ملحوظات نظرية•• : مساءلة الرواية المغربية/نجيب العوفي
صفحة 1 من اصل 1
ملحوظات نظرية•• : مساءلة الرواية المغربية/نجيب العوفي
لا تروم هذه
المقالة عقد مساءلة نقدية تحليلية للرواية المغربية انطلاقا من بعض
نماذجها وتجلياتها، كما قد يوحي العنوان بذلك، ولا تراودها أو تطيف بخلدها
نية مبيتة وقصدية لمماحكتها والتشكيك في منجزها الابداعي الحافل واليانع
كما وكيفا• ليس هذا من قصد وبغية هذه المقالة، مع ان النقد والمماحكة
والشك امور واردة وغير محظورة• والرواية المغربية ليست معصومة ومبرأة من
الشوائب والهنات والنواقص، بحيث تربأ عن النقد والمماحكة والشك• كما أن
اختلاف وجهات النظر النقدية وتباين طرائق القراءة والتلقي، يقتضيان بداهة
اختلافا وتباينا في الموقف تجاه الرواية المغربية والحكم الجمالي والدلالي
عليها، إيجابا أم سلبا أم وسطا• والحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونستطرد
عطفا، والحكم على الرواية المغربية، فرع عن تصورها وتذوقها وتمثلها،
انطلاقا من واقعها ومنجزها الماثل والحاصل في الدرجة الاولى• ليس القصد
إذن من هذه المقالة ما اسلفنا إنما القصد والمرام ان تثير بعض ىالاسئلة
النظرية حول الرواية المغربية وتحديدا حول بعض ظواهرها ومؤشراته الرئيسية
من منطلق الاختبار والاستفسار وجس النبض• وهذا ما عنيناه بكلمة مساءلة في
هذه المقالة• 1 - ولعل أول سؤال يستثار لدى أية مقاربة واصفة للرواية
المغربية، هو سؤال الولادة والنشأة• ماهي أول رواية مغربية فنية، وضعت حجر
الاساس لهذا الجنس الادبي في المشهد الادبي المغربي؟! سؤال قد يبدو معادا
ومكرورا، وقد يراه البعض محسوما ومتهيأ بعد الاجابة التي أعطيت له• لقد
دأبنا ولأمد غير يسير على اعتبار رواية (في الطفولة) لعبد المجيد بن جلون
الصادرة في سنة 1957 نقطة انطلاق للرواية المغربية الحديثة، علما (في
الطفولة) ليست رواية خالصة Roman مرصودة للمتخيل الروائي ومحكومة بآلياته،
بل هي رواية أوتوبيوغرافية و سيرة روائية تسرد وتصف وقائع حية من طفولة
وحياة المؤلف• وتجدر الاشارة هنا إلى أن بنجلون اعتبر مؤسسا للرواية
المغربية من خلال سيرته الروائية تلك• كما اعتبر في الآن ذاته أحد
المؤسسين الاوائل للقصة القصيرة المغربية، وذلك من خلال مجموعته القصصية
الرائدة (وادي الدماء)• ولأمد غير يسير أيضا خرجت علينا (الزاوية) للتهامي
الوزاني من قوقعتها وزاويتها التي ركنت فيها• واعتبرها البعض هي التدشين
الأول للرواية المغربية الحديثة• وتجدر الاشارة إلى أن (الزاوية) للتهامي
الوزاني هي أيضا رواية أوتوبيوغرافية أو سيرة روائية تشرد وتصف جزءا من
حياة صاحبها في الزاوية الحراقية بمدينة تطوان• وكأنه محكوم على الانطلاقة
الروائية المغربية، ان تحمل هذا الطابع الاوتوبيوغرافي الذاتي منذ
الولادة• ولا بدع ولا عجب، فقد ظلت الرواية المغربية إلى الآن، وفي كثرة
كاثرة من نماذجها وعلاماتها، محكومة وموشومة بهذا الطابع الاوتوبيوغرافي
الذاتي، دائرة في فلك حياة المؤلف• هذه الانطلاقة الروائية -
الاوتوبيوغرافية في المغرب، تبدو مخالفة للانطلاقة الروائية في مصر مثلا•
فرواية (زينب) لمحمد حسين هيكل، التي يتواطأ جل الباحثين العرب على
اعتبارها أول رواية مصرية وأول رواية عربية، هي رواية تنهض على المتخيل
الروائي، أكثر مما تنهض على المستند الاوتوبيوغرافي وتخضع لميثاقه•
وبالنسبة للتهامي الوزاني، يمكن اعتبارروايته الاخرى (سليل الثقلين)
الاقرب الى طقوس وخصائص المتخيل الروائي، سيما أنها تتحرك ضمن مناخ
ميتولوجي شائق• وأظن ان الحفر الاركيولوجي عن أول نص روائي مغربي ، لم
يستوف بعد مداه ولم يصل الى القول الفصل• فقد تبين أن ثمة نصا روائيا آخر
يحمل عنوان (طه) لمؤلفه أحمد السكوري، صدر في مدينة تطوان في أربعينيات
القرن الفارط (1941)• ومؤلفه كان يشتغل في إذاعة درسة تطوان)• وكان ملما
بالثقافة الحديثة وبالادب الاسباني، الشيء الذي سينعكس على روايته لا
محالة• ولعل ثمة نصوصا روائية مغربية مبنية للمجهول ولم يقيض لها الظهور،
رقما يجعل سؤال الانطلاقة الروائية، كأي سؤال يتعلق بأية انطلاقة إبداعية،
محفوفا بالغموض والالتباس، ولا يمكن البت فيه الا بالترجيح والتغليب•
وشخصيا، أميل الى اعتبار رواية (دفنا الماضي) لعبد الكريم غلاَّب، أول
رواية مغربية حديثة، تتوفر فيها شروط وطقوس الرواية الحديثة• وما سواها من
نصوص هي خطى أولى على الطريق• 2 ) السؤال الثاني الذي أود إثار ته بصدد
الرواية المغربية، يتعلق بالحجم الكمي لهذه الرواية• ذلك أن كثرة من
الروايات المغربية تكاد لاتتجاوز مائة صفحة من القطع المتوسط، وبعضها يقل
عن المائة• والامثلة على ذلك عديدة• وقليلة هي الروايات المغربية التي
تربو على المئتي صفحة.
المقالة عقد مساءلة نقدية تحليلية للرواية المغربية انطلاقا من بعض
نماذجها وتجلياتها، كما قد يوحي العنوان بذلك، ولا تراودها أو تطيف بخلدها
نية مبيتة وقصدية لمماحكتها والتشكيك في منجزها الابداعي الحافل واليانع
كما وكيفا• ليس هذا من قصد وبغية هذه المقالة، مع ان النقد والمماحكة
والشك امور واردة وغير محظورة• والرواية المغربية ليست معصومة ومبرأة من
الشوائب والهنات والنواقص، بحيث تربأ عن النقد والمماحكة والشك• كما أن
اختلاف وجهات النظر النقدية وتباين طرائق القراءة والتلقي، يقتضيان بداهة
اختلافا وتباينا في الموقف تجاه الرواية المغربية والحكم الجمالي والدلالي
عليها، إيجابا أم سلبا أم وسطا• والحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونستطرد
عطفا، والحكم على الرواية المغربية، فرع عن تصورها وتذوقها وتمثلها،
انطلاقا من واقعها ومنجزها الماثل والحاصل في الدرجة الاولى• ليس القصد
إذن من هذه المقالة ما اسلفنا إنما القصد والمرام ان تثير بعض ىالاسئلة
النظرية حول الرواية المغربية وتحديدا حول بعض ظواهرها ومؤشراته الرئيسية
من منطلق الاختبار والاستفسار وجس النبض• وهذا ما عنيناه بكلمة مساءلة في
هذه المقالة• 1 - ولعل أول سؤال يستثار لدى أية مقاربة واصفة للرواية
المغربية، هو سؤال الولادة والنشأة• ماهي أول رواية مغربية فنية، وضعت حجر
الاساس لهذا الجنس الادبي في المشهد الادبي المغربي؟! سؤال قد يبدو معادا
ومكرورا، وقد يراه البعض محسوما ومتهيأ بعد الاجابة التي أعطيت له• لقد
دأبنا ولأمد غير يسير على اعتبار رواية (في الطفولة) لعبد المجيد بن جلون
الصادرة في سنة 1957 نقطة انطلاق للرواية المغربية الحديثة، علما (في
الطفولة) ليست رواية خالصة Roman مرصودة للمتخيل الروائي ومحكومة بآلياته،
بل هي رواية أوتوبيوغرافية و سيرة روائية تسرد وتصف وقائع حية من طفولة
وحياة المؤلف• وتجدر الاشارة هنا إلى أن بنجلون اعتبر مؤسسا للرواية
المغربية من خلال سيرته الروائية تلك• كما اعتبر في الآن ذاته أحد
المؤسسين الاوائل للقصة القصيرة المغربية، وذلك من خلال مجموعته القصصية
الرائدة (وادي الدماء)• ولأمد غير يسير أيضا خرجت علينا (الزاوية) للتهامي
الوزاني من قوقعتها وزاويتها التي ركنت فيها• واعتبرها البعض هي التدشين
الأول للرواية المغربية الحديثة• وتجدر الاشارة إلى أن (الزاوية) للتهامي
الوزاني هي أيضا رواية أوتوبيوغرافية أو سيرة روائية تشرد وتصف جزءا من
حياة صاحبها في الزاوية الحراقية بمدينة تطوان• وكأنه محكوم على الانطلاقة
الروائية المغربية، ان تحمل هذا الطابع الاوتوبيوغرافي الذاتي منذ
الولادة• ولا بدع ولا عجب، فقد ظلت الرواية المغربية إلى الآن، وفي كثرة
كاثرة من نماذجها وعلاماتها، محكومة وموشومة بهذا الطابع الاوتوبيوغرافي
الذاتي، دائرة في فلك حياة المؤلف• هذه الانطلاقة الروائية -
الاوتوبيوغرافية في المغرب، تبدو مخالفة للانطلاقة الروائية في مصر مثلا•
فرواية (زينب) لمحمد حسين هيكل، التي يتواطأ جل الباحثين العرب على
اعتبارها أول رواية مصرية وأول رواية عربية، هي رواية تنهض على المتخيل
الروائي، أكثر مما تنهض على المستند الاوتوبيوغرافي وتخضع لميثاقه•
وبالنسبة للتهامي الوزاني، يمكن اعتبارروايته الاخرى (سليل الثقلين)
الاقرب الى طقوس وخصائص المتخيل الروائي، سيما أنها تتحرك ضمن مناخ
ميتولوجي شائق• وأظن ان الحفر الاركيولوجي عن أول نص روائي مغربي ، لم
يستوف بعد مداه ولم يصل الى القول الفصل• فقد تبين أن ثمة نصا روائيا آخر
يحمل عنوان (طه) لمؤلفه أحمد السكوري، صدر في مدينة تطوان في أربعينيات
القرن الفارط (1941)• ومؤلفه كان يشتغل في إذاعة درسة تطوان)• وكان ملما
بالثقافة الحديثة وبالادب الاسباني، الشيء الذي سينعكس على روايته لا
محالة• ولعل ثمة نصوصا روائية مغربية مبنية للمجهول ولم يقيض لها الظهور،
رقما يجعل سؤال الانطلاقة الروائية، كأي سؤال يتعلق بأية انطلاقة إبداعية،
محفوفا بالغموض والالتباس، ولا يمكن البت فيه الا بالترجيح والتغليب•
وشخصيا، أميل الى اعتبار رواية (دفنا الماضي) لعبد الكريم غلاَّب، أول
رواية مغربية حديثة، تتوفر فيها شروط وطقوس الرواية الحديثة• وما سواها من
نصوص هي خطى أولى على الطريق• 2 ) السؤال الثاني الذي أود إثار ته بصدد
الرواية المغربية، يتعلق بالحجم الكمي لهذه الرواية• ذلك أن كثرة من
الروايات المغربية تكاد لاتتجاوز مائة صفحة من القطع المتوسط، وبعضها يقل
عن المائة• والامثلة على ذلك عديدة• وقليلة هي الروايات المغربية التي
تربو على المئتي صفحة.
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
رد: ملحوظات نظرية•• : مساءلة الرواية المغربية/نجيب العوفي
| |||
الإتحاد الإشتراكي |
السعدية الجبلية- عدد الرسائل : 524
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 31/08/2006
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى