التسامح
صفحة 1 من اصل 1
التسامح
سماحة الإسلام في مواجهة أعدائه |
بقلم الدكتور: عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر |
لم تعرف البشرية دينا تشتمل أحكامه علي سياسة أمور الدين والدنيا مثل الدين الإسلامي. فقد تضمنت أحكامه كل ما يهم أمور الناس في دينهم ودنياهم. فلم يدع شاردة ولا واردة إلا ونظم أحكامها. بحيث يتحقق بهذا التنظيم استقامة مصالح العباد الدنيوية والأخروية. وذلك بما تتضمنه أحكام الشريعة الإسلامية من تنظيم دقيق محكم يتحقق به ذلك. ومن الأحكام التي نظمتها الشريعة الإسلامية الأحكام المتعلقة بآداب المسلمين في قتال أعدائهم.وفي البداية نقرر أن الإسلام نهي عن قتل من لم يتعرض لقتال المسلمين. ولو كان من أهل البلد التي أعلنت الحرب علي المسلمين. فيدخل في ذلك كل من لم يحمل السلاح ولم يشارك في القتال الدائر من النساء حتي ولو كن يقمن بأعمال مدنية يفيد منها المقاتلون. وكذلك رجال الدين أياً كانوا. والأجراء الذين يقومون بالأعمال المختلفة. والعمال الذين يعملون في المواقع المدنية المختلفة. ولو كان يستفيد من عمل هؤلاء وأولئك من يقاتل المسلمين. وكذا الفلاحون الذين يقومون بفلاحة المزارع والبساتين وإنتاج المحاصيل الزراعية. ويدخل فيهم أيضاً الصغار وكبار السن والمرضي ونحوهم. ممن لا يطيق القتال وليس له تدبير فيه. يدل لحرمة قتلهم نصوص عدة. منها: ما روي عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "انطلقوا باسم الله وبالله و علي ملة رسول الله. لا تقتلوا شيخاً فانيا ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة. ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين". والغلول: هو السرقة من الغنيمة قبل تقسيمها بين المقاتلين. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيشاً. قال: أخرجوا باسم الله. تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله. لا تغدروا ولا تمثلوا ولا تغلوا. ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع". والتمثيل: يقصد به تشويه أبدان القتلي تشفياً وتنكيلاً. وروي عن بريدة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إذا بعث أميراً علي قوم. أمره بتقوي الله خاصة في نفسه ولأصحابه عامة. وقال: اغزوا باسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا. ولا تقتلوا وليداً". وروي عن رباح بن الربيع - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - غزا غزوة. كان علي مقدمة الجيش فيها خالد بن الوليد. قال: فمررنا علي امرأة مقتولة مما أصاب المقدمة. فوقفنا عليها متعجبين من خلقها. حتي لحقنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم -. ففرجنا له حتي نظر إليها. فقال: هاه ما كانت هذه تقاتل. ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم: الحق بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفاً. وروي عن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - قال: كنا في غزاة فأصبنا ظفراً وقتلنا من المشركين حتي بلغ بهم القتل إلي أن قتلوا الذرية. فبلغ ذلك النبي - صلي الله عليه وسلم - فقال: ما بال أقوام بلغ بهم القتل إلي أن قتلوا الذرية. ألا لا تقتلن ذرية. ألا لا تقتلن ذرية. قيل: لم يارسول الله أليس هم أولاد المشركين؟. قال: أوليس خياركم أولاد المشركين. وإذا كان مطلق النهي يقتضي الحرمة. فإن هذه الأحاديث دالة علي حرمة قتل من ورد النهي عن قتله بها. كما دلت علي حرمة أخذ العدو علي غرة. وحرمة التمثيل ببدن من مات من المشركين. وقد كان هذا الخلق الكريم هو ديدن خلفاء المسلمين. فقد روي عن يحيي بن سعيد أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بعث جيوشاً إلي الشام. فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع. فقال يزيد لأبي بكر - رضي الله عنه: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال له أبوبكر: ما أنت بنازل ولا أنا براكب. إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله. ثم قال له: إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله. فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له. وستجد قوماً فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف. وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبياً ولا كبيراً هرماً. ولا تقطعن شجراً مثمراً. ولا تخربن عامراً. ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكله. ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه. ولا تغلل ولا تجبن. وبمثل ما أوصي به أبوبكر كان يوصي عمر وعثمان وعلي وغيرهم من أولي الأمر من المسلمين. ومن آداب الإسلام المتعلقة بقتال الكفار: منع إتلاف أموالهم عليهم. سواء كانت من الحيوانات أو الحشرات أو الأراضي والعقارات أو الزروع أو الأشجار أو نحوها. لأن إتلافها من الإفساد في الأرض الذي نهي الحق سبحانه عنه في كتابه الكريم. قال تعالي: "وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد". وقد أوصي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كل أمير علي جيش بعثه بعدم الفساد في الأرض. كما كان يأمره بالإحسان. فقد روي عن علي - رضي الله عنه - قال: "كان نبي الله - صلي الله عليه وسلم - إذا بعث جيشاً من المسلمين إلي المشركين. قال: انطلقوا باسم الله.. ولا تغورن عيناً. ولا تعقرن شجرة إلا شجرا يمنعكم قتالاً أو يحجز بينكم وبين المشركين. ولا تمثلوا بآدمي ولا بهيمة. ولا تغدروا ولا تغلوا". وهذا يدل علي حرمة إتلاف أموال العدو أو إفساد ما يرتفق به. وقد روي عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال ليزيد بن أبي سفيان لما بعثه علي الجيش إلي الشام: "لا تقطعن شجراً مثمراً. ولا تخربن عامراً. ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكله. ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه". وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قدم عليه ابن أخيه من غزاة غزاها. فقال: لعلك حرقت حرثاً؟. قال: نعم. قال: لعلك غرقت نحلاً؟. قال: نعم. قال: لعلك قتلت صبياً؟. قال: نعم. قال: ليكن غزوك كفافاً. ولذا اتفق جمهور الفقهاء علي عدم اتلاف أموال الحربيين عليهم. لأنه إفساد فيدخل حكمه في عموم النصوص الدالة علي حرمة الإفساد عامة. ولهذا منع جمهور الفقهاء عقر دوابهم إلا لأكل لابد للجيش منه. كما لا يجوز عند الجمهور إهلاك حرثهم أو شجرهم. إلا إذا كان يمنع من قتالهم أو كانوا يستترون به من المسلمين. أو كان يحتاج إلي قطعه لتوسعة طريق أو إصلاحه أو تمكن من قتل أو غيره. أو إذا كانوا يفعلون ذلك بنا. فيفعل بهم ذلك لينتهوا فهذا يجوز باتفاق. فهذا وغيره دليل علي أن القتال في الإسلام له آداب شرعية. تدل علي سماحة الإسلام ورحمته ورفقه حتي بالنسبة لأعدائه. ونماذج الآداب التي سيقت تفيض كلها رحمة ورأفة وإنسانية ورفقاً. وليس كما يدعيه أعداء الإسلام عليه من الوحشية والقسوة والجفوة والغلظة وإراقة الدماء. كبرت كلمة تخرج من أفواه الذين كفروا إن يقولون إلا كذباً. |
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
رد: التسامح
حكاية زوج ..
لا يعرف التسامح
د . محمد وهدان
شكت لي زوجة من سوء خلق زوجها.. قالت:
انه لا يعرف التسامح.. ولا يحب العفو.. يسيء الظن بالآخرين دائماً.. فماذا
تقول له بمناسبة المولد النبوي؟
وقلت لها: كان الله في عونك. وتأكدي ان الله عز وجل سوف يعطيك خيراً
كثيراً علي صبرك حيث يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح "ومن صبرت
علي سوء خلق زوجها أعطاها الله من الأجر مثلما أعطي آسية امرأة فرعون".
أما زوجك فعليه أن يعرف ان النبي صلي الله عليه وسلم كان يحب العفو
والتسامح. بحيث نقول انه كان يعفو عمن ظلمه. ويعطي من حرمه. ويحسن إلي من
أساء اليه.
لقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول لرسول الله صلي الله عليه
وسلم كلاماً صعباً. ومع ذلك كان يتحملها النبي صلي الله عليه وسلم. بل انه
عليه السلام كان يقول لها: يا عائشة والله اني لأعلم غضبك من رضاك
فقالت: وكيف تعرفه يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: اذا رضيت عني قلت
لا والله محمد. واذا غضبت عليّ قلت لا وإله ابراهيم فقالت له نعم: إنما
أهجر اسمك.
ان النبي صلي الله عليه وسلم قال عن العفو والتسامح: مازال جبريل يوصيني بالعفو حتي ظننت انه يوصيني بترك حدود الله.
ان الرسول صلي الله عليه وسلم عفا عن كل ظالميه.. عفا عن اليهودية
التي وضعت له السم في الدسم وعفا عن بعيد بن الأعصم الذي سحر رسول الله
صلي الله عليه وسلم بل انه لم يناقشه في هذا الأمر علي الاطلاق.
ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يعي جيداً قول الله عز وجل "وان
الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل" والصفح الجميل هنا هو الصفح بلا عتاب
ولا مناقشة.. فهل نقتدي بالنبي عليه السلام.
ان الذين يسامحون ويتسامحون يدخلون الجنة بغير حساب حيث يقول ابن
عباس رضي الله عنهما: ان الله عز وجل ينادي يوم القيامة ويقول: ليقم الذين
أجرهم علي الله. فيقومون وهم قليل.
فيقول الله عز وجل: يا عبادي ادخلوا الجنة بغير حساب وبينما هم في
طريقهم إلي الجنة تسألهم الملائكة: ماذا كنتم تفعلون في الدنيا حتي كان
أجركم علي الله؟
فيقولون: كنا اذا ظلمنا صبرنا. واذا أسيء إلينا حلمنا. فذلك قوله تعالي "فمن عفا وأصلح فأجره علي الله".
لا تنس أن تسامح الآخرين.. فهذا ما يرضي الحبيب صلي الله عليه وسلم في ذكري مولده.
abdelhamid- مشرف (ة)
- عدد الرسائل : 4741
العمر : 67
Localisation : SUD
تاريخ التسجيل : 01/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى