التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
صفحة 1 من اصل 1
التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
المطلب الاول: التضحية والمتخيل الديني
تهدف
أعنف الطقوس الى طرد العنف، ومن الخطأ ان نرى فيها حالة مرضية (1) بهاته
القولة يضع ر•جيرار الحدود بين العنف الطقوسي الذي يستهدف صيانة وحدة
الجماعة، والعنف المدمر الذي يناقض أي اجتماع إنساني، ينهل العنف الطقوسي
رمزيته وغناه من ثقافة الجماعة ومتخيلها ومعتقداتها الدينية والاسطورية•
وبفضل ذلك، يعمل دوما على إحياء وتحيين وتجديد ذاك الكل الثقافي عبر
التكرار المحين للتجربة المؤسسة للوجود الجماعي•
أعنف الطقوس الى طرد العنف، ومن الخطأ ان نرى فيها حالة مرضية (1) بهاته
القولة يضع ر•جيرار الحدود بين العنف الطقوسي الذي يستهدف صيانة وحدة
الجماعة، والعنف المدمر الذي يناقض أي اجتماع إنساني، ينهل العنف الطقوسي
رمزيته وغناه من ثقافة الجماعة ومتخيلها ومعتقداتها الدينية والاسطورية•
وبفضل ذلك، يعمل دوما على إحياء وتحيين وتجديد ذاك الكل الثقافي عبر
التكرار المحين للتجربة المؤسسة للوجود الجماعي•
تعتبر الديانة احد
الإنشاءات المؤسسة لتجربة الوجود الجماعي للناس• فعبرها يتم خلق وتقنين
آليات الحماية من العنف المدمر• وتشكل الطقوس والاساطير والقصص، وكذا
المحرمات والممنوعات آليات متمايزة ومتكاملة للحؤول دون عودة العنف
المتبادل• (2) فإذا ما كانت المحرمات تستهدف بشكل مباشر منع وحظر كل ما
يمكن أن يذكي نار العنف المتبادل المفجر لكل اجتماع إنساني، فإن الطقوس
تستهدف نفس الامر لكن بكيفية غير مباشرة، او لنقل إنها تعتمد في تحقيق ذلك
على توسط طرف ثالث تجسده التضحية le sacrifice• إن استحضار الطقس للتجربة
الاصلية التي عاشت ضمنها الجماعة تجربة القتل والاقتتال بين الاخوة بكل ما
يتبعها من استمرار للثأر، او تجربة التضحية بالابن، وفي الآن نفسه تجربة
تجاوز هاته التجربة عبر إيقافها ومنعها، ثم تحويلها الى تجربة طقوسية
قائمة على ممارسة العنف لأجل تطهيره من جوهره المدمر•
الإنشاءات المؤسسة لتجربة الوجود الجماعي للناس• فعبرها يتم خلق وتقنين
آليات الحماية من العنف المدمر• وتشكل الطقوس والاساطير والقصص، وكذا
المحرمات والممنوعات آليات متمايزة ومتكاملة للحؤول دون عودة العنف
المتبادل• (2) فإذا ما كانت المحرمات تستهدف بشكل مباشر منع وحظر كل ما
يمكن أن يذكي نار العنف المتبادل المفجر لكل اجتماع إنساني، فإن الطقوس
تستهدف نفس الامر لكن بكيفية غير مباشرة، او لنقل إنها تعتمد في تحقيق ذلك
على توسط طرف ثالث تجسده التضحية le sacrifice• إن استحضار الطقس للتجربة
الاصلية التي عاشت ضمنها الجماعة تجربة القتل والاقتتال بين الاخوة بكل ما
يتبعها من استمرار للثأر، او تجربة التضحية بالابن، وفي الآن نفسه تجربة
تجاوز هاته التجربة عبر إيقافها ومنعها، ثم تحويلها الى تجربة طقوسية
قائمة على ممارسة العنف لأجل تطهيره من جوهره المدمر•
إن تذكير الطقس
بكل هذا إعلان من طرف الجماعة بأن العنف الطقوسي المتجلي في عمليات
الجذبة، او إدماء الجسد او نحر الاضاحي يستهدف تطهير العنف أي مخادعته
وتبديده على الاضاحي، التي لاخوف من أن يثأر لها (3)
بكل هذا إعلان من طرف الجماعة بأن العنف الطقوسي المتجلي في عمليات
الجذبة، او إدماء الجسد او نحر الاضاحي يستهدف تطهير العنف أي مخادعته
وتبديده على الاضاحي، التي لاخوف من أن يثأر لها (3)
تجسد الجذبة بجميع
أنواعها عملية تطهير العنف من آفاته المدمرة، فطقوس الذكر والتسليم
والبركة توجه العنف نحو بعده الرمزي - المعتقدي، وذلك عبر تشغيل آلية
الاستبدال او الاستعاضة بين الجسد والاضحية• تتجسد آلية الاستبدال في كون
الجسد الطقوسي يغلف جلده بجلد الاضحية سواء بشكل فعلي او رمزي•
أنواعها عملية تطهير العنف من آفاته المدمرة، فطقوس الذكر والتسليم
والبركة توجه العنف نحو بعده الرمزي - المعتقدي، وذلك عبر تشغيل آلية
الاستبدال او الاستعاضة بين الجسد والاضحية• تتجسد آلية الاستبدال في كون
الجسد الطقوسي يغلف جلده بجلد الاضحية سواء بشكل فعلي او رمزي•
ان
استبدال الطقوس للعنف المدمر بالعنف الاضحوي، وتشغيل آلية الاستبدال
المحولة لاتجاه عوض آلية التبادل المفتوحة على الثأر لايعفي الملاحظ من
طرح كثير من التساؤلات تظل معلقة•
استبدال الطقوس للعنف المدمر بالعنف الاضحوي، وتشغيل آلية الاستبدال
المحولة لاتجاه عوض آلية التبادل المفتوحة على الثأر لايعفي الملاحظ من
طرح كثير من التساؤلات تظل معلقة•
لماذا يظل العنف حاضرا، وهل حضوره
ضرورة لعيش الجماعة واستمراريتها؟ هل العنف الطقوسي هو الشكل الوحيد
للاحتماء من العنف المدمر؟ هل هو الطريق الضروري للعبور من الدنيوي المهدد
باستمرار باندلاع العنف المدمر الى الديني والمقدس الضامنين للسلم
والهدوء؟ ألا يمكن اعتبار التضحية جرما؟ او ليست فعل قتل؟ ماتبعات ذلك على
الصلات بالديني والاجتماعي والسياسي؟
ضرورة لعيش الجماعة واستمراريتها؟ هل العنف الطقوسي هو الشكل الوحيد
للاحتماء من العنف المدمر؟ هل هو الطريق الضروري للعبور من الدنيوي المهدد
باستمرار باندلاع العنف المدمر الى الديني والمقدس الضامنين للسلم
والهدوء؟ ألا يمكن اعتبار التضحية جرما؟ او ليست فعل قتل؟ ماتبعات ذلك على
الصلات بالديني والاجتماعي والسياسي؟
يعتبر الباحث ر• جيرار من
المعاصرين الذين حاولوا إرساء معالم نظرية متكاملة حول التضحية والعنف•
(4) لذلك سنعمل على بيان مركز للكيفية التي سيجيب بها عن أسئلتنا تك
وبعدها نفحص الكل من موقع ثقافتنا المغربية - العربية - الاسلامية•
المعاصرين الذين حاولوا إرساء معالم نظرية متكاملة حول التضحية والعنف•
(4) لذلك سنعمل على بيان مركز للكيفية التي سيجيب بها عن أسئلتنا تك
وبعدها نفحص الكل من موقع ثقافتنا المغربية - العربية - الاسلامية•
يشكل
العنف والتضحية والمقدس المفاهيم المفتاحية الكبرى لأبحاث ر• جيرار• مثلما
يمكن اعتبار مفهوم العنف بشتى مسمياته الكلمة المفتاح لباقي المفاهيم
الاخرى (5)•
العنف والتضحية والمقدس المفاهيم المفتاحية الكبرى لأبحاث ر• جيرار• مثلما
يمكن اعتبار مفهوم العنف بشتى مسمياته الكلمة المفتاح لباقي المفاهيم
الاخرى (5)•
بدءا يصف ر• جيرار الطبيعة المتعارضة للتضحية، والكامنة في
كونها تظهر تارة كشيء مقدس جدا، يشكل الامتناع عنه إهمالا خطيرا، وتارة
على خلاف ذلك كنوع من الجرم crime يشكل ارتكابه مجازفات خطيرة (6) من
الزاوية الدينية، تبدو هاته المتعارضة واضحة• فالاضحية لن تصبح مقدسة إذا
لم تقتل (7) أما من الناحية الاجتماعية، فمصدر قداستها يكمن في كونها
المسؤولة عن العودة الى السلم والهدوء، مثلما كانت هي المسؤولة عن الفوضى
والعنف الذي سبق تلك العودة (8
كونها تظهر تارة كشيء مقدس جدا، يشكل الامتناع عنه إهمالا خطيرا، وتارة
على خلاف ذلك كنوع من الجرم crime يشكل ارتكابه مجازفات خطيرة (6) من
الزاوية الدينية، تبدو هاته المتعارضة واضحة• فالاضحية لن تصبح مقدسة إذا
لم تقتل (7) أما من الناحية الاجتماعية، فمصدر قداستها يكمن في كونها
المسؤولة عن العودة الى السلم والهدوء، مثلما كانت هي المسؤولة عن الفوضى
والعنف الذي سبق تلك العودة (8
العنف متأصل في العيش الجماعي • لكن
اندلاعه في صيغة من الصيغ (اقتتال الاخوة او أعضاء الجماعة)، يجعل
المتخاصمين والمتقاتلين مسيرين من طرفه الى الحدود التي يصبحون فيها توائم
العنف (9) وبما أن سيرورة العنف المندلع تثبت أنها تهدد بالملموس وجود
المتخاصمين وجماعتهم، فإن البحث عن ضحية victime او كبش فداء bouc
emessaire سيكون ضروريا لتبرير علل وأسباب العنف المندلع، والعمل على
إيقافه عبر التضحية / كبش الفداء• حينما يقتنع الناس بأن الضحية سبب وعلة
العنف فإنهم يرون فيها القذارة والعدوى التي إن لم يتطهروا منها فسوف تقضي
عليهم جميعا• يقول ر• جيرار لايكفي ان نقول إن الضحية البديلة ترمز الى
انتقال العنف التبادلي المدمر الى مرحلة الاجماع البناء• إنها هي التي
تؤمن هذا الانتقال، لا بل هي الانتقال ذاته• وعلى ذلك من الطبيعي ان يرى
الفكر الديني في الضحية البديلة، أي في آخر ضحية، تلك التي تتعرض للعنف
دون ان ترد بالمثل، ان يرى فيها مخلوقا فوق الطبيعة ينزع نحو العنف لكي
يحصد السلم، ومنقذا غامضا ومرعبا يجلب الامراض للناس لكنه يعود فيشفيهم
(10)•
اندلاعه في صيغة من الصيغ (اقتتال الاخوة او أعضاء الجماعة)، يجعل
المتخاصمين والمتقاتلين مسيرين من طرفه الى الحدود التي يصبحون فيها توائم
العنف (9) وبما أن سيرورة العنف المندلع تثبت أنها تهدد بالملموس وجود
المتخاصمين وجماعتهم، فإن البحث عن ضحية victime او كبش فداء bouc
emessaire سيكون ضروريا لتبرير علل وأسباب العنف المندلع، والعمل على
إيقافه عبر التضحية / كبش الفداء• حينما يقتنع الناس بأن الضحية سبب وعلة
العنف فإنهم يرون فيها القذارة والعدوى التي إن لم يتطهروا منها فسوف تقضي
عليهم جميعا• يقول ر• جيرار لايكفي ان نقول إن الضحية البديلة ترمز الى
انتقال العنف التبادلي المدمر الى مرحلة الاجماع البناء• إنها هي التي
تؤمن هذا الانتقال، لا بل هي الانتقال ذاته• وعلى ذلك من الطبيعي ان يرى
الفكر الديني في الضحية البديلة، أي في آخر ضحية، تلك التي تتعرض للعنف
دون ان ترد بالمثل، ان يرى فيها مخلوقا فوق الطبيعة ينزع نحو العنف لكي
يحصد السلم، ومنقذا غامضا ومرعبا يجلب الامراض للناس لكنه يعود فيشفيهم
(10)•
ان التضحية بأدوارها وطبيعتها تلك من كان وراء إنشاء الطقوس
والمحرمات والاساطير (11) بهاته الكيفية يوضح ر• جيرار، أصول الاعتقاد
الانساني في الفوق - طبيعي، مثلما يفسر كيفيات إنشاء الديانات لمتخيلها
حول التضحية بشكل عام والضحية البديل بشكل خاص (12)•
يخلص ر• جيرار من وراء تحليلاته النظرية للتضحية في صلاتها بالعنف والجماعة والدين الى كون•والمحرمات والاساطير (11) بهاته الكيفية يوضح ر• جيرار، أصول الاعتقاد
الانساني في الفوق - طبيعي، مثلما يفسر كيفيات إنشاء الديانات لمتخيلها
حول التضحية بشكل عام والضحية البديل بشكل خاص (12)•
- التضحية عنف دون مخاطرة بالثأر•
- ضرورة التضحية كامنة في أن الجاعات البشرية لاتنعم بالسلم سوى بفضل التضحية•
- التضحية هي آخر قتل او هي فعل القتل الاخير (13)•
- لافارق جوهري بين التضحية البشرية والحيوانية على اعتبار ان وظائف•
هوامش:
(1) جيرار، ر• العنف والمقدس، ترجمة جهاد هواش وعبد الهادي ، دار الحصاد، 1992، ص: 127•(2) المرجع السابق، ص: 128•
(3) المرجع السابق، ص: 54
(4)
لم يعفنا استحضار ر• جيرار من الاطلاع على البحث المؤسس في مجال التضحية
لكل من م• ماوس وهوبيرت والذي حاول رسم خطاطة او نموذج مفسر للحظات
الاساسية في عملية التضحية، انظر بهذا الخصوص•
لم يعفنا استحضار ر• جيرار من الاطلاع على البحث المؤسس في مجال التضحية
لكل من م• ماوس وهوبيرت والذي حاول رسم خطاطة او نموذج مفسر للحظات
الاساسية في عملية التضحية، انظر بهذا الخصوص•
233-237: Maus, M, et Hubert,essai sur la nature et les fonctions du sacrifice, oeuvres I, Paris, 1968,p.p: 233-237.
5) ر•جيرار ، المقدس والعنف، مذكور سابقا، الفصل الاول، ص: 56/15•
6) المرجع السابق• ص: 15
7) نفس المرجع والصفحة
8 Girard,R,des choses cachées depuis la fondation du monde, ed grasset et fasquette,1978,P 42
9) ر• جيرار، العنف والمقدس، مذكور سابقا، ص: 104
10) المرجع السابق• ص : 111
11) girad.R, des choses cachées depuis la fondation du monde, Ibid, P 68.
12)
يورد ر• جيرار أساطير من المسيحية والاسلام توضح اقتتال الاخوة، وكذا
الاسباب الاولى التى كانت وراء اندلاع العنف، انظر بهذا الخصوص:
يورد ر• جيرار أساطير من المسيحية والاسلام توضح اقتتال الاخوة، وكذا
الاسباب الاولى التى كانت وراء اندلاع العنف، انظر بهذا الخصوص:
girad.R, des choses cachées depuis la fondation du monde, Ibid, P 58-59
- العنف والمقدس، مذكور سابقا، ص: 23/19
13) girad.R, des choses cachées depuis la fondation du monde, Ibid, P 39
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
رد: التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
وأدوار التضحية تظل هي هي•
ان
اعتبار التضحية فعل قتل ومن ثم رفع الحدود بين التضحية البشرية
والحيوانية، بقدر ما جعل باحثين يستلهمون ابحاث ر• جيرار، بقدر ما جعل
اخرين يكشفون عن البياضات الحاصلة فيها• يقول هذا الخصوص الباحث ل دوهوش
اذا كانت التضحية قتلا، فلايمكنها ان تكون غير تعبير عن العدوانية
الاساسية للانسان، وكيفية لخداع العنف الطبيعي عبر تعويضه ببناء ثقافي
(15)•
يلمح ل• دوهوش، بقوله هذا الى الصلات لاملتبسة بين ر • جيرار
وبين س• فرويد الذي يعتبر المؤسس النظري لفكرة العدوانية الاصلية الكامنة
فيف الطبيعة الانسانية، والتي تتخذ بلورتها الثقافية في الرغبة الدفينة
لفعل قتل الاب (16)•
ينتقد ر• جيرار س• فرويد على طول كتاباته (17)
بكيفية تثير حفيظة القارئ وكأنه يريد التخلص من حضور الاثر الفرويدي لكن
رغم ذلك يظل فرويد حاضرا وقوة حضوره هي ما جعل البعضض ينعت او يسم هذا
الباحث بالسمة السيكولوجية•
من مؤديات اعتبار التضحية فعل قتل رفع
الحدود بين التضحية البشرية والحيوانية، وهو ما ينذر بتبعات نظرية
واجتماعية - سياسية ليست بالهينة (18 ) في حين، وكما يؤكد ذلك ل دوهوش لا
يحضر اي مؤشر للمقارنة بين التضحيتين، ان التضحية اشتغال رمزي على مادة
حية (19) اشتغال ينظمه الطقس، ويعيشه الفاعلون الطقوسيون بكل ت شكلاتهم
الجسدية والرمزية والتخيلية• وبما ان الأمر يتعلق بمعيش رمزي للجسد
الطقوسي، فما يستوجب فعله لا يكمن في الاكتفاء بالنصوص المتخيلة اسطورية
كانت او دينية• بل الانصات للناس وفهم ما يفكرون به ممارستهم تلك• ان فهم
تلك الانساق الرمزية المعلنة، هو ما يسمح بفهم موقع التضحية في الحقل
الديني (20 )•
لا يعتقد الفاعلون الطقوسيون، على الاقل في الحالات التي
عايناها ميدانيا، مثلهم في ذلك مثل باحثين كثر، في كون التضحية فهل قتل او
جرم، بل انها زيارة بلغة اهل المغرب وهبة بلغة الانتروبولوجيين مبتغاها
التقرب، او الوفاء بعهد او دين يقطعه الفاعل الطقوسي على نفسه فعليا او
تخيليا•
في سياق انتقاده لنظرية سميث يعتبر ادور كهايم التضحية عمليات
مشاركة، وهبة وتخل تفترض اتضحية تخلي المؤمن لآهلته عن البعض مما يملكه
(21 ) وفي هذا يقدم هبة او عطاء، مثلما تفترض تناوله لما تبقى، وبفعل ذلك
يتقرب ويقترب من آلهته عبر استدخال واحتواء مادة غذائية مقدسة (22)•
ان
ذبح الاضحية، حسب نفس السوسيولوجي لا يكون لأجل الذبح في حد ذاته، او لاجل
الأكل، بل لأجل اخراج المبادئ الحية من عضويتها قصد تغذية الآلهة (23)•
يستعيد
ج• باطاي، التحديد الدوركهايمي للتضحية، ليؤكد بأن التضحية ليست فعل، قتل
و لكنها هبة او عطاء وتنازل او تخلف (24) اما مبدأ التدمير الذي تنبني
عليه كل تضحية فانه يستهدف ماهو طبيعي في الاضحية، يدمره كي ينتزعها من
عالم المنفعة الانتاجية، ويدخلها في عالم القداسة، او يخرجها من مجال
الاستهلاك المعقلن الى مجال الهدر القدسي الذي لا مصلحة مباشرة او مادية
من ورائه ان الموت الاضحوي يحل بعملية القلب تلك التعارض الصعب للحياة
والموت (25)•
مع التضحية تخرج الموت من وضعها الطبيعي لتصبح في علاقتها
بالحياة لعبة رمزية مكثفة، مؤداها انتاج حياة ثانية مغايرة للاولى بحكم
غناها الثقافي والرمزي• ان التضحية هي اولا دهاء وحيلة مع الموت (26)
ادخال لهذا الأخير في سياقات رمزية حيث كل شيء مستعمل، وكل حركة او قول او
حيز زمكاني يحيل على شيء اخر مغاير لذاته (27 ) بهذا المعنى يمكن اعتبار
التضحية اشتغالا رمزيا عل مادة حية• ان الرمزي ليس نتيجة لفعل التضحية، بل
يوجد في اساسه، ويكثف خاصياته (28 وبفضل ذلك تمفصل التضحية النظام
العضوي، مع النظام الاجتماعي والاخلاقي، وتمنح كل وحدته الدينية مثلما
تفتحه على الصراعات القائمة بين هاته الأنظمة، وكذا داخل نظام على حدة
(29)•
في سياق تحليله للعبة الديكة في بالي، اعتبر كليفورد كيرتز ان
هاته اللعبة ليست لعبة الديكة، وانما هي لعبة بنية اجتماعي، تمارس بنفس
القواعد، والكيفيات التي يمارس به اي نشاط اجتماعي، انما تشخيص ذاتي تقدمه
الجماعة، او هي خطاب معلن لأهل بالي عن ذاتهم معروض بوسائل ملموسة ومرئية
(30 ) تنبع التضحية وكذا المسخرة، يقول عبد الله حمودي، بكل يسر من هاته
الخطاطة (31 )•
يفحص الباحث المغربي عبد الله حمودي الخطاب انظري
الدائر حول التضحية، على ضوء الثقافة العربية - الاسلامية والمغربية
مساهما بذلك في زحزحة الاعتماد الواعي وغير الواعي لاغلب الباحثين
الغربيين على المرجعية المسيحية - اليهودية ( 32) تشكل القصة الابراهيمية
الاطار المرجعي - الديني الثقافي الذي به ومن خلاله يقوم بعملية الفحص
تلك، مثلما يمثل طقس بيلماون او بولجلود السياق الطقوسي الذي يكششف به
المغاربة عن خطابهم الذاتي والمرئي•
ليست التضحية ابداعا اسلاميا، بل
تم ادماجه مثلما في ذلك مثل طقوس عديدة داخل النسق الديني الاسلامي• ومثل
قصة ابراهيم الخليل في صيغتها القرآنية المؤطر والمرجع القدسي للتضحية في
المجتمع العربية - الاسلامية مثلما يشكل الحج والعيد الاكبر (عيد الاضحية)
الشعيرتان الاساسيتان اللتان ضمنهما يتم تحويل التضحية الى فععل ملموس•
يعرض ع• حمودي قصة ابراهيم الخليل كما وردت في النص القرآني• ويتساءل بصددها من زوايا متعددة•
كيف يمكن لله ان يهب الابن لابراهيم وفي الآن نفسه يطالب باسترداده بكيفية درامية وعنيفة؟
لماذا يلجأ ابراهيم الخليل الى الكذب على ابنه اسماعيل وايهامه بأن الامر
14 - ر• جيرار العنف والمقدس، مذكور سابقا، ص 25
15 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines gallimard; 1986 p 35
16 - ibid p 35
17 - انظر بهذا الخصوص ر جيرار لعنف و المقدس، مذكور سابقا، الفصل السابع والثامن
18 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p 35
19 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p155
20 - ibid p 153
21 ) durkheim e les formes elementires de la vie religieuse de poche 1991 p 578
22 - ibid p 577
23 - ibid p 576
24 - bataille g theorie de la religion gallimard 1973 p 66
25 - ibid p 61
26 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p 329
27 - turner w victor le phenomene rituel structure et contre structure trad de l'anglais par g guillet puf 1990 p 23
28 - ibid p 57
29 - ibidem
30 - geertz c bali interpretation d' une culture trad d pauline et l avrard n r f gallimard 1973
31 - hammoudi a victime et ses masques ed seuil 1988 p p 162 - 163
32
ان
اعتبار التضحية فعل قتل ومن ثم رفع الحدود بين التضحية البشرية
والحيوانية، بقدر ما جعل باحثين يستلهمون ابحاث ر• جيرار، بقدر ما جعل
اخرين يكشفون عن البياضات الحاصلة فيها• يقول هذا الخصوص الباحث ل دوهوش
اذا كانت التضحية قتلا، فلايمكنها ان تكون غير تعبير عن العدوانية
الاساسية للانسان، وكيفية لخداع العنف الطبيعي عبر تعويضه ببناء ثقافي
(15)•
يلمح ل• دوهوش، بقوله هذا الى الصلات لاملتبسة بين ر • جيرار
وبين س• فرويد الذي يعتبر المؤسس النظري لفكرة العدوانية الاصلية الكامنة
فيف الطبيعة الانسانية، والتي تتخذ بلورتها الثقافية في الرغبة الدفينة
لفعل قتل الاب (16)•
ينتقد ر• جيرار س• فرويد على طول كتاباته (17)
بكيفية تثير حفيظة القارئ وكأنه يريد التخلص من حضور الاثر الفرويدي لكن
رغم ذلك يظل فرويد حاضرا وقوة حضوره هي ما جعل البعضض ينعت او يسم هذا
الباحث بالسمة السيكولوجية•
من مؤديات اعتبار التضحية فعل قتل رفع
الحدود بين التضحية البشرية والحيوانية، وهو ما ينذر بتبعات نظرية
واجتماعية - سياسية ليست بالهينة (18 ) في حين، وكما يؤكد ذلك ل دوهوش لا
يحضر اي مؤشر للمقارنة بين التضحيتين، ان التضحية اشتغال رمزي على مادة
حية (19) اشتغال ينظمه الطقس، ويعيشه الفاعلون الطقوسيون بكل ت شكلاتهم
الجسدية والرمزية والتخيلية• وبما ان الأمر يتعلق بمعيش رمزي للجسد
الطقوسي، فما يستوجب فعله لا يكمن في الاكتفاء بالنصوص المتخيلة اسطورية
كانت او دينية• بل الانصات للناس وفهم ما يفكرون به ممارستهم تلك• ان فهم
تلك الانساق الرمزية المعلنة، هو ما يسمح بفهم موقع التضحية في الحقل
الديني (20 )•
لا يعتقد الفاعلون الطقوسيون، على الاقل في الحالات التي
عايناها ميدانيا، مثلهم في ذلك مثل باحثين كثر، في كون التضحية فهل قتل او
جرم، بل انها زيارة بلغة اهل المغرب وهبة بلغة الانتروبولوجيين مبتغاها
التقرب، او الوفاء بعهد او دين يقطعه الفاعل الطقوسي على نفسه فعليا او
تخيليا•
في سياق انتقاده لنظرية سميث يعتبر ادور كهايم التضحية عمليات
مشاركة، وهبة وتخل تفترض اتضحية تخلي المؤمن لآهلته عن البعض مما يملكه
(21 ) وفي هذا يقدم هبة او عطاء، مثلما تفترض تناوله لما تبقى، وبفعل ذلك
يتقرب ويقترب من آلهته عبر استدخال واحتواء مادة غذائية مقدسة (22)•
ان
ذبح الاضحية، حسب نفس السوسيولوجي لا يكون لأجل الذبح في حد ذاته، او لاجل
الأكل، بل لأجل اخراج المبادئ الحية من عضويتها قصد تغذية الآلهة (23)•
يستعيد
ج• باطاي، التحديد الدوركهايمي للتضحية، ليؤكد بأن التضحية ليست فعل، قتل
و لكنها هبة او عطاء وتنازل او تخلف (24) اما مبدأ التدمير الذي تنبني
عليه كل تضحية فانه يستهدف ماهو طبيعي في الاضحية، يدمره كي ينتزعها من
عالم المنفعة الانتاجية، ويدخلها في عالم القداسة، او يخرجها من مجال
الاستهلاك المعقلن الى مجال الهدر القدسي الذي لا مصلحة مباشرة او مادية
من ورائه ان الموت الاضحوي يحل بعملية القلب تلك التعارض الصعب للحياة
والموت (25)•
مع التضحية تخرج الموت من وضعها الطبيعي لتصبح في علاقتها
بالحياة لعبة رمزية مكثفة، مؤداها انتاج حياة ثانية مغايرة للاولى بحكم
غناها الثقافي والرمزي• ان التضحية هي اولا دهاء وحيلة مع الموت (26)
ادخال لهذا الأخير في سياقات رمزية حيث كل شيء مستعمل، وكل حركة او قول او
حيز زمكاني يحيل على شيء اخر مغاير لذاته (27 ) بهذا المعنى يمكن اعتبار
التضحية اشتغالا رمزيا عل مادة حية• ان الرمزي ليس نتيجة لفعل التضحية، بل
يوجد في اساسه، ويكثف خاصياته (28 وبفضل ذلك تمفصل التضحية النظام
العضوي، مع النظام الاجتماعي والاخلاقي، وتمنح كل وحدته الدينية مثلما
تفتحه على الصراعات القائمة بين هاته الأنظمة، وكذا داخل نظام على حدة
(29)•
في سياق تحليله للعبة الديكة في بالي، اعتبر كليفورد كيرتز ان
هاته اللعبة ليست لعبة الديكة، وانما هي لعبة بنية اجتماعي، تمارس بنفس
القواعد، والكيفيات التي يمارس به اي نشاط اجتماعي، انما تشخيص ذاتي تقدمه
الجماعة، او هي خطاب معلن لأهل بالي عن ذاتهم معروض بوسائل ملموسة ومرئية
(30 ) تنبع التضحية وكذا المسخرة، يقول عبد الله حمودي، بكل يسر من هاته
الخطاطة (31 )•
يفحص الباحث المغربي عبد الله حمودي الخطاب انظري
الدائر حول التضحية، على ضوء الثقافة العربية - الاسلامية والمغربية
مساهما بذلك في زحزحة الاعتماد الواعي وغير الواعي لاغلب الباحثين
الغربيين على المرجعية المسيحية - اليهودية ( 32) تشكل القصة الابراهيمية
الاطار المرجعي - الديني الثقافي الذي به ومن خلاله يقوم بعملية الفحص
تلك، مثلما يمثل طقس بيلماون او بولجلود السياق الطقوسي الذي يكششف به
المغاربة عن خطابهم الذاتي والمرئي•
ليست التضحية ابداعا اسلاميا، بل
تم ادماجه مثلما في ذلك مثل طقوس عديدة داخل النسق الديني الاسلامي• ومثل
قصة ابراهيم الخليل في صيغتها القرآنية المؤطر والمرجع القدسي للتضحية في
المجتمع العربية - الاسلامية مثلما يشكل الحج والعيد الاكبر (عيد الاضحية)
الشعيرتان الاساسيتان اللتان ضمنهما يتم تحويل التضحية الى فععل ملموس•
يعرض ع• حمودي قصة ابراهيم الخليل كما وردت في النص القرآني• ويتساءل بصددها من زوايا متعددة•
كيف يمكن لله ان يهب الابن لابراهيم وفي الآن نفسه يطالب باسترداده بكيفية درامية وعنيفة؟
لماذا يلجأ ابراهيم الخليل الى الكذب على ابنه اسماعيل وايهامه بأن الامر
14 - ر• جيرار العنف والمقدس، مذكور سابقا، ص 25
15 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines gallimard; 1986 p 35
16 - ibid p 35
17 - انظر بهذا الخصوص ر جيرار لعنف و المقدس، مذكور سابقا، الفصل السابع والثامن
18 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p 35
19 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p155
20 - ibid p 153
21 ) durkheim e les formes elementires de la vie religieuse de poche 1991 p 578
22 - ibid p 577
23 - ibid p 576
24 - bataille g theorie de la religion gallimard 1973 p 66
25 - ibid p 61
26 - deheusch l le sacrifice dans les religions africaines ibid p 329
27 - turner w victor le phenomene rituel structure et contre structure trad de l'anglais par g guillet puf 1990 p 23
28 - ibid p 57
29 - ibidem
30 - geertz c bali interpretation d' une culture trad d pauline et l avrard n r f gallimard 1973
31 - hammoudi a victime et ses masques ed seuil 1988 p p 162 - 163
32
عدل سابقا من قبل في السبت 19 يناير 2008 - 21:37 عدل 1 مرات
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
رد: التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
- يمكن اعتبار
ر جيرار احد هؤلاء الباحثين يتعلق بجمع الحطب؟ ما شرعية الكذب في قصة
قدسية يراد منها الشهادة على الحقيقة؟ هل يمكن اعتبار فعل الذبح فعل قتل؟
هل الاستعاضة بالحيوان عن ذبح الربن ترفع فعل القتل أم تقنعه؟ (33)•
يحضر
الله، حسب عبد الله حمودي، في القصة الإبراهيمية بوصفه واهبا، ومنتزعا
بعنف للإبن من الأب، وبسبب ذلك سيكون مشرعا لفعل القتل المضاد لكل حياة
اجتماعية•
لكن فعل الإنقاذ سيحضر الله بوصفه الضامن لاستمرارية العيش
البشري (34) أما إبراهيم الخليل فيشغل موقع من قام بفعل إخراج و مسرحة فعل
الذبح• بل لقد قتل ابراهيم ابنه بما أن فعل الانقاذ كان فعلا إلاهيا(35)•
ارتكازا على ذلك يخص نفس الباحث إلى أن قصة إبراهيم الخليل تحاول إظهار عدم حدوث فعل القتل بما أن الإبن مازال حيا(36)•
إن
وقوع فعل القتل علي الحيوان عوض الإبن يجعل من التضحية قتلا مرفوقا
بالإنكار، أو هو قتل مقنع• يشكل فيه الحيوان قناع الإبن، مثلما تشكل فيه
لحظة التضحية قناع لحظة وفعل القتل(37)•
يشكل إذن الإنكار مفتاح فهم
الكيفية اليت سيعيد بها التزويل القرآني بناء فعل الضتحية بالإبن، مثلما
يشكل التنكر أو القناع مفتاح الكيفية التي يسيعلن بها المغاربة عن
التوترات والتراتبات الاجتماعية التي يزخر بها مخيلهم ومجتمعهم (38
وبفعضل هاذين المفتاحين، أو آليتي التحليل، سيكشف عبد الله حمودي عن
الدلالات الثقافية التاوية وراء طقس التضحية في الثقافة المغربية
والإسلامية•
تطرح فكرة البحث المغربي• ع• حمودي عن التضحية بوصفها فعل
قتل مرفوق بالإنكار ملاحظات عدة منها ما ينتمي الي المستوى المنهجي، وما
ينمي إلى المستوى التحليلي-التأويلي•
- منهجيا لا يستحضر الباحث القصة
الإبراهيمية في شمولها المشهدي كما أعدا صياغتها التأويل النبوي-القرآني•
بل سيكتفي بالشمهد الواصف لعفل الذبح أو القتل كما يسميه• وهو ما يطرح
أكثر من سؤال حول فعل التركيز الانتقائي علي ذاك المشهد، وثانيا حول طبيعة
القراءة التأويلية التي تعمل، وبسبب ذاك الانتقاء، إلي إخضاع القصة
للخطاطة النظرية الأنتروبولوجية الممحورة حول فكرة القتل، ثم ثالثا حول
مدى القدرة علي الانفصال عن المرجعية الفرويدية الموسسة لهاته الخطاطة في
قراءة الإنتاجات التخيلية؟
- تظهير شرعية تساؤلاتنا السابقة في كون
الباحث ع• حمودي لا يبرر تردده بصدد معادلة فعل التضحي بفعل القتل، هل حدث
أو لم يحدث؟ هل يتعلق الأمر بقتل أو بتضحية؟ في إحدى دراساته يعلن ومن دون
أي تردد التضحية بوصفها فعل قتل• (38 في حين يغيب هذا اليقين في بحث آخر
حيث يقول: ليس الأر قتلا حقيقيا كما تريده الأسطورة الفرويدية• إنه شبه
قتل مع تشويق طويل• لم يحصل بفضل معجزة (39)•
- إن اعتماد الباحث فكرة
القتل في تفسير الضتحية (من دون حل ذاك التردد) سيدفعه إلى رفع الحدود بين
العيد والحرب والجناسية، والتضحية (40) بحكم أن الحد المشترك بينها هو
القتل• في حين لا يمكن نفي الاختلافات الاستراتيجية بينها (41)•
- من
مؤديات رفع الحدود بين الحفل والعيد والحرب ثم التضحية والقتل، المماهاة
بين لاتضحية الحيوانية والبشرية في حين أن التضحية وكما يقول ج• بيار
فرنان J.P Vernant تميز الناس عن الحيوانات بالرغم من طبيعتهم المشتركة،
مثلما تميز الناس عن الآلهة(42)•
نتيجة لذلك، يمكن القول بأن الباحث ع•
حمودي لم ينفلت من زاوية النظر التي ترصد التضحية من باب أو جه المضحي -
الأدب، ومن ثم إغفال تتبع سيرورة الضتحية (43)• في السياق الذي يهمنا لم
يهتم نفس الباحث بسيرورة تشكل اسماعيل-الإبن الضحية سوي لإبراز وضعية
الأب-المضحي، وهو ما لا يسمح بتشكيل تصور أدق عن مفاصل القصة، وكيفيات
إعادة نسجها للدلالات العامة للتضحي في التصور الرسلامي• كيف ذلك؟
ر جيرار احد هؤلاء الباحثين يتعلق بجمع الحطب؟ ما شرعية الكذب في قصة
قدسية يراد منها الشهادة على الحقيقة؟ هل يمكن اعتبار فعل الذبح فعل قتل؟
هل الاستعاضة بالحيوان عن ذبح الربن ترفع فعل القتل أم تقنعه؟ (33)•
يحضر
الله، حسب عبد الله حمودي، في القصة الإبراهيمية بوصفه واهبا، ومنتزعا
بعنف للإبن من الأب، وبسبب ذلك سيكون مشرعا لفعل القتل المضاد لكل حياة
اجتماعية•
لكن فعل الإنقاذ سيحضر الله بوصفه الضامن لاستمرارية العيش
البشري (34) أما إبراهيم الخليل فيشغل موقع من قام بفعل إخراج و مسرحة فعل
الذبح• بل لقد قتل ابراهيم ابنه بما أن فعل الانقاذ كان فعلا إلاهيا(35)•
ارتكازا على ذلك يخص نفس الباحث إلى أن قصة إبراهيم الخليل تحاول إظهار عدم حدوث فعل القتل بما أن الإبن مازال حيا(36)•
إن
وقوع فعل القتل علي الحيوان عوض الإبن يجعل من التضحية قتلا مرفوقا
بالإنكار، أو هو قتل مقنع• يشكل فيه الحيوان قناع الإبن، مثلما تشكل فيه
لحظة التضحية قناع لحظة وفعل القتل(37)•
يشكل إذن الإنكار مفتاح فهم
الكيفية اليت سيعيد بها التزويل القرآني بناء فعل الضتحية بالإبن، مثلما
يشكل التنكر أو القناع مفتاح الكيفية التي يسيعلن بها المغاربة عن
التوترات والتراتبات الاجتماعية التي يزخر بها مخيلهم ومجتمعهم (38
وبفعضل هاذين المفتاحين، أو آليتي التحليل، سيكشف عبد الله حمودي عن
الدلالات الثقافية التاوية وراء طقس التضحية في الثقافة المغربية
والإسلامية•
تطرح فكرة البحث المغربي• ع• حمودي عن التضحية بوصفها فعل
قتل مرفوق بالإنكار ملاحظات عدة منها ما ينتمي الي المستوى المنهجي، وما
ينمي إلى المستوى التحليلي-التأويلي•
- منهجيا لا يستحضر الباحث القصة
الإبراهيمية في شمولها المشهدي كما أعدا صياغتها التأويل النبوي-القرآني•
بل سيكتفي بالشمهد الواصف لعفل الذبح أو القتل كما يسميه• وهو ما يطرح
أكثر من سؤال حول فعل التركيز الانتقائي علي ذاك المشهد، وثانيا حول طبيعة
القراءة التأويلية التي تعمل، وبسبب ذاك الانتقاء، إلي إخضاع القصة
للخطاطة النظرية الأنتروبولوجية الممحورة حول فكرة القتل، ثم ثالثا حول
مدى القدرة علي الانفصال عن المرجعية الفرويدية الموسسة لهاته الخطاطة في
قراءة الإنتاجات التخيلية؟
- تظهير شرعية تساؤلاتنا السابقة في كون
الباحث ع• حمودي لا يبرر تردده بصدد معادلة فعل التضحي بفعل القتل، هل حدث
أو لم يحدث؟ هل يتعلق الأمر بقتل أو بتضحية؟ في إحدى دراساته يعلن ومن دون
أي تردد التضحية بوصفها فعل قتل• (38 في حين يغيب هذا اليقين في بحث آخر
حيث يقول: ليس الأر قتلا حقيقيا كما تريده الأسطورة الفرويدية• إنه شبه
قتل مع تشويق طويل• لم يحصل بفضل معجزة (39)•
- إن اعتماد الباحث فكرة
القتل في تفسير الضتحية (من دون حل ذاك التردد) سيدفعه إلى رفع الحدود بين
العيد والحرب والجناسية، والتضحية (40) بحكم أن الحد المشترك بينها هو
القتل• في حين لا يمكن نفي الاختلافات الاستراتيجية بينها (41)•
- من
مؤديات رفع الحدود بين الحفل والعيد والحرب ثم التضحية والقتل، المماهاة
بين لاتضحية الحيوانية والبشرية في حين أن التضحية وكما يقول ج• بيار
فرنان J.P Vernant تميز الناس عن الحيوانات بالرغم من طبيعتهم المشتركة،
مثلما تميز الناس عن الآلهة(42)•
نتيجة لذلك، يمكن القول بأن الباحث ع•
حمودي لم ينفلت من زاوية النظر التي ترصد التضحية من باب أو جه المضحي -
الأدب، ومن ثم إغفال تتبع سيرورة الضتحية (43)• في السياق الذي يهمنا لم
يهتم نفس الباحث بسيرورة تشكل اسماعيل-الإبن الضحية سوي لإبراز وضعية
الأب-المضحي، وهو ما لا يسمح بتشكيل تصور أدق عن مفاصل القصة، وكيفيات
إعادة نسجها للدلالات العامة للتضحي في التصور الرسلامي• كيف ذلك؟
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
رد: التضحية والمتخيل الديني/ د• نور الدين الزاهي
| |||
الإتحاد الإشتراكي |
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى