطة أمريكية غربية ترغب في فرض اسرائيل على الجميع في نهاية المطاف والتعامل معها ليس كأمر واقع مفروض بالقوة على بلدان المنطقة، وانما باعتبارها جزءا صميما من هذا الشرق الأوسط الجديد او الكبير المزعوم.[/size]
ارفضها تماماً، بل وادينها. واعتقد ان على الجميع أن يناهضها بكل الوسائل الدعائية والسياسية المتاحة اضافة الى مجابهتها ميدانيا أمنيا وعسكريا، بصورة لا مساومة فيها، ولا مهادنة. انها مقاربة مرفوضة سواء في شكلها الذي يزعم انها حاملة للديمقراطية ومولدة لها في منطقتنا، كما في شكل ادعائها الرغبة في بناء شرق أوسط جديد يسمع لمختلف مكوناته بالتعايش. ذلك ان هذا الزعم مرتبط بخطة أمريكية غربية ترغب في فرض اسرائيل على الجميع في نهاية المطاف والتعامل معها ليس كأمر واقع مفروض بالقوة على بلدان المنطقة، وانما باعتبارها جزءا صميما من هذا الشرق الأوسط الجديد او الكبير المزعوم.[/size]
[size=16]ـ كيف قرأتم مخلفات “الربيع العربي” التي شبهها البعض بـ”خريف عربي”؟[/size]
لست من الذين ينطلقون في تحديد المراحل الحاسمة من تطور الشعوب من وسمها بسمة فصول السنة، ولو ان مجاز اللغة يغري بذلك. اضافة الى ان المفهوم ارتبط بالثورات التي عرفتها البلدان التي كانت تدور في فلك المعسكر الاشتراكي، بعد أفول نجم الاتحاد السوفياتي، وهو ما يدخل المصطلح ضمن حقل دلالي مخالف تماماً للحقل الدلالي في منطقتنا.
صحيح انني استعملت هذا المصطلح، في بعض المقالات، كغيري من كتاب المقالات والإعلاميين. غير ان التفكير الجدي في الحراك السياسي الذي عرفته بلداننا يجعلني أميل الى القول: ان هناك شعورا حادا لدى فئات واسعة من المواطنين بالغبن من مسارات السياسة والتنمية، أضفى عليه انسداد الأفق السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وهذا ما جعل بعضا من تلك الفئات تتحرك على الأرض رافعة عددا من الشعارات التي تعتبرها معبئة وقادرة على التأثير القوي في الجماهير الواسعة مثل: الشعب يريد إسقاط النظام او ما يقوم مقامه من شعارات.
لكن هذه الفئات كانت تفتقر الى قيادات ميدانية وسياسية حقيقية مما فتح المجال امام بعض القوى المنظمة للتدخل وأخذ زمام المبادرة بخصوص ذلك الحراك. واعني هنا بعض قوى الاسلام السياسي التي لقيت دعما ملموسا من الدول الغربية ومن الولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص.
ويكفي النظر الى الاوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية للمجتمعات التي عرفت تجربة هذا الربيع المدعوم للوقوف على طبيعة مخلفاتها المدمرة وخاصة في ليبيا واليمن وسورية.
صحيح انني استعملت هذا المصطلح، في بعض المقالات، كغيري من كتاب المقالات والإعلاميين. غير ان التفكير الجدي في الحراك السياسي الذي عرفته بلداننا يجعلني أميل الى القول: ان هناك شعورا حادا لدى فئات واسعة من المواطنين بالغبن من مسارات السياسة والتنمية، أضفى عليه انسداد الأفق السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وهذا ما جعل بعضا من تلك الفئات تتحرك على الأرض رافعة عددا من الشعارات التي تعتبرها معبئة وقادرة على التأثير القوي في الجماهير الواسعة مثل: الشعب يريد إسقاط النظام او ما يقوم مقامه من شعارات.
لكن هذه الفئات كانت تفتقر الى قيادات ميدانية وسياسية حقيقية مما فتح المجال امام بعض القوى المنظمة للتدخل وأخذ زمام المبادرة بخصوص ذلك الحراك. واعني هنا بعض قوى الاسلام السياسي التي لقيت دعما ملموسا من الدول الغربية ومن الولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص.
ويكفي النظر الى الاوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية للمجتمعات التي عرفت تجربة هذا الربيع المدعوم للوقوف على طبيعة مخلفاتها المدمرة وخاصة في ليبيا واليمن وسورية.
[size=16]ـ كيف تقيمون اليوم وضع الحركات الاسلامية في شمال افريقيا والشرق الاوسط بعد مرحلة “الربيع العربي”؟
ليس سليما مبدئيا الحديث عن الحركات الاسلامية، بصورة مطلقة، بل ينبغي التمييز فيها بين الحركات الدعوية التي ارتبطت بمجمل تاريخ عالمنا الاسلامي على مرور الزمن وبين حركات الاسلام السياسي حديثة العهد بالنشوء، والتي يؤرخ لها عادة بظهور تنظيم الاخوان المسلمين في مصر، في أواخر عشرينيات القرن الماضي. وهذا النوع من حركات الاسلام السياسي هو الذي برز بقوة خلال السنوات الاخيرة، مستفيدا من فشل مختلف اشكال الدول الوطنية في تحقيق الحد الأدنى من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد جاء الحراك السياسي الاخير ليعطيها دفعة قوية في مختلف الساحات والميادين. غير ان هذا لا يعني انها تحركت بفعل قوة دفعها الذاتي وانما عقدت تحالفات ضمنية ومعلنة مع عدد من القوى الاقليمية والدولية التي مكنتها من مختلف اشكال الدعم المادي والمعنوي لتحل محل أنظمة سياسية اعتبرت تلك القوى انها لم تعد قادرة على الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي، بما يضمن استمرار تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. ولم يعد خافيا ان الولايات المتحدة قد قدمت الدعم لحركات الاسلام السياسي وجماعة الاخوان بالذات في مصر وليبيا، وكذلك فعلت تركيا وبعض دول الخليج التي كان لها السبق في توفير التغطية الإعلامية الواسعة للإخوان.[/size]
ليس سليما مبدئيا الحديث عن الحركات الاسلامية، بصورة مطلقة، بل ينبغي التمييز فيها بين الحركات الدعوية التي ارتبطت بمجمل تاريخ عالمنا الاسلامي على مرور الزمن وبين حركات الاسلام السياسي حديثة العهد بالنشوء، والتي يؤرخ لها عادة بظهور تنظيم الاخوان المسلمين في مصر، في أواخر عشرينيات القرن الماضي. وهذا النوع من حركات الاسلام السياسي هو الذي برز بقوة خلال السنوات الاخيرة، مستفيدا من فشل مختلف اشكال الدول الوطنية في تحقيق الحد الأدنى من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد جاء الحراك السياسي الاخير ليعطيها دفعة قوية في مختلف الساحات والميادين. غير ان هذا لا يعني انها تحركت بفعل قوة دفعها الذاتي وانما عقدت تحالفات ضمنية ومعلنة مع عدد من القوى الاقليمية والدولية التي مكنتها من مختلف اشكال الدعم المادي والمعنوي لتحل محل أنظمة سياسية اعتبرت تلك القوى انها لم تعد قادرة على الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي، بما يضمن استمرار تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. ولم يعد خافيا ان الولايات المتحدة قد قدمت الدعم لحركات الاسلام السياسي وجماعة الاخوان بالذات في مصر وليبيا، وكذلك فعلت تركيا وبعض دول الخليج التي كان لها السبق في توفير التغطية الإعلامية الواسعة للإخوان.[/size]
[size=16]ـ في نظركم لماذا شكل المغرب، في ظل ” الربيع العربي” استثناء في شمال افريقيا والشرق الاوسط؟
يمكن القول من حيث المبدأ ان كل بلد يشكل حالة خاصة مقارنة بغيرها من البلدان، انطلاقا من التباين في معطيات تاريخها السياسي، والتمايز على مستوى تدبير شأنها العام.
وبهذا المعنى، ينبغي فهم كيف ان المغرب يشكل استثناء حقيقيا. كما دلت عليه طريقة تعامله مع عدد من التطورات التي عرفتها المنطقة، بما في ذلك ما سمي بالربيع العربي.
فالملاحظ ان استجابة ملك البلاد محمد السادس لمطالب الحراك الاجتماعي والسياسي خلال تلك الفترة عبرت عن هذا الاستثناء هي أيضاً. وهذا الاستثناء قد وجد لنفسه قاعدة راسخة في تراكمات العمل الإصلاحي الذي دخل المغرب ساحاته الواسعة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وتكرس وتجذر بعد تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم على اثر وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.
ويمكن القول أيضاً، ان انخراط الأغلبية الساحقة من القوى السياسية المغربية في العمل الديمقراطي قد مكن المغرب من عامل أساسي من عوامل هذا الاستثناء حيث يجري العمل السياسي تحت الشمس بمساهمة مختلف تلك القوى، وفي اطار احترام المشروعية والمؤسسات الوطنية المختلفة. وذلك على عكس وضع الكثير من دول المنطقة والعالم الثالث عموما التي تعاني من خصاص نوعي في الممارسة الديمقراطية وفي مجال الشرعية والمشروعية في آن واحد.[/size]
يمكن القول من حيث المبدأ ان كل بلد يشكل حالة خاصة مقارنة بغيرها من البلدان، انطلاقا من التباين في معطيات تاريخها السياسي، والتمايز على مستوى تدبير شأنها العام.
وبهذا المعنى، ينبغي فهم كيف ان المغرب يشكل استثناء حقيقيا. كما دلت عليه طريقة تعامله مع عدد من التطورات التي عرفتها المنطقة، بما في ذلك ما سمي بالربيع العربي.
فالملاحظ ان استجابة ملك البلاد محمد السادس لمطالب الحراك الاجتماعي والسياسي خلال تلك الفترة عبرت عن هذا الاستثناء هي أيضاً. وهذا الاستثناء قد وجد لنفسه قاعدة راسخة في تراكمات العمل الإصلاحي الذي دخل المغرب ساحاته الواسعة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وتكرس وتجذر بعد تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم على اثر وفاة الملك الراحل الحسن الثاني.
ويمكن القول أيضاً، ان انخراط الأغلبية الساحقة من القوى السياسية المغربية في العمل الديمقراطي قد مكن المغرب من عامل أساسي من عوامل هذا الاستثناء حيث يجري العمل السياسي تحت الشمس بمساهمة مختلف تلك القوى، وفي اطار احترام المشروعية والمؤسسات الوطنية المختلفة. وذلك على عكس وضع الكثير من دول المنطقة والعالم الثالث عموما التي تعاني من خصاص نوعي في الممارسة الديمقراطية وفي مجال الشرعية والمشروعية في آن واحد.[/size]
[size=16]ـ كيف تقيمون تجربة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الاسلامية في تدبير الشأن الحكومي بالمغرب؟
ليس بإمكاني القيام بتقييم موضوعي وشامل لعمل الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الخمس الماضية. غير انه ليس ممكنا لأي كان عدم تسجيل بعض المعطيات غير القابلة للنفي ومنها:
اولا، كونها قد جاءت في سياق سعي المغرب للتعاطي الواعي مع الحراك السياسي الذي عرفته عام 2011 الذي أدى الى اعتماد دستور متقدم للبلاد.
ثانيا، كونها تعبيرا عن ارادة الشعب المغربي الذي منح الحزب مرتبة القوة الاولى في الانتخابات التشريعية الاولى التي أعقبت اعتماد الدستور الجديد وبدء تفعيله من قبل الملك محمد السادس الذي الاستاذ عبد الاله بنكيران بتشكيل الحكومة الاولى في اطار الدستور الجديد
ثالثا، كونها عرفت هزة أساسية عندما قرر حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة غير انها استطاعت تجاوز هذه الهزة من خلال اعادة بناء الائتلاف الحكومي. الأمر الذي أدى الى صمودها حتى انتهاء ولايتها الدستورية
رابعا، كونها قد اتخذت قرارات صعبة لم تكن الحكومات السابقة قادرة على اتخاذها ربما لاختلاف الظروف والمراهنات الخاصة بكل ائتلاف حكومي على حدة. غير انه ليس سهلا اتخاذ قرار اعادة النظر في صندوق المقاصة مثلا، رغم اختلاف وجهات نظر القوى السياسية حول جدوى هذا القرار وحول تحديد من هم المستفيدون حقاً من هذا القرار.
خامسا، إقرارها لإصلاح أنظمة التقاعد وهو إصلاح لم يحصل حوله إجماع شعبي وسياسي وانما كان السبب في جعل الفئات المعنية به تعتبر ان الحكومة فاشلة من وجهة نظرها ووفق نظرتها الى مصالحها
سادسا، كونها عاشت فترات متواصلة من الاحتجاجات الاجتماعية على خلفية تذمر فئات واسعة من المجتمع من السياسات الحكومية واتهام رئيس الحكومة بالتراجع عن وعوده الانتخابية في عدد كبير من المجالات.
ومهما كان الأمر فإن تقييم العمل الحكومي ليس ممكنا دون تضافر جهود مختلف القوى السياسية التي تابعت من خلال المشاركة او المعارضة لهذه التجربة، شريطة التزام التشخيص الموضوعي المسؤول الذي يضع اليد على مكامن القوة كما على مكان القوة في التجربة بمجملها. ذلك ان مثل هذا التقييم، هو الذي يسمح بتطوير العمل الحكومي في المستقبل، وخاصة عندما يصدر الشعب حكمه الخاص على التجربة في انتخابات السابع من اكتوبر المقبل، اذ لا ينبغي ان ننسى ان كلمة الناخب المغربي هي الكلمة الفصل في كل عملية تقييم للعمل الحكومي.
ـ كيف ترون مستقبل التجربة الديمقراطية بالمغرب في ظل الاكراهات الاقتصادية والتوترات الاقليمية (الجزائر، موريتانيا..)؟[/size]
ليس بإمكاني القيام بتقييم موضوعي وشامل لعمل الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الخمس الماضية. غير انه ليس ممكنا لأي كان عدم تسجيل بعض المعطيات غير القابلة للنفي ومنها:
اولا، كونها قد جاءت في سياق سعي المغرب للتعاطي الواعي مع الحراك السياسي الذي عرفته عام 2011 الذي أدى الى اعتماد دستور متقدم للبلاد.
ثانيا، كونها تعبيرا عن ارادة الشعب المغربي الذي منح الحزب مرتبة القوة الاولى في الانتخابات التشريعية الاولى التي أعقبت اعتماد الدستور الجديد وبدء تفعيله من قبل الملك محمد السادس الذي الاستاذ عبد الاله بنكيران بتشكيل الحكومة الاولى في اطار الدستور الجديد
ثالثا، كونها عرفت هزة أساسية عندما قرر حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة غير انها استطاعت تجاوز هذه الهزة من خلال اعادة بناء الائتلاف الحكومي. الأمر الذي أدى الى صمودها حتى انتهاء ولايتها الدستورية
رابعا، كونها قد اتخذت قرارات صعبة لم تكن الحكومات السابقة قادرة على اتخاذها ربما لاختلاف الظروف والمراهنات الخاصة بكل ائتلاف حكومي على حدة. غير انه ليس سهلا اتخاذ قرار اعادة النظر في صندوق المقاصة مثلا، رغم اختلاف وجهات نظر القوى السياسية حول جدوى هذا القرار وحول تحديد من هم المستفيدون حقاً من هذا القرار.
خامسا، إقرارها لإصلاح أنظمة التقاعد وهو إصلاح لم يحصل حوله إجماع شعبي وسياسي وانما كان السبب في جعل الفئات المعنية به تعتبر ان الحكومة فاشلة من وجهة نظرها ووفق نظرتها الى مصالحها
سادسا، كونها عاشت فترات متواصلة من الاحتجاجات الاجتماعية على خلفية تذمر فئات واسعة من المجتمع من السياسات الحكومية واتهام رئيس الحكومة بالتراجع عن وعوده الانتخابية في عدد كبير من المجالات.
ومهما كان الأمر فإن تقييم العمل الحكومي ليس ممكنا دون تضافر جهود مختلف القوى السياسية التي تابعت من خلال المشاركة او المعارضة لهذه التجربة، شريطة التزام التشخيص الموضوعي المسؤول الذي يضع اليد على مكامن القوة كما على مكان القوة في التجربة بمجملها. ذلك ان مثل هذا التقييم، هو الذي يسمح بتطوير العمل الحكومي في المستقبل، وخاصة عندما يصدر الشعب حكمه الخاص على التجربة في انتخابات السابع من اكتوبر المقبل، اذ لا ينبغي ان ننسى ان كلمة الناخب المغربي هي الكلمة الفصل في كل عملية تقييم للعمل الحكومي.
ـ كيف ترون مستقبل التجربة الديمقراطية بالمغرب في ظل الاكراهات الاقتصادية والتوترات الاقليمية (الجزائر، موريتانيا..)؟[/size]
اعتقد ان مستقبل الديمقراطية بالمغرب مشجع رغم كل الإكراهات الاقتصادية التي يعيشها لأنها ليست بمستوى تهديد كيانه بحيث تكون سببا في الدفع نحو سياسات تبتعد عن الخيار الديمقراطي.
كما ان التوتر المزمن في العلاقات المغربية ـ الجزائرية الناجم عن سياسات القيادة الجزائرية المناهضة للمغرب، وخاصة في موضوع قضية الصحراء المغربية ليس له ان يؤثر سلبا على المسألة الديمقراطية ببلادنا. بل العكس هو الصحيح تماماً منذ طرحت قضية الصحراء المغربية على جدول الاعمال منتصف سبعينيات القرن الماضي.
كما ان التوتر المزمن في العلاقات المغربية ـ الجزائرية الناجم عن سياسات القيادة الجزائرية المناهضة للمغرب، وخاصة في موضوع قضية الصحراء المغربية ليس له ان يؤثر سلبا على المسألة الديمقراطية ببلادنا. بل العكس هو الصحيح تماماً منذ طرحت قضية الصحراء المغربية على جدول الاعمال منتصف سبعينيات القرن الماضي.
صحيح ان هناك من القوى السياسية من كان يرى ان الإجماع الوطني حول الصحراء قد ساهم في لجم الحراك الاجتماعي في بعض الفترات، غير ان هذا لا يعني ان الممارسة الديمقراطية المغربية لم تعرف تطورا مستمرا خلال العقود الأربعة الماضية. كما ان احتلال قضية الصحراء موقعا مركزيا في مجمل السياسات المغربية الراهنة، لا يعني انها قد تلعب دورا سلبيا في تطوير المسار الديمقراطي للمغرب، على المدى المنظور. وفي كل الأحوال، فإن تراكمات المغرب في مجال البناء الديمقراطي بلغت مستوى يسمح بأكثر من تطور نوعي، في هذا المجال، وليس العكس. اي ان النكوص عن هذا المسار لم يعد ممكنا وليس هناك من ارادة سياسية لدى الدولة ولدى الأحزاب السياسية الوطنية توحي بان هذا النكوص ممكن.
ويبدو لي ان التوتر مع موريتانيا ليس من ذلك النوع من التوترات التي يمكن ان تغير المعادلات الاساسية في المنطقة، وان صح القول ان الجزائر تحاول كسب نقطة في صراعها مع المغرب بخصوص وحدته الترابية من خلال الدفع بنواكشوط الى تبني الاطروحة الجزائرية جزئيا او كليا.
ولا يخامرني أدنى شك في ان المغرب قادر على تجاوز هذا التوتر، لأنه يملك من الحكمة والإرادة ما يمكنه من ذلك دون ان يعني هذا اي استعداد لتسهيل مأمورية التلاعب الجزائري، على هذا المستوى، لأن المغرب الذي حقق اختراقا كبيرا على صعيد علاقاته الافريقية قادر على إفشال مخطط القيادة الجزائرية الرامي تخريب العلاقات المغربية الموريتانية.
ويبدو لي ان التوتر مع موريتانيا ليس من ذلك النوع من التوترات التي يمكن ان تغير المعادلات الاساسية في المنطقة، وان صح القول ان الجزائر تحاول كسب نقطة في صراعها مع المغرب بخصوص وحدته الترابية من خلال الدفع بنواكشوط الى تبني الاطروحة الجزائرية جزئيا او كليا.
ولا يخامرني أدنى شك في ان المغرب قادر على تجاوز هذا التوتر، لأنه يملك من الحكمة والإرادة ما يمكنه من ذلك دون ان يعني هذا اي استعداد لتسهيل مأمورية التلاعب الجزائري، على هذا المستوى، لأن المغرب الذي حقق اختراقا كبيرا على صعيد علاقاته الافريقية قادر على إفشال مخطط القيادة الجزائرية الرامي تخريب العلاقات المغربية الموريتانية.
[size=16]*كاتب ومحلل سياسي مغربي مقيم بلندن[/size]
izarine- عدد الرسائل : 1855
العمر : 65
Localisation : khémissat
Emploi : travail
تاريخ التسجيل : 03/08/2006
مواضيع مماثلة
» لانريد الحكم مع العدالة والتنمية
» «تسونامي» العدالة والتنمية يضرب المغرب
» وجهة نظر :من أين يستمد حزب العدالة والتنمية قوته؟
» في انتظار سقوط حزب العدالة والتنمية / محمد بنقدور الوهراني
» "العدالة والتنمية" التركي يحصد الأغلبية المطلقة بـ23 مليون صوت
» «تسونامي» العدالة والتنمية يضرب المغرب
» وجهة نظر :من أين يستمد حزب العدالة والتنمية قوته؟
» في انتظار سقوط حزب العدالة والتنمية / محمد بنقدور الوهراني
» "العدالة والتنمية" التركي يحصد الأغلبية المطلقة بـ23 مليون صوت
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى